انتهاكات الاحتلالفلسطيني 48

ملاحقات متواصلة وقيود مشددة: الصحافيون العرب تحت سيف الرقابة الإسرائيلية

المحامي المرافق للصحافيين والذي قدم لهم استشارات قانونية، علاء محاجنة: "الرقابة العسكرية الإسرائيلية لم تعد تقتصر على منع تسريب معلومات أمنية حساسة، بل باتت تُستخدم خاصة منذ اندلاع الحرب الأخيرة كأداة لقمع حرية التعبير وتقييد المحتوى الإعلامي".

المسار …

يتعرض الصحافيون الفلسطينيون في مناطق 48 لملاحقات مستمرة من السلطات والمجتمع الإسرائيلي، وتزداد وتيرة وشدة التضييق خلال فترات التصعيد الأمني.

وشهدت بداية الحرب على قطاع غزة غداة أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ملاحقات وقمع لعمل الصحافيين العرب الفلسطينيين بشكل غير مسبوق، سواء من السلطات الإسرائيلية أو المجتمع الإسرائيلي الذي يأخذ دورا رئيسا في رصد ومراقبة الفلسطينيين ونشاطهم الإعلامي، وارتفعت هذه الوتيرة مجددا خلال الحرب الحالية بين إسرائيل وإيران.

وداهمت الشرطة الإسرائيلية، مساء يوم الإثنين الماضي، مقر عمل مؤقت لـ5 صحافيين في أحد فنادق مدينة حيفا، وصادرت معداتهم الصحافية الشخصية والمؤسسية، من بينها حواسيب، أقراص صلبة، كاميرات وهواتف نقالة، وحققت معهم لاحقا، وأبلغتهم بمنعهم من تغطية الأحداث في حيفا وفي مواقع سقوط الصواريخ الإيرانية في كافة أنحاء البلاد.

جاء هذا في أعقاب تحريض وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وجهات يمينية إسرائيلية على الصحافيين العرب الذين يعملون مع وسائل إعلام أجنبية بعد التوثيقات التي انتشرت لسقوط صواريخ إيرانية وانفجارها في حيفا.

وقال مراسل قناة TRT عربي في القدس، فهمي شتيوي،  في لقاء صحفي  إنه “عند ساعات المساء داهمت قوات الشرطة مكان البث في أحد فنادق حيفا، ووجهت لنا عناصر الشرطة تهما مباشرة بأننا ‘نمرر معلومات للعدو’ و’نخدم العدو’ و’نخاطر بأمن إسرائيل’، وذهب أفراد الشرطة إلى غرفة الزملاء بجانبي غرفتي ووجهوا لهم هذه التهم بنفس الأسلوب الفظ! وهذا على الرغم من أننا أظهرنا لهم بطاقات الصحافة الرسمية التي بحوزتنا”.

وأكمل شتيوي أنه “3 ساعات ونحن داخل الغرف، خلالها حدث توتر بيننا وبين عناصر الشرطة عندما حاول أحد الزملاء توثيق المداهمة”.

وأشار إلى أنه “خلال التحقيق سألونا عن المناطق التي صورناها، وحذرونا من تصوير مناطق حساسة كما وصفوها. سألنا ما هي هذه المناطق قالوا: ‘كل حيفا’، سألتهم وتل أبيب؟ قالوا: ‘ولا حتى تل أبيب’.. ورفضوا إعادة المعدّات حتى فحص الفيديوهات داخلها والتأكد من أنها لا توثّق مناطق حساسة”.

وعن نظرته لهذه الملاحقة، قال شتيوي إن “هذه محاولة لاستعراض العضلات من بن غفير لإرضاء جمهوره المتطرف في تعامله مع الصحافيين، ولترهيب الصحافيين العرب الذين يقدمون رواية مهنية حقيقية ليست كما الرواية الإسرائيلية، وتُضاف لجملة من الملاحقات التي يتعرض لها الصحافيون الفلسطينيون”.

من جهته قال مراسل قناة الغد، رازي طاطور، في لقاء صحفي  إن “الحدث بدأ قبل يوم الإثنين، مع تحريض اليمين الإسرائيلي ووسائل إعلام إسرائيلية وعقب هذا تحريض بن غفير الذي طالب بشكل مباشر من جهاز الشاباك والشرطة التدخل”.

وأضاف طاطور أنه “فوجئنا ليل الإثنين عندما داهمت قوات كبيرة من الشرطة غرفنا في الفندق، وأوقفوا البث المباشر وفحصوا هوايتنا واحتجزونا لساعات في الغرف، اتهمونا بأننا ‘إرهابيين’ وقاموا بتحقيق ميداني معنا”.

وأوضح أنه “خلال عملية المداهمة وثقت الحدث بشكل سريع، ومع انتشار التوثيق ومعرفتهم، عزلوني عن باقي الزملاء وجرى وصفي والتعامل معي كعدو”.

وعن التحقيق، قال طاطور إنه “خلال التحقيق أبلغونا أن التغطية في حيفا ممنوعة بادعاء مخالفتنا أوامر الرقابة العسكرية ومددوا مصادرة المعدات حتى فحص المقاطع المصوّرة، علما أن صحافيين إسرائيليين كانوا في الفندق ويصورون المنطقة التي نصورها ولم يتم مصادرة معاداتهم ولا التحقيق معهم ولا منعهم من العمل”.

ولفت إلى أن “الحاصل تصعيد خطير وتسليط الرقابة العسكرية سيفها فقط على الصحافيين العرب دون الصحافيين اليهود مع أنهم يوثقون كل الأحداث المتعلقة بالحرب، ويأتي اعتقالنا في سياق رسالة ترهيب لكل الصحافيين العرب ومحاولة لمنع التغطية واستمرار التعتيم الإعلامي، وفي إطار البهلوانات الإعلامية لبن غفير”.

من جانبه قال المحامي المرافق للصحافيين والذي قدم لهم استشارات قانونية، علاء محاجنة  في لقاء صحفي إن “الرقابة العسكرية الإسرائيلية لم تعد تقتصر على منع تسريب معلومات أمنية حساسة، بل باتت تُستخدم خاصة منذ اندلاع الحرب الأخيرة كأداة لقمع حرية التعبير وتقييد المحتوى الإعلامي بناء على اعتبارات سياسية وإيديولوجية، خصوصًا في ما يتعلق بالإعلام العربي”.

وأوضح محاجنة أن “استدعاء الصحافيين الخمسة والتحقيق معهم لا يأتي في إطار مسار قانوني طبيعي، بل يعكس توجّهًا نحو التحكم بالرواية الإعلامية وتقييد الحقيقة ضمن حدود يفرضها النظام”.

كما أكد أن “هذا النمط يعكس انتقالًا خطيرًا من رقابة تستهدف ما يُعد ‘ضارًا أمنيًا’ إلى رقابة تستهدف ما يُعد غير مرغوب فيه سياسيًا”.

بدوره أصدر مركز إعلام – المركز العربي للحريات الإعلامية بيانا جاء فيه إنه “تابع مركز إعلام تفاصيل الحادثة منذ لحظاتها الأولى، ويرى مركز إعلام أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من توجّه مؤسسي آخذ في الترسخ، يسعى إلى إخضاع الصحافة العربية لمنظومة الردع الأمني والإسكات القانوني، إلا أنه وفي ذات السياق يهيب بالزملاء الصحافيين توخي الحذّر والعمل وفق الأنظمة والقانون المحددة، ومعاينة أمور الرقابة العسكرية”.

وأكمل البيان أنه “منذ اندلاع الحرب على إيران يوم الجمعة 14 حزيران/ يونيو 2025، وثّق مركز إعلام ثماني حالات انتهاك طاولت 17صحافيًا عربيًا، تنوّعت بين استدعاءات، مراقبة رقمية، وتهديدات مبطّنة، وتقييدات على نشر مواد ميدانية”.