مجلة أمريكية: سحب كلية “ترينيتي” الإيرلندية لاستثماراتها المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي نجاح كبير للحركة المناصرة لفلسطين

اعتبرت مجلة “ذا نيشن” الأمريكية أن قرار كلية ترينيتي في العاصمة الإيرلندية بالانسحاب من الاستثمارات المرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، بعد احتجاجات وتنظيم مخيم تضامني مع غزة في الكلية، يعد نجاحا لافتا لصالح الحركة الطلابية الداعمة لفلسطين.

وقالت المجلة إنه مع بدء الفصل الدراسي الجديد، تقول جيني ماغواير، الرئيسة الجديدة لاتحاد طلاب كلية ترينيتي في دبلن، إن الاتحاد قد تغير بشكل جذري عبر مخيم التضامن مع غزة، ولا يزال ثابتا في التزامه بفلسطين الحرة.

وأشارت المجلة إلى أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، تنشط في حرم كلية ترينيتي دبلن على مدى السنوات الثماني الماضية. وفي سنة 2022، أدت احتجاجاتها إلى سحب كلية ترينيتي لاستثماراتها في أسهم الشركات المصنعة للأسلحة بقيمة تزيد عن 2.7 مليون دولار، بما في ذلك أكثر من 788 ألف دولار مستثمرة في شركة لوكهيد مارتن، وحوالي 958 ألف دولار في شركة رايثيون تكنولوجيز، وأكثر من 185 ألف دولار في شركة بي إيه إي سيستمز، وجميعها تبيع الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة لإسرائيل.

في مايو الماضي، أصدرت الكلية اتفاقية سحب الاستثمارات، وأصبحت حركة طلاب ترينيتي واحدة من أوائل الحركات في جميع أنحاء العالم التي تمت تلبية مطالبها.

وحرص اتحاد طلبة الكلية وحملة المقاطعة الخاصة به على تنظيم اعتصامات من أجل فلسطين على مدار السنة. وقال لازلو مولنارفي رئيس اتحاد طلبة ترينيتي السابق إنه “بمجرد أن أقامت جامعة كولومبيا معسكرها، شعرنا بالإلهام لفعل الشيء نفسه. لقد شعرنا حقّا بوجود حركة جماهيرية هنا”.

وبعد قرابة عقد من حملات المقاطعة وسنة من التعبئة المتزايدة، أقام الطلاب معسكرا في ساحة فيلوز في الثالث من أيار/مايو، مطالبين كلية ترينيتي في دبلن بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل.

وفي الثامن من أيار/مايو الماضي، أصدرت الكلية اتفاقية سحب الاستثمارات، وأصبحت حركة طلاب ترينيتي واحدة من أوائل الحركات في جميع أنحاء العالم التي تمت تلبية مطالبها.

وأشارت المجلة إلى أن الاتفاقية تضمنت سحب الاستثمارات من الشركات الإسرائيلية التي لها أنشطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمدرجة على القائمة السوداء للأمم المتحدة، وقطع العلاقات مع موردها الإسرائيلي الوحيد، إنسباير ساينس، وتوسيع الدعم للطلاب الفلسطينيين، وإنشاء فريق عمل سينظر في سحب الاستثمارات من الاستثمارات المتبقية في الشركات الإسرائيلية، ومراجعة جميع الروابط الأكاديمية وبرامج تبادل الطلاب والتعاون البحثي، ويبلغ حجم هذا الأخير أكثر من 2.7 مليون دولار لتمويل مشاريع بحثية جارية تشمل الجامعات والمعاهد الإسرائيلية، بما في ذلك جامعة تل أبيب، ومعهد تكنيون-إسرائيل للتكنولوجيا، ومعهد وايزمان للعلوم، ومعهد كي للأبحاث، وجامعة بن غوريون.

وأوضحت المجلة أن هذا النصر لم يكن مضمونا، فقبل أقل من أسبوعين من الاتفاق، أخضعت الجامعة ممثلي الطلاب، بمن فيهم مولنارفي وماغواير، لجلسات استماع تأديبية، وأصدرت غرامة تزيد عن 214 ألف يورو على اتحاد الطلاب بسبب الخسائر المالية المزعومة، الناجمة عن الاضطرابات الناتجة عن الاحتجاجات على مدار السنة، لكن الغرامة لم تردع الطلاب عن التحركات المباشرة القادمة، فقد وجدوا أن الاحتجاجات المهذبة وغير التخريبية غالبا ما يتم تجاهلها.

ووفقا للتقرير، فقد أدت الغرامة التي تم سحبها لاحقا إلى غضب عام ضد الكلية، وبالتزامن مع العنف الذي مارسته الجامعات الأمريكية ضد الطلاب، أدى ذلك إلى تمهيد مسار إيجابي للاتحاد في 3 أيار/مايو.

وقالت ماغواير: “مع بدء المخيم، أدركت الكلية أننا يجب أن ننتصر؛ لأنهم بدورهم سيفوزون. لقد كان تعامل كليات الولايات المتحدة مع المخيمات مروعا للغاية ومحل إدانة دولية. ومن خلال منحنا ما أردناه بهذه السرعة، منحناهم أيضا فرصة للخروج من كابوس العلاقات العامة هذا”.

وأشار التقرير إلى كوين كاتز-زغبي، الذي ينحدر من بالتيمور بولاية ماريلاند، والذي عمل في كلية ترينيتي في سنة 2023 وانضم على الفور إلى حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات، وقال إن دعوته للتنظيم مستمدة من تقليد طويل من المناصرة داخل عائلته؛ والده يهودي أمريكي، ووالدته لبنانية أمريكية، وجده يدير المعهد العربي الأمريكي.

وقال كاتز-زغبي، الذي يشغل الآن منصب رئيس حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات في كلية ترينيتي في بالتيمور: “لم أختر حقًا الانخراط في هذا النوع من الدعوة، لقد نشأت معها”.

كان كاتز-زغبي في منزله في بالتيمور في أثناء المخيم، الذي تزامن تقريبا مع المظاهرات في جامعة جونز هوبكنز والجامعة الأمريكية وجامعات أخرى في منطقة العاصمة، التي قوبل العديد منها بوحشية من الشرطة.

وقال في حديثه للمجلة: “نظرا لكوني قادما من سياق أمريكي، فقد كان عليّ أن أعيد تنظيم عقلي لأفهم أنه من الناحية الواقعية، لن تأتي الشرطة وتبدأ في تحطيم الرؤوس. نحن حركة عالمية، لكن ظروفنا المادية مختلفة تماما عن أمريكا”.

الظروف التي وافقت فيها جامعة ترينيتي على سحب الاستثمارات تختلف عن ظروف الجامعات الأمريكية، لا سيما في ما يتعلق بالعنف الذي تمارسه الدولة على الطلاب

وأفادت المجلة بأن الظروف التي وافقت فيها جامعة ترينيتي على سحب الاستثمارات تختلف عن ظروف الجامعات الأمريكية، لا سيما في ما يتعلق بالعنف الذي تمارسه الدولة على الطلاب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. مع ذلك، تشير إنجازات جامعة ترينيتي إلى تحول أوسع في الوعي العام.

وأكد مولنارفي: “هذه حركة عالمية، وترينيتي ليست سوى جزء صغير منها. وبجهودنا المشتركة، يمكن أن تكون أخيرا بداية لفقدان إسرائيل الشرعية الاجتماعية، بسبب ما تفعله بالفلسطينيين منذ أكثر من 76 سنة”.

وقالت ماغواير إن العلاقة بين الاتحاد والجامعة حاليا علاقة بناءة، لكن ذلك مؤقت. وأكدت أن الجامعة تخلصت بالكامل من الاستثمارات في الأراضي المحتلة في حزيران/ يونيو.

وأكدت ماغواير أن “كل شيء يسير وفقا للخطة، لكن الاتحاد ليس ساذجا.. وإذا فشلت كلية ترينيتي في الوفاء بوعدها في ما يتعلق بسحب الاستثمارات بالكامل، أو إذا بدا أن فريق العمل غير فعال، فإن الاتحاد سيتخذ إجراء”.