المسار : رأى النائب العربي بالكنيست أيمن عودة أن مهمة الفلسطينيين داخل إسرائيل هي منع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة عبر الانتخابات المقبلة.
وقال عودة، رئيس قائمة “الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير”، في مقابلة مع “الأناضول”: “أعتقد بأن وضع نتنياهو ليس سهلًا أبدًا”.
وأضاف أن “نتنياهو، ذلك الشخص الذي (يدّعي أنه) لا يُقهر، قد قُهر أكثر من مرة، وحاز على أمور ليس بفضله، وإنما بفضل عوامل إقليمية أو ترامب”.
عودة: لا شيء أهم سياسيًا وأخلاقيًا من منع هذه الحكومة من أن تستمر، لهذا فإن أوسع وحدة داخل أبناء شعبنا هو المطلب الأكثر وطنية في هذه المرحلة
ولمدة سنتين، منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنّ نتنياهو حرب إبادة جماعية بقطاع غزة، ولاحقًا شنّ حربين على لبنان وإيران، كما تنفذ تل أبيب غارات جوية دموية على اليمن وسوريا.
وتابع عودة: “أعتقد أنه بالانتخابات القادمة من الصعب للغاية أن يفوز نتنياهو. لن يحصل على ستين مقعدًا (من أصل 120)، وهو بعيد جدًا عن الحصول عليها”.
ويرأس نتنياهو (76 عامًا) الحكومة اليمينية الحالية منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022، والموعد المجدول للانتخابات المقبلة عام 2026.
واستطرد عودة: “أعتقد أن هناك جزءًا من الأصوات لدى المواطنين العرب لا يُعبر عنها باستطلاعات الرأي، ولكنها ستأتي بالانتخابات القادمة وستصوّت”.
وأردف: “بالتالي سيكون صعبًا للغاية على نتنياهو أن يشكل الحكومة القادمة، وهذه مسؤوليتنا نحن أن نرفع نسبة التصويت لدينا ونمنعه”.
ويشكل الفلسطينيون أكثر من 20 بالمئة من سكان إسرائيل.
انتخابات مبكرة
رسميًا تنتهي ولاية الكنيست الإسرائيلي نهاية 2026، ولكن عودة يتوقع انتخابات مبكرة، وكشف عن اتصالات بين الأحزاب العربية للتوحد قبلها.
وقال: “كل شيء يحقق مزيدًا من المقاعد لنا يجب أن نذهب باتجاهه (…) كل مقعد يمنع اليمين الفاشي من أن يشكل الحكومة، وذلك لمعاقبة مَن ارتكب الجرائم في غزة”.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال لنتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
وأضاف عودة: “لا شيء أهم سياسيًا وأخلاقيًا من منع هذه الحكومة من أن تستمر، لهذا فإن أوسع وحدة داخل أبناء شعبنا هو المطلب الأكثر وطنية في هذه المرحلة”.
وتخوض أربعة أحزاب فلسطينية الانتخابات، وهي: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والقائمة العربية للتغيير، والتجمع الديمقراطي، والقائمة العربية الموحدة.
وعن فرص توحدها، قال عودة: “على الأقل لن نذهب إلى الانتخابات بثلاث قوائم كما حدث في المرة السابقة”.
وأضاف: “نحن حتى الآن في مفاوضات متقدمة مع حزب التجمع لنكون مع الجبهة والتجمع والحركة العربية للتغيير”.
وتابع: “لدينا مشكلة عالقة مع الحركة الإسلامية الجنوبية، أي القائمة الموحدة”.
واستدرك: “مع ذلك (…) ندعوها إلى الوحدة الشاملة كما كنا أيام القائمة المشتركة (ضمت أربعة أحزاب، وانقسمت في 2021) وحققنا 15 مقعدًا، وكانت لنا مكانة مهمة”.
دورة الكنيست الأخيرة
رأى عودة أن الدورة الشتوية للكنيست، التي بدأت مساء الإثنين الماضي، هي الأخيرة له قبل انتخابات مبكرة.
وقال: “هذه الدورة الأخيرة فعليًا، حتى لو كانت الانتخابات في أكتوبر 2026 (موعدها المجدول)، فمعنى ذلك أن فضّ الحكومة سيكون بنهاية مايو/أيار” من العام نفسه.
وتابع: “هذا يعني (…) أن هذه الدورة هي الأخيرة فعليًا، لأنها ستنتهي آخر مارس/آذار (المقبل)، بعدها توجد عطلة حتى منتصف مايو، فبكل مفهوم هذه هي الدورة الأخيرة”.
وحذّر عودة من أن “ما لم يحققه اليمين والحكومة الأكثر يمينية وتجانسًا في السنوات الثلاث الأخيرة، ستسعى الحكومة لتحقيقه بهذه الدورة الشتوية”.
وأوضح أن “ضمن ذلك موضوع (ضم) الضفة الغربية، واستكمال الانقلاب القضائي، وسنّ قوانين للحد من تمثيلنا نحن الفلسطينيين داخل إسرائيل”.
وأرجع ذلك إلى أن “اليمين يعرف تمامًا أنه إذا صوّتنا كما يجب أن نصوّت بنسب عالية، فلا يمكن لليمين، أي نتنياهو وبن غفير وسموتريتش أن يستمروا”.
المعارضة والفاشية
واعتبر عودة أن أي حكومة أفضل من حكومة نتنياهو.
وتابع: “توجد معارضة لأسباب عدة، ولكن لا توجد معارضة قيمية، لا توجد معارضة صميمية للحكومة”.
“لكننا لا نملك ترف أن نقول إن المعارضة بعيدة عنا، وهي فعلاً بعيدة، ولكن عندما تكون الفاشية في الحكم، فالمهمة الأهم على الإطلاق هي منعها من أن تستمر”، كما استدرك.
وأردف: “في موضوع ضم إسرائيل للضفة الغربية مثلًا، فإن المعارضة، خاصة حزب الديمقراطيين مع حزب العمل وميرتس، لا تريد الضم، فهل هذا فرق بين هذه المعارضة والحكومة بهذه اللحظة بالذات؟ الجواب نعم”.
وإذا ضمت إسرائيل الضفة الغربية المحتلة، فإن ذلك سيعني إنهاء إمكانية تنفيذ مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، الذي تنص عليه قرارات صادرة عن الأمم المتحدة.
تهجير الفلسطينيين
حذر عودة من إقدام حكومات اليمين المتشدد على طرد الفلسطينيين من إسرائيل.
وقال: “أنظر إلى موضوع التعامل مع المواطنين العرب (في إسرائيل)، نحن مسكونون بمسألة النكبة (1948)، لأنه الحدث المؤسس لدى الجماهير الفلسطينية الباقية في وطنها”.
وتساءل: “هل ممكن أن تتجدد النكبة؟ أن يكون هناك ترانسفير (تهجير)؟ أقول إذا اجتمعت أربعة أمور فسيكون الترانسفير أمرًا خطيرًا ومباشرًا للغاية”.
وأضاف: “أولًا أن تريد ذلك الحكومة، ثانيًا أن تريد ذلك الأجهزة الأمنية، ثالثًا أن يريد ذلك المجتمع اليهودي الإسرائيلي، رابعًا أن يكون هناك شريك عربي جاهز لاستيعابنا”.
وتابع عودة: “الحكومة والأجهزة الأمنية والشرطة والجيش، وأيضًا نحو 56 بالمئة من المجتمع اليهودي الإسرائيلي، يؤيدون طردنا بالقوة وفق استطلاعات الرأي الأخيرة”.
وأردف: “كل هذه الأمور تقول إن هناك خطرًا داهمًا موجهًا ضدنا.. ولهذا فإن منع هذه الحكومة من أن تستمر هو مهمة وطنية”.
وزاد: “يجب أن نفعل كل شيء (…) أن يقوم الفلسطينيون في الجليل والمثلث والنقب والساحل بمنع الحكومة أن تستمر، هذا انتقام أخلاقي يقوم به كل فلسطيني تجاه من أجرم بحق الشعب الفلسطيني”.
وخلّفت جرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة 68 ألفًا و229 شهيدًا فلسطينيًا، و170 ألفًا و369 جريحًا، معظمهم أطفال ونساء، وألحقت دمارًا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.
نتنياهو واتفاق غزة
في 10 أكتوبر الجاري، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس”، وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دعمت بلاده حرب الإبادة.
واعتبر عودة أن “العامل الأساسي بوقف الحرب هو صمود الشعب الفلسطيني، وثانيًا هذا التحرك للضمير العالمي، هذا منظر أخّاذ، منظر عظيم، شعوب العالم التي وقفت مع قضية الشعب الفلسطيني وعزلت إسرائيل”.
وقال: “أيدنا (الاتفاق) لأنه يضمن الأمرين الأساسيين، وهما وقف الحرب واتفاقية التبادل” لأسرى من الجانبين.
واستدرك: “لكننا عرفنا منذ اللحظة الأولى أن فيه كثيرًا من الأفخاخ، وأن نتنياهو سيسعى لعرقلة الاتفاق بكل محطة”.
وتابع: “خاصة أن الاتفاق (…) يشمل كلمة دولة فلسطينية في البند 19، فواضح أن نتنياهو سيسعى لعرقلته”.
عودة: بالنسبة للرئيس الأمريكي، أعتقد أن النوايا غير صافية، أمريكا مع إسرائيل ستحاولان أن تحصلا، تحت ما يسمى السلام، على ما لم تحققاه من خلال الحرب
“وبالنسبة للرئيس الأمريكي، أعتقد أن النوايا غير صافية، أمريكا مع إسرائيل ستحاولان أن تحصلا، تحت ما يسمى السلام، على ما لم تحققاه من خلال الحرب”، كما أردف عودة.
وأضاف: “على رأس ذلك إقامة كيانية فلسطينية ما في غزة على حساب الدولة الفلسطينية التي يجب أن تقوم في غزة والضفة والقدس”.
استهداف الضفة الغربية
“سيكون التركيز الآن على الضفة الغربية (…) انظر إلى صمت بن غفير وسموتريتش، هل ممكن أن يكون صمتهما طبيعيًا؟”، وفقًا لعودة.
وقال: “هذا الصمت نابع عن اتفاق جانبي سري معهما بأننا سنسعى تحت مظلة السلام لتحقيق ما لم نحققه بالحرب، خاصة في منطقة الضفة الغربية. يجب أن نكون يقظين تجاه التطورات، خاصة في الضفة الغربية”.
وعمّا إذا كان يقصد بذلك الضم، أجاب: “أقصد تعزيز الاستيطان، خاصة (مشروع) E1 (شرق القدس الشرقية وسط الضفة)، هذا سيكون مركزيًا جدًا في الأشهر القادمة”.
ويهدف هذا المشروع الاستيطاني إلى فصل شمال الضفة عن جنوبها وعزل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني، ما يعني استحالة إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
وتابع عودة: “في موضوع الضم، أعتقد أن ترامب صرّح علنًا أنه ضد الضم، ولم يشأ أن تكون كلمة ضد الضم موجودة بالنقاط العشرين في خطته لغزة”.
واستدرك: “عندما يصرّح ترامب لفظيًا، فلا ضمان أبدًا لهذا الأمر، ممكن أن يكون الضم بدايةً للكتلة الاستيطانية الكبرى، تحت ادعاء أنها كانت دائمًا جزءًا من مفاوضات تبادل الأراضي”.
“ونتنياهو يتعامل هكذا مع الأمور بالأبعاد الإستراتيجية، لهذا فالضفة الغربية ستكون هي الهدف في الأشهر القليلة القادمة”، كما ختم عودة محذرًا.
(الأناضول)