إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 3/3/2025

حماس منظمة إرهابية، محظور أن تحكم غزة،لكن يجب تطبيق الاتفاقات

بقلم: يوسي ميلمان

مثل القوزاقي المسلوب خرقت الحكومة الاتفاق مع حماس، الذي تم التوقيع عليه في الدوحة في 17 كانون الثاني الماضي وتمت المصادقة عليه في الحكومة في اليوم التالي، والآن تلعب دور الضحية وتتهم المنظمة الإرهابية بخرقه. الاتفاق تم التوصل اليه وصادقت عليه ثلاث دول وساطة: الولايات المتحدة، مصر وقطر. في منتصف منتهى السبت الماضي انتهت مدة الـ 24 يوم، المرحلة الأولى في صفقة المخطوفين. إسرائيل تعهدت بالبدء في اجراء مفاوضات خلال المرحلة الأولى، لكنها رفضت ذلك. وبدلا من ذلك اقترحت في منتهى السبت الماضي، في نقاشات امنية برئاسة نتنياهو وعدد من الوزراء وقادة جهاز الامن، تمديد وقف اطلاق النار في شهر رمضان الذي بدأ في يوم السبت حتى عيد الفصح في 12 نيسان، والسماح باستمرار ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع.

في المقابل، نتنياهو يطالب بأن تطلق حماس على الفور سراح نصف المخطوفين الاحياء والقتلى، وفي نهاية فترة التمديد يتم اطلاق سراح الباقين، حسب تقدير جهاز الاستخبارات يوجد في غزة 21 – 22 مخطوف أحياء، حتى يوم الأربعاء الماضي التقدير كان 24، و37 – 38 جثمان.

خرق الاتفاقات أو التصعيد والاستفزازات اثناء المواجهات تميز سلوك إسرائيل منذ عشرات السنين. وهاكم عدة امثلة. في الخمسينيات اتبعت حكومة دافيد بن غوريون سياسة التصعيد ردا على عمليات الفدائيين من غزة، الأردن وسوريا. الهدف الاستراتيجي كان احداث ردود متسلسلة تؤدي الى حرب. وهكذا أدت هذه الى حرب سينار في 1956. في حرب يوم الغفران خرقت الحكومة برئاسة غولدا مئير، ووزير الدفاع موشيه ديان، اتفاق وقف اطلاق النار مع مصر في سيناء من اجل تحسين المواقع وتحقيق إنجازات. في اعقاب هذه العملية قتل 80 جندي وأصيب 120. في حرب لبنان الثانية في 2006 أمر رئيس الحكومة وزير الدفاع عمير بيرتس ورئيس الأركان دان حلوتس بمواصلة القتال في منطقة وادي السلكون، رغم أنه تم اتخاذ قرار في مجلس الامن، القرار رقم 1701، الذي دعا الى وقف اطلاق النار. الهدف كان تحقيق “صورة انتصار” وتحسين مواقع الجيش الاسرائيلي. 12 جندي قتلوا في المعركة وأصيب العشرات.

حسب اتفاق الدوحة مع حماس على إسرائيل الانسحاب من رفح بعد أسبوع. نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس اوضحا سابقا بأن إسرائيل لن تنسحب من هناك. ومن اجل استخدام الضغط على حماس قررت الحكومة اليوم وقف ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع، هذا خرق آخر للاتفاق. وكوسيلة ضغط أخرى امرت الحكومة الجيش بالاستعداد لاحتمالية تجنيد 400 جندي احتياط اذا تقرر استئناف الحرب.

جميع الخدع والتلاعب والاستفزاز والتهديد والبلاغة اللفظية تدل على أن مصير المخطوفين لا يعني نتنياهو، رغم أنه يدفع ضريبة كلامية على أنه هو والحكومة “ملتزمون بإعادة جميع المخطوفين”. نتنياهو يحركه أمر واحد وهو البقاء في الحكم. لذلك فانه يحاول إرضاء قاعدته، لا سيما أنه يتعهد ويعزز اللبنة الضعيفة في الائتلاف، الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش.

الجيش الإسرائيلي يوجد في نقطة حضيض متدنية. التحقيقات في 7 أكتوبر غير شاملة ولا تأتي إلا بالقليل جدا من الجديد وتحلق فوق هذه التحقيقات سحابة الجيش الذي يحقق مع نفسه ويقوم بترقية الضباط الذين فشلوا، التحقيقات تكشف مرة أخرى صورة قديمة: الجيش والاستخبارات لا يفكران إلا بالناحية التكتيكية والعملياتية، ونادرا ما ينظران الى الناحية السياسية والاستراتيجية. ومشكوك فيه أن يتغير هذا التوجه في الفترة التي تفصل بين استقالة رئيس الأركان هرتسي هليفي وتسلم رئيس الأركان الجديد ايال زمير لمنصبه. 

نتنياهو والحكومة يسمحون لانفسهم بالتصرف هكذا لأنهم يدركون أن صراخ عائلات المخطوفين لا يؤثر في الرأي العام. الجمهور في إسرائيل لا يخرج الى الشوارع بجموعه، ويكتفي باظهار الصدمة من الشهادات بشأن العذاب الذي مر على المخطوفين ومن الأفلام الفظيعة لحماس. نتنياهو أيضا يحظى بدعم الرئيس الأمريكي ترامب. في البيانات التي يحاول فيها تبرير خرقه للاتفاق، عاد نتنياهو وتسلق على الشجرة العالية لستيف ويتكون، المستشار السري لترامب ومبعوثه للشرق الأوسط. نتنياهو يذكر بأن خطواته، أي خروقات إسرائيل، هي حسب “خطة ويتكوف”. وهو أيضا يستغل حقيقة أن اهتمام ترامب وويتكوف، وفي الواقع اهتمام كل العالم، موجه للسيناريو الجاري في أوكرانيا في اعقاب العرض المخيف في المكتب البيضوي في البيت الأبيض في يوم الجمعة الماضي. 

حماس هي منظمة إرهابية وحشية، ومحظور أن تسيطر في غزة. ولكن الاتفاقات – حتى مع اكثر الأعداء فظاعة – يجب تنفيذها. أيضا توجد على كفة الميزان حياة إسرائيليين، الذين تم اهمالهم مرة تلو الأخرى على يد حكومة ترفض أن تتحمل المسؤولية عن الإخفاقات والاعتراف بذنبها.

—————————————-

هآرتس 3/3/2025

معركة حماس على اليوم التالي ستكون مع معظم الدول العربية أيضا

بقلم: جاكي خوري

إسرائيل وحماس ستواصلان الوقوف امام طريق مسدود في المحادثات حول تحرير المخطوفين ووقف القتال، طالما أن الطرفين بعيدين عن الاتفاق حول مسألة “اليوم التالي” في قطاع غزة. لأنه رغم الصعوبات في المفاوضات على المرحلة الأولى في الصفقة، القرارات اضرت بالأساس بجوانب تقنية مثل شروط انسحاب القوات وإعادة الانتشار، أسماء المخطوفين الذين سيتم اطلاق سراحهم والاتفاق حول معايير اختيار السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم من السجن الإسرائيلي. ولكن في المرحلة الثانية يجب على الطرفين حسم مسألة السلطة في القطاع في نهاية الحرب: كل طرف له دوافع واعتبارات ستؤثر بشكل كبير على مستقبله السياسي والامساك بالسلطة. 

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعتقد، بدرجة كبيرة من الثقة، أن أي قرار يرتكز في جوهره على الانسحاب العسكري الكامل من القطاع وانهاء الحرب في هذه الاثناء، يعني حل الحكومة أو على الأقل بداية نهايتها. هذا هو السبب في أن إسرائيل، بدعم من الإدارة الامريكية، تؤيد تمديد المرحلة الأولى للصفقة. بالنسبة لها هذا الامر يضمن عدة خطوات: تحرير مخطوفين آخرين مقابل سجناء بدون الالتزام بانهاء الحرب؛ السماح بعمليات عسكرية محدودة في القطاع؛ استمرار السيطرة على معابر القطاع، بما في ذلك معبر رفح؛ إمكانية تجنب كشف خطط إسرائيل فيما يتعلق بالسلطة في القطاع في اليوم التالي. 

من ناحية حماس المرحلة الأولى في الصفقة كانت ضرورية جدا. أولا، وقف النار المؤقت وفر لحماس إمكانية إعادة الاستعداد – حتى لو كان ذلك على المستوى الإداري فقط. ثانيا، عودة النازحين الى شمال القطاع الى جانب تحرير الاسرى وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل كبير خلال 42 يوم، كل ذلك ساهم في تقوية حماس. ولكن من ناحية قيادة حماس فان تمديد المرحلة الأولى على أساس مشابه – مع تحرير مخطوفين الذين هم ورقة المساومة ووسيلة الضغط الوحيدة لديها – فقط يضعف المنظمة أكثر. في حماس يدركون أنه يجب عليهم أيضا الحسم فيما يتعلق باليوم التالي لتحرير جميع المخطوفين، لذلك، ليس لديهم حتى الآن جواب واضح. في الظروف القائمة فان السيناريو الأفضل بالنسبة لحماس هو تطبيق الاتفاق حسب المراحل التي تم تحديدها مسبقا، وفيه أيضا سيتم حسم انهاء الحرب. طالما سيترسخ الجهاز العسكري والإداري لحماس في القطاع فلن يستطيع أي جسم فلسطيني أو عربي تجاهله، ومع الوقت سيتعزز نهوض المنظمة.

رغم أن مباديء هذا السيناريو مصاغة بخطوط عامة في اتفاق وقف اطلاق النار، إلا أنها غير مقبولة على إسرائيل، وبالتأكيد ليس على السلطة الفلسطينية. أيضا معظم الدول العربية، لا سيما التي اجتمعت قبل أسبوعين في السعودية التي يتوقع أن تجتمع يوم الأربعاء القادم في القاهرة، تعارض هذا السيناريو. جميع الاحاطات التي خرجت مؤخرا من القاهرة اشارت الى رغبة عربية ودولية في انهاء حكم حماس في القطاع. ولكن حتى الآن لم يتقرر هل وكيف يمكن تطبيق ذلك. في الفترة الأخيرة أيضا تسرب أن حماس رفضت اقتراح لمصر، نزع سلاحها وايداعه لدى مصر. المتحدثون بلسان حماس اوضحوا بأن أي حديث عن نزع سلاح المنظمة يجب أن يتم باتفاق فلسطيني داخلي يضمن افق سياسي واضح ومتفق عليه. وإلا فان أي نزع للسلاح يعني الاستسلام.

من ناحية هذا الموقف يوضح لإسرائيل وللسلطة الفلسطينية والدول العربية، لا سيما مصر، أن كل تسوية في القطاع يجب أن تأخذ حماس في الحسبان، وأن أي حل يقتضي الاتفاق، أو أن كل شيء سيحكم عليه بالفشل. من ناحية أخرى، موقف حماس هذا يوفر لإسرائيل ولحكومة نتنياهو ذريعة للعودة الى الهجمات الواسعة في القطاع. هذه الهجمات ستضعف حماس اكثر، لا سيما عندما يظهر أن المس بالسكان المدنيين لم يعد يكبح العمليات العسكرية.

في حماس يعرفون أنه طالما أن ترامب في البيت الأبيض، والدول العربية تناقش بلورة خطة لانهاء الحرب وإعادة اعمار القطاع بدون حسم، فان حماس توجد في حالة تضارب مصالح. في حماس يعرفون أنه على طاولة المفاوضات يدهم الأدنى، ولكن تشجعهم حقيقة أنه في القطاع وفي القرار بشأن مصير المخطوفين يدهم هي العليا.

——————————————

معاريف 3/3/2025 

الدول العربية تبلور موقفا موحدا تجاه خطة ترامب للترحيل

بقلم: ميخائيل هراري

فكرة الترحيل التي طرحها دونالد ترامب اصابت العالم العربي بالذهول، مع التشديد على مصر والأردن المرشحتين الاساسيتين، من ناحيته، لاستيعاب الفلسطينيين الذين سيجلون من غزة. فضلا عن التصريحات العربية التي ردت ردا باتا اقوال الرئيس الأمريكي وأعربت عن معارضة مطلقة لنقل الفلسطينيين من القطاع، بدأ تراكض دبلوماسي متفرع غايته بلورة موقف عربي موحد، كمنحى بديل لا يتضمن الترحيل. ومؤخرا انعقدت في الرياض قمة عربية ضيقة وبعدها تقررت قمة طواريء عربية في 4 اذار في القاهرة. 

إحساس الضغط في الدولتين المركزيتين اللتين ذكرا صراحة في واشنطن كان قاسيا على نحو خاص. فقد أجل الرئيس السيسي زيارته المخطط لها في واشنطن (معقول انه يفضل الوصول الى البيت الأبيض مزودا بموقف عربي موحد)، ونزعت وسائل الاعلام المصرية القفازات وانتقدت ترامب، وان كان بنبرة منضبطة. تجاه رئيس الوزراء نتنياهو كان النقد في مصر اكثر حدة بكثير. في القاهرة فوجئوا على ما يبدو بتصريحات السفير لايتر التي جاء فيها ان مصر تنفذ “خروقات جدية” في اتفاق السلام، مثلما في تقارير بهذه الروح أيضا في وسائل الاعلام الإسرائيلية. 

مشوق وشاذ بقدر لا يقل الايضاح الذي نشره جهاز الامن في إسرائيل بان المنشورات في الأسابيع الأخيرة في الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الاعلام والتي تدعي بان الجيش المصري يستعد بقوات معززة في سيناء بشكل يخرق اتفاق السلام، ليست صحيحة. فالمنشورات التي تشير الى أن واشنطن كفيلة بان تستخدم المساعدات الاقتصادية لمصر كي تضغط عليها تعتبر كأمر من شأنه أن يضعضع الاستقرار في الدولة وحكم السيسي ويخدم الاخوان المسلمين. 

في الأردن الإحساس قاس بقدر لا يقل. وبالتأكيد بعد زيارة الملك الى واشنطن وتكرار ترامب علنا لافكار “الريفييرا الامريكية” في غزة. عمان تشعر بالاهانة، ولا سيما حين ابقى الملك في واشنطن على نبرة منضبطة ودبلوماسية افضل ما يستطيع. من ناحية المملكة الهاشمية فان أفكارا من هذا القبيل تشكل تهديدا وجوديا على الدولة. مروان معشر، وزير الخارجية الأردني سابقا وصف هذا جيدا في مقال بعنوان “على ترامب ان يعرف بان  تهديدات وجودية لن تؤدي الى صفقة”. 

اقوال ترامب في “فوكس نيوز” التي جاء فيها أنه يعتقد بان هذه “خطة جيدة”، ولكن “انا لن افرض هذا. انا ببساطة سأنتظر، واوصي بهذا”، كفيلة بان تبث رسالة مهدئة، لكنها بالتأكيد لم تخفف المخاوف في الدولتين.

كما أسلفنا، ليس واضحا بعد كيف سيصاغ الجواب العربي. من جملة تقارير وتقديرات يبدو أنه سيعرض خطة شاملة لاعمار غزة، دون أن تكون حاجة لاخلاء مسبق للسكان، في ظل إيجاد صيغة لا تتضمن بقاء حماس في الحكم. هذه النقطة تخلق صعوبة لا بأس بها في ضوء حقيقة أن حماس بقيت في المنطقة مع سيطرة وان كان نطاقها ليس واضحا لكنها بالتأكيد موجودة، وبالتالي ستكون حاجة لموافقتها. من جهة أخرى، لا تزال على حالها معارضة إسرائيل لادراج السلطة الفلسطينية في الحكم في غزة.

دولة أساسية في عملية بلورة الموقف العربي هي السعودية. السؤال هو كيف ستناور السعودية بين معارضتها للترحيل وواجبها تجاه “التضامن العربي والفلسطيني”، بخاصة حين يتركز هذا في المصالح الحيوية لدولتين عربيتين مركزيتين، هما مصر والأردن، وبين منظومة علاقاتها مع إدارة ترامب. تحظى الرياض بمكانة مركزية في واشنطن، جسدت جيدا في اختيار الرياض استضافة المحادثات الامريكية الروسية في موضوع الحرب في أوكرانيا (في وسائل الاعلام العربية كان هناك من شبه هذا اللقاء بمؤتمر يالطا في نهاية الحرب العالمية الثانية).  

ان أفكار ترامب حول الترحيل استقبلت بحماسة من جانب الحكومة في إسرائيل، وبالموافقة من جانب معظم محافل المعارضة. فضلا عن الإخفاق الأخلاقي الواضح، إسرائيل ملزمة بان تأخذ بالحسبان التداعيات الخطيرة على مصر والأردن. خطوات تعتبر كتهديد على مصالح حيوية أولى في درجتها، نهايتها خلق صدوع في الثقة وفي مدى ذخر اتفاقات السلام مع إسرائيل.

——————————————

هآرتس 3/3/2025

وقف المساعدات الى غزة يهدد المخطوفين والدول العربية

بقلم: تسفي برئيل

اذا لم يحدث أي تطور مفاجيء فانه غدا يتوقع عقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة، استمرارا للقمة المصغرة التي عقدت في الشهر الماضي في الرياض. الهدف الاصلي للقمة كان طرح خطة واقعية لادارة قطاع غزة في المرحلة الثانية في الاتفاق. ومن اجل تخطيط المرحلة الثالثة التي سيبدأ فيها إعادة الاعمار. ولكن القرار احادي الجانب من قبل إسرائيل، وقف ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع، يضع الدول العربية أمام تهديد جديد يثير القلق. هذه عملية يتم تفسيرها كخطوة أولى قبل استئناف الحرب – اذا لم يتم إيجاد حل فوري لها فهي يمكن أن تتسبب بإعادة تهجير مئات آلاف سكان غزة الذين عادوا الى شمال القطاع، والتسبب بالضغط العسكري على جنوب القطاع، وبعد ذلك ربما أيضا احياء خطة الترانسفير. منذ أن اعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته، بخطوة هزت البلاط الملكي والجمهوري في الدول الجارة، يبدو أنها أخذت في الخفوت.

امام هذا التهديد يبدو أن خطوات الدول العربية من جهة، وخطوات إسرائيل والولايات المتحدة من الجهة الأخرى، تجري في خطين متوازيين يصعب الآن رؤية كيفية التقاءهما. النقطة الوحيدة التي يتفق عليها الأطراف هي أنه لا يمكن لحماس في أي مرحلة أن تكون شريكة في إدارة القطاع. تصريحيا، حماس أبلغت مصر، وبعد ذلك في رسالة للجامعة العربية، بأنها مستعدة لتبني أي حل لادارة القطاع. “سواء عن طريق تشكيل حكومة توافق وطني تتكون من تكنوقراط، خبراء ومهنيين فلسطينيين، أو بواسطة تشكيل لجنة دعم مدنية كما اقترحت الحكومة المصرية”، هذا ما كتب في نهاية الأسبوع في الرسالة التي أرسلها رئيس المجلس القيادي في حماس محمد درويش. ولكنه أوضح بأن حماس ستعارض أي حل يقترح وضع قوات اجنبية غير فلسطينية في القطاع، وأضاف بأن هدف حماس هو التوصل الى اتفاق على بنية جديدة لـ م.ت.ف “على أساس التعاون بين جميع الفصائل الفلسطينية”، بما في ذلك بالطبع حماس والجهاد الإسلامي. أي أن حماس لا تنوي حل نفسها كاطار تنظيمي، ناهيك عن نزع سلاحها، “حتى إقامة دولة فلسطينية مستقلة”. في هذه القضية موقف حماس له وزن كبير في هذه الاثناء، لكن أيضا وضع قوة متعددة الجنسيات أو قوة عربية في القطاع، أو نقل غزة لسيادة مصر بشكل مؤقت، كما اقترح يئير لبيد، كل ذلك غير موجود الآن على الاجندة، وذلك بسبب معارضة مصر الشديدة. القيادة العسكرية في مصر تطالب بشدة بأن تنفذ إسرائيل كل بنود الاتفاق الذي وقع مع حماس. لا سيما البند المتعلق بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. مصادر في مصر اقتبست في موقع “العربي الجديد”، قالت بأن الجيش المصري يعارض أي تنازل مصري في هذه القضية.

مصدر دبلوماسي مصري سابق، مطلع على المزاج السائد في قصر الرئاسة قال أمس “قضية محور فيلادلفيا ليست فقط مسألة امنية تكتيكية أو مسألة تخرق اتفاق كامب ديفيد”، حسب قوله سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا توفر لها القوة للتقرير متى وهل تفتح الحدود بين غزة وشبه جزيرة سيناء، وهكذا تسمح لمئات آلاف الغزيين اجتياز الحدود والتركز في الأراضي المصرية. “النتيجة يمكن أن تكون كارثة”، أوضح المصدر. “لأن الجيش المصري يمكن أن يجد نفسه في وضع يجب عليه فيه اطلاق النار على المواطنين الهاربين لمنع دخولهم، والأخطر من ذلك هو الوصول الى مواجهة عسكرية مع القوات الإسرائيلية”.

نفس المصدر أضاف أيضا بأن التفسير الذي تم تقديمه في مصر لقرار إسرائيل وقف ادخال المساعدات الإنسانية هو أنه يستهدف ليس معاقبة حماس أو استخدام الضغط عليها لتشكيل خطة جديدة لاتفاق تبادل المخطوفين – بل من اجل تحويل طرد الغزيين من القطاع الى أمر ملموس. المساعدات الإنسانية كسوط يمكن اجبار بواسطته الدول العربية على طرح حل مقبول لمسألة استمرار تواجد حماس في القطاع. 

ولكن خلافا لتفسير مصر، الذي يعتبر تطبيق الاتفاق مع حماس ضمانة لوقف التهديد على مصر، يبدو أن إسرائيل لا تبحث عن حل اداري أو سياسي لقضية تواجد حماس في غزة. اذا حكمنا على الأمور حسب تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو والوزراء فان هدف إسرائيل هو تدمير حماس وتخليد سيطرة إسرائيل في القطاع، “طالما كانت حاجة الى ذلك”. من هنا فان اقتراحات عربية لادارة القطاع بواسطة قوة عربية أو قوة متعددة الجنسيات، ناهيك بواسطة السلطة الفلسطينية، لا تعتبر جزء من خطة العمل التي تنوي إسرائيل تبنيها. حسب رأيها طالما أنها تحظى بالدعم الأمريكي الكامل لأي قرار تتخذه، بما في ذلك خرق اتفاق إعادة المخطوفين الذي تم التوصل اليه بضغط امريكي وحصل على وصفه بالانجاز المهم للرئيس ترامب، فانها تستطيع أن ترسم مسار المفاوضات مع حماس ومع دول الوساطة. هذا المسار يؤدي الى الهدف الاستراتيجي الذي تطمح اليه، حتى لو كان سيموت خلاله المزيد من المخطوفين أو أن احتمالية التطبيع مع السعودية ستدفن نهائيا. 

اطار زمني صارم

بناء على ذلك أيضا احتمالية تطبيق اقتراح مصر المؤقت الجديد الذي نشر عنه أمس، غير واعدة. فهو ينص على أن وقف اطلاق النار سيستمر لاسبوعين، فيهما سيتم تحرير مخطوفين أحياء واموات على دفعتين. مصر تتعهد بزيادة نشاطات الرقابة واحباط العمليات على طول محور فيلادلفيا (حسب الخطة التي اقترحها الامريكيون في السابق)، في نفس الوقت استئناف المفاوضات حول استكمال المرحلة الثانية في الصفقة. إسرائيل قامت بنفي وجود هذا الاقتراح المصري، أيضا ما سمي بخطة ويتكوف، التي تبناها نتنياهو – التي بحسبها نصف المخطوفين سيتم اطلاق سراحهم في اليوم الأول من تطبيق الخطة، وبعد ذلك اذا تم التوصل الى اتفاق حول وقف دائم لاطلاق النار سيتم اطلاق سراح باقي المخطوفين – سيصعب تنفيذها. حماس في الحقيقة رفضت الخطة، لكن حتى لو حماس وافقت عليها فان القسم الثاني فيها كان سيواجه عائق بسبب موقف إسرائيل الثابت والحازم الذي يعارض وقف اطلاق النار بشكل دائم. فعليا كانت ستبقي نصف المخطوفين في أسر حماس، مقابل الاتفاق القائم الذي تطبيقه، على الأقل نظريا، يمكن أن يعيد جميع المخطوفين الى بيوتهم.

على هذه الخلفية من غير الواضح ماذا سيحقق وقف المساعدات الإنسانية عدا عن استعراض للقوة. حماس التي لديها احتياطي كبير من البضائع التي خزنتها خلال وقف اطلاق النار، حيث دخلت في حينه الى القطاع 600 شاحنة غذاء ودواء كل يوم، يمكنها حسب التقديرات أن تصمد وتوفر احتياجات السكان لاسابيع، وربما لاشهر، وبالتأكيد ابعد من الفترة التي تم تحديدها لاستكمال المرحلة الثانية من المفاوضات. المعنى هو أن الجدول الزمني سيواصل تعريض حياة المخطوفين للخطر، في حين أن حماس يمكنها تنظيم نفسها والتمركز في القطاع بدون أن يتعين عليها تنفيذ دورها في الاتفاق الذي خرقته إسرائيل.

لكن هذه فترة زمنية حاسمة فيها إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها انتظار تأثير الضغط الإنساني على حماس. لا أحد يعد بأنه في هذه الفترة الزمنية لن تحدث تطورات دبلوماسية وسياسية تملي سلوكها. في الواقع لا توجد حاجة الى تعليق الآمال على القمة العربية، لكن يوجد للسعودية وزن ثقيل في رسم سياسة ترامب في الشرق الأوسط، سواء تم اختيارها من قبل ترامب لاستضافة المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول الحرب في أوكرانيا، أو لكونها ستكون الوسيطة بين الولايات المتحدة وايران. الرياض التي تعهدت باستثمار 600 مليار دولار في عهد ترامب في أمريكا، تبنت خطة مصر لادارة غزة، وهي من شأنها أن تشكل الدولة الرئيسية في الدفع قدما بحل اداري في القطاع من اجل منع استئناف الحرب.

ترامب اعطى إسرائيل يد حرة للعمل في غزة، لكن السعودية ملتزمة تجاه مصر والأردن بمنع تنفيذ خطة الترانسفير، وهو ما قد يؤدي اليها وقف المساعدات الإنسانية واستئناف الحرب. ولا يقل أهمية عن ذلك هو تعهد ويتكوف الشخصي باطلاق سراح جميع المخطوفين. وحتى الآن لم يصرح بصورة تدل على أن استئناف الحرب يمكن أن يدفع قدما بتحقيق هذا الهدف.

——————————————-

هآرتس 3/3/2025 

نتنياهو يتطلع ان يوفر له خرق الاتفاق مبررا لاستئناف القتال

بقلم: عاموس هرئيلِ

الروح الداعمة التي يوفرها على الأقل في هذه الاثناء الرئيس الأمريكي ترامب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تسمح للحكومة الإسرائيلي بالقيام بخطوات بعيدة المدى. في بعض الساحات هذه مقامرة خطيرة، التي من شأنها أن تشعل من جديد حروب أو تخلق مواجهات جديدة. نتنياهو، قال شخص يعرفه جيدا، كبح حتى الآن نشاطه بسبب مخاوفه من ثلاثة اتجاهات: حدوث تعقيد في محاكمته المتواصلة، تحفظ الجيش من خطواته وانتقاد امريكي. كل هذه القيود ضعفت في الأشهر الأخيرة، والآن لا يتم الشعور بها.

المثال الأبرز والاهم يتعلق بالمفاوضات حول صفقة المخطوفين. عنوان مواقع الاخبار عن خبر وضع المفاوضات أمس كان كما اقتبس من مكتب رئيس الحكومة: المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف طرح خطة لتمديد وقف النار، والتي وافقت عليها إسرائيل ورفضتها حماس. يبدو أن العنوان الأكثر دقة هو “إسرائيل تخرق اتفاق التبادل – لم تنسحب من محور فيلادلفيا وتراجعت عن التعهد بوقف القتال وغير مستعدة للدخول الى المرحلة الثانية في الصفقة.

بعد فترة قصيرة على نشر بيان مكتب رئيس الحكومة أعلنت إسرائيل عن وقف ادخال المساعدات الإنسانية الى غزة. حماس في الحقيقة راكمت احتياطات كثيرة في الفترة الأخيرة، ومشكوك فيه أن يؤثر ذلك على الفور على وضع السكان في القطاع. خطوة إسرائيل هذه ستثير انتقاد دولي كبير، وبالتأكيد في بداية شهر رمضان. الادعاء سيكون أن إسرائيل تقوم بصورة متعمدة بتجويع سكان القطاع (في العالم لا يصدقون ادعاء أنه لا يوجد أبرياء من الجريمة في غزة)،  بالتحديد في فترة عيد.

السؤال هو فيما اذا كان يمكن استخدام تجميد المساعدات الإنسانية لوقف استكمال صفقة التبادل كما يدعي رئيس الحكومة، أو أن كل الفكرة هي إعادة اشعال الحرب. في الخلفية هناك تحفظ متزايد لدول الوساطة العربية من خطوات إسرائيل. فمصر غاضبة من خرق التعهدات بشأن محور فيلادلفيا، التي تعطيه أهمية من اجل مصالحها. يبدو أن القطريين بدأوا في اليأس من كل مهمة الوساطة.

ويتكوف يدعم خطوات نتنياهو بواسطة اقتراح وساطة جديد مريح اكثر لإسرائيل. حسب الاقتراح سيتم تمديد وقف النار طوال شهر رمضان وعيد الفصح، وينتهي ذلك في 19 نيسان. جميع المخطوفين، الاحياء والاموات، سيحررون على دفعتين، الأولى في بداية تنفيذ الاتفاق الجديد والثانية في نهايته. هذا الامر سيتم مقابل اطلاق سراح سجناء فلسطينيين، حيث مفتاح التحرير لم يحدد بعد. هذا هو الاقتراح الذي رفضته حماس، واذا بقي رفض حماس قائم ومثله دعم أمريكا لنتنياهو فان هذا الامر يمكن أن يؤدي الى استئناف الحرب، هذا سيحدث على حساب المخطوفين، الذين سيحكم على بعضهم بالتواجد الطويل في الانفاق، وبعضهم ستتم التضحية بهم، ناهيك عن جنود الجيش الإسرائيلي الذين سيقتلون في العملية الهجومية الجديدة، حيث أنه من الواضح أن حماس استغلت الفترة جيدا من اجل الانتظام للدفاع.

في المقابل، هناك تأثير أيضا لنضال عائلات المخطوفين من اجل صفقة فورية وبدون تأثير. أمس تبين أن ترامب شاهد مقابلة المخطوف المطلق سراحه ايلي شرعابي في برنامج “عوفدا” في شبكة “كيشت” وتأثر مما شاهده، ودعاه للالتقاء معه في البيت الأبيض غدا. ولأن جزء كبير من السياسة الامريكية ينبع من العاطفة ومن حدس الرئيس فربما تفتح هنا احتمالية أخرى.

الطريقة التي يفسر بها رئيس الحكومة خطة ويتكوف واضحة، وهي سياسية في أساسها. نتنياهو يريد تمرير ميزانية الدولة في موعدها، وينهي دورة الكنيست الشتوية بسلام، حيث حكومته لم تنهر ووزير المالية سموتريتش لا يضغط عليه. حزب الصهيونية الدينية الذي حسب الاستطلاعات يجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم، يقوم بابتزاز نتنياهو ويملي سلوك الحرب ويعرض حياة المخطوفين للخطر. هذا لن يزعج رئيسه في أن ينشر تغريدة تهنئة أخرى بسعادة مزيفة في المرة القادمة التي سيتحرر فيها مخطوفون، هذا اذا حدث ذلك.

ثمل القوة

حكومة نتنياهو تتصرف بمغامرة بدرجة معينة في كل الجبهات، لأن من يترأسها يشعر أنه يستطيع أن يسمح بذلك لنفسه. القاعدة اليمينية تسوق ذلك كفترة جديدة واعدة في تاريخ إسرائيل، أخيرا هي لا تخشى من عمليات هجومية، وعند الضرورة حتى تقوم باحتلال مناطق جديدة (حاليا لفترة غير محدودة) لحماية مصالحها الأمنية. الخطوات يتم عرضها كدرس مباشر تم استخلاصه من مذبحة 7 أكتوبر: لن نتراجع أكثر.

مع ذلك يثور السؤال، في غزة وفي لبنان هناك الجيش الإسرائيلي بقي في هذه الاثناء في خمسة مواقع في جنوب لبنان بمصادقة من أمريكا وخلافا للجدول الزمني الذي تقرر في اتفاق وقف اطلاق النار. ما الذي يعنيه خرق التعهدات بشأن المصداقية التي توليها دول لوعود إسرائيل؟ حزب الله يوجد في هذه الاثناء في موقف ضعيف في لبنان ولا يسمح لنفسه بالرد بخطوات من قبله. حماس هي منظمة إرهابية قاتلة، قامت بشن هجوم 7 أكتوبر، لكنها قامت بالوفاء بمعظم شروط الاتفاق معها.

خلال فيض الاحداث يجدر الانتباه الى تطورات ذات خطر كامن في سوريا. في بداية كانون الأول سيطرت إسرائيل على المنطقة العازلة، على قطاع في الأراضي السورية شرقي الحدود في هضبة الجولان وعلى الجزء السوري في جبل الشيخ، ردا على السقوط السريع لنظام الأسد الذي انهار امام المتمردين السنة. المبرر الفوري كان أمني: الخوف من أن جهات متطرفة مرتبطة بالنظام الجديد، المتماهية أيديولوجيا مع القاعدة، ستستغل الفوضى للقيام بهجوم إرهابي سريع في الجولان. ولكن في هذه الاثناء يتبين أن ترامب، في محادثة مع نتنياهو، عبر عن التفاجؤ لأن إسرائيل لم تستغل الوضع لتأخذ لنفسها أراضي اكثر في الجولان. هنا ولدت في المستوى السياسي أفكار جديدة كثيرة، من ارسال قوات عسكرية لمساعدة الاكراد في سوريا (فكرة لحسن الحظ تم الاحتفاظ بها)، وحتى التعهد بالدفاع عن السكان الدروز. في نهاية الأسبوع إسرائيل نشرت حتى تهديد للنظام الجديد بأن لا يمس بالبلدة الدرزية قرب دمشق، وهددت بالتدخل بالقوة. هنا، الاعتبارات ليست سياسية وعسكرية فقط. هذا غمز للطائفة الدرزية في إسرائيل التي فقد نتنياهو تأييدها بعد تمرير قانون القومية، والليكود اصبح بحاجة الى اصواتها في الانتخابات القادمة.

في الخلفية تقف أيضا تهديدات واستعدادات إسرائيل قبيل احتمالية مهاجمة المنشآت النووية في ايران والعلاقات المعقدة في المثلث الإسرائيلي، الأمريكي والروسي. ترامب سيفضل بالتأكيد صفقة لكبح المشروع النووي الإيراني على الحرب، لكنه لن يعارض استخدام تهديد حقيقي لإسرائيل كأداة ضغط على النظام في طهران. 

في هذه الاثناء في حاشية نتنياهو يتحدثون بانفعال عن إمكانية تحسين العلاقات مع موسكو على خلفية التحالف الجديد بين ترامب والرئيس الروسي فلادمير بوتين. إسرائيل تحسست لدى الروس في محاولة للتوصل الى ترتيبات محلية معهم في سوريا، والآن تساوقت معهم في التصويت المناويء لاوكرانيا في الأمم المتحدة بالتنسيق مع الإدارة في واشنطن. على خلفية الابتهاج الذي أحاط بالدعم الذي وعد به ترامب، ينبغي الانتباه الى العرض المخيف الذي قدمه الرئيس الجديد مساء يوم الجمعة عندما استضاف الرئيس الاوكراني فلودمير زيلنسكي في البيت الأبيض. لقد تغير موقف ترامب من إسرائيل على مر السنين، لكن من الأفضل عدم تطوير توقعات مبالغ فيها. 

الطموحات الامبريالية التي اشعلها ترامب لدى نتنياهو وشخصيات إسرائيلية رفيعة أخرى لا تتساوق مع موضوع آخر – الجيش الإسرائيلي ببساطة اصغر من عبء المهمات والجبهات التي يتم فحصها الآن. من يتسلى بالافكار حول احتلال المزيد من الأراضي واستئناف القتال في جبهات أخرى، يجدر به التفكير أيضا بقيود حجم قوات الجيش الإسرائيلي، بعد القتلى والجرحى والمصابين بامراض نفسية، التي تكبدها الجيش في الـ 16 شهر من الحرب، تنقصه قوة بشرية بحجم لوائين. وهذا حتى قبل الحديث عن الازمة الكبيرة في وحدات الاحتياط التي رجالها واجهوا في هذه الفترة عبء غير مسبوق. من يريد الذهاب الى معارك جديدة يفضل أن يفحص قبل ذلك اذا كان الجيش والجمهور يقفان وراءه.

——————————————-

يديعوت احرونوت 3/3/2025

حلف الزعران، ترامب يقسم العالم

بقلم: ناحوم برنياع

الثورات تضرب بسرعة لكنها تهضم ببطء. ما رأيك بالثورة الفرنسية، سُئل رئيس وزراء الصين شو آن لين. “من السابق لاوانه ان نحكم عليها”، أجاب الزعيم الصيني. تحذيره يحوم منذئذ من فوق كل بحث تاريخي: مطلوب وقت لاجل فهم الى أين تأخذنا الثورات. فكروا بالربيع العربي، الموجة الثورية التي اجتاحت الدول العربية في 2011. الخروج الى الشوارع للمطالبة بالعدالة والديمقراطية والتي اثارت حماسة هائلة في الغرب، انتجت، صحيح حتى الان، فوضى، حرب أهلية مضرجة بالدماء، سيطرة دينية ودكتاتورية عسكرية، كل دولة ومصيرها. احتلال الحكم في سوريا من قبل مجموعة جهادية كان الرسالة الأخيرة التي تلقينا من الربيع إياه.

أو ثورة ترامب. ما يجري في الولايات المتحدة منذ الانتخابات في تشرين الثاني هو الثورة. على هذا لم يعد يوجد جدال. الرئيس المنتخب يغير من الأساس سلم الأولويات، القيم، السياسة، قواعد اللعب. مزاجه الثوري يحطم مسلمات، حتى في الجبهة الداخلية وفي الجبهة الخارجية أيضا. المؤسسة السياسية الامريكية في صدمة؛ الاسرة الدولية في صدمة. لم يتولى في أمريكا رئيس تصرف مثله ولا حتى ترامب نفسه في ولايته الأولى. الجدال هو على الهدف النهائي: ثمة من يقدر بان الشيطان ليس رهيبا جدا – خطوات ترامب الفظة هي فقط مواقف مساومة، طريق واع لتحقيق صفقات افضل وللخروج من حرب في أوروبا لا أمل في الانتصار فيها؛ وثمة من يصرخ بان الشيطان رهيب بالذات، ونهايته أن يجلب خرابا على أمريكا وعلى الغرب بل وحتى حرب عالمية ثالثة. 

الزيارة البائسة لرئيس أوكرانيا في البيت البيض توفر مادة للطرفين في الجدال. تسلسل الاحداث كما جاء في تقارير السي.ان.ان يشير الى كمين مخطط له: عندما خرج زلنسكي من سيارته، وهو يرتدي على عادته منذ بداية الحرب، ملابس سوداء، تشبه البزات العسكرية، قال ترامب بتهكم للصحافيين: “هو يتخفى حقا اليوم”. أناس ترامب دفعوا الى الامام، بخلاف الأنظمة، مراسلا لشبكة نائية، داعمة لترامب. فقد ارسل المراسل كي يعرض على زلنسكي سؤالا من مجال الموضة: “لماذا لا ترتدي بدلة؟”.

كانت هذه المحطة الأولى في الخازوق. بعدها جاءت الإهانة، على لسان نائب الرئيس فرانس ولسان ترامب نفسه، وفي النهاية طرد الحاشية الأوكرانية من البيت الأبيض بدون وجبة الغداء الموعودة. 

من يؤمن بان كل شيء تكتيك، في الطريق الى عقد الصفقات، سجل امامه ان زلنسكي اصدر على الفور بيانا متملقا وأمس، في لقاء قمة في لندن، عمل على خطة جديدة لوقف نار تعرض على ترامب؛ من يؤمن بان كله استراتيجية، عبر خيانة الخلفاء وتغيير موازين القوى في العالم سجل امامه الفزع في أوروبا والفرح في موسكو. ايلون ماسك، الطليعي الذي يقفز امام المعسكر تبنى تغريدة تدعو الى حل الناتو. عندما تكون أمريكا وروسيا ينسقان بينهما من يحتاج الى الناتو؟ خسارة على المال. 

ترامب، كما يدعي منتقدوه، يسعى الى إقامة حلف الزعران: هو، بوتين ورئيس الصين شي. ثلاثتهم سيتقاسمون فيما بينهم مناطق النفوذ في العالم: بوتين يسيطر على شرق أوكرانيا، ولاحقا على أوكرانيا كلها، ليتا، لتريا، بولندا. شي يحتل تايوان. ترامب يحصل على غرينلاند. الاتحاد الأوروبي يتقلص أو يختفي. أحزاب فاشية جديدة على نمط هنغاريا اوربان تسيطر في أوروبا. وهذه تخرط بسهولة في قارة بوتين وترامب فيها هما ربا البيت.

هذا عالم يمكن لحكومة إسرائيل أيضا ان تنخرط فيه: فهو يحترم القوة، والقوة في هذه اللحظة في أيدينا؛ هو يحترم السيطرة على مناطق، والمناطق في هذه اللحظة في أيدينا؛ هو ينفر من القيم الديمقراطية القديمة، من حقوق الانسان، من المعاناة الإنسانية، من العدالة والقضاء، والنفور في هذه اللحظة في أيدينا. 

وبالفعل، الحكومة تسمح لنفسها بان تتخذ خطوات ما كانت لتطرأ على البال في فترات ولاية رؤساء أمريكيين سابقين، ديمقراطيين وجمهوريين. القائمة طويلة: خرق الاتفاق الذي وقعته في اطار صفقة المخطوفين؛ حيازة نقاط في دخل أراضي سوريا والاعلان اننا سنبقى هناك الى الابد؛ التهديد علنا بالتدخل في المواجهة بين النظام السوري والدروز في بلدة جرمانة قبل دمشق (كان هذا تهديدا عابثا، عنوانا رئيسا من أجل القاعدة: الطرفان رفضا التدخل الإسرائيلي رفضا باتا)؛ حيازة نقاط في داخل أراضي لبنان بخلاف اتفاق وقف النار؛ طرد الاف السكان من مخيمات اللاجئين في الضفة، في المنطقة أ وأمر الجيش الإسرائيلي بالبقاء فيها؛ منع المساعدات الإنسانية من الدخول الى غزة؛ التنكر للمرحلة الثانية من المفاوضات وترك 59 مخطوفا، احياء واموات لمصيرهم.

في المدى القصير قد يكون هذا مجديا: طالما ترامب يساند إسرائيل فانها تتمتع بالحصانة. لكن، مثلما تعلم زلنسكي على جلدته، تأييد ترامب هو موضوع متملص. عندما شاهد نتنياهو بث الخازوق في البيت الأبيض اقدر بان بطنه قرقعت. فقبل بضعة أسابيع فقط جلس على الكرسي ذاته. حين لا تكون قيم مشتركة الخيانة تنتظر دوما خلف الزاوية. 

ربما بسبب البطن التي تقرقع له يسارع لان يقرر حقائق على الأرض، من غزة حتى نابلس حتى سوريا حتى لبنان: فمن يدري ماذا سيكون مزاج عظيم أصدقاء إسرائيل غدا.

——————————————- 

هآرتس 3/3/2025

آيزنكوت يفحص إقامة اتحاد أحزاب بقيادته مع لبيد

بقلم: رفيت هيخت

عضو الكنيست غادي ايزنكوت (المعسكر الرسمي) يعمل على إقامة اتحاد أحزاب بقيادته في الانتخابات القادمة، التي ستوحد حزبه الذي يترأسه الآن بني غانتس مع يوجد مستقبل برئاسة يئير لبيد. مصادر مطلعة قالت للصحيفة إن ايزنكوت يهتم بالاتحاد من اجل عرض جبهة مشتركة امام رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت فيما يتعلق بالحصول على أصوات معارضي الحكومة. حتى أن هذه المصادر قالت بأن ايزنكوت يجري أيضا مفاوضات مع رئيس الديمقراطيين يئير غولان فيما يتعلق بضم قائمته في هذا الاتحاد الآخذ في التشكل.

حسب اقوال مصادر في النظام السياسي فان ايزنكوت ولبيد “يتحدثان كثيرا فيما بينهما وحتى أن لبيد لا يستبعد احتمالية التنافس في الانتخابات بقيادة رئيس الأركان السابق: “حتى الآن هما لم يتبادلا المسودات، لكن واضح للجميع أن ايزنكوت اتخذ قراره، أنه في الانتخابات القادمة لن يكون رقم 2”. مقابل لبيد الذي لا يستبعد التنافس تحت ايزنكوت، لا يوجد لغانتس حتى الآن أي خطة للانسحاب من رئاسة الحزب. 

حسب ادعاءات المقربين من ايزنكوت فانه في آب 2022 عند دخوله الحلبة السياسية وعد أنه قبل الانتخابات للكنيست السادسة والعشرين (الانتخابات القادمة) سيجري حزب المعسكر الرسمي انتخابات لرئاسة القائمة وقائمة الأعضاء. حسب اقوال المقربين فان هذا كان السبب في أن يفضل ايزنكوت غانتس على لبيد. قبل فترة قصيرة حاول المقربون من غانتس في المعسكر الرسمي خلق الانطباع بأن المعركة على رئاسة الحزب ستؤجل الى الانتخابات القادمة. وهم حتى حاولوا تهدئة انتقاد ايزنكوت ومؤيديه باطلاق حملة باسم “المنضمون يؤثرون”، التي تشمل اجتماعات عامة وتشكيل لجان بدمج منضمين جدد بهدف اظهار أن الحزب يعمل بصورة ديمقراطية. ولكن ايزنكوت لم تعجبه هذه الخطوة، ومؤخرا أوضح بأنه ينوي التصميم على طلبه، اجراء الانتخابات التمهيدية. “جميع الاستطلاعات في أوساط الناخبين ذوي الصلة تشير الى شخص واحد يحظى بالشعبية الأكبر”، قال للصحيفة مصدر في حاشية ايزنكوت. “يئير لبيد اثبت في السابق بأنه مستعد للتنازل من اجل الهدف الأكبر. الآن جاء دور من يكرر طوال الوقت بأنه يضع إسرائيل قبل كل شيء”، أضاف المصدر بالإشارة الى حملة غانتس القديمة. “الامر الصحيح هو أن يخلي المكان لايزنكوت”.

حتى فترة غير بعيدة تجنب رؤساء “المعسكر الرسمي” فضائح سياسية. غانتس حرص على ابراز وجود ايزنكوت الى جانبه، تقريبا الى درجة عرض قيادة مشتركة، وأصر على تعيينه كعضو في كابنت الحرب. هذه الخطوة اثارت غضب جدعون ساعر الذي كان في حينه شريكه السياسي، وفي نهاية المطاف أدى ذلك الى تنازل ساعر عن هذا التحالف والانسحاب الى معسكر نتنياهو. مع ذلك، مؤخرا بدأ تدهور في العلاقات بين غانتس وايزنكوت. 

“يجب محاولة بقدر الإمكان ربط هذا التشكيل. أعتقد أن نفتالي بينيت يوجد هناك، أيضا يئير غولان هناك. أنا أرى الشراكة الجديدة لتحالف من يخدمون”، قال ايزنكوت في يوم السبت في مقابلة مع “قابل الصحافة”. “لا اريد التدخل في السياسة التافهة. أنا انضممت من اجل الدفع قدما بفكرة، أنا أتحدث مع الجميع واحاول تحقيق الميزة النسبية التي اراها في نفسي، من اجل إيجاد كتلة صهيونية رسمية وطنية تستبدل هذه الحكومة السيئة”.

يوجد للبيد، الذي ضعف في الاستطلاعات وغير المحسوب على مؤيدي غانتس، مصلحة واضحة في الارتباط بالمعسكر الرسمي. لبيد اثبت في السابق بأنه لا يجد صعوبة في التنازل عن القيادة عندما يلاحظ ارتباطات مجدية – سواء في مشروع “ازرق ابيض” مع غانتس، أو إقامة حكومة التغيير برئاسة بينيت. 

ايزنكوت رفض التطرق الى هذه الأمور. أيضا في “يوجد مستقبل” رفضوا الرد على سؤال وجهته “هآرتس” في هذا الشأن.

——————————————- 

هآرتس 3/3/2025

“مقترح ويتكوف”.. هدية لـ”معرقل المرحلة الثانية” واتفاق على تجويع الغزيين واستئناف الحرب

بقلم: أسرة التحرير

أمر من رئيس الوزراء نتنياهو، أغلق الجيش الإسرائيلي أمس كل المعابر إلى قطاع غزة وأوقف دخول المساعدات الإنسانية إليه. السبب الرسمي هو رفض منظمة حماس قبول “اتفاق ويتكوف” الذي وافقت عليه إسرائيل وتعارضه حماس.

المنحى الذي اقترحه مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف، يتضمن وقف نار مؤقتاً لفترة رمضان والفصح. في إطار المنحى، يتحرر نصف المخطوفين في اليوم الأول من تنفيذه، ولاحقاً يتحرر باقي المخطوفين إذا تحقق توافق على وقف نار دائم. غير أن هذا المنحى ولد على خلفية رفض نتنياهو التقدم إلى المرحلة الثانية في الاتفاق لإعادة المخطوفين.

 حسب الاتفاق الذي وقعت عليه إسرائيل، تنطوي إعادة المخطوفين جميعاً على إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، غير أن نتنياهو ليس مستعداً لإعلان إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع. كل هذا لسبب لا يرتبط بالمخطوفين ولا حتى باحتياجات الحرب أو بسلوك حماس أثناء تنفيذ المرحلة الأولى بشأن تبديل جثة شيري بيباس وفي المراسم التي أجرتها، والتي تضمنت إهانة المخطوفين وتعريضهم لخطر الجمهور.

سبب عدم موافقة نتنياهو هو الحرص على بقاء حكومته، المتعلقة باليمين المتطرف. ولهذا، يرحب نتنياهو بأنصاف مناح جديدة، تنسي التعهدات السابقة وتسرق كل أوراق المفاوضات؛ بهدف كسب مزيد من الوقت. وقت يمدد حياة حكومته ويقصر حياة المخطوفين. هذه هي خلفية وقف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة والذي يشكل خرقاً للاتفاق.

عائلات المخطوفين غاضبون؛ يدركون بأن رئيس الوزراء ينشغل بالسياسة الداخلية، وأن سموتريتش على رأس اهتمامه، وليس المخطوفون وعائلاتهم. هذه العائلات تفهم بأن وقف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة يستهدف تملق اليمين المتطرف على أمل أن “تأكل” إدارة ترامب أحبولة أن سبب ذلك عائد لرفض حماس لمنحى ويتكوف.

“نتنياهو نفذ إحباطاً مركزاً للاتفاق”، صرخت عيناب تسنغاوكر في نهاية الأسبوع الماضي. “الأزمة التي في المفاوضات الآن مقصودة، بادر إليها وهندسها نتنياهو. يمكن إعادة الجميع. ثمة منحى يمكن إخراجه إلى حيز التنفيذ صباح غد: إنهاء الحرب وإعادة الجميع دفعة واحدة”. تسنغاوكر محقة. قرر نتنياهو عدم الدخول إلى مفاوضات على وقف نار دائم.

الاتصالات الجارية للمرحلة الثانية يفترض أن تبدأ في اليوم الـ 16، ولم تعقد على الإطلاق. مع نهاية المرحلة الأولى، بقي في القطاع 59 مخطوفاً، منهم 24 على قيد الحياة. إعادتهم ليست بتمديد المرحلة الأولى، بل التقدم إلى المرحلة الثانية: وقف الحرب والانسحاب من القطاع مثلما يقرر الاتفاق، وليس تجويع السكان في القطاع، بمن فيهم المخطوفون.

—————–انتهت النشرة—————–