الصحافة العبرية.. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 11/9/2024

هل ستدخل إسرائيل في مواجهة مع أميركا؟

بقلم: آفي برئيلي

برزت خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة، طوال مدة حرب “السيوف الحديدية”، على الرغم من تحالفهما، ومن المتوقع أن تزداد الخلافات حدة. وهذه من سمات التحالفات التي تجتمع فيها المصالح والقيم، لكنها لا تكون متطابقة.

تنجم الخلافات عن نظرة الحزب الديمقراطي الأميركي إلى مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. فالحزب يسعى لإشراك إيران، الدولة الإقليمية الكبرى، في إعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط، وفي مقابل ذلك، تعويضها، وقبولها كدولة على عتبة النووي. وهذا لا يعدو كونه أملاً كاذباً وخطِراً، ولا علاقة له بالطابع الإمبراطوري الديني العدواني للتوسع الإيراني. والرغبة في المحافظة على هذا الأمر تدفع إدارة بايدن إلى لجم هجوم إسرائيل على “حزب الله”، وعلى وكلاء آخرين لإيران في لبنان وسورية.

إذا كانت استراتيجية الولايات المتحدة الجمع بين إسرائيل والسعودية ودول حليفة أُخرى من أجل إنشاء ائتلاف مضاد لإيران، فلمَ تكبح هجوماً إسرائيلياً، في ظل الهجمات المستمرة لـ”حزب الله”، بحماية إيران؟ فمثل هذا الهجوم يمكن أن يُضعف إيران بصورة دراماتيكية، وأن يثبت قوة الائتلاف المعادي لإيران فعلياً، وليس شفهياً. وإذا كنا نعرف تاريخنا في السنوات الأخيرة، فيجب ألّا تفاجئنا تطورات من هذا النوع.

على الرغم من الفوارق الجوهرية في الزمن خلال المئة عام الدراماتيكية، فإنه من المفيد تتبُّع الأنماط التي تكررت في النزاعات التي نشأت بين القادة الصهيونيين في “الييشوف” اليهودي (التجمُّع الاستيطاني اليهودي في فلسطين الانتدابية قبل سنة 1948) وبين دولة عالمية عظمى. لقد اضطر حاييم وايزمان، ولاحقاً ديفيد بن غوريون، في نهاية الأحداث الدامية مع العرب في سنة 1929، إلى مواجهة الانسحاب البريطاني التدريجي من التحالف مع الحركة الصهيونية، والذي نشأ في سنة 1917. وخلال عشرة أعوام، وإلى حين صدور الكتاب الأبيض في سنة 1939، خاضا معركة احتواء، سمحت بموجة الهجرة الخامسة، والتي أدت إلى نمو “الييشوف”، بحيث أضحى كياناً قادراً على الدفاع عن نفسه في سنة 1948. وبعد مرور 4 سنوات من المناورات المعقدة، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، جرى التوصل إلى تحالف مؤقت مع الاتحاد السوفياتي، وبدأ التعاون مع الولايات المتحدة، وكانت نتائج هذا التحالف الانتصار في سنة 1948.

النموذج السياسي الذي ظهر في سلوك القيادة الصهيونية في ذلك الوقت كان نموذج لعبة “القط والفـأر” في العلاقة بدولة كبرى معينة تنسحب من تحالفها معنا، شيئاً فشيئاً، وهو يقضي بالامتناع من قطع الحبل معها، ما سمح بتحقيق إنجازات مهمة. ومع ذلك، الامتناع من الانصياع لأوامرها، وحتى الاصطدام بها، والالتفاف عليها بواسطة دولة كبرى أُخرى.

لقد واجه بن غوريون تطورات مشابهة لتلك التي تحدث حالياً، مع كل الفوارق الجوهرية، خلال سنتَي 1950 و1954، حين يكون لدى إسرائيل دولة كبرى حليفة. نجح بن غوريون في إقامة حلف مؤقت مع بريطانيا، لخوض حرب سنة 1956 وكسر الخناق الذي فرضته مصر، وحلقة “الإرهاب” والتهديد العسكري الذي يشبه تهديد اليوم. صحيح أن الولايات المتحدة أجبرت إسرائيل على الانسحاب من سيناء في سنة 1956، لكن الانتصار في تلك السنة هو الذي سمح بالانتصار في سنة 1967. في ربيع 1967، وقف رئيس الحكومة أشكول ضد تجاهل الولايات المتحدة الخطر الوجودي الذي يهدد إسرائيل، لكنه لم يدخل في الحرب، إلا بعد تأكُّده من أن الولايات المتحدة لن تكرر خطأ سنة 1957، عندما فرضت على إسرائيل الانسحاب من سيناء.

اليوم، نشهد نوعاً مماثلاً من الخلاف بين رئيس الحكومة وبين الإدارة الأميركية في الولايات المتحدة: هل من الممكن التصالح مع دولة ذات مطامع إمبراطورية، وتهدد الشرق الأوسط، حسبما تدّعي الإدارة الأميركية، أم يجب إزالة هذا الخطر من خلال حرب استباقية؟ نتنياهو، شأنه شأن رؤساء الحكومات الذين سبقوه، يلعب لعبة “القط والفأر” مع الأميركيين. وهو هنا يلعب دور الفأر الذي يلائم حجم قوته، لكنه يرفض أن يجري افتراسه، وبحسب الصراعات التي خاضها أسلافه مع دول كبرى، لا يمكن الحصول على وصفات عمل منها، لكن يمكن التوصل إلى المبادئ.

يجب ألا ندخل في مواجهة مباشرة مع قوة عظمى مثل الولايات المتحدة. في المقابل، يجب ألا نكون عبيداً لقوة عظمى حليفة، ونتنياهو يناور، انطلاقاً من هذه القاعدة الواقعية. فهو لا يخاف من المواجهة، وأحياناً، لا يتردد عن إحباط مدروس لخطط أميركية. لكنه يحرص على المحافظة على حلفه معها، فهل ينجح في مناوراته ضد مصالحة مدمرة مع إيران؟

——————————————–

يديعوت احرونوت 11/9/2024

التطبيع مع السعودية لا يزال على جدول الاعمال

بقلم: ايتمار آيخنر

قبل نحو أسبوع التقت سفيرة السعودية في واشنطن بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. معقول الافتراض بانه في هذا اللقاء اعطي لها ضوء اخضر لان تلتقي وجها لوجه وبشكل غير مسبوق مسؤولين إسرائيليين كبار، ان تخطب امامهم بل وان تستمع لخطاباتهم. وبالفعل أمس في مؤتمر “MEAD” الذي ينعقد في واشنطن العاصمة هذه السنة جلست السفيرة واستمعت لخطاب رئيس المعسكر الرسمي ولاحقا القت خطابا امام مسؤولين إسرائيليين كبار آخرين بشكل شدد على ان الامكانية للوصول الى التطبيع مع السعودية لا تزال على جدول الاعمال.

مؤتمر “MEAD” هو حدث عالمي لا سياسي يشكل منصة لحوار استراتيجي بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة. رؤساء المؤتمر توم نيدز، ديفيد فريدمان، دنيس روس واليوت ابرامز استضافوا في اثنائه سلسلة مداولات عميقة جغرافية سياسية تعنى بالدينامية الإقليمية الناشئة بمشاركة زعماء كبار من الولايات المتحدة، إسرائيل والدول العربية المعتدلة.

رئيس الوزراء الأسبق اهود أولمرت الذي شارك في المؤتمر كشف النقاب عن أنه التقى مع مسؤولين كبار سعوديين وامريكيين نقلوا له الرسائل عن الرغبة في التطبيع. “رغم أحداث 7 أكتوبر، لا تزال السعودية معنية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل”، روى أولمرت، “ما تريده السعودية اليوم ليس التزاما من حكومة إسرائيل بحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. هم فقد يريدون ان تقول إسرائيل شيئا ما يعرض افقا سياسيا للمستقبل لاجل التحرك الى الامام مع التطبيع. هم يحتاجون لتبرير التطبيع في اطار الرأي العام”.

وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى بعد محادثات مع شخصيات أمريكية انه “اغلب الظن لن يكون ممكنا تحقيق التطبيع قبل الانتخابات للرئاسة بسبب تمديد الحرب في غزة وبسبب أن الرئيس ترامب يعارض صفقة التطبيع التي عرضها بايدن. ومع ذلك فانهم يشخصون نافذة فرص لترتيب العلاقات في فترة التماس بين الانتخابات للرئاسة في الولايات المتحدة في 5 تشرين الثاني وبين أداء الرئيس الأمريكي التالي اليمين القانونية في 20 كانون الثاني.

وذلك لان في هذه الفترة سيتمتع السعوديون بتأييد الديمقراطيين للصفقة – كون بايدن لا يكون لا يزال الرئيس ومن جهة أخرى – الجمهوريون لن يعارضوها وفي كل حال لن يعد التطبيع كانجاز للديمقراطيين قبل الانتخابات. ومع ذلك، يقول مسؤولون إسرائيليون كبار ان السعوديين لن يدفعوا بالتطبيع مع إسرائيل قدما دون وقف نار في غزة وافق سياسي ما لحل المسألة الفلسطينية. مسؤولون امريكيون كبار خطبوا في المؤتمر عرضوا الرؤيا الامريكية للتسوية بين الطرفين، “توسيع اتفاقات إبراهيم واتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل سيكونا أمرا جيدا للولايات المتحدة. كلتاهما دولتان صديقتان ومؤيدتان لامريكا”، شدد السناتور من اريكنسو، تيم كوتون وأضاف بان “السعودية هي مفتاح لمبنى الحلف الإقليمي ضد ايران”.

وفي سياق حديثه انتقد سياسة الإدارة الديمقراطية الحالية تجاه إسرائيل وقال ان “لا يجدي نفعا ان بايدن يحاول ان يفرض على إسرائيل جدول زمنيا لحل الدولتين، بينما تكون إسرائيل في منتصف حرب مع حماس، التي تسيطر على معظم أراضي ما ستكون عليه واحدة من هاتين الدولتين”.

اقوال مسؤول امريكي آخر اجملت جيدا كيف يرى الامريكيون والسعوديون إمكانية التطبيع: “أوضح السعوديون انه لن يكون بوسعهم التقدم دون وقف نار في غزة. الامكانية للصفقة هناك حقا، وهي ليست فقط لمصلحة إسرائيل بل لمصلحة الامن القومي الأمريكي. توجد أمور كثيرة أخرى يجب أن تتم. هذا يرسخ مكانة الولايات المتحدة في الخليج وهذا يخفض إمكانية مواجهة عسكرية للمدى البعيد. الرئيس بايدن أوضح بانه ملتزم بهذا”.

——————————————–

هآرتس 11/9/2024

تضاعف 400%… شهود وإحصاءات: يهود يهربون من إسرائيل بحثاً عن الأمن

بقلم: لي يارون

لم تفكر “إيما ميغن توكتالي” بمغادرة إسرائيل يوماً ما، ولكنها حزمت هي وزوجها آموتس في آب الماضي كل الأمتعة ووجدا شقة مؤقتة في تايلاند، وهاجرا مع ولديهما في رحلة باتجاه واحد. لا يعرفون أين سيعيشون بعد ذلك، وهل سيعودون ومتى. بدأت ميغن في جيل الأربعين، بعد سنوات من مواجهة الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البلاد، تشعر أن عليها إيجاد مكان آخر لعائلتها، على الأقل لفترة معينة.

أما درور سدوت (29 سنة)، التي غادرت مع زوجتها في تشرين الثاني الماضي، فقد كانت الانتخابات الأخيرة والمظاهرات ضد الانقلاب هي نقطة الانكسار. “الجميع تظاهروا باسم الديمقراطية دون التحدث عن الاحتلال، وهي الأمور التي كانت في قلب اليسار وأصبحت مهملة، والحرب سرعت العملية”، قالت. ولم تعرف عن المستقبل. “لكن لا يمكن أن تكون وطنياً في هذه الأثناء”، قالت.

جونثان روغل (48 سنة)، وهو مهندس في شركة الهايتيك “الطب الحيوي”، الذي هاجر من واشنطن في نيسان الماضي، كانت المذبحة في 7 أكتوبر أقنعته بأن يستقر في إسرائيل. قال من بيته الجديد في تل أبيب: “أشعر بأنني متصل وآمن”. ولكنه اعترف بأنه منذ قدومه إلى البلاد وهو في قلق على مستقبل الديمقراطية ويشارك في المظاهرات ضد الحكومة وهو مع صفقة التبادل.

هذه القصص تجسد منحى يظهر أيضاً في معطيات المكتب المركزي للإحصاء وشركات متخصصة بموضوع الهجرة، وعشرات المقابلات التي أجرتها “هآرتس”. “منذ 7 أكتوبر، غادر عشرات آلاف اليهود في إسرائيل والشتات وطنهم بحثاً عن مكان أكثر أمناً، سواء أكان الدافع الخوف من الحرب وانهيار الديمقراطية ومعارضة الحكومة وغلاء المعيشة، أم الخوف من اللاسامية والتضامن مع إسرائيل. يبدو أن يهود القرن الحادي والعشرين يعودون للترحال.

ثلاثة أجيال على متن طائرة إلى الخارج

إيلان رفيفو (50 سنة) من “رمات هشارون”، ولد في مجال أعمال إعادة التوطين. الشركة التي يديرها الآن، “يونفيرس ترانزيت”، أسسها والده إسحق، وهو مهاجر من فرنسا في نهاية الثمانينيات؛ لتقديم خدمات النقل وإعادة توطين اليهود من فرنسا. في البداية، قال رفيفو، كان التوجه واحداً: إلى إسرائيل. ولكن في التسعينيات بدأ المشروع التجاري العائلي يوفر الخدمات أيضاً للإسرائيليين الذين قرروا المغادرة أثناء موجة الإرهاب في حينه، واستمرت إلى بداية سنوات الألفين والانتفاضة الثانية. بعد ذلك، بدأت الشركة تعرض خدمات للعثور على عقارات في الخارج والمساعدة في إيجاد مدارس واستصدار التأشيرات.

” الناس يغادرون دائماً. ولكن منذ خطوات الإصلاح القانونية، لاحظنا زيادة كبيرة”، قال رفيفو وأشار إلى أن هذا التوجه تعزز منذ 7 أكتوبر. “قبل بضعة أسابيع، نقلنا عائلة كبيرة من “كريات موتسكين” إلى إسبانيا، 20 شخصاً تقريباً، والدان كبار في السن وأولاد وأحفاد- ثلاثة أجيال. وقد شاركونا حزنهم وقالوا إنهم تعبوا من الحياة هنا، وتحدثوا عن الانقلاب النظامي والوضع الاقتصادي والخوف من أنه لم يعد هناك مكان للعلمانيين الليبراليين في البلاد، وأن الوضع سيسوء”.

تحدث رفيفو أيضاً عن ارتفاع عدد طلبات المساعدة في إعادة التوطين. “عائلات كثيرة شابة مع أولاد صغار وعدد كبير من سكان مركز البلاد، بعضهم أُخلي من الشمال”، قال. الشركة ساعدت مجموعة تتكون من 30 عائلة، 100 من الآباء والأولاد، في الانتقال إلى سالونيك. “معظم مقدمي الطلبات أشخاص ما زالوا يجلسون على الجدار، ويهتمون بالتكلفة ويصدرون جوازات سفر أجنبية ويفكرون بالمغادرة، لكنهم لم يقرروا بعد”.

الوضع الذي وصفه رفيفو ينعكس أيضاً في معطيات محدثة للمكتب المركزي للإحصاء، التي يتبين منها أن عشرات آلاف الإسرائيليين غادروا البلاد في السنوات الأخيرة. حسب المعطيات، فإن الـ 42185 إسرائيلياً الذين غادروا بين تشرين الأول 2023 وآذار 2024 لم يعودوا حتى تموز. هذه زيادة 12 في المئة مقارنة مع السنة الماضية. في تشرين الأول 2023، الشهر الذي حدثت فيه المذبحة، كان الارتفاع دراماتيكياً، 12300 شخص غادروا ولم يعودوا حتى الآن، ارتفاع 400 بالمئة مقارنة بتشرين الأول 2022.

موجة الهجرة التي بدأت صيف ما قبل الحرب، كرد على خطة الانقلاب النظامي…الـ 34500 إسرائيلي الذين غادروا بين تموز وتشرين الأول 2023 لم يعودوا حتى نهاية أيار، ضعف العدد مقارنة بنفس الفترة في السنة السابقة.

حسب أقوال المحامي ليعام شفارتس، رئيس قسم إعادة التوطين في دائرة أحكام العمل وإعادة التوطين في مكتب غولدبرف زلغمان وشركائه، فإن زيادة حدثت منذ بداية الحرب بنحو 40 في المئة على الطلبات المقدمة للمكتب للمساعدة في إصدار تأشيرات لإعادة التوطين في أمريكا، بالأساس من شركات تجارية. “هناك شركات سايبر و”هايتك”، التي تبدو اعتباراتها أمنية”، قال. “هي تدرك بأنه إذا اندلعت حرب في الشمال أيضاً، فعليها نقل أقسام كاملة. شركات أخرى ترد على الضغط المتزايد للعاملين الذين يريدون الانتقال. والنوع الثالث هم الذين لا يريدون العودة. واجهنا عشرات الطلبات من العاملين في مستويات مختلفة، الذين يبحثون عن طريقة للبقاء في الولايات المتحدة. مكتبنا عالج مئات طلبات إعادة التوطين من تشرين الأول، هذا هو الرقم الأعلى الذي أتذكره منذ سنوات”.

حسب أقوال آشر تورئيل، مدقق حسابات متخصص في ضرائب الهجرة، الكثير من الإسرائيليين طلبوا منذ تشرين الأول الاستشارة في موضوع تحويل الأموال، بما في ذلك أموال الاستثمار والتقاعد، إلى الخارج. “التغيير يتم الشعور به بشكل كبير جداً”، قال.

نوعام شني، الخبير في الجينات الوراثية، عمل في مجال التكنولوجيا الحيوية مدة ثلاثين سنة قبل مغادرته هو وزوجته أليس، التي كانت نائبة المدير العام للتسويق والمبيعات. جاء القرار أثناء إجازة في 2017. “على شاطئ في تايلاند أدركنا بأننا لا نريد العودة”، قال شني. “لم يكن الوضع سيئاً لنا في البلاد، ولكننا أردنا التغيير. بحثنا عن مكان قريب من العائلة ومن الأولاد والأحفاد، وجدنا قبرص”.

الآن الشركة التي أسسوها قبل سبع سنوات، تبيع العقارات في بابوس، وترافق عشرات الإسرائيليين في عملية إعادة التوطين في الجزيرة الصغيرة التي يعيش فيها نحو 10 آلاف إسرائيلي. “المسافة عن البلاد ساعة سفر. المكان هنا جذاب جداً للإسرائيليين”، قال شني. “نبني هنا أحياء جديدة، مدارس للأولاد الأجانب، والطلب أكثر من العرض”.

ثمة بؤرة جذب أخرى في بابوس، وهي إمكانية الحصول على مواطنة دائمة حتى لمن هو ليس مواطناً أوروبياً، عن طريق شراء عقار بمبلغ 300 ألف يورو. “إسرائيليون يريدون مكاناً ليهربوا إليه”، قال شني. “اليوم يهتمون بشكل أقل بالاستثمار وأكثر بخطة احتياطية تعد مسبقاً في حالة أصبح وضع البلاد أكثر خطراً”.

في مجموعة “نساء إسرائيليات”، التي تديرها اليس في بابوس، كان فيها 20 عضوة قبل أربع سنوات، وبلغ الآن 200. “معظم من يأتي منذ الحرب عائلات مع أولاد وشيوخ، يحركهم الخوف الوجودي والخوف من المستقبل ومن الأخطار في البلاد ومن اليأس”.

ارتفاع عدد طالبي الهجرة

هناك من يختارون المجيء إلى إسرائيل في هذه الفترة. يصعب معرفة عدد المهاجرين عقب 7 أكتوبر، لأن عملية الهجرة تستغرق بضعة أشهر. ولكن عدد ملفات طلبات الهجرة إلى البلاد، التي تم فتحها بمساعدة الوكالة اليهودية ومنظمة “روح لروح” التي تساعد على الهجرة في أمريكا الشمالية، يتبين منها اهتمام متزايد بالهجرة إلى البلاد. في الـ 15 سنة الأخيرة، بلغ عدد اليهود من أمريكا وكندا الذين فتحوا ملفات للهجرة، 4300 في السنة؛ منذ 7 تشرين الأول وحتى حزيران الماضي تقول منظمة “روح لروح”، إنه تم فتح 10500 ملف تقريباً، ضعفين ونصف الضعف. الأمر يتعلق بعملية تحتاج إلى طلبات كثيرة، فمن غير المعقول أن أشخاصاً يبدأون بها إذا لم تكن لديهم نية جدية للهجرة إلى البلاد.

نماذج الطلبات التي قدمت لمنظمة “روح لروح” تدل على الأسباب التي تجعل مقدمي الطلبات يبدأون بالعملية الآن بالذات. “الهجمات الأخيرة ضد إسرائيل وارتفاع اللاسامية في أمريكا عززت قرار أن نكون مع شعبنا”، كتب أحد هؤلاء. وكتب آخر بأنه دائماً طمح للهجرة إلى البلاد، وأنه ” كل شيء تغير في 7 أكتوبر، وأصبح التوق هدفاً. قال لي قلبي بأن عليّ أن أكون مع أبناء شعبي”. شخص آخر كتب: “عقب الأحداث المأساوية في عيد العرش الأخير، أشعر بأن عليّ العودة إلى جذوري”.

“وكتب أشخاص كثر بأنهم يشعرون أن أمريكا لم تعد آمنة، ولا يرون فيها مستقبلاً لهم أو أنهم يشعرون بعدم الاستقرار. ولكن المبرر السائد هو التضامن مع إسرائيل”، قال زئيف غيرشنسكي، وهو نائب المدير العام لمنظمة “روح لروح”. بعضهم شباب يريدون التجند بدلاً من التعلم”. من تحليل البيانات، يبدو أن الحديث يدور عن أمريكيين كانت دائماً لهم صلة قوية بإسرائيل، التي تعززت مع الحرب وخلقت الرغبة في دعم الدولة من الداخل”.

حسب أقوال البروفيسور إسحق ساسون، الخبير في الهجرة في قسم علم الاجتماع والإنسان في جامعة تل أبيب، ربما يتضاعف عدد المغادرين مرتين أو ثلاث مرات في السنوات القريبة القادمة، بالأساس في أوساط الشباب. “هذا ما يحدث في الدول التي مرت بعملية قمع سياسية. هنغاريا التي يشبه عدد سكانها عدد السكان في إسرائيل فقدت 400 – 800 ألف من مواطنيها في العقد الماضي”، قال ساسون. “في إسرائيل مئات الآلاف الذين يؤثرون على الاقتصاد والأكاديميا بشكل كبير، وإذا غادر كثيرون منهم فسيكون الضرر غير قابل للإصلاح”.

إضافة إلى ازدياد عدد المغادرين، يتوقع ساسون انخفاضاً كبيراً في عدد السكان الذين سيعودون. “حسب جميع الأبحاث، الشخص مستعد لدفع ثمن الهجرة إذا فاقت الفائدة ثمن البقاء في الدولة. الثمن في إسرائيل باهظ، وسيزداد كلما استمرت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. عندما تدفع الحكومة بالناس إلى الخارج فسيغادرون في نهاية المطاف. لا يجب أن يغادر مليون إسرائيلي دفعة واحدة، حتى عدد أقل من ذلك بكثير سيولد ضرراً كبيراً”، قال.

في المقال الذي نشره معهد بحوث الأمن القومي في تل أبيب، كتب ساسون والبروفيسور اليكس فاينراب من مركز تاوب، بأن “إسرائيل تقف أمام انعطافة ديمغرافية”. وقد وصفا منحى المغادرة كظاهرة مقلقة، بسبب “وجود أساس للافتراض القائل إن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في إسرائيل للخطر”.

بالنسبة لمغين توكتالي، فإن الحياة في إسرائيل أصبحت قاسية جداً. “في السنوات الأخيرة، تعرضنا إلى ضربات كثيرة، بدءاً بكورونا ومروراً بالنضال من أجل الديمقراطية، وانتهاء بـ 7 أكتوبر الذي فقدنا فيه الكثير من الأصدقاء في حفلة نوفا”، قالت. “أغادر، على الأقل الآن، ليس لأن بيبي في الحكم، بل لأنني أشعر أنه لا مكان لي في مجتمع تآكلت فيه قيمة الحياة، ويرى فيه أشخاصاً مثلي عائقاً أمام جهود الحرب بالنسبة للنظام. أعوّد نفسي على وضع الترحال وليس على وضع الجذر الراسخ. ربما الوطن في الداخل وليس في الخارج”.

خلافاً لها، يشعر روغل بأنه كيهودي لا وطن آخر له. “بعد الكارثة قلنا: لن يتكرر هذا. ولكني أشعر بأنه يتغير”، قال. “أشعر بأن الدولة اليهودية الوحيدة في العالم هي المكان الوحيد الذي سأشعر فيه بالأمن، حتى مع وجود الصواريخ والحرب”.

سدوت وشريكتها الزوجية تعيشان الآن في حي نويكلن في برلين، إلى جانب جيران آخرين هربوا من الشرق الأوسط، من لبنانيين، وأتراك، وسوريين، وفلسطينيين. يتظاهرون معاً من أجل وقف إطلاق النار. الاثنتان لا تخططان للعودة في القريب. ولكن سدوت التي كانت في السابق المتحدثة باسم “بتسيلم” والمتحدثة باسم عضو الكنيست أيمن عودة، لا تزين الهجرة. “يجب تعلم اللغة مثلما كما الصف الأول، وإيجاد شقة وعمل، ثمة اشتياق وقلق على الأصدقاء والعائلة”، قالت. “لكن المهم لنا في هذه الأثناء هو إمكانية التنفس. أشعر أنني أكثر أمناً هنا”.

“تشعر بحرية حين تكون في محيط موقفك فيه هو الشرعي، وأن تكون في مظاهرات ضد الحرب مع آلاف الأشخاص. في البلاد، كنت أشاهد الأفلام الفظيعة القادمة من غزة، وفي الخارج في كل مكان كان هناك “معاً سننتصر”، حيث من الواضح أنك لست في هذا “معاً” وأنه لا أحد سينتصر. هذا يعني أنك تعيش واقعاً موازياً، وهذا يمثل انكساراً للقلب”.

——————————————–

هآرتس 11/9/2024

الأردن أولاها.. اتفاقات السلام: من “الإنجاز الأهم” إلى سقوط الجدار الأمني لإسرائيل

بقلم: نمرود نوفيك

الضرر الناجم لعدم مسؤولية الحكومة سريع وواسع جداً، إلى درجة يصعب التحذير به قبل سقوط لبنة أخرى من البنية التحتية للأمن القومي. لقد كُتب الكثير عن الضرر المباشر، من الجنوب والشمال، بسبب المماطلة في محاولة لمنع اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة المخطوفين وتهدئة الساحتين. هذا إلى جانب إسهام الاستفزازات على الحرم وخنق الاقتصاد الفلسطيني، وتصعيد عنف المستوطنين في “يهودا والسامرة”.

الأمر مختلف فيما يتعلق بضحية محتملة قادمة لكل هذه الأمور. فالعلاقات مع دول السلام، القريبة والبعيدة، أول من ستتضرر مع مصر والأردن.

كان السلام مع مصر إنجازاً تاريخياً لمناحيم بيغن وكان هو العملية الاستراتيجية الأهم منذ إقامة الدولة. فقد أخرج أقوى وأهم الدول العربية من دائرة الحرب. خلال سنوات كثيرة، تجاوز مستوى التنسيق الأمني بين الدولتين أي تصور، وخدم المصالح الأمنية للدولتين. الآن، قرار الحكومة تخليد وجود إسرائيل في محور فيلادلفيا، الذي يعني احتلال القطاع والسيطرة على 2 مليون مدني بدون موعد للانتهاء، أدى إلى رد غير مسبوق من مصر.

جهات أمنية مصرية حذرت في محادثات مع نظراء لها في البلاد ومع المستوى السياسي، من النتائج الخطيرة لهذا القرار. حسب قول هذه الجهات، ستكون السيطرة على القطاع دموية ومليئة بالأحداث التي تنطوي على عدد كبير من المصابين في الطرفين، وستضعضع الاستقرار في المنطقة كلها، وستضر بمصالح مصر الأمنية. جربنا على جلودنا ما نجم عن تجاهل التحذيرات المصرية التي سبقت وحشية حماس في 7 أكتوبر. وعقب التجاهل الحالي، أرسلت المنظومة السياسية في مصر والجيش المصري أيضاً، إشارات علنية تجسد خطورة التطورات حسب رؤيتها.

الأردن، الذي منح اتفاق السلام مع إسرائيل ذخراً أمنياً لا بديل له والعمق الاستراتيجي للعمل جواً وبراً أمام إيران والآخرين الذين يكرهونها في الشرق والشمال، بدا أقل قوة من مصر وأكثر عرضة للخطر من الداخل والخارج. وليس عبثاً أنه يبث إشارات الضائقة. استمرار الحرب في القطاع والاستفزازات في الحرم ودعم إرهاب المستوطنين وخنق السلطة الفلسطينية اقتصادياً… كل ذلك يدفع الشباب الفلسطينيين إلى أحضان الجهات الإرهابية، ويضطر الجيش الإسرائيلي إلى التشدد في ردوده، وهذا التصعيد يهدد استقرار المملكة. إن عدم الاستقرار في “المناطق” [الضفة الغربية] يمهد الأرض أيضاً لأعمال التخريب الإيرانية، ما يظهر سواء باستخدام حدود المملكة لتهريب السلاح والأموال لـ “المناطق” أو بزيادة الجهود لتقويض استقرار النظام الأردني. لسنا بحاجة إلى خيال واسع لنصف التحديات الأمنية التي قد تنشأ إذا استقرت المليشيات الإيرانية، وليس الجيش الأردني، على الحدود الأطول لنا.

الحكومتان في القاهرة وعمان تقفان أمام ضغط الرأي العام لقطع العلاقات مع إسرائيل وإلغاء اتفاقات السلام.

في دول السلام البعيدة أيضاً، دول اتفاقات إبراهيم، الأمر الذي يعتبر الإنجاز الأهم وربما الوحيد لنتنياهو والذي غير وجه المنطقة، تبدو الأمور هناك مؤثرة أيضاً؛ فالإمارات غير مستعدة للموافقة على طلبات رئيس الحكومة المتكررة لتوجيه دعوة له للزيارة. ليس هذا فحسب، بل تعبر مراراً وعلناً عن غضب من سياسة إسرائيل، وبإشارات دبلوماسية هادئة جمدت مشاريع مشتركة وقلصت اتصالها مع الحكومة. وكلما زادت الإمارات شدة الرد، فعلينا التوقع بأن البحرين والمغرب سيعقبانها أيضاً.

إن استمرار هذه العمليات سيضع حداً أيضاً لاحتمالية دمج إسرائيل في تحالف إقليمي قوي لصد عدوان إيران وامتداداتها، وسترسل احتمالية تطبيع العلاقات مع السعودية إلى الحقيبة المليئة للفرص الضائعة.

إذا لم يتم وضع حد للجنون الذي يوجه حكومتنا، فسيكون المس بأمن دولة إسرائيل ورفاهها فورياً وسنشعر به لعشرات السنين.

——————————————–

معاريف 11/9/2024

كيف يبدو استقرار الأردن ذخراً استراتيجياً ولبنة إقليمية مركزية لإسرائيل؟

بقلم: د. شاي هار– تسفي

العملية النكراء في معبر اللنبي التي قتل فيها ثلاثة مواطنين إسرائيليين على أيدي مواطن أردني، تجسد مأساوية تعقيدات العلاقات بين إسرائيل والمملكة وشدة التحديات التي يضطر الملك للتصدي لها في الساحة الداخلية.

العملية التي نفذها ابن عشيرة الحويطات من محافظة معان جنوب المملكة ربما تشدد تعقيدات معالجة الملك لها.

منذ نشوب حرب “السيوف الحديدية”، طرأ ارتفاع ذو مغزى في العداء تجاه إسرائيل في أوساط الجمهور الأردني. ووجد الأمر تعبيره في المظاهرات العديدة التي عقدت في العاصمة عمان، القسم الأكبر منها بجوار السفارة الإسرائيلية. مظاهر الفرح التي بدت في عمان عقب القتل تعكس مشاعر العداء العميقة تجاه إسرائيل. احتاجت وزارة الخارجية الأردنية ساعات عديدة تنشر بيان يشجب العملية، وحتى هذا بلغة خفيفة، وهو ما يعكس الموقف تجاه إسرائيل في هذا الوقت.

إيران تحاول استغلال الوضع الداخلي المعقد في المملكة، وتشخص الأردن كحلقة ضعيفة في معسكر السلام العربي. لقد كان الملك الأردني عبد الله خط اصطلاح “الهلال الشيعي” قبل نحو عقدين بهدف التحذير من المخاطر الكامنة في مساعي إيران لتوسيع نفوذها في أرجاء الشرق الأوسط. في السنة الماضية، ارتفعت المساعي من جانب إيران مقدار درجة لتقويض الاستقرار الداخلي في الأردن، من خلال استغلال أن أكثر من 50 في المئة من سكان المملكة، الذين يعدون اليوم نحو 11 مليون نسمة، هم من أصل فلسطيني ولاجئون من سوريا والعراق ممن هاجروا إليه في العقدين الأخيرين، حسب تقديرات مختلفة.

لقد احتدم التوتر بين الأردن وإيران في الأشهر الأخيرة، عقب ما اعتبرته طهران مساعدة أردنية لإسرائيل في صد هجمة الصواريخ والمسيرات في نيسان الماضي. ليس عبثاً أن أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي زيارة استثنائية لإيران قبل نحو شهر، في محاولة لتخفيف حدة العداء الإيراني، حول المخاوف من هجمة إضافية ضد إسرائيل عقب تصفية هنية.

تستغل إيران بشكل ممنهج الأراضي الإيرانية لتهريب وسائل قتالية كثيرة إلى الضفة، بما في ذلك المتفجرات، ويشارك في ذلك الميليشيات المؤيدة لإيران في سوريا والعراق. ومع أن محافل الأمن الأردنية نجحت السنة الأخيرة في اكتشاف الكثير من التهريبات، لكن قدرة الإحباط بشكل كامل للتهريبات تظل محدودة في ضوء الحدود الطويلة (309 كيلومترات) والفالت بعضها بين إسرائيل والأردن.

يحاول عبد الله منذ 7 أكتوبر المناورة بين الاضطرارات والضغوط الداخلية المتزايدة، وبين مصالح المملكة الاستراتيجية الواسعة في المعركة ضد المحور الراديكالي. بل يخشى من أن يؤثر الاشتعال في الضفة بشكل مباشر على الاستقرار الداخلي. على هذه الخلفية، نرى نقداً لاذعاً وشديداً توجهه الملكة رانيا ووزير الخارجية الصفدي صبح مساء لإسرائيل، كنقد يستهدف إرضاء السكان الأردنيين. وذلك إلى جانب المساعدة الإنسانية الكثيرة التي تنقلها الأسرة المالكة إلى سكان القطاع والحرص على التعبير عن ذلك بشكل علني واسع.

إن العلاقات مع المملكة الأردنية لبنة مركزية في المبنى الأمني الإقليمي لدولة إسرائيل. بل ويفترض بالأردن أن يؤدي دوراً ذا مغزى في خطة الإدارة الأمريكية لخلق ائتلاف بين إسرائيل والدول العربية ضد المحور الإيراني.

إن لضعضعة الاستقرار الداخلي في المملكة تأثيرات سلبية واسعة للغاية. والمعنى أن على إسرائيل تعميق جملة أشكال التعاون بين الدولتين وفحص السبل لمساعدة الملك.

إضافة إلى ذلك، ينبغي الامتناع عن تصريحات وخطوات من طرف واحد بعامة وقبيل أعياد إسرائيل بخاصة، تحمل ما يمس بمكانة وشرعية الملك عبد الله كحارس الأماكن المقدسة، والإثقال على العلاقات الثنائية، المتوترة على أي حال.

إن تصريح نتنياهو بأنه لا يوجد ولن يحدث تغيير في الوضع الراهن على جبل البيت (الحرم) وأن كل زيارة يقوم بها وزير في الحكومة ستتم بإذنه، هو خطوة في الاتجاه الصحيح ينبغي الحرص على إنفاذها. فالسلام مع الأردن ذخر استراتيجي لدولة إسرائيل، ويجب الحفاظ عليه بأي ثمن.

——————————————–

 هآرتس 11/9/2024

لإسرائيل: منذ متى كان العمل الصحافي بأمر من الجيش؟

بقلم: أسرة التحرير

بعد 11 شهراً من بداية الحرب، يمكن القول إنه لم تعد صالحة تلك الملابسات التي عللت من خلالها إسرائيل منع دخول وسائل الإعلام إلى قطاع غزة، وأن عليها الآن أن تسمح بدخول صحافيين أجانب كي يتمكنوا من تغطية أنباء الحرب كما يجب. إن تحكم إسرائيل بالمداخل إلى قطاع غزة والذي اشتد منذ احتلال رفح، يجعل القطاع مكاناً لا يمكن فيه لصحافي أجنبي أن يطأه دون إذن الدولة. فحظر دخول الصحافيين الأجانب دون مرافقة من الجيش الإسرائيلي إنما يمس بقدرة التغطية المستقلة وبحق الجمهور في البلاد والعالم لمعرفة ما يجري في القطاع.

إن مهمة الصحافي هي أن يكون في الميدان، وأن يتحدث مع الجمهور مباشرة وليس مع من ينوبون عنه فقط، وأن يشعر بالأجواء ويبلغ بما يجري. لا يمكن تشبيه التغطية المباشرة من الميدان بتقرير طرف ثالث، بمقابلات هاتفية وبتحليل الأحداث من خلال أفلام فيديو أو صور. حين تمنع إسرائيل الصحافيين من الدخول إلى القطاع فهي لا تمنعهم فقط من التبليغ عن فظائع القتال، بل وتمنعهم أيضاً من فحص ادعاءات حماس في الزمن الحقيقي، الأمر الذي هو مصلحة إسرائيلية صرفة. عندما تمنع إسرائيل مراسلين أجانب من تغطية ما يجري في غزة، نجدنا ملزمين بالسؤال: ما الذي تخفيه الدولة؟ ما الذي تكسبه من منعها دخول صحافيين إلى هناك.

إن نتيجة منع الصحافيين الأجانب تفضي لزيادة مهمة التبليغ على كاهل صحافيين فلسطينيين هم أصلاً يعانون في واقع الأمر من الحرب وظروفها الصعبة. وحسب معطيات لجنة حماية الصحافيين، فإن 111 عاملاً في الإعلام وصحافياً فلسطينياً قتلوا في أيام الحرب (ثلاثة منهم، بزعم الجيش الإسرائيلي، كانوا نشطاء من حماس أو “الجهاد الإسلامي”) وهو ما يستوجب دخول صحافيين آخرين إلى القطاع بشكل عاجل. وعلى أي حال، في زمن الحرب أهمية كبرى بالذات لإدخال صحافيين ليسوا طرفاً في النزاع: أناس يمكنهم تغطية ما يجري دون الخشية من أن يكونوا خاضعين لضغوط مجتمعهم أو حكومتهم. في الحرب، اليوم بالذات، تبدو الصورة مصطنعة في زمن الذكاء الاصطناعي، فإن مهمة الصحافيين في الميدان أهم من أي وقت مضى.

لا يوجد ما هو حقيقي في ادعاء الجيش بأن دخول صحافيين مع قواته سيكون بديلاً مناسباً لصحافيين يعملون بخدمة أنفسهم. فلا يوجد حقاً بديل عن دخول مستقل، يكون للصحافيين فيه الحق في التحدث بحرية مع سكان المكان، والنقل إلى مناطق لا يزال للجمهور والإعلام اهتمام بها. محظور قبول الوضع الذي يملي فيه الجيش شكل التغطية للصحافيين. على إسرائيل أن تسمح بدخول الصحافيين إلى القطاع كي يتمكن الجميع من فهم ما يجري هناك على نحو أفضل وكي يكون ممكناً تبديد ضبابية الحرب ولو قليلاً.

——————————————–

معاريف 11/9/2024

صفقة المخطوفين والصراع الأكبر على الهوية القومية لدولة إسرائيل

بقلم: ران ادليست

“المفاوضات عالقة، في إسرائيل يستعدون لمعركة قوية في كل الجبهات”، وهذا هو الوقت لترتيب الرأس. المفاوضات العالقة هي ليست الصراع لتحرير المخطوفين. الصفقة هي فقط الذريعة سواء للائتلاف ام لجهاز الامن. الائتلاف يبحث عن كل سبيل للبقاء وحرب الاستنزاف وتهديدات “معركة قوية في كل الجبهات” تخدم هذا الهدف. يقتل مواطنون وجنود؟ هذا “هم” الذين بدأوا، نحن فقط ندافع عن أنفسنا ونعد الشعب للحرب الأكبر على وجودنا الذي سيكون او لن يكون (لن يكون).

الرغبة في تحرير المخطوفين الان هي الغريزة الطبيعية لكل انسان عاقل باستثناء أولئك الذين ليسوا بشر عاقلين، وجهاز الامن يستخدمها استخداما حكيما وصحيحا. غير أن هذا في ظل نظرته الى ما وراء المخطوفين، الى اثر التحرير على السياسة الداخلية (تفكيك الحكومة) وعلى وضعنا الأمني. الهدف هو الامتناع عن حرب زائدة وعديمة الاحتمال وبدون “يوم تالي” باستثناء المستوطنات في جنوب لبنان وقطاع غزة. فاحتلال جنوب لبنان، قصف الضاحية، ضرب بقايا مواقع البنى التحتية في لبنان والمشادة مع ايران هذه هي الوصفة المؤكدة لتأسيس دولة إرهاب كل لبنانية وحفر قبور زائدة.

الجيش الإسرائيلي وكل جهاز الامن يعارضون هذه الخطوة بحيث أن الصراع على تنفيذ الصفقة في المستوى الوطني – الأمني هو ليس فقط رأفة على المخطوفين او تهديد وجودي على إسرائيل. من خلفه تقف مصالح امنية أيديولوجية – سياسية – دينية وهو جزء من الصراع الأكبر على الهوية القومية لدولة إسرائيل. فتخوف المعارضين للصفقة هو أنه لن يكون ممكنا العودة الى القتال. هم محقون في تقدير الوضع والصفقة بالفعل ستمس باستمرار القتال وتعرض حكمهم للخطر. اما التأييد للصفقة فهو من أولئك الذين يعتقدون بان حربا متعددة الساحات اكبر في هذه اللحظة من قدرات الجيش الملزم بالانتعاش اذا ما وعندما تزجه الحكومة لمواصلة القتال.

إضافة الى ذلك، فان المشكلة هي استمرار عملية البهيمية والحيوانية كجزء من إدارة القتال. فالبهيمية هي سلوك معسكر اليمين في داخل المجتمع الإسرائيلي والحيوانية هي سلوكه داخل الجيش في ظل الحرب. يدور الحديث عن مزاج وحشي وتبسيطي مشجع من فوق ومشحون باحساس الالحاح الآني! الجميع! للقتل، للابادة، للهدم، للترحيل الان! الجميع! الالحاح هو عقب التخوف من أنه في الانتخابات التالية الائتلاف الحالي سيدحرج في شوارع المدن ملطخ بالزفت والريش مباشرة الى سلة مهملات التاريخ. الان ولكل الأجيال.

ان السبيل لفهم الالية الداخلية لليمين الاستيطاني هو تخيل رد فعلهم عندما يبلغ في الاخبار عن نيزك بحجم أوروبا سيتحطم على الكرة الأرضية بعد عشرة أيام، خمس ساعات، أربعين دقيقة وثلاثين ثانية. النيزك سيدمر معظم القرى اذا لم يفجرها كلها. الاحتمال حسب العلماء هو 51 في المئة. الناس، المنظمات والدول ستفعل كل الأمور الغريبة والمجنونة لكن لا يوجد احد أو منظمة سيصل الى مستوى ممثلي المستوطنين. هؤلاء سيجتمعون فورا في حالة عصف لتحقيق أهدافهم مثل الطرد والهدم. فهم لا يؤمنون بالعلماء والنيزك من ناحيتهم هو إشارة من السماء تثبتهم على التأخير في بناء الهيكل وتشحنهم بطاقة جبارة تتيح لهم التسليم بفريضة بلاد إسرائيل من الترحيل حتى الأقصى. فقط لا تقولوا انهم لا يفعلون شيئا كي لا يوقفوا النيزك. والدليل: ذبحوا بقرة حمراء.

——————————————–

إسرائيل اليوم 11/9/2024

الضغط عسكريا في الشمال للوصول الى اتفاق

بقلم: غرشون هكوهن

ان اشتداد الرشقات الصاروخية وتسلل المُسيرات في الساحة الشمالية يضعان قيادة دولة إسرائيل امام مفترق طرق يفترض اتخاذ قرارات صعبة وحازمة.

في بعدين تستوجب ميول حزب الله الهجومية من إسرائيل تفكيرا نقديا لانماط عملها حتى الان في ساحة لبنان. في احد البعدين يلوح ارتفاع شاهق وواضح في منحنى الخط البياني لهجمات حزب الله في الكم وفي مدى النار اللذين يوسعان مجال القتال. في البعد الثاني، المقلق اكثر، مع حلول سنة على الحرب، تلوح خيبة امل في ان تحقق أنماط عمل الجيش الإسرائيلي كما تدار في السنة الأخيرة الظروف اللازمة لاعادة السكان الإسرائيليين الى بيوتهم في الزمن القريب القادم.

الجيش الإسرائيلي بلا شك يرد الحرب باساليب وبوسائل تجبي ثمنا من حزب ا لله بل وتعبر عن قدرة استخبارية مبهرة وقدرات هجومية ناجعة ودقيقة. ومع ذلك كلما مرت الأيام يبدو الواقع المتشكل في الساحة الشمالية كواقع عالق في طريق امني مسدود. كل إنجازات قيادة المنطقة المالية، شعبة الاستخبارات “امان” وسلاح الجو لا تبدو كافية لتحفيز نصر الله على الموافقة على تسوية لانهاء القتال.

هو بالطبع يفقد مقاتلين وقادة من الصف الأول، كما يفقد ذخائر حيوية مثل مخازن ذخيرة واستحكامات محصنة بعضها مموه جيدا، كما يفقد بيوتا في قرى خط الحدود، وبالتوازي هو مسؤول عن معاناة نحو 100 الف نسمة من سكان جنوب لبنان ممن نزحوا من بيوتهم. غير أنه كما يبدو هذه الاثمان هامشية في نظره مقابل الإنجاز الاستراتيجي الهام الذي حققه منذ الأيام الأولى من الحرب في السابقة الرهيبة لهجرة عشرات الاف الإسرائيليين بيوتهم على مقرب من الحدود.

ان الوعي الأمني للعدو، الذي يتيح له ان يشدد كل يوم قوة الهجمات على أراضي إسرائيل، ضد اهداف مدنية في نهاريا وبلدات في الدائرة الثانية أيضا، يلزم دولة إسرائيل باتخاذ رد يعبر عن انعطافة بالنسبة لاضطرارات القتال المتبلورة.

ينبغي الافتراض بانه في زيارة الجنرال كوريلا قائد المنطقة الوسطى الأمريكية، لقيادة المنطقة الشمالية  اشركوه في الميول المقلقة وفي الانعطافة الواجبة من إسرائيل لرد اكثر نجاعة يتناسب وهدف أعاد السكان في الحدود الشمالية الى بيوتهم. من الصعب التقدير ان يعطى لإسرائيل ضوء اخضر امريكي لانعطافة عملياتية موجهة للهجوم. يحتمل أن أيضا في ضوء اعتراف امريكي واضح بتعاظم قتال حزب الله سيبقون في الإدارة الأمريكية ملتصقين بسياسة منع التصعيد. في هذه السياسة، رغم انتشار القوات الامريكية في ارجاء الشرق الأوسط، في حضور عسكري كبير للغاية، التطلع الأمريكي المحدد يركز على الجهد لمنع تصعيد محلي واقليمي، بالتأكيد حتى موعد الانتخابات. وهكذا قد تنجح الولايات المتحدة ان تؤخر وتؤجل الوعد الإيراني في عملية رد ضد إسرائيل. لكنها عمليا تشجع بسياستها استمرار الحرب.

إسرائيل ملزمة بالتركيز على رد مناسب لمساعي حزب الله لتوسيع مدى الهجمات الى الأراضي الإسرائيلية، واساسا الاستسلام لواجب انه ليس مطلوبا منها ان تفعل كل ما يلزم، عسكريا وسياسيا على حد سواء لاجل احداث تغيير لتحقيق الهدف لاعادة الحياة المدنية الكاملة في كل ارجاء دولة إسرائيل.

——————————————–

هآرتس 11/9/2024

بايدن يصمت امام شرور نتنياهو

بقلم: تسفي برئيل

نتان شيرانسكي طرح ذات يوم ملاحظة مفيدة ومدهشة. “في الديمقراطية أنت بحاجة الى الشجاعة من اجل محاربة الشر. في العالم الحر أنت بحاجة الى الشجاعة كي ترى الشر”. شيرانسكي يعرف شيء أو شيئين عن الديكتاتوريات وانظمة الشر، ويبدو أنه في مرحلة ما بين الظلام والنور التي اسرائيل عالقة فيها الآن، بين الديكتاتورية الرسمية وبين “الديمقراطية الشعبية” فان المواطنين فيها بحاجة الى الشجاعة الكبيرة من اجل “محاربة الشر” وليس فقط رؤيته.

عندما تصبح الشرطة مليشيا خاصة لازعر ومجرم مدان، وعندما يخشى المحققون من المس بفساد الشرطة، وعندما ما يسمى بـ “وزير العدل” يركل جهاز القضاء، وعندما يصبح البرلمان الذي يتوقع أن يراقب نشاطات الحكومة مشابه للبرلمان في مصر والاردن وتركيا، فان المواطنين والمهنيين الذين يريدون “محاربة الشر” يضعون انفسهم امام خطر حقيقي.

الرئيس جورج بوش قال إن كتاب شيرانسكي بعنوان “حالة للديمقراطية” الذي قام بتأليفه هو ورون ديرمر أثر عليه بشكل كبير في تحديد مباديء السياسة التي وجهته في الحرب في العراق. في الخطاب الذي القاه في 2005 بعد سنتين على غزو العراق قال بوش إن “العراق يحمل الآن آمال الحرية في منطقة حيوية في العالم. صعود الديمقراطية سيكون النصر المطلق على التطرف والارهاب”. بعد عدم العثور في العراق على أي ادلة على وجود سلاح الدمار الشامل، الذريعة للحرب،عرض بوش ترسيخ الديمقراطية في العراق وفي الشرق الاوسط بشكل عام كاستراتيجية تخدم المصالح الامنية الامريكية.

حسب الرئيس الامريكي جو بايدن فان حماية الديمقراطية وحقوق الانسان هي المباديء الاساسية لسياسته الخارجية. فقد وعد بتحويل السعودية الى “دولة مجذومة” وعدم بيع السلاح لها؛ ووجه للرئيس المصري الانتقاد عندما قال “لن يكون المزيد من الشيكات المفتوحة للسيسي”؛ وسمى الرئيس التركي بالديكتاتور ورفض الالتقاء معه لنصف سنة عندما انتخب للرئاسة. الديمقراطية بالنسبة للولايات المتحدة هي سلاح استراتيجي.

رغم ذلك نتنياهو لم يتم شمله حتى الآن في قائمة الديكتاتوريين للادارة الامريكية. انتقاد الولايات المتحدة موجه وبحذر فقط لـ “الوزراء المتطرفين” وكأن الامر يتعلق باشخاص من الفضاء هبطوا هنا ولم يتم تعيينهم من قبل نتنياهو نفسه. التطرف الوطني، وضمن ذلك نوايا علنية لاحتلال الحرم والاستيطان في قطاع غزة وتدمير السلطة الفلسطينية، تقلق واشنطن بسبب الامكانية الانفجار الاقليمي المحتمل الذي يكمن فيه. لكن من خلال رؤية جو بايدن يظهر أنه يوجد في البلاد هنا عالمين متوازيين ومنفصلين ظاهريا. النتيجة هي أنه خاف من المس بالتهديد الاستراتيجي الذي ينطوي عليه انهيار الديمقراطية الليبرالية في اسرائيل واستبدالها بالاصولية القومية الدينية المتطرفة.

الولايات المتحدة تشاهد امام ناظريها “الذخر الاستراتيجي لها” في الشرق الاوسط وهو يتعرض لفقدان الاهمية السريع والمدمر، وتقف مشلولة بالذات في مفترق الطرق الذي ما زال فيه يمكنها انقاذ اسرائيل، وليس مجرد منع اقامة ديمقراطية اخرى يترأسها زعيم يعرض استقرار الشرق الاوسط للخطر. صفقة المخطوفين التي يبذل فيها بايدن جهده ووقته ليست مجرد “قصة انسانية” لانقاذ حياة الناس. فقد كان يجب أن توضح لبايدن بأنه يترأس دولة اسرائيل شخص بالنسبة له حياة مواطنيه يساوون قشرة الثوم. هو يجسد التناقض الصارخ بين قيم وتقاليد الولايات المتحدة ومباديء سياسة رئيسها الخارجية وبين الانظمة الظلامية التي عملت الولايات المتحدة وتعمل ضدها.

اسرائيل مدينة بشكل كبير لجو بايدن بالدعم العسكري والسياسي، وحاملة الطائرات وآلاف القذائف ومليارات الدولارات التي اغدقت عليها، ولكنها تريد أن تحاسبه لأنه “يرى الشر”. هو يمكنه أن يكون حارس العتبة، لكنه لا ينقذها من القدم الموجودة على عنق ديمقراطيتها.

——————————————–

“هيئة البث الإسرائيلية”: مصر وقطر تعارضان الاتهام الأميركي لحماس بإفشالها المفاوضات

الولايات المتحدة تحمّل حركة حماس مسؤولية فشل المحادثات، وتتجنب اتهام نتنياهو بذلك بسبب الانتخابات الرئاسية، وقطر ومصر تعارضان ذلك.

“هيئة البث العام” الإسرائيلية تنشر تقريراً تقول فيه إنّ مصر وقطر تعارضان الاتهام الأميركي لحركة حماس بإفشالها المفاوضات، وتنقل عن مصدر عربي قوله إنّ واشنطن تتجنب اتهام نتنياهو بإفشال المفاوضات بسبب الانتخابات الأميركية.

قال مسؤولون أميركيون لمسؤولين إسرائيليين: “هذه المرة يمكننا القول إن حماس مسؤولة عن عدم التوصل إلى اتفاق”، بذريعة أنّ التواصل مع يحيى السنوار، زعيم الحركة، كان صعباً في الآونة الأخيرة، لكن قطر ومصر، اللتين تؤديان دور الوسيط في المفاوضات، تعارضان موقف الولايات المتحدة الذي يلقي باللوم على حماس فقط في فشل الصفقة.

وقال مسؤول رفيع في إحدى الدول العربية إنّ “القاهرة والدوحة مستاءتان للغاية من أنّ الولايات المتحدة تلقي باللوم على حماس وحدها في فشل الصفقة، في حين أنّها تعلم”، على حد قوله، أنّ “المطالب الجديدة لحماس يمكن التوسط فيها”.

وبحسب المصدر الرفيع نفسه، فإنّ القاهرة والدوحة تعتقدان أنّ واشنطن تتجنب، بسبب الانتخابات الرئاسية الأميركية، توجيه أصابع الاتهام إلى نتنياهو وتلوم حماس فقط.

وأضاف المصدر نفسه: “الجميع يعلم، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر ومصر، أنّ العقبة الرئيسية أمام الصفقة هي الانسحاب الإسرائيلي. وإذا وافق نتنياهو عليه، فإنّ حماس سوف تبدي مرونة بشأن مطالبها. لقد فعلوا ذلك بالفعل في الماضي”.

——————————————–

 يديعوت أحرونوت 11/9/2024

لا هواء في الرئتين

بقلم: راز شيكنيك

في البداية لا توجد كلمات. فقط إحساس غامض بغضب بلا كوابح، رعب، انعدام وسيلة. والصدمة التي تهز كل الجسد، الصدمة عن اخواتنا واخواننا الذين يعيشون فظائع سنة، تقريبا إلى أن يقتلون برصاصة في الرأس من مسافة صفر. بالضبط مثل القصص التي سمعتها من الجدة، من الجد عن الأيام إياها لحفر الموت ومعسكرات الموت التي قضى فيها اقرباؤهم نحبهم. ومثلما في حينه، بالضبط مثلما في حينه، ليس هناك من يسمع. ليس هناك من يمد اليد. ليس هناك من يعانق في الليالي الكابوسية. مثلما في المحرقة. ولا يوجد هواء.

منذ 7 أكتوبر يخيل لي اننا تلقينا براهين أكثر مما ينبغي عمن هو العدو المتوحش الذي يوجد أمامنا في غزة. فانت بت تقول لنفسك، اكاد أكون رأيت كل شيء، سمعت كل شيء، النفس تدمي، تألم، لكن لعلها محصنة قليلا بعد سنة. عندما شرح الناطق العسكري دانييل هجاري بأن الصور من النفق قاسية، بات قاسيا عليك ان تصدق انه يمكن الموت من الداخل مرة أخرى. بل انك حتى تستخف قليلا بتحذيره. لكن الصور من النفق اعادت دفعة واحدة الاحاسيس المشتعلة من 6:29 في صباح ذاك السبت إياه وتثبت أن لا حد لهجماتهم.

هذا النفق بالكاد مناسب لعبور البشر. لا يمكن الوقوف فيه طويلا. لا يمكن الاستقامة. لا يمكن النوم. لا يوجد هواء. لا يمكن العيش. احتجاز ستة من بني البشر معا في مكان كهذا يعني تعذيبا متواصلا ومعاناة لا تنتهي، تجويعا، إهانة، مثابة كون آخر. ومع ذلك، فان نزعة البقاء لدى كرمل جات، عيدان يروشالمي، الموغ ساروسي، اوري دنينو، اليكس لوبانوف وهرش غولدبرغ – بولين بارك الله ذكراهم كانت قوية بحيث وقفت بفخار في وجه دون البشر ورفضت الاستسلام.

لعل هذه كانت وحدة المصير التي ربطت ستة قلوب وارواح الواحدة الى الأخرى وراكمت دائرة ذهبية من الحياة، الطاقة والأمل. النور الذي يدخل عبر الصدوع غير الموجودة في النفق يحاول أن يروي كيف بدت الدقائق الأخيرة التي فهم فيها ستة اخوتنا واخواتنا بانهم وصلوا نهاية طريقهم. كيف صارعوا آسريهم بما تبقى لهم من قوة، بفخار، وحاولوا التغلب على سجانيهم بلا أمل. بقع الدم التي لم تجف بعد في النفق تضرب القلب وتغلي الدم. هنا بات صعبا علي أن أرى من خلف الدموع. لم يعد ممكنا التفكير بالمخطوفين الآخرين الذين يذوون ببطء في ظروف مشابهة وغير طبيعية، لا يمكن الا نطلب منهم المغفرة على كل ثانية تمر لا تنجح فيها دولة إسرائيل في أن تنفذ معهم العقد الأساس وتعيدهم إلى الديار. كتبت هذا هنا في اليوم الذي قتل فيه ستة المخطوفين في مذبحة النفق وسأكرر: لا توجد صفقات جيدة في الجحيم.

دولة إسرائيل مسؤولة عن الحقيقة المغيظة التي لا يمكن فهمها في أن المخطوفين يوجدون في الأسر في غزة. هي مسؤولة على أن تجلبهم قبل كل شيء، قبل كل محور فيلادلفيا الذي أصبح فجأة صخرة وجودنا. بدون عودة المخطوفين، الفكرة الإسرائيلية التأسيسية، أساس دولة هرتسل وبن غوريون، اشكول، سديه، حاييم وايزمن وبيغن ورابين، تلك التي تميزنا عن باقي الشرق الأوسط – ستنهار. لن تكون قائمة من هناك. لم يعد يوجد هواء.

——————انتهت النشرة——————