
المسار الإخباري :تتوالى التقارير عن موجة هجرة معاكسة متسارعة من داخل “إسرائيل”، بعد أيام فقط على اندلاع الحرب المفتوحة مع إيران، حيث اصطف عشرات الإسرائيليين في مرافئ “هرتسيليا” و”عسقلان” و”حيفا”، حاملين حقائبهم في طوابير صامتة، استعدادًا للرحيل عبر البحر نحو قبرص ومنها إلى أوروبا.
اللافت أن هذه الظاهرة التي كانت حتى وقت قريب من “المحرمات السياسية” داخل إسرائيل، باتت واقعًا يتصدّر النقاشات في الكنيست ومواقع التواصل، وسط اتهامات للحكومة بالتعتيم وفرض قيود على السفر، خاصة عبر مطار “بن غوريون”.
ووفقًا لتقارير صحفية عبرية، ظهرت عشرات المجموعات على “فيسبوك” تنسّق عمليات الخروج بحراً، مقابل مبالغ مالية، ما دفع نوّابًا في الكنيست للمطالبة بجلسات عاجلة لمناقشة القيود المفروضة على حرية التنقّل.
يقول الباحث عماد عفانة إن “ما يجري هو نتيجة منطقية لانهيار معادلة الأمن التي قامت عليها إسرائيل”، مضيفًا أن غالبية المستوطنين لا يربطهم أي انتماء عقائدي حقيقي بهذه الأرض، إنما جاءوا بدافع “الرفاهية والأمان” لا أكثر.
وتُشير تقديرات غير رسمية إلى مغادرة نحو 83700 إسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، أغلبهم من الطبقات الرفيعة مثل العاملين في قطاع التكنولوجيا والأطباء، وهو ما ترك أثرًا مباشرًا على الاقتصاد والخدمات.
من جانبه، يرى الكاتب عقل صلاح أن ما يحدث يعكس انعدام الثقة بين المستوطن والحكومة، وسقوط ادّعاء الارتباط التاريخي بالأرض، متوقعًا أن تستمر الهجرة المعاكسة مع كل تصعيد، خاصة في ظل الشعور العام بأن “الدولة” لم تعد قادرة على حماية عمقها.
وبينما يعيش الملايين في الملاجئ، ويواجهون حالة من الهلع، يستمر الفلسطينيون في غزة بالصمود، رغم المجازر والجوع، في مفارقة تُعيد رسم مشهد الصراع من جديد، وتطرح أسئلة وجودية حول مستقبل المشروع الصهيوني برمّته.