
هآرتس 23/2/2025
نتنياهو بحث عن ووجد الذريعة المناسبة للتملص من تطبيق المرحلة الثانية
بقلم: ايريس ليعال
في يوم تحرير جثث المخطوفين الاربعة، بنيامين نتنياهو، الذي فعل كل ما في استطاعته لحرف الغضب عنه وعن الحكومة – نشر فيلم اقتبس فيه الآية 94 في سفر المزامير: “اله الانتقام، تعال وانتقم لنا”. يعد يوم، عندما اظهرت نتائج الطب الشرعي بأن جثة المرأة التي تمت اعادتها ليست جثة شيري بيباس، وعد نتنياهو “نحن سنعمل بتصميم على اعادة شير الى البيت مع كل المخطوفين، الأحياء والاموات، وسنأكد من أن حماس ستدفع الثمن على خرق الاتفاق الوحشي والاجرامي”.
في هذه الاثناء، يئير هورن، الذي عاد في النبضة قبل اسبوع، توسل من اجل حياة شقيقه ايتان الذي بقي خلفه في الأسر. يمكن سماع الذعر في اقواله، والشعور بأن حياة شقيقه والمخطوفين الآخرين آخذة في النفاد مع مرور الوقت. “هناك اشخاص يحتضرون الآن في الانفاق. أخي يحتضر الآن في الانفاق. نحن يجب علينا العمل الآن وليس في الغد”.
الآية التي اقتبسها نتنياهو من سفر المزامير وكأنها كتبت بصورة مباشرة له: “الى متى سيبقى المجرمون في حالة فرح”. الشخص الذي بيده حول واقع الحياة في اسرائيل الى جحيم سياسي وأمني يعد الآن بالانتقام وينفذه. الشخص الذي في ولايته تم التخلي عنهم واختطافهم، وبعد ذلك قرر تركهم هناك اكثر من 500 يوم، يبدو أنه وجد الذريعة المثالية للاعلان عن استئناف القتال في غزة، هذا سيزيل الصداع بالنسبة له، وسيكون بامكانه العودة والتحدث عن النصر المطلق والقضاء على حماس وآخر شخص فيها، وتغذية ذلك بخطاب الموت والكراهية الذي تحبه قاعدته، وارضاء سموتريتش والكهانيين.
الكابنت الذي عقد في 10 تشرين الاول 2023 لم يناقش قضية المخطوفين واقتراح قطر لاعادة النساء والاطفال مقابل سجناء امنيين. مقال في صحيفة “اتلانتيك” نشر في ايلول 2024 يؤيد النبأ الذي نشر في “كان”؛ وبعد بضعة ايام على المذبحة قالت مصادر رفيعة في ادارة بايدن بأنه كان هناك اقتراح من حماس، اطلاق سراح النساء والاطفال مقابل وقف اطلاق النار، لكنها تفاجأت من أنهم حتى في اسرائيل لا يريدون مناقشة ذلك. شيري واطفالها كانوا في حينه أحياء، لكن الرغبة في الانتقام تغلبت على الرغبة في تحرير المخطوفين.
الكبرياء المجروحة والانتقام هما وجهي قطعة النقد. نحن مرة اخرى نقف امام نفس المعضلة، لكن مع عدد اقل بكثير من المخطوفين الاحياء. هل نحن على استعداد لرؤية اعادة الجثامين في توابيت من اجل مواصلة الحرب في غزة، أو نطالب باعادة جميع المخطوفين دفعة واحدة ووقف الحرب. الانتقام لن يعيد ايتان هورن. استئناف الحرب في غزة وموت واصابة الجنود وقتل المزيد من الغزيين لن يعوض قتل شيري بيباس واطفالها.
الموت بسبب التعذيب أو المرض أو الاعدام، أو اقتراب الجنود من النفق الذي يوجد فيه وهم مقيدون بالسلاسل الون اهل والاخوين زيف وغال بيرمان من اجل الانتقام من حماس، كل ذلك سيوسع دائرة الدمار وسيبعد بداية اعادة الاعمار. اسمحوا لي بأن اتجرأ وأخمن بأن هذا جيد لنتنياهو، الذي يسير نحو افق يختلف كليا عن الافق الذي يحتاجه الجمهور كثيرا، ويريد استنفاد جميع الامكانيات التي تمتلكها ادارة ترامب – ماسك. هو لا يريد الانتقام لأنه وبحق لا يهمه، بل هو يريد أن نرغب نحن في الانتقام.
الناس يذهبون الى النوم بقلوب ثقيلة، اربعة توابيت تعشعش في رؤوسهم، ويستيقظون على كابوس جديد في الصباح. البؤس والخوف يسكنان في الشوارع والبيوت. نتنياهو بحث عن ووجد الذريعة المثالية للتهرب من تنفيذ المرحلة الثانية في الاتفاق. المخطوفون سيتم التخلي عنهم ليموتوا، والتطهير الذي ينفذه ترامب في قيادة الجيش وفي الاسطول الامريكي ستكون الالهام لاقالة رئيس الشباك من اجل طمس ما يحدث في مكتبه، وامساكه بدفة الحكم تتعزز. محظور السماح له بذلك.
——————————————-
هآرتس 23/2/2025
بيبيو بيبي
بقلم: جدعون ليفي
كل كاتب مقالات وكل خطيب يعرف أنه عندما يضعف المبرر فانه يجب رفع النغمة. ما يحدث في الفترة الاخيرة في الخطاب في اسرائيل لا يدل فقط على ضعف المبرر وجعل الخطاب مبتذل، بل هو ايضا خطير على المستقبل. الخطاب في اسرائيل تحول الى خطاب تحريضي ملوث ومبتذل ضد كل العرب، الفلسطينيين والغزيين، من رئيس الحكومة وحتى آخر المراسلين الميدانيين في التلفزيون جميعهم يجدون أنه من واجبهم التطاول والحيونة بقدر الامكان ضد حماس وغزة، وكأن الامر سيزيد مصداقية ادعاءاتهم. فلم يعد بالامكان ذكر كلمة حماس بدون أن ترفق بصفة النازي، ولم يعد بالامكان ذكر غزة بدون قول كلمة وحوش، هذا الخطاب هو الامر المتوحش حقا.
النغمة حددها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفي اعقابه الجميع بدأوا في التنافس الوطني في الشتم والتشهير. “جميعنا غاضبون من وحوش حماس”، قال نتنياهو في اليوم الذي تمت فيه اعادة الجثث الاربعة حسب الاتفاق، وبعد ذلك وعد بـ “تدمير القطاع”. الانسان هو الاسلوب. ومن يقول “وحوش” و”تدمير” يدلل على نفسه اكثر مما يدلل على مضمون اقواله. قتل ابناء عائلة بيباس كان وحشي واجرامي، لكن من يقول كلمة وحوش يدلل ايضا على ما يفعله جنوده، الذين قتلوا مئات الاطفال والرضع. وعندما تمت معرفة أن الجثة ليست لشيري بيباس تم فتح المزيد من انابيب المجاري. نتنياهو كرر كلمة “وحوش”، لكن هذه المرة باللغة الرسمية له، الانجليزية، جيش المحرضين سار في اعقابه، وحقيقة أن حماس قامت باصلاح الخطأ في نفس الليلة لم تساعد. هم وحوش وسيبقون وحوش.
مراسم اعادة المخطوفين، مثل المراسم المؤثرة أمس، دلت على النازية ووحشية حماس. نازيون ينظمون مثل هذه المراسم الاحتفالية، ومن غير الواضح لماذا، ونازيون من يستغلون هذه اللحظة لغرض الدعاية. فقط اسرائيل مسموح لها استغلال اعادة المخطوفين لغرض الدعاية. ولكن يجب قول الحقيقة، وهي أن معظم مراسم اعادة المخطوفين جرت بشكل منظم ومناسب، حتى عندما كانت العين الاسرائيلي لا ترغب في رؤية مخطوف وهو يقوم بتقبيل جبين حراسه كما حدث أمس. المذيعون سارعوا الى تهدئة الجمهور المحرج بالقول: هذا التقبيل فرض عليه رغم أن الامر لم يظهر كذلك.
لماذا فعلوا ذلك؟ لأن شر حماس ظهر في افعالها. لماذا يجب اضافة التحريض اليه، من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي وحتى امنون ابراموفيتش؟ لأنه في الاصل نتنياهو الذي يتغذى على التحريض لاعتباراته السياسية. ولكن لماذا وسائل الاعلام؟ فقط من اجل الاعجاب، فقط من اجل الحصول على التربيت من الجمهور المتحمس.
لا يوجد ما يمكننا الدفاع فيه عن حماس. فهي منظمة حقيرة نفذت هجوم حقير ضد اسرائيل. ولكن الخطاب الذي تلوث سيجبي منا ثمنا باهظا. خُمس الاسرائيليين هم فلسطينيون – كيف سنتعايش معهم في الوقت الذي فيه اخوتهم هم وحوش نازيون؟ نصف الذين يعيشون بين البحر والنهر هم من الفلسطينيين، كيف سنعيش على جانبهم؟. اسرائيل شنت الهجوم الفظيع على غزة قبل أن يولد خطاب الوحوش. 7 اكتوبر فعل الاعاجيب في وعي الاسرائيليين ولذلك تمت اضافة التحريض وتأجيج المشاعر من قبل السياسيين ووسائل الاعلام. لم تعد توجد انسانية في اسرائيل لأنه في غزة لا يوجد اشخاص “غير متورطين”، حتى الاطفال الذين ولدوا الآن وماتوا، وحتى رجال الحكمة والسلام في غزة – يوجد اشخاص كهؤلاء. يجب اضافة الى ذلك الخطاب المسموم في الفترة الاخيرة، وتخيلوا كيف ستكون الحرب القادمة التي لن توجه فقط ضد حماس، بل ضد الوحوش النازيين. تخيلوا ما الذي يشعر به الجندي الذي يقوم الآن باقتحام بيت في الضفة الغربية، والتحريض الموجود في الخطاب الذي اصبح يسري في شرايينه. هو يدخل بيت وحوش نازيين، فكيف سيتصرف مع سكانه؟ هو سيدمر ويقتل بوحشية أكثر مما في السابق. هكذا نحن سنشتاق الى ضبط النفس اللطيف والاخلاقي للجيش الاسرائيلي في الحرب الحالية، مع وجود فقط نصف القطاع مدمر وفقط 15 ألف طفل قتيل. انتظروا الحرب القادمة، التي يحظر شنها ضد النازيين.
——————————————
هآرتس 23/2/2025
قضية جثث أبناء عائلة بيباس قد تفاقم أزمة المفاوضات
بقلم: عاموس هرئيلِ
على الرغم من أن الايام الاخيرة انتهت باصلاح الامور – اعادة جثة شيري بيباس، بتأخير يوم، واطلاق سراح ستة مخطوفين أحياء – إلا أنها ستذكر كأيام رئيسية في تاريخ الحرب، وربما في تاريخ كل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. سيل من الانباء السيئة (نتائج الطب الشرعي التي تدل على أن اطفال عائلة بيباي كفير واريئيل قد قتلا على يد آسريهم، وملحمة اعادة جثة الأم، والعبوات التي انفجرت في الحافلات الفارغة في منطقة تل ابيب الكبرى)، مرة اخرى اشعلت الرأي العام في اسرائيل. هناك شعور الانتقام في الاجواء، بقوة غير مسبوقة منذ المذبحة في 7 اكتوبر. هذه المشاعر تصل حتى الاستوديوهات، بما في ذلك دعوات لاستئناف الحرب، ونكبة ثانية وتدمير كامل لقطاع غزة، وهي تنزلق من هناك الى اماكن اخرى، اكثر اهمية، من الحكومة وحتى الشارع.
خلافا لاتهامات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فانه مشكوك فيه اذا كانت حماس تنوي من البداية اعادة جثة فلسطينية بدلا من جثة شيري بيباس. مصلحة حماس العليا الآن هي استكمال المرحلة الاولى في الاتفاق، بما في ذلك اطلاق سراح الـ 47 من محرري صفقة شليط من العام 2011 الذين تم اعتقالهم مجددا. الغضب الذي اثارته في اسرائيل قضية الجثة فقط عوق التنفيذ المخطط له. ابناء العائلة الثلاثة تم اختطافهم من قبل عائلة جريمة من خانيونس، التي اختبأت تحت اسم عملياتي كما يبدو هو “سادة الدمار”. العلاقة بين حماس وهذا التنظيم لم تكن منظمة وملزمة. قضية الجثة كان يمكن أن تكون نتيجة فوضى أو تضليل متعمد من قبل التنظيم الخاطف. منذ اللحظة التي تبين فيها ذلك سارعت حماس الى اعادة جثة الأم في اليوم التالي.
كل ذلك بالطبع لا يعفي حماس من المسؤولية الرئيسية عن كل هذه الحادثة الفظيعة. فهي التي قامت باقتحام النقب الغربي وذبحت سكانه ونكلت بهم. نتائج معهد الطب الشرعي في أبو كبير تزيد فقط الفظاعة: الخاطفون قتلوا بأيديهم الاطفال، الذين اشغل مصيرهم الجمهور في اسرائيل خلال 16 شهر ونصف. واذا لم يكن ذلك كاف، فان احداث يوم الخميس انتهت بمحاولة طموحة لتفجير خمس حافلات بركابها في حولون وبات يم، وفقط الخلل الذي لم يتم حتى الآن توضيح سببه أدى الى انفجار الحافلات وهي فارغة في المساء. هذه المسألة اعادت الى الذهن ذكرى جماعية صادمة من فترة ارهاب الانتحاريين في الانتفاضة الثانية، وعززت الدعوة الى استئناف الحرب والانتقام.
العملية التي كان يمكن أن تنتهي بمزيد من القتل الجماعي هي فشل كبير للشباك واذرع الامن الاخرى (قائد لواء تل ابيب في الشرطة، الذي احسن تشخيص روح القائد، حاول القاء المسؤولية بشكل علني على الشباك وحده). بعد مرور بضع ساعات على التحقيق تم اعتقال مواطنين اسرائيليين بتهمة أنهم قاموا بنقل واضعي العبوات من الضفة الغربية الى داخل الخط الاخضر. هذه ميزة اخرى من ميزات الفترة الحالية، حيث مرة تلو الاخرى يتم كشف في اسرائيل شبكات تجسس تم تفعيلها من ايران. الآن هناك يهود من مواطني اسرائيل لا يترددون في مساعدة العدو في فترة الحرب، ويتجاهلون أن افعالهم يمكن أن تعرض للخطر حياة مواطنين آخرين.
نتنياهو سارع الى الذهاب الى طولكرم، وخارج مخيم اللاجئين صور فيلم تفاخير فيه وقال: “نحن نقوم بتسوية شوارع كاملة يستخدمها الارهابيون”. وقد اعلن عن تعزيز قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة وهدد بتوسيع العمليات هناك. وهو يشخص تخوفات ومشاعر الانتقام في اوساط الجمهور ويرد وفقا لذلك بهدف استغلال ذلك بأقصى حد لصالح بقائه السياسي. تجمعات غلاف غزة، الغارقة في الحداد، لا يسارع الى الوصول اليها.
التوتر المتزايد في شمال الضفة يندمج مع التخوف والغضب من افعال حماس في القطاع. في المرحلة الاولى من صفقة التبادل بقيت نبضة واحدة، التي في اطارها يتوقع اعادة اربع جثث اخرى لمخطوفين اسرائيليين مقابل اطلاق سراح مئات الاسرى الفلسطينيين. واستكمالها سيبقي في الأسر في قطاع غزة 59 مخطوف، الذين أقل من نصفهم ما زالوا أحياء. ليس سرا أن نتنياهو يبحث عن طرق التفافية مثل تمديد المرحلة الاولى بنبضات اخرى من اجل تأجيل الصعوبة السياسي التي تنطوي على تحرير بضع مئات من السجناء القتلة الفلسطينيين، وعلى الانسحاب الكامل للجيش الاسرائيلي من القطاع وانهاء الحرب. في بداية شهر آذار القادم، يجب التذكر، الجيش الاسرائيلي سينسحب من محور فيلادلفيا على الحدود بين القطاع ومصر. قوات الاحتياط العاملة هناك حصلت على تعليمات للاسراع واغلاق انفاق التهريب الاخيرة قبل الاخلاء المخطط له.
اذا اراد نتنياهو فان خروقات حماس والمحاولة الطموحة الى العودة الى عمليات الحافلات ستوفر له المبرر المريح لوقف تنفيذ الصفقة. في هذه الاثناء الجيش الاسرائيلي يستعد لاحتمالية اعادة اقتحام قطاع غزة، ورئيس الاركان القادم ايال زمير، الذي سيتسلم منصبه بعد عشرة ايام، يقوم ببلورة خطة عمل توصل بأنها هجومية بشكل خاص. من الصعب التحرر من انطباع أن نتنياهو يقوم بفحص مفاقمة ازمة جديدة، ربما من خلال تأخير اطلاق سراح السجناء الذين تعهدت اسرائيل باطلاق سراحهم في اطار الصفقة.
هذا الامر يثير تساؤل آخر حول قدرة القيادة الامنية العليا على عرض رأي مستقل ومواجهة ضغوط نتنياهو. بالاساس يطرح سؤال حول قدرة الجيش البري، المتعب والمتآكل، على الدخول الى عملية برية طويلة اخرى في القطاع. اذا كانت هذه العملية مقرونة بتأجيل المرحلة الثانية في الاتفاق، أي التخلي عن المخطوفين وتركهم للموت شبه المؤكد، فانه يتوقع أن تثور ايضا مقاومة من قبل الجمهور.
هذه التطورات يراقبها باهتمام الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، الذي يواصل كل يوم اطلاق التصريحات حول الوضع في القطاع، التي لا ينجح أي أحد غيره على فهمها. في ساحات اخرى تحرك ترامب يبدو واضح أكثر ومقلق جدا. ففي نهاية الاسبوع قام باقالة رئيس الاركان في امريكا تشارلز براون واستبدله بضابط لا توجد له تجربة مناسبة، في اطار حملة تطهير واسعة يقوم بها في القيادة الامنية الامريكية. ولكن من المثير اكثر للاستغراب خيانته لاوكرانيا، التي يخطط ترامب لابقائها وحدها تقريبا أمام قصف روسيا المستمر. الاسرائيليون الذين يعتقدون أن كل ذلك لا يضرهم، وأن دعم الرئيس الامريكي مضمون دائما لاسرائيل، يمكن أن يكتشفوا بأنه تنتظرهم خيبة أمل مؤلمة.
——————————————
إسرائيل اليوم 23/2/2025
رئيس أركان جديد..كيف يستعيد الجيش نفسه
بقلم: ايال زيسر
“الجيش الإسرائيلي يستعيد نفسه”، اعلن قائد الجبهة الجنوبية، رئيس الأركان الأسبق، حاييم بارليف في 14 أكتوبر 1973، يوم التحول في حرب يوم الغفران والذي في اثنائه هزم الجيش الإسرائيلي القوات المصرية المهاجمة، انتقل من الدفاع الى الهجوم وسرعان ما اجتاز قناة السويس وأوصل الحرب الى نهايتها، بعد 19 يوما من بدئها، بانتصار عسكري واضح.
في حرب السيوف الحديدية، لم ينجح الجيش الإسرائيلي في تكرار مثل هذا الإنجاز، ومشكوك أن يكون “استعاد نفسه”، وبالتأكيد ليس في 7 أكتوبر 2023 لكن أيضا ليس في الأسابيع والاشهر التي تلت ذلك. الحقيقة هي أن الجيش الإسرائيلي نجح في الانتعاش من الضربة التي تلقاها، ان يرد الحرب بالحرب وان يسجل أيضا إنجازات في المعركة، مثلما في حرب يوم الغفران، بفضل بأس الروح، البطولة وتجند الجنود والقادة الشباب، لكن هذه المرة لم تترجم الإنجازات في المعركة الى نصر في الحرب.
يمكن بالطبع الادعاء بان في الساحة اللبنانية نجح الجيش الإسرائيلي في تحقيق حسم في سلسلة من العمليات الذكية التي ذكرتنا بالجيش الإسرائيلي ذات مرة، والتي أدت في غضون أسابيع قليلة الى تصفية قيادة منظمة حزب الله وتدمير معظم قدراتها.
لكن هذا بالضبط جذر المشكلة، إذ ان هجوم الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله في الصيف الماضي لم يكن حربا اديرت بهدف الحسم والنصر، بل سلسلة من عمليات المعركة بين الحروب، ناجحة وفاعلة مثلما يعرف الجيش الإسرائيلي بالفعل كيف يفعل. من هنا يمكن أن نفهم خيبة الامل واحساس التفويت في أوساط الكثيرين ما أن وافقت إسرائيل على وقف النار قبل الأوان وهكذا منحت حزب الله حبل نجاة، سيستغله لاحقا في الأشهر القادمة وفي السنوات القادمة لترميم مكانته وقوته.
لقد كانت المعركة ما بين الحروب جملة من العمليات، السرية في الغالب والتي تضمنت مثلا اغتيالات لمسؤولين في منظمة الإرهاب او غارات جوية موضعية على اهداف العدو. كان الحديث يدور عن سلسلة عمليات موضعية ومحدودة على مدى اشهر بل وسنين، كل واحدة منها كانت إنجازا عملياتيا مبهرا، لكن في نظرة الى الوراء، لم تجتمع كل هذه الى انجاز حقيقي وبعيد المدى، لا تجاه ايران، لا تجاه حزب الله وبالتأكيد ليس تجاه حماس. أسوأ من ذلك على مذبح المعركة ما بين الحروب جرت تضحية بقدرة الجيش الإسرائيلي على تخطيط وخوض حرب شاملة هدفها الحسم والنصر.
خط مباشر يمر بالتالي بين نجاحنا في ان نصفي منذ اذار 2008 رئيس اركان حزب الله عماد مغنية، الذي قاد المنظمة في حرب لبنان الثانية، وبين تصفية فؤاد شكر، رئيس اركان حزب الله في تموز 2024، الحرب التي شنتها منظمة الإرهاب في 8 أكتوبر، بعد يوم من هجوم حماس الدموي، ومن هنا قصيرة الطريق لهجمة البيجر وتصفية حسن نصرالله ولهذا يمكن أن نضيف الغارة الجوية الناجحة ضد ترسانة الصواريخ التي كانت المنظمة تحوزها، وعلى هذا قيل “بالحيل تصنع لك حربا”.
لكن عندما يدور الحديث عن إدارة حرب شاملة ضد حزب الله وليس فقط عن عمليات معركة ما بين الحروب ضد قادته، كانت النتيجة اقل نجاحا بكثير. وهكذا، بغياب رؤية شاملة في كل ما يتعلق بإدارة الحرب وأهدافها، نجح حزب الله في النجاة وهو الان يعمل على ترميم قدراته.
هذه أيضا هي قصة الحرب في غزة والتي لم تؤدي فيها معارك البطولة للقوات المقاتلة ونجاحها في حسم كل قوة عدو تقف امامها للوصول الى حسم ونصر، وعن هذا مسؤولة القيادة السياسية والعسكرية أيضا.
بقصورات القيادة السياسية ستعنى لجنة التحقيق الرسمية اذا ما قامت، لكن مقدمة جاءت في شهادة وزير الدفاع السابق غالنت عن الخوف الشال الذي ألم برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومنعه من أن يقر للجيش تنفيذ خطوات هجومية كانت ستؤدي الى حسم ونصر قبل اشهر طويلة. لكن الامر لا يعفي من المسؤولية القيادة العسكرية أيضا التي نسيت كيف تدار حرب شاملة بخلاف المعركة ما بين الحروب. وفي الأسبوع القادم سيتسلم رئيس الأركان الجديد ايال زمير مهام منصبه، وينبغي أن نتمنى له أن يتمكن من ان “يستعد الجيش الإسرائيلي نفسه” ويرممه ويجعل منه جيشا مقاتلا، فيه روح قتالية وقادر على أن يخوض حربا وان ينتصر فيها أيضا.
——————————————-
يديعوت احرونوت 23/2/2025
المفهوم الذي افشل المفاوضات
بقلم: آفي كالو
المشاعر التي ألمت بنا عشية إتمام المرحلة الأولى لصفقة المخطوفين في نهاية الأسبوع أيضا، مع البشائر القاسية لاهالي كيبوتس نير عوز، الى جانب عودة ستة رجال شباب، كل الحياة امامهم، من اسر القتلة.
اثنان من بين الاسرى العائدين الى البلاد بعد اكثر من عقد من الغياب: ابرا منغستو، ابن الطائفة الاثيوبية ومن سكان عسقلان، وهشام السيد، ابن الطائفة البدوية ومن مواليد الشتات في حورا التي في النقب الشمالي. الاثنان، اللذان احتجزا على قيد الحياة في اسر حماس اكثر من أي مخطوف آخر، يشكلان التعبير الأبرز عن كل فشل المفاوضات على الاسرى والمفقودين وعلى المفهوم الذي ساد في الفترة التي بين حملة الجرف الصامد و 7 أكتوبر.
على مدى السنين عصبة صغيرة، مفعمة بالدوافع ومحصورة في اسرة الاستخبارات انشغلت بكثافة في قضية منغستو والسيد، الى جانب ضحيتين من الجيش الإسرائيلي هما هدار غولدن واورون شاؤول رحمهما الله.
من القليل الذي يمكن أن يروى بين هذه السطور، سلسلة من العمليات الاستخبارية ومساعي العثور عليهم كانت في قلب جدول أعمال تلك المجموعة التي من جهة انشغلت بالبعد العسكري – الاستخباري – العمليات للقضايا، ومن الجهة الأخرى بالبعد الدبلوماسي كأعضاء في طاقم المفاوضات الإسرائيلي لاعادتهم، مع الوسطاء المختلفين.
نقطتان بارزتان، ذاتا بعد دراماتيكي يتعلق بايامنا، أتذكرهما على نحو خاص من الفترة إياها: الأولى حقيقة أنه على الرغم من الخوف الذي ثار على مدى السنين وجهود الاخفاء والتلاعب من جانب حماس بالنسبة لوضعهم، كانت فرضية العمل والتقويم الاستخباري لمصير ابرا وهشام ثابتين على مدى السنين وثبتا كصحيحين: الاثنان على قيد الحياة ويجب العمل على اعادتهما. حقيقة أن التقويم الاستخباري في حينه اثبت نفسه تشكل مواساة خفيفة مع عودتهما. في وجه الهزة الشديدة التي شهدناها جميعا في الحملة لاعادة المخطوفين.
النقطة الثانية تنطوي على المفاوضات المتواصلة والفاشلة لاعادتهما – المفهوم الذي يقول ان حماس مردوعة، تسلل الى كل المطارح ذات الصلة بما فيها المفاوضات الحساسة على الاسرى والمفقودين. من شهادت من المصدر الأول، كان واضحا ان القدرة على تحريك رئيس الوزراء نتنياهو في تلك السنين من الموقف الأساس الرافض الى تقدم حقيقي في المفاوضات قامت ضمن أمور أخرى على المفاهيم بان أمرا ما يخفى عن ناظرينا في جوانب التفوق الاستخباري والعملياتي، لانه يمكن “تغيير المعادلة” (عدم تحرير سجناء امنيين مقابل مخطوفينا) و “إدارة حماس” ادعاء تفجر لنا في الوجه وبقوة دامية وغير مسبوقة.
ولا يزال، قلة في الفريق المفاوض قاتلوا المفهوم وادعوا بان إبقاء الجمود وانعدام الاستعداد للتقدم في المفاوضات مع حماس لاعادة أربعة المفقودين سيجلب علينا عملية اختطاف استراتيجية من مدرسة السنوار، لم نشهد لها مثيل. بطبيعة الأمور، أي منا لم يتخيل او يرسم السيناريو الذي تفجر على أبواب كيبوتسات واستحكامات غلاف غزة في السبت الأسود، لكن المؤشرات على استعداد حماس لاتخاذ خطوة عنيفة استثنائية كنتيجة للجمود في المفاوضات على الاسرى والمفقودين كانت بالمعلومات الاستخبارية التي وصلت وكذا في الرسائل العلنية لقيادة حماس، والتي تأكدت في السنوات الأخيرة، حول الالتزام المطلق، ذي المؤشرات الجهادية العميقة، لتحرير السجناء الأمنيين من السجن الإسرائيلي.
اختبار التاريخ الإسرائيلي الطويل في مجال الاسرى والمفقودين يدل أن في نهاية الامر، بعد جبال من الالاعيب والاحابيل والإجراءات امام وخلف الكواليس فان المفاوضات على إعادة المخطوفين يجب أن تتم بنية طيبة وعن مقصد حقيقي لانهائها، رغم الاثمان الأليمة التي تنطوي عليها، وانطلاقا من إحساس القيمة، التضامن وفكرة المقاتل المغروسة فينا كاسرائيليين جيدا.
حقيقة أن المفاوضات لاعادة مخطوفينا، من بدايتها تقريبا، تجري بكسل، بغمز، بعوائق ومحاولات مختلفة لتشويش العملية، تشكل شهادة فقر للزعامة الحالية، واساسا تشكل تهديدا على وحدتنا الاجتماعية وهويتنا القومية كيهود في وطنهم السيادي.
ان عودة ابرا وهشام أمس، الى جانب أربعة شباب آخرين قريبة من قلوبنا تشكل بصيص نور آخر في حملة معقدة، واغلاق دائرة هامة لذوي الصلة على مدى السنين. مع تحريك الاتصالات على المرحلة الثانية وفي ضوء خوف عائلات باقي المخطوفين من انفجار الاتصالات، علينا ان نواصل الدعوة لاعادة كل المخطوفين الى حدودهم – وكلما كان مبكرا كان افضل.
——————————————-
هآرتس 23/2/2025
مستغلة الانشغال بـ”المخطوفين”.. “كنيست اليمين” تقر سلسلة قوانين تلجم القضاة وتتنمر عليهم
بقلم: أسرة التحرير
في الأسابيع الأخيرة تحبس دولة كاملة أنفاسها انتظاراً لعودة مخطوفين من أسر حماس. في الوقت نفسه، تستغل الحكومة غياب الاهتمام بمواضيع أخرى كي تمضي بمبادرات تشريعية خطيرة تغير وجه الديمقراطية الإسرائيلية بروح الانقلاب النظامي.
في الأسبوع الماضي، أقرت الكنيست بقراءة عاجلة مشروع قانون يستهدف تصفية منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان النقدية تجاه الحكومة وتعمل بفضل تمويل من دول أجنبية ومنظمات في خارج البلاد، وذلك من خلال قطع مصادر تمويلها. وحسب مشروع القانون، لن تكون المحاكم ملزمة بالبحث في طلبات ترفعها جمعيات أساس تمويلها يأتي من كيان سياسي أجنبي. إضافة إلى ذلك، فأي تبرع تلقته جمعية ما من كيان سياسي أجنبي سيكون ملزماً بضريبة بمعدل 80 في المئة.
حسب مشروع القانون، سيكون ممكناً الحكم لخمس سنوات سجناً على كل “من يقدم خدمة للمحكمة في لاهاي أو يضع وسائل تحت تصرفها… ويتضمن ذلك النشر”
وثمة مشروع قانون آخر أجيز الأسبوع الماضي بقراءة عاجلة يسعى لإدانة نقده على إسرائيل يستخدم في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. لا يدور الحديث عن مكافحة الأنباء الملفقة، الحقيقة نفسها مدانة إذا كانت تشكل دليلاً ضد إسرائيل. وحسب مشروع القانون، سيكون ممكناً الحكم لخمس سنوات سجناً على كل “من يقدم خدمة للمحكمة في لاهاي أو يضع وسائل تحت تصرفها… ويتضمن ذلك النشر”، إلا إذا “أثبت أنه لم يكن واعياً لواقع أن الأمر كان لغرض عمل المحكمة في لاهاي”. تعريفات مشروع القانون هذا واسعة جداً، بحيث يكون كل صحافي نشر تحقيقاً عن القتال في غزة أو جندي شارك آخرين بصورة ما بدا له جريمة حرب، عرضة لعقوبة السجن.
مشروعا القانون هذان ينخرطان جيداً في مشاريع القوانين التي هي في لباب تشريعات الانقلاب النظامي الذي يواصل لفين وشركاؤه دفعه قدماً. أحد هذه المشاريع مشروع قانون لتغيير الشكل الذي ينتخب فيه مأمور شكاوى الجمهور على القضاة. منذ أنهى المأمور السابق أوري شوهم، مهام منصبه في العام الماضي، لم ينتخب له بديل. وينبع الأمر من رغبة الائتلاف بأن يتحكم في التعيين كي يختار مأموراً يمكن بواسطته التنمر على القضاة وأساساً على رئيس المحكمة العليا إسحق عميت، الذي تقدم لفين ضده بشكوى إلى المأمورية. إضافة إلى ذلك، هناك مشروع القانون لسيطرة السياسيين على تركيبة اللجنة بانتخاب القضاة. وحسب رئيس العليا المتقاعد، أهرون باراك، فإنه إذا ما أقر هذا القانون، فكل من يسعى لتعيين قاض وكل قاض يسعى للترقي سيعلم بأن عليه إعجاب السياسيين. وكتاب باراك يقول إن “وضعًا كهذا قد يقوض أساس وجود إسرائيل كدولة ديمقراطية ذات أساس ثابت في كل ديمقراطية، ألا وهو فصل السلطات”.
محظور أن في الوقت الذي تتجه فيه أفكار معظم الجمهور للمخطوفين، أولئك الذين عادوا وأولئك الذين ننتظر تحريرهم من الأسر، أن تستغل الحكومة الوضع بتهكم لمواصلة إضعاف الديمقراطية وتحويل إسرائيل إلى دولة أخرى.
—————–انتهت النشرة—————–