المسار :حذر المستشار الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للصحة النفسية، الدكتور خالد سعيد، من تفاقم الأوضاع النفسية في قطاع غزة، في ظل تدمير البنية التحتية، وتراجع القدرة على تقديم الدعم النفسي، والنقص الحاد في المتخصصين في هذا المجال.
وقال سعيد في حوار نشره موقع الأمم المتحدة اليوم السبت، إن احتياجات الصحة النفسية في غزة في ازدياد مستمر، مؤكدًا أن “تداعياتها لن تختفي فور وقف إطلاق النار، بل ستستمر لفترة طويلة، ما يتطلب عملاً مستدامًا لمساندة المجتمعات”.
وأشار إلى أن أزمات الصحة النفسية في غزة سبقت الحرب الأخيرة، إذ أظهرت الدراسات أن ثلثي السكان البالغين كانوا يعانون من كرب شديد، وأكثر من نصف الأطفال يواجهون اضطرابات نفسية، وهو ما فاقمته الحرب المتواصلة منذ أكثر من عامين.
وبيّن أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) كشفت مطلع العام الجاري أن أكثر من مليون طفل في غزة بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي، فيما حذرت وكالة “الأونروا” من أن نحو 660 ألف طفل حُرموا من التعليم للسنة الثالثة على التوالي، مما يجعلهم عرضة لخطر أن يصبحوا “جيلًا ضائعًا”.
وأوضح الدكتور سعيد أن المطلوب في المرحلة الحالية هو دمج الدعم النفسي والاجتماعي في جميع القطاعات، من التعليم إلى الأمن الغذائي، وليس الاقتصار على إنشاء مستشفيات متخصصة. وقال:
“الصحة النفسية مسؤولية الجميع، فهي لا تتعلق فقط بعلاج الأمراض، بل بتمكين الناس من مواجهة الأزمات والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم”.
وأضاف أن لدى فلسطين كفاءات مدربة وبرامج قائمة قبل الحرب لدمج الرعاية النفسية في الخدمات الصحية الأولية، داعيًا إلى تمكين هذه الكوادر وتوسيع نطاق عملها لخدمة المجتمع بأكمله.
كما شدد على أهمية تمكين المجتمعات المحلية لتقديم الدعم النفسي الأولي والإسعافات النفسية الأساسية، لافتًا إلى أن “الوصمة الاجتماعية” لا تزال تشكل أحد أكبر العوائق أمام تلقي العلاج النفسي، سواء بين العامة أو داخل الأوساط المهنية.
وختم سعيد بالتأكيد على أن مواجهة أزمة الصحة النفسية في غزة تتطلب استجابة متعددة المستويات، تشمل الإعلام والتعليم والسياسات الصحية، لضمان عدم ترك السكان وحدهم في مواجهة آثار الحرب النفسية العميقة.

