الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

بايدن يمنح إسرائيل طوق نجاة قد يكون الأخير

بقلم: يسرائيل زيف

لدى إسرائيل فرصة ثانية، ويبدو أنها الأخيرة، في مخرج سياسي من شرك الحرب الذي وجدت نفسها فيه، التي تديرها بطريقة سياسية، من دون توجُّه أو أهداف واضحة.

الوضع الحالي هو وضع انتظار محرج بالنسبة إلى إسرائيل، التي تتعرض للقصف من الشمال والجنوب، حتى بعد عشرة أشهر من القتال. صحيح أن إسرائيل حققت إنجازات تكتيكية؛ لأن الجيش الإسرائيلي يعرف كيف يقاتل، لكن الوضع يشير إلى أن عدم استرجاع الردع واستمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى تآكل هذه الإنجازات، ولن يحقق الحسم في أيّ ساحة.

وفي الواقع، باستثناء إطلاق الشعارات الفارغة، فإن الحكومة تختبئ وراء عمليات الجيش الإسرائيلي. فهي لا تعطي التوجيهات، وتبدو منقطعة تماماً عن الواقع، وعن الكابوس الذي يعيشه المواطنون في الشمال، وفي الجنوب. حالياً، يعيش الإسرائيليون جميعهم خوفاً كبيراً. وحالياً، تخدم الحرب الحاجات السياسية للحكومة، على حساب المواطنين الإسرائيليين الذين يدفعون الثمن الكامل لقاء صورة السياسيين الذين يتنافسون فيما بينهم. الإمساك بزمام الأمور جعل الحكومة الحالية غير مبالية تماماً بالثمن الذي يدفعه المواطنون والدولة، وهي تتجاهله تجاهلاً مطلقاً.

مَن يقرأ الوضع المقلق جيداً هو الرئيس بايدن. وانطلاقاً من عدم ثقة كاملة بنتنياهو، قرر إنقاذ إسرائيل من الورطة، مرة أُخرى، وبنى حولها غطاءً ائتلافياً مهماً في مواجهة إيران، من دون أن يوفر تهديداته للنظام في طهران. وهذه الخطوة ليست ثمرة مساعي رئيس الحكومة، بل بالعكس. لقد قرر بايدن اتخاذ موقف المسيطِر والمهدِّد، مع عشرات السفن البحرية، من أجل منع نشوب مواجهة إقليمية لأنه لا يعتمد على نتنياهو وحساباته، ولا يريد اشتعال المنطقة خلال الانتخابات الأميركية. وهو يفعل ذلك بخلاف الرأي العام الأميركي الذي تغيّر نحو الأسوأ إزاء إسرائيل، هناك أغلبية تساوي 60% في الولايات المتحدة ضد تقديم مساعدة مباشرة لإسرائيل. والأغلبية الساحقة التي حظيت بها إسرائيل في بداية الحرب تحولت، بمرور الوقت، إلى أغلبية ضدها.

حملة التملق لترامب، التي قادها نتنياهو، تلقّت صفعة مدوية منه في صورة “وقف” واضح للحرب. كما تلقى صفعة جدية من بايدن والرئيسة العتيدة هاريس. يقول حاضرون في البيت الأبيض إن صراخ بايدن على نتنياهو كان أعلى صراخ سمعوه منه في حياته كسياسي. رئيس الحكومة، الذي لا تهمه إعادة المخطوفين، يحظى بالازدراء الكامل والمفهوم من رئيس الولايات المتحدة، ومن كل رئيس آخر.

الإنجاز الوحيد لزيارته للولايات المتحدة كان التصفيق الذي حظيَ به، والذي حاول أن يغطي من خلاله على عشرات المقاعد الخالية من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين. لكن هذا لا يثمر شيئاً. وما من دولة في العالم مستعدة، حالياً، لدعوة نتنياهو إلى زيارتها. الطرف الوحيد الذي تثق به واشنطن هو يوآف غالانت، وطبعاً، رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي. وبناء الائتلاف الحالي يعتمد على التنسيق الكامل معهما فقط.

هناك كلمة عن جدعون ساعر: هل يعتقد فعلاً أنه استناداً إلى بعض الجمل التي قالها بشأن موضوع الأمن يمكنه أن يصبح وزير دفاع خلال الحرب؟ حتى كسياسي، هو لا يحصل على علامة عالية، بعد أن اختار مرةً وضع ثقته بنتنياهو، بينما يبدو غالانت الوحيد الذي لديه معرفة بحاجات الواقع الأمني.

بافتراض أن الجولة الحالية من التصعيد لن تكون دراماتيكية، وفي استطاعة إسرائيل احتواء نتائجها، فإننا سنعود، تحديداً، إلى النقطة التي كنا فيها، قبل مجزرة الأولاد والاغتيالات. وسنعود إلى حرب الاستنزاف نفسها التي أنهكت إسرائيل منذ أكثر من 10 شهور، والتي تحولت إلى أمر روتيني مريع يرافقه يأس عام. “النصر المطلق” الذي اخترعه نتنياهو في كانون الثاني بعد تعافيه من صدمة تشرين الأول، يؤدي إلى إطالة الوقت وتآكل إنجازات الجيش الإسرائيلي في غزة، الواحد تلو الآخر.

وفي غياب التوجه وعدم تحديد موعد لانتهاء الحرب، وفي ظل عدم الحسم في الشمال، حيث تخلينا، للمرة الأولى في تاريخنا، عن المستوطنات في الجليل، الأمر الذي من المرجح أنه يجعل الآباء المؤسسين يتقلبون في قبورهم، وفي مواجهة التصعيد المتزايد في شمال الضفة الغربية، وفي ضوء عدم وجود ردع إقليمي، تنشغل هذه الحكومة الآثمة بمسألة مَن يتراجع أولاً، ومن “الأكثر رجولة” في التصريحات النارية، ولهذا تستمر الحرب، ولا تجري إعادة المخطوفين.

ونظراً إلى أن خطة نتنياهو، التي تتمثل في كسب الوقت والرهان على ترامب، انقلبت رأساً على عقب، وعلى ما يبدو سيكون للولايات المتحدة أول رئيسة في التاريخ، يتعين على نتنياهو أن يعيد فوراً التفكير في خطته المرفوضة، التي تضحّي بالمخطوفين، ويدفع الجنود ثمنها من حياتهم، وتستمر في تدمير اقتصاد إسرائيل ومجتمعها.

——————————————–

 يديعوت 13/8/2024

الصفقة.. الخيار الأفضل لإسرائيل رغم الثمن الباهظ

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

لن تجدوا، تقريباً، باحثاً، أو محللاً إسرائيلياً، أو عربياً، لم يُفاجأ باختيار يحيى السنوار لرئاسة المكتب السياسي لحركة “حماس”، خلفاً لإسماعيل هنية الذي تمت تصفيته في طهران.

لقد قررت حركة “حماس” اتخاذ خطوة من الواضح أنه لا يمكن تطبيقها: فمن داخل أنفاق القطاع المعرّضة للقصف في الحرب، لا يمكن عقد اجتماعات قيادية، أو إجراء لقاءات مع زعماء دوليين، أو إصدار بيانات صحافية.

إذاً، ما هو سبب اتخاذ هذه الخطوة الغريبة؟ يمكننا أن نذكر ثلاثة أسباب محتملة. الأول، هو الضغط الشديد من إيران، نظراً إلى تقديرها أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة “حماس”، قبل تعيين هنية، قد يتم تعيينه مرة أُخرى في هذا المنصب. وطهران تكره مشعل بسبب انتقاده النظام السوري منذ اندلاع الحرب الأهلية في سورية.

الاحتمال الثاني، هو أن هذه خطوة ذكية من قطر، تهدف إلى دفع السنوار إلى مغادرة غزة، وهو ما يسمح بإنهاء الحرب.

أمّا الاحتمال الثالث، الذي يبدو منطقياً أكثر، فهو أنها مجرد “تحية رمزية” من قيادة “حماس” في الخارج إلى “الإخوة المقاتلين على الجبهة”، مع العلم بأن السنوار لن يكون قادراً على أداء دوره فعلياً، وستظل المنظمة تحت قيادة كبار المسؤولين في قطر.

وبصرف النظر عن السبب، يبدو أن اليوم التالي لتعيين السنوار لن يكون مختلفاً بشكل جذري عمّا كان عليه، بما في ذلك إزاء مسألة “الصفقة”. إذ إن السنوار، حتى قبل اغتيال هنية، كان الجهة الرئيسة التي تدير الحرب، وشؤون الصفقة معها.

يحاول كبار قادة “حماس” في الخارج الإشارة إلى أن الأمور تسير كالمعتاد، بعد انتخاب السنوار، ويؤكدون أن هذا الانتخاب جرى بالإجماع، وأن “حماس” ما زالت تفتح أبوابها للمفاوضات، وأن السنوار سيُظهر مرونة ما إذا كانت مصلحة الشعب الفلسطيني على المحك.

تسود الأوساط الفلسطينية والعالم العربي رواية منحازة، مفادها أن اغتيال قائد “معتدل” سعى للدفع في اتجاه إتمام الصفقة، يؤدي إلى تعزيز الجناح المتشدد في “حماس”، ويقلل من فرص التوصل إلى صفقة. لكن علينا أن ندرك أولاً، أنه لا يمكن وصف هنية بالمعتدل. ثانياً، تأثير هنية في المفاوضات كان محدوداً من البداية.

على الرغم من الاتجاه الواضح في الاستمرارية في القيادة، فإن تعيين السنوار نفسه قد يُفاقم توتّرين قديمَين قائمَين في “حماس”، الأول بين الجناح الذي يؤيد إيران، بقيادة السنوار، وبين المقربين من قطر وتركيا، بقيادة مشعل. وتخشى الفئة الأخيرة من توسّع النفوذ الإيراني في الحركة. محور التوتر الثاني هو بين القادة الآتين من الضفة الغربية، الذين يقودهم مشعل مجدداً، وبين قادة “حماس” من القطاع.

تقف إسرائيل في النقطة نفسها التي كانت فيها قبل تصفية هنية، وهي تواجه الآن معضلتين تتطلبان رداً واقعياً، وليس شعارات فارغة، أو نظريات غير مترابطة. المعضلة الأولى هي معضلة القضاء على “حماس”، وهو أمر لا يمكن تحقيقه دون السيطرة المباشرة على الأرض، وحالياً يبدو أن لا أحد يريد القيام به. أمّا المعضلة الثانية فهي تنفيذ الصفقة.

في خلفية الأمور، تبرز أطروحة نتنياهو، ومفادها أن تكثيف الضربات الموجهة إلى “حماس” سيؤدي إلى موافقتها على بقاء الجيش الإسرائيلي في محورَي نتساريم وفيلادلفيا، بعد انتهاء الحرب. لكن هذا الموضوع يبدو خطاً أحمر بالنسبة إلى حركة “حماس”، ولن توافق عليه.

قد تمثل تصفية السنوار نفسه نقطة تحوّل استراتيجية في المعركة، إذ ستكون لها تأثيرات رمزية وعملية كبيرة. ومع ذلك، من الضروري هنا أيضاً اتّباع نهج واقعي نابع من فهم عميق لحركة “حماس”: فالحركة لن ترفع الراية البيضاء، ومن المحتمل أن يتسم “لاعبو الاحتياط”، الذين سيخلفون القادة الذين تمت تصفيتهم، والذين ستتم تصفيتهم لاحقاً، بالحماسة الأيديولوجية نفسها. حتى لو تمكنت إسرائيل من بتر أذرع “حماس” التنظيمية، فمن المحتمل أن تتمكن الحركة من الاستمرار، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار النظام الذي تمثله هو السيطرة على كامل القطاع والبقاء في المنطقة فترة طويلة.

وطالما ظل هذا السيناريو غير متاح، أو غير مرغوب فيه، وفي ضوء إدراكنا أن “عقيدة الغارات” المحدودة لن تؤدي إلى محو سلطة “حماس”، فيُنصح بالنظر جدياً في خيار التوصل إلى صفقة، مع كل ما تحمله من تكاليف باهظة.

——————————————–

معاريف 13/8/2024

ماذا وراء تريّث إيران في الردّ على إسرائيل؟

بقلم: أميتسا برعام

الانتظار المتوتر في إسرائيل منذ اغتيال فؤاد شُكر في الضاحية الجنوبية لبيروت وإسماعيل هنية في طهران مستمر لسببين: الأول، كما قال نصر الله، أن جوهر الانتظار القلق للضربة المتوقعة هو جزء من معاقبة المجتمع الإسرائيلي. والثاني هو أن الصورة التي تبدو من طهران منذ اغتيال هنية تعكس صراعاً داخلياً يدور على قلب وعقل وصورة المرشد الأعلى علي خامنئي. من المحتمل أن تكون هذه الصورة جزءاً من خدعة إيرانية، الغرض منها خفض درجة جاهزيتنا، لكن من المحتمل أن تكون صورة حقيقية. وبحسب هذه الصورة، وقبل أيام معدودة، في 7 آب كان هناك إجماع كامل في الرأي وسط القيادة والإعلام الإيرانيَّين. حتى أن الرئيس الجديد، الذي يُعتبر “براغماتياً”، أو “إصلاحياً”، مسعود بازشكيان، رفض بشدة طلب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من إيران “ضبط” النفس. وفعلاً، قال إنه يمكن منع نشوب حرب إقليمية، إذا أوقفت إسرائيل حربها في غزة. أي أن وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يؤدي إلى ردّ إيراني محدود، ومن دون ذلك، فإن الهجوم سيكون كبيراً.

فجأة، في 9 آب بدأت التسريبات أن بازشكيان توجّه إلى خامنئي على عجل، طالباً منه إعادة التفكير في الهجوم ضد إسرائيل. ووفقاً للتقارير، يتخوف بازشكيان من ردّ إسرائيلي يمكن أن “يدمر الاقتصاد الإيراني”. وبدلاً من ذلك، اقترح مهاجمة منشآت سرية إسرائيلية في كردستان العراقية، أو في أذربيجان.

إذا كانت التسريبات صحيحة، فيبدو أن الرئيس متخوف من هجوم إسرائيلي عنيف على صناعة النفط الإيرانية. تعرف القيادة الإيرانية ما فعلته إسرائيل بخزانات النفط التابعة للحوثيين في الحُديدة، وهي قادرة على الانتقام أكثر بعشرات المرات من المنشآت الإيرانية.

تقريباً، كل الميزانية الإيرانية المتوفرة للحكام، وللإنفاق العسكري والاستيراد، ومساعدة حلفائها بالسلاح والتمويل، تأتي من بيع النفط والغاز. وإذا احترق كل شيء فستسقط إيران وشركاؤها في حفرة عميقة.

كيف تجرّأ الرئيس الذي انتُخب بفضل دعم المرشد الأعلى، والذي لا يُعتبر ثورياً، على تسريب وجهة نظر ثورية بشأن عدم مهاجمة إسرائيل؟ إنها جرأة هائلة، ويمكن أن تُعتبر إهانة للكرامة الوطنية.

ما زال هذا التسريب بحاجة إلى تأكيد رسمي، لكن إذا كان صحيحاً فإن التفسير الأكثر معقوليةً هو أنه خلال اللقاء الذي جرى بين بازشكيان وخامنئي، فإن هذا الأخير هو الذي طلب من الرئيس الإيراني التسريب بأنه هو الذي طلب إعادة التفكير في المسار من جديد. حتى يوم الأحد 11 آب الجاري، دعا العديد من كبار المسؤولين إلى الانتقام، وتحدثت التقارير عن أن خامنئي أمر بالانتقام، لكنه لم يعلن، هو نفسه، ذلك بصوته، وعلى يبدو فهو لا يزال متردداً.

السبب الأساسي هو أن الاستخبارات الإيرانية تحدثت عن تجمّع الأسطول الأميركي حول إيران ولبنان، وأن إسرائيل تخطط لرد مؤلم. صحيح أن رئيس مجلس الأمن القومي في روسيا، سيرغي شويغو، قام بزيارة عاجلة لطهران في 5 آب، وتحدثت تقارير عن شحنات من التكنولوجيا الروسية الجديدة المتوجهة إلى إيران للدفاع ضد الطائرات، لكنّ هناك ضغطاً سياسياً دولياً كبيراً لمنع التصعيد.

حتى أن تركيا وروسيا تضغطان للحؤول دون نشوب حرب شاملة. ليس من المؤكد أن خامنئي كان يريد هجوماً مباشراً على إسرائيل في نيسان الماضي. فالمرشد الأعلى شخص حذِر، ويدرس قراراته بهدوء، وكان يعلم جيداً بأن أميركا ستساعد إسرائيل دفاعياً (وربما أكثر، إذا تفاقمت الأزمة). ومن المحتمل أن يكون اندفع نحو الهجوم المباشر لأنه لا يريد أن يبدو انهزامياً أمام الرئيس السابق “المتطرف” رئيسي، وأمام حلفائه من الحرس الثوري، وحزب ” جبهة الصمود القوية” وجبهة بايداري في البرلمان الإيراني.

لو لم تقع حادثة المروحية التي أودت بحياة رئيسي ووزير الخارجية لربما اندفع خامنئي إلى شنّ هجوم مباشر على إسرائيل. لكن هذه المرة، لديه رئيس براغماتي ووزير خارجية بالإنابة هو من المقربين منه، ومن أقربائه.

لا يوجد في القيادة الإيرانية معتدلون، لكن يوجد متطرفون وشديدو التطرف. المرشد الأعلى نفسه متطرف بما فيه الكفاية، لكنه كان يتخوف من الرئيس السابق، ومن تحالفه مع المتشددين المتطرفين في إيران. حتى اليوم، يعتقد كثيرون أن حادثة المروحية التي قُتل فيها رئيسي لم تكن حادثة قط.

ما الذي يجري حالياً في طهران؟ حالياً، ليس لدى نظام الملالي مصلحة في نشوب مواجهة كبيرة مع إسرائيل والولايات المتحدة. ويدور الخلاف في الرأي حول مسألة ما إذا كان يجب الرد الآن، وبأيّ قوة.

أغلبية الأصوات التي تأتي من طهران الرسمية تطالب بانتقام كبير ومباشر. الجانب البراغماتي يمثله في الأساس الرئيس بازشكيان. المرشد الأعلى دعم انتخابه قبل شهر، من دون حماسة، لأنه كان بحاجة إليه. فبعد أن هاجم إسرائيل في نيسان، واصطدم بالائتلاف الأميركي، أدرك خامنئي أنه إذا قرر الرد مباشرة ضد إسرائيل في المرة المقبلة، فسيكون بحاجة إلى ذريعة.

جرى انتخاب بازشكيان من أجل تحسين الاقتصاد، وأيضاً للوقوف على الحياد دعماً للمرشد الأعلى في أوقات الأزمة. إذا قرر خامنئي تأجيل الرد، فإن الإعلام المؤسساتي سيفسّر ذلك بأنه استجابة لطلب من الرئيس الإيراني وآخرين. والانطباع أن أغلبية الجمهور الإيراني لا تريد حرباً انتقاماً لاغتيال هنية. كل الاتهامات بالتنازل عن السيادة والكرامة الوطنية ستوجّه إلى الرئيس بازشكيان، وسيظل خامنئي فوق الانتقادات. وسيحاول المتطرفون المتشددون التبرير أنهم طالبوا بردّ مباشر وقاسٍ ضد إسرائيل، بغض النظر عن النتائج. لكنهم اضطروا إلى التنازل لأن الدستور يجعل المرشد الأعلى هو مَن يتخذ القرار الأخير. حتى كتابة هذا المقال، خامنئي لم يقرر بعد، لكن من المهم أن نتذكر أنه حتى لو قرر تأجيل الرد، فإن إيران لن تتنازل عن الانتقام.

——————————————–

هآرتس 13/8/2024

تعيين نتنياهو للمأمور هدفه ترتيب الوظائف

للمقربين من السلطة يخدمون انفسهم فقط

بقلم: دينا زلبر

وظائف. اذا كنا نبحث عن اساس ايديولوجي الذي هو في الحقيقة اساس وجود بنيامين نتنياهو وحركته وائتلافه، فهي الوظائف. من لم يكن مخلصا لأمن دولته وسلامة مواطنيها وقيمها المؤسسة وضمان مستقبلها، أصبح مخلصا طوال السنين فقط للتعطش للحكم وجشع أعضاء حزبه للوظائف.

في جلسة الحكومة التي عقدت أمس الأول، التي تقرر فيها تغيير إجراء تعيين مأمور الخدمة المدنية القادم، فان الرئيس واعضاء الحكومة الاسرائيلية قاموا بفتح بشكل متعمد ومستفز ثغرة كبيرة في سور الإدارة العامة من أجل تسهيل وتسريع انهياره “الدولة هي أنا”، “الخدمة المدنية هي لي”. المملكة لم تعد موجودة. فقط الملك. لم تعد توجد خدمة مدنية رسمية، غير سياسية محايدة ومهنية ترى كل الجمهور أمام ناظريها وتعمل من أجله، بل حقل آخر للنهب، وترتيب وظائف للمقربين من السلطة الذين سيخدمون أنفسهم فقط.

تذكرون مقولة “لا توجد دولة” بعد تشرين الاول؟ الدهشة من انهيار الأداء؟ الخدمات الاساسية وعدم حتى قبل الافساد التام، هذه نتيجة تجفيف واضعاف القطاع العام خلال سنوات، تقليل الموارد وحملة نزع الشرعية المتعمد ضده. الآن وصلت الضربة القاضية، السيطرة على من سيكون حارس عتبة سلامة التعيين في الوظائف العامة، وجعله مستعبدا حقيرا للسلطة. مأمور الخدمة المدنية هو الشخص الذي لديه صولجان السيطرة على تنياهو للمأمو ن من السلطة بـ كل مجالات الخدمة المدنية. فهو لديه مفاتيح الاقفال التي ستحافظ علينا وتضمن أن الاشخاص الذين سيشغلون المناصب في كل مجالات الخدمة المدنية تكون لديهم المؤهلات والثقافة والمهنية الضرورية والرؤية الوظيفية الحيادية، مستقلة وغير سياسية. الآن نفس حارس العتبة من الدرجة الاولى سينتخب مباشرة من قبل رئيس الحكومة. لا يصعب تخيل الصورة في نظر العائلة المأمور الذي إضافة الى اعطائه الرقم السري للخزنة لكل ثعلب في السلطة، سيكون أحد الذين يعرفون كيف” يدللون ويدللون”.

بیان نتنياهو الذي نشره حول مشروع قرار التعديل لطريقة تعيين المأمور، هو مثال مثير للاعجاب بالجمباز الفني- ميدالية ذهبية مع سلسلة شعبوية. المبررات لم تعد خفية، الشعبوية بصورتها الخام والنقية مثلا استخدام المقابلة المسمومة والمفضلة والفعالة التي تتمثل في خلق عدو في كل نص- “الموظفون المسؤولون – اشخاص، نحن (الشعب) نحب أن نكرههم. ومقابلهم ملائكة، ممثلو الشعب”، أو الاجابة العادية التي يتم سحبها ردا على أي تقصير أو فشل أو عملية غير قانونية للحكومة – بدلا من الغاء الخطوة كما هو مطلوب، لأنه تم اتخاذها بدون تفويض – “غير راضين؟ يجب عليكم تغييرنا في الانتخابات”. ايضا هذا سنفعله، لكن ربما هذه هي الخطوة الوحيدة المتاحة لمواطنى الدولة امام خطوات غير قانونية للحكومة في فترة ولايتها.

لا توجد حصانة لنشاطات غير هدفه ترتيب يخدمون أنفسه قانونية لمنتخبي الجمهور لكونهم منتخبي جمهور. هذا هو التمزيق الفظيع الذي لا يمكن تخيله والذي تقوم به السلطة، في المساواة امام القانون – نظام الامتيازات الذي ترسخه قانون “للشعب” أنا وأنت وأنتِ)، وقانون آخر “للمنتخبين” الذي هم اعلى منه

ومقربيهم.

ايضا طمس الفرق الجوهري بين اجراء انتخاب رؤساء جهاز الامن رئيس الاركان ورئيس الشباك ورئيس الموساد والمفتش العام للشرطة وبين اجراء انتخاب المأمور. بخصوصهم، نظرا لأن الانتخاب يجري بين مجموعة من الجنرالات في الجيش أو رؤساء الاقسام في الشباك أو مفتشين في الشرطة أو نواب رئيس الموساد، فان الطبقة المهنية العليا ومن لديها التجربة الاكبر هذا هو عرض من المرشحين الذين تعتبر الاحترافية والملاءمة للمنصب هي حقيقة معطاة تنبع من مسار تدريبهم المهني وخبرتهم المتراكمة في الجهاز. لذلك فان لجنة اقرار التعيينات تضيق نطاق بحثها وتنظر فقط الى جوانب نقاء الشخصية لأن الافتراض هو أن كل المرشحين للمنصب على مستوى النواب الذين يتم اختيار الوريث منهم عادة يتمتعون بالاحترافية المطلوبة.

هذا خلافا للاشخاص الذين عينوا على مر السنين لمنصب المأمور. هؤلاء جاءوا من كل الاماكن الاكاديميا، الخدمة المدنية وغيرها. على خلفية تدهور احترافية الخدمة العامة من جهة وتأثيره على حياتنا من جهة اخرى، والتسييس الذي تفشى فيها ايضا من جهة ثالثة، وقرار حكومة سابق الذي في اعقابه تقرر بلورة اجراء اختیار مهني وتنافسي اكثر من جهة رابعة، فان من الضروري ضمان اهلية المرشح لمنصب المأمور ومناسبته من ناحية تجربة واضحة في قيادة اصلاحات، وبالاساس كونه ذا عمود فقري يعرف كيف يقف امام محاولات الافساد سياسي وضغوط يومية لتعيين مقربين، هي ضرورة متزايدة.

هذا الامر يجب القيام به من خلال عملية انتخاب تنافسية، بواسطة لجنة عثور على مرشحين جدية ومستقلة، التي تأثير الجهات السياسية فيها تكون محدودة وغير مطلقة والتي ستفحص ايضا الاهلية والمناسبة المهنية وليس فقط طهارة المعايير. هذه هي المصلحة العامة الواضحة التي طرحتها المستشارة القانونية للحكومة في موقفها ضد الافساد والتسييس، ومع المهنية الاعتماد وضرورة وجود خدمة عامة نوعية لكل الجمهور. الآن سيتحطم ايضا السد الذي يحمي التعيينات في الخدمة المدنية، ويمكن أن يحدث إغراقا بتعيينات لمناصب عامة استنادا الى اعتبارات سياسية مرفوضة. مع التصويت الحكومي لتغيير اجراء اختيار المأمور واستبدالها باجراء يضمن وجود فزاعة مذعنة، فسيكون هناك حارس عتبة آخر سقط.

أنا أمل أن يتم تجميع روح الخدمة العامة في حزمة الاشياء الجميلة التي كانت تعمل هنا ذات مرة، وتم تدميرها بسبب التصرفات الفاسدة للحكومة الحالية.

——————————————–

 هآرتس 13/8/2024

القمة في قطر تلوح كفرصة أخيرة للصفقة

بقلم: عاموس هرئيلِ

في الشرق الاوسط تحدث في هذا الاسبوع حرب على الزمن. فالولايات المتحدة اعلنت عن عقد قمة بعد غد في الدوحة في محاولة شبه اخيرة للعودة والدفع قدما بصفقة تبادل بين اسرائيل وحماس. في حماس يهددون بعدم المجيء. في غضون ذلك في ايران وحزب الله ما زالوا يستعدون لعملية رد ضد اسرائيل على عمليات الاغتيال الاخيرة في طهران وفي بيروت. واسرائيل تستعد ايضا لامتصاص الضربة ولعملية رد على الرد ايضا عند الحاجة.

الامريكيون يزيدون قواتهم في الشرق الاوسط على أمل ردع ايران، وهم يؤمنون بشكل معين بأن انعطافة في المحادثات ستجعل عملية الثأر لا حاجة اليها، وتضع المنطقة على مسار اكثر استقرارا. زعماء بريطانيا وفرنسا والمانيا نشروا أمس نداء مشترك لايران وحلفائها للامتناع عن تنفيذ هجمات ستعرض للخطر وقف اطلاق النار في قطاع غزة. من حي الضاحية في بيروت نشر أن حزب الله يقوم باخلاء نشطاء وحواسيب من مكاتبه خوفا من رد اسرائيلي.

وزير الدفاع الامريكي، لويد اوستن، تحدث هاتفيا مع وزير الدفاع غالنت من اجل حتلنته بالخطوات الاخيرة للولايات المتحدة. اوستن أمر بتسريع نقل حاملة الطائرات لنكولن ومجموعة المهمات التابعة لها الى شرق البحر المتوسط. ونقل ايضا الى المنطقة المدمرة النووية جورجيا التي تحمل صواريخ موجهة. هذه الخطوات تعطي اشارات للنظام في طهران بأن هجوم قوي يمكن أن يقربه هو وحزب الله من منطقة الخطر.

القمة المخطط لعقدها في الدوحة يتم عرضها كقمة الفرصة الاخيرة. ممثلو دول الوساطة في المفاوضات وكبار قادة جهاز الامن الاسرائيلي يعتقدون أن تهديد حماس عدم المجيء للمفاوضات هو جزء من المساومة، وأن القمة سيتم عقدها في موعدها. يبدو أن الامريكيين ينوون وضع على الطاولة اقتراح وسط مختلف قليلا في امور صغيرة، ومحاولة املاء على الطرفين الموافقة عليه، على طريقة “خذه أو اتركه”. واذا ووجهوا بالرفض، فربما، مثلما كتب هنا أمس امير تيفون، فانهم للمرة الاولى سيلقون المسؤولية على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. حتى الآن وجهوا اصبع الاتهام عن فشل المفاوضات بالاساس لحماس.

في الاشهر الاخيرة يبدو أن نتنياهو يقوم بصد ضغوط الادارة الامريكية بالاعتماد على الاستطلاعات في الولايات المتحدة، التي في معظمها تنبأت بفوز ساحق لدونالد ترامب في الانتخابات للرئاسة في شهر تشرين الثاني. عشية المؤتمر الديمقراطي اظهرت الاستطلاعات تعزز حقيقي لمكانة نائبة الرئيس كمالا هاريس، مرشحة الحزب للرئاسة. واذا كانت الاستطلاعات موثوقة فان نتنياهو يمكن أن يجد نفسه في مشكلة مع الرئيس المتحرر من قيود التهذيب ومع وريثته، التي لا تخفي رغبتها في انهاء الحرب.

في القطاع اسرائيل تستخدم ضغط عسكري جديد على رئيس حماس يحيى السنوار. العملية البرية الجديدة للفرقة 98 تتركز في خانيونس، حيث هناك لاحقت اسرائيل عبثا السنوار نصف سنة تقريبا. في نفس الوقت يتم تنفيذ هجمات جوية كثيرة ضد قيادات حماس، التي تمت اقامتها في مراكز الايواء، بالاساس في المدارس. أمس اعلنوا في الجيش الاسرائيلي والشباك بأنهم شخصوا 31 قتيل في مهاجمة المدرسة في حي الدرج – التفاح في جنوب مدينة غزة في يوم السبت، كنشطاء في حماس والجهاد الاسلامي أو أنهم ينتمون للاثنين. في جهاز الامن يقولون بأن العدد الحقيقي للقتلى في هذا الهجوم هو 40 شخص وليس 93 كما قالوا في حماس.

التوتر الاقليمي الكبير على خلفية الاغتيالات المنسوبة لاسرائيل، والامريكيون بالتأكيد سيتابعون اسرائيل من اجل رؤية أنها لا تبادر الى مغامرة جديدة قبل لحظة من عقد القمة. أمس اهتم مكتب رئيس الحكومة بنشر توبيخ لوزير الدفاع يوآف غالنت، بسرعة غير معتادة أمام عنف اليمين، وانحرافات اخرى عن السلوك المناسب. غالنت اعتبر كافر بالاساس. في لقاء مع اعضاء لجنة الخارجية والامن تم اقتباسه عندما قال “أنا لا اتأثر من الابطال اصحاب النصر المطلق واقوال الهراء”. مكتب نتنياهو اتهمه بتبني “رواية مناوئة لاسرائيل والمس باحتمالية التوصل الى الصفقة”، كان من الافضل لو أن غالنت هاجم السنوار. وقد جاء في بيان مكتب رئيس الحكومة “يوجد امام اسرائيل خيار واحد فقط وهو تحقيق النصر المطلق. هذا هو توجيه رئيس الحكومة والكابنت الواضح، وهو ملزم للجميع، بما في ذلك غالنت”.

بنك الاهداف

المقابلة مع قائد الفرقة 98 التارك، العميد دان غولدفوس، في “اخبار 12” أول أمس اثارت ردود فعل كثيرة انفعالية. غولدفوس، الذي حارب مع فرقته منذ المذبحة في 7 تشرين الاول والذي ستتم ترقيته في القريب الى رتبة قائد في الجيش، قال امور كانت تعتبر ذات مرة امور مفهومة ضمنا. لا يوجد له أي تعاطف مع العدو الذي قتل واغتصب سكان الغلاف. ولكن مهمة الجيش هي قتله أو أسره. واذا اصبح التنكيل بمعتقلي حماس هدف فان الجيش سيتنازل عما يميزه عن العدو. التمسك بقيم الجيش الاسرائيلي هو الذي سيحافظ على قدرته في المعركة؛ اعادة المخطوفين الى البيت هي الهدف الأول بعد فشل اسرائيل الفظيع في يوم المذبحة.

هذه الاقوال كانت تكفي من اجل الهجوم عليه من قبل مذيعي اليمين وابواقه. غولدفوس سبق واصبح هدف لهم منذ شهر آذار عندما طالب في خطاب بعد انهاء مرحلة في عملية لفرقته في خانيونس السياسيين بأن يكونوا جديرين بالتضحية التي اظهرها المقاتلون. الخطاب وبحق تجاوز خطوط المسموح والممنوع في العلاقة مع المستوى السياسي، ورئيس الاركان هرتسي هليفي قام بتوبيخ قائد الفرقة وعلى الفور ارسله للقتال. الآن، حتى الامور الاساسية، المعقولة والمفهومة ضمنا، التي قالها غولدفوس في مقابلة الانتهاء، كانت تكفي من اجل اثارة حملة ضده.

هو هكذا ينضم الى عدد كبير من الضباط الذين توجه اليهم الانتقادات في قنوات اليمين كل يوم، مع أو بدون صلة باخفاقات الجيش. اضافة الى القيادة العليا في الجيش، التي هي وبحق المسؤولة عن اخفاقات المذبحة، لكن الهجوم عليها يستخدم لحرف الانتقاد لنتنياهو، يتعرض ايضا ضباط آخرون من بينهم النائبة العسكرية الرئيسية، الجنرال يفعات تومر يروشالمي، وقائد المنطقة الوسطى المستقيل يهودا فوكس، الذي بالمناسبة، قضى معظم الفترة الاخيرة منذ استقالته في حملة تعزية لعائلات الشهداء الذين سقطوا تحت قيادته في السنة الاخيرة، التي لم يتمكن من زيارتها اثناء الحرب. ومثل غولدفوس هو تربى في قطاع حريدي ديني (في حالة فوكس كان هذا القطاع حريدي قومي). ولكن في اليمين المتطرف يواصلون تقسيم الضباط الى من هو من جماعتنا ومن ليس من جماعتنا، ويقيسون مستوى تمسكهم بالدين ويعطونهم اشارات وعلامات.

——————————————–

هآرتس 13/8/2024

أساس الثأر قد يحبط تسوية في الحدود الشمالية

بقلم: تسفي برئيل

“لقاء القمة”، الذي يتوقع أن يعقد في يوم الخميس القادم بين ممثلي دول الوساطة، اسرائيل وحماس، من اجل مناقشة وقف اطلاق النار، بدأ يظهر اكثر فأكثر كساعة الصفر التي ستقرر اذا كانت المنطقة مستعدة لحرب شاملة. التخمينات والتقديرات والرهان التي تغطي هذا اللقاء الحاسم، الاكثر مصيرية بالنسبة للمخطوفين، غير مسبوقة.

هل ايران ستنتظر حتى يوم الخميس كي تشغل آلة انتقامها ضد اسرائيل كي لا تظهر كمن تمس بفرصة القمة؟ أو أنها ستبكر وتعمل ضد اسرائيل، لكن “ليس بصورة يمكن أن تضر بوقف اطلاق النار”، حسب البيان الذي نشرته بعثة ايران للامم المتحدة. هل حزب الله سينتظر هو ايضا أو أنه سيبدأ بالهجوم المؤكد حتى قبل عقد القمة كي لا يجد نفسه مقيد بوقف اطلاق النار الذي سيتم التوصل اليه مع حماس. وماذا عن اسرائيل؟ هل وفدها سيأتي الى القمة وهو مزود بموافقة من الحكومة، مبدئية وفعلية، على وقف اطلاق النار؟ في غضون ذلك حماس اعلنت في السابق بأنها لا تنوي ارسال ممثلين لأنها لا تجد أي جدوى في عقد جولة محادثات اخرى، التي ستطرح فيها اقتراحات جديدة أو تعديلات لاقتراحات سابقة، وأنها تصمم على أنه في اللقاء سيتم عرض خطة عمل فيها يتم تفصيل الطريقة التي ينوي من خلالها الطرفين تنفيذ الخطة التي تم الاتفاق عليها في 2 تموز الماضي.

واشنطن من ناحيتها تلقي بكامل ثقلها على قطر من اجل جعل ممثلي حماس يأتون الى القمة. في هذه المرحلة نحن لا نعرف اذا كانت قطر ستنجح في اقناع حماس.  في الاسبوع الماضي نشر أن قطر نفسها فحصت الانسحاب من الوساطة، لكن ازاء الضغط الامريكي وافقت على تأجيل هذا القرار. تهديد قطر بالانسحاب من الوساطة غير جديد. ففي شهر نيسان الماضي اعلن رئيس الحكومة في قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بأن قطر تفحص انسحابها من الوساطة. “توجد حدود لمهمتنا، وحدود لقدرتنا على المشاركة بشكل بناء في هذه المفاوضات”، قال في حينه آل ثاني، واتهم وقال بأن “الاطراف المشاركة في المفاوضات تستغل قطر لاهداف سياسية ضيقة”.

الافتراض السائد الذي هو ايضا يستند على الرهان، يقول بأن الردع الامريكي الذي وجد التعبير في استعراض القوة غير المسبوق الذي تعرضه في الشرق الاوسط، اضافة الى رسائل التهديد من واشنطن الى طهران، يمكن أن تكبح في هذه الاثناء رد ايران. ولكن نحن لا نعرف اذا كان معنى “تكبح” هو تأجيل “الثأر” أو فقط تنفيذه بمستوى محدود، لا يلرزم اسرائيل برد مضاد مؤثر.

من هذا الافتراض يمكن استنتاج ايضا رد حزب الله الذي يستمر في التمسك بالربط بين وقف النار في غزة ووقف النار في لبنان. ولكن الربط المعروض تقريبا كأمر مسلم به، بني قبل فتح حساب الثأر من اسرائيل في اعقاب تصفية فؤاد شكر؛ مثلما أن استراتيجية ايران العلنية التي بحسبها هي تعمل لمنع الحرب الشاملة، تمت صياغتها قبل اغتيال اسماعيل هنية.

حسن نصر الله قام في الواقع باعفاء ايران وسوريا من المشاركة في معركة الثأر التي تعهد بها ضد اسرائيل. ولكنه لا يدير فقط جبهة لبنان أو دولة لبنان. فهو المسؤول عن حماية مصالح ايران في لبنان، ويعتبر المنسق لنشاطات “جبهة الدعم” أو “وحدة الساحات”، التي يشارك فيها وكلاء ايران، وليس فقط في الجانب العسكري. ايضا اذا تبنى حزب الله اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس فان ذلك سيبدأ حملة طويلة للتسوية مع لبنان.

رئيس حكومة لبنان أكد على أن وقف اطلاق النار في قطاع غزة سيحرك العملية السياسية مع لبنان. وصرح أيضا بأنه ينوي الدفع قدما بتطبيق القرار 1701 بشكل كامل. ولكن حزب الله له شروط خاصة به وهو حتى الآن لم يوضح موقفه من هذه المسألة. فهو لا ينوي نزع سلاحه، البند الرئيسي في قرار 1701. ويبدو أنه في هذه الاثناء لا توجد أي جهة في لبنان أو أي جهة دولية تصمم على تنفيذ هذا الطلب. ولكنه ايضا لا يوضح اذا كان ينوي الانسحاب الى ما وراء نهر الليطاني. خطة العمل السياسية التي عمل عليها المبعوث الامريكي عاموس هوخشتاين، ومبعوث الرئيس الفرنسي، جان ايف لادريان، تتحدث، ضمن امور اخرى، عن انسحاب قوات حزب الله الى 8 – 10 كم عن الحدود، وعن قوة تتكون من 15 ألف جندي لبناني مع قوة دولية معززة ترتكز كما يبدو على قوة “اليونفيل”، التي ستسيطر في جنوب لبنان.

هذا مجال يمكن أن يعطي الحماية لمستوطنات الشمال من نيران الدروع المضادة، لكنه بعيد عن توفير الأمن من عشرات آلاف الصواريخ ذات المدى المتوسط والبعيد التي توجد لدى حزب الله. تأهيل قوات الجيش اللبناني لهذه المهمة معقد وسيستغرق وقت. قائد الجيش اللبناني، الجنرال جوزيف عون، الذي التقى مع جهات رفيعة في الادارة الامريكية في شهر حزيران الماضي، أوضح بأنه سيكون بحاجة الى نحو مليون دولار كي يقوم بتجنيد وتسليح وتدريب قوات عسكرية بالحجم المطلوب. من غير الواضح من أين جاء هذا الرقم، لكن في الوضع الحالي، الجنرال عون يقوم بجمع التبرعات ويدفع رواتب جنوده، 100 دولار في الشهر لكل جندي، من اموال المساعدات التي تنقلها اليه قطر والولايات المتحدة. وبدون وجود سيارات مصفحة مناسبة فان الجيش اللبناني يمكنه أن يضع فقط مجسمات من الكرتون على طول الحدود. والمخيب أكثر للآمال هو وضع حوالي العشرة آلاف جندي لليونفيل الذين نشاطاتهم في جنوب لبنان مقيدة من قبل حزب الله والجيش اللبناني نفسه. مثلا، في يوم السبت الماضي ترك الجيش اللبناني دورية مشتركة مع قوة اليونفيل في كفر حمام قرب الحدود مع اسرائيل لأنه حسب ادعاء الجيش الدورية دخلت “منطقة خاصة” خلافا للتفاهمات مع الحكومة اللبنانية، أي مع حزب الله.

رغم صلاحية قوات الامم المتحدة لاجراء اعمال الدورية في كل مكان في جنوب لبنان، حسب القرار 1701، إلا أن الحكومة اللبنانية حددت مناطق يحظر دخول قوة اليونفيل اليها، سواء لأن الامر يتعلق بمنطقة خاصة أو بـ “منشآت عسكرية” يجب الحفاظ على سريتها. اليونفيل تقوم بنشر مقالات مطولة عن التعاون مع السكان في الجنوب وعن المساعدات الصحية السخية التي تقدمها منذ بداية الحرب للمصابين والمرضى؛ لكن هذه الصدامات غير النادرة بين قوة اليونفيل وسكان القرى وقوات حزب الله، التي تمنع بالقوة أي “خرق” للتفاهمات غير الرسمية، تحظى بنشر قليل. في نهاية الشهر يتوقع صدور قرار حول تمديد تفويض قوة اليونفيل لسنة، الامر الذي كما يبدو سيتخذ بدون تغيير، لكن أي تسوية سيتم التوصل اليها بعد وقف اطلاق النار ستحتاج الى تحديد ليس فقط طريقة عمل الجيش اللبناني، بل ايضا الصلاحيات العسكرية التي ستكون للقوة الدولية. كل ذلك مرهون بالطبع بمصادقة حزب الله.

لكن طالما أنه لا يوجد وقف لاطلاق النار في غزة فان الحديث عن تسوية سياسية وعسكرية مع لبنان تبدو في هذه الاثناء مثل سينمار في دورة للدبلوماسية النظرية؛ ومعروض على سكان الشمال الآن ألا يحبسوا الأنفاس. في الواقع الحالي فان “عنصر الثأر” الذي تم بناءه بين اسرائيل وحزب الله وايران هو الذي سيحدد قواعد اللعب. هذا العنصر اصبح جزء لا يتجزأ من معادلة “الرد” التي ما زالت تميز المواجهة بين حزب الله واسرائيل، واصبح مركب استراتيجي جديد يملي سياسة ايران. الاستنتاج البائس هو أن وقف اطلاق النار مع حماس، غير شكله وتحول من شرط اساسي لاستكمال صفقة الرهائن الى مصلحة استراتيجية دولية مستقلة تهدف الى منع اندلاع الحرب الاقليمية. المعنى هو أن اطلاق سراح المخطوفين، الذي هو مأساة انسانية واخلاقية تسببت بها حماس ولكن المسؤولية عن انهائها ملقاة على حكومة اسرائيل، اصبح أداة لعبة سياسية ساخرة، كل طرف يقيس من خلالها “نصره المطلق”.

——————————————–

إسرائيل اليوم 13/8/2024

الولايات المتحدة يمكنها أن ترجح الكفة في صالحنا

بقلم: غيرشون هكوهن

منذ أسبوعين ودولة إسرائيل بانتظار لضربات الثأر من ايران وحزب الله. الجيش وجهاز الامن مستعدان بتأهب كامل، بكل وسيلة مناسبة للاستعداد لسيناريو متنوع وابداعي اكثر من ذاك الذي استخدم في ليل 14 نيسان.

كثيرون خائبو الامل من ان دولة إسرائيل لم تتخذ مبادرة هجوم استباقي مانع، لكن طريقة الاستعداد العسكري لحماس وحزب الله لا تمنح إسرائيل نقاط تركيز محددة الهجوم عليها ينزع من ايران وحزب الله إمكانية الضربة ضد إسرائيل.

وفي هذه الاثناء، امام الانتظار الإسرائيلي، اختارت ايران وحزب الله الانتظار للحظة المناسبة. وما يلزم على نحو خاص ايران وحزب الله الاستيضاح المسؤول لخطواتهم هو التواجد العسكري الأمريكي المنتشر في المنطقة. لقد كان الإيرانيون يفضلون بالطبع ان يروا إسرائيل معزولة في هذه الساعة بلا دعم امريكي. غير ان العملية الجراحية الإسرائيلية في بيروت، وتلك المنسوبة لإسرائيل في طهران أيضا قبل أسبوعين، منحتا إسرائيل اسنادا ودعما أمريكيا معلنا. في حرب لبنان الثانية في 2006 تركزت الحرب في ساحة واحدة. اما الان فتنطوي الحرب على إمكانية توحيد الساحات، في سوريا، وفي حوض اليرموك على حدود الأردن أيضا.

في ضوء منظومة التهديدات هذه من كل جوانب إسرائيل، توقعوا في ايران ان تتدهور إسرائيل الى عزلة سياسية وعسكرية وان تملها حتى الإدارة الامريكية. في هذه الاثناء حل العكس. التنسيق المشترك مع القيادة المركزية الامريكية، الى جانب بث القوة المتمثل بالسفن، الغواصات وحاملات الطائرات يغير خريطة موازين القوى في المنطقة وتقويم الوضع الإيراني.

هذه بالتأكيد المرة الأولى التي ترتبط فيها إسرائيل في زمن الحرب بتنسيق عملياتي مع منظمات القيادة والتحكم الامريكية وكذا التنسيق بين القوات. يمكن محاولة الاعتماد على أيام الماضي التي كان يمكن فيها لإسرائيل أن تنتصر وحدها وان تهزم جيوش العدو مثلما كان في 1948 وفي كل باقي الحروب.  ما تغير هو ليس ضعف إسرائيل بل مدى الترابط المتداخل للاعداء حول عمل متعدد الساحات موجه من ايران.

يمكن للجيش الإسرائيلي ان يوقع في ايران ضررا كبيرا، ومع ذلك، مع كل قوته لا يزال بعيدا عن تحقيق الحسم. في مثل هذا الوضع من التعادل في الضربات التي تحدث دمارا متبادلا، فان الجيش الأمريكي وحده يمكنه أن يرجح كفة الميزان في صالح إسرائيل. في هذه الظروف فان الانتظار الإسرائيلي، بكونه منسق مع الولايات المتحدة، ليس تعبيرا عن الضعف.

في هذا الجانب، نتنياهو، الذي يقود مع المستوى العسكري الأمني لتنسيق إسرائيلي – امريكي، يعمل على نحو صحيح. ومع ذلك، ينبغي ان تصدح هنا ملاحظة تحذير. في كل ما يتعلق بمستقبل إسرائيل، محظور عليها ان تنجر لاستجابة غير ملجومة لتنفيذ تطلعات الإدارة الامريكية. وكأنه مقابل الدعم والمساعدة بوقوفها الى جانب إسرائيل في ساعتها الصعبة فان دولة إسرائيل ملزمة ظاهرا بان تسلم مع الميل الأمريكي لبناء دولة فلسطينية على مقربة من خطوط 1967 عاصمتها القدس. ان مستقبل إسرائيل في هذه المسألة أيضا يقف امام اختبارات قاسية ستكون فيها القيادة الإسرائيلية مطالبة بان تقف صامدة عند شروطها في حدود قابلة للدفاع وعند حقوق شعب إسرائيل في بلاده.

——————————————–

هآرتس 13/8/2024  

غالنت يعرض استخفافا مطلقا ويستفز نتنياهو علنا

بقلم: يوسي فيرتر

في لعبة التخمين التي تصيب الدولة بالهستيريا، من الذي سيهاجم أولا ايران أم حزب الله، فان الاجابة جاءت بالذات من وزارة الدفاع، أي من غالنت ونتنياهو. ليس مباشرة في الواقع، لكن من خلال التلميحات اللاذعة والثقيلة التي تم توجيهها لرئيس الحكومة على طول كل القطاع: تسريبات سياسية، اقتراح الهجوم الذي تم احباطه في 11 تشرين الاول الماضي، صفقة التبادل، وأخيرا حتى الآن مسألة “النصر المطلق” التي تنطوي على الواقع البيبي: اقوال الهراء.

اللدغة المسمومة التي وجهها وزير الدفاع لرئيس الحكومة جعلت اعضاء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست يتساءلون حول من الذي يريد أن يقصفه في البداية: الاعداء أم الشخص الذي يكرهه في المبنى المجاور. غالنت لم يحاول أبدا اخفاء الاهانة المطلقة لنتنياهو، رغم أنه في بداية الاسبوع كان هناك من لاحظوا علامة هدنة بينهما. فمكتب رئيس الحكومة اعلن بأن رئيس الحكومة لا ينشغل باقالة وزير الدفاع. والوزير اعلن بأنه يؤيد مبادرة رئيس الحكومة الى أن يعين بنفسه مأمور الخدمة المدنية. يبدو أن فصل جديد فتح، والآن يتضح أنه لا يوجد أي شيء حقيقي في الشائعة.

تصريحات غالنت في منتدى علني مثل لجنة الخارجية والامن كانت شديدة، ولكنها رمزية. تصريحات وزير الدفاع لم تستدع أي رد. اضافة الى ذلك فان الرد غير المتناسب يثير الهستيريا. فمكتب رئيس الحكومة اتهم غالنت بأنه يتبنى خط “مناويء لاسرائيل”، وبالتسامح والاستخذاء مع السنوار، والتنازل عن الرغبة في هزيمة حماس، أي الخيانة.

الحديث يدور عن صفة من صفات الديكتاتور. كل من لا يتساوق مع شعاراته فهو متآمر، يكره الدولة، وهو هدف للتشهير والتحريض (في بيبيستان) والاغتيال (في روسيا مثلا). امام التحديات الكثيرة التي يواجهها كان يتوقع من نتنياهو ضبط النفس والتجاهل أو اصدار بيان اكثر عقلانية. في نهاية المطاف هو رئيس الحكومة، لكنه لا يستطيع ضبط النفس.

غالنت قام بتحدي نتنياهو علنا. فقد قال له “هيا نراك وأنت تقيلنا”. نتنياهو لا يستطيع، هو يستطيع بالتأكيد في الوقت الحالي. فهو يخشى اكثر من غضب الشارع رد الامريكيين الذين يعتبرون غالنت الشريك الوحيد لهم في القيادة السياسية في اسرائيل. نتنياهو يحاول دفعه الى الاستقالة بألف وسيلة، لكن بدون نجاح. غالنت يتمسك بالمكتب في الطابق الـ 14، وقد اعتاد على القول لمقربيه “أنا لن افعل أي شيء آخر أهم في حياتي” (أي أن يكون وزير دفاع في فترة حرب). بالنسبة لبيبي ولمستشاريه ووزراء واعضاء كنيست يشكلون بصعوبة ضجة في الخلفية. هو يحتقرهم.  في تصريحه امام اعضاء اللجنة اسمع غالنت تصريح آخر مهم وهو أن “الصفقة (انقاذ المخطوفين) ستمكن من انهاء القتال في الشمال”. واذا قمنا بتفسير اقواله كما هي فان غالنت مثل الامريكيين وجهاز الامن يسعى الى مخرج من الحرب. هو يعتقد أنه ستكون دائما امكانية لاستئناف القتال، لكن على الاقل بعد اعادة المخطوفين الى البيت.

حتى كتابة هذه السطور فان هجوم الرد لحزب الله وايران لم يأت بعد، لكن الخوف الوطني وصل الى رقم قياسي جديد في 9 آب العبري، ومعه جولة اخرى من الشائعات التي تغرق الشبكات الاجتماعية. الشجار الذي تم استئنافه في القيادة العليا عشية ما يمكن أن يتطور الى حرب اقليمية، يثبت مرة اخرى الى أي درجة لا يهم نتنياهو أن يزيد قوة اللهب في أي وقت، دون أي اعتبار لمصلحة الدولة الموجودة في حالة حرب.

الاهانة المستمرة لوزير الدفاع تؤثر ليس فقط في الداخل، بل في الخارج ايضا. فهي جزء من العوامل في “الردع” المتآكل والآخذ في التآكل، وهي جزء من شبكة علاقاتنا مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة. نحن نعيش في فقاعة حامض منفصلة بفضل الشرخ الداخلي، الانقلاب الهاديء ووسائل الاعلام التي لا تريد أن تتحدى شعب موجود في حالة تحدي اصلا. نحن لا نرى حقيقة أن ايران وحزب الله غير خائفين من مهاجمتنا.

العالم يتوسل لطهران؛ يضغط ولكنه لا يهدد. من ناحية ايران فان اسرائيل قد “بالغت” في الهياج، وهي تستحق وبحق الرد الذي يخططونه لها. معظم الاسرائيليين يميلون الى الاستخفاف بهذا التفسير: هل ايران ستقدم لنا المواعظ في حربنا المبررة، اليهودية المكابية؟. ولكن بالنسبة لكثيرين في الغرب فان اسرائيل بالتأكيد تجاوزت العتبة، سواء استخدام القوة أو المس بالمدنيين أو مواصلة الحرب التي لا تبدو نهاية لها. عندما رئيس الحكومة ووزير الدفاع يعرضان جبهة ضعيفة جدا أمام العالم، الذي منذ بداية الانقلاب النظامي يراقب التخريب في الدولة التي قامت حكومتها لتدميرها، فانه ليس من الغريب أن تكون هذه هي حالتنا.

——————————————–

يديعوت احرونوت 13/8/2024

انظروا فقد حذرناكم

بقلم: سيفر بلوتسكر

مفاجأة: في بعض استطلاعات الانتخابات الأخيرة سجل تعزيز كبير في التأييد لنتنياهو كرئيس الوزراء والليكود كحزب.

الحقيقة هي انه يكفي النظر حولنا كي نحل لغز الانعطافة. أيام الاحتجاج الجماهيري ضد الحكومة انقضت. وحتى مهرجانات التضامن مع عائلات المخطوفين تقلصت الى حفنة. القلب يتألم، والضمير يصرخ، لكن هذه هي الحقائق: ما يهز الاستقرار المدني في ذروة الصيف ليس عدد القتلى والجرحى في غزة لنا ولنا، لا التهديد بنشوب انتفاضة ولا حتى الاقوال المفزعة لسموتريتش، بن غفير ومؤيديهم بل الصعوبة في الحصول على بطاقة سفر آمن من والى الخارج. اذا ما التزمت الدولة بان تبعث الى أوروبا بطائرات نقل مع وحدات مختارة لتحرير المتنزهين المحبوسين في المطارات هناك، فكل شيء سيكون على ما يرام.

كلما خبا القتال في الجنوب فان القتال في الشمال لا ينتشر الى باقي البلاد واعمال التصفية الناجحة تكثر، هكذا يكون المصوت الذي سبق ان شق طريقه الى خارج الليكود يفكر بالعودة الى البيت السياسي. إذ ما هو البديل بالنسبة له؟ قائمة اليمين – الوسط القومية – الليبرالية برئاسة بينيت، ليبرمان، يوسي كوهن او شخصية أخرى لم تقم. النزعة الشخصية تغلبت على المصلحة الصهيونية. في هذه الاثناء، ذات حزب بيني غانتس في حرب تموز – آب. صحيح ان قادة المعسكر الرسمي يبثون نزعة رسمية قومية، لكنهم لا يبثون كفاحية سياسية. نقد غانتس وآيزنكوت على الحكومة مبسط. الادعاء في ان “ليس لنتنياهو استراتيجية للسنوات القادمة” مناسب للمحللين، وليس لسياسيين متعطشين للحكم.

يوجد مستقبل يتصرف كحزب تخلى، في هذه المرحلة عن رئاسة الحكومة التي ستقوم، ويركز على نشاط في الكنيست وفي ساحات علنية أخرى. هذا فعل هام لكنه لا يعتبر مصيريا لوضعنا ولا يجتذب الأصوات.

بخلاف حزبي المعارضة الكبيرين (لا تزال) إسرائيل بيتنا يضع نفسه في الجانب الصقري من الخريطة الحزبية، فقط بدون مسيحانية سموتريتش وتنطحات بن غفير. في صالح ليبرمان يقال ان لديه جوابا عسكريا واسعا لمسألة ماذا كان سيفعل بشكل مختلف في المرحلة الحالية من الحرب، غير الشعار الدائم للأحزاب الأخرى، “كنا سنوافق على صفقة مخطوفين”. غير أن إسرائيل بيتنا يلامس السقف الزجاجي السياسي له.

ان الجاذبية المتقلصة للمعارضة من اليمين – الوسط تلتقي الجمهور الذي يسلم بواقع احتلال غزة، استنزاف متواصل في الشمال وتصفيات مركزة في مسافات بعيدة. هذا التسليم يخدم نتنياهو وحزبه. ينبغي ان نقول ان ثمن الحرب وتداعياتها لا يزال ادنى من المتوقع. بورصة تل ابيب ارتفعت بشكل لا بأس به، الشيكل تذبذب لكن قليلا حول 3.65 للدولار، البطالة لم ترتفع، الاجر الحقيقي لم يتآكل، ارصدة العملة الصعبة ازدادت وفرار رأس المال لم يتحقق. بيبي “لم ينكسر”: خطب في الكونغرس، تنازل عن رؤساء ورؤساء وزراء (وقادة الجيش الإسرائيلي)، ظهر على غلافات مجلات دولية، ولم يأخذ حتى ميلغرام من المسؤولية عن قصورات 7 أكتوبر. لا يهم بماذا تنعته، فان بقاءه كرائد الدولة هو ما يهم.

السؤال ما الذي يحرك تعزيز قوة الليكود ونتنياهو وكيف يمكن منعه لا يظهر في جدول اعمال الجناح المناهض لبيبي في الرأي العام. ويجب أن يظهر. عندما يشعر نتنياهو بانه يركب موجة شعبية متصاعدة، فانه لن يتردد في أن يحل الكنيست على عجل ويعلن عن انتخابات ويندفع نحو تحقيق حكمه لاربع سنوات كاملة أخرى. انظروا فقد حذرناكم.

——————————————–

هآرتس 13/8/2024

على مجلة “التايم” ايضا نتنياهو كذب مرة تلو الاخرى

بقلم: نحاميا شترسلر

لا تفكروا بأن الامر لا يهمه. فحقيقة أنه في المقابلة مع مجلة “التايم” في الاسبوع قال تحت ضغط مجري المقابلة معه بأنه: “آسف بشكل عميق لأن هذا الأمر (المذبحة) حدث”. أنا تأثرت جدا. هو يتأسف وكأنه شخص من الامم المتحدة ليست له أي صلة بالحدث.

بعد ذلك سئل اذا كان يتحمل المسؤولية عن المذبحة. هو أجاب “هذا ليس الوقت المناسب لذلك”. ما علاقته بذلك؟ هو كان فقط رئيس الحكومة عندما حدث ذلك. من ناحيته هو نقي كالثلج، والمذنبون هم الجيش والشباك والمتظاهرون و”اخوة في السلاح” واليسار.

وقد سئل في المقابلة اذا كان الانقلاب النظامي في العام 2023 اضعف قوة الردع لاسرائيل، الأمر الذي أدى الى الهجوم. وكذب بدون أن يرف له جفن بأن ما أثر على حماس هو “الرفض”. الحقيقة بالطبع معاكسة. فالانقلاب هو الذي أدى الى الشرخ في الشعب واضعافنا في نظر حماس. المظاهرات ضد الانقلاب النظامي انقذت الديمقراطية، لذلك فهي قوتنا. لم يكن هناك “رفض” على الاطلاق. كان هناك فقط تهديد بعدم الامتثال لخدمة الاحتياط لمتطوعين غير ملزمين. على أي حال، في 7 تشرين الاول الجميع استجابوا وامتثلوا للخدمة.

الانقلاب النظامي الذي اضر بالديمقراطية أدى الى شرخ آخر، بين نتنياهو والرئيس الامريكي جو بايدن، الامر الذي اعتبره يحيى السنوار اضعاف آخر لاسرائيل في اعقاب اعتمادها على الولايات المتحدة. الضرر كان كبير جدا، الى درجة أنه في آذار 2023 طلب وزير الدفاع يوآف غالنت وقف الانقلاب النظامي بسبب “الخطر الواضح والفوري” على أمن الدولة. وردا على ذلك قام نتنياهو باقالته. وفقط المظاهرات الكبيرة هي التي أعادته الى المنصب.

ايضا الكهاني ايتمار بن غفير كان أحد العوامل في قرار السنوار تنفيذ الهجوم، الذي اطلق على الهجوم “طوفان الاقصى”، ردا على مشعل الحرائق الذي قام بزيارة الحرم عدة مرات في 2023 وقال إن اسرائيل يجب عليها السيطرة على الحرم. وقد كان هناك سبب آخر لموعد الهجوم. فعشية 7 تشرين الاول تفاخر نتنياهو بأنه نجح في تحييد القضية الفلسطينية وشطبها من جدول الاعمال الدولي، والدليل على ذلك هو التوقيع على اتفاق التطبيع مع السعودية، بدون مشاركة الفلسطينيين، الامر الذي اوضح ليحيى السنوار بأنه يجب عليه العمل بسرعة.

في المقابلة عندما سئل نتنياهو ايضا لماذا قال إن “حماس مرتدعة” وأنه لا يوجد خطر في أن تهاجم، سارع الى القاء التهمة على قوات الامن وقال إن هذا ما قالوه هم، في حين أنه بالاجمال “أنا لم أقم بالاحتجاج بما فيه الكفاية على هذه الفرضية التي شاركت فيها كل اجهزة الامن”، ايضا هذا كذب صارخ. فبيبي هو الذي اخترع النظرية التي لا اساس لها، وهي أن “حماس مرتدعة”، واجهزة الامن تبنت رأي “السيد أمن” في اعقاب هيمنته. وقد فاتهم أنه لم يكن كذلك. بيبي آمن ايضا بأن حماس قوية ستضعف السلطة الفلسطينية، وهكذا تمنع اجراءات المفاوضات معها. لذلك، يجب مساعدة حماس. هذا قمة الغباء.

في المقابلة في “التايم” قال ايضا بأن الاموار القطرية التي اهتم بتحويلها لحماس تم تحويلها “لاهداف انسانية”. هذا مضحك، لأنه لا يوجد لون للاموال، وفي اللحظة التي وصلت فيها الى يد حماس فقد استخدمتها لشراء السلاح الذي وجه ضدنا. بكلمات اخرى، بيبي قام بتمويل القتلة. في 2018، خلافا لرأي الشباك والجيش، قرر تحويل الاموال للقطاع بحقائب نقدية، الامر الذي سهل اكثر على حماس استخدامها لتعزيز قوتها العسكرية. اضافة الى ذلك نتنياهو رفض المصادقة على عملية لتصفية السنوار، وبادر الى اغلاق وحدة “تسلتسيل” التي عملت على تجفيف مصادر تمويل حماس، وحتى أنه قام بزيادة عدد تصاريح دخول العمال من غزة. كل ذلك يحتاج لجنة تحقيق رسمية.

في آذار 2019 قال بشكل صريح في مؤتمر حزب الليكود “من لا يريد الدولة الفلسطينية يجب عليه تقوية حماس”. في الحقيقة، الرجل الاكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي قام بتقوية المنظمة النازية، غير الانسانية، التي ذبحت واغتصبت ومزقت وأحرقت اعزاءنا. من المدهش ومن المثير للغضب أنه ما زال في الحكم.

——————————————–

 يديعوت احرونوت 13/8/2024

التشكك، الفجوات، ونافذة الفرص..

بقلم: يوسي يهوشع

لا يشك أحد في ان خطوات ايران وحزب الله ستؤثر على الاتصالات لوقف النار في غزة – لكن الى أن يحصل هذا، في جهاز الامن يواصلون الدفع نحو الاتفاق حتى لو لم يعد هذا كل المخطوفين دفعة واحدة. ويقول مصدر امني مطلع على التفاصيل وهو غير سياسي: “واضح أننا كنا نريد تحرير كل المخطوفين، وبخاصة الاحياء دفعة واحدة. لكن يجب التقدم بالصفقة في الفترة الزمنية الحالية كي ننقذ اكبر عدد ممكن”.

“سنعيد الجميع، سننتظم ونعود الى القتال. وقف النار ليس نهاية الحرب”، يقول المصدر. وفي رد على سؤال هل الصفقة جيدة يجيب المسؤول: “لا. كنت أود أن احرر مخطوفين احياء اكثر بكير. لكن هل الصفقة صحيحة الان؟ نعم”.

وتعتقد محافل الامن ان السنوار معني باحتمالية عالية باتفاق في المرحلة الحالية، إذ ان تصفية ضيف ومسؤولين آخرين شكل رافعة ضغط ناجعة وفهم بانه هو التالي في الطابور.

غير أن الخلاف حاليا ليس فقط بين إسرائيل وحماس بل وفي داخل إسرائيل، حيث سجل أمس تصعيد آخر في العلاقات بين نتنياهو وغالنت اللذين يتطلع الجمهور اليهما بترقب. والى ذلك يمارس الوسطاء الضغط على الطرفين بشأن الخلافات المتعلقة بمحور فيلادلفيا ومعبر رفح. ففتح معبر رفح هام للقاهرة وفي النهاية يتعين على المستوى السياسي ان يساوم إذ لن تكون شرعية لرفض الصفقة فقط لان جهة فلسطينية اخرى ستكون في معبر رفح بدلا من حماس. فجوة أخرى في المفاوضات تتعلق بعودة سكان غزة الى شمال القطاع. يقلق جهاز الامن من عودة المسلحين مع السكان بينما المستوى السياسي يقلقه جانب الوعي في الخطوة. إذ كيف يعود الغزيون الى بيوتهم بينما سكان الغلاف لا يعودون.

رد يصمم الواقع

ماذا سيحصل من اللحظة التي ينطلق فيها رد ايران وحزب الله على الدرب سيصمم ما ستؤول اليه الحرب.

حسب مصادر امنية، فقد قرر نصرالله الرد على مقتل شكر وقواته على الجدار وقدرتهم على الحاق الضرر كبيرة. لكن هذا لا يعني انه سيسارع الى جر لبنان الى حرب. فالسكان هناك لا يريدون حربا. اما في جهاز الامن فيدعون انه حتى لو بقي المواطنون الإسرائيليون في الملاجيء لزمن طويل فهذا ثمن يمكن دفعه مقابل تغيير الواقع على الحدود الشمالية. فالضابط الكبير الذي تحدثنا معه يقول انه “اذا ما ارتكب نصرالله خطأ ورد بشكل غير متوازن، فستكون هذه فرصة للخروج الى هجوم إسرائيلي يؤدي الى واقع جديد على الحدود الشمالية. فتصميم الواقع من جديد مع هجوم إسرائيلي سيعيد السكان الى بيوتهم في الشمال في ظروف جيدة بعد ضربة شديدة توقعها إسرائيل على لبنان”.

وفي الجبهة الإيرانية أيضا القلق ليس في اتجاه واحد. “ايران تفهم – هذه المرة بخلاف الرد في نيسان باننا سنرد بشكل مختلف اذا ما تعرضنا للاعتداء كما يقول الضابط الكبير. “ولهذا ففي طهران يحسبون الامر جيدا. فقد رأوا ما فعلنا في اليمن ويفهمون أي ضرر يمكننا أن نوقعه على اقتصادهم”.

الرغبة الإيرانية في الثأر لا تزال على حالها، لكن الخوف من حرب شاملة لا يضعف أيضا. فالفشل العملياتي في نيسان يضعف شهيتهم: رغم أنه انكسرت في حينه المعادلة بين الدولتين، لا يريدون الإيرانيون ان يظهروا مرة أخرى كمن هم غير قادرين على توجيه ضربة لإسرائيل.

——————————————–

يديعوت احرونوت 13/8/2024

لا حلا عسكريا لوضعنا

بقلم: أمنون ليفي

لا حلا عسكريا لوضعنا. هكذا ببساطة يجب أن نقول هذا. لعله من الأفضل ان نصرخ به، الان، قبل ان يأتي الرد الإيراني على قتل هنية الذي بذاته كان ردا على مذبحة الأطفال في مجدل شمس التي بذاتها كانت ردا على تصفية مسؤول حزب الله الكبير التي بذاتها كانت ردا على الدمار والموت الذي يزرعه حزب الله في الشمال الذي بذاته كان ردا لم اعد أتذكر على ماذا.

من يمكنه ان يتذكر كل سلسلة الردود والردود المضادة في الحرب العبثية التي لا تنتهي هذه. عشرة اشهر من الموت والخوف والثكل التي ليس فقط لا نرى لها نهاية بل وأيضا لا نفهم على ماذا يقتل كل يوم افضل أبنائنا، على ماذا لا تنام الأهالي في الليل خوفا من ان يدق الباب، وعلى ماذا سيتربى اليتامى دون ان يعرفوا اباءهم. بالمقابل، فقدنا الفهم على ماذا ولماذا نحن نواصل زرع الموت والدمار في شوارع الناس الذين سنضطر ذات مرة لان نعيش معهم بجيرة. وصلوا الى مرحلة في هذه الحرب نسير فيها في متاهة اسطورية من الضياع، متاهة رعب عظيم ليس واضحا لاي منا كيف نخرج منها بسلام.

لا حلا عسكريا للوضع الرهيب الذي علقنا فيه. الطريق الوحيد الذي يمكننا ان نعيشه في الشرق الأوسط هو الانخراط فيه. الفكرة في أننا سنتمكن من العيش الى الابد على حرابنا سخيفة وغبية معا. رأينا كيف انهارت كل أجهزة الامن في 7 أكتوبر. ورجاء لا تقلصوا هذا القصور في أن أحدا ما لم ينهض في الصباح او ان واحدة ما لم يصدقوا تقاريرها او ذاك الذي كان يستجم في ايلات في تلك الليلة. هذا اعمق بكثير. لا يمكن العيش على الحراب الى الابد. بلا سلام، دولة إسرائيل لن توجد في هذه المنطقة محوطة بالاعداء.

اسمعهم منذ الان ينادون من الاعالي، “مع من نصنع السلام؟ مع النخب؟ مع القتلة والمغتصبين اللعينين الذين ذبحوا أطفالا، شيوخا، نساء ورجال؟” الإحساس بالمرارة في مكانه. فهؤلاء حقا أناس عديمو الطابع الإنساني، لا يمكن الحديث معهم. من جهة أخرى، في هذا سذاجة وعمى. قيادة إسرائيل، واولا وقبل الاخرين بيبي نتنياهو نفسه، فعلت كل شيء كي تنمي الإرهاب الحماسي. فقد حولت ملايين الدولارات لمنظمة الإرهاب إذ ارادت ان تنمي المتطرفين من بين الفلسطينيين وتضعف المعتدلين. وحسب هذا الفهم المشوه، فان السنوار افضل من أبو مازن لانه مع أبو مازن لا سمح الله يمكن ان نصر الى سلام، بينما السنوار هو قاتل يمكن دوما الاعتماد عليه في الا يضع سلاحه.

عندما سيكتبون ذات مرة في كتب التاريخ عن كارثة 7 أكتوبر، سيصعب على القراء ان يصدقوا بان إسرائيل اليمينية، الصقرية وفائقة الوطنية في نظر نفسها أنمت بكلتي يديها هذا الإرهاب الاجرامي فقط كي لا تضطر لان تساوم. فكروا متى سمعتم آخر مرة تقريرا على لقاء لوزير إسرائيلي كبير مع أبو مازن؟ مكالمة هاتفيه معه؟ شيء ما؟

وهكذا صممنا بكلتي يدينا الجحيم الذي نعيش فيه الان. السلطة الفلسطينية فككناها، فيما جعلنا حماس وحدة مختارة، فخر الشعب الفلسطيني. وفي صورة مرآة عندنا، بن غفير وسموتريتش، الى جانب ضباط اليمين الذين يديرون سياسة هذه الحكومة، يجرونا الى الهوة في رقصة تانغو مخيفة مع أناس حماس، رقصة الموت.

لن يكون بسيطا إقامة قناة حوار متجددة مع الفلسطينيين. فالدمار الذي زرعناه في غزة يخلق هناك ندبة قاسية وأليمة مثلما خلقته لنا مذبحة 7 أكتوبر. عشرات الاف القتلى وبينهم مدنيون كثيرون. هم صدمة لا تنسى. لكن لهم أيضا لا يوجد بديل غير التغلب، بالضبط مثلما لا يوجد لنا. عشرة اشهر من اللظى تكفينا جميعا. الان هو زمن المعتدلين لان يسمعوا صوتهم. الان هو الزمن للصراخ، لا حلا عسكريا لوضعنا.

——————————————–

هآرتس 13/8/2024

قصدن نابلس فضللن الطريق ووقعن فريسة للمستوطنين: صوبوا أسلحتهم على الرضيعة

بقلم: أسرة التحرير

في بلاد الأعشاب الضارة في الضفة الغربية يعيش اليهود فوق القانون، أما دم العرب فهو مباح. أربع نساء بدويات، مواطنات إسرائيليات من سكان رهط ورضيعة ابنة سنتين، دخلن مساء الجمعة إلى بؤرة “جفعات رونين” الاستيطانية. كان خطأ التوجيه كلفهن محاولة فتك. فقد هربن، وتم إحراق سيارتهن، بل وجرى تصويب السلاح إلى رأس الرضيعة من قبل سكان البؤرة.

نحن ملزمون بتوجيه النظر مباشرة إلى العنف القومجي الخطير من مصنع التفوق اليهودي. “أردنا السفر في اتجاه نابلس مستعينين بتطبيق (الويز) فضللنا”، روت إحداهن. “دخلنا بالخطأ إلى مكان ما، وعندها بدأ أناس يركضون نحو السيارة ويرشقون الحجارة من التلة. بعد أن حطموا كل النوافذ، رشونا بالغاز المسيل للدموع. ما رشقوه لم تكن حجارة، بل صخور. كانوا كلهم مسلحين وكانوا كثراً. قالوا لنا انزلوا من السيارة. قلنا لهم نحن مواطنات إسرائيليات لم نفعل شيئاً، شوشنا تطبيق (الويز) – لكنهم حتى لم يسمعونا”.

خرجن من السيارة وفررن بالنجاة بأرواحهن. فأحرق المستوطنون السيارة. اتصلن بالشرطة، لكنها تلبثت، الجيش أنقذهن. نقلن إلى مستشفى “بيلنسون” وسرحن، فيما كانت اثنتان منهن تعانيان من كسور في الضلوع والكتف.

اعتقل جهازا “الشاباك” والشرطة أمس مشبوهين اثنين بالاعتداء. نأمل بأن هذه المرة – كون المعتدى عليهن إسرائيليات- سيستنفد القانون مع مجرمين [مستوطنين] يسكنون “المناطق” [الضفة الغربية]، لكن علينا ألا نتوهم بأن يكون في ذلك ما يحل مشكلة العنف في “المناطق”. ففي الكنيست من يتطوع ليبرر لهم فعلتهم. فالنائبة ليمور سون هار ميلخ، بررت العنف بدعوى أن المستوطنين تخوفوا من أن يكون هذا “حدث تجسس، جمع معلومات”. هذه هي المشرعية المجرمة ذاتها التي تظاهرت قبل أسبوعين إلى جانب أناس اليمين المتطرف الذين اقتحموا “سديه تيمان”، وهاجمت النائبة العسكرية العامة وهددتها.

“العنف تقويض لأساسات الديمقراطية، وينبغي شجبه ونبذه وعزله”، قال رئيس الوزراء إسحق رابين قبل وقت قصير من قتلهم إياه لاعتبارات سياسية. محظور تجاهل رياح الفتك والاعتداءات الجماعية. محظور السماح لآلية التنكر أن تصنف هذه الحالة أيضاً كحدث استثنائي لا يمثل القاعدة. فهذه ليست مجرد “حفنة”، هؤلاء ليسوا “أعشاباً ضارة” وهذا ليس فتكاً ما يفلت من المستوطنين بين الحين والآخر. يكفي كذباً.

بغياب حكم معني بمعالجة المرض، فعلى سلطات إنفاذ القانون والمحاكم أن تتعاطى مع عنف المستوطنين بكامل الشدة. بالتوازي، الجمهور الإسرائيلي ملزم بخروجه من سباته الأخلاقي الذي يغرق فيه في كل ما يتعلق بسياقات بربرية القومجية اليهودية، التي اجتازت بعيد الخط الأخضر منذ زمن.

——————انتهت النشرة——————