كتب وسام زغبر: الكوفية الفلسطينية: أنوثة المقاومة وذاكرة الوطن

في اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، الذي يصادف السادس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، تستعيد فلسطين والعالم صورة المرأة التي تجاوزت حدود الأدوار التقليدية لتصبح رمزًا للثبات والكرامة في وجه الاحتلال.

لم تكن المرأة الفلسطينية يومًا مجرد ضحية حرب، بل كانت ولا تزال في قلب الفعل المقاوم. حملت الوطن في قلبها ونسجته على أثوابها المطرزة، ولفّت وجعه بكوفياتٍ سوداء وحمراء باتت تُعرف عالميًا كرمزٍ للهوية والصمود. ألوان الكوفية ليست مجرد نقوش، بل رسائل خالدة: الأسود للجذور والثبات، والأحمر لدماء الشهداء الذين رسموا طريق الحرية.

في غزة، حيث تخوض النساء معركة البقاء منذ أكثر من سبعمائة يوم من حرب الإبادة، تتجلى أسمى صور الشجاعة الإنسانية. في وجه القصف والجوع والنزوح، كانت المرأة الفلسطينية أمًا وممرضةً وناجيةً ومقاومةً في آنٍ واحد. ومن بين الركام، واصلت الحياة لتقول للعالم إن الأنوثة لا تنكسر، وإن الكرامة لا تُدفن تحت الأنقاض.

لقد أعادت المرأة الفلسطينية تعريف الصمود؛ جعلت من الأمومة فعلًا سياسيًا، ومن الحليب شريان حياة في وجه الحصار، ومن البقاء ذاته شكلاً من أشكال المقاومة اليومية.

في هذا اليوم، لا نحتفي بها كرمزٍ فحسب، بل كقوةٍ إنسانية حيّة أعادت صياغة مفهوم النضال ذاته. فهي ليست نصف المجتمع، بل قلبه الذي لا يتوقف عن الخفقان مهما اشتدّ الخراب.

الكوفية والثوب المطرّز واليد التي تزرع في التراب — كلها وجوهٌ لأنوثةٍ مقاومة تصنع من الذاكرة وطنًا، ومن الألم أملاً لا ينكسر.

(الكوفية الفلسطينية: أنوثة المقاومة وذاكرة الوطن)

(بقلم: وسام زغبر)

(عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين)

Share This Article