إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 27/6/2025

جنود يطلقون النار على غزيين قرب مراكز المساعدة حتى عندما يكونوا غير خطرين

بقلم: نير حسون وينيف كوفوفيتش وبار بيلغ

جنود الجيش الإسرائيلي في غزة يشهدون على ان الجيش اطلق النار بشكل متعمد على الفلسطينيين قرب مراكز المساعدة في الشهر الماضي. من حديث “هآرتس” مع ضباط وجنود يتبين ان القادة امروا الجنود باطلاق النار على الفلسطينيين لابعادهم أو تفريقهم، رغم انه كان واضحا انهم لا يشكلون أي خطر. “القصة هي ان هناك غياب كامل لطهارة السلاح في غزة”، قال احد الجنود. حسب وزارة الصحة في غزة فانه منذ 27 أيار قتل 549 غزي قرب مراكز المساعدة وفي المناطق التي انتظر فيها السكان قوافل الغذاء التابعة للأمم المتحدة، وأصيب 4 آلاف شخص. العدد الدقيق للقتلى والجرحى بنار الجيش الإسرائيلي غير واضح. “هآرتس” علمت ان النيابة العسكرية طلبت من جهاز التحقيق في هيئة الأركان التحقيق في شبهة ارتكاب جرائم حرب في هذه المراكز.

مراكز المساعدة التابعة للصندوق الإنساني في غزة “جي.اتش.اف” بدأت العمل قبل خمسة أسابيع تقريبا. ظروف إقامة هذا الصندوق ووسائل تمويله غامضة. معروف ان إسرائيل اقامته بالتعاون بين الافنغلستيين في أمريكا وبين مقاولي امن خاصين، ومديره العام الحالي هو زعيم افنغلستي مقرب من ترامب ومن بنيامين نتنياهو. هذا الصندوق يشغل أربعة مراكز توزيع للغذاء، تسمى في الجيش الإسرائيلي مراكز توزيع سريعة، ثلاثة في جنوب غزة وواحد في الوسط. عاملون امريكيون وفلسطينيون يشغلون هذه المراكز، والجيش الإسرائيلي يقوم بحمايتها من بعيد. كل يوم يأتي آلاف الغزيين واحيانا عشرات الالاف من اجل اخذ الغذاء من هذه المراكز. وخلافا لوعود الصندوق في بداية المساعدات فانه لا يوجد توزيع منظم للمواد الغذائية، بل انقضاض جماعي على الصناديق. منذ بداية عمل هذه المراكز احصت “هآرتس” 19 حادثة اطلاق نار في محيطها، رغم أنه ليس دائما تعرف هوية من يطلقون النار، إلا ان الجيش الإسرائيلي لا يسمح للمسلحين بالتجول في مناطق توزيع المساعدة بدون معرفته.

بشكل عام مراكز التوزيع يتم فتحها ساعة في اليوم في الصباح. وحسب اقوال ضباط وجنود خدموا في المنطقة فان الجيش الإسرائيلي يطلق النار على الأشخاص الذين ياتون قبل فتحها لمنعهم من الاقتراب، أو بعد اغلاقها بهدف تفريقهم. وبسبب ان بعض حالات اطلاق النار كانت في الليل قبل الفتح، فربما عدد من المواطنين لم يشاهدوا حدود المنطقة التي تم تحديدها لهم. “هذا حقل الغام”، قال احد الجنود. “في المكان الذي كنت فيه قتل كل يوم 1 – 5 اشخاص. يقومون باطلاق النار عليهم وكأنهم قوة مهاجمة. لا يستخدمون وسائل تفريق المظاهرات، لا يطلقون الغاز المسيل للدموع، بل يطلقون النار بواسطة كل ما يمكن التفكير فيه، سواء الرشاش الثقيل أو مدفع لاطلاق القنابل ومدافع الهاون. بعد ذلك عندما تفتح المراكز يوقفون اطلاق النار والناس يعرفون انه مسموح لهم الاقتراب. نحن  نتواصل معهم بواسطة اطلاق النار”.

الجندي أضاف: “يطلقون النار في الصباح الباكر، اذا كان يوجد شخص يريد أن يأخذ دور في الطابور، من مسافة مئات الأمتار، واحيانا ببساطة ينقضون عليهم من مسافة قريبة. ولكن لا يكون هناك أي خطر على القوات. انا لا اعرف عن أي حادثة اطلاق نار من الطرف الثاني. لا يوجد عدو ولا يوجد سلاح”. أيضا قال الجندي بان النشاطات في منطقة خدمته تسمى “عملية السمك المالح”.

ضباط في الجيش قالوا للصحيفة بان الجيش الإسرائيلي لا ينشر على الجمهور في إسرائيل وعلى الخارج التوثيق الذي جرى في محيط مراكز توزيع الغذاء. حسب قولهم، في الجيش هم راضون عن نشاطات جي.اتش.اف التي منعت الانهيار الكامل للشرعية الدولية لمواصلة القتال. هم يعتقدون ان الجيش الإسرائيلي نجح في تحويل قطاع غزة الى ساحة خلفية، لا سيما في اعقاب الحرب في ايران. “غزة لم تعد تهم احد”، قال جندي في الاحتياط، الذي انهى في هذا الأسبوع جولة أخرى في شمال القطاع. “هذا اصبح مكان له قوانينه الخاصة. فقدان حياة انسان يعتبر لا شيء. وحتى لا يعتبر حدث مؤسف كما كانوا يقولون”.

ضابط يخدم في حماية مركز توزيع قال عن هذه العادة للجيش الإسرائيلي: “العمل امام سكان حيث تكون الوسيلة الوحيدة لك امامهم هي استخدام النار، هو امر اشكالي جدا”. وحسب قوله، من غير الصحيح، أخلاقيا وقيميا، الوصول او عدم الوصول الى المنطقة بواسطة نار الدبابات والقناصة والقذائف. وشرح هذا الضابط بانه في هذه المراكز هناك عدة دوائر للحماية. في مراكز التوزيع وفي الطريق المؤدية اليها يوجد عاملون امريكيون، ومحظور على الجيش الإسرائيلي العمل في هذه المنشاة. الدائرة الابعد تتكون من فلسطينيين يقومون بالتنظيم، بعضهم مسلحين وينتمون لعائلة أبو شباب. دائرة حماية الجيش تشمل الدبابات، القناصة والمدافع. وهدفها حسب الضابط هو حماية المتواجدين وحماية توزيع المساعدات.

في الليل نحن نستخدم النار من اجل التوضيح للسكان بان هذه منطقة قتال، وأنه يجب عليهم عدم الاقتراب منها”، قال الضابط. “في مرحلة معينة مدافع الهاون توقفت عن اطلاق النار، وشاهدنا الناس يقتربون. نحن واصلنا اطلاق النار حتى عرفوا انه محظور عليهم ذلك. في النهاية ادركنا ان قذيفة سقطت على عدد من الناس. في حالات أخرى اطلقنا نار الرشاشات من الدبابات والقينا قنابل يدوية، وحدثت حادثة أصيب فيها عدد من المدنيين الذين كانوا يتقدمون تحت غطاء الضباب. الامر لم يكن متعمد. ولكن هذه الأمور تحدث”. وأشار الضابط الى ان “هذه الحوادث كان فيها قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي. اللواء المحارب ليست لديه الأدوات اللازمة للعمل امام السكان في منطقة قتال. لديه مدافع هاون لابعاد سكان جائعين. هذا امر غير مهني وغير انساني. أنا اعرف انه يوجد بينهم رجال من حماس، ولكن أيضا هناك أناس الذين هم أيضا بالاجمال يريدون الحصول على المساعدات. نحن كدولة نتحمل المسؤولية أيضا عن حدوث ذلك بشكل آمن”.

الضابط أشار الى مشكلة أخرى في مراكز التوزيع وهي عدم الثبات. السكان لا يعرفون متى يتم فتح كل مركز، الامر الذي يضيف الضغط على المراكز ويساهم في المس بالمدنيين. “انا لا اعرف من الذي يتخذ القرارات، لكن نحن نعطي تعليمات للسكان ولا نقوم بالوفاء بها، أو أن هذه التعليمات تتغير”، قال. “في بداية الشهر كانت هناك حالات قالوا لنا فيها بانهم اصدروا بيان عن فتح المراكز في الظهيرة. الناس جاءوا في الصباح الباكر كي يكونوا اول من سياخذ الغذاء. نتيجة لذلك وصلوا في وقت مبكر جدا والتوزيع في ذلك اليوم تم الغاءه”.

ارباح للمقاولين

حسب وصف القادة والجنود فان الجيش الإسرائيلي كان يجب عليه الحفاظ على مسافة آمنة عن التجمعات السكانية الفلسطينية وعن مراكز توزيع الغذاء. ولكن نشاطات القوات على الأرض لا تتناسب مع الخطط العملياتية. “الآن كل مقاول خاص يعمل في غزة مع أدوات هندسية يحصل على 5 آلاف شيكل عن كل بيت يقوم بهدمه”، قال جندي مخضرم. “هم يكسبون أموال كثيرة. من ناحيتهم فان أي وقت لا يهدمون فيه بيوت فهذا يعني خسارة الأموال. والقوات يجب عليها حماية العمل. المقاولون الذين يتصرفون مثل ضباط الشرطة يهدمون في أي مكان يريدونه”.

في اعقاب ذلك، أضاف الجندي، حملة الهدم للمقاولين اوصلتهم هم وقوات الحماية لهم الصغيرة جدا، الى منطقة قريبة من مراكز التوزيع أو الى محور حركة قافلات المساعدة. “من اجل حماية انفسهم كانت هناك حادثة اطلاق نار مع قتلى”، قال. “هذه مناطق مسموح فيها للفلسطينيين التواجد فيها. ببساطة، نحن اقتربنا منها وقررنا ان هذا يعرض حياتنا للخطر. عندها من اجل ان يقوم المقاوم بكسب 5 آلاف شيكل إضافية وهدم بيت آخر، قررنا أنه يمكن قتل اشخاص يبحثون عن الغذاء”.

——————————————-

هآرتس 27/6/2025 

بدلا من احباط النووي الإيراني، ترامب خلق سباق تسلح من نوع آخر

بقلم:  نتنئيل شلوموفيتس

دونالد ترامب تردد حتى اللحظة الأخيرة. الرئيس الأمريكي يخشى من اسقاط نظام آيات الله. في الوقت الذي خاف فيه كثير من الأمريكيين من مغامرة احتلال مثلما في العراق وأفغانستان، فان ترامب تحدث مع مستشاريه عن الخشية من “ليبيا أخرى”. أيضا في ايران تعلموا الخوف من تكرار “سيناريو ليبيا”، لكن لاسباب مختلفة كليا. الهجوم في ايران يشير الى انعطافة مزدوجة في السياسة الخارجية الامريكية، فيما يتعلق بالاعداء والحلفاء أيضا.

حول عملية اتخاذ القرارات لترامب في البيت الأبيض والطريقة الفوضوية التي قاد بها الولايات المتحدة لمهاجمة ايران، نشرت في السابق عدة أبحاث شاملة في “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” و”نيويورك بوست”، التي تعود الى روبرت ماردوك المقرب من ترامب. ضمن أمور أخرى، تم التحدث عن ان ترامب ذكر مقربيه مرة تلو الأخرى بهجمات الناتو والولايات المتحدة التي ساعدت على اسقاط معمر القذافي في 2011 ومهدت الطريق لفوضى دموية استمرت لسنوات. فقط بفضل قناع الاقناع والتملق الذي استخدمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعطى ترامب الضوء الأخضر.

الهجوم في ايران الذي جرى في تناقض واضح مع مواثيق الأمم المتحدة، وفر درس مهم لإسرائيل وأوروبا وأصدقاء الولايات المتحدة الاخرين. النظام العالمي الجديد تم عرضه على الملأ في هذا الأسبوع في قمة دول الناتو الـ 32 في هولندا. في فوردو أوضح ترامب للعالم بانه لا يوجد أي قانون دولي يقيده. ولا توجد له أيديولوجيا أو رؤية تقيده. وأيضا لا مشكلة لديه في المس بمصالح الولايات المتحدة. يكفي التوجه الى “الأنا” خاصته.

منذ دخوله الى السياسة قبل عشر سنوات بالضبط لم يتوقف ترامب عن مهاجمة الناتو. في حملاته الثلاثة الانتخابية وعد بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، مثلا، اثناء انعقاد الحلف في 2018 خشي جون بولتون، الذي كان في حينه مستشار الامن القومي الأمريكي، من ان ترامب على وشك تنفيذ تهديده. “لو انني كنت كاثوليكي لكانت تلك هي المرحلة التي ساستل فيها مسبحة الصلاة”، كتب بولتون بعد ذلك.

زعماء دول الناتو ساروا في هذا الأسبوع في طريق نتنياهو، الذي اثبت في هذا الشهر كيفية تجنيد ترامب لاغراضه. الاستنتاج هو انه لا حاجة الى اقناع واشنطن بالادوات القديمة التي بحسبها فان عملية محدودة هي عمل حكيم وايجابي وتضامني، وحتى مفيدة للولايات المتحدة. تكفي مداعبة الانا الرئاسية وإعطاء الرئيس الشعور بانه زعيم مشهور، على الأقل مثل تشرتشل ولنكولن.

بالنسبة لاوروبا فان المؤتمر الذي عقد في هولندا في هذا الأسبوع كان مدويا. ترامب تمت دعوته للمكوث في القصر الملكي في هولندا. “واشنطن بوست” نشرت انه في لقاء مغلق مع الزعماء الأوروبيين، جميعهم هبوا للحديث واثنوا ومدحوا مهاجمة ايران. السكرتير العام للناتو، مارك روتا، تواصل مع ترامب هاتفيا في الليل من اجل مدحه على شجاعته المتميزة. حسب التقرير فان روتا استخدم حتى كنز كلمات ترامب عندما كتب عن توبيخه لإيران وإسرائيل في الساعات الأولى لوقف اطلاق النار. “أحيانا الاب يجب ان يتحدث بلهجة صارمة مع الأولاد”.

هكذا انقلب ترامب في نظرته للناتو كما فعل في حالات كثيرة في السابق، من التك توك وحتى ماركو روبيو، الذين يكرههم، الى ان تعلم كيفية حبهم. “انا شاهدت جميع الزعماء وهم ينهضون، والحب والشغف الذي اظهروه لبلادهم كان مدهشا”، قال ترامب في ختام زيارته في لاهاي. “أنا لم اشاهد مثل ذلك من قبل، الاجتماعات كانت مدهشة، وأنا اشعر نفسي عند مغادرتي لهذا المكان بشكل مختلف. لقد توصلت الى استنتاج مفاده ان هؤلاء الأشخاص يحبون بلادهم. هم لا يكرهوننا، ونحن سنساعدهم”.

اللقاء بين زعماء دول الناتو جرى في اطار كوريا الشمالية الذي يميز جلسات الكابنت لترامب في البيت الأبيض. كابنت ترامب تعود على افتتاح كل جلسة بحملة ثناء من قبل الوزراء، الذين يتنافسون على مدح الرئيس وكأنهم اشخاص في مسلسل مونتي بايتون. هذا الأسبوع في هولندا قال رئيس ليطا، غتناس ناوزدا، “انا اعتقد انه يجب تبني شعار جديد للناتو، “جعل الناتو عظيم ثانية””.

بين ايران وهولندا، مع فجوة أربعة أيام، جرت انعطافة حقيقية في علاقات القوة في الغرب. ليس فقط فيما يتعلق بالإدارة الامريكية السابقة برئاسة بايدن، بل أيضا فيما يتعلق بولاية ترامب الأولى. الصراع الروتيني بين ترامب والزعماء الأوروبيين اصبح من الماضي، بعد ان تعلم الزعماء الأوروبيون التكيف مع الوضع الجديد. حتى الآن يبدو أن هذا نجح. “لقد كان لي فطور رائع مع الملك والملكة”، قال ترامب بمزاج عال. “هما كانا رائعان وكأنه تم اختيارهما لهذا الدور”.

عقيدة ترامب، اذا كان يمكن الادعاء بوجودها، مصنوعة من البلاستسين، واساسها هو الرغبة في مراكمة وإظهار القوة، لكن هذه فقط هي الخطوط الهيكلية العامة. الصورة المحددة التي تاخذها أحيانا مرتبطة بالقدرة على الاقناع او التحايل لمن يهمسون في اذن الرئيس. نتنياهو اثبت للعالم، ولكارهيه أيضا، أنه متحايل من نوع مختلف، الذي يعرف كيفية العزف على “أنا” ترامب مثل العزف على الغيتارة الكلاسيكية.

دليل دامغ على ذلك حصلنا عليه في تغريدة ترامب في حسابه في الشبكات الاجتماعية، حيث هاجم النيابة العامة في إسرائيل التي تجرأت على تقديم نتنياهو للمحاكمة بعد كل ما فعله من اجل إسرائيل. ترامب اظهر التماهي المطلق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو نفسه تم تقديمه للمحاكمة بسبب عدد من لوائح الاتهام. واظهر أيضا بشكل استثنائي التعاطف مع وضع نتنياهو: “كلانا اجتزنا جهنم معا”. هذا التعبير يشبه بالمناسبة، الطريقة التي دافع فيها ترامب عن فلادمير بوتين اثناء شجاره في الغرفة البيضوية مع رئيس أوكرانيا فلوديمير زيلينسكي.

من يحتفل بالنجاح (في القدس، لندن أو بروكسيل) يجب عليه التذكر بان مهاجمة ايران ما زالت طازجة. ترامب ما زال يستمتع بهالة النصر وولايته ما زالت في البداية. نتنياهو أيضا يعرف جيدا كيفية اثارة غضب الرؤساء الأمريكيين، بما في ذلك ترامب في ولايته الأولى.

إضافة الى ذلك ترامب (79 سنة) لن يبقى الرئيس الى الابد. كل الجمهور الأمريكي تابع عن كثب الهجوم في ايران وشاهد جيدا كيف ان دولة صغيرة في الطرف الاخر للعالم تخضع السياسة الخارجية الامريكية لصالحها. قلائل، من اليمين واليسار، كانوا مسرورين من هذا التلاعب بالدولة العظمى الأقوى في العالم.

الأساس هو اعلان النصر

عندما قام ترامب بالقاء خطاب الامة، الذي تحدث فيه عن الهجوم في ايران، حاول عرض العملية كرسالة شديدة لاي دولة تريد تطوير السلاح النووي. “اذا فعلتم ذلك فنحن سنهاجم!”. الامر بسيط جدا أو مبسط. ترامب نقش على رايته سياسة خارجية بعنوان “السلام من خلال القوة”. ولكن الهجوم في ايران نقل رسالة مختلفة، التي من شانها التبشير بفصل مقلق في ميزان القوة النووية.

صفحة الرسائل اكملها نتنياهو عندما قال: “كان لنا هدف واحد وهو تدمير القدرة على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي الإيراني. نحن فعلنا ذلك. الرئيس ترامب وانا تعودنا على القول “السلام من خلال القوة”، أولا القوة وبعد ذلك يأتي السلام”.

لا توجد أي مفاجأة في اعلان النصر بعد عملية عسكرية ناجحة. من يعارضون الهجوم، من اليمين واليسار في أمريكا، تذكروا القلق عند غزو العراق في 2003. الولايات المتحدة قامت باحتلال العراق بسهولة، والرئيس جورج بوش الابن بكر في الاحتفال. خطابه على متن حاملة الطائرات، تحت لافتة “المهمة تم استكمالها” اصبح ايقونة بسبب كل الأسباب غير الصحيحة. المهمة، كما نتذكر، بدأت، والعراق غاص في حرب أهلية استمرت لسنوات.

الغبار لم ينقشع بعد عن فوردو، وترامب قدم لنا خطاب نصر مشابه. مثل بوش، هو اقنع نفسه أنه بذلك فكك سلاح الدمار الشامل. ولكن بدلا من الردع، الهجوم في ايران يمكن ان يخلق سباق تسلح نووي من نوع جديد. التجربة في ليبيا وفي كوريا الشمالية تبرز الفهم بان السلاح النووي هو وسيلة ردع. الإيرانيون ببساطة لم يعملوا بحكمة.

منذ ان انار روبرت اوبنهايمر والعاملين معه سماء نيومكسيكو بالتفجير النووي في تموز 1945، فان الولايات المتحدة عملت بكل القوة لمنع أي دولة أخرى من الحصول على سلاح يوم القيامة. لقد استغرق الاتحاد السوفييتي اربع سنوات وشهر واحد من اجل الحصول على قنبلة خاصة به. وأزمة الصواريخ في كوبا في 1962 – التي أوصلت العالم الى عتبة الحرب النووية واثارت في العالم خوف كبير – كانت كافية لان يتم في 1967 الدفع قدما بميثاق عدم انتشار السلاح النووي. رغم ذلك انضمت بريطانيا والصين وفرنسا والهند وباكستان الى النادي النووي. وحسب تقارير اجنبية، إسرائيل أيضا.

الاستنتاج الرئيسي للديكتاتوريين وللدول المارقة في ارجاء العالم هو أن عقيدة ترامب ليست “السلام من خلال القوة”، أو انه لا يجدر تطوير السلاح النووي. النادي النووي يشبه الآن اكثر فيلم “نادي الحرب”. من الان فصاعدا القاعدة الأولى هي ان السلاح النووي هو الطريقة الوحيدة من اجل الحصول على احترام ترامب. ومن يقوم بتطوير النووي فمن الأفضل ان يفعل ذلك بالسر. اذا كانت كوريا الشمالية، الدولة التي هي اكثر فقرا من سوريا، يمكنها فعل ذلك فان أي دولة تستطيع ذلك. إسرائيل وكوريا الشمالية تعرف ذلك، وايران أيضا.

——————————————-

إسرائيل اليوم 27/6/2025

هذا هو الزمن لمراجعة نتنياهو خطته

بقلم: يوسي بيلين

لا تفوت الفرصة هذه المرة أيضا

حملة “شعب كاللبؤة” التي انتهت هذا الأسبوع كانت خطوة باعثة على الدهشة روج نتنياهو لتنفيذها سنوات طويلة واثبت أن مخاوف أصحاب قرار آخرين من نتائجها كانت مبالغا فيها. وهكذا فانه ينهي خطوة طويلة تفكك فيها قوات الامن الإسرائيلية، بقيادته، تهديدات الطوق الذي هدد بخنقنا، باشراف إيراني تقشعر له الابدان.

احد الأمور الهامة التي وقعت في الـ 12 يوما من الحرب كان عودة لا لبس فيها للردع الإسرائيلي الذي تضرر بشدة في 7 أكتوبر وعاد لان يكون عنصرا مركزيا في العظمة الإسرائيلية. تغيير الحكم في لبنان والانقلاب في سوريا هما علاوة هامة للوضع الاستراتيجي الجديد لإسرائيل. نحن نوجد اليوم في وضع سياسي – أمني جديد، والمطلوب هو عدم الاكتفاء بالاعجاب به بل استغلاله لخطوة سياسية تضمن مستقبلنا. لقد نشأت فرصة لاجراء تغييرات، فرصة تولد فقط مرة واحدة في سنوات طويلة، ولن نغفر لانفسنا اذا ما مرت وانضمت الى قائمة تفويتاتنا للفرص.

لقد ادعى نتنياهو بانه مخطيء من يشدد على النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بدلا من أن يفهم بان المشكلة المركزية هي عدم استعداد العالم العربي لان يعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية. لقد عاد وقال ان الطريق الصحيح لمعالجة القضية الفلسطينية هو الوصول الى سلام مع الدول العربية الهامة، وعندها التوجه الى القيادة الفلسطينية والطرح عليها لمباديء سلام تكون مريحة لإسرائيل. الجدال حول ما هو الأسبق جرى فيما هي المسألة الديمغرافية في الخلفية وهي تضع مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية في خطر. جبهة الرفض    في الجانب العربي والإسلامي تسببت في ان يعتبر الجدال في نظر الكثيرين كجبل افتراضي، على الأقل حتى المبادرة العربية في 2002، والتي اعلن فيها العالم الإسلامي بانه سيقيم مع الإسرائيليين علاقات دبلوماسية وتطبيع العلاقات معها اذا ما وافقت على حل سلمي مع الفلسطينيين.

اتفاقات إبراهيم في 2020 غيرت الوضع. بعض من الدول العربية البراغماتية كانت مستعدة للتطبيع مع إسرائيل حتى قبل التوقيع على سلام إسرائيلي – فلسطيني. صورة المنطقة منذ بدأت الحرب في 2023 تسببت في أن يضعف معارضو الاعتراف بإسرائيل والسلام معها جدا ولم يعودوا يشكلون تهديدا عليها وعلى مسيرة السلام معها. حرب الـ 12 يوما تسببت في ألا يشكل “رأس الافعى” ايران، هي أيضا تهديدا كهذا.

وفقا لفكر نتنياهو، هذه هي اللحظة التي يتعين فيها عليه ان يتوجه الى القيادة الفلسطينية في رام الله وان يعرض عليها اقتراحاته للسلام. هذه هي اللحظة التي لا ينتظر فيها العالم العربي ما يقوله الفلسطينيون بالنسبة للتطبيع معنا، وليس بوسع جبهة الرفض العربية ان تفشل السلام الإسرائيلي – الفلسطيني. بدون سلام مع الفلسطينيين ستفوت الفرصة الحالية، فيما هو واضح لنا ان في الولايات المتحدة يوجد رئيس معني جدا ان يساعد في خطوة تجلب السلام على الشرق الأوسط، ربما لانه يريد ان ينال جائزة نوبل وربما لانه يريد أن يثبت لشعبه وللعالم بانه هو وحده قادر على أن يتخذ خطوات سياسية يخشى الاخرون القيام بها. اذا كان نتنياهو مواليا لنفسه، فعليه ان يفعل هذا.

 ليس إنسانيا، ليس يهوديا

في بداية الأسبوع، مع اطلاق الصافرة في حيفا، سعت نسرين عقب الى الدخول الى الملجأ المجاور في شارع غيئولا. السكان رفضوا السماح لها بالارتباط بهم، ودفعوها الى الخارج. تبقت في الجانب الاخر من الشارع حتى تحرير الجمهور اليهودي من المجالات المحصنة، وبكت. ليس هذا طريقنا.

الانفصال عن القطاع

للحظة حظينا بعطف في العالم، عندما قصفنا منشآت النووي في ايران. وفي اليوم الذي انتهت فيه الحرب أُنبأنا بسبعة قتلانا في غزة. نحن ملزمون بالخروج من هذا المكان الدامي، نسترجع كل المخطوفين الاحياء والاموات، ونسمح لجهات عربية السيطرة في غزة. كل ما يحصل هناك، طالما لم نخرج من هناك، سيكون على مسؤوليتنا بما في ذلك القصة التي لا تنتهي من المساعدات الإنسانية. لا يوجد لهذا أي تبرير.

——————————————-

يديعوت احرونوت 27/6/2025

هذا هو الوقت للرحيل

بقلم: ناحوم برنياع

في 5 حزيران 1945، بعد شهرين من استسلام المانيا النازية، توجه البريطانيون الى الانتخابات. وينستون تشرشل الذي قاد بريطانيا الى النصر، السياسي المحبوب للغاية في العالم في ذاك الزمن، اللامع للغاية، موضع الاعجاب الأكبر، تنافس امام كليمنت أتلي، سياسي صغير، باهت، عديم الكاريزما. بخلاف كل التوقعات، هزم تشرشل وحزبه في صناديق الاقتراع. هزما عن حق: البريطانيون تعبوا من ست سنوات حرب مثقلة بالضحايا، من رئيس وزراء لم تكن حدود لعطشه للمجد، تنشق كل الاكسجين في الغرفة. أرادوا ان تكرس الدولة اهتماما لهم، لتوقعات الجنود الذين عادوا من الجبهة، لازمة العائلات التي تحملت عبء الحرب ولم يتلقوا من رئيس وزرائهم شيئا غير خطابات الثناء. تشرشل عرض عليهم احلاما امبريالية؛ اما هم فارادوا اصلاحا داخليا.

“سيارة فارغة وصلت الى داوننينغ 10 وخرج منها كليمنت اتلي”، قال تشرشل. جملة مريرة، غير نزيهة، لامعة. بعد ست سنوات عاد تشرشل الى رئاسة الوزراء، الى ولاية بائسة، باعثة على الشفقة، فصل نهائي بشع لسيرة ذاتية رائعة.

نتنياهو ليس تشرشل. كان يريد أن يكون لكن هو ليش تشرشل. ايران الخمينية ليست المانيا النازية. و12 يوما من الهجمات الناجحة على مواقع في ايران ليست نصرا في حرب عالمية. على الرغم من ذلك هذا انجاز جدير التباهي به. الإنجاز يستحقه ليس فقط المنفذون، بالبزات وبدونها، يستحقه كل قبل الاخرين نتنياهو الذي اتخذ القرار وربط به رئيس الولايات المتحدة، بخلاف عاداته، كما عرف أيضا كيف نوقف النار قبل ان يورطنا في حرب لا نهاية لها.

كل الاحترام. هذا هو الزمن لمنحه مواطنة شرف في كل مدينة، لتسمية شوارع على اسمه، لتسمية مدارس ومستشفيات على اسم زوجته، للعرض عليه تجسير توفيق، صفقة اعتراف بالذنب، ارفاق فصول جديدة في كتب السيرة الذاتية التي كتبت عنه وكتبها بنفسه. الامة ستصفق حين يتلقى ميدالية الحرية من الرئيس (الا اذا غير ترامب فجأة رأيه في أن نتنياهو لم يعد “شجاعا، حادا، لامعا، طيبا وقويا” بل “جبان، كذاب ومتملق”، مثلما كتب عنه قبل بضعة أيام فقط ستيف بانون، أيديولوجي حركة ترامب، مثلما قال ترامب نفسه عنه في الماضي حين رفض اخذ المسؤولية عن تصفية سليماني).

هذا هو الزمن لملئه بالثناء: على أن يرحل فقط. إذ انه مثل تشرشل وبن غوريون، شخصين كانت انجازاتهما عظيمة بلا قياس، هو أيضا يصر على أن ينهي حياته السياسية بالعار. في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد وقف النار قال ردا على سؤال انه لا يزال لديه الكثير من الأمور ليفعلها. فمن كل الامور التي قالها كان هذا هو القول الأكثر اثارة للقلق. الإنجاز في ايران يجب أن يكون سجل النهاية، رتوش الصورة، وليس اكسيرا محفزا لمواصلة الضرر. للخير وللشر، الرجل قام بواجبه.

الحملة المتواصلة في غزة هي جزء من الضرر. نذر الشؤم عن سقوط سبعة مقاتلي الهندسة القتالية في خانيونس بلغنا، نحن الصحافيين، في يوم الاحتفال بوقف النار في ايران. وكما كان مطلوبا، منعت الرقابة العسكرية نشر النبأ قبل الأوان. المراسلون العسكريون الذين أرادوا اظهار المعرفة دون أن يخرقوا القانون تحدثون عن “حرب ضروس في غزة”. كان هذا كذبا: لا توجد حرب ضروس في غزة. مشكوك أن يكون ممكنا ان نسمي ما يحصل حربا. ومثلما بلغت في الماضي، فان فلول حماس تلاحق الجيش الإسرائيلي. مخرب يخرج من فوهة نفق يلقي بعبوة يطلق آر.بي.جي يقتل أو يختفي. حملة صيد من جانبنا، حرب عصابات من جانبهم. والسكان في الوسط. الصور قاسية، يتفطر لها القلب، تقع علينا بالوان إبادة جماعية. ولا يوجد حسم.

تتمتع الخطوة في ايران باجماع على طول كل جهاز الامن. فقد أدت الى تنفيذ استعدادات تواصلت لسنوات، شارك فيها كثيرون وطيبون. “كان هذا مشروع حياتي”، قال لي هذا الأسبوع واحد منهم.

في تواصل الخطوة في غزة نتنياهو وحيدا الى هذا الحد او ذاك. فقيادة الجيش كانت ستسرها صفقة شاملة تحرر المخطوفين كلهم مقابل وقف القتال. لاحساس الذنب تجاه المخطوفين وعائلاتهم يوجد نصيب في ذلك. هذا صحيح بالنسبة للشركاء المباشرين في قيادة الجيش في قصور 7 أكتوبر وصحيح أيضا بالنسبة لمن حل محلهم. لكن اهم من هذا هو ما يحصل وما لا يحصل في الميدان. بعد نحو عشرين شهرا يروي المقاتلون ولا سيما المقاتلون في الاحتياط عن إحساس استنفاد وحتى عن إحساس ملل. ليس لقادتهم أجوبة. كل سؤال اطرحه على مسؤولين في الجيش في مسألة غزة القى الجواب: هذه تعليمات المستوى السياسي.

الويل لنا حين يصبح اننا لاجل ان نصل الى الحل الصائب في غزة نتمنى تغريدة المهرج من البيت الأبيض. الفجوة بين ما يمكننا ان نفعله في طهران وما نرفض ان نفعله في غزة غير قابلة للجسر، لا تغتفر. 

لكن غزة هي مجرد المقدمة.

——————————————-

هآرتس 27/6/2025

حلف مع دول الخليج قد يكون بديلا استراتيجيا لايران

بقلم: تسفي برئيل 

لا يوجد شك لدى عضو البرلمان الإيراني احمد بحشيش اردستاني بان وقف اطلاق النار بين إسرائيل وايران سيكون دائم ومستقر. “الدولتان عرفتا ما يكفي عن القدرة العسكرية لكل واحدة منهما”، قال في مقابلة مع موقع “خبر اون لاين نيوز”، الذي يعبر عن مواقف الخطاب المحافظ – المعتدل في ايران. “في الوقت الذي عرف فيه نتنياهو ما هي قوة الصواريخ الإيرانية اعترف ان عليه الموافقة على وقف اطلاق النار، لذلك، وقف اطلاق النار سيكون دائم”.

لكن اردستاني، الذي كان عضو في لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية، توجد له ملاحظة مهمة موجهة لمتخذي القرارات في ايران. “احد استنتاجات الحرب المهمة هو انه يوجد لإيران نقاط ضعف في عدة مجالات”، قال. “الأولى هي القدرة الدفاعية التي يجب تحسينها وتعزيزها. والثانية تتعلق بأجهزة الامن. كيف يعقل ان جواسيس كثيرين لإسرائيل بهذا القدر مكثوا في ايران لفترة طويلة جدا ونجحوا في الحاق الاضرار بنا؟ من الضروري تشكيل مجموعة بحث تفحص وتحلل هذه الأمور. ولكن الموضوع المهم اكثر هو معالجة مستوى حياة المدنيين. يجب حل مشكلاتهم وإعادة فحص السياسة التي اتبعت في الـ 45 سنة الأخيرة”.

قضية العملاء تحاول ايران الان حلها من خلال حملة تقصي واعتقالات بالجملة واعدام المشبوهين. بخصوص “تحسين وتعزيز” منظومات الدفاع – هذه ستكون قضية طويلة وصعبة جدا. بالأحرى، تعزيز الأجهزة الذي يجب القيام به في كل مستوى من الأجهزة العسكرية، الاستخبارية، اللوجستية والتكنولوجية، التي تعرضت لضربات شديدة. القضية الرئيسية التي ستحتاجها ايران، حسب عضو البرلمان الإيراني، هي إعادة فحص المفاهيم التي شكلت وحددت الاستراتيجية التي تبنتها ايران خلال عشرات السنين. وهذه لن تكون المرة الأولى.

ايران، التي حتى قبل الثورة الإسلامية وخصوصا بعدها، اعتبرت نفسها دولة مهددة. فمن الشرق توجد دولتان نوويتان وهما الهند والباكستان، وقربهما توجد أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان، ومن الغرب توجد دولة إسرائيل، التي حسب مصادر اجنبية، تمتلك سلاح نووي. إضافة الى ذلك في الخليج الفارسي وفي المحيط الهندي تبحر بشكل دائم السفن الامريكية التي تحمل صواريخ نووية. الاتفاقات الاستراتيجية بعيدة المدى التي وقعت عليها ايران مع الصين ومع روسيا لا تخلق لها “حلف ناتو” شرقي، لانها لا تلزم الدولتين بمساعدتها اذا تمت مهاجمتها.

نحن نعيش في منطقة خطيرة. ففي ربع القرن الأخير اندلعت هنا ثلاث حروب، الامر الذي يدل على الوضع الهش في منطقتنا. حتى الآن رغم هذا الواقع، استراتيجيا دفاعنا بقي كاسمه دفاعيا. لسلاح الدمار الشامل، وضمن ذلك السلاح النووي، لا يوجد مكان في هذه الاستراتيجية”، قال كمال خرازي في محاضرة القاها في معهد “المجتمع الاسيوي” في نيويورك في أيلول 2004. خرازي الذي كان في حينه يتولى منصب وزير الخارجية تحت قيادة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي تحدث في حينه عن الحاجة الى سياسة تكاملية تندمج فيها ايران في دول المنطقة بدون الانفصال عنها، وتقيم علاقات سوية مع دول الغرب وتدير اقتصاد يشجع النمو كاساس لاستراتيجية دفاعية.

بعد عشرين سنة من ذلك، في شهر تشرين الأول الماضي، نفس خرازي الذي يشغل الان منصب رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية والمستشار السياسي الكبير للمرشد الأعلى علي خامنئي، طرح رؤية صادمة، التي بحسبها يجب على ايران إعادة فحص عقيدتها النووية، “اذا وقفت امام تهديد وجودي”. في مقابلة في موقع “الميادين” المقرب من حزب الله، قال خرازي قبل فترة قصيرة: “توجد لنا القدرة المطلوبة لانتاج السلاح النووي. نحن مستعدين للحرب، لكننا لا نريد الذهاب بعيدا، لأننا حتى الان اثبتنا قدرتنا على الردع في حالة شن الحرب ضدنا”.

هذه الاقوال، التي استهدفت ضمن أمور أخرى الإجابة على طلب بضعة عشرات من أعضاء البرلمان الإيراني  من مجلس الامن القومي “إعادة فحص العقيدة النووية”، كان لها تاثير دراماتيكي على متخذي القرارات في إسرائيل وفي الولايات المتحدة. لأن خرازي اخضع الان شروط الاندفاع نحو السلاح النووي لقرار سياسي من خامنئي، ولم يعد لغياب القدرة التكنولوجية لتنفيذ التهديد أو العقيدة الأيديولوجية التي منعت ذلك.

مقاومة بدون محور

بعد بضعة اشهر من ذلك نشر تقرير سكرتير عام الوكالة الدولية للطاقة النووية، رفائيل غروسي، الذي حذر من ان ايران على شفا انتاج عدة قنابل نووية. خامنئي ما زال يمتنع عن اتخاذ القرار حول انتاج السلاح النووي. والآن من غير الواضح ما هو حجم الاضرار التي لحقت بالمشروع النووي والقدرة العملياتية النووية لدى ايران. ولكن عدم اليقين هذا يقتضي مواصلة الافتراض بانه توجد لإيران قدرة ومعرفة ووسائل، وربما أيضا دافعية متزايدة لتطوير المشروع النووي. السؤال الرئيسي يتعلق بالنموذج الذي ستتبناه ايران من اجل احباط ما تعتبره “تهديد لامنها”.

الإجابة على هذا السؤال غير منفصلة عن وضع ونجاعة “حلقة النار” التي اسستها طهران بواسطة منظومة تنظيمات – وكلاء، التي كان هدفها احاطة ايران بغلاف من الردع. التفسير السائد هو ان “محور المقاومة” هذا هو جزء من نظرية العمق الاستراتيجي التي بنيت لعشرات السنين والتي بحسبها يجب ابعاد الحرب عن أراضي ايران. وحتى قبل ذلك ردع  مثل هذا الهجوم. هذا الغلاف لم يثبت نفسه حتى قبل مهاجمة ايران، وأيضا قبل انهيار حزب الله وتصفية قيادته، بما في ذلك رئيسه حسن نصر الله.

الهدف الرئيسي لهذه التنظيمات، منذ اقامتها، هو توفير لإيران مركز نفوذ مستقر في الدول التي نشأت فيها، لكونها دولة تتم مقاطعتها، ليس فقط من قبل الغرب، بل أيضا من معظم الدول العربية، وبالاساس دول الخليج ومصر، التي اعتبرت الثورة الإسلامية ونية ايران لتصديرها الى “العالم الإسلامي” تهديد وجودي. ايران اضطرت الى البحث عن أدوات بديلة اقل من دولة، وتنظيمات يمكنها الاستناد اليها.

حروب الخليج واسقاط نظام صدام حسين وفرت لإيران الفرصة المهمة لاختراق العراق واستخدام النظام الشيعي الجديد الذي نشأ فيها (الذي بعض زعماءه كانوا في المنفى فيها قبل الحرب)، وفتح قنصلية في الإقليم الكردي وبناء شبكة علاقات اقتصادية متشعبة، التي جعلتها الشريكة التجارية الرئيسية مع العراق. الحرب ضد داعش، التي خلقت بتوجيه من الزعيم الديني الشيعي علي السيستاني “الحشد الشعبي”، الذي تعاون مع الولايات المتحدة، طورت فيما بعد ما عرف باسم “المليشيات الشيعية”.

ليست كل المليشيات مؤيدة لإيران أو تعتمد على دعمها. بعضها مخلصة لزعامة السيستاني، وبعضها تخضع لزعماء سياسيين ليسوا جميعهم من مؤيدي ايران. ولكن المليشيات المؤيدة لإيران أصبحت قوة عسكرية فرضت الرعب على المواطنين وبنت نفسها كدولة داخل دولة. واستغلالها كقوة رادعة ضد مهاجمة ايران كان جزئيا واضطر الى الاخذ في الحسبان منظومة العلاقات الحساسة بين ايران والحكومة العراقية التي وقفت امام ضغط الجمهور لتقييد تدخل ايران في الدولة.

في لبنان كان حزب الله هو القوة الأقوى والأكثر تدريبا من بين وكلاء ايران. مسلح بحوالي 150 الف صاروخ وتجربة قتالية تطورت منذ بداية الثمانينيات، وبعد ذلك في الحرب الاهلية في سوريا، هذا التنظيم كان يمكن ان يشكل الدرع الرادع الأساسي ضد نية مهاجمة إسرائيل أو أمريكا، وان يشكل أيضا رأس الحربة لهجوم ايران على إسرائيل اذا قررت فعل ذلك. ومثلما في العراق أيضا في لبنان، وبشكل خاص بعد الدمار الذي تسببت به حرب لبنان الثانية للدولة ولمواطنيها، حزب الله وايران كان يجب عليهم تنسيق النشاطات مع الواقع السياسي في لبنان من اجل الحفاظ على مكانته السياسية ومنع مواجهة عنيفة بين حزب الله ومعارضيه.

هذا التوازن لم ينجح دائما. مواجهات عنيفة اندلعت عدة مرات في شوارع بيروت، ورغم ان حزب الله نجح في فرض على حكومات لبنان الاعتراف به كمركب أساسي في جهاز الامن الوطني، واعتبار “سلاح المقاومة” جزء من قوة الدفاع عن الدولة، الا انه ما زال مطلوب منه إدارة معركة سياسية متعرجة للحفاظ على مكانته في الدولة (خلال ذلك أيضا الحفاظ على مكانة ايران).

الحوثيون تبين انهم قوة مستقلة تعمل حسب مصالح واعتبارات محلية، الذين خضوعهم لإيران محدود رغم انها هي التي قامت بتسليحهم ووفرت لهم المعدات. ليس من نافل القول التذكير بان ايران هي التي “اوصت” الحوثيين بعدم احتلال مدينة العاصمة صنعاء في 2014 وعدم شن حرب شاملة ضد الحكومة في اليمن التي قامت على أسس ثورة “الربيع العربي” التي اسقطت نظام الرئيس علي عبد الله صالح.

اخلاص الحوثيين كمثال

الحوثيون الذين ضربوا صناعة النفط في السعودية وضربوا مواقع في دولة الامارات، قاموا باجراء مفاوضات بعد ذلك مع السعوديين ووقعوا على اتفاق لوقف اطلاق النار قبل سنة من استئناف العلاقات بين السعودية وايران. هم أيضا وافقوا على وقف النار مع الولايات المتحدة، بالذات عندما بدأ ترامب يحذر ايران ويهدد بأن يعتبر أي رصاصة للحوثيين وكأنها خرجت من ايران. الاعتراف بان نشاطات وكلاء ايران لم تعد خاضعة لسيطرتها الحصرية جعل ايران تقوم بتغيير استراتيجية “حلقة النار” في العام 2020، بعد تصفية قاسم سليماني وتعيين إسماعيل قاءاني بديلا له. في حينه قررت ايران السماح لوكلائها باستقلالية العمل تناسب الظروف السياسية السائدة في الدول التي تعمل فيها.

الهجوم في تشرين الأول لحماس خلق في الواقع وحدة الصفوف بين الوكلاء، لكن ايران نفسها امتنعت بشكل عام عن التدخل المباشر، وحتى انها اضطرت الى إعادة الى الوطن احد الأشخاص الكبار في قوة القدس الذي كان يعمل في سوريا، بناء على طلب من بشار الأسد، بعد أن طلب هذا الشخص المبادرة الى اطلاق الصواريخ نحو إسرائيل من الأراضي السورية.

الاعتراف بتقييد الوكلاء لم يمنع استمرار تقويتها وتطويرها، لكن في المقابل، ايران تبنت في السنوات الثلاثة الأخيرة استراتيجية سياسية جديدة، هدفها بناء لنفسها غلاف دفاع إقليمي يستند الى العلاقات الدبلوماسية مع دول المنطقة. استئناف العلاقات مع دولة الامارات في صيف 2022، وبعد سنة مع السعودية، كان حجر الزاوية للسياسة الجديدة. طوال هذا الوقت عملت ايران بشكل حثيث على الدفع قدما باستئناف العلاقات مع مصر. في بداية حزيران، قبل عشرة أيام على الهجوم الإسرائيلي، زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي القاهرة واستقبل هناك بحفاوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

يبدو ان ايران قدرت بان منظومة العلاقات الجديدة، التي أدت في السابق الى معارضة دول الخليج لمهاجمتها، التي فيها السعودية وقطر ودولة الامارات تمتلك في يدها أدوات ضغط على ترامب، ستضمن استمرار المفاوضات مع الولايات المتحدة بدون شن الحرب. هذا التقدير في الحقيقة تبدد، لكنه لا يلغي التقاء المصالح الاستراتيجية التي توجد لدول الخليج مع ايران كاساس للاستقرار الإقليمي. ربما من الان فصاعدا، وبالذات على خلفية سياسة ترامب، فان التقاء المصالح هذا هو الذي سيصوغ المعايير التي ستميز ليس فقط مضمون الحوار بين أمريكا وايران، بل أيضا مكانة ايران في المنطقة.

——————————————-

يديعوت احرونوت 27/6/2025 

نتنياهو معني بصفقة شاملة تغلق كل الجبهات، ثم الغاء محاكمته

بقلم: ايتمار آيخنر

 بعد وقت قصير من اغلاق الجبهة مع ايران، يبدو أنه تنسج خطوات كبرى بقدر لا يقل بين إسرائيل والولايات المتحدة – من المتوقع أن تتضمن أيضا اتساع اتفاقات إبراهيم. وتعنى الاتصالات أيضا باختراق حول صفقة مخطوفين ووقف القتال في غزة. “نشأ زخم كبير ويمكن الحديث عن تقدم”، تقول مصادر أمريكية. “القطريون مسيطرون جدا، ورسالتهم هي انه يمكن الوصول الى اتفاقات مع حماس”.

وحسب مصادر سياسية مطلعة على الاتصالات فان “إسرائيل لا ترسل وفدا الى القاهرة او الى الدوحة لان نتنياهو يريد أن يغلق هذا على اعلى المستويات. هذه المرة سيكون الاتفاق شاملا – وهو لن يعمل كصفقة عادية، سيأتي من فوق بتوافق وقرار مشترك من نتنياهو، ترامب ويتكون وديرمر”. ومثلما نشر نداف ايال في “يديعوت احرونوت” الأسبوع الماضي فان مصادر في الدول الوسيطة اشارت أيضا الى تقدم “هام للغاية” نحو صفقة مخطوفين، اتفاق في القطاع وانهاء الحرب في غزة.

في هذه الاثناء، وعلى خلفية التطورات، تجرى اتصالات لزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى البيت الأبيض. “لا يوجد موعد بعد، لكنه أعرب عن اهتمامه بالمجيء، للقاء الرئيس ولزيارة واشنطن”، قالت امس الناطقة بلسان البيت الأبيض كارولين لفيت، “الرئيس بالطبع منفتح جدا على ذلك”.

اما نتنياهو نفسه فقال امس: “نحن قاتلنا ببأس ضد ايران – وحققنا نصرا عظيما. هذا النصر يفتح فرصة لتوسيع دراماتيكي لاتفاقات السلام. نحن نعمل على هذا بنشاط”.

خطوة كهذه لن تمر بسهولة في الائتلاف الحالي. فقد عقب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على إمكانية توسيع اتفاقات إبراهيم وقال انه “امر رائع – لكن هذا مغلف لامع على تهديد وجودي في شكل تقسيم البلاد، تسليم أراض للعدو وإقامة دولة إرهاب فلسطينية – إذن لا شكرا”. وانضم اليه وزير الامن القومي ايتمار بن غفير وقال: “يصعب علي التصديق بان يكرر رئيس الوزراء أخطاء الماضي ويدخل الى مفاوضات تؤدي الى إقامة دولة إرهاب فلسطينية او الى تنازلات خطيرة. شعب إسرائيل يريد النصر – وليس محاولات أخرى لمصالحة الإرهاب تحت غطاء السلام”.

من غير المستبعد ان نرى ترامب يحاول ان يربط المعارضة في إسرائيل أيضا بالخطوة الإقليمية – وتوجد إمكانية لان يدعى أناس مثل نفتالي بينيت، يئير لبيد وبيني غانتس في مرحلة لاحقة الى البيت الأبيض لاجل بناء شبكة امان سياسية لنتنياهو.

 المرشحون المركزيون

اذا ما اتسعت اتفاقات إبراهيم حقا، فثمة بضع دول محتملة مرشحة للانضمام اليها.

الدولة المركزية التي يريد الامريكيون ان تنضم الى الاتفاقات هي السعودية. انضمامها سيؤدي الى موجة دول تسير وراءها: اندونيسيا، قطر، الكويت، عُمان – وسلسلة أخرى من الدول الإسلامية في افريقيا مثل النيجر، مالي وجيبوتي. والان يطرح السؤال اذا كانوا في السعودية سيوافقون على الانضمام فقط بشرط انهاء الحرب في غزة ام سيطالبون أيضا بعنصر من الاستقلال الفلسطيني في اطار الشروط التي سيطرحونها.

يمكن التقدير بان أذربيجان هي الأخرى أيضا التي تدير علاقات استراتيجية مع إسرائيل، ستقفز على الفرصة – ويحتمل الى جانبها أرمينيا.

من بين الدول في الشرق الأوسط، معقول للغاية أن تنضم سوريا الى الاتفاقات: رئيس سوريا، احمد الشرع، يفهم جيدا بان الخطوة ستحقق له اعترافا عالميا بل وربما الغاء لكل العقوبات على الدولة التي يقف على رأسها بعد سقوط نظام الأسد. ومنذ الان تجري إسرائيل اتصالات مع نظام الشرع، وللدولتين توجد مصلحة مشتركة – الا تسمحا لإيران وحزب الله أن يحققا مرة أخرى سيطرة في سوريا.

  الجبهة القضائية

من ناحية ترامب، لن تكون خطوات تطبيع قبل انهاء القتال في القطاع – وعليه فمعقول الافتراض بانه سيوجه الانتباه الان الى غزة ويفرض على الطرفين صفقة مخطوفين تنطوي على انهاء الحرب. لا يمكن استبعاد إمكانية أن يكون البوست الدراماتيكي لترامب، والذي دعا فيه الى الغاء محاكمة نتنياهو هو جزء من الخطوة الكبرى، التي في اطارها الدعوة لالغاء المحاكمة لا تنقطع عن السياق – بل كفيلة بان تعد كجزء من “صفقة رزمة”: ترامب يوفر لنتنياهو تأييدا علنيا ويحتمل ان يكون عمليا أيضا، وبالمقابل من المتوقع من رئيس الوزراء أن يفعل كل ما في وسعه لانهاء القتال في غزة والتقدم في الأهداف الإقليمية. يحتمل أن تكون هذه هي الخطوة الأولى في سياق أوسع.

في الشبكة التي بملكية ترامب Truth Social كتب يقول: “يجب الغاء محاكمة بيبي نتنياهو بشكل فوري او منحه العفو – كبطل عظيم للدولة، فعل الكثير جدا من اجلها”.

في رد نتنياهو أيضا على اقوال ترامب، يحتمل ان يكون مرتبطا بـ “صفقة” كهذه. “شكرا لك أيها الرئيس ترامب على تأييدك لي للمشاعر وعلى تأييدك العظيم لإسرائيل وللشعب اليهودي”، كتب وأضاف “سنواصل العمل معا كي نهزم اعداءنا المشتركين، نحرر مخطوفينا ونوسع بسرعة دائرة السلام.

——————————————-

هآرتس 27/6/2025

بعد دعوة ترامب لإسقاط التهم عن نتنياهو.. لهيرتسوغ: لسنا الولاية الـ 51

بقلم: أسرة التحرير

اختار الرئيس الأمريكي ترامب أمس، في خطوة بارزة من تدخل فظ في شؤون إسرائيل الداخلية أن يدعو إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء نتنياهو أو منحه العفو. رأي ترامب عن سلطة القانون والمؤسسات الديمقراطية في الولايات المتحدة معروف للجميع، وعليه فليس مفاجئاً أن يكون أحد ما – ويمكن التخمين من هو – حرص على أن يقنعه بالتدخل لإلغاء المحاكمة. وربما روى له بأن “الملفات انهارت” وأنه لا مشكلة لنتنياهو في إدارة دولة ومحاكمة جنائية في الوقت نفسه. وبالتالي، فإن تدخل الرئيس الأمريكي ليس ضرورياً.

لقد أخطأ ترامب حين قرر التدخل في هذا الموضوع، سواء لأن في ذلك ما يضعف جهاز إنفاذ القانون الإسرائيلي ويعمق الاستقطاب داخلها، أم لأن تدخله الفظ هذا يرسم صورة إسرائيل كدولة تابعة للولايات المتحدة. صحيح أنه استجاب لطلب الحكومة حين أعطى ضوءاً أخضر لهجوم على منشآت النووي الإيرانية، وبعث بقاذفات سلاح الجو الأمريكي كي يساعد في الهجوم بل وأوقف الحرب تجاه إيران في الوقت المناسب، كما أنه يعمل من خلال مبعوثه ستيف ويتكوف من أجل تحرير المخطوفين من غزة، لكن يجمل به أن يرفع يديه عن مسألة محاكمة نتنياهو، ويركز على مهمة أخرى حددها لنفسه – إنهاء الحروب.

أما نتنياهو، كعادته، فيستغل لحظة إجماع قومي نسبي بإزاء المعركة تجاه إيران لجني ربح شخصي في شكل إلغاء محاكمته. تأييد بعض الوزراء، بينهم جدعون ساعر ويوآف كيش وشلومو درعي لمطلب الرئيس ترامب، يعرض الحكومة التي خطت على علمها مفاهيم مثل “السيادة” و”الكرامة الوطنية” و”الحوكمة”، في ضوء سخيف، لكنه يشير إلى أنها خطوة سياسية مخطط لها هدفها بالفعل إلغاء محاكمة نتنياهو.

أحد طرق وقف الإجراء القضائي يكون من خلال عفو يمنحه رئيس الدولة إسحق هرتسوغ لرئيس الوزراء، بعد أن يرفع الأخير طلباً بذلك. وربما يكون هذا ما يتجه إليه الكثيرون من مقربي نتنياهو، وربما أيضاً في ضوء أقوال هرتسوغ في الماضي بأنه يعتقد أنه ينبغي للمحاكمة أن تنتهي بصفقة إقرار ذنب.

ولكن رغم الضغوط التي تمارس عليه، فهرتسوغ ملزم بالوقوف صامداً في وجه هذه المبادرات عديمة القيمة. نتنياهو يحاكم على سلسلة اتهامات خطيرة، عليه أن يحاسب عليها. فهو ليس فوق الشعب ولا يستحق “تنزيلات إيران” أو “تنزيلات ترامب”. لقد قال مراراً إنه “لم يحدث شيء وليس هناك شيء” – والآن على المحكمة أن تحسم إذا لم يكن بالفعل شيء كما يقول، أم أنه مذنب بالرشوة والغش وخيانة الأمانة.

—————–انتهت النشرة—————–