بقلم “محمد صفدي” اليمن في عين العاصفة

اليمن دولة عربية أصيلة، بل هم أصل العرب وركن أساسي من حضارتهم. في عشرية النار وحراك الربيع المفتعل ضمن مخطط الفوضى الخلاقة الأمريكية الصهيونية، تم تفعيل الخلافات فيه طائفياً وسياسياً وقبلياً. قامت الإدارة الأمريكية بتكليف محمد بن سلمان بهذا الملف تماماً كما سلمت قطر ملف تقسيم سوريا وتحطيم دولتها. وللمفارقة كانت حركة الإخوان في اليمن (حزب الإصلاح) وفي سوريا ركنًا أساسيًا في عملية التفتيت الداخلي المنسوج خارجياً.

اليمن، مثل سوريا وليبيا والعراق وفلسطين، انشطر عموديًا تحت يافطة الثورة والمظلومية وغيرها من الشعارات ذات الرائحة الطائفية البغيضة وزيف الديمقراطية المفتعلة. السعودية الطامعة المأجورة شكلت ضد اليمن الوطني القومي المقاوم تحالفًا دوليًا عربيًا وهاجمته كعادتها من عشرات السنين. عشر سنوات وهي تحاصره وتجوعه هي وعملاء الداخل، وتوجه له الضربات الوحشية التي لا تقل وحشية عما نراه في غزة. وأهدرت المليارات الضخمة، ومع ذلك صمد اليمن الحوثي القومي بتحالفه الحوثي الناصري القومي ولم يركع، بل أوجع السعودية وضربها في العمق. راكم الخبرات والتسلح والجاهزية، مما اضطر بن سلمان لشراء التهدئة بفك الحصار عنه جزئياً، ولكن ما زالت المؤامرة مستمرة بقيادة إماراتية سعودية وأذيال مصلحيين.

الوضع في اليمن اليوم قريب من الوضع في لبنان والعراق وليبيا وحتى سوريا وفلسطين: انقسام مزمن عميق عموديًا ومنهجيًا وتعايش داخلي هش ومتوتر. خصوصية اليمن الشمالي الموجود في قبضة الحوثيين وحلفائهم أنه يطل على باب المندب والبحر الأحمر والمحيط الواسع ويتمتع بحرية القرار ولا يخشى أحداً إلا الله.

هذه الإرادة العصيّة تترجم مباشرة بعد الطوفان باتفاق من محور المقاومة من خلال دخول اليمن كجبهة إسناد موجعة اقتصاديًا وأمنيًا وعسكريًا. الآن أصبح اليمن الشمالي في عين العاصفة بعد قصفه لتل أبيب بعد إيلات. هذا القصف هز أركان نظرية الردع المتهاوية تدريجياً منذ هروب رابين من لبنان وشارون من غزة، ومن ثم قصف المقاومة لتل أبيب ولاحقًا عملية الطوفان، فمساندة حزب الله التي شلت حركة إسرائيل.

وبما أن الحرب النفسية هو سلاح مركزي في هذه الحرب، فقد أخفت إسرائيل وأمريكا ومن معهم كل آثار الهجمات الحوثية والعراقية وهجمات حزب الله وكذلك ضربات المقاومة في غزة. المشاهد يعتقد بسبب الرقابة المحكمة أن الضربات المساندة فارغة وغير مؤثرة. في المقابل، يضخم إعلامهم مفعول ضرباتهم المضادة وهجماتهم، ويساعدهم في ذلك الإعلام المركزي الدولي والعربي الرجعي الذي يزيف السردية الحقيقية ويخفي الحقائق.

اليمن الآن معرض لمزيد من الضربات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية مع التضخيم الإعلامي. لكن ما الذي يضير اليمنيين المحصنين بإرادتهم الصادقة وعزمهم الذي لا يلين؟ عشر سنوات وهم يتلقون أشد وأعنف الضربات ولم يرف لهم جفن، فهل سيتأثرون من حريق في الحديدة التي قُصفت من السعودية صبح مساء؟

مشكلة إسرائيل مع اليمن، خلافاً لحزب الله والحشد الشعبي، هي أنه مطلق اليدين لا يكترث لا لمعارضة ولا لخسارة ولا لضربات انتقامية ولا لحصار. الحرب السعودية الظالمة حصنته عقائدياً ونفسياً وعسكرياً ولديه مفاجآت قادمة بلا أدنى شك. فلسطين في نظر الحوثيين قضية مقدسة تمامًا كمظلوميتهم. السعودية ومن حولها هم أكبر المتآمرين عليهم وعلى قضية فلسطين.

لذلك ستتلقى إسرائيل منهم الضربات تلو الضربات، ولن تؤثر فيهم ضرباتها الارتدادية هي وأسيادها العالميين. نتنياهو وغالانت ورطا بلادهما في معركة مفتوحة مع خصم حصين من أذرع المقاومة. وإن لم يصدقوا، فليسألوا بن سلمان وحاكم دبي عن الحفاة الذين يجوبون جبال صعدة بلا ماء وبلا طعام ويأكلون الأفاعي، مخترقين تحصيناته الحدودية بكل سهولة.

اليمن في عين العاصفة، ولكن العاصفة قد أصبحت خلف الباب الرئيسي بعد قصف تل أبيب عن بعد يبلغ 2000 كم.

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر عن وجهة نظر المسار الإخباري بل فقط عن وجهة نظر صاحبها