تقرير دولي: تدمير ممنهج للبنية الصحية في غزة وجرائم “إبادة صحية” موثقة

صالح شوكة
3 Min Read

المسار الإخباري :وثّق تقرير دولي نشرته المجلة الطبية البريطانية تدميرًا ممنهجًا للقطاع الصحي في غزة، واصفًا ما يجري بأنه “إبادة صحية” تُنفذ كجزء من استراتيجية عسكرية موجهة ضد المدنيين.

وأشار التقرير إلى أن قوات الاحتلال قتلت ما لا يقل عن 986 من العاملين الصحيين، ودمّرت عشرات المستشفيات والمراكز الطبية منذ بدء العدوان، في خرق واضح لقوانين الحرب واتفاقيات جنيف التي تنص على حماية الطواقم الطبية أثناء النزاعات.

كما كشف التقرير، الذي شارك فيه باحثون ومنظمات حقوقية، عن احتجاز الاحتلال 28 طبيبًا فلسطينيًا دون تهم، من بينهم كبار استشاريي الجراحة والعناية المركزة، تعرض بعضهم لتعذيب شديد وثّقته صحيفة الغارديان البريطانية ضمن تحقيق خاص.

في شهاداتهم، تحدث الأطباء الناجون عن ضرب مبرح، حرمان من النوم، الطعام، والماء، وتعذيب نفسي وجسدي، مؤكدين أنهم استُهدفوا لأنهم يعملون في المجال الطبي.

المستشفيات.. ساحات حرب

في إحاطة لمجلس الأمن، أكدت منظمة الصحة العالمية أن مستشفيات غزة “تحوّلت إلى ساحات معارك”، وسط انهيار شبه تام في النظام الصحي، خاصة مع انتشار المجاعة وتفشي الأمراض.

وفي سياق متصل، وثّقت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 217 عاملًا صحيًا وتضرر 177 سيارة إسعاف ووقوع 68 هجومًا مباشرًا على مستشفيات بين أكتوبر 2023 ويناير 2025، ما يكشف اتساع دائرة استهداف الرعاية الطبية في المنطقة.

ظاهرة عالمية.. وصمت دولي مريب

أشار التقرير إلى أن عام 2024 شهد 3,623 حادثة استهداف أو إعاقة للرعاية الصحية عالميًا، في رقم هو الأعلى تاريخيًا. وتنوعت الجرائم بين قتل الأطباء، خطف الممرضين، اقتحام المشافي، وإطلاق النار على المرضى، في دول مثل أوكرانيا، السودان، سوريا، ولبنان.

ووصفت د. جويل أبي راشد من الجامعة الأميركية في بيروت هذه الجرائم بأنها “تحدٍّ وجودي لأخلاقيات المهنة الطبية”، داعية إلى التخلي عن الحياد السلبي، وتوثيق الانتهاكات، والمطالبة بمحاسبة الجناة أمام المحاكم الدولية.

أما الباحث القانوني مارتن فان دير هيدن، فحذر من أن اتفاقيات جنيف تملك ثغرات قانونية تُستخدم لتبرير قصف المستشفيات بذريعة “الاستخدام العسكري”، ما يجعل القانون الدولي في كثير من الحالات مجرد غطاء للافلات من العقاب.

دعوات لمحاسبة دولية

في ختام التقرير، دعا خبراء وأطباء إلى تعيين مقرر خاص من الأمم المتحدة لحماية الرعاية الصحية في مناطق النزاع، وتفعيل آليات محاسبة للمعتدين، مؤكدين أن “المستشفيات ليست أهدافًا مشروعة، والاعتداء عليها يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان”.

في ظل هذه الانتهاكات، يتصاعد سؤال أخلاقي وقانوني: هل ما زال الصمت خيارًا مقبولًا؟

وإذا لم تعد المشافي مكانًا آمنًا، فماذا تبقّى من الحضارة الإنسانية؟

 

Loading

Share This Article