ضابط إسرائيلي كبير: “حرب على لبنان ستقودنا لكارثة إستراتيجية أكبر من 7 أكتوبر”

“محلل عسكري: “الجيش ليس جاهزا الآن لحرب واسعة في لبنان، ولا لتحقيق إنجاز كبير مقابل حزب الله، وحتى بوجود دعم أميركي، ثمة شك إذا بإمكان الجيش الإسرائيلي بوضعه الحالي أن يحقق إنجازا مقابل حزب الله ويبرر الثمن الذي سيدفعه

حذر ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي، ومطّلع على تفاصيل الخطط الحربية، في رسالة بعثها إلى أعضاء هيئة الأركان العامة، في الأيام الأخيرة، من “شن عمليات عسكرية بأي ثمن”، وطالبهم بالتوضيح للمستوى السياسي أن الجيش الإسرائيلي ليس جاهزا لحرب متواصلة في لبنان، وأن شن حرب على لبنان “سيقودنا إلى كارثة إستراتيجية أكبر من 7 أكتوبر”، وفق ما نقل عنه المحلل العسكري في القناة 13، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة “معاريف” اليوم، الجمعة.

وشدد بن دافيد على أن “الجيش ليس جاهزا الآن لحرب واسعة في لبنان، وليس قادرا حاليا على تحقيق إنجاز كبير مقابل حزب الله وتغيير الواقع في الشمال بشكل دراماتيكي. وفي أفضل الأحوال، حرب في الشمال ستنتهي بتسوية سيئة يتم التوصل إليها بثمن مؤلم. وفي حالة معقولة أكثر، لن تنتهي الحرب، وستجد إسرائيل نفسها في حرب استنزاف متواصلة، ستشلّ الحياة في معظم أنحاء الدولة، ومن دون قدرة على الحسم”.

ولفت إلى أنه “منذ تأسيسه قبل 76 عاما، لم يُؤهل الجيش الإسرائيلي لحرب تستمر لتسعة أشهر، وإنما كجيش ساحق، يستدعي قوات الاحتياط بسرعة، ويشن حربا ويحسم خلال فترة قصيرة ويعود إلى الوضع الاعتيادي. وجميع الخطط العسكرية التي وضعها الجيش الإسرائيلي قبل 7 أكتوبر كانت لحرب تستمر لأسابيع معدودة. ولم يتوقع أحد حربا تستمر لسنة أو لسنين”.

وأضاف أن “الجيش لم يؤهل لحرب طويلة كهذه، ليس من ناحية مخزون الذخير، ولا من ناحية تأكل الأفراد والأدوات. وزرت هذا الأسبوع أحد المركزين اللوجستيين اللذين أقامهما الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة. القوات منهكة، جسديا ونفسيا. واستهلكت هذه الحرب حتى اليوم ذخائر أكثر من تقديرات الجيش في جميع خططه الحربية”.

وتابع بن دافيد أن “الجيش الإسرائيلي احتفظ منذ بداية الحرب على غزة بكميات ذخيرة مخصصة لحرب في لبنان، وتزايد حجمها خلال الحرب. وشيئا فشيئا يتغلغل في الجيش الإدراك بأننا في عصر حروب طويلة، من دون حسم، وثمة شك إذا كان هذا المخزون من الذخيرة سيكفي لحرب طويلة. ويتلقى رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) وما تبقى من كابينيت الحرب تقارير أسبوعية حول وضع مخزون الذخيرة في الجيش”.

واعتبر أنه “عندما يُحدث رئيس الحكومة أزمة لا ضرورة لها مع الولايات المتحدة حول تزويد الذخيرة، فإنه يعي بالكامل معنى ذلك: هذه الأزمة غايتها منحه ذريعة واتهام آخرين بالسبب الذي يجعله لا يبادر إلى حرب في لبنان”.

وبحسبه، فإن “نتنياهو يدرك أن حربا ضد حزب الله في هذا التوقيت ستكبد أثمانا أكثر وإنجازات أقل. والولايات المتحدة ستكون على الأرجح إلى جانبنا في حرب كهذه، لكن حتى بوجود دعم أميركي، ثمة شك إذا بإمكان الجيش الإسرائيلي في وضعه الحالي أن يحقق إنجازا مقابل حزب الله ويبرر الثمن الذي سيدفعه المجتمع الإسرائيلي، وهذا قبل الحديث حول انعدام جهوزية الجبهة الداخلية المدنية”.

رئيس “أمان” السابق: الوقت ليس مناسبا لحرب على لبنان

اعتبر رئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”)، تَمير هايمان، أن على إسرائيل استخلاص الدروس من الحرب على غزة قبل أن تشن حربا على لبنان، مشيرا إلى أن “فشلا في الحرب (على لبنان) سيضع إسرائيل في وضع أخطر من وضعها الحالي. ولذلك فإن توقيت الحرب أقل أهمية من الإنجاز فيها، وينبغي شنها فقط في ظروف تضمن الانتصار”.

وفيما يتعلق بالعبر التي يتعين على إسرائيل استخلاصها قبل شن حرب واسعة على لبنان، أشار هايمان إلى أن مكانة إسرائيل “كدولة عظمى إقليمية قد تزعزعت، وصورتها كدولة قوية عسكريا قد تبددت. وتقف إسرائيل أمام خطر عزلة عالمية واسعة. والدعم الأميركي، الذي وصل ذروته أثناء الحرب في الناحية التكتيكية، لا يتم الشعور به في الجانب السياسي، ويفسر ذلك من جانب الذين يراقبون الوضع، وبينهم إيران ودول في الشرق الأوسط، على أنه تصدعات في العلاقات الحميمة بين واشنطن وتل أبيب”.

وأضاف أنه تبرز في السياق الإسرائيلي الداخلي “مؤشرات مقلقة لأزمة قيادة. فالمنظومة النظامية في الجيش توجه انتقادات إلى هيئة الأركان العامة، إنهاك متزايد في قوات الاحتياط، والحكومة لا تحظى بثقة كافة فئات المجتمع الإسرائيلي”.

ووفقا لهايمان، فإنه “بحسب مفهوم تفعيل الجيش الإسرائيلي، يُدافع الجيش عن دولة إسرائيل بالتزامن في جميع الجبهات، لكنه يهزم العدو بالتدريج. وخوض حروب حسم في جبهتين بالتزامن ليس مرغوبا به. وفي ظل استمرار الحرب ضد حماس، يبدو أن الجيش الإسرائيلي مطالب بالعمل في الشمال قبل حسم الحرب في قطاع غزة. ومن شأن هذا الوضع أن يؤدي إلى عدم الحسم في كلتا الجبهتين، وإلى حرب استنزاف طويلة فيهما. ويعني ذلك أنه من أجل التركيز على الحسم في جبهة يجب وقف القتال في الجبهة الأخرى”.

وأشار هايمان إلى أن إسرائيل أهدرت فرصة إنهاء الحرب على غزة بواسطة خطوات سياسية. “ولذلك، قبل شن حرب شاملة ضد حزب الله، يجب تحديد كيف ستنتهي”. لكنه استدرك أنه “ليس واضحا أبدا إذا ستنجح حرب واسعة في لبنان في تحقيق شروط وقف إطلاق نار أفضل من تلك التي اقترحتها فرنسا والولايات المتحدة، التي تشمل وقف العمليات العسكرية لكلا الجانبين وانسحاب قوات حزب الله إلى مسافة عشرة كيلومترات عن الحدود واستئناف المفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود بينهما”.

وتابع أنه “من دون تطبيق العبر المستخلصة من الحرب في قطاع غزة ومن دون التغلب على التحديات التي اشتدت خلالها، ستجد إسرائيل نفسها في وضع إشكالي ومعقد أكثر بأضعاف من وضعها الحالي: الردع الإسرائيلي سيتآكل أكثر، الاقتصاد سيتضرر بشكل كبير، إسرائيل ستتحول إلى دولة منبوذة بنظر العالم الغربي والعلاقات الناعمة مع دول السلام والتطبيع العربية من شأنها أن تستمر بالتدهور”.