كتب: وسام زغبر ..النجمة الحمرا والمتراس والبندقية» نشيد من تل الزعتر إلى غزة… تحية لكل المناضلين في زمن الإبادة

Loai Loai
4 Min Read

عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين

في ظل المجازر اليومية التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة منذ أكثر من 22 شهراً، حيث لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تمارس أعتى أشكال الإبادة الجماعية، يعود صوت القصيدة من بين الركام، لا كحنينٍ إلى ماضٍ مجيد، بل كاستدعاءٍ ضروري للروح التي لا تُكسر، وللجذور التي لم ولن تُقتلع.

قصيدة «النجمة الحمرا والمتراس والبندقية»، التي كتبها الشاعر الفلسطيني معين بسيسو إبّان حصار تل الزعتر عام 1976، تعود اليوم نشيدًا لكل المقاتلين في غزة، في رفح، في النصيرات، في الشجاعية، وكل شبرٍ ينزف ويصمد.

من تل الزعتر إلى غزة… المجزرة واحدة والبطولة واحدة

في صيف 1976، عاش مخيم تل الزعتر حصارًا داميًا، أراد له أعداء القضية أن يكون مقبرة جماعية لإنهاء الحلم الفلسطيني في لبنان. قاوم المقاتلون حتى الرمق الأخير، وكان لمقاتلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين دورٌ بطوليٌ لا يُمحى من الذاكرة، حين كسروا الحصار ووصلوا إلى المخيم في لحظةٍ بدت فيها الحياة مستحيلة.

واليوم، المشهد يعيد نفسه في غزة، لكن على نطاق أوسع ووحشية غير مسبوقة. آلاف الشهداء، ومئات الآلاف من المهجّرين، وخرابٌ يطال كل حجر وبشر. ورغم ذلك، فإن مشهد الصمود لا يتغيّر: رجالٌ ونساءٌ وأطفال يقفون على متراس العزة، في وجه أعتى قوة استعمارية في العصر الحديث.

معين بسيسو… الشاعر الذي رأى ما وراء الحصار

في ذروة الألم، لا ينهض إلا الشعراء الحقيقيون. كان معين بسيسو حاضرًا في بيروت، في مقر قيادة الجبهة الديمقراطية بمنطقة الفاكهاني، حين استقبل مع رفاقه من تبقّى من أبطال تل الزعتر.

وفي صباح اليوم التالي، ألقى قصيدته الشهيرة، التي صارت نشيدًا خالدًا:

> «النجمة الحمرا

والمتراس والبندقية

الجبهة الديمقراطية

لتحرير فلسطين

اسماً ما بنمحي

اسماً ما بينطفي

محفور بالرصاص

محفور بالنار

محفور بحبر الدم العربي…»

هي ليست مجرد تحية لحزب أو فصيل، بل قصيدة كُتبت بدم الشهداء، وموجّهة لكل من حمل فلسطين في قلبه، وسلاحه، وصوته.

غزة اليوم… المتراس ذاته والنجمة لم تنطفئ

في غزة، يتجدّد المشهد المقاوم رغم كل الفقد. فكما لم يسقط تل الزعتر إلا على أنقاض المجزرة، لم تنكسر غزة، رغم أكثر من 61 ألف شهيد وأكثر من 155 ألف جريح و15 ألف مفقود، وملايين الأحلام المحطمة.

وإذا كان تل الزعتر قد أنجب نشيدًا، فإن غزة اليوم تنجب ملحمةً كل يوم، وتعيد صياغة معنى المقاومة، وتكتب مستقبلًا لا يكتبه المنتصرون العسكريون، بل أولئك الذين لم يرضخوا.

النشيد… ذاكرة لا تموت

حين لحّن الموسيقار عدلي فخري كلمات بسيسو، لم يكن يعلم أن صداها سيتردد بعد نصف قرن، من بيروت إلى غزة. «النجمة الحمرا والمتراس والبندقية» لم تعد فقط نشيدًا للجبهة الديمقراطية، بل صارت صوتًا جمعيًا لكل من يرفض الاستسلام، ولكل من يرى في فلسطين وعدًا لا يسقط بالتقادم.

في الختام…

إن كنا اليوم نعيش في زمن يُراد فيه دفن الرواية الفلسطينية تحت أنقاض غزة، فعلينا أن نُمسك أكثر بالذاكرة، وبالرموز التي تلخّص جوهر معركتنا: الحرية، العدالة، والكرامة.

«النجمة الحمرا والمتراس والبندقية» ليست مجرد مفردات شعرية، بل ثلاثية الوجود الفلسطيني في زمن النار: الوعي، الموقف، والمقاومة.

تحية لكل المقاتلين في غزة وكل فلسطين.

تحية للجبهة الديمقراطية التي ما زالت ترفع بندقيتها بيد، والبرنامج الوطني بيد.

تحية لمعين بسيسو، الذي كتب بالدم، لا بالحبر.

Loading

Share This Article