
المسار الإخباري :اليوم من أصعب أيام الحرب،
ليس بسبب القنابل التي تسقط من السماء،
ولا الطائرات التي تلاحق البيوت،
ولا الدمار الذي يأكل الشوارع،
بل لأن غزة جاعت،
نعم، غزة جاعت..
حتى الغني فيها أصبح فقيراً،
وحتى الفقير صار يبحث عمّا يسد به رمق طفل، أو يطفئ وجع معدة فارغة منذ أيام.
في غزة، لم تعد الموائد تُعدّ للحب، بل للنجاة،
لم تعد الطناجر تمتلئ بالطعام، بل بالماء والملح،
تطبخه الأمهات ليوهمن أطفالهن أن هناك وجبة ستأتي إن صبروا قليلاً.
في غزة أطفال ينامون على أصوات أمعائهم الخاوية،
وآباء يبكون لأنهم لم يستطيعوا شراء رغيف خبز،
رجال انكسروا في صمت.. ليس لضعف فيهم،
بل لأن الكرامة تنهار حين يعجز الأب عن إطعام ابنه.
أصبحت الحياة في غزة ترفاً لا يملكه الجميع،
الناس لم تعد تسأل عن اللحم ولا الفواكه، بل فقط عن شيء يُؤكل.. أي شيء.
زادت مشاهد اقتسام كسرة خبز على خمس بطون،
زاد عدد الذين يأكلون من النفايات،
والذين يقتسمون الصبر قبل الطعام.
ومع ذلك..
غزة لا تزال صامدة،
لا تزال تمشي على عظامها،
تتنفس من شقوق الجدران،
وتحيا على أمل لا يفهمه العالم.
غزة الجائعة لا تستسلم،
غزة المهجّرة لا تنكسر،
غزة التي ماتت فيها الكرامة مرات، لا تزال تحافظ على إنسانيتها.
الكرامة تموت بصمت،
لكن غزة ما زالت تعلّم العالم كيف يكون الصمت مقاومة،
كيف يكون الصبر بطولة،
وكيف يصير الجوع هو المعركة الكبرى بعد أن أنهكت الحرب كل شيء.
احكوا عن غزة.
لا تتركوها تموت في ظلام العالم.
قولوا للعالم إن في بقعة صغيرة على هذا الكوكب،
شعبٌ يُحاصر حتى بلقمة العيش،
ويُحرم من الماء والطعام والدواء،
لكنه لا يزال واقفاً،
ينظر إلى الموت ولا ينحني،
يجوع ولا يُذل،
يبكي ولا يستسلم.
قولوا إن في غزة شعبٌ جائع…
لكنّه لا ينكسر.