
الصحافة الاسرائيلية– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي (INSS): 19/2/2025
تقييم جدوى مبادرة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، هل من الممكن تنفيذ الخطة وكيف؟
بقلم: ريم كوهين
قد تشير مبادرة الرئيس ترامب لإعادة توطين الفلسطينيين من غزة إلى تحول في النهج المتبع في معالجة الدمار الواسع النطاق في المنطقة ونقص السكن للسكان النازحين بسبب الحرب. تسعى خطة ترامب أيضًا إلى إشراك مصر والأردن في حل التحديات التي يفرضها هذا الوضع بشكل نشط. وإذا تم تنفيذ المبادرة بالفعل، فيجب تنفيذ العملية بموافقة جميع المشاركين، وتقديم حوافز ذات مغزى، وإنشاء إشراف دولي لحماية حقوق المهاجرين. وفي الوقت نفسه، يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة أن تنخرط في حوار مع الفلسطينيين، وأن تدمج احتياجاتهم في المبادرة وتضمن التوصل إلى حل عادل وشامل. وفي المقابل، يتعين على إسرائيل أن تتولى دوراً ثانوياً وأن تمتنع عن قيادة الجهود أو تنفيذها علناً في حين تسمح لسكان غزة بالمغادرة.
إن قطاع غزة هو أحد أكثر المناطق كثافة سكانية وتعقيدًا في العالم، حيث يقطنه أكثر من 2.1 مليون شخص. وحتى قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، واجهت غزة أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية مطولة. وقد أدى الضغط الديموغرافي المرتفع، ومعدل البطالة الذي بلغ 80٪، والاعتماد على المساعدات الخارجية إلى جعل غزة مكانًا صعبًا للعيش. وقد أدت الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023 إلى تفاقم هذه القضايا، مما تسبب في تدمير واسع النطاق للبنية التحتية. وعلى هذه الخلفية، فإن اقتراح الرئيس ترامب بنقل السكان من غزة إلى دول أخرى – بما في ذلك مصر والأردن وألبانيا وإندونيسيا – يمثل تحولًا في النهج المتبع لحل الأزمة في المنطقة التي مزقتها الحرب. والفكرة هي إنشاء آليات تسمح للسكان بمغادرة غزة بطريقة منظمة مع ضمان حقوقهم وتسهيل إعادة إعمار غزة، وكل ذلك مع إزالة عبء توفير السكن والمساعدات الإنسانية لمئات الآلاف من النازحين من غزة. يثير هذا الاقتراح أسئلة مهمة فيما يتعلق بجدواه السياسية والاقتصادية والقانونية، فضلاً عن آثاره الإقليمية والدولية المحتملة.
الاقتراح
أثار اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة في الدول المجاورة ــ وتحديداً مصر والأردن (وحتى دول أبعد مثل ألبانيا وإندونيسيا) ــ جدلاً واسع النطاق في الساحتين الدولية والإقليمية. وذكر ترمب أنه تحدث مع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن حول إمكانية قبول بلاده للاجئين الفلسطينيين، كما ناقش القضية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ووفقاً لترمب، فإن الوضع في غزة “فوضوي” و”يجب أن يحدث شيء ما. لكنه في الواقع موقع هدم الآن. لقد هُدِم كل شيء تقريباً، ويموت الناس هناك. لذا فإنني أفضل أن أشارك مع بعض الدول العربية في بناء مساكن في مكان مختلف حيث يمكنهم ربما العيش في سلام للتغيير”.
وعلاوة على ذلك، اقترح ترمب في اجتماعه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الرابع من فبراير/شباط 2025 مبادرة تقضي بإعادة توطين جميع سكان قطاع غزة في دول أخرى. وقد صرح نتنياهو بأن الولايات المتحدة ستتحمل مسؤولية إزالة القنابل والحطام من غزة وستعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية التي من شأنها توفير فرص العمل والإسكان. بل واقترح أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة طويلة الأمد على قطاع غزة لتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط. ووصف نتنياهو الفكرة بأنها “تفكير خارج الصندوق”.
يجب التأكيد على أن الدول العربية عارضت بشدة المبادرة ورفضت قبول اللاجئين من قطاع غزة. ورفضت مصر بشدة أي محاولة لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين داخل حدودها، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى المخاوف بشأن التغيرات الديموغرافية في شبه جزيرة سيناء وزعزعة الاستقرار المحتملة للأمن الداخلي في البلاد. وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر لن تقبل أي محاولة لنقل الفلسطينيين إلى أراضيها، مؤكداً أن حل القضية الفلسطينية يجب أن يكون داخل حدود فلسطين. كما رفضت الأردن الاقتراح بشكل قاطع. وصرح المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني بأن “الأمن القومي الأردني مرتبط ببقاء الفلسطينيين على أرضهم ورفض الهجرة”.
رغم أن مبادرة الرئيس ترامب تشير إلى تحول في النهج الأميركي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن شركاء الولايات المتحدة العرب ينظرون إليها باعتبارها زعزعة محتملة للوضع الراهن في بلدانهم وليس خطوة نحو تخفيف التوترات المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وفي بيان مشترك صدر في قمة وزراء خارجية جامعة الدول العربية في القاهرة في الأول من فبراير/شباط، أكد ممثلو الدول الأعضاء التزامهم بحل الدولتين وحماية الحقوق الفلسطينية مع رفض تهجير سكان غزة. وشددوا على الحاجة إلى دعم الجهود الرامية إلى إعادة تأهيل قطاع غزة وضمان بقاء الفلسطينيين في وطنهم.
ومع ذلك، وعلى الرغم من معارضتها الأولية، فإن الدول العربية ــ وخاصة مصر والأردن ــ قد تستفيد من الحوافز الاقتصادية الأساسية إذا أقنعت بالتعاون في تنفيذ المبادرة. فبالنسبة لمصر، على سبيل المثال، قد يساهم قبول اللاجئين في شمال سيناء في التنمية الإقليمية وتعزيز الاقتصاد المحلي. وفي الوقت نفسه، يواجه الأردن تحديات ديموغرافية وسياسية من شأنها أن تزعزع التوازن الدقيق بين سكانه الفلسطينيين والأردنيين. ولكن مع التمويل الكافي والتخطيط الدقيق للمناطق السكنية المخصصة للمهاجرين من غزة في الجزء الجنوبي من المملكة، يمكن أن تقدم المبادرة فرصة لتعزيز الاقتصاد الأردني.
وقد تكون دول أخرى على استعداد لاستقبال الفلسطينيين من غزة لإعادة توطينهم. على سبيل المثال، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، في بداية الحرب، أعرب حمزة يوسف، أول وزير في اسكتلندا آنذاك، عن استعداد بلاده لقبول اللاجئين الفلسطينيين من غزة وحث الدول الأخرى على الانضمام إلى الجهود الإنسانية. في مايو/أيار 2024، أعلنت كندا عن نيتها زيادة عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين ستقبلهم من غزة إلى ما يقرب من 5000 فلسطيني لديهم أقارب في كندا. بالإضافة إلى ذلك، أكد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، على أهمية خلق خيارات للفلسطينيين الذين يسعون إلى الانتقال إلى دول أخرى، وذكر أن دولًا في أمريكا الجنوبية وأفريقيا أعربت عن استعدادها لقبول الفلسطينيين من غزة مقابل الدعم الاقتصادي.
التداعيات الاقتصادية والسياسية لمبادرة ترامب
تتضمن الجوانب الرئيسية لتشجيع إعادة التوطين الحاجة إلى خلق حوافز اقتصادية كبيرة لكل من أولئك الذين يتم إعادة توطينهم والدول المضيفة. قد تقدم الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة الدولية حزم مساعدات اقتصادية واسعة النطاق (تقدر التكلفة بحوالي 14 مليار دولار لهجرة حوالي نصف مليون من سكان غزة). ومع ذلك، يظل السؤال المركزي هو ما إذا كانت هذه المساعدات ستكون مستدامة في الأمد البعيد أم أنها ستصبح مصدر معارضة من الدول المضيفة المعنية بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لاستيعاب عدد كبير من السكان الفلسطينيين. إذا تقدمت المبادرة إلى التنفيذ العملي، فإن الولايات المتحدة ستعزز مكانتها كزعيمة عالمية في تعزيز الحلول العملية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني مع الحد من العبء الدبلوماسي والسياسي الذي تواجهه فيما يتعلق بهذه القضية.
بالنسبة للفلسطينيين، يمكن أن تقدم مبادرة ترامب فرصة حقيقية لتحسين ظروف معيشتهم. إن إعادة التوطين في بلدان أخرى مع حوافز اقتصادية مضمونة وبنية تحتية وخدمات من شأنها أن توفر حياة أفضل للعديد من الأسر. وتشير دراسة استقصائية أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، بقيادة الدكتور خليل الشقاقي، إلى أن نسبة كبيرة من سكان غزة أعربوا عن رغبتهم في الهجرة؛ حيث قال 44% من سكان غزة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً إنهم سيغادرون القطاع إذا أتيحت لهم الفرصة. وتتعدد الأسباب وراء ذلك، بما في ذلك الظروف الإنسانية المزرية، وارتفاع معدلات البطالة، وسيطرة حماس المحكمة، والشعور باليأس من تحسين أوضاعهم. وبالنسبة للعديد من الناس، أصبحت إمكانية مغادرة غزة حلماً، وخاصة في ظل الأزمة الأمنية والاقتصادية الشديدة التي يواجهونها. ومع ذلك، قوبلت المبادرة بمعارضة شديدة من حماس والسلطة الفلسطينية، التي تخشى أن يُنظر إليها على أنها نكبة أخرى وتنازل عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وتثير المبادرة أيضا أسئلة قانونية. إذ يجب أن تتم عملية تشجيع إعادة التوطين مع حماية حقوق الإنسان ودون إكراه. وينصب التركيز في مبادرة ترامب على الحوافز الإيجابية وليس الضغط أو القوة. ومن شأن مشاركة الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة ــ إذا اختارت التعاون في دفع مبادرة ترامب ــ أن تساعد في ضمان تلبية المبادرة للمعايير الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركة الواسعة من جانب بلدان متعددة في قيادة العملية من شأنها أن تقلل من المخاوف بشأن الانتقادات القانونية على الساحة العالمية.
ومع ذلك، فإن المعارضة القوية من جانب البلدان الإقليمية، إلى جانب المقاومة من جانب القيادة الفلسطينية والمنظمات الدولية، من شأنها أن تمنع المبادرة من أن تتحقق أو تؤدي إلى عقبات كبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الافتقار إلى الرغبة من جانب البلدان المضيفة في التعاون قد يؤدي إلى فشل المبادرة، وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة وتعزيز الانتقادات الدولية ضد إسرائيل والولايات المتحدة لزعمهما سعيهما إلى إزالة السكان الفلسطينيين بدلا من معالجة الأسباب الجذرية للصراع. وفي هذا السيناريو، قد تصبح مبادرة ترامب قضية مثيرة للجدال إلى حد كبير على الساحة الدولية.
المنظور الإسرائيلي
لقد طفا على السطح الحديث عن تشجيع الهجرة من قطاع غزة مرات عديدة في الساحات العامة والسياسية في إسرائيل. فقد أشارت استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة دايركت بولز في عام 2024، أثناء الحرب، إلى أن نحو 80% من المستجيبين في إسرائيل يؤيدون تشجيع سكان غزة الراغبين في الهجرة إلى الخارج، بينما عارض ذلك 12%. وعلى نحو مماثل، وجد استطلاع أجرته مؤسسة مؤشر إسرائيل التابعة لمعهد سياسة الشعب اليهودي (JPPI) في 3 فبراير/شباط 2025، أن 52% من اليهود الإسرائيليين يعتبرون مبادرة ترامب عملية ويعتقدون أنه ينبغي الترويج لها، بينما يرى 30% آخرون أنها فكرة إيجابية ولكنها غير قابلة للتطبيق في نهاية المطاف. بعبارة أخرى، يؤيد أكثر من 80% من المستجيبين فكرة نقل سكان غزة إلى دول أخرى.
إن حقوق الإنسان المتعلقة بحرية التنقل واختيار الأفراد في بلدهم وفي دول أخرى محمية بموجب القانون الدولي. إن المعاهدات الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تحد من قدرة الدولة على ممارسة الضغط المباشر أو غير المباشر لتشجيع الهجرة بالقوة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من سكان غزة مسجلون كلاجئين في وكالة الأونروا، وهو الوضع الذي يمنحهم حقوقًا معينة، بما في ذلك المساعدات الاقتصادية. وقد يشكل هذا عقبة أمام تشجيع إعادة توطين سكان غزة، حيث قد يؤدي رحيلهم إلى فقدان المساعدة التي تقدمها المنظمة. في الوقت نفسه، يمكن اعتبار إعادة التوطين التي يتم تشجيعها من خلال الحوافز الاقتصادية وتحسين الفرص في بلدان أخرى – والتي تضمنها الدول المضيفة والنظام الدولي – مشروعة طالما أن حقوق الإنسان لأولئك الذين يتم إعادة توطينهم محمية ولا يخضعون للإكراه المباشر أو غير المباشر. وبالتالي، فإن تشجيع الهجرة من غزة يتطلب إطارًا قانونيًا قويًا لمنع المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
إن حقيقة أن المبادرة جاءت من الولايات المتحدة وليس إسرائيل تقلل من التعقيدات القانونية وقد تسهل الحصول على الدعم الدولي. ومن منظور إسرائيل، تقدم هذه المبادرة ميزة استراتيجية كبيرة من خلال الحد من الضغوط الأمنية والديموغرافية على طول حدودها الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، قد تخفف من التهديدات الأمنية لإسرائيل، حيث أن إعادة توطين حتى بعض السكان قد يقلل من الدعم للمنظمات الإرهابية. ويبدو أن المبادرة، في سياق مصر والأردن، تهدف إلى إشراك هذين البلدين بشكل نشط في حل الأزمة الإنسانية في غزة، واستقرار المنطقة وإعادة بنائها، أو استيعاب سكان غزة لتخفيف الضغوط الإنسانية.
ومع ذلك، هناك خطر يتمثل في أن تشجيع إعادة التوطين قد يُنظر إليه على أنه إكراه أو سياسة تمييزية، مما قد يؤدي إلى إثارة انتقادات دولية واسعة النطاق. وعلاوة على ذلك، قد يتم تفسير إعادة التوطين على أنها محاولة لإخلاء قطاع غزة من السكان بطريقة تضعف المطالبات الفلسطينية بالمنطقة أو تمهيدًا لضم إسرائيل لأجزاء من غزة. ولهذه الأسباب، وبدون استعداد البلدان الأخرى لقبول المهاجرين من غزة، فإن الخطة لن تكون قابلة للتطبيق.
الخلاصة
إن أحد الجوانب الرئيسية لمبادرة ترامب هو الاعتراف بأن حل مشكلة غزة ليس مسؤولية إسرائيل وحدها بل يتطلب مشاركة إقليمية ودولية واسعة النطاق. إن تغيير التصور بأن قطاع غزة مشكلة إسرائيلية فقط أمر بالغ الأهمية، حيث تضع المبادرة أيضًا المسؤولية على الدول العربية لإيجاد حل. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من الحلول تقع خارج سيطرة إسرائيل المباشرة. على سبيل المثال، لا تستطيع إسرائيل بمفردها تعزيز نزع التطرف بين الفلسطينيين، في حين ينبغي النظر في معالجة القضية الفلسطينية في سياق إقليمي أوسع.
إن تنفيذ اقتراح الرئيس ترامب يتطلب تنسيقًا دوليًا وموارد مالية واسعة النطاق وضمانات لحماية حقوق الإنسان لأولئك الذين أعيد توطينهم. في هذه المرحلة، تشير المبادرة بالفعل إلى تحول في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتتحدى النهج التقليدي مثل “حل الدولتين”. ومع ذلك، فإنها لا تزال تفتقر إلى آليات واضحة للتنفيذ الفعال. والسؤال الرئيسي هو ما إذا كان العالم العربي والمجتمع الدولي على استعداد لدعم مثل هذا الحل. علاوة على ذلك، هل سيرى سكان قطاع غزة أنها فرصة حقيقية لتحسين حياتهم، أم سيستمرون في النظر إليها على أنها محاولة لإضعاف الهوية الوطنية الفلسطينية وحقه في تقرير المصير؟ .
——————————————-
هآرتس 19/2/2025
الموت بألم أو انهاء خدعة الحرب
بقلم: تسفي برئيل
“شيء واحد يمكنني قوله. أنا شاهدت شهية قليلة جدا في مجلس الشيوخ لسيطرة أمريكية على غزة بأي شكل من الاشكال”، قال السناتور الأمريكي ليندزي غراهام، وهو أحد الأشخاص المقربين والمؤثرين جدا في الرئيس دونالد ترامب. هذا لن يكون بمثابة تخمين مبالغ فيه جدا اذا تم الافتراض أنه بدون سيطرة أمريكا لن تكون ريفييرا في غزة، ولن يتم إقامة ملاعب غولف في حي الشجاعية، وأن مستقبل الفيلات مع برك السباحة في ضواحي رفح يلفه الضباب.
أيضا بالون الترانسفير يفقد الهواء بسرعة. “أنا سأعمل مع إسرائيل على إيجاد دول تكون مستعدة لاستضافة الفلسطينيين اذا اختاروا المغادرة. ولكن نحن لا نتحدث عن الطرد بالقوة من قبل إسرائيل أو من قبل أي جهة أخرى”، هكذا بدد ليندزي بلباقة عنان هذه الهراءات. للأسف، الآن نحن عالقون مع “إدارة التهجير الطوعي”، التي أنشئت من قبل كيان مجرد سخيف يسمى وزير الدفاع.
في حين أن فصل الهذيان الذي تناول حل قضية غزة آخذ في التلاشي، على الصعيد العملي يتبين أن الولايات المتحدة تدفع باتجاه استكمال الجزء الأول في اتفاق تحرير المخطوفين، معدات هندسية وكرفانات سمح بادخالها الى قطاع غزة، وربما سنرى تحرير المزيد من المخطوفين في هذا الأسبوع، مبعوث ترامب ستيف ويتكوف أكد ما قام نتنياهو بنفيه وهو أن مفاوضات المرحلة الثانية بدأت، وهو يدفع نحو تنفيذها بالكامل. المعنى هو أن جميع المخطوفين سيتم اطلاق سراحهم، وإسرائيل يجب عليها الانسحاب من القطاع ووقف الحرب. “لن نترك أي أحد خلفنا”، وعد ويتكوف. ولسبب ما القلب يميل الى تصديقه أكثر من تصديق نفس الكلام بالضبط عندما يخرج على لسان نتنياهو.
ويتكوف، الذكي والواقعي والذي في السابق اثبت جدارته، يعترف بتعقيد هذه المرحلة. هو لا يتحدث عن ترانسفير للسكان، بل ابعاد حماس عن القطاع، أو على الأقل منع تدخلها في نظام الحكم الذي سيقوم في غزة. “تربيع الدائرة”، هكذا يسمى اللغز الهندسي الذي يشغله. أي اقامة في غزة سلطة ليست أمريكية أو حمساوية، وبدون مواصلة الحرب التي يمكن أن تؤدي الى موت المخطوفين.
تلميح لحل هذا اللغز ربما يوجد في اقوال غراهام. “لا أحد يتوقع من إسرائيل السماح لحماس بالسيطرة، ولا أحد يصدق أن السلطة الفلسطينية ستكون الحل بصورتها الحالية”. “صورتها الحالية” هي عبارة رئيسية لأن صورتها موضوع مرن يعمل على تشكيله الامريكيون مع نظرائهم في مصر، السعودية، قطر، الأردن والسلطة الفلسطينية، على أساس الاقتراح الحالي الذي يستند الى شراكة ناجعة للسلطة في إدارة غزة.
لا توجد أي جهة فلسطينية أخرى يمكنها الاستجابة للخطة العربية، ويوصى بعدم الاستناد بشكل كبير الى افتراض أن الولايات المتحدة سترفض أي خطة غير مقبولة على إسرائيل، اذا كانت هذه الخطة تلبي رغبة الرئيس. على كفة الميزان يوجد استثمارات سعودية بمبلغ 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، خلف دفاع امريكي – سعودي، الدفع قدما بالمفاوضات مع ايران، بتدخل من السعودية، التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وبالطبع تحرير جميع المخطوفين. إزاء كل ذلك فان هامش حرية تقرير إسرائيل آخذ في التقلص، لأن ترامب وشركاءه العرب يتحملون مسؤولية قيادة خطة “اليوم التالي.
بالتوقيع على صفقة المخطوفين فان إسرائيل وافقت على مبدأ الانسحاب من غزة، ووقف الحرب، واطلاق سراح حوالي 2000 سجين فلسطيني. وقد تعهدت أيضا بمناقشة إعادة اعمار غزة في المرحلة الثالثة. الاتفاق لا يستبعد تطلعها لتصفية حماس، لكن في حين أنه يوجد للحروب ضد الإرهاب “اشكال كثيرة” مثل الشكل الذي تديره إسرائيل في الضفة أو الشكل الموجود في لبنان، الذي انتهى باتفاق لا يطالب بتصفية حزب الله، فانه سيكون للمخطوفين فقط “شكل واحد” اذا قررت الحكومة التسلي بفكرة الترانسفير أو التمسك بخطة الحرب الخالدة: العيش بألم حتى يموتوا.
——————————————
هآرتس 19/2/2025
ضبابية نتنياهو تشتري وقت للطرفين، لكن لا يوجد وقت كهذا للمخطوفين
بقلم: رفيت هيخت
عند الانتهاء المسرع للمرحلة الأولى في صفقة إعادة المخطوفين – التي باستثناء معارضة حزب الصهيونية الدينية لم تكن لتتعرض الى خطر حقيقي – وصلت الوجبة الأساسية. المرحلة الثانية في الصفقة، التي تشمل اطلاق سراح المخطوفين الباقين وعلى رأسهم الاحياء الذين بعضهم في حالة صحية صعبة، كما شهد على ذلك العائدين الأخيرين.
امام ضغط امريكي مركز ومصمم على المواصلة الى المرحلة الثانية وانهاء بالسرعة الممكنة قضية المخطوفين، يقف الآن طلب إسرائيل الذي يشترط انهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع بابعاد قادة حماس الكبار الذين ما زالوا موجودين في غزة. في هذه المرحلة على الأقل فان احتمالية الموافقة على هذا الطلب غير مرتفعة. حماس وافقت على نقل السيطرة المدنية في القطاع لجهات أخرى مثل السلطة الفلسطينية، لكنها ترفض التنازل عن السيطرة العسكرية أو تقليلها، وهو الطلب الذي سيجد نتنياهو صعوبة كبيرة في الموافقة عليه وتمريره – ليس فقط لاسباب سياسية (طلب آخر بمثابة “كاسر صفقات” إسرائيلي، وهو اطلاق سراح مخربي النخبة الذين نفذوا جريمة 7 أكتوبر).
تحدي نتنياهو، الذي مثل ترامب هو غير معني باستئناف الحرب في غزة، هو المناورة داخل هذا الاطار الثنائي الذي لا يسمح بتوافق شروط الطرفين. نتنياهو يحاول توسيع منطقة الشفق التي توجد بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية. وبالتالي، محاولة انقاذ عدد آخر من الرهائن الاحياء، ربما مقابل تسهيلات إنسانية مثل ادخال أدوات ومعدات ميكانيكية، التي بفضلها سيتم تسريع اطلاق سراح الرهائن في الأيام القريبة القادمة.
“المحاولة في هذه الاثناء ستكون إيجاد صيغة ضبابية، التي يمكن لحماس أيضا التعايش معها، والتي ستمكن من وقف اطلاق نار غير محدد بزمن بدون الإعلان عن انهاء الحرب”، قال مصدر في الحكومة. “هذا مع وعد لسموتريتش بالعودة الى القتال في وقت ما، الى أن يتم إيجاد حل لابعاد حماس عن السلطة”.
تصعب رؤية كيف يتم تربيع هذه الدائرة، لكن المحاولات لا تتوقف. حسب نفس المصدر، على خلفية ذلك يجب رؤية أيضا عنزة الترانسفير ثقيلة الوزن التي ادخلها ترامب كما يبدو من اجل الضغط على مصر والأردن لمعالجة قضية غزة، فقط من اجل تركها لهما أو للسعودية.
هذه الصيغة الضبابية تظهر كفكرة لا معنى لها، لكنها في الحقيقة قد تخدم مصالح الطرفين. نتنياهو لن يدفع ثمن وقف اطلاق النار المؤقت في حكومته، وربما حتى قد ينجح في ضمان اطلاق سراح المزيد من الرهائن الآخرين. حماس ستبقى على الطاولة كجهة ذات صلة. بالتأكيد هذا لا يعتبر حل جذري للمدى البعيد، لكنه يكسب الوقت للطرفين، وهو البضاعة المطلوبة في المنطقة. الوحيدون الذين لا يوجد لهم وقت هم المخطوفون وأبناء عائلاتهم، الذين حكم عليهم في الفترة الأخيرة بعدم اليقين، وتعرضوا لهزة شديدة.
بخصوص اليوم التالي” نفسه، الذي يحطم الجميع رؤوسهم بسببه، هناك احتمالية واقعية اكثر بكثير من احتلال امريكي أو تحويل غزة الى عقار ثمين، التصريحات المتسرعة التي تم اطلاقها هنا في الفترة الأخيرة بدون فحص – وهي تحالف عربي من النوع الذي يتم طبخه في الوقت الحالي بهدف الرد على سوط الترانسفير الذي لوح به ترامب، لكن في الواقع من اجل طرح فكرة مؤيدة للغرب وللفلسطينيين من اجل حل ضائقة غزة. من المرجح أن يكون هذا تحالف مع السلطة الفلسطينية بلعبها دور كبير. وأيضا حماس ستشارك فيه، من الباب الخلفي (إخفاء هوية الأعضاء الاشكاليين فيه يمكن تمرير بسهولة هذا التحالف في حلق الطرفين). هذه إمكانية الملجأ الوحيد من تجدد الحرب، وهي خطوة جميع اللاعبين الرئيسيين غير معنيين بها.
——————————————
هآرتس 19/2/2025
استعداد حماس لتبكير إعادة المخطوفين يدل على أنها حصلت على مقابل
بقلم: عاموس هرئيلِ
سيل التصريحات في اليومين الأخيرين، من الولايات المتحدة ومصر وقطر، ومن حماس، وبدرجة أقل من إسرائيل – يدل على التقدم في المفاوضات حول اطلاق سراح المخطوفين. لقد تم توحيد للنبضات، المخطوفين الستة الإسرائيليين الاحياء الذين كانوا سيتحررون في المرحلة الأولى في الصفقة سيتم اطلاق سراحهم معا في يوم السبت القادم، وليس على دفعتين في أيام سبت. أيضا إعادة جثامين المخطوفين المحتجزين في القطاع سيتم تسريعها قليلا. إضافة الى ذلك الإدارة الامريكية بدأت تبث التفاؤل حتى بخصوص إمكانية أن يتم تطبيق المرحلة الثانية في الصفقة بنجاح رغم الصعوبات الكثيرة التي تكتنفها.
مجرد استعداد حماس لتبكير تحرير المخطوفين الستة الاخياء يدل على أنها حصلت على مقابل. في هذه الاثناء الحديث يدور عن ادخال كرفانات وخيام ومعدات ثقيلة لاخلاء الأنقاض في القطاع، لكن ربما أن حماس حصلت في السر أيضا على وعود بعيدة المدى بخصوص استمرار المفاوضات.
رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يحتفظ كالعادة بكل الاحتمالات مفتوحة حتى اللحظة الأخيرة. وراء الكواليس نتنياهو يقول أمور مختلفة لاشخاص مختلفين. شريكه في اليمين المتطرف، الوزير سموتريتش، استنتج من المحادثات بينهما بأن الجيش الإسرائيلي سيعود في القريب الى القتال على نطاق شامل في قطاع غزة. أيضا الجيش مستعد لهذه الاحتمالية التي يمكن أن تشمل عملية برية جديدة لعدة فرق. في المقابل، الامريكيون يناقشون مع نتنياهو بجدية الانتقال الى المرحلة الثانية.
رئيس الحكومة يمكن أن يستجيب في نهاية المطاف للضغوط من واشنطن، ويحاول تعويض سموتريتش (الذي لا ينتظره شيء جيد خارج الحكومة) بخطوات ضم وتصعيد عسكري في الضفة الغربية. نتنياهو سيأمل حرف انتباه الرأي العام في أوساط مؤيديه بوعد تسريع تشريع الانقلاب النظامي.
اذا بدأ أخيرا تطبيق المرحلة الثانية فهذا لن يكون فقط بسبب الأمريكيين. رئيس الحكومة ينشغل جدا بقراءة الاستطلاعات – كل الاستطلاعات تشير الى دعم الجمهور الواسع لتنفيذ الصفقة حتى إعادة آخر المخطوفين، الاحياء والاموات. تفجير المفاوضات وإبقاء المخطوفين ليموتوا في انفاق غزة يتوقع أن تولد ردود قاسية في الرأي العام في إسرائيل، في الوقت الذي فيه شهادات العائدين من هناك تقدم للمرة الأولى للجمهور ظروف الاسر القاسية في القطاع بكامل خطرها.
ضباط الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن “الغطرسة” التي يوصف بها نتنياهو منذ عودة ترامب الى البيت الأبيض، وخاصة منذ لقاءهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين. ترامب في الواقع هو شخص مغرور ويكثر من اطلاق التصريحات بشأن توصيات وخطط لن يتم تنفيذها، لكنه حتى الآن لم ينحرف في الولاية الحالية عن دعم إسرائيل وإظهار تعاطفه مع نتنياهو.
القنبلة التي القاها ترامب اثناء زيارة رئيس الحكومة عندما قام بطرح اقتراح التهجير الجماعي “الطوعي” للفلسطينيين من القطاع، استقبلت في المستوى السياسي بثمل مشاعر حقيقي. ولدهشة بعض الضباط فانه يتكرر في النقاشات القول بأنه تنتظرنا لحظات تأتي مرة واحدة، التي ستسمح لنا باتخاذ خطوات تاريخية مثل ابعاد الفلسطينيين من قطاع غزة. على خلفية هذه الفرصة قيل بأن أهمية انقاذ المخطوف الأخير تتضاءل.
في النقاشات الأخيرة في منتديات مختلفة طلب نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس تسريع النقاشات في جهاز الامن حول تطبيق “خطة ترامب” (على فرض أن الامر لا يتعلق بفكرة فقط)، وطرح اقتراحات ملموسة للدفع قدما بالتهجير. ردا على ذلك طرحت المدعية العسكرية الرئيسية، الجنرال يفعات تومر – يروشالمي، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا بعض التحفظات. فقد حذرتا من الحساسية القانونية الدولية التي ترافق خطوات مثل التشجيع على الهجرة. المستشارة القانونية للحكومة أوصت باجراء النقاش في منتدى مصغر، مع الاخذ في الحسبان قوانين الحرب الدولية وأن يتم بصورة جيدة تحديد قواعد المسموح والممنوع على الجيش الإسرائيلي.
وزير الخارجية جدعون ساعر (الذي اقترح في الحكومة السابقة تعيين بهراف ميارا كمستشارة قانونية للحكومة) قال في رده بأن “الهجرة هي موضوع سياسي وليس موضوع قانوني”. وأضاف بأنه واثق من أن ترامب لن يتوقف للتشاور مع رجال قانون قبل طرح اقتراحه. هذا موقف مفاجيء. فخلافا لنتنياهو لم يتم اصدار مذكرات اعتقال دولية ضد ترامب في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. من المثير للاهتمام معرفة هل سيطلبون من المستوى السياسي عندما يبدأ ضباط الجيش الإسرائيلي في التورط بسبب تطبيق سياسة ترامب، ابعاد رجال القانون عن عملية اتخاذ القرارات.
تبرير مستقبلي
الجيش الإسرائيلي استكمل أمس إعادة الانتشار في جنوب لبنان وقام بالانسحاب الى خمسة مواقع قرب الحدود من الجانب الشمالي. إسرائيل لم تعلن عن الوقت الذي ستبقى فيه هذه القوات في المواقع، التي كل موقع منها يساعد في الدفاع عن المستوطنات القريبة من الحدود. في حكومة لبنان وحزب الله ادانوا هذه الخطوة واعلنوا بأنها تخالف اتفاق وقف اطلاق النار. ولكن في هذه الاثناء يبدو أن الولايات المتحدة توفر لها الدعم وتطلب من الجيش اللبناني تشديد انفاذ القانون ضد خروقات حزب الله في جنوب نهر الليطاني قبل أن تطلب من إسرائيل الانسحاب.
إن التواجد الإسرائيلي على أراضي لبنان لا يشكل خرق للاتفاق. هو سيوفر لحزب الله الذريعة للقيام مستقبلا بالاحتكاك العسكري في الجنوب بذريعة أن سيادة لبنان تم اختراقها. ولكن في الحكومة وفي الجيش يقدرون أنه في هذه الاثناء حزب الله ينشغل بالأساس بإصلاح الاضرار التي وقعت اثناء الحرب، لذلك، هو غير متحمس لاشعال الحدود من جديد.
قيادة حزب الله، بدعم من ايران، تراجعت في تشرين الثاني الماضي عن الوعد بمواصلة القتال في لبنان طالما أنه لم يتم التوصل الى تسوية في غزة. عمليا، وقف اطلاق النار في لبنان دخل الى حيز التنفيذ قبل وقف اطلاق النار في غزة بشهرين تقريبا. ولكن طوال الوقت سيكون من الصعب الحفاظ على الوضع الراهن لفترة طويلة، أيضا توجد لإسرائيل مصلحة في استقرار النظام الجديد في لبنان الذي يظهر علامات الاستقلالية بالنسبة لإيران ويحاول الوفاء بتعهداته للغرب.
نجاح الجيش الإسرائيلي في الحرب والهدوء النسبي على الحدود منذ وقف اطلاق النار وسياسة التنفيذ الصارم للاتفاق التي تتبعها إسرائيل منذ ذلك الحين، كل ذلك يمكن أن يساعد الدولة في اقناع سكان المستوطنات على الحدود بأنه يمكنهم العودة الى بيوتهم بأمان. ولكن في الجليل الأعلى وفي الجليل الغربي يواصلون النظر بتشكك الى الاتفاق المتبلور، الذي بسببه تم اخلاء اكثر من 60 ألف مواطن من بيوتهم لاكثر من سنة. في قيادة المنطقة الشمالية يعرضون على رؤساء المجالس المحلية ومسؤولي الامن خطط الدفاع الجديدة التي تمت بلورتها، البنى التحتية في المواقع والوسائل التي تم نشرها وحجم القوات التي سيتم وضعها قرب الحدود. من الآن فصاعدا حجم القوات سيكون اكبر بثلاثة اضعاف عن الذي تم نشره على الحدود قبل 7 أكتوبر – الحجم الذي تبين بأثر رجعي أنه اصغر بكثير من المطلوب (السبب الرئيسي في أنه لم تحدث مذبحة مشابهة في الشمال كان تردد حزب الله في انضمامه لحماس).
——————————————-
معاريف 19/2/2025
خطر تبني أمريكا فكرة التعيين حسب الولاء وليس حسب المهنة
بقلم: اوري بار يوسف
وحدة الساحات – أي التعاون بين كل أعداء إسرائيل في هجوم على الدولة – كانت سيناريو الرعب المركزي الذي حذرت منه أسرة الاستخبارات قبل 7 أكتوبر.
هذا التهديد لم يختفِ وان كان فقدَ من قوته. لكن يحل محله اليوم تهديد وحدة ساحات آخر، خطير هو أيضا: روح الترامبية التي تهب بشدة في الولايات المتحدة والتي وصلت الينا أيضا وتعظم التهديدات على جهاز الامن بعامة وعلى أسرة الاستخبارات بخاصة.
التعبير الأكثر وضوحا وتهديدا عن ذلك جاء في بداية جلسة الكابنت الأمني في 11 شباط عندما القى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دون أي صلة بموضوع البحث، خطابا اذهل الحاضرين. في مركزه كانت رسالة وكأنها جاءت مباشرة من مكتب ترامب: إسرائيل تدخل الى عصر “الولاء”، الذي اختبار أناس الساحة فيه لا يكون في أدائهم المهني بل بمدى ولائهم له شخصيا.
اختبار الولاء لترامب، الذي تتصدى له اجسام واسعة في الإدارة الامريكية يهدد بتحطيم اسرة الاستخبارات هناك. امن الولايات المتحدة يقوم على أساس تقدير استخباري مهني، موضوعي وعديم التحيز السياسي. مطلب الولاء يتعارض مع ذلك تماما.
نتيجة مطلب الولاء الشخصي هي بداية مسيرة تصفية اسرة استخبارات فاخرة بنيت على مدى عشرات السنين وبدايتها في القمة. لمنصب رئيس الاستخبارات القومية عينت تولسي غفارت. في ضوء سلوكها وتصريحاتها في الماضي اشتبهت بها محافل مهنية كـ “ذخر” الاستخبارات الروسية.
رئيس السي.اي.ايه الجديد هو جون رتكليف. في فترة ولايته القصيرة كرئيس الاستخبارات القومية في ولاية ترامب الأولى حرف التقديرات الاستخبارية لاجل مساعدة الرئيس في حملة الانتخابات ضد بايدن. المرشح لان يكون رئيس الـ اف.بي.اي هو كاش باتل، الذي اعلن عن أنه يجب تقليص صلاحيات الجهاز وتصفية مكانته كمسؤول عن التجسس المضاد في الولايات المتحدة.
بالتوازي بدأت تطهيرات مكثفة في أجهزة الاستخبارات نفسها. وكلاء الـ اف.بي.اي الذين كانوا مشاركين بحكم وظيفتهم في التحقيق في الهجوم على الكونغرس في 2021، يوجدون الان قيد التحقيق، وتوجد شهادات جيدة على أن باتل، الذي لم يتسلم مهام منصبه بعد، اصدر منذ الان أوامر لاقالة مسؤولين كبار في الجهاز ممن هم ليسوا موالين بما يكفي.
20 الف موظف الـ سي.اي.ايه تلقوا عرضا بالاستقالة المبكرة وبالتوازي المح بشكل واضح لمن لا يتماثل مع الإدارة الجديدة بان من المجدي له أن يستغل الفرصة. سياقات مشابهة بدأت أيضا في الـ ان.اس.ايه، الموازي الأمريكي لـ 8200 ووكالات استخبارات أخرى. والنتيجة توشك أن تكون فقدان كبير لقوة بشرية مهنية، ترجع قدرة عمل الاستخبارت الامريكية سنوات الى الوراء.
السيف المسلط يهدد أيضا مصادر الاستخبارات الامريكية. بعض الشبان ممن تعوزهم تحقيقات امنية، تلقوا قدرة وصول الى القوائم الأكثر سرية في وزارة الخزينة، تتضمن أيضا تفاصيل عاملي الـ سي.اي.ايه وقائمة الجواسيس الذين يعملون في صالح الولايات المتحدة في بلدان أجنبية.
التخوف الان هو في ان تنكشف مصادر استخبارات حساسة للغاية وهوية العاملين ممن ابقيت حتى الان كسر دولة، لأجهزة أجنبية.
لا غرو أن ديفيد اغناسيوس، احد اكبر الخبراء في هذا الموضوع قال في مقال في “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي ان التطهيرات في اسرة الاستخبارات هي أخطر ما تفعله إدارة ترامب.
ليس واضحا كم من هذه التسيبات يعتزم نتنياهو استيرادها الى إسرائيل في اطار مطلبه بالولاء الشخصي. صحيح أن هذه المطلب وجد تعبيره في تعيين يوسي كوهن لمنصب رئيس الموساد في 2016 لكن نتنياهو كان حذرا حتى اليوم من تحويل هذا الى الاعتبار المركزي.
مع ذلك، يدير نتنياهو منذ اكثر من سنتين شبكة علاقات مهزوزة مع قيادة الاستخبارات ويلقي عليها كل المسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر انطلاقا من الرغبة في إزاحة النار عن مسؤوليته. بالتوازي يسعى لان يقيم في ديوانه دائرة استخبارات توفر له تقديرات استخبارية ترضيه وتغطي على التقديرات الاستخبارية المهنية لاسرة الاستخبارات. إضافة الى ذلك يسمح لوزير دفاعه بان يوبخ رئيس أمان – شعبة الاستخبارات حين يقوم هذا بمجرد أداء مهامه.
الان اضيف الى هذه الشحنة الجسيمة عنصر الولاء الشخصي. لا حاجة للوصول الى مستوى الفوضى التي تمر على الإدارة الامريكية كي نفهم المعاني التي تنبع من مطلب الولاء الشخصي. خذوا مثلا المعضلة التي يقف امامها رئيس الشباك رونين بار في مسألة العلاقة بين شركاء السر في مكتب نتنياهو وحكومة قطر التي تمول حماس وتدعمها. ما يمليه عليه ضميره المهني هو ان يأمر بفتح تحقيق. تهديدات نتنياهو يمكنها أن تردعه عن ذلك.
في حالة بار كان يمكن الافتراض مسبقا بانه لن يخون واجبه المهني. لكن ماذا سيفعل خليفته الذي حسب المنشورات سينتخب الى منصبه أيضا على أساس الولاء للزعيم، اذا ما وجد نفسه في معضلة مشابهة؟ وأي تقديرات سيقدمها رئيس امان اذا بقي تحت هجمة وزير دفاع يتصرف وكأنه في مركز الليكود؟ ولمن سيكون ولاء رجال استخبارات آخرين حين يعرفون بان تنفيذ واجبهم المهني سيمنع ترفيعه.
هذه أسئلة ما كانت لتطرأ على بال حتى وقت آخير مضى. لكن الأمور تغيرت، المخاطر قائمة والثمن قد يكون باهظا ولهذا فيجب طرح الموضوع على جدول الاعمال الجماهيري. يجدر برؤساء أمان، الموساد والشباك على اجيالهم، الى جانب كل من ساهم في بناء اسرة الاستخبارات المهنية لدولة إسرائيل ان يطلقوا صوتهم. والا اذا تحققت المخاطر فسيصعب عليهم النظر في المرآة.
——————————————-
يديعوت احرونوت 19/2/2025
نهج ترامب نتنياهو
بقلم: رون بن يشاي
عندما قال نتنياهو في جلسة الحكومة هذا الأسبوع ان لترامب وله توجد استراتيجية مشتركة ومنسقة، فانه وصف الواقع. فالرئيس الأمريكي ورئيس وزراء إسرائيل الحاليان يتقاسمان بالفعل الفكر الاستراتيجي إياه الذي خلاصته: القاء فكرة كبيرة الى الهواء أو حتى تنفيذ خطوة دراماتيكية هامة في الأرض – وعندها انتظار لوقت ما لاجل السماح لكل الجهات أن ترد؛ ليريا ماذا سيكون رد الطرف المقابل، كيف سيتعاطى الجمهور في الداخل مع الخطوة، ماذا سيكون الرد في الساحة الدولية والإقليمية وماذا سيقترح الوسطاء كبديل للاقتراح الأصلي؛ بعد ذلك التصرف حدسيا “سماعيا” (Play it by ear) الى أن تتحقق تسوية دائمة ما للمشكلة. وهذا لن يكون بالضرورة ذروة اماني ترامب او بيبي لكن هما ومؤيديهما السياسيون يمكنهما أن يتعايشوا معها.
النقيصة الأساس لهذه الاستراتيجية هي كونها عديمة هدف وغاية نهائيين محددين مسبقا وواقعيين للتحقيق. وعليه فانهما لا يخدمان بالضرورة المصالح الحيوية للامن القومي او أي مصلحة قومية أخرى بل، في هذه الحالة المصلحة الشخصية لترامب او لبيبي أساسا او لكليهما. نقيصة مركزية أخرى لهذه الاستراتيجية هي أنها تستوجب سلوكا بطيئا، مضيعا للوقت وكنتيجة لذلك تجبي ثمنا باهظا في حياة الانسان ومعاناة المخطوفين، مقاتلين وغزيين غير مشاركين وتستهلك مقدرات باهظة الثمن بكميات غير معقولة.
بالمقابل، يوجد للفكر الاستراتيجي الترامبي – البيبي هذا أيضا ميزتان عظيمتان: فهي مبادرة وبالتالي في أحيان قريبة تخرج الطرف المقابل ومؤيديه عن توازنهم وتجبرهم على أن يقبلوا بعض مطالب الطرف الذي بادر الى الخطوة الأولية. الميزة الثانية الهامة جدا لهذا الفكر هو المرونة في اتخاذ القرارات تسمح للقادة باتخاذ القرارات. معظم الخيارات تبقى مفتوحة امام من بدأ الخطوة. يمكنه أن ينفذ الفكرة العظيمة بكاملها، ان يتخلى عنها تماما او يجري عليها تغييرات واسعة دون أن يكون ملتزما بنتيجة او انجاز واضحين وقابلين للقياس تحددا مسبقا. ما يسمح لبيبي أو لترامب ان يتصرف وفقا للمصالح وسلم الأولويات المرغوب فيها وفي كل حال رسم نقطة التصويب حيث أصاب السهم. حتى لو اخطأ الهدف الذي هو إعادة اكبر عدد ممكن من المخطوفين الاحياء وتحسين الامن القومي على مدى الزمن.
ليس صدفة أن ترامب ونتنياهو يتخذان الاستراتيجية ذاتها. كلاهما نرجسيان يتملكهما الغرور يعانيان من ثقة مبالغ فيها بالنفس تدفعهما للتصديق بانهما قادرين على أن يشخصا ويستغلا الفرص الطائرة ويعطلا مخاطر والغام في المفاوضات. كلاهما مقتنعان بان كل واحد منهما قادر على أن يدير، من خلال حفنة صغيرة من رجال السر والثقة سياسة بطريقة حرة ليست مقيدة بخطة مرتبة ذات اهداف مصاغة بغموض.
لدى ترامب، هذا الفكر الاستراتيجي يجب تعبيره بجواب “ We shall see” (نحيا ونرى، يلقيه الى الصحافيين الذين يسألونه مثلا اذا كانت مصر والأردن ستوافقان على أن تستوعبا مئات الاف الفلسطينيين الذين يجلون من القطاع في اطار خطة الاخلاء – البناء التي بادر اليها. وعليه فهام جدا أن نتذكر كيف أنه في عهد رئاسته الأولى أجاب ترامب هكذا للصحافيين الذين سألوه اذا كان حقق اتفاقا عن نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، وكيف عاد بيدين فارغتين مكللا بالعار من لقاءات القمة العظيمة التي بادر اليها مع كين يونغ اون.
بيبي أكثر تجربة في التصرف حيال الاعلام المعادي وغير المؤدب، كما أنه اكثر حذرا من ترامب. لان سموتريتش، ستروك وبن غفير ينفخون في قذالة الائتلاف الهش الداعم له. وعليه فهو يتحدث عن “نصر مطلق” وببساطة يصمت حين يُسأل ما هو معنى هذا المفهوم الغامض والى أين يتجه، مثلا، في “اليوم التالي”. نتنياهو يسمح لليوم التالي بان يتبلور “في إطار الحركة”. في إسرائيل كان بوسعهم منذ قبل أشهر غير قليلة، حين حقق الجيش الإسرائيلي من خلال المناورة معظم الأهداف التي حددت له، ان يصلوا الى صفقة لتحرير المخطوفين تأخذ من المنظمة الإسلامية الاجرامية إكسير الحياة والاعمار لديها: السيطرة على نقل وتوزيع المساعدات الإنسانية. لكن نتنياهو، وفقا لاستراتيجية “نحيا ونرى” فضل الا يحدد أهدافا واضحة، بل أن يراوح في المكان وأن يترك الجميع يخمنوا ما هي نواياه وفي هذه الاثناء، في ظل الانتظار لانتخاب ترامب، ان يجري اتصالات سرية بلا نهاية وغاية عملية مع اتحاد الامارات ومصر.
ينبغي الاعتراف انه في كل ما يتعلق بالمخطوفين، كان الانتظار لترامب رهانا ناجحا لبيبي، كون ترامب نجح في ترجيح الكفة في صالح الصفقة الحالية وعلى ما يبدو سينهيها بعد المرحلة الثانية والثالثة. ترامب كفيل بان يحقق تطورا إيجابيا أيضا في مسألة اليوم التالي في غزة. خطة ترامب لتنظيف غزة من الغزيين ترعب العالم العربي وبالتالي رغم أن احتمالاتها هزيلة، فانها تجبر العالم العربي على ان يعمل على بلورة بديل لحكم حماس في غزة يسمح لإسرائيل والولايات المتحدة بالموافقة على اعمار غزة بتمويل سعودي، اماراتي وقطري. مما هو معروف عن هذا المنحى هو أنه لا يتطابق بعد مع مطالب الحد الأدنى لنتنياهو وبالتأكيد لا يتطابق مع تطلعات الجناح اليميني القومجي في الائتلاف. لكنه سيسمح لنتنياهو بان يناور ويتملق لترامب الى أن يحقق مبتغاه.
لكن بالقدر ذاته قد يحصل العكس أيضا، وهذه هي النقيصة البارزة لهذه الاستراتيجية. فليس واضحا على الاطلاق بان تسوية اليوم التالي التي سيعدها ترامب حسب المنحى الذي تقترحه مصر، السعودية، اتحاد الامارات والأردن، سيقدم جوابا للمصالح الأمنية الوجودية لدولة إسرائيل ويحسن أمن بلدات النقب. لنتنياهو ستكون عندها معضلة. إما أن يستأنف الحرب رغم أنف ترامب ام يشرح بانه ما كان يمكنه أن يرفض المنحى الذي وافق عليه رئيس الولايات المتحدة فيدعمه ويأمل في أن يشتري هذا أيضا شركاؤه في الائتلاف، الجمهور في إسرائيل وبخاصة سكان غلاف غزة.
——————————————
معاريف 19/2/2025
يوجد بديل لحماس
بقلم: آنا برسكي
يسافر الوفد الإسرائيلي الى المفاوضات على المرحلة الثانية فيما لا يوجد في المستوى في إسرائيل توافق في الرأي بالنبسة للسطر الأخير. في إسرائيل يريدون ان يواصلوا قدر الإمكان تحرير المخطوفين على أساس المنحى الحالي للمرحلة الأولى.
المفاوضات في المرحلة الثانية ستنطلق على الدرب في الأيام القريبة القادمة. مكان المحادثات لم يتقرر بعد وحاليا ليس واضحا اذا كانت ستبدأ المفاوضات في الدوحة ام في مكان آخر. موعد بدء الاتصالات ومكانها سيتقرران قريبا ويحتمل أن تبدأ المفاوضات نفسها هذا الأسبوع.
وأوضح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة الكابنت السياسي الأمني الذي انعقد أول أمس مطالب إسرائيل في إطار المفاوضات على المرحلة الثانية من صفقة المخطوفين ووقف النار – وما هي الخطوط الحمراء. المركزي بينها هو الطلب لتفكيك حماس في غزة كجسم سلطوي وكمنظمة عسكرية. وبالتالي ليس واضحا اذا كانت حماس ستكون مستعدة لمواصلة السير في الصيغة الحالية بعد الوقت المخصص في الاتفاق وكذا فرص نجاح المفاوضات على المرحلة الثانية ليست عالية. حماس لن تكون مستعدة لان تقبل الطلب الإسرائيلي بنزع سلاحها، مغادرة كبار مسؤولي المنظمة القطاع وانهاء حكمها في غزة. وعليه، كما تقدر مصادر رفيعة المستوى في إسرائيل باحتمالية عالية، ستصل المفاوضات الى طريق مسدود، ما يمنح إسرائيل شرعية للعودة الى القتال.
هذه المرة سيحصل هذا في صيغة أخرى، مختلفة عن تلك التي كانت حتى وقف النار، قوية ومكثفة أكثر، بدعم كامل من إدارة ترامب.
غير أن مصادر أخرى في إسرائيل تختلف مع هذا التقدير وتعتقد بانه ينبغي أن تولى أهمية واهتمام للجهد المشترك الذي تقوم به الدول العربية للانتاج والترويج لادارة ترامب الخطة البديلة لقطاع غزة. ثمة من يأخذون الانطباع بان نتنياهو يعول على الرئيس دونالد ترامب وعلى أنه هو ورجاله يشاركون بشكل كامل في الموقف الاسرائيل في أنه لا حماس ولا السلطة الفلسطينية ستحكم في القطاع.
مع ذلك، في إسرائيل أيضا يفهمون بان حقيقة ان رجال ترامب يقفون اليوم مع إسرائيل بالنسبة للمواقف الأساس من اليوم التالي، لا تضمن ان تكون الإدارة لاحقا مع إسرائيل في هذا الشأن بشكل كامل.
والى ذلك، تشير سلسلة من المحافل في إسرائيل الى الجهد الكبير الذي تبذله الدول العربية لوضع الخطة السلطوية لقطاع غزة وتسويقها لترامب ولكبار رجالات ادارته. في إسرائيل واعون لحقيقة أن الدول العربية بما فيها قطر ومصر تمارس مؤخرا ضغطا شديدا على حماس للسير على الخط مع الخطة العربية التي أساسها هي “نموذج لبنان” والتي سبق لحماس أن وافقت عليها قبل ثماني سنوات.
تخرج الدول العربية من منطلق ان حماس لا يمكنها أن تبقى في الحكم في غزة وبالتالي في الآونة الأخيرة تنال الزخم وتدفع قدما فكرة لجنة مدنية تحكم القطاع.
بضغط من الوسطاء على حماس، فيما أن خطة ترامب لتهجير الغزيين توجد في الخلفية وتشكل تهديدا، “توجد آلية ومحظور الاستخفاف بها”، تقول مؤخرا محافل مطلعة على الموضوع.
الخلاف الذي كان بين حماس والسلطة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة تركز في مسألة هل ستكون اللجنة غير تابعة لاحد، نوع من الحكومة المؤقتة ام ستكون تابعة للسلطة الفلسطينية – ما يمنح اعترافا بصلاحيات السلطة الفلسطينية في أراضي قطاع غزة.
من يتابع جهود العالم العربي للترويج لفكرة اللجنة المدنية كبديل لحماس في غزة يعتقد بانه اذا لم تأخذ إسرائيل بالجدية اللازمة الخطة العربية فمن شأن هذا ان يكلف إسرائيل مفاجأة غير لطيفة في المفاوضات على المرحلة الثانية. ستجد إسرائيل نفسها تواجه الموقف المشترك من كل الجهات في صالح الحل المتمثل باللجنة المدنية. اذا ما نضجت الخطة العربية وسوقت جيدا للبيت الأبيض سيكون صعبا على إسرائيل معارضتها، ناهيك عن العودة الى القتال.
——————————————
هآرتس 19/2/2025
“برغي نتنياهو الصغير” كاتس: أقمنا مديرية خاصة لتهجير الغزيين وفق رؤية ترامب
بقلم: أسرة التحرير
كهانا حي ويسمونه نتنياهو. والترحيل حي أيضاً ويسمونه “خطة خروج الفلسطينيين الطوعي من قطاع غزة”. يجدر بنا استيعاب أنها سياسة رسمية للحكومة.
أمس، أعلن وزير دفاع كهانا، إسرائيل كاتس، إقراره إقامة مديرية خاصة لمغادرة سكان قطاع غزة طوعاً. في بيان عن وزارة الدفاع، كتب أن كاتس أخذ قراره في ختام بحث شارك فيه مسؤولون كبار في جهاز الأمن. وحسب البيان، فإن منسق أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية] عارض خطة أولية في الموضوع أعدت بناء على طلب برغي نتنياهو الصغير. “تتضمن الخطة مساعدة واسعة تتيح لكل مواطن من غزة يرغب بالهجرة طوعاً إلى دولة ثالثة، الحصول على غلاف يتضمن ترتيبات خروج خاصة عبر البحر والجو والبر”، كما كتب في البيان. اقتباسات لم تؤخذ من رواية من نوع التاريخ البديل، بل هذا بيان صادر عن وزارة دفاع دولة اليهود.
فضلاً عن توقع من كاتس بأن أحداً ما سيصدق أنه قرر شيئاً ما، ينبغي أن نرى مضمون الأمور بخطورة كبيرة. فإقامة المديرية هي استمرار مباشر لتعليمات كاتس للجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي إعداد خطة “تتيح لسكان قطاع غزة ممن هم معنيون بذلك، أن يغادروا إلى أي مكان في العالم يوافق على استيعابهم”. كاتس لا يرى نفسه شخصاً أمر الجيش بالاستعداد لارتكاب جريمة حرب، بل يعتقد بأن خطة ترامب “الجريئة” قد تخلق “إمكانيات واسعة لخروج السكان المعنيين بذلك من غزة، ولتساعد أيضاً السكان في إتمام استيعابهم بالشكل الأفضل في بلدان المقصد. المسفر كاتس.
علينا التغلب على رؤية هذه الخطة كتصيد آخر من بيت ترامب، فقد قبلها نتنياهو بحماسة. وفي مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز”، قال نتنياهو إنها “الفكرة الجيدة الأولى التي سمعتها، فكرة استثنائية. يجب فحصها وتنفيذها، فهي ستخلق مستقبلاً آخر للجميع”. وتساذج نتنياهو كعادته فقال: “ما الضير من السماح للغزيين ممن يريدون المغادرة، أن يغادروا؟ يمكنهم الانتقال إلى مكان آخر، ثم يعودون. هناك حاجة لإعادة بناء غزة”. أوسكار شندلر الغزيين حقاً.
عندما يدحرج رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء إسرائيل فكرة، ثم يأمر وزير دفاع إسرائيل الجيش بالاستعداد لتنفيذها، فلن يبقى هذا بمثابة مادة لمسرحية هزلية. هذا يستدعي انتباها جماهيرياً، سياسياً ودولياً في قمة الجدية، واستعداداً لاقتلاع الفكرة وهي في مهدها؛ لأنه بخلاف المعارضة التي لاقت فكرة الترحيل التي روج لها كهانا في حينه، فالجريمة تغلف هذه المرة بورق سوليفان برتقالي من ترامب، وقلب التيار الإسرائيلي الأساس يستقبل الفكرة بحماسة على خلفية 7 أكتوبر.
—————–انتهت النشرة—————–