المسار : تتصاعد الضغوط على شركة “مايكروسوفت” قبيل انعقاد الاجتماع السنوي لمساهمي الشركة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر، لإعادة تقييم ارتباطها بـ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي، في ظلّ استخدام الأخير لخدماتها وتقنياتها في العمليات الجارية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي رسالة مفتوحة وُجّهت إلى الشركة في الثاني من الشهر نفسه، حذّرت مجموعة دولية من منظّمات المساعدة القانونية، من أنّ “مايكروسوفت” وإدارتها قد تواجهان مساءلةً قانونية بتهمة “المساعدة والتحريض” على الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحقّ المدنيين الفلسطينيين.
كما أكّد المنظّم الوطني في حملة المركز العربي للتقدّم في وسائل التواصل الاجتماعي، إريك سايب، أنّ الشهور الماضية أظهرت بوضوح أنّ خدمات الشركة تُستخدم في انتهاكاتٍ واسعة لحقوق الإنسان في فلسطين، داعياً المساهمين إلى إدراك حجم المخاطر القانونية التي قد تترتّب على استمرار هذا التعاون.
الرسالة أوضحت أنّ “مايكروسوفت” تزوّد قوات الاحتلال الإسرائيلية البرية والجوية والبحرية بـ”خدمات رئيسية”، رغم إجماع جهات حقوقية وخبراء على ارتكاب الاحتلال إبادة جماعية في غزة.
ومن بين الأمثلة التي ساقتها الرسالة نظام “مامرام”، البنية الحاسوبية المركزية لـجيش الاحتلال، والذي دعمته الشركة عبر خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، بما في ذلك تقديم “دعم عاجل” خلال الأشهر الأولى من الحرب لمنع تعطّل الأنظمة العسكرية.
وتحذّر منظمات المساعدة القانونية من أنّ توفير هذه الخدمات يعرّض “مايكروسوفت” وقيادتها لـ”مسؤولية جنائية ومدنية واسعة” وفق القوانين الدولية والمحلية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال جيرويد أو كوين، المدير المؤسّس لشبكة الإجراءات القانونية العالمية، إنّ البعد الأوروبي “محوري”، موضحاً أنّ جزءاً من البنية التحتية التي تُشغّل أنظمة الاستهداف العسكري الإسرائيلي يُستضاف ويُعالَج داخل أوروبا، بما في ذلك عبر خوادم “مايكروسوفت”.
وأضاف: “القانون الأوروبي واضح: عندما تُمكّن الأنظمة التكنولوجية من ارتكاب جرائم جسيمة أو مراقبة غير قانونية للسكان، فإنّ الشركات المزوِّدة تعرّض نفسها لمخاطر قانونية كبيرة”.
وأعلن صندوقُ الثروة السيادية في النرويج أنّ اجتماع المساهمين المقبل سيتضمّن التصويت على مقترح يُلزم شركة “مايكروسوفت” بنشر تقرير يوضّح مخاطر عملها في دول تشهد انتهاكاتٍ جسيمة لحقوق الإنسان.
ورغم أنّ المقترح لا يُسمّي “إسرائيل” مباشرة، إلا أنّه يطالب الشركة بالكشف عن منهجية تقييمها لتأثير منتجاتها على حقوق الإنسان، ومدى فعّالية إجراءاتها الداخلية في منع استخدامها بطرق تنتهك القانون الدولي.
وفي العاشر من تشرين الأول/أكتوبر، دعت منظمة العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” ومنظمات حقوقية دولية أخرى “مايكروسوفت” إلى تعليق أنشطتها التجارية التي تُسهِم في “انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم دولية يرتكبها الجيش الإسرائيلي وهيئات حكومية إسرائيلية أخرى”.
وبعد مراجعة داخلية أجرتها الشركة في إثر احتجاجات موظفين وتقارير إعلامية، حظرت “مايكروسوفت” استخدام خدمة “Azure” السحابية من جانب وحدة حرب إلكترونية إسرائيلية معروفة بسجلها في اعتراض وتخزين تسجيلات ملايين المكالمات الهاتفية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وفي مذكّرة داخلية بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر، أكد براد سميث، نائب رئيس مجلس إدارة “مايكروسوفت” ورئيسها، أنّ المراقبة الجماعية للمدنيين تنتهك شروط استخدام الشركة، وأنّ حماية خصوصية المستخدمين جزء أساسي من التزاماتها.
وبعد تحقيق داخلي، أوقفت الشركة خدماتها السحابية للوحدة الإسرائيلية المسؤولة عن المراقبة الجماعية في غزة والضفة الغربية، مع تأكيد سميث أنّ القرار “لا يمسّ العمل المهم الذي تواصل مايكروسوفت القيام به لحماية الأمن السيبراني لإسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط”.
وذكرت “مايكروسوفت” أنّ مراجعة الادعاءات المتعلقة باستخدام “إسرائيل” لتقنيات الشركة في مراقبة الفلسطينيين لا تزال جارية، مشيرةً إلى إنشاء منصة داخلية تتيح للموظفين الإبلاغ عن أي ممارسات يُشتبه بأنها تنتهك سياسات الشركة أو شروط الاستخدام.
وتجدر الإشارة إلى أنّ علاقة الاحتلال الإسرائيلي بشركات التكنولوجيا لا تقتصر على “مايكروسوفت” وحدها.
ففي أيلول/سبتمبر، نظّم مئات الموظفين في “غوغل” و”أمازون” احتجاجات ضدّ مشروع “نيمبوس”، وهو عقد ضخم بقيمة 1.2 مليار دولار يوفّر للحكومة الإسرائيلية بنى تحتية سحابية وخدمات بيانات متقدّمة.
وفي تقرير صادر في 30 حزيران/يونيو، أشارت مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، فرانشيسكا ألبانيزي، إلى أنّ أكثر من ستين شركة من قطاعات متعدّدة أسهمت في تدمير غزة، وفي دعم الاستيطان في الضفة الغربية، وفي عمليات التهجير القسري للفلسطينيين، ومن بينها شركات أميركية كبرى مثل “أمازون” و”غوغل” و”آي بي إم” و”مايكروسوفت”.

