الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 30/8/2024

إسرائيل تفقد طابعها الديمقراطي بسبب الحرب

بقلم: يوسي هدار

في ظل هذه الحرب الغريبة، حرب استنزاف عديمة الاستراتيجية، حرب لغرض الحرب، حرب لحماية الحكم، تفقد إسرائيل صوابها، وتفقد طابعها الديمقراطي. صحيح أن الحرب بدأت بشرعية وهي مبررة، لكن إدارتها الفاشلة والدوافع السياسية والشخصية التي تنطوي عليها جعلتها ستار دخان لانقلاب سلطوي.

كل خطوة من حكومة نتنياهو – علنية أو خفية، مغلفة بأحبولة إعلامية أو استفزازية – تشهد أننا أصبحنا لامبالين، وغير مكترثين، أمام تغييرات محملة بالمصائر وخطوات فضائحية. نحتج وننسى، نعتاد ونطبع.

فضلا عن الدفع قدما بالثورة القضائية من قبل الوزير يريف لفين، الذي يواصل ضعضعة أساسات المحكمة العليا وسلطة القانون، وفضلا عن استفزازات الوزيرة ميري ريغف التي تستمتع باحتفالات على نمط كوريا الشمالية، تبرز على نحو خاص التصريحات والأفعال الخطيرة للوزير إيتمار بن غفير.

في كل صباح نستيقظ على فعل مثير ما له، كان في الأيام العادية سيهز الأركان ويبعث عاصفة شديدة في المجتمع الإسرائيلي. أما في هذه الأيام فلا دين ولا ديان.

بداية الفظاعة بدأت بمجرد تعيينه الهاذي وزيرا مسؤولا عن الأمن الداخلي لدولة إسرائيل، وزير مسؤول عن الشرطة. غير أنه كلما مرت الأيام يتبين كم كان هذا التعيين سائبا وعديم المسؤولية. درة التاج للبن غفيرية هي فضيحة “جبل البيت” (الحرم)، المكان الأكثر تفجرا في الشرق الأوسط وربما في العالم كله. الوزير المسؤول عن أمننا القومي يفعل كل شيء كي يضعضعه، وبتسيب، بخفة عقل، في التوجه إلى القاعدة المسيحانية، وفي استفزاز عديم التفكير يقربنا من حرب دينية رهيبة، وكأنه لا تنقصنا الآن أيضا ساحات قتال.

في هذا الأسبوع أعلن بن غفير أنه معني بإقامة كنيس على “جبل البيت”، ليس أقل.

ونبس نتنياهو بقول شاحب عن الوضع الراهن وبذلك أغلق الحدث. قبل ذلك رأينا الصور التي لا تُعق في “الجبل” حيث الوزير وإلى جانبه تماما يصلي مسيحانيون يخرقون الوضع الراهن بشكل فظ، ويصلون في “الجبل” أمام عيون الوزير وأمام الحراس في المكان الذين يبدون كمن يخافون خرق روح القائد وفرض الأنظمة في المكان. صحيح أن من يؤمن حقا بحرية العبادة لا يمكنه ألا يدعي أن نظام الوضع الراهن الذي تقرر بعد حرب “الأيام الستة” مغلوط وليس عادلا، غير أنه يمكن ومن الأفضل السعي إلى تغييرات في إطار تسويات محلية وإقليمية لا تقيم علينا كل العالم.

بن غفير ذاته لا يكتفي بضعضعة الهدوء والأمن في “جبل البيت”. فقد استيقظنا، هذا الأسبوع، أيضا على إعلانات ضخمة نشرها في الصحف الكبرى ضد رئيس “الشاباك”، روني بار. ينبغي هضم واستيعاب هذا العبث الهاذي. وزير الأمن الداخلي يهاجم بفظاظة وانفلات عقال رئيس “الشاباك” في منتصف الحرب بإعلانات ممولة من جيوبنا.

هذا بات أكثر بكثير من المس بالرسمية، هذا تسيب خطير. خطيئة بار كانت أنه حذر، وعن حق كبير، من التسيب الذي يحدثه بن غفير في “جبل البيت” ومن الإرهاب اليهودي في القرى العربية الذي يتلقى ريح إسناد، حتى وإن كان صمتا، من محافل في الحكم.

كما أن جر الأرجل من جانب الشرطة في اقتحام قواعد الجيش الإسرائيلي يأتي من المكان ذاته بالضبط.

وإذا لم يكن هذا بكاف، فإنه مثل زميله لفين يجرنا إلى أزمة دستورية حين يرفض تعليمات المستشارة القانونية لمنع ترفيع الرائد شرطة، مئير سويسا، الذي ألقى قنبلة صوتية في قلب المظاهرات في كابلن ضد الانقلاب النظامي.

الذراع البيبي – الكهاني في وسائل الإعلام يحاول تطبيع كل هذا، وتستدعى الأبواق كل يوم لأجل خلق تماثل إجرامي وزائف.

وهكذا فان اقتحام معسكرات الجيش يشبهونه بالاحتجاجات ضد الانقلاب النظامي ولصالح إعادة المخطوفين، وتنديد  يوآف غالانت بالسلوك السائب لبن غفير يستبعد بتغريدة على نمط: انظروا كيف يدخل الوزيران في مشادة في أثناء الحرب.

الضفدع نضج، المعارضة تعقب بهمس هزيل، الشرطة تصبح سياسية، سلطة القانون تداس ونحن نضحك ونطبع، عميقا.. عميقا.. داخل الديمقراطية.

——————————————–

القدس 30/8/2024

تحييد التهديد النووي الإيراني دون استخدام القوة أو العقوبات

د. ألون بن مئير

لإجبار إيران على تغيير طموحاتها النووية في المنطقة دون استخدام القوة أو فرض عقوبات إضافية، يجب إنشاء نظام إقليمي جديد.

الهدف واحد لكن الوسائل تختلف

لإجبار إيران على تغيير طموحاتها الجيوستراتيجية لتصبح القوة المهيمنة النووية في المنطقة دون استخدام القوة أو فرض عقوبات إضافية، يجب إنشاء نظام إقليمي جديد وترسيخه على أربعة ركائز مترابطة: ميثاق أمني إقليمي تحت مظلة الولايات المتحدة، وتطبيع العلاقات الإسرائيلية – السعودية والإسرائيلية – العربية، وتخفيف الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وتقديم حوافز اقتصادية لإيران وضمانات بأن الولايات المتحدة لن تسعى إلى أي إستراتيجية لتسريع تغيير النظام.

قد تبدو حرب إسرائيل وحماس والهجمات العنيفة المتبادلة بين إسرائيل وإيران بمثابة عقبة رئيسية من شأنها أن تمنع تطوير مثل هذا النظام الإقليمي الجديد؛ إلاّ أنني أزعم أن حرب غزة والتوترات المتصاعدة بين طهران والقدس هي في الواقع المحفز الذي يجعل ذلك ممكناً.

ولكي نغيّر إستراتيجية الولايات المتحدة وإسرائيل، من الضروري أولاً أن نفهم المزاج النفسي لرجال الدين الإيرانيين وإلى الطريقة التي ينظرون بها إلى أنفسهم ومكانهم في المنطقة وإحساسهم بالضعف ودوافعهم إلى التحول إلى قوة نووية مهيمنة إقليمية.

أولاً، إيران هي أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 90 مليون نسمة، أغلبهم من المسلمين الشيعة، مقارنة بنحو 80 مليوناً من السنّة في جميع دول الخليج والأردن والعراق وسوريا.

وإيران هي الأغنى بالموارد الطبيعية، وخاصة النفط والمعادن، وهي تحتل موقع الاختناق الأكثر إستراتيجية في العالم، مضيق هرمز، حيث يمر أكثر من ربع إجمالي النفط المنقول بحراً في العالم. وتفخر إيران كثيراً بماضيها المجيد، ونظراً لمزاياها، تشعر إيران بأنها تتمتع بالحق وأنها في أفضل وضع لتصبح القوة المهيمنة في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإن كونها أكبر دولة إسلامية شيعية يؤثر على نفسيتها الوطنية، حيث ترى نفسها كوصي على الإسلام الشيعي وفي تنافس دائم مع العالم الإسلامي السني بقيادة المملكة العربية السعودية.

ثانياً، تنبع طموحات إيران النووية من حقيقة مفادها أن الشرق الأوسط منطقة متقلبة مليئة بالصراعات والتنافسات. وترغب إيران في تأكيد هيمنتها ونفوذها وتحويل ميزان القوى الإقليمي، وإظهار القوة، وردع القوى النووية الأخرى، وخاصة إسرائيل، وحماية البلاد وطول عمر النظام. وبالتالي، من المنظور الإيراني، فإن امتلاك الأسلحة الذرية من شأنه بلا شك أن يعزز مكانتها الإقليمية ويجعلها قوة لا جدال فيها، وينبغي أن تحظى باعتبار خاص من قبل الغرب وجيرانها من السنة في الغالب.

ثالثاً، تسعى إيران إلى أن تكون على قدم المساواة مع باكستان، القوة النووية التي يبلغ عدد سكانها 252 مليون نسمة غالبيتهم من السنة. تريد إيران استخدام برنامجها النووي لتعزيز الفخر الوطني، وتقديمه كرمز للتقدم العلمي والتكنولوجي. ويساعد هذا الحكومة على حشد الدعم المحلي مع صرف انتباه الجمهور، إلى حد ما، عن القضايا الداخلية، وخاصة التحديات الاقتصادية والسخط الاجتماعي.

رابعاً، إيران عازمة على تحييد الميزة النووية الإسرائيلية من خلال خلق ردع نووي متبادل ــ استراتيجية التدمير المتبادل المؤكد ــ لضمان بقاء النظام. فضلاً عن ذلك فإن وجود القوات العسكرية الأميركية في الخليج الفارسي والعلاقات العدائية بين إيران والولايات المتحدة تزيد من شعورها بالضعف. وبفضل الأسلحة النووية، تستطيع إيران أن تمنع أي عدو من مهاجمتها أو التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما قد يؤدي إلى تعجيل تغيير النظام الذي تريد إيران تجنبه بأي ثمن. لقد راقبت إيران مصائر دول مثل ليبيا والعراق وواجهت عواقب وخيمة بعد التخلي عن برامجها النووية. وعلاوة على ذلك، فمن شبه المؤكد أن أوكرانيا ما كانت لتُغزى من قِبَل روسيا لو لم يتم إقناعها بالتخلي عن مخزونها من الأسلحة النووية في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي. وعلى العكس من ذلك، تمكنت دول مثل كوريا الشمالية، التي طورت الأسلحة النووية، من تأمين أنظمتها ضد التدخل الأجنبي.

خامساً، منذ ظهور الأسلحة النووية، لم تكن هناك سوى حالة واحدة حيث انخرطت دولتان مسلحتان نووياً في صراع عسكري مباشر: حرب كارجيل بين الهند وباكستان في عام 1999. خاضت باكستان والهند ثلاث حروب تقليدية، ولكن بمجرد حصولهما على الأسلحة النووية، تم تقليص الصراع بينهما إلى حد كبير إلى مناوشات مع ضمان عدم تصعيد أي مواجهات عنيفة إلى حرب كبيرة. عندما اندلعت حرب كارجيل بعد أن عبرت باكستان خط السيطرة في كشمير، تحركت الدولتان بسرعة لاحتوائها، ولم يلجأ أي من الجانبين إلى استخدام الأسلحة النووية. لقد عمل التهديد بالتصعيد النووي كرادع ومنع حروب شاملة بين القوتين النوويتين مدركتين، كما قال رونالد ريجان ذات مرة، “لا يمكن الفوز بالحرب النووية ويجب ألا ُتخاض أبدًا”.

سادساً، يعمل البرنامج النووي الإيراني أيضًا كورقة مساومة في المفاوضات والدبلوماسية المستقبلية. فتخزين اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة وتطوير قدرات طهران النووية من شأنه أن يعزز من موقف طهران في انتزاع التنازلات والتفاوض على شروط أفضل في التوصل إلى اتفاقيات جديدة، بما في ذلك رفع بعض العقوبات وغيرها من الفوائد الاقتصادية. وفي المفاوضات السابقة بشأن برنامجها النووي، تمكنت إيران من تأمين الحوافز مقابل تنازلات محددة.

لقد صورت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بقيادة نتنياهو، على وجه الخصوص، البرنامج النووي الإيراني باستمرار على أنه تهديد وجودي لإسرائيل. وبالنسبة لنتنياهو، فإن إشراك الجمهور في مثل هذه الرواية المشؤومة يخدم غرضه السياسي المتمثل في تقديم نفسه باعتباره الوصي النهائي على أمن إسرائيل. ورغم أن إيران، العدو المعلن لإسرائيل، تمتلك سلاحاً نووياً، وهو أمر مقلق، فإن الإيحاء بأن إيران قد تستخدم مثل هذه الأسلحة ضد إسرائيل مضلل وغير منتج. فطهران تعلم أن إسرائيل لديها القدرة على توجيه ضربة نووية ثانية، وأن مهاجمة إسرائيل بسلاح نووي يعادل الانتحار.

ولمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، استخدم نتنياهو كل أداة تحت تصرفه لتخريب البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك اغتيال العديد من كبار العلماء النوويين وإفساد بيانات معالجة الكمبيوتر ومداهمة مبنى تخزين سري ومصادرة آلاف الوثائق المتعلقة بالمجال النووي. وعلاوة على ذلك، شن نتنياهو حملة لا هوادة فيها لوأد اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة بين الولايات المتحدة وإيران الذي تفاوض عليه الرئيس السابق أوباما. وتحدث نتنياهو في جلسة مشتركة للكونجرس لعرض قضيته ضد الاتفاق الإيراني. وفي أعقاب انتخاب ترامب رئيسا، أقنعه نتنياهو بالانسحاب من الاتفاق. وفشلت المفاوضات اللاحقة بين إدارة بايدن وإيران لاستعادة أو تعديل النسخة الأصلية من الاتفاق.

نتنياهو، الذي جعل من مهمة حياته منع إيران من تطوير أسلحة نووية، أنتج نتائج معاكسة تمامًا من خلال جهوده المضللة. لم يسفر ذلك إلاّ إلى سعي إيران لتسريع تخصيب اليورانيوم، وخاصة منذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي الوقت الحاضر، أصبحت إيران دولة نووية بحكم الأمر الواقع، ولديها القدرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المنقى لصنع قنبلة واحدة في غضون بضعة أشهر، بالإضافة إلى رأس حربي نووي ونظام تسليم في غضون 18 شهراً.

لتجميد البرنامج النووي الإيراني بحيث تكتفي طهران بكونها دولة على عتبة الأسلحة النووية ولا تتخذ الخطوة النهائية لإنتاج سلاح نووي من شأنه أن يتماشى مع الموقف العام الإيراني القائل بأن إيران لا تسعى إلى أن تصبح قوة نووية، كما أنه من شأنه أن يمنع الانتشار الإقليمي للأسلحة النووية. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على الولايات المتحدة أن تتبنى استراتيجية مترابطة تتألف من أربعة مسارات:

يتعين على الولايات المتحدة أن تسعى إلى إنشاء هلال أمني يمتد من الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط، ويشمل المملكة العربية السعودية والبحرين وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة والأردن وفلسطين (الحلقة المفقودة) وإسرائيل ومصر. ومن شأن هذه المعاهدة الأمنية التي تشمل نصف الكرة الأرضية أن تخدم على أفضل وجه مصالح الأمن القومي لأميركا وحلفائها وأن تضع إيران تحت المراقبة من دون اللجوء إلى القوة. وسوف يتم تشكيل هذا التحالف الأمني على غرار ميثاق الدفاع الأميركي الذي اقترحته السعودية كشرط مسبق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والذي يتضمن: أ) ضمانات أميركية للأمن القومي السعودي، وب) قيود أقل على مبيعات الأسلحة الأميركية، وج) المساعدة من طرف الولايات المتحدة في تطوير برنامج السعودية النووي المدني، ود) تقدم جذري نحو إنشاء دولة فلسطينية. وفيما يتعلق بمثل هذا الميثاق الدفاعي، فإن المتطلبين (أ) و(د) فقط هما ذات الصلة بمناقشتنا.

يتعين على الولايات المتحدة بمجرد انتهاء حرب غزة استئناف المفاوضات مع المملكة العربية السعودية بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقد حدثت بالفعل مناقشات مكثفة بين إدارة بايدن والكونغرس بشأن المتطلبات الثلاثة الأولى للسعوديين، وظهر إجماع متزايد بين المؤسسة الدفاعية والكونجرس. وهذا من شأنه أن يرسل رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن الولايات المتحدة تنوي المضي قدماً في ميثاق دفاعي مع المملكة العربية السعودية الذي سيتم توسيعه لصد أي طموحات وتهديدات إقليمية إيرانية ضد الدول المدرجة في الاتفاق. إن مثل هذا الاتفاق الأمني من شأنه أن يحمي البلدان المعنية ويعزز بشكل كبير الهيمنة العسكرية الأميركية التي لا تشوبها شائبة في جميع أنحاء المنطقة.

ولتلبية المتطلب النهائي للسعوديين، يتعين على الولايات المتحدة أن تضمن أن أي وقف إطلاق نار مستقبلي بين إسرائيل وحماس يؤسس لمسار من شأنه أن يؤدي إلى تسوية إسرائيلية – فلسطينية دائمة. وكما ذكرت مرارا وتكرارا، فإن هجوم حماس والحرب المروعة اللاحقة خلقت نموذجا جديدا. ويجب على الإدارة الأميركية، سواء في عهد هاريس أو ترامب، أن تضع قدمها على الأرض وتتوقف عن مجرد الحديث عن حل الدولتين، بل تتخذ أي تدابير ضرورية، مزيج من الإكراه والإغراءات، لإجبار إسرائيل على قبول الواقع الفلسطيني غير المخفف.

كانت الولايات المتحدة لعقود من الزمان، ولا تزال، هي الممكِّن الرئيسي لإسرائيل. ويمكن أن تُعزى الحالة المأساوية التي تجد إسرائيل والفلسطينيون أنفسهم فيها اليوم إلى حد كبير إلى السياسة الأميركية تجاه إسرائيل. إن الولايات المتحدة، رغم حسن نواياها في حماية إسرائيل، ألحقت الضرر بإسرائيل عن غير قصد من خلال التزامها بحماية الأمن القومي الإسرائيلي في حين وفرت لها غطاءً سياسياً شاملاً. ولإنقاذ إسرائيل من نفسها، يتعين على الإدارة الأميركية المقبلة أن تجعل أمنها ودعمها السياسي لإسرائيل مشروطاً باستعداد إسرائيل لبذل جهد حقيقي وتقديم تنازلات كبيرة نحو إنشاء دولة فلسطينية. والواقع أن أي حلّ مؤقت للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام إيران، لأنها تغتصب القضية التي استغلتها طهران لسنوات لصالحها.

إن تقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل تجميد برنامجها للأسلحة النووية وإنهاء تهديداتها لإسرائيل من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً، طالما كانت إيران على يقين أيضاً من أن الولايات المتحدة لن تسعى إلى تغيير النظام أو تدعم تغييره. علاوة على ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعد طهران بأنها لن تهاجمها وتمنع أيضا ً إسرائيل من مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وقد تشمل الحوافز الاقتصادية لإيران رفع بعض العقوبات وتوفير القدرة على الوصول إلى الأنظمة المالية الدولية وتسهيل الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الإيراني، وكل هذا لابد وأن يكون مشروطاً بالتزام إيران بالقيود النووية والشفافية.

أعترف بأن الإستراتيجية الجديدة المقترحة صعبة وقد تبدو غير قابلة للتنفيذ نظراً لتاريخ هذه الصراعات المتشابكة وتعقيدها. ولكن كم من الوقت وكم من الحروب والوفيات والدمار سوف يستغرق الأمر حتى تقول الولايات المتحدة كفى وتتبنى هذه الإستراتيجية الجديدة لإحلال السلام والاستقرار في منطقة مضطربة، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك والمدة التي قد تستغرقها؟.

——————————————–

هآرتس 30/8/2024

الحزام الناري الإيراني يضطر للمناورة بين مصالح متضاربة

بقلم: تسفي برئيل

ناقلة النفط اليونانية سونيون، التي اصيبت في الاسبوع الماضي في هجوم للحوثيين، ما زالت مشتعلة في البحر الاحمر. الخوف الشديد الآن هو من أنه اذا لم تنجح قوات المساعدة التي تم ارسالها في السيطرة على الحريق فان حوالي 150 الف طن من النفط الخام يمكن أن تتسرب الى البحر وتتسبب باحدى الكوارث الكبيرة التي حدثت عبر التاريخ.

الحوثيون الذين هددوا في البداية بضرب سفن الاطفاء والسحب التي سترسل للسفينة، وافقوا أمس (بعد تدخل دولة ثالثة) على السماح بسحبها، لكنهم اوضحوا بأن الحديث لا يدور عن وقف لاطلاق النار وأن الهجمات على السفن التي تمتلكها اسرائيل أو التي تشق الطريق الى ميناء ايلات ستستمر في أن تكون اهداف.

الحوثيون ربما هم الفرع الايراني الاكثر تعقيدا للسيطرة عليه من قبل ايران، التي هي في الواقع الدولة الوحيدة في العالم التي تعتبر بسلطة الحوثيين وحتى أنها في هذا الاسبوع قامت بتعيين سفير جديد لديهم (سلفه توفي بمرض الكورونا حسب رواية ايران الرسمية؛ وحسب رواية اخرى فقد قتل في قصف لقوات التحالف). ولكن هذه العلاقات الدبلوماسية لا تدل على الخضوع السياسي أو العسكري الكامل لزعيم الحوثيين عبد المالك الحوثي للنظام في طهران أو لتعليمات قائد “قوة القدس” في حرس الثورة الايراني اسماعيل قاءاني. “النموذج الحوثي”، أو ما يسمى “الحزام الناري” الايراني، يختلف في جوهره عن “الفرع” العراقي الذي يعمل بواسطة المليشيات الشيعية، وبالتأكيد الفرع اللبناني الذي يسيطر عليه حزب الله.

خلافا لحزب الله والمليشيات في العراق فان ابناء قبيلة الحوثيين ليسوا مركب طبيعي فيما يسمى المحور الشيعي، حيث أن التيار الزيدي الذي ينتمون في معظمهم اليه يعتبر انحرافا عن الشيعة. الكثير من المؤمنين الزيديين يعارضون التفسير الديني لفقهاء الشريعة الذي يستند اليه الحوثي وطموحاته كي يؤسس في الدولة نظام شيعي حسب النموذج الايراني، الذي يكون فيه الزعيم السياسي الاكبر هو نفسه الزعيم الديني الاكبر. في بداية حربهم ضد النظام في اليمن الذي اقيم في اعقاب “الربيع العربي”، وبعد عزل الرئيس علي عبد الله صالح، فان ايران لم تعتبرهم حتى ذلك الحين عامل يمكن أن يخدم مصالحها ويشكل ذراع تنفيذي آخر في دائرة التهديد الاقليمية التي تطمح لتأسيسها. حسب تقارير نشرت في السابق في ايران فانه حتى طهران حاولت اقناع الحوثيين بعدم السيطرة على العاصمة صنعاء، التي قاموا باحتلالها في العام 2014.

سؤال هل زعيم الحوثيين توجهه ايديولودجيا ايران ما زال يشغل الكثير من الباحثين والمحللين. فمن جهة هم يشيرون الى الشعارات التي يرفعها ضد الولايات المتحدة واسرائيل، التي تشبه الشعارات التي تسمع في ايران. وهم يشيرون ايضا الى طموحه ليصبح الزعيم الاعلى حسب النموذج الايراني. في المقابل، هو لا يتحدث عن “تصدير الثورة الاسلامية”، الهدف الذي صاغة آية الله روح الله الخميني. انضمام الحوثيين لـ “وحدة الساحات” و”جبهة المساندة” لحماس في الحرب في غزة، يمكن أن يعتبر موقف ايديولوجي، على الاقل من ناحية اعلانية، لكن ليس اقل من ذلك هو يوفر للحوثي اداة سيطرة ومبرر لسرقة موارد الدولة “من اجل الهدف” وتجنيد الجنود لجيشه. الاكثر اهمية من ذلك هو أن سيطرة الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الاحمر والاضرار الكبيرة التي تسببوا بها لدول المنطقة (بالاساس مصر) والاقتصاد العالمي، الى جانب مواجهتهم للتحالف العسكري الدولي، كل ذلك يعطي الحوثي مكانة نجم اعلى، كرئيس الفرع الوحيد في “الحزام الناري” الذي يدير حرب مباشرة، ليس فقط ضد اسرائيل مثل حزب الله، بل ضد الولايات المتحدة و”الكولونيالية العالمية”.

الحوثي ليس قائد مليشيا، هو يقف على رأس الدولة الوحيدة التي تدير حرب نشطة ومكشوفة وعلنية ضد اسرائيل وامريكا. هو يستند في الحقيقة على الدعم العسكري، السلاح والتكنولوجيا من ايران، لكنه غير مرتبط بتمويل من ايران. فمدخولاته هو ينتجها بنفسه. هو يجبي مئات ملايين الدولارات بواسطة تصدير النفط في ميناء الحديدة، الذي يستمر في العمل رغم اسرائيل قامت بقصفه في شهر تموز الماضي؛ ويجبي رسوم وضرائب كما يشاء، وسيطرته على جهاز القضاء تعني السيطرة على تسجيل الاراضي والعقارات؛ ايضا اقام بنك مركزي يوازي البنك المركزي لحكومة اليمن المعترف بها؛ ولأنه يجري المفاوضات مع السعودية حول انهاء الحرب في اليمن، فقد حقق تنازل سعودي مهم: حكومة اليمن المعترف بها، التي تمولها السعودية، ستقوم بدفع رواتب الموظفين والمعلمين المسجلين في قائمة الكادر الحكومي ولكنهم يعملون فعليا في المناطق التي توجد تحت سيطرة الحوثيين.

لكن القوة الكبيرة التي راكمها الحوثي، اضافة الى الاستقلال السياسي والاقتصادي، ليست بالضرورة تنبع من قوة ايران. وهي ايضا يمكن أن تضر بمصالحها. حيث أنه في الوقت الذي فيه تطمح ايران الى تحسين علاقاتها مع دول المنطقة وتطوير علاقاتها الاقتصادية مع السعودية، العدوة لدولة الحوثيين، واستئناف علاقاتها مع مصر التي تضررت بسبب نشاطات الحوثيين في البحر الاحمر، فانها لا تستطيع ضمان أن زعيم الحوثيين سيتنازل عن اهدافه لصالح الاهداف الايرانية. الحوثيون في الحقيقة يعتبرون انفسهم ملزمين بـ “وحدة الساحات”، لكن من غير المعروف كيف سيتصرفون اذا تم تحقيق وقف اطلاق النار في غزة، وما اذا كانوا سيقومون بتبنيه كما تعهد حزب الله بفعل ذلك.

علامة استفهام مشابهة تحلق فوق سلوك من يشملهم المفهوم الواسع “المليشيات الشيعية” في العراق. هذه المليشيات تعمل في اطار “الحشد الشعبي”، وهو تنظيم نشأ في 2014 لمواجهة داعش وعلى خلفية ضعف الجيش العراقي وفشله في صد هذا التنظيم. ايضا الكثير من السنة انضموا اليها. هذه المليشيات لا تشكل نفس الشيء. بعضها مخلصة لفقيه الشيعة في العراق علي آية الله السيستاني، المعارض لايديولوجيا ايران وطريقة الحكم في ايران. مليشيات اخرى توزع الولاء بين سياسيين شيعة الذين يوفرون لها الدعم السياسي، وبالاساس التمويل. المليشيات المشمولة في مفهوم “الحشد الشعبي” هي جزء لا يتجزأ من قوات الامن العراقية، وحسب ميزانية 2023 هي تعد 238 ألف جندي وتحصل على ميزانية بمبلغ 2.6 مليار دولار.

هذه فقط شرحة واحدة من منظومة كاملة للمداخيل غير القانونية التي تحصل عليها هذه المليشيات. ففي عشر سنوات وجودها اصبحت قوة اقتصادية كبيرة وسيطرت على موارد الدولة. البعض منها يسيطر على آبار نفط ومشاريع للبنى التحتية ومعابر حدودية، التي هي المسؤولة فيها عن جباية الضرائب. قادتها والسياسيون الذين يؤيدونها يوجد لهم مئات الشركات الخاصة والعقارات، والاعضاء فيها اصبحوا المسؤولين عن الحماية ويأخذون رسوم الحماية من المشاريع الخاصة ويسيطرون على عدد من البنوك ويفرضون رسوم غير قانونية ويديرون اجهزة قضاء “خاصة” ويحصلون على اموال طائلة من العطاءات الحكومية التي هي على مقاسهم. الجنرال العراقي المتقاعد حامد محمدي قال في موقع “ميديا لاين” الامريكي: “هذه المليشيات لم تحارب في أي يوم من اجل المباديء. هي ليست جيش بل مرتزقة”. وقال ايضا بأن ايران تعودت على أن تدفع لمقاتلي المليشيات المخلصين لها 400 دولار في الشهر لكل واحد، وأنه اليوم يمكنهم كسب آلاف الدولارات من العمل في الاعمال الخاصة للمليشيات.

الى أي درجة تخدم المليشيات مصالح ايران؟ المليشيا الكبيرة “بدر” برئاسة وزير المواصلات السابق وعضو البرلمان هادي العامري، هددت بمهاجمة الاهداف الامريكية عند اندلاع الحرب في غزة، لكنها بالفعل لم تشارك في الهجمات رغم أنها “مخلصة” لايران. قيس خزعلي وهو زعيم مليشيا “عصائب اهل الحق” اتهم من قبل قادة مليشيا حزب الله في العراق بـ “عدم الشجاعة وخيانة قيم الاسلام” بسبب أن المليشيا لم تشارك في الهجمات منذ بداية الحرب، وهي ليست المليشيا الوحيدة التي “غابت” عن الجبهة.

هناك ايضا قضية الخضوع. ففي بداية شهر شباط جاء قائد “قوة القدس” قاءاني الى بغداد كي يأمر المليشيات بالتوقف عن مهاجمة الاهداف الامريكية، بعد أن قامت الولايات المتحدة بمهاجمة قواعد مليشيا “حزب الله العراق” وهددت بتوسيع الهجمات بعد مهاجمة القاعدة الامريكية في الاردن في كانون الثاني. حسب تقارير عراقية فان بعض قادة المليشيات ابلغوا قاءاني بأنهم غير مستعدين للخضوع لهذا الامر، وآخرون قالوا إنهم من البداية لم يهاجموا اهداف امريكية ولن يفعلوا ذلك. في نهاية الامر قامت المليشيات بوقف اطلاق النار. هذه ليست المرة الاولى التي فيها يوضح قادة مليشيات تؤيد ايران لقاءاني بأن خضوعها غير تلقائي. في نيسان 2022، بعد اربعة اشهر على تصفية قائد قوة القدس السابق قاسم سليماني، جاء قاءاني الى بغداد لابلاغ قادة المليشيات التابعة له بأن ايران تنوي تقليص التمويل لهم، وأنه يجب عليها الاعتماد على ميزانية العراق ومداخيلهم الثانوية. في المكان تقريبا اندلع تمرد.

خلافا لفرع اليمن الذي فيه “الدولة” هي القوة العسكرية التي يمكن أن تخدم ايران، فان الحكومة العراقية ورئيسها محمد السوداني يجرون المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الانسحاب الكامل للقوات الامريكية من العراق. هذه مصلحة واضحة لايران، تضاف الى الخوف من اقامة تحالف امريكي – سعودي تشارك فيه اسرائيل، الذي سيتعزز ازاء تواجد امريكا الكثيف في الشرق الاوسط. تحقيق هذه المصلحة لا يتساوق مع هجمات المليشيات ضد الاهداف الامريكية، التي يمكن أن تعمل على تأخير الانسحاب.

تضارب المصالح هذا يمكن أن تضاف اليه تصريحات الرئيس الايراني الجديد، مسعود بزشكيان، التي بحسبها ينوي اقامة قناة دبلوماسية، في البداية مع الدول الاوروبية وبعد ذلك مع امريكا من اجل رفع العقوبات عن ايران. من غير الواضح حتى الآن طبيعة هذه الجهود الدبلوماسية، لكنها بالتأكيد ستجد صعوبة في التحقق الى جانب هجمات مليشيات مؤيدة لايران في العراق على الاهداف الامريكية، أو عملية “ثأر” لايران ضد اسرائيل التي يمكن أن تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر.

——————————————–

إسرائيل اليوم 30/8/2024

الهدف: اقناع الجمهور بانتهاء الحرب

بقلم: شيريت افيتان كوهن

منذ أسابيع طويلة ووزير الدفاع غالنت يطلب من نتنياهو ان يجري في الكابنت السياسي الأمني بحثا استراتيجيا في مسألة الساحات الإضافية التي مطالبة إسرائيل بان تتصدى لها. أمس، قبل لحظة من بحث آخر في الكابنت، اعلن غالنت رسميا بانه يجب تعديل اهداف الحرب واضافة مواضيع الشمال وإعادة النازحين اليها – وهكذا انكشف بعض مما يجري من خلف الكواليس.

غالنت يتبنى عمليا مفهوم جهاز الامن كله والذي يقضي بان الإنجازات العسكرية في غزة تسمح الان بتوجيه الجهد الى الساحة الشمالية. الطريق الى هناك، على حد فهمهم، تمر بصفقة تؤدي الى وقف الحرب وإعادة المخطوفين، وبالتوازي – تحويل القوات الى الشمال. لاجل اقناع الجمهور الإسرائيلي بانتهاء الحر في غزة يصدر الناطق العسكري بيانا يقضي بان 80 في المئة من الانفاق في محور فيلادلفيا دمرت (رغم ان محافل في الجيش تعترف بانه لم ينكشف مدى الانفاق كله) ولواء رفح هزم، وبالطبع – تصفية الضيف تذكر أيضا.

الفيل (دلفيا) الذي في الغرفة

في هذه الاثناء، في غرف المفاوضات في الدوحة تواصلت امس المحادثات بين إسرائيل وحماس عبر الوسطاء، لكن لم يبلغ عن تقدم او عن قدمة إضافية، مثلما توقع بعض من المشاركين في المحادثات في الأيام الأخيرة.  السبب الأساس، بتقدير محافل امنية، هو إصرار رئيس الوزراء على تواجد إسرائيلي في محور فيلادلفيا. وعلى حد قول هذه المحافل، اذا ما شطب الموضوع عن جدول الاعمال، يكون احتمال اكثر بانه يمكن التقدم الى صفقة. المفترق الاستراتيجي، كما يسمى هذا في محيط وزير الدفاع يوجد امام حكومة إسرائيل: توجيه المقدرات الى جبهات أخرى الان (ليس على حساب غزة، على حد قولهم لكن بالحساب البسيط لا توجد إمكانية لهذا او ذاك)، رغم أن حماس لم تهزم بعد نهائيا ولا تزال في ايديها وسائل قتالية يمكنها أن تهدد بها سكان الغلاف.

بعد نحو 11 شهرا منذ بداية الحرب، لعل هذه هي الخطوة اللازمة – بالتأكيد حين لا يلقى سكان الشمال يقينا حول التوقيت الذي يمكنهم فيه أن يعودوا الى بيوتهم بامان. الكابنت السياسي الأمني هو المطالب بان يبحث في هذه القرارات في نهاية الامر. وزير الدفاع ورئيس الأركان يجريان منذ الان منداولات في الموضوع بدون رئيس الوزراء ويطالبان برفع استنتاجاتهما الى المحفل ذي الصفة قريبا. امس بحث الكابنت في الجوانب المختلفة للصفقة، مع التشديد على تحرير مخربين متوقع وكذا زيارة الصليب الأحمر للمخربين التي يطالب وزراء في الحكومة بقيادة اوريت ستروك الا تتم.

كل هذه المواضيع توجد في قلب المفاوضات وسبق أن بحثت – انسحاب قوات الجيش ومكان القوات، هوية المخطوفين الاحياء المحررين وهوية المخربين المحررين بالمقابل من السجون الإسرائيلية. في هذه المرحلة تميل الولايات المتحدة لتجاهل طلب نتنياهو آليات تفتيش في محور نتساريم، إذ ان هذا المطلب لم يظهر في وثائق الصفقة الأولى، كما عرضها بايدن في شهر أيار. وبالتالي، حسب هذه المحافل فان العائق الأخير في غرفة المفاوضات سيكون محور فيلادلفيا.

——————————————–

يديعوت احرونوت 30/8/2024

هاتوا غزة الى الضفة

بقلم: ناحوم برنياع

نظريات تآمرية واسعة هي في نظري هراء وشرانية. فهي كاملة جدا، ذكية جدا، أكثر مما ينبغي. في عملية اتخاذ القرارات في المستوى السياسي، يوجد حسب تجربتي، مصادفة اكثر من تخطيط. غباء اكثر من إغراض. على الرغم من ذلك، فان النظرية التآمرية التالية جديرة بالبحث وذلك أيضا لانها سائدة في جهاز الامن وفي الحكومات الأجنبية وكذلك لانها مبهرة في رؤياها، وربما، أساسا لانها تقدم تفسيرا ابداعيا لبعض من احداث الحرب.

يمكن ان نصيغ النظرية على النحو التالي: وزراء في حكومة إسرائيل وفي ائتلافها، بالتعاون مع منظمات يمين ورجال اعلام مقربين منهم، صمموا على ان ينقلوا الحرب في غزة الى الضفة. سيناريو الحد الأقصى يتطلع الى حرب في الضفة وفي الشمال، ومرغوب فيه أيضا مع ايران يتضمن تدمير النووي الإيراني والبنى التحتية في لبنان، طرد ملايين الفلسطينيين من المناطق، ضم الضفة لإسرائيل وشطب السلطة الفلسطينية، حماس والجهاد. سيناريو اكثر تواضعا يكتفي بإعادة احتلال الضفة كلها وشطب السلطة الفلسطينية.

الأدلة لتعزيز النظرية ظرفية فقط. ظرف واحد: منذ بداية الحرب يمارس بعض الوزراء ضغوطا على الشباك والجيش لنقل التقنيات المستخدمة في غزة الى مناطق الضفة – تدمير، طرد، احتلال. كل تلميح بعمل السلطة ضد منظمات الإرهاب يصطدم باحتجاج وزراء ونواب من الائتلاف. مبعوثوهم – مراسلون في قنوات التلفزيون، الأسماء معروفة – يعرضون كل يوم استجوابات تتعلق بالسلطة في رام الله. التعاون معها، الذي في نظر الشباك والجيش حيوي للامن، يوصف كمؤامرة على شفا الخيانة. ظرف ثانٍ: نتنياهو يرفض الاعتراف بحقيقة ان تقويض التنظيم العسكري لحماس بات خلفنا. الصورة العامة في جنوب القطاع هذا الأسبوع تميزت بفرار رجال حماس، افراد او خلايا، الى المنطقة الآمنة نسبيا من ناحيتهم، في المواصي. حسب تقديرات الجيش، منذ 7 أكتوبر قبتل 17 – 18 الف من رجال حماس. كل الصف القيادة للمنظمة، باستثناء السنوار واخيه، صفي. هذا لا يعني أنه في الجهد لقتل المتبقين لن يصاب جنودنا ومخطوفونا. جنود يصابون كل يوم، في تنقيط لا ينتهي. وقد سبق أن قيل، وعن حق، ان عدد الضحايا من قواتنا في الحرب الحالية يفوق عدد الضحايا في 18 سنة قتال في لبنان.

لا سبيل للوصول حتى تصفية الإرهابي الأخير. لا هنا ولا في أي مكان في العالم. في السور الواقي، الحملة الأكثر نجاحا للجيش الإسرائيلي ضد الإرهاب في الضفة، انتهت الاعمال بالتدريج، حين انطفأ الإرهاب. نتنياهو يرفض القول أي مستقبل يريد لغزة – هل حكم حماس، السلطة، قوة دولية أو حكم عسكري إسرائيلي. هو يرفض الوصول الى وقف نار، في كل مرة بذريعة أخرى. وهو يعد الا يتوقف الى أن نصل الى الامن المطلق (بدلا من النصر المطلق)، لكنه يرفض ان يقول ما هو. فهل هو أيضا يسعى لان ينقل الحرب في غزة الى الضفة؟

ظرف ثالث: محاولات محافل في اليمين اشعال الضفة. بن غفير يفعل هذا في الحرم، كهانيو سموتريتش والليكود في تغريداتهم وفتيان الإرهاب اليهودي في جيت.

وهو لا يعرف انها كذلك

في فجر يوم الأربعاء، شرع الجيش الإسرائيلي في عملية متداخلة ضد جيوب الإرهاب في مخيم اللاجئين نور شمس قرب طولكرم. في مخيم اللاجئين وفي الحارة الشرقية في جنين وفي مخيم اللاجئين الفارعة، على طريق غور الأردن. دفعة واحدة نشأ لنا ظروف رابع، رغم أنه لم يعرف انه كذلك.

أبدا بما هو ليس له أساس: ليس صحيحا ان هذه هي الحملة العسكرية الأكبر منذ السور الواقي. بيت وحديقة في تموز العام الماضي، التي تركزت في جنين كانت حملة فرقية (الفرقة 98). القوة التي عملت فيها كانت أكبر بكثير. الحملة الحالية تقوم أساسا على ثلاثة الوية ترابط حاليا في المكان. ليس صحيحا ان إسرائيل تحاول اخلاء فلسطينيين من مناطق القتال مثلما فعلت في غزة. وزير الخارجية إسرائيل كاتس نشر في بداية الحملة بيانا بلا أساس الحق ضررا لا بأس به. “علينا ان نعالج التهديد (في الضفة) بالضبط كما نعالج البنى التحتية للارهاب في غزة”، كتب، “بما في ذلك اخلاء مؤقت للسكان وكل خطوة لازمة. هذه حرب بكل معنى الكلمة ونحن ملزمون بان ننتصر فيها”.

بيان كاتس نشر بمعونة بيانات احتجاج من السلطة الفلسطينية. واضبح العناوين الرئيسة في وسائل الاعلام في الغرب. أُمسك بالمسدس المدخن: حكومة إسرائيل تنقل ابادتها الجماعية من غزة الى الضفة. للجيش الإسرائيلي كان دور في الذنب: فقد اقام حواجز حول المخيمات التي حوصرت واعلن بان من يرغب في الخروج يمكنه أن يفعل هذا، بعد التفتيش. في نور شمس، مخيم لاجئين من نحو 10 الاف نسمة خرج نحو 3 الاف. أنبوب كان ينقل الماء الى المخيم تضرر وانقطع. منظمات دولية لحقوق الانسان هرعت. امس خرج الى الميدان قائد المنطقة ومنسق الاعمال في مسعى لاصلاح شبكة الماء والمجاري وضمان ان يكون الضرر للمدنيين طفيفا.

ليس للحملة اسم متفق عليه. اسمان ذكرا، “هدية للعيد” و “مخيمات صيفية” لم يتبناهما الجيش. الحملة تركز على احباط الإرهاب، وليس على تغيير الواقع. في الفارعة تراكمت أسلحة إيرانية مهربة من الأردن. في جنين بقيت اهداف لم تصفى في الحملة السابقة، قبل سنة. في نور شمس صفي فجر أمس 5 مخربين اختبأوا في مسجد. بين القتلى، محمد جابر (أبو شجاع) الذي يصفه الجيش كرئيس شبكة الإرهاب في المخيم. باستثناء جريح بجراح طفيفة، مقاتل يمم، لم يسجل حتى صباح امس إصابات بين قواتنا. كنت أود أن اكتب ان قواتنا عادت الى قواعدها بسلام لكنهم لم يعودوا بعد.

——————————————–

معاريف 30/8/2024

خطة الاجتياح الإيراني: هكذا تستعد ايران لمعركة في حدود إسرائيل الشرقية

بقلم: بن كسبيت

يوم الجمعة الماضي التقى بنيامين نتنياهو وعقيلته مع مخطوفات عدن من اسر حماس. اقتباسات واسعة وتسجيلات عن الحديث نشرت في القناة 12. انغلاق الحس والنرجسية لدى الزوجين رفعا كعلم أسود باعث على الاشمئزاز من فوق الحدث الذي شبه به نتنياهو المعاناة التي تمر بها المخطوفات بمسلسل الاسر الذي اجتازه في الجيش فيما ان عقيلته اشتكت من “الأكاذيب التي يروونها عنها”، منذ تزوجت مع خيار قلبها.

اجتذب عيني بالذات سطر آخر قاله نتنياهو في ذاك الحديث: “الامر الأكبر الذي تبين لي، ولكم أيضا – نحن نفهم بانه توجد حولنا خطة إبادة أن ايران تأتي لابادتنا. تأتي لابادتنا – لاحتلال الدولة، لامطارنا بنار لظى ولابادتنا”.

“الامر الأكبر الذي تبين لنا، ولكم أيضا”، قال. لو لم يكن النشر مسنودا بتسجيل واضح ما كنت لاصدق انه قال هذا. حتى ليس هو، الذي يصعب عليه ان يخرج من فمه شيئا حقيقيا. إذن يا نتنياهو، هذا تبين لك الان؟ فجأة اكتشفت بان ايران تخطط لابادتنا؟ دعك منك، نحن أيضا. فقد قلت “تبين لنا، وكذا لكم”. إذن في سياقنا، انت مخطيء. هذا تبين لنا منذ زمن بعيد. قبل عشرين سنة تقريبا. انت تعرف متى بدأ هذا يتبين لنا؟ عندما بدأت تخطب عن هذا. خطابات لا نهاية لها، مليئة بالتفاصيل، بالتوصيفات الرسومية والمساعدين التكتيكيين. هذا يتبين لنا منذ سنين، انت كنت واحدا من اكبر من بين هذا الامر لنا. اسلافك أيضا تحدثوا عن هذا، والقليلون ممن حلوا محلك لزمن قصير منذ أصبحت رئيس الوزراء. كل من مر هنا لربع ساعة عرف هذا. الحزام الناري والطوق الذي بنته ايران حولنا على مدى سنوات جيل معروف لنا جميعا جدا. ما لم يتبين لنا حتى الان هو ما الذي فعله كي تمنع هذا؟ أي خطوات اتخذت كي تزيل التهديد؟ لا، انا لا اقصد الخطابات. بل اقصد الخطوات الحقيقية. لم اكن في اللقاء، آمل بانه عندما قلت بانه تبين لنا بان عليك. اعرف ان هذا أمل عابث وذلك لانه لا يظهر عليك حين تكذب. ولا تشحب الا عندما يفلت منك بالخطأ قول الحقيقة. والحقيقة بسيطة: على مدى السنوات الأخيرة يبنون الحزام الناري امام عيونك. وكل ما فعلته هو الخطابة. سياسة “الاحتواء” هي من انتاجك. التعليمات للجيش بان يحتوي تعاظم قوة نصرالله على الجدار جاءت منك. التمويل القطري النقدي لحماس جاء منك. للجمهور بعت انك “سيد الامن”. شرحت بانه “عندما يشم الإرهاب رائحة الضعف، فانه يرفع الرأس، اما عندما يصطدم بالقوة فيتراجع”، بينما انت كنت تتراجع امام كل من يرفع الرأس ضدنا. والان، فيما يكون الجنوب خرب ومدمر والشمال مهجور ومقصوف، تكشف بانه “تبين لنا”.

في شباط 2021 التقيت في مقابلة صحفية مع بطل إسرائيل، العميد حسون حسون. حسون، احد الضباط المزينين بالاوسمة في الجيش، الذي قضى قسما هاما من سنواته على ارض العدو، كان قلقا جدا. كان أول سؤال لي هو لماذا انت قلق؟ فالهدوء الأمني غير مسبوق والجيش يعمل بحرية ضد التموضع الإيراني في سوريا، وحزب الله هاديء. القطاع والضفة هادئتا نسبيا.

“هذا ظاهرا. الاستراتيجية الإيرانية لم تتغير. بل العكس. هم يتقدمون. تصميمهم موجود وهذا لم يتحرك ميلمتر واحد. هم يسعون لجعل العالم كله شيعيا ويبدأون بالشرق الأوسط. خطتهم مرتبة، بنيوية ولا شيء بما في ذلك اعمالنا، لا يصدهم. هذا هو الواقع على الأرض”.

وصف حسون في مقابلة واسعة ومفصلة كل الحزام الناري الإيراني. في لبنان، في سوريا، في العراق، في مثلث الحدود إسرائيل – الأردن – سوريا، اين لا. تحدث عن سياسة الاحتواء الإسرائيلية. حذر. قبل وقت قصير من ذلك، عندما اجتاز مخربو حزب الله الجدار وهاجموا استحكام “جلديورا” الإسرائيلي، تلقى مقاتلونا الأوامر لاطلاق النار امام اقدامهم وتهريبهم. لا قتلهم. عندما حاولت ان استوضح في الجيش من اين جاءت هذه الانهزامية المحوا لنا ان هذه هي تعليمات المستوى السياسي. “هم يريدون الهدوء”، قال لي من قال، “الاكواخ السياحية مليئة، الجمهور مبسوط، لا يريدون اشعال الجبهة.

كانت هذه هي سياسة نتنياهو. عندما عاد الى الحكم في 2022، وصلت الأمور الى غليان حقيقي عندما استيقظنا ذات يوم وظهرت ثلاث خيام لحزب الله وفيها مقاتلون مسلحون في الجانب الإسرائيلي من الخط الأزرق. فماذا فعل نتنياهو؟ لا شيء ابدا. الان، “تبين” له بانهم بنوا حولنا حزاما ناريا، او كما تقول عقيلته “حين لا يروون له شيئا، كيف سيعرف”. او كما قال هو نفسه للجنة التحقيق في موضوع كارثة ميرون: “الاف المخاطر الأمنية. لو كانوا يقولون لي انه توشك على أن تقع كارثة رهيبة لكنت عالجتها… لو كانوا امسكوا بطرف ردائي وقالوا لي انه توشك على أن تقع مصيبة رهيبة – لكنت عالجتها”.

المشكلة هي انه في موضوع الحزاب الناري الإيراني هو نفسه امسك بطرف ردائه. حفر ونبش لنا في هذا على مدى السنين. والان هو يدعي بانه هو أيضا لم يعرف. إذن ولاجل إزالة الشك، لعلم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “ها هي عدة أمور أخرى تحصل في هذا الموضوع. اذا كنت تمر على استعراضات الاستخبارات التي تعرف لك، فانت تعرف. لكن ليس فقط استخبارات. كل ما اكتبه هنا، نشر. بعض من الامور التي قالها أفيغدور ليبرمان (الذي قدم هو الاخر تحذيرا تقشعر له الابدان عما هو مرتقب من غزة، عشية 7 أكتوبر)، الذي يتحدث مؤخرا عن تنفيذ “خطة الإبادة” الإيرانية. تفاصيل كثيرة أخرى تنشر كل الوقت في شبكات التلغرام والواتس اب لمحافل الإرهاب، ميليشيات شيعية وما شابه، بالعربية:

ايران وحزب الله سيطرا على معهد “سارس” الذي هو في واقع الامر الصناعة العسكرية السورية. نوع من “رفائيل”. الأسد اتخذ خطوة الى الوراء وأعطى رجاله نصرالله والحرس الثوري المفاتيح. في هذا المعهد ينتج سلاح كيماوي، ينتجون المنظومات التي تجعل الصواريخ دقيقة ووسائل قتالية أخرى. هذا حدث استراتيجي لتعاظم قوة محظور على إسرائيل التسليم به.

إضافة الى ذلك، حسب منشورات اجنبية، تحفر الان شبكة انفاق تؤدي من مطار دمشق الدولي الى مواقع تخزين واخفاء مختلفة في الدولة، لاجل “الالتفاف” على قصف سلاح الجو. في السنوات الأخيرة وبمعونة استخبارات دقيقة، قادرة إسرائيل على ان تقصف السلاح والوسائل المحطمة للتوازن التي تنقل الى دمشق ومن هناك تحمل على شاحنات وصولا الى بيروت. شبكة الانفاق هذه ستسمح لنصرالله بحصانة من الإصابة الإسرائيلية وتسرع تعاظم قوته. قريبا ستتمكن هذه الارساليات من النزول الى تحت الأرض فور انزالها من الطائرات وتختفي عن العين الإسرائيلية الفاحصة.

ايران وحزب الله يستخدمان مؤخرا “مسار المخدرات” بنظام الأسد، الذي احد مراكزه في مثلث الأردن – سوريا – إسرائيل، لغرض تهريب السلاح والوسائل القتالية. يدور الحديث عن تهريب لعبوات ناسفة بمواصفات رسمية، صواريخ كتف وصواريخ مضادة للدروع ووسائل أخرى عبر الأردن الى داخل الضفة، حيث يوجه كل هذا ضد قواتنا ومواطنينا. يدور الحديث عن بنية تحتية لتهريب المخدرات تعيل نظام الأسد لسنوات طويلة، والان يستخدمونها لنشر الإرهاب ضد إسرائيل، التي حاليا لا تعمل ضد هذا وتكتفي بحملات عسكرية في جنين، نابلس وطولكرم بدلا من ان تجثت الظاهرة من جذورها.

الميليشيات الشيعية التي حاولت ايران تركيزها في العراق وفي سوريا ليوم الامر ضد إسرائيل، بدأت مؤخرا بمناورات شاملة هي الأكبر منذ ان سبق أن أجريت في أي مرة. حصل هذا في دير الزور وفي أبو كمال. قوات كوماندو خاصة لسوريا تتدرب في المنطقة. الهدف: اعداد هذه القوات التي تعد عشرات الاف المقاتلين الشيعة (الذين ليسوا إيرانيين) للهجوم نحو هضبة الجولان حين تبدأ المواجهة بين إسرائيل وحزب الله في حدود لبنان، وهكذا تشل وتشغل الجيش في جبهة ثانوية بدلا من الجهد الأساس.

فماذا يفعل بنيامين نتنياهو أمام كل هذا؟ أساسا يخطب. كالمعتاد. حين كانت حاجة لتوجيه ضربة مانع على حزب الله يوم الاحد فجرا، اختار نتنياهو الخيار  “الاسهل” الذي تلقاه من الجيش. وحتى هذا وجه تعليماته بتخفيفه وتقليله في اللحظة الأخيرة، خشية أن تشتعل الجبهة لا سمح الله. انا اصغر من ان ادخل في الاعتبارات العملياتية والعسكرية في هذه الحالة. انا ادخل فقط الى الإحصاءات الجافة على مدى السنين: الرجل هو النقيد لخطاباته: جبان، واهن و “محتوي” على مدى كل حياته السياسية. اما الحساب فنحن ندفعه الان.

——————————————–

هآرتس 30/8/2024

لبيد متهماً نتنياهو أمام لجنة التحقيق: “كنت على علم بـ 7 أكتوبر قبل سنة”

شهادة رئيس المعارضة، يئير لبيد، في لجنة التحقيق المدنية لـ 7 أكتوبر، تدحض ادعاء رئيس الوزراء القائل إن المستوى السياسي لم يكن مطلعاً على وجود خطر حقيقي من حماس.

تفيد شهادة لبيد بأن السكرتير العسكري لنتنياهو، اللواء آفي غيل، أطلعه قبل نحو سنة، على خلفية الانقلاب النظامي، بأن منظمات الإرهاب تشخص “ضعفاً، وشرخاً داخلياً، وتوترات وفقدان أهلية في الجيش، إلى جانب أزمة متشكلة مع الأمريكيين”. بل وكشف عن أنه “وضعت أمامي المادة الاستخبارية لمستوى تصنيف السرية الأعلى. ولم يكن لمعناها لبس فيه: إسرائيل في مستوى خطر عال على نحو خاص”.

وادعى لبيد بأن رئيس “الشاباك” رونين بار، هو الآخر حذر نتنياهو. على حد قوله، عشية إلغاء “علة المعقولية”، التقى ببار وسمع منه تحذيرات عن التداعيات الأمنية للانقلاب النظامي وللشرخ الداخلي الذي يحدثه. وسأل بار صراحة إذا وضعت هذه التحذيرات أمام نتنياهو ووزراء الكابنيت، وكان الجواب: “بالطبع، نعم”.

وأضاف لبيد بأنه حضر مداولات لجنة الخارجية والأمن في أيلول، وهناك بلغ عن أن “الردع الإسرائيلي تآكل دراماتيكياً، أعداؤنا يعتقدون بوجود فرصة نادرة أمامهم للمس بنا”. كما أنه السبب الذي جعله يطلق تصريحات لوسائل الإعلام عقب تلك المداولات، وقال إن “كل رؤساء جهاز الأمن – الجيش، “الشاباك”، الشرطة، هيئات الاستخبارات – يحذرون الحكومة والكابنيت من اشتعال عنيف”.

تعزز شهادة لبيد الادعاء بأن قصور 7 أكتوبر هو بمسؤولية رئيس الوزراء، رغم جهد نتنياهو وحكومته المتواصل لتشويش الآثار ودحرجة الذنب على الجيش. هذا الأسبوع، نشرت تسجيلات عن لقاء بين مخطوفات عُدن من الأسر وأبناء عائلاتهم من جهة ونتنياهو من جهة أخرى، وسمعت سارة نتنياهو فيها تجيب مخطوفة أصرت على تحميل نتنياهو المسؤولية: “حين لا يروون له شيئاً، كيف سيعرف؟”.

وبالفعل، لو استجاب رئيس الوزراء للتحذيرات بدلاً من أن يبدو “متثائباً وغير مكترث بالموضوع”، على حد قول لبيد، لما تعرضت إسرائيل للضربة الأصعب في تاريخها. لو كان لنتنياهو قطرة استقامة لاستقال ولما خرج من عتبة بيته لشدة الذنب والخجل.

——————انتهت النشرة——————