المسار : تدرس دولة الاحتلال الإسرائيلي خطواتها، في ظل عدم قيام حركة حماس بتسليم أي من جثامين الأسرى الإسرائيليين منذ يوم الثلاثاء الماضي، فيما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد أصدر إنذاراً قبل أول من أمس السبت، طالب فيه الحركة بتسليم الجثث خلال 48 ساعة، مضيفاً أنه “بإمكان حماس إعادة بعضهم فوراً”. وذكر موقع القناة 12 العبرية، اليوم الاثنين، أن المسؤولين في إسرائيل يترقّبون موعد انتهاء الإنذار الذي حدده ترامب مع حلول المساء، بعد منح الحركة تصريحاً للوصول إلى مواقع خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أي خلف “الخط الأصفر”.
وأفرجت حركة حماس، منذ سريان صفقة تبادل الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عن 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء، ورفات 16 أسيراً من أصل 28، معظمهم إسرائيليون، لكن تل أبيب تقول إن العدد المتبقي 13، بعدما ادعت أن إحدى الجثث لا تتطابق مع أي من أسراها.
ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي قوله “إذا لم تُظهر حماس تقدماً في تسليم الجثامين حتى المساء، سنعيد حساب خطواتنا. الوقت يمر، ونحن نفقد صبرنا”. وتزعم إسرائيل أن لدى حماس معلومات عن أماكن وجود معظم جثامين الأسرى الثلاثة عشر المتبقّين في قطاع غزة، وأن الحركة قادرة على تسليم معظمهم، لكنها تمتنع عن ذلك لكسب الوقت.
وتأتي هذه المزاعم رغم تحذيرات إسرائيلية سابقة، من أن الدمار الكبير الذي خلفه جيش الاحتلال في إطار حرب الإبادة على قطاع غزة، يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في تحديد أماكن جميع الجثث وحتى فقدان بعضها. ولفت موقع القناة العبرية إلى أن إسرائيل تسمح بمواصلة عمليات البحث، التي تُنفذها حماس بمشاركة معدات هندسية مصرية وبمساعدة فرق من الصليب الأحمر. وزعمت، نقلاً عن مصادرها، أن المستوى السياسي منح هذا الإذن، رغم التقديرات بأن الأمر مجرد استعراض من قبل حماس، لتجنّب تقديم أعذار أمام الوسطاء، وللتأكد من استنفاد جهود البحث، فيما تُجرى في إسرائيل مناقشات حول الخطوات التالية.
وأضاف الموقع أنه منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، عارضت إسرائيل دخول أي جهات أجنبية إلى قطاع غزة قبل استكمال المرحلة الأولى من الصفقة. ورغم المعارضة الإسرائيلية، يبدو أن الضغط الأميركي دفع المستوى السياسي في نهاية المطاف إلى السماح بدخول قوات مصرية.
في سياق متصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلي (كان)، اليوم، بأن التصريح الذي مُنح لحماس بشأن مشاركتها بأعمال البحث في مناطق خلف “الخط الأصفر”، أوسع مما نُشر بالأمس. وأوضحت أن عناصر من حماس أجروا جولة ميدانية في منطقة الشجاعية، الواقعة ضمن “الخط الأصفر”، بهدف تحديد مواقع جثث أسرى إسرائيليين تمهيداً لإعادتها إلى إسرائيل، ليتبيّن أن إسرائيل منحت الحركة تصريحاً للعمل في منطقة خانيونس أيضاً، إلا أن هذه الخطوة لم تُنسق بعد.
وكانت هيئة البث، قد أفادت أمس بأن إسرائيل سمحت لحماس بالدخول إلى مناطق خاضعة لسيطرتها للقيام بجولات ميدانية وأعمال بحث ميداني عن جثامين الأسرى. وقد تم ذلك خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة ضغوط من الوسطاء ومبعوثي الرئيس الأميركي، بهدف التقدّم نحو المرحلة الثانية من مبادرة ترامب. وقال مسؤولون مطّلعون على التفاصيل إن جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحب من المناطق التي تعمل فيها حماس والصليب الأحمر، لتفادي أي احتكاك مباشر بين قوات الجيش وعناصر حماس في الميدان. ووصف مسؤول إسرائيلي مطّلع على العملية هذا الإجراء بأنه “أمر عبثي تماماً”.
كذلك نقلت هيئة البث عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن مسؤولين أميركيين أجروا محادثات مع نظرائهم الإسرائيليين في الأيام الأخيرة، ولم يتمكّنوا من فهم الإصرار الإسرائيلي على قضية استعادة جثث الأسرى المتبقية. وبحسبه، فإن الولايات المتحدة كانت تفضل التقدّم إلى المرحلة التالية من خطة ترامب، حتى وإن لم تتم إعادة جميع الجثامين للدفن. يشار في هذا السياق إلى أن دولة الاحتلال اعتادت على التهديد والوعيد في محاولة للضغط على حركة حماس لتسريع إعادة جميع الجثث، رغم إدراكها أن المهمة ليست بهذه السهولة.

