المسار الإخباري :تتصاعد في الآونة الأخيرة وتيرة اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على قرى شرق رام الله، في مشهد يتكرر يوميًا ويأخذ طابعًا دمويًا، في ظل غياب أي رادع أو محاسبة، ما يحوّل هذه القرى إلى بؤر ملتهبة تحت تهديد التهجير القسري.
تتمتع قرى شرق رام الله بأراضٍ واسعة تمتد حتى نهر الأردن، كانت تاريخيًا موطنًا للرعي والتوسع الزراعي، لكنها باتت اليوم على خارطة الاستهداف الاستيطاني المكثف.
ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد استشهد منذ مطلع العام 9 فلسطينيين في الضفة برصاص المستوطنين، منهم 7 من قرى شرق رام الله، في مؤشر خطير على تزايد الهجمات، خاصة في بلدات مثل المزرعة الشرقية، وسنجل، ودير جرير.
في يوليو الماضي، فقدت بلدة المزرعة الشرقية شابين من أبنائها، هما سيف الله مسلط ومحمد الشلبي، خلال تصديهم لهجوم نفذه المستوطنون على بلدة سنجل المجاورة.
مهاجرون تحت النار
يُشار إلى أن عددًا كبيرًا من سكان هذه القرى يحملون جنسيات مزدوجة، خصوصًا من الولايات المتحدة ودول القارة الأمريكية، ما يطرح تساؤلات حول موقف هذه الدول من تصاعد العنف بحق مواطنيها الفلسطينيين.
عبد الصمد عبد العزيز، عضو مجلس قروي المزرعة الشرقية، ويحمل الجنسية الأمريكية، أكد أن المستوطنين ينفذون اعتداءاتهم دون أي محاسبة، بل حتى دون التفات إلى جنسيات الضحايا.
وأضاف: “الخارجية الأمريكية أصدرت بيانًا مقتضبًا بعد استشهاد الشاب مسلط، ولم تتضمن حتى إدانة. أبلغت السفير الأمريكي باسم المستوطن القاتل، لكنه لا يزال حرًا طليقًا”
هجمات منظمة واستهداف للمناطق الحيوية
وأشار عبد العزيز إلى أن المستوطنين هاجموا قبل نحو شهر المنطقة الصناعية في البلدة، والتي تضم أكثر من 800 عامل، وحاولوا إحراقها، مستغلين اقتحام قوات الاحتلال.
وأوضح أن هدف هذه الاعتداءات هو دفع المستثمرين الفلسطينيين، خاصة من مزدوجي الجنسية، إلى الهجرة وترك البلاد.
من البدو إلى القرى.. مخطط تصاعدي
من جهته، أكد عبد الله أبو رحمة، مدير عام العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار، أن هذه الهجمات مرتبطة بنشاط ميليشيا “فتية التلال” الاستيطانية الإرهابية.
وقال: “الميليشيا تعتمد على سوابق الإفلات من العقاب، مما يمنحها الضوء الأخضر للاستمرار. وقد نجحت بالفعل في تهجير 33 تجمعًا بدويًا في الضفة، أغلبها شرق رام الله”.
وأوضح أن المرحلة الجديدة من الهجمات تشمل قرى: المغير، كفر مالك، دير جرير، الطيبة، سنجل، ترمسعيا، أبو فلاح، المزرعة الشرقية، سلواد، بتين، دير دبوان، وبرقة.
التهجير عبر الضغط النفسي والاعتداءات
الباحث في شؤون الاستيطان أحمد حنيطي يرى أن اختيار هذه القرى ليس عشوائيًا، بل مبني على قناعة بأن سكانها يملكون خيارات للهجرة.
وقال: “الاعتداءات ممنهجة، تهدف لإجبار الأهالي على الرحيل عبر الضغوط المتكررة، واستغلال وجود جنسيات أجنبية كعامل تهديد إضافي”.
وأضاف: “بدأوا باستهداف التجمعات البدوية الأقل كثافة، ومع النجاح في تهجيرها، انتقلوا للقرى ذات الكثافة السكانية الأعلى”.
دور تكاملي مع الاحتلال
يرى حنيطي أن المستوطنين ينفذون ما لا يستطيع جيش الاحتلال فعله علنًا، باستخدام أقصى درجات العنف والتخويف، ما يؤدي إلى تهجير صامت للسكان.
وأكد أن هذه الاعتداءات ليست فردية أو عبثية، بل تجري ضمن عمل منظّم ومخطط له، في إطار مشروع التوسع الاستيطاني ومحاولة فرض وقائع على الأرض.