الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 10/9/2024

هكذا نحسم كل الجبهات

بقلم: يوعاز هندل

سأقدم في هذه السطور قائمة تقنية من أجل الحسم. لماذا أفعل هذا هنا؟ لأن عدم الثقة بالزعامة يفرض نقاشاً منطقياً عاماً. يطرح عدد قليل من الشخصيات العامة أهدافه على الطاولة. وأضحى الجدل بشأن محور فيلادلفيا سبيلاً للهرب من الواقع. السياسيون الذين اختفوا في 7 تشرين الأول غائبون الآن، ولا يقولون للجمهور ماذا يريدون. نحن نُجري نقاشاً سطحياً بشأن محور تكتيكي. من الأسهل لرئيس الحكومة و”الكابينيت” التهرب من اتخاذ قرارات تتعلق بتحديات كبيرة، مثل “حزب الله” وإيران، وحتى شمال القطاع. لقد أصبح محور فيلادلفيا ملاذاً يهرب إليه أيضاً المعارضون للحكومة، كأن الانسحاب منه سيعيد المخطوفين. وفي الحقيقة، لا يوجد نقاش حقيقي، بل فوضى.

أولاً، لنقدم صورة للوضع: في الشمال، أدى خيار للحكومة الإسرائيلية، بشأن الامتناع من تدمير البنية التحتية للعدو في لبنان إلى حرب استنزاف في مواجهة “حزب الله”.

وتحوّل الجليل من منطقة مزدهرة إلى منطقة قتال. ومن بين الأخطاء الكبيرة التي يجب التحقيق فيها عملية إجلاء السكان، والتخلي عن المستوطنات. لقد تحوّل الجليل إلى أرض مهجورة.

في الضفة الغربية، هناك تدخّل إيراني من أجل إعادة انتفاضة الانتحاريين، والسبب الوحيد الذي يمنع ذلك هو الرد العسكري العنيف.

في غزة، دمرنا معظم القدرات العسكرية لـ”حماس”. وتمركزنا في محورين مركزيَّين. وهنا بدأ المستوى السياسي بالمراوحة. المخطوفون موجودون في أماكن من الصعب الوصول إليها دون تعريض حياتهم للخطر.

الآن، ما هي القرارات المطلوبة من “الكابينيت”؟ الجزء الأول والأكثر أهمية هو تدفيع “حزب الله” وإيران ثمناً. وليس هناك أيّ منطق في إجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين عن منازلهم سنة تقريباً. وهروب نتنياهو والحكومة نحو الاهتمام بغزة لن يغيّر شيئاً. يجب أن يكون الهدف تدمير البنى التحتية المدنية والعسكرية في بيروت. لا يمكن لهذه الدولة مهاجمة إسرائيل والنجاة من العقاب.

والسبيل إلى تحقيق ذلك هو توجيه إنذار إلى “حزب الله” كي يسحب قواته إلى ما وراء نهر الليطاني.

ومن المعقول ألّا يستجيب لذلك، وبذلك تقصر الطريق إلى شنّ حرب سيدفع لبنان وحكومته ثمناً باهظاً جرّاءها.

هل سيكون لهذه الخطوات ثمن؟ نعم، يملك “حزب الله” عدداً كبيراً من الصواريخ التي جمعها طوال أعوام، لكن دفن الرأس في الرمل لا يساعد كثيراً.

وهذه القرارات المطلوبة في غزة. ويجب أن تكون القواعد التوجيهية هي: السيطرة أعواماً طويلة، وجباية ثمن باهظ على صعيد الوعي، وضغط مكثف لإعادة المخطوفين، فضلاً عن مرونة تكتيكية في المفاوضات لإعادتهم. وهذه هي الخطوات التفصيلية:

– سيطرة الجيش الإسرائيلي وتمركُزه على سلسلة الهضاب 70 و80، وهي منطقة مرتفعة، نسبياً، عن السياج الحدودي ضمن كيلومتر، أو كيلومترَين، ومشرفة على القطاع؛ والسيطرة على محور نتساريم الذي يقطع القطاع، ومحور فيلادلفيا الذي يقع على خط التهريب. واقتحامات وهجمات على سائر المناطق عند الحاجة.

– جباية الثمن على صعيد الوعي؛ ومن أجل الضغط على المفاوضات، يتعين على إسرائيل أن تُظهر استيلاءها على مناطق في القطاع. ويجب أن نُظهر السيطرة الإسرائيلية على سلسلة الهضاب وتوزيع الأراضي الزراعية على الكيبوتسات، أو على خلايا مختارة. ويجب أن نعتمد خطة غيورا أيلاند وغيرشون هكوهين في شمال القطاع، وهي: تحويل مدينة غزة إلى منطقة خالية من السكان. وتوجيه إنذار إلى 200 ألف غزّي لا يزالون في المدينة والطلب منهم التوجه جنوباً.

– مرونة في استعادة المخطوفين؛ وهي التزام أخلاقي وجزء من أهداف الحرب. يمكن الموافقة في كل لحظة على انسحاب تكتيكي من مناطق في القطاع من أجل المفاوضات في مقابل تحرير مخطوفين، بما في ذلك محور فيلادلفيا (بشرط الاتفاق على العودة إليه).

الأهداف العليا هي:

قطاع غزة مقطّع الأوصال ومنزوع السلاح في الأعوام القادمة.

استعادة المخطوفين.

وجود عسكري دائم.

يوجد كثير من القرارات التي كان يتعين على “الكابينيت” اتخاذها، مثل زيادة حجم قوات الجيش عبر إصلاح الحماقة وعدم المساواة في تحمُّل العبء، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية فوراً لمعالجة الإخفاقات، وتحديد موعد متفق عليه للانتخابات.

إن تركيبة الحكومة غير منطقية، وعجزها عن القيادة، جعلني أركز على القرارات العسكرية في “الكابينيت”.

إذا كانت الحكومة الإسرائيلية غير مؤهلة لتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية، بل معالجة فقط لمحور واحد، فإننا لن نحقق الحسم، بل سنغرق في حرب استنزاف طويلة…

——————————————–

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 10/9/2024

الانفراج في الشرق الأوسط الخطوط العريضة لطابعه وعواقبه بالنسبة لإسرائيل

بقلم: يوئيل جوزانسكي وراز تسيميت وجاليا ليندنشتراوس

بعد حوالي خمس سنوات منذ ترسيخ اتجاه الانفراج في الشرق الأوسط، فإن نجاحه، بالإضافة إلى الحرب بين إسرائيل وحماس، يساهم في عزلة إسرائيل في المنطقة. وفي هذا المقال سيتم تقييم انعكاساته على الوضع الاستراتيجي للدول العربية، والتأكيد على أهمية تعزيز التطبيع بينها وبين إسرائيل، وخاصة مع السعودية، من أجل كبح جماح جهود إيران لتعزيز علاقاتها مع حلفائها بطريقة يمكن أن تعرض إسرائيل للخطر.

شهدت خريطة الترتيبات في الشرق الأوسط تغيرات كبيرة في السنوات الأخيرة. واتخذت الدول العربية الرئيسية، وكذلك إيران وتركيا، خطوات نحو تخفيف التوترات بينها. وبعضها ذهب إلى ما هو أبعد من مجرد الحد من التوترات، حيث جدد العلاقات الدبلوماسية، وعمق العلاقات الاقتصادية، بل وفي العديد من الحالات بدأ التعاون الأمني. كل ذلك، على خلفية التطلع إلى إنهاء نحو عقد من الصراعات واختيار الحوار والتعاون. فالأمر لا يتعلق بقرارات ذات قيمة أخلاقية أو مصالحة عميقة على أساس أيديولوجي أو ديني، على سبيل المثال بين السنة والشيعة، بل باعتبارات نفعية تهدف إلى تحسين وضعهم الاستراتيجي.

الدوافع الرئيسية للانفراج

شكوك حول الدعم الأميركي. إن علامة الاستفهام المدمجة فيما يتعلق بالدعم الأمني ​​الأمريكي بين حلفائها التقليديين تجبرهم على محاولة تحسين وضعهم بأنفسهم. إن تحسن العلاقات بين دول الخليج وإيران هو جزء من التحوط المقبول من المخاطر لدول الخليج، وكذلك موطئ القدم الذي تسمح به للصين وروسيا، اللتين تسعيان من جانبهما إلى زيادة نفوذهما في المنطقة على حساب الولايات المتحدة في المنطقة. فعلى سبيل المثال، في عام 2023 كانت الصين وصيفة اتفاق تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، وروسيا هي التي توسطت بين السعودية وسوريا.

الاهتمام بالشؤون الداخلية. وللدول العربية مصلحة في تخفيف حدة الصراعات الخارجية أيضاً من أجل توجيه الاهتمام إلى المعالجة الأمثل للقضايا الداخلية المشتعلة. وتسعى البلدان الفقيرة أو تلك التي كانت تعاني من أزمة اقتصادية إلى إعادة التأهيل الاقتصادي، وهناك رغبة واضحة بين الدول الغنية المنتجة للنفط في تحقيق مشاريع، بعضها طموح للغاية، يُنظر إليها على أنها مهمة لاستقرارها وازدهارها في المنطقة على المدى الطويل.

تعزيز قوة إيران ووكلائها في المنطقة. إن التهديد الذي تفرضه إيران يدفع جيرانها إلى التعامل معه بطريقة محسوبة وتجنب تصعيد التوترات معها، والاعتراف بقوتها، بما في ذلك وضعها النووي، والاعتراف بأن التحركات الاقتصادية الرامية إلى وقفها ربما تكون قد استنفدت. كما يخشى بعضها، وبالتأكيد دول الخليج، من تصاعد التوتر في الصراع بين إيران وإسرائيل، وتهدف من خلال تحسين علاقاتها مع إيران إلى النأي بنفسها، قدر الإمكان، عن أي صراع إقليمي يمكن أن يضر بها.

الانفراج في المنطقة العربية

كانت الطلقة الأولى للانفراج في نهاية عام 2018 وبداية عام 2019 عندما انتهى الحوار الإماراتي مع نظام الأسد، مما أدى إلى إعادة فتح سفارتها في دمشق وتسريع الحوار بين نظام الأسد ودول المركز العربي، بقيادة السعودية. ووصلت عملية عودة سوريا إلى العالم العربي إلى ذروتها الحالية مع عودتها إلى الجامعة العربية عام 2023 في قمة عقدت في الرياض بمشاركة الرئيس السوري. عملت معظم الدول العربية، التي حاولت بعضها إسقاط نظام الأسد، على تجديد العلاقات الدبلوماسية معه، بل وبدأت بتقديم مساعدات اقتصادية له. والاستثناء الأبرز في هذا السياق هو قطر التي تصر على إزاحة الأسد، بحسب رأيها، لجرائمه ضد الإنسانية، كشرط لتجديد العلاقات بين البلدين.

وبعد مفاوضات مطولة بقيادة السعودية، جددت عدد من الدول العربية المركزية علاقاتها مع قطر أيضا، بعد حصار سياسي واقتصادي فرض على الإمارة عام 2017. وأسفر اتفاق عقد  بي يناير 2021 عن تجديد العلاقات وعودتها إلى مسارها الطبيعي. وتحسنت العلاقات بين قطر ومصر والمملكة العربية السعودية مقارنة بالسنوات التي سبقت الأزمة. ومن ناحية أخرى، فإن العلاقات بين قطر والبحرين تتحسن تدريجياً ولكن ببطء. ولم توافق البحرين وقطر على إعادة سفيريهما إلى الدوحة والمنامة إلا في يوليو/تموز 2024، أي بعد مرور أربع سنوات ونصف على توقيع اتفاق المصالحة.

ويتعلق تطور آخر باتفاق أبريل 2022 بين المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن. وتوصل الطرفان إلى تفاهمات تتضمن وقف إطلاق النار المستمر حتى الآن. وتحرص الرياض منذ فترة طويلة على ترك الحرب في اليمن خلفها، والتي كلفتها ثمناً اقتصادياً وأمنياً وصورياً باهظاً، وهو هدف تتقاسمه الولايات المتحدة المهتمة بإنهاء الحرب التي زعمت انه راح ضحيتها ما يقرب من 150 ألف ضحية بشكل مباشر وضعف هذا العدد بشكل غير مباشر – والتركيز على تنفيذ الإصلاحات الداخلية والمشاريع الطموحة. ولم يؤد انضمام الحوثيين إلى الحرب ضد إسرائيل وانتهاكهم حرية الملاحة في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، رغم تهديدات الحوثيين، إلى تجدد القتال ضد السعوديين.

بين إيران والدول العربية

ويتضمن اتجاه الانفراج أيضاً، وربما في المقام الأول، تخفيف التوترات وتحسين العلاقات بين إيران والدول العربية السنية، وفي مقدمتها دول الخليج. وفي هذا السياق، بدأ الانفراج في سبتمبر/أيلول 2019، عندما تعرضت منشآت النفط الرئيسية في السعودية لهجوم إيراني وعدم وجود رد أمريكي على هذا الهجوم. الهجوم على مستجمع المياه في المملكة دفع قيادتها، وخاصة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى الاعتراف بالتفوق العسكري الإيراني. وهو ما أحدث انعطافاً سعودياً في العلاقة مع إيران، شمل محاولات التفاوض (التي نضجت في نهاية المطاف) والتصريحات التصالحية تجاه إيران، خاصة فيما يتعلق بأهمية التعاون بين الدول. وليس من الواضح ما إذا كان ذلك أدى أيضًا إلى إنهاء أو تقليل الدعم السعودي للعناصر التخريبية في إيران.

وترى إيران أن هذه العملية، التي بلغت ذروتها بتجديد العلاقات مع السعودية في مارس/آذار 2023، تمثل فرصة لتحسين وضعها الإقليمي وتعزيز الردع ضد إسرائيل. وذلك، خاصة في ظل عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والجهود التي تبذلها إسرائيل لتعزيز تحالف إقليمي مناهض لإيران. وبقدر ما يتعلق الأمر بإيران، فإن تحسين العلاقات مع العالم العربي يُنظر إليه على أنه إنجاز سياسي وتعبير آخر عن تغيير ميزان القوى الإقليمي لصالحها واعتراف متزايد بموقفها من قبل الدول العربية، بما في ذلك تلك المرتبطة بالمعسكر الغربي – بما في ذلك مصر والمملكة العربية السعودية. إن تحسين العلاقات بين إيران والدول العربية قد يوفر لها فرصة لتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية في المنطقة في إطار “اقتصاد المقاومة” الذي يركز بشكل أساسي على زيادة الاعتماد على الذات وتقليل الاعتماد الاقتصادي على الدول الغربية من خلال تنويع مصادر الدخل وزيادة التجارة مع الأسواق الإقليمية. لكن حتى الآن تحسن العلاقات بين إيران وجيرانها، بما في ذلك تجديد العلاقات مع المملكة العربية السعودية، لم يؤد إلى النتائج الاقتصادية المرجوة لإيران. وذلك في ظل عدم رغبة السعودية في الاستثمار في الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات المفروضة على إيران والمشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الإيراني.

ربما كان تجديد العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس/آذار 2023 هو الأهم في إطار الانفراج حتى الآن، حيث أن المنافسة الأيديولوجية والجيواستراتيجية بينهما كانت عاملاً إقليمياً رئيسياً في العقود الأخيرة. وكما ذكرنا، فقد بدأت المملكة العربية السعودية عملية التقارب، والتي شملت حتى الآن إعادة فتح البعثات الدبلوماسية، والتصريحات الإيجابية لكبار المسؤولين في البلدين، والزيارات التاريخية، ولكن ليس أكثر من ذلك بكثير. ولا تراود الرياض أي أوهام بشأن القدرة على إحداث تغيير في السياسة الإيرانية في المنطقة، وما زال الاتفاق في حد ذاته إنجازا خفف التوترات وحسن الوضع الاستراتيجي للمملكة، خاصة على خلفية تزايد التوترات الإقليمية في أعقاب حرب السيوف الحديدية. حتى المساعدات الأمريكية الواسعة لإسرائيل منذ أكتوبر 2023 لا تغير بشكل كبير تصور السعودية للشك فيما يتعلق بالدعم الأمريكي، لأن التناقض مع عدم وجود رد أمريكي على هجوم على أراضي المملكة العربية السعودية في عام 2019 يؤكد فقط تفرد الحالة الإسرائيلية.

وقد تزايدت جهود إيران لتحسين علاقاتها مع العالم العربي في أعقاب الحرب في غزة. منذ 7 أكتوبر 2023، تقود إيران حملة سياسية بهدف إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن من أجل الحفاظ قدر الإمكان على القدرات الحكومية والعسكرية لحركة حماس. ومنذ اندلاع الحرب، سلط كبار المسؤولين الإيرانيين الضوء على التقارير المتعلقة بتجميد اتصالات التطبيع الإسرائيلية مع السعودية، وقدموها كدليل آخر على نجاح حماس وضعف إسرائيل. وفيما يتعلق بإيران، تقدم الحرب في غزة دليلاً آخر على عدم جدوى التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل. وهذا يتوافق مع كلام المرشد علي خامنئي الذي صرح قبل أيام قليلة من هجوم حماس أن تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني هو من باب “الرهان على حصان مصيره الخسارة”. ويمكن العثور على تعبير عن جهود إيران المستمرة لتعزيز علاقاتها مع دول المنطقة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الذي صرح في أغسطس 2024 بأن إيران تسعى جاهدة لرفع مستوى علاقاتها مع دول المنطقة. مصر وأن إيران والبحرين اتفقتا على العمل على حل خلافاتهما وتجديد علاقاتهما. ومن الواضح أن الحكومة الجديدة في طهران، بقيادة مسعود بازخيان، ملتزمة بمواصلة اتجاه تحسين العلاقات، كما ظهر خلال فترة حكومة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي.

بين تركيا والدول العربية

أدت طموحات تركيا الإقليمية المتزايدة ودعمها لقطر خلال سنوات المقاطعة، ولحركة الإخوان المسلمين بشكل عام، إلى وصول التوترات بينها وبين بعض دول الخليج ومصر إلى ذروتها بين عامي 2017-2021. ومنذ ذلك الحين، تحسنت العلاقات بين الطرفين، وأصبحت الزيارات رفيعة المستوى متكررة. وكانت تركيا، التي تعاني من أزمة اقتصادية، بحاجة إلى المساعدة والاستثمارات في مجالها، وفي مارس 2024، تم الاتفاق على بدء اتصالات رسمية بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن اتفاقية التجارة الحرة. من وجهة نظر دول الخليج، تعتبر صناعة الأسلحة التركية جذابة، وفي عام 2024 تم توقيع اتفاقية لبيع طائرات بدون طيار إلى المملكة العربية السعودية (أكبر اتفاقية تصدير دفاعية في تاريخ تركيا، والتي تتضمن نقل التكنولوجيا و الإنتاج الجزئي على الأقل في المملكة العربية السعودية). يمكن أن يفسر الاهتمام المصري بالطائرات بدون طيار التركية أيضًا بعض دوافع ذوبان الجليد بين تركيا ومصر منذ عام 2022.

وعلى الرغم من أن الخلافات بين تركيا وسوريا لا تزال كبيرة، إلا أن الجهود واضحة، من بين أمور أخرى من خلال الوساطة الروسية، لتحقيق ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين. حتى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال صراحة في بداية تموز/يوليو 2024 إنه من المتوقع أن يتم قريبا توجيه دعوة للحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد. وتتمثل أبرز نقاط الخلاف في مناطق السيطرة التركية شمالي سوريا والمطلب السوري بانسحاب القوات، فضلاً عن الطلب التركي بعودة ملايين اللاجئين السوريين إلى أراضيها. لكن الأسد نفى في خطاب ألقاه أمام البرلمان السوري في 25 أغسطس/آب أن يكون هناك مطلب بالانسحاب التركي كشرط لإجراء المفاوضات. وإذا تمكن الطرفان من التغلب على العقبات القائمة في طريق تجديد العلاقات، فستتمكن تركيا من إصلاح علاقاتها مع جميع الدول العربية، التي تضرر بعضها بشدة بسبب تبعات الربيع العربي، الذي أدى، من بين أمور أخرى، إلى حروب أهلية تحولت إلى صراعات على النفوذ الإقليمي.

الانفراج حتى الآن

وفيما يتعلق بالدول الشريكة في الانفراج الإقليمي، فقد تحققت أهدافه. وهذا وضع يعود بالفائدة على الجميع، فقد أخرج بعضهم من العزلة السياسية، وحسن الظروف الاقتصادية للبعض الآخر، والوضع الأمني ​​للبعض الآخر. وفيما يلي بعض النقاط البارزة التي تميزه:

لقد أدت الظروف المختلفة، وخاصة عواقب حرب “السيوف الحديدية”، إلى حقيقة أن إسرائيل، على الأقل في الآونة الأخيرة، أصبحت أكثر عزلة في المنطقة. ومع ذلك، استفادت إسرائيل بشكل غير مباشر من حاجة الدول إلى تحسين وضعها الاستراتيجي، كما في حالة ذوبان العلاقات بين إسرائيل وتركيا في عام 2022 إلى أكتوبر 2023.

إن الانفراج، كما يطلق عليه، هو الحد من التوترات: والغرض منه في نظر البلدان الشريكة، والتي لا يزال بعضها منافسًا تحت السطح، ليس أن تصبح صداقات متينة، بل تعزيز العلاقات الطبيعية قدر الإمكان من أجل تحقيق السلام. لتحقيق الأهداف المشتركة.

ورغم أهدافه المحدودة، يبدو أن بعض الدول تريد أن تصب فيه محتوى يفوق ما كان متوقعا منذ البداية. يستمر هذا الاتجاه وتريد دول أخرى الانضمام إليه.

وتشارك الجهات الفاعلة غير الحكومية أيضًا في الانفراج. على سبيل المثال، يمكن أن تشمل الاتصالات بين المملكة العربية السعودية وحماس، وبين الإمارات العربية المتحدة وحزب الله، قبل وأثناء حرب “السيوف الحديدية”.

وقد خفف الانفراج من الوضع الاستراتيجي للعديد من الدول العربية، ولو إلى حد ما، حيث سمح لها بالابتعاد عن عواقب حرب السيوف الحديدية، وخاصة خطر توسيع الحرب إلى أراضيها.

وفي قلب الانفراج في الشرق الأوسط تكمن الحاجة الأساسية للدول إلى التحوط من المخاطر، وهي تفعل ذلك بوتيرة متسارعة. لا يمكن التقليل من أهمية هذا الاتجاه، على الرغم من أنه، كما ذكرنا، لحظي و”على السطح”. في الشرق الأوسط ظلت هناك نقاط احتكاك كانت إنجازاته محدودة فيها. الأمر نفسه ينطبق على العراق، الذي تعتبره إيران مجال نفوذ رئيسيا، لكنه أيضا ذو أهمية كبيرة لتركيا ودول الخليج تريد النفوذ هناك. وفيما يتعلق أيضًا بليبيا، حيث هناك احتمال لتدهور كبير والعودة إلى الوضع الذي كانت عليه البلاد قبل وقف إطلاق النار عام 2020، وهو الوضع الذي قد يؤدي أيضًا إلى الاحتكاك التركي المصري مرة أخرى. أبعد من ذلك، فإن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على خلفية حرب “السيوف الحديدية” تخلق صعوبات كبيرة لمصر، في ظل الأضرار التي لحقت بأرباح قناة السويس.

اسرائيل و الانفراج

على الرغم من أن إسرائيل ليست جزءًا أساسيًا من اتجاه الانفراج، الذي هو في الأساس عملية إسلامية داخلية، إلا أنها تتأثر أيضًا بهذه العملية. فالاستفادة من الوضع الاستراتيجي لدول الخليج، وخاصة السعودية، نتيجة الاتفاقات مع إيران والحوثيين، إيجابية في نظر إسرائيل، لأنها تعزز الدول التي تعتبر مقاربتها لها اليوم معتدلة نسبيا. إضافة إلى ذلك، فإن تحسن العلاقات بين إيران ودول الخليج لا يشكل في حد ذاته عائقاً أمام تحسين العلاقات بينها وبين إسرائيل. بل يمكن القول إن الترتيبات الرسمية بين إيران والدولة الخليجية قد تكبل أيدي إيران عن محاولات المساس بها، خاصة إذا رافقتها جزرات، رغم أنها تكسر جدار العزلة السياسية حولها. علاوة على ذلك، فإن الانفراج لا يمنع انتقادات إيران وتركيا بأن الدول العربية على علاقات مع إسرائيل أو أنها لا تتخذ موقفا قويا بما فيه الكفاية ضد إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية منذ اندلاع حرب “السيوف الحديدية”، لكنه يلجم ويحد من هذه الانتقادات في مستوى مقبول بالنسبة للدول العربية.

ترغب الدول العربية في الحفاظ، في الوقت نفسه، على شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة، التي تعد إسرائيل جزءًا منها والتي تجلت، على سبيل المثال، في الصراعات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، والحفاظ على وتحسين العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بينها وبين إيران وتركيا. لكن تواجد إيران في منطقة العتبة النووية وزيادة نفوذها الإقليمي قد يدفع عدداً من الدول العربية، بسبب الخوف، إلى الاقتراب منها، وبسبب الضغوط من اتجاهها، إلى تبريد علاقاتها مع إسرائيل، على الأقل على المستوى العام. علاوة على ذلك، مع تحسن الوضع الأمني ​​في الدول العربية بفضل الانفراج، يمكن القول إنها تحتاج إلى مساعدات إسرائيلية أقل.

على مر السنين، نسبت إسرائيل فوائد فصل الصفوف في المنطقة العربية، ومن الممكن أن هذا التصور لا يزال قائما. ومن وجهة النظر هذه فإن الانفراج الإقليمي لا يخدم مصالحها، وبالتأكيد عندما يتعلق الأمر بتحسين العلاقات بين الدول الإسلامية والعربية دون تدخل أميركي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتحسين العلاقات، حتى ولو على السطح، بين إيران والمنطقة العربية. علاوة على ذلك، وبقدر ما لا تصبح إسرائيل شريكاً في الانفراج، وما دام اتجاهها نحو العزلة يتعمق، فإن التصور بأن الانفراج يضر بالمصالح الإسرائيلية سوف يتعزز.

ومع ذلك، ونظرًا لأن هذا الاتجاه مدفوع باحتياجات عميقة ومستمرة للدول المركزية، فإنه يتطلب اهتمامًا إسرائيليًا، وبالتأكيد في ضوء عواقبه على محاولات إسرائيل المستمرة للاندماج في المنطقة وعلى قدرتها على التعامل مع أعدائها. يؤكد الانفراج على أهمية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، مع التركيز على المملكة العربية السعودية وفي الترتيب مع الفلسطينيين – خاصة من أجل أن يكونوا جزءًا من بديل إقليمي للمحور الموالي لإيران.

بما أن مبادرة إدارة الرئيس بايدن لتعزيز التطبيع الإسرائيلي السعودي لا تزال مطروحة على الطاولة، يجب على المرء أن يفكر في كيفية مواءمتها مع اتجاه الانفراج. فمن ناحية، حتى قبل توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، أثبتت السعودية (على سبيل المثال في 14 أبريل 2024) أنها شريك أمني مهم وموثوق لإسرائيل والولايات المتحدة والإمكانات الأمنية الكامنة في تعميق العلاقات معها. ومن ناحية أخرى، فإن تعميق التعاون مع إسرائيل، باتفاق التطبيع بين الدول وبدونه، سيجعل من الصعب على السعودية في كل ما سبق الحفاظ على علاقات طبيعية مع إيران وإسرائيل في نفس الوقت والاستمرار في المناورة بين الطرفين كما كان من قبل .

——————————————–

هآرتس 10/9/2024

الحكم العسكري في قطاع غزة له ثمن باهظ

بقلم: يوئيل زنغر

عندما قامت اسرائيل بالسيطرة على القطاع في 1967 سارعت الى اقامة حكم عسكري هناك، مثلما فعلت في كل المناطق التي احتلتها في الحرب. على رأس جهاز الحكم العسكري وقف قائد المنطقة، وقطاع غزة تم تقسيمه الى محافظات يقف على رأس كل واحدة منها قائد. في اطار الحكم العسكري عملت ايضا ادارة مدنية، وقف على رأسها موظفون من اسرائيل، لكن الاغلبية كانت تتكون من موظفين فلسطينيين الذين عملوا في معظمهم في السابق في الادارة المدنية في القطاع. على الفور عند بداية الاحتلال وحسب تعليمات القضاء الدولي فان قائد المنطقة أخذ كل صلاحيات الحكم التي كانت قبل ذلك من قبل الحكومة المصرية وخول معظمها لموظفي الحكم الاسرائيلي، رجال الجيش والمدنيين الذين عملوا تحته.

الحكم العسكري الاسرائيلي بقي في هذا الاطار حتى العام 1994، بعد ذلك تم نقل معظم الصلاحيات للسلطة الفلسطينية وفقا لاتفاق اوسلو. بالمناسبة، ايضا عندما احتلت اسرائيل قطاع غزة 1956 في عملية “كديش” فقد اقامت حكم عسكري عمل الى حين استكمال الانسحاب من شبه جزيرة سيناء في العام 1957. في المقابل، بعد أن احتل الجيش الاسرائيلي القطاع في حرب “السيوف الحديدية” لم تقم اسرائيل باقامة في المنطقة حكم عسكري، ووزير الدفاع يوآف غالنت اعلن في 15 أيار 2024 بأن اسرائيل يجب عليها أن تمتنع عن اقامة مرة اخرى حكم عسكري في المنطقة “في اليوم التالي”، وبدلا من ذلك يجب عليها الدفع قدما ببديل آخر للحكم. وكما كتب بار بيلغ ويونتان ليس (“هآرتس”، 15/5)، هكذا برر غالنت موقفه الذي يبدو أنه يمثل موقف جهاز الامن ايضا: حكم عسكري اسرائيلي في غزة سيصبح الجهد الامني الرئيسي لاسرائيل في السنوات القادمة على حساب جبهات اخرى، وسيكلف الدماء والضحايا وسيستدعي ثمن اقتصادي باهظ”.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يسعى الآن الى اقامة سيطرة عسكرية اسرائيلية في قطاع غزة، حتى بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي في اعقاب اتفاق مع حماس، هذا اذا تم في أي يوم التوصل الى مثل هذا الاتفاق، أو بشكل احادي الجانب كما حدث في العام 2005.

كما حلل الوف بن (“هآرتس”، 21/8) فان هذا الهدف يتبين من مطالبة نتنياهو التي لا هوادة فيها الاحتفاظ بالسيطرة في محور فيلادلفيا وممر نتساريم في “اليوم التالي”. معنى الحفاظ على سيطرة اسرائيل في غزة في “اليوم التالي”، مثلا عن طريق السيطرة على محور فيلادلفيا وممر نتساريم، هو أن كل المنطقة ستبقى محتلة من قبل اسرائيل حتى لو قام الجيش الاسرائيلي بسحب معظم قواته من هناك، لأن الاختبار القضائي الذي يحدد المنطقة اذا كانت منطقة محتلة، هو اختبار منطقي ويتعلق بسؤال واحد هو هل يوجد للجيش الاجنبي، الجيش الاسرائيلي في هذه الحالة، سيطرة ناجعة على الارض.

لا توجد حاجة الى أن يتواجد الجيش في كل نقطة على الارض من اجل اعتبار هذه المنطقة محتلة، يكفي أن يسيطر على عدد من الاماكن الاستراتيجية على الارض أو في محيطها، وهكذا يمنع أي قوة عسكرية اخرى من السيطرة عليها. منذ اللحظة التي تعتبر فيها أي منطقة منطقة محتلة تسري عليها احكام القانون الدولي التي تتناول الاحتلال العسكري (أو السيطرة الحربية) حسب تعبير القضاء الرسمي.

هذه الاحكام ترتكز في الاساس على ميثاق جنيف الرابع حول حماية المدنيين في فترة الحرب من العام 1949، الذي في اساسه هذه المهمة ملقاة على الاحتلال من اجل اعادة النظام الى ما كان عليه والاهتمام بالاحتياجات للمدنيين في المنطقة المحتلة (اسرائيل قالت حتى في العام 1967 بأنها بسبب مطالبتها بالسيادة في الضفة الغربية وغزة فان هذه المناطق غير محتلة وميثاق جنيف لا يسري عليها، لكنها تعهدت للمجتمع الدولي بأن تعمل فيها وفقا للتعليمات الانسانية في الميثاق).

هل يوجد أي تناقض بين نية رئيس الحكومة الحفاظ على سيطرة اسرائيل عسكريا في قطاع غزة، أي مواصلة احتلال المنطقة في “اليوم التالي” وبين تطلع وزير الدفاع الى عدم اقامة حكم عسكري في المنطقة؟.

كالعادة الجيش المحتل يقوم بانشاء حكم عسكري في المنطقة المحتلة من اجل التسهيل على تطبيق الواجبات القانونية الملقاة عليه. ولكن لا يوجد واجب فعل ذلك، شريطة أن ينفذ المحتل الواجبات حسب القانون الدولي بهذا الشكل أو ذاك. على سبيل المثال، في حرب لبنان الاولى في 1982 احتل الجيش الاسرائيلي مناطق واسعة في لبنان، وانسحب منها نهائيا فقط في العام 2000. في فترة الـ 18 سنة هذه لم ينشيء الجيش الاسرائيلي هناك حكم عسكري في اراضي لبنان التي تم احتلالها. هذا الامر مكنه بالاساس لأنه في كل تلك الفترة الحكومة في لبنان استمرت بتوفير احتياجات السكان في المنطقة المحتلة بدون ازعاج من قبل الجيش الاسرائيلي، وحتى بتشجيع منه.

لكن حكم غزة ليس مثل حكم لبنان في حينه. في غزة لا توجد الآن حكومة شرعية يمكنها الاستمرار بتوفير احتياجات السكان.

مثال آخر هو المناطق ب في الضفة الغربية، التي فيها حسب اتفاق اوسلو الجيش الاسرائيلي استمر في السيطرة الامنية، لكنه سحب الحكم العسكري ونقل للسلطة الفلسطينية المسؤولية عن الشؤون المدنية. لكن مرة اخرى ليس حكم غزة مثل حكم المناطق ب في الضفة بسبب معارضة نتنياهو ادخال السلطة الفلسطينية الى غزة (“أنا غير مستعد لاستبدال حماستان بفتحستان”).

توجد امام اسرائيل ثلاثة احتمالات. اذا كانت تريد القاء المسؤولية القانونية عن نفسها للاهتمام بكل احتياجات سكان القطاع، بما في ذلك المسؤولية عن التعليم المنظم في المدارس وترميم المستشفيات وتوفير الغذاء والكهرباء والمياه، فانه يجب على اسرائيل استكمال الانسحاب الكامل من القطاع، ومحظور عليها السيطرة عسكريا على المنطقة، سواء بواسطة الحفاظ على السيطرة في محور فيلادلفيا وفي ممر نتساريم أو بطريقة اخرى. في هذه الحالة فان اسرائيل يمكنها القول بأنه لأن الاحتلال انتهى فانه لا يوجد أي واجب ملقى عليها لمعالجة شؤون السكان المحليين، شريطة أن لا تزعج جهات اخرى في القيام بذلك.

في المقابل، اذا اعتقدت اسرائيل أنه يجب عليها الاحتفاظ بالسيطرة العسكرية في القطاع فانه يجب عليها أن معالجة شؤون السكان المدنيين في المكان وفقا لميثاق جنيف. اسرائيل يمكنها فعل ذلك عن طريق اعادة انشاء جهاز الحكم العسكري أو عن طريق العثور على بديل شرعي يكون مستعد لتحمل المسؤولية عن ادارة شؤون السكان المدنيين تحت ظل المسؤولية العسكرية العليا لاسرائيل.

الواضح هو أن اسرائيل لا يمكنها امساك العصا من الطرفين. أن تطالب بالاحتفاظ بالسيطرة العسكرية في المنطقة والتخلي عن المسؤولية القانونية التي تنبع من ذلك، أي معالجة السكان المدنيين. الحكومة لا يمكنها دفن الرأس في الرمل في هذا السياق، واذا فعلت ذلك فان يوم الحساب سيأتي بسرعة، سواء في المحكمة العليا في اسرائيل أو في واشنطن أو في لاهاي.

——————————————–

هآرتس 10/9/2024

مراسلو الحروب تعودوا على الصعوبات، لكن الجيش يضع امامهم عائق جديد

بقلم: هاجر شيزاف

بيتر بومونت تواجد في مناطق حروب غير قليلة خلال حياته مثل العراق وافغانستان وكوسوفو، هذه فقط قائمة جزئية. ولكن عندما جاء الى اسرائيل لتغطية الحرب في قطاع غزة واجهته صعوبة اخرى وهي تغطية الحرب بدون أن يتواجد فيها. “هذا احيانا مثل محاولة تغطية الحرب من الفضاء الخارجي”، قال للصحيفة. “أنت تنظر الى صور الاقمار الصناعية وبيانات الموقع وتحاول أن تستنتج منها استنتاجات تتعلق بالمكان الذي أنت بعيد جدا عنه”. هذه ليست الزيارة الاولى لبومونت، المراسل الكبير في صحيفة “الغارديان”، في اسرائيل تحت النار. فقد كان هنا في فترة عملية “الجرف الصامد” في 2014، في حينه شاهد من شرفة الفندق الذي كان فيه كيف قتل اربعة اطفال في قصف للجيش الاسرائيلي على الشاطيء في غزة. هو شاهد وابلغ. والآن يقومون باخفاء ذلك عنه وعن المراسلين الآخرين.

هذا الامر يستمر منذ 11 شهر. عند اندلاع الحرب في قطاع غزة تدفق الى اسرائيل الكثير من المراسلين الاجانب الذين جاءوا من اجل تغطية المذبحة، وبعضهم أملوا دخول القطاع. ولكنهم واجهوا هنا اشارة ضوئية تقول “ممنوع الدخول”. في الوقت الذي فيه حتى في الايام العادية لا يسمح للمراسلين الاسرائيليين بدخول القطاع، فقد سمح لمراسلين اجانب بالدخول اليها في السابق، حتى في ايام الحرب (واحيانا بعد نضال قانوني)، لكن في هذه المرة الوضع تغير، ومن سبق له وتواجد هنا وكان يمكنه في الحروب السابقة أن يبلغ عما يشاهده، يضطر الآن الى الاعتماد على المراسلين المحليين واجراء المقابلات في الهاتف وتحليل الاحداث بواسطة الافلام والصور. عمليا، الطريقة الوحيدة للمراسلين من اجل الدخول الى القطاع هي بصورة منظمة وبمرافقة اشخاص من قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي؛ والمواد التي يحصلون عليها من هناك تمر بعملية “فحص”.

“على المدى القصير الجيش ينجح في التحكم بالرواية”، قال للصحيفة مراسل اجنبي يقوم بتغطية الحرب لصالح جهة اعلام دولية. “اسرائيل تقوم برمي في الهواء الكثير من الادعاءات، يصعب فحصها اثناء الحرب وحتى بعدها حيث أنه لا يوجد اشخاص لك في الميدان”. وقال ايضا بأنه “حتى الآن من غير الواضح ما الذي حدث في مستشفى الشفاء على سبيل المثال”. ولكن ليس فقط ادعاءات هي التي لا يمكن فحصها، فالمراسلون الذين تحدثت معهم “هآرتس” قالوا إنه بنفس المستوى ايضا ادعاءات حماس يصعب تأكيدها أو دحضها بدون التواجد في الميدان.

من بين الاسئلة الكثيرة، التي في ظل غياب القدرة على الوصول الى القطاع بقيت بدون اجابات، يبرز السؤال حول الوضع في شمال القطاع. “لا أحد يعرف ما الذي يحدث هناك”، قال نفس المراسل. “موضوع الجوع، كانت هناك اوقات صعبة جدا في الشمال، لكن تقريبا لم نكن نعرف ما الذي يحدث. في الوضع الحالي نحن نضطر الى الاعتماد على تغريدات المواطنين الذين يقولون اشياء كثيرة. أنت لا يمكنك التأكد منها والجيش يقوم بنفيها. عندها يكون من الصعب الابلاغ عن ذلك”.

هذا ليس بالضرورة أن يكون هكذا. بومونت تذكر حرب اخرى قام بتغطيتها وهي الحرب بين روسيا واوكرانيا. ذات يوم قامت روسيا بقصف حافلة سيارات مدنية في اراضي اوكرانيا. “أنت يمكنك الذهاب الى هناك وخلال خمس دقائق سترى أنك محاط بالجثث”، تذكر. “هذا يقلل الكثير من الجهود لتفسير ما تراه، لأنه على الاغلب أنت تعرف ما الذي تراه”، قال. هو يعتقد أن القيود على وصول وسائل الاعلام الى قطاع غزة يعمل على تغيير التغطية بشكل جوهري. “هذه احدى المشاكل الكبيرة. هذا يخلق اعلام يبتعد عن شهود العيان في المنطقة المعقدة جدا والتي تحاول فيها أن توازن الامور والوصول الى قرب كافي لما تعتقد أنه حدث”.

هل تريدون المخاطرة؟

في شهر تموز الماضي تم نشر رسالة بتوقيع 73 وسيلة اعلام ومنظمة اعلامية، من بينها “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” و”سكاي نيوز”، دعت فيها اسرائيل الى السماح بدخول المراسلين الاجانب الى القطاع. الرسالة حاولت الاجابة ايضا على الادعاء الذي يسمع بين حين وآخر في اوساط الجمهور في اسرائيل وهو أنه من الافضل للمراسلين عدم الدخول الى المنطقة لأن هذا الامر يمكن أن يعرض حياتهم للخطر.

“نحن ندرك الاخطار التي توجد في التغطية في منطقة قتال”، كتب في الرسالة. “هذه اخطار كثير من المنظمات اخذتها في الحسبان لعقود كثيرة من اجل تحقيق وتوثيق التطورات في الزمن الحقيقي وادراك تأثير الحروب في ارجاء العالم”.

في ظل عدم وجود المراسلين الاجانب في القطاع فان كل التغطية من الميدان في غزة تتم من قبل المراسلين الفلسطينيين، الذين يوجد بينهم من يعملون لصالح وسائل اعلام دولية وبعضهم لصالح وسائل اعلام محلية، وهناك اشخاص تغطيتهم بالاساس يقومون بها لصالح الشبكات الاجتماعية. “هؤلاء المراسلون يقومون بعمل مدهش في ظروف لم يشاهدها أي مراسل اجنبي”، قالت جودي غينسبرغ، المديرة العامة لمنظمة لجنة حماية الصحافيين “سي.بي.جي”. وحسب اقوالها فان المراسلين المحليين يقومون بتغطية الحرب منذ اشهر بشكل مستمر تحت نفس القيود التي يعيش فيها كل سكان القطاع، من بينها عدم وجود الغذاء ونقص الوقود ومع ادوات يستمر الاضرار بها. “بشكل عام عندما يغطي المراسلون الحرب، محليا أو دوليا، فانه يمكنهم الانسحاب والاستراحة لبضعة اسابيع وبعد ذلك يعودون”، قالت. “لكنهم يفعلون ذلك يوم تلو الآخر”.

تغطية الحرب التي جرت في الميدان من قبل مراسلين فلسطينيين فقط، كما تقول غينسبرغ، تؤثر على الطريقة التي يتم فيها النظر الى هذه التقارير، ويسمح لاسرائيل واطراف اخرى في دحض المعلومات التي تأتي من هناك. “هذا يخلق مساحة يمكن التشكيك فيها بمصداقية المراسلين (الفلسطينيين) وقول كيف يمكننا الوثوق بهم؟”، قالت وشرحت. “من خلال رؤية أنه بسبب أنهم محليون فهم بالتأكيد غير مستقلين”.

جميع المراسلين الاجانب الذين تحدثوا مع الصحيفة من اجل هذا المقال أكدوا على اهمية زملائهم من غزة في التغطية، لكن بعضهم قالوا إن الاعتماد عليهم لا يخلو من المشكلات. هذا بسبب أنهم ربما يتعرضون للضغط من حماس أو من وسائل اعلامها، أو الضغط من المحيط القريب كما يحدث في احيان كثيرة في مناطق الحروب.

“الكثير من المراسلين يعتقدون أن الدخول بمرافقة الجيش هو افضل من لا شيء. ولكن خلال الحرب كانت هناك وسائل اعلام اجنبية رفضت التوقيع على تعهد للجيش الاسرائيلي واختارت عدم الدخول. هذه مشكلة عندما تكون هذه هي الطريقة الوحيدة للدخول. وكما يشير المفهوم نفسه فانك تكون مندمج مع الجيش”، قال كيسل. “أنت تشاهد الامور بمنظارهم وهم الذين يقررون مع من يمكن التحدث، ولا يسمح لك بالتحدث مع السكان المحليين، هذه ليست الطريقة لتغطية حرب بشكل نزيه ودقيق ومهني”.

وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي: “طلب المراسلين الاجانب الدخول بشكل حر يخضع لاعتبارات المستوى السياسي. وفي اطار التماس تم تقديمه حول هذا الامر من قبل منظمة الصحافيين الاجانب للمحكمة العليا، رفضت المحكمة الالتماس ووافقت على موقف الدولة بأنه لا يمكن السماح بحرية الحركة على خلفية الاخطار التي تنطوي على ذلك في الوقت الحالي. دخول المراسلين بدون تنسيق ومرافقة يمكن أن يعرض حياتهم للخطر، وربما قوات الجيش الاسرائيلي التي تعمل في القطاع”.

وجاء ايضا بأن “الجيش الاسرائيلي لا يمس بالمراسلين بشكل متعمد. ربما هناك مراسلون اصيبوا على هامش نشاطات عملياتية، عسكرية وقانونية. في بعض الحالات الضرر حدث في اعقاب حقيقة أنهم نشطاء عسكريون في تنظيمات ارهابية أو أنهم شاركوا مباشرة في القتال في ذلك الوقت”.

——————————————–

هآرتس 10/9/2024

نتنياهو والحكومة يستعدون للمرحلة القادمة من الحرب استيطان وضم شمال القطاع

بقلم: الوف بن

اسرائيل دخلت المرحلة الثانية من الحرب في غزة التي ستعمل فيها على استكمال السيطرة على شمال القطاع، من الحدود السابقة وحتى ممر نتساريم. يمكن التقدير بأن هذه المنطقة سيتم اعدادها بالتدريج لتوطين اليهود والضم وفقا لمستوى المعارضة الدولية التي ستثور في اعقاب هذه الخطوة. اذا تحققت هذه الخطة فان السكان الفلسطينيين الذين بقوا في شمال غزة سيتم ابعادهم من هناك كما يقترح الجنرال احتياط غيورا آيلاند، بمساعدة تهديد الجوع وغطاء “حمايتهم”، في الوقت الذي يقوم فيه الجيش الاسرائيلي بقنص مسلحي حماس الذين يوجدون في المنطقة.

رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يحلم بالتأكيد بما يعتبره المعجبون به كانجاز حياته، توسيع مساحة دولة اسرائيل، للمرة الاولى بعد خمسين سنة على عملية الانسحاب التي بدأت بعد اتفاق فصل القوات بعد حرب يوم الغفران. معظم أسلافه وهو ايضا تنازلوا عن مناطق، والآن حان الوقت للانقلاب والتوسع. هذا سيكون “النصر المطلق” بالنسبة له، و”الرد الصهيوني” على مذبحة 7 اكتوبر وعلى الاختطاف والاهانة الفظيعة لاسرائيل والجيش الاسرائيلي على يد الفلسطينيين واللبنانيين.

حلم الحكومة اليمينية التي لا تخفي حقا نيتها، فان الفلسطينيين في شمال القطاع ينتظرون الآن مصير الارمن في نغورنو كاراباخ، حيث تم طردهم بين عشية وضحاها من الاقليم قبل سنة خلال عملية خاطفة لرئيس اذربيجان الهيم الياف، وهو الحليف المقرب من اسرائيل. “العالم” شاهد ذلك وسار قدما، 100 ألف لاجيء ما زالوا عالقين في ارمينيا، التي لا تسارع الى دمجهم. بشكل مشابه المهجرين من شمال القطاع سيحتفلون مع اللاجئين في المرحلة الاولى للحرب في “المنطقة الانسانية” في الجنوب.

الدخول الى المرحلة الجديدة للحرب لم يبدأ بالعملية البرية التي شاركت فيها عدة فرق أو بالاقتحام الجريء لجبهة العدو الداخلية، بل من خلال بيان بيروقراطي صدر في 28 آب الماضي حول تعيين العميد العاد غورين كرئيس لوحدة منسق اعمال الحكومة في المناطق للشؤون الانسانية – المدنية في القطاع في. هذا اللقب الطويل الذي سيجره غورين وراءه الى حين العثور له على اختصار عسكري في قاموس الجيش الاسرائيلي، يساوي رتبة رئيس الادارة المدنية في الضفة الغربية، عمليا، يجب تسميته “الحاكم العسكري” في غزة، وهذا تجسيد عصري للواء موشيه غورين الذي شغل هذا المنصب عند احتلال القطاع في حرب الايام الستة.

في الخطوة القادمة اعطى نتنياهو توجيهات للجيش في الاسبوع الماضي للاستعداد لتوزيع المساعدات الانسانية في غزة بدلا من المنظمات الدولية. رئيس الاركان هرتسي هليفي تحفظ من ذلك وحذر من الخطر على حياة الجنود والتكلفة الكبيرة، لكن حسب معرفتنا فان نتنياهو لم يقتنع بذلك وهو ما زال يصمم على موقفه. الدافع واضح: من يقوم بتوزيع الغذاء والدواء فانه هو الذي يتحكم بالحنفية. وخلال ذلك ستسنح لاسرائيل فرصة طرد من غزة مرة والى الأبد “الاونروا”، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة التي يعتبرها اليمين مشروع مناهض للصهيونية.

في هذه الاثناء حماس ستواصل سيطرتها على المنطقة بين ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا تحت الحصار والتطويق من قبل اسرائيل، التي ستسيطر على توفير المساعدات. هذا هو معنى بيان نتنياهو فيما يتعلق بالمحور: الحدود بين غزة ومصر ستبقى تحت سيطرة اسرائيل. في هذا الوضع فان نتنياهو وشركاءه في الحكومة يأملون بأنه بعد قضاء شتاء آخر في الخيام وبدون خدمات اساسية فان مليوني فلسطيني، الذين سيتجمعون في رفح وخانيونس والمواصي، سيدركون أنه لن يمكنهم العودة الى بيوتهم المدمرة. اليأس يمكن أن يثيرهم ويحرضهم ضد الحكم القمعي ليحيى السنوار، ويشجع كثيرين منهم على الهجرة خارج القطاع.

تنازل نتنياهو عن اعادة المخطوفين الاسرائيليين وقراره تجاهل موقف معظم الجمهور والتخلي عنهم لمواجهة العذاب الفظيع والموت في انفاق حماس، استهدف قلب الوعاء على رأس السنوار. فبدلا من أن يكون المخطوفين ذخر وأداة ضغط من اجل الحصول على مقابل كبير من اسرائيل، هم سيصبحون بمثابة عبء على الفلسطينيين ومبرر لاسرائيل من اجل مواصلة الحرب والحصار والاحتلال. هكذا تدخل اسرائيل الى المرحلة الثانية في حربها ضد حماس.

——————————————–

هآرتس 10/9/2024

قطر ليست عدوة المفاوضات، لكنها تتوقع تحقيق مكاسب سياسية من الصفقة

بقلم: تسفي برئيل

في الاسبوع الاخير في شهر آب الماضي، حيث وصلت المفاوضات على تحرير المخطوفين الى مرحلة الجمود والولايات المتحدة ما زالت تبث جوا متفائلا، حدث في الطرف الآخر للعالم حدث الذي في اسرائيل كان يمكنهم أن يحلموا به، لكنه لم يعمل على اثارة الكثير من الاهتمام: 230 سجين وأسير من اوكرانيا وروسيا، 115 من كل طرف، تم اطلاق سراحهم وعادوا الى بلادهم. هذا بعد اسبوعين فقط على مهاجمة اوكرانيا لمنطقة كورسك في الاراضي الروسية. وهو الهجوم الاول من نوعه الذي نفذته قوة اجنبية منذ الحرب العالمية الثانية. وهذه كانت المرة السابعة التي نفذت فيها الدولتان المتعاديتان تبادل للأسرى.

في جميع المرات كانت بالتحديد دولة الامارات هي التي توسطت وحققت نتائج ناجعة. بالاجمال هي سجلت لصالحها تحرير 1788 اسير من الطرفين. أبو ظبي لم تشكل اي تهديد روسيا، وبالتأكيد على اوكرانيا. “سر” نجاحها يكمن فيما اعتادوا في اسرائيل على تسميته بـ “رافعة الضغط”، في حين أن اتحاد الامارات وقطر تتبنى مفهوم “رافعة التأثير”. الفرق بين هذين المفهومين كبير وهو نابع من رؤية استراتيجية مختلفة.

اسرائيل ركزت ذراع ضغط قطر على حماس حول تواجد قادة حماس في الدوحة، وتمسكت بطردهم من هناك وكأن هذا هو التهديد الرئيسي الذي يمكن أن تستخدمه قطر على المنظمة. اسرائيل نجحت ايضا في اقناع واشنطن بأن الطرد هو نقطة الضعف الاساسية، وأنه يجب عليها اقناع قطر باستخدام هذا التهديد. قطر اوضحت في محادثات سرية وبعد ذلك بشكل علني بأن استضافة قادة حماس في الدوحة (بناء على طلب من الولايات المتحدة في العام 2012) لا تعطيها أداة ضغط، لكن من اجل تحقيق طلب امريكا (واسرائيل) فقد اعلنت أنها ستوافق على فحص هذه الخطوة بدون الالتزام بذلك. في نفس الوقت طرحت على الامريكيين عدد من الاسئلة لم تكن أي اجابة عليها مثل ما الذي سيحدث بعد أن تقوم قطر بطرد قيادة حماس؟ هل التهديد بالطرد سيؤثر على يحيى السنوار ويقنعه بأن يقدم تنازلات في المفاوضات؟ من أين ستتم ادارة المفاوضات اذا غادر ممثلو حماس قطر؟.

هذه الاسئلة وجدت الرد عليها بعد تصفية اسماعيل هنية. هنية لم يتم طرده من قطر، بل تم طرده من العالم. ورغم ذلك حماس استمرت في المفاوضات. الاكثر اهمية هو أن التنازل الحقيقي عن الشرط الذي يطالب بانسحاب اسرائيل بشكل كامل في المرحلة الاولى  لصفقة المخطوفين، حماس طرحته قبل 21 تموز بثلاثة اسابيع، وهو اليوم الذي تمت فيه تصفية هنية. من المشكوك فيه اذا كان للتهديد بالطرد أي تأثير على السنوار الذي حتى الآن لم يغير طلباته الجوهرية، حتى لو كان مستعد لاظهار مرونة تكتيكية في ترتيب تنفيذها.

قطر وافقت على العودة الى طاولة المفاوضات ومواصلة مهمتها كوسيطة في صفقة التبادل كجزء من الرؤية الاستراتيجية التي تطمح الى ترجمة المصالح الى تأثير، وبالتالي رفع مكانتها. مصالح الدوحة هي امام الولايات المتحدة التي جعلت قطر مرساة سياسية وعسكرية اقليمية، لا يجب التنازل عنها. ثمن هذه المكانة التي تشمل اعتبارها حليفة كبيرة ليست عضوة في الناتو، تدفعه قطر باستخدام ادوات تأثيرها، وليس فقط امام حماس. ايضا في لبنان، الذي هي فيه شريكة في تمويل رواتب جنود الجيش اللبناني؛ وليبيا التي هي فيها تؤيد هي وتركيا الحكومة الرسمية؛ في مصر وفي دول اخرى التي تجد الولايات المتحدة صعوبة في التأثير فيها بشكل مباشر أو تخصيص اموال المساعدات لها. هذه الاستراتيجية تسمح لقطر، مثلما لدولة الامارات وتركيا، بأن تلعب في عدة ملاعب التي بعضها متعادية فيما بينها مثل روسيا واوكرانيا، اسرائيل وحماس، أو اعداء مكشوفين للولايات المتحدة.

على سبيل المثال توجد في أبو ظبي، حليفة الولايات المتحدة، شبكة علاقات وثيقة مع موسكو وكييف، تستند الى الاموال، الكثير من الاموال، وعلى التعاون الاقتصادي وتبني سياسة “حيادية”، كما يظهر، بالنسبة للحرب في اوكرانيا. منذ بداية المواجهة، في الوقت الذي اتخذ فيه مجلس الامن القرار الذي يطالب روسيا بالانسحاب من اوكرانيا، فان أبو ظبي، الصين والهند، امتنعت عن التصويت وتسببت بغضب واشنطن.

فقط من خلال الضغط الامريكي وافقت على الانضمام لقرار آخر تم اتخاذه في الجمعية العمومية، أبو ظبي رفضت الانضمام للعقوبات الدولية وطرحت نفسها كدولة لجوء مفضلة للاوليغاركيين والشركات ورجال الاعمال من روسيا، الذين خلال فترة قصيرة قاموا بتحويل اموالهم، بما في ذلك طائرات خاصة وقوارب، الى موانيء دبي. آلاف الحسابات البنكية لمواطنين وشركات في روسيا تم فتحها في تلك السنة في بنوك دولة الامارات، التي اصبحت الانبوب الاكثر نشاطا لتجاوز العقوبات.

في العام 2023، بعد سنة على غزو روسيا لاوكرانيا، تم عقد في دبي معرض دولي للسلاح شاركت فيه بشكل علني شركات سلاح روسيا وعرضت بضاعتها بما في ذلك طائرات مروحية ودبابات وطائرات قتالية. الولايات المتحدة في الحقيقة استخدمت ضغط كبير وحتى أنها فرضت عقوبات على بعض الشركات والاشخاص في الدولة المشتبه فيهم بتقديم المساعدة على تجاوز العقوبات، وأبو ظبي ايضا وافقت على عدد من الطلبات، بالاساس في كل ما يتعلق بنشاطات البنوك. ورغم ذلك، التوقع هو أن حجم التجارة بين روسيا ودولة الامارات سيبلغ في هذه السنة 10 مليارات دولار تقريبا.

في نفس الوقت أبو ظبي لم ترفع يدها عن اوكرانيا، وفي اعلان وزارة الخارجية هناك في شهر آب تم تفصيل حجم المساعدات التي اعطتها لهذه الدولة، التي تشمل منحة بأكثر من 100 مليون دولار للاحتياجات الانسانية واقامة العيادات وترميم المدارس وارساليات مواد غذائية وادوية بحجم 1000 طن تقريبا، و4250 مولد كهرباء و7500 حاسوب محمول وعشرات آلاف الحقائب المدرسية و50 سيارة اسعاف مزودة بشكل كامل. في نيسان الماضي استكملت الدولتان صياغة اتفاق تعاون تجاري، يشمل ضمن امور اخرى مشاركة دولة الامارات في اعادة اعمار اوكرانيا بعد انتهاء الحرب.

دولة الامارات ليست الدولة العربية الوحيدة في ملعب الدبلوماسية الاقتصادي والانساني في اوكرانيا. قطر هي “منافسة” مهمة، ومثل أبو ظبي ايضا الدوحة ساهمت بمئة مليون دولار كمساعدة لاوكرانيا، وايضا قامت بارسال طائرات تحمل الغذاء والدواء لمساعدة اللاجئين من اوكرانيا الذين يوجدون في دول قريبة، وحتى أنها نجحت في تحرير عشرات الاطفال من اوكرانيا الذين تم اختطافهم الى روسيا اثناء الحرب. لكن رافعة تأثير قطر على روسيا هي محدودة جدا، بسبب أن أبو ظبي تم اختيارها وبحق كهدف مفضل لرجال الاعمال الروس، وايضا قطر اعتبرت في روسيا حتى من بداية الحرب كدولة مع ميول مؤيدة لاوكرانيا، سواء لأنها أيدت قرارات مجلس الامن ضد روسيا أو بسبب أنها سارعت الى التوقيع على اتفاق تزويد الغاز لالمانيا لمواجهة ازمة الطاقة التي سببتها الحرب، وبالتالي فقد قوضت نوايا روسيا في استخدام تزويد الغاز كأداة ضغط ضد العقوبات التي فرضت عليها.

اسرائيل ما زالت غارقة في نظريات خطية بسيطة، التي ترسم خطوط مباشرة بين الضغط والنتائج. نظرة اسرائيل لقطر كدولة معادية تسيطر على قرارات حماس، فقط لأن قيادة حماس تتم استضافتها فيها، والرؤية التي تقول بأنه فقط الضغط الامريكي المناسب على الدوحة يمكن أن يعطي الثمار، مشوبة برؤية استراتيجية ضيقة لا تساعد المفاوضات حول تحرير المخطوفين. هكذا فان اسرائيل تدفع قطر الى موقف معادي، يتم النظر فيه اليها كطرف في الصفقة وليس كوسيطة. واذا حكمنا على الامور انطلاقا من سياستها واستراتيجيتها وسياسة واستراتيجية دولة الامارات فيما يتعلق بعلاقاتها مع روسيا واوكرانيا فان قطر تهدف الى استكمال صفقة المخطوفين ليس من اجل ارضاء الولايات المتحدة، وبالتأكيد ليس لارضاء اسرائيل، بل من اجل أن تجني مكاسب سياسية واقليمية ودولية، التي يمكن أن يحققها نجاح الصفقة.

——————————————–

معاريف 10/9/2024

ورطة نصرالله

بقلم: افي اشكنازي

السنة الدراسية بدأت وحتى الاضراب في المدارس الثانوية انتهى بشكل ما. إذن اخرجوا رجاء ورقة وقلم وكرسوا بضع دقائق “لاختبار نهاريا”. بالفعل، في صباح 18 تموز من هذا العام اصابت مُسيرة إيرانية، أطلقها الحوثيون من اليمن، مبنى سكنيا في تل أبيب. يفغيني فردر ابن خمسين، قتل. بعد اقل من 30 ساعة من ذلك أقلعت عشرات طائرات سلاح الجو، طارت 1800 كيلو متر عن حدود إسرائيل ودمرت منظومات في ميناء الحديدة في اليمن – شريان توريد للحوثيين. منذئذ يفكر الحوثيون عدة مراة قبل أن يعملوا ضد إسرائيل.

أمس في الساعة 12 ظهرا اصابت مُسيرة إيرانية أطلقها حزب الله عمارة في نهاريا على مسافة 130 كيلو متر عن تل أبيب.

على الفور تثور الأسئلة الواجبة. هل حكم نهاريا كحكم تل أبيب؟ هل في اعقاب الإصابة في نهاريا سيأمر المستوى السياسي الجيش بتسليح نحو 100 طائرة قتالية لهجوم قوي في ميناء بيروت ام ربما يوجه تعليماته لضرب موضع استراتيجي آخر في لبنان؟ لا تحبسوا انفاسكم: الجواب على ما يبدو سلبي.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفضل التجلد على الهجوم في نهاريا. وعليه فان فرضية عمل سكان الشمال هي ان هذه المرة أيضا هجمات الجيش الإسرائيلي ستكون مقنونة، ملجومة. حرائق الحديدة لن نراها على ما يبدو في بيروت او في مدينة أخرى في لبنان. ليس الان.

لنتنياهو يوجد الان الكثير على الرأس: عرس في مزرعة رونيت، رحلة الى الأمم المتحدة في نيويورك، إجازة ميزانية ومحاولة عبور أعياد تشري دون ايقاظ المنطقة لحرب دينية، مثلما يستهدف بعض من أعضاء ائتلافه. وهذه قائمة جزئية فقط. الامر الأخير الذي يحتاجه الان هو حرب بقوة عالية ضد ايران، فرع لبنان.

الان، فضلا عن التهكم، وبجدية كبيرة: نتنياهو يوجد في ضائقة حقيقية. فقد دخل في عقدة سياسية، عسكرية، حزبية وجماهيرية، حتى “ساحر” مثله يصعب عليه أن يحلها.

ليس لطيفا أن نقول هذا، لكن حظه الوحيد هو الساحة الشمالية. زعيم حزب الله حسن نصرالله هو الاخر يوجد في الوضع الاشكالي ذاته مثله.  هو أيضا تورط مع نفسه، مع ارادات اسياده في ايران وكذا لديه توجد مقاومة من الداخل من جانب سكان لبنان.

لنتنياهو يوجد أيضا حظ، في أنه في قيادة المنطقة الشمالية يجلس اللواء اوري غوردن. الرجل ليس إمعة، من جهة توجد له سكين بين الاسنان، من جهة أخرى يدور الحديث عن رجل منضبط، رجل يمكن في كل وقت لجم وكبح نواياه الهجومية.

هذا هو السبب في ان الجيش الإسرائيلي ينجح في أن يتحكم معظم الوقت في ألـ 11 شهرا الأخيرة بقوة المناوشات التي بين إسرائيل وايران، حزب الله، سوريا والعراق؛ نلحق بالطرف الاخر ضررا ونمنعه من التفكير بنوايا هجومية منفلتة العقال.

الهجوم ليلة اول امس في سوريا، المنسوب لإسرائيل هو ذو مغزى كبير جدا. يدور الحديث عن ضربة قاسية جدا للحرس الثوري، لتسلح حزب الله ولبناء القوة المؤيدة لإيران في سوريا. ومثال على خطوة من جهة تضرب فيها بقوة ومن جهة أخرى لا تعطي الطرف الاخر سببا للعربدة.

تعرض نصرالله في الأيام الأخيرة لضربات أليمة. جدا. سلاح الجو نفذ اكثر من 100 غارة في لبنان منذ يوم الأربعاء. الجيش الإسرائيلي يضرب بشكل منهاجي منصات حزب الله في لبنان والحق خسائر جسيمة لمخازن السلاح لحزب الله. ودرة التاج هي الضربة لمنظومة القيادة والتحكم لدى المنظمة. من بين 600 مخرب صفوا لحزب الله، نسبة غير قليلة هم قادة في كل المستويات. رئيس اركان، قادة فرق، قادة ميدانيون، نشطاء في مجال العلم اللوجستي، التهريب، الأموال والجانب الفني.

في إسرائيل يلاحظون التأثير على حزب الله. من جيش مرتب ومدرب أصبح جسما يصعب عليه الإبقاء على منظومة مرتبة. بمعنى، الأوامر التي تنقل من نصرالله لا تنزل بشكل مرتب ودقيق الى الميدان.

في إسرائيل يضربون امثلة بالاصابة في مجدل شمس، والتي قتل فيها 12 طفلا إسرائيليا، الضربة للمنازل في كتسرين، وامس في نهاريا. على حد نهج نصرالله فانه اصدر أمرا في كل واحد من هذه الاحداث لضرب منشآت عسكرية: قاعدة قيادة لواء جبل الشيخ، قاعدة الجيش الإسرائيلي في مركز الجولان وامس، على حد زعمه، اعتزم ضرب معسكر شرغا. لكن في كل هذه الحالات كانت الإصابات بنية مقصودة من مشغل المُسيرات او الصاروخ – أهدافا مدنية في داخل بلدات مدنية.

نصرالله يفهم حجم الشرخ في منظمته. يفهم بانه في ورطة: كيف يخرج من هذه القصة دون ان يتضرر اكثر.

والان يعول نصرالله على أن يحصل اختبار نهاريا علامة ناجح فقط. بمعنى أن يلتصق نتنياهو بنظريته وبموجيها حكم نهاريا، كريات شمونا، سدروت وناحل عوز – تماما كحكم قيساريا وتل ابيب.

——————————————–

يديعوت احرونوت 10/9/2024

وجهان للاردن

بقلم: سمدار بيري

قبل شهرين صعد وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي الى طائرة هبطت به في طهران. هذه الزيارة جد غير عادية. فعلى مدى ما لا يقل عن عشرين سنة لم يصل مسؤول اردني الى ايران. الصفدي، المقرب ورجل السر للملك عبدالله الثاني وكذا الوزير الاقدم في الحكومة، ليس معروفا كمحب لإسرائيل. فهو لم يفوت أي فرصة للتهجم بكلمات حادة على إسرائيل وعلى رئيس الوزراء نتنياهو. هذه المرة ارسل لان يلتقي نظيره الإيراني، عباس عرقجي، كي يبلغ بكلمات وبشكل حاد وجلي بان “الأردن لن يحتمل عملا عسكريا إيرانيا في مجالات المملكة”.

في خلفية اللقاء، الهجوم الليلي في شهر نيسان لطائرات إيرانية. وكانت النية للوصول الى إسرائيل والقاء قنابل ثقيلة والتسبب بموت مئات المواطنين. غير أن طائرات أمريكية، سعودية، بريطانية واردنية افشلت المؤامرة. واضطر الإيرانيون للفرار وفشل الهجوم. لكن ايران لا تعتزم التنازل. طاقم تحقيق اردني تشكل على الفور بعد العملية الاجرامية في جسر اللنبي والتي قتل فيها ثلاثة إسرائيليين على ايدي سائق شاحنة – إرهابي اردني، يصر على أن يفحص مؤشرات على دور إيراني. السائق، ابن عشيرة بدوية كبيرة في منطقة معان مشبوه الان كمن تلقى وعدا باموال كثيرة من فيلق القدس الإيراني.

الأردن هو هدف مرغوب فيه جدا بالنسبة للايرانيين، بسبب موقعه وحدوده الطويلة (308 كيلو متر) مع إسرائيل. اذا ما نجحت ايران في اخضاع الأردن والسيطرة عليه، فستغلق دائرة الرعب من حول إسرائيل – العراق، سوريا، الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

الموضوع يطرح هذه الأيام في المحادثات الأمنية بين الأردن وإسرائيل وحقيقة أن العملية في جسر اللنبي نفذها بدوي من عشيرة الحويطات القديمة في الأردن تهز القصر الملكي وقيادة أجهزة الامن والمخابرات.

كان هناك من توقعوا في إسرائيل أن يعبر الملك عبدالله عن مواساته لعائلات القتلى او يشجب القتل علنا. حتى اليوم لا ننسى زيارة المواساة التي اجراها والده، الملك حسين، لاهالي سبع التلميذات اللواتي قتلن في نهرايم. وضع الملك عبدالله الذي تغلف بالصمت مع الجريمة النكراء، يختلف تماما عن وضع ابيه في حينه. الملك اليوم عالق بين مظاهرات الشارع الجماهيرية ضد إسرائيل وأعضاء البرلمان الذين ايدوا القاتل بل ووزعوا الحلوى وبين قوات الامن الأردنية التي تواصل العمل بتعاون مع إسرائيل. إضافة الى ذلك فان الأردن ليس فقط غارق في أزمة اقتصادية عميقة بل ان البصمة الإيرانية في أراضيه تتعزز. لا غرو أن نتنياهو وفر كلمات قاسية عن الاسرة المالكة وامتنع عن ذكر اخفاق طاقم الفحص في محطات العبور الأردنية. فقد اختار نتنياهو التشديد، وليس لأول مرة، وليس صدفة، على الخطر الإيراني.

في إسرائيل تعمل سرا، ولكن بنشاط، “عصبة الأردن” – اللواء احتياط عاموس جلعاد، رئيس الموساد الأسبق افرايم هليفي، العميد احتياط باروخ شبيغل، الوزير السابق افرايم سنيه ومسؤولون سابقون آخرون غيرهم، يحذرون ويشددون المرة تلو الأخرى كم هي هامة علاقات الأردن وإسرائيل. كما أن نفتالي بينيت ويئير لبيد وقفا على أهمية العلاقات، وكرسا اهتماما خاصا للموضوع الأردني، وهكذا فعل أيضا غانتس وآيزنكوت. بعدهم جاء رئيس الوزراء نتنياهو، ومنذ بداية طريقه تقريبا بدأت تنشأ صدوع في منظومة العلاقات المركبة. في احدى المناسبات سكب الملك عبدالله قلبه في صحيفة بريطانية، حين اعلن بان “الأيام الأصعب تمر عليه مع نتنياهو”.

صحيح، ليس كل شيء بذنبنا. فالقيادة الأردنية أيضا تدير علاقات مركبة مع إسرائيل. وزير الخارجية الصفدي كما اسلفنا لا يفوت فرصة لانتقادنا وكذا رانيا ملكة الأردن تبدي تعاطفا فقط مع الجانب الفلسطيني وتتجاهل مذبحة 7 أكتوبر. فهي لم تسمع، كما شهدت في مقابلة مع السي.ان.ان، عن الفظائع التي ارتكبتها حماس في كيبوتسات الغلاف. مذهل أن نكتشف كم يؤثر اليأس الاقتصادي في المملكة على المزاج السياسي. فما لا يقل عن 21 في المئة من اصل 11.3 مليون من مواطني المملكة عاطلون عن العمل. السياحة التي تعيل عشرات الاف العائلات توقفت. كما توقف التصدير المدر للمداخيل. رواتب المعلمين في المدارس الابتدائية والثانوية انخفضت جدا، وقد خرجوا للتظاهر منذ الان.

في هذه الاثناء احتل احياء كاملة في العاصمة عمان اللاجئون من العراق والفارون من سوريا. هنا مستعدون لان يعملوا بثلث المبلغ.

اليوم ستجرى الانتخابات للبرلمان الأردني. ظاهرا، مؤسسة غير هامة تنتج الكثير من الدراما اللفظية. لكن – هذه هي المرة الأولى في تاريخ الانتخابات التي يصوت فيها الأردنيون للأحزاب.

احد أصدقائي القدامى في المملكة، الذي لم يسارع الى قطع العلاقات مع “الإسرائيلية”، يعود ويحذر من ان “الأسوأ لا يزال امامنا”. فهل يقصد محاولة عملية أخرى، لتخطيط ومبادرة ايران؟ هل يحذر من محاولات لاسقاط حكم الملك عبدالله؟ ام انه يلمح بالنوايا لالغاء او تجميد اتفاقات السلام؟

“عصبة الأردن” الإسرائيلية واعية للمخاوف، منصتة للاقوال القاسية التي تسمع في الجانب الاخر. توصيتهم هي الان لتوسيع، مهما كان هذا قاسيا، مظاهر التعاون الاقتصادي، الاستثمار في مستقبل العلاقات وحماية التعاون مع قوات الامن والجيش. والاساس: عدم التوقف عن التفكير في أي كابوس رهيب سيكون اذا ما قرر الأردن – او جر – للانتقال الى المعسكر الثاني.

——————————————–

هآرتس 10/9/2024

بين قرار المحكمة وصلاحيات لفين.. هل تتجه إسرائيل نحو أزمة دستورية؟

بقلم: أسرة التحرير

قضت المحكمة أول أمس بما هو مفهوم من تلقاء ذاته: ليس لوزير العدل حق فيتو على تعيين رئيس المحكمة العليا. إن صلاحياته بعقد اللجنة لانتخاب القضاة وتقرير جدول أعمالها، لا تعني صلاحيات لإحباط انتخاب رئيس طوال سنة كاملة ومنع الأغلبية القائمة في اللجنة – أغلبية عادية مطلوبة حسب القانون – لانتخاب رئيس. أصدرت المحكمة أمراً مطلقاً لوزير العدل، وبموجبه عليه أن يبدأ بعملية الانتخاب وينشر مرشحين الرئاسة في غضون 14 يوماً، ثم عقد اللجنة للتصويت بعد الزمن المقرر في القواعد (45 يوماً). كل المؤشرات تدل على أن القاضي إسحق عميت، المرشح المتصدر للرئاسة بحكم مبدأ الأقدمية، والقاضي الذي يعد ليبرالياً، سيحظى بالأغلبية في مثل هذا التصويت.

الوزير يريف لفين، مهندس الانقلاب النظامي الذي اضطرت محكمة العدل العليا بعامة بسببه البحث في الموضوع، عقّب بتهجم معيب وغير ملجوم على المحكمة، وقال: “لا يمكنني العمل مع رئيس عينه رفاقه بشكل غير قانوني”. إذا كان سيتصرف هكذا، فعلى المحكمة أن ترد بحزم، مثلما في سابقة آذار 2020 عندما رفض رئيس الكنيست المنصرف يولي أدلشتاين تنفيذ أمر المحكمة الذي أمره بعقد الكنيست لانتخاب رئيس جديد. فقد أمرت المحكمة في حينه بانعقاد الجلسة رغم استقالة أدلشتاين وكان يمكن الانتظار حتى دخول استقالته حيز التنفيذ. كانت هذه رسالة حازمة من المحكمة، معناها: لا يمكن التسليم بسلطة سلطوية لا تحترم المحكمة.

بما يتناسب مع ذلك، إذا ما اختار لفين عدم تنفيذ أمر المحكمة، فعليها أن تعمل بشكل مماثل، وتستخدم صلاحياتها حسب القانون الأساس: القضاء وإصدار أمر لعقد اللجنة وطرح انتخاب الرئيس للتصويت، مع لفين كرئيس للجنة أو بدونه. هذه بالفعل خطوة شاذة، لكن مثلما قيل في قرار المحكمة في موضوع أدلشتاين – أوضاع شاذة ومتطرفة تؤدي إلى خطوات شاذة.

أي وضع لا تحترم فيه الحكومة قرارات المحكمة إلى جانب استمرار تجاهلها فتاوى المستشارة القانونية للحكومة بخلاف قرارات محكمة العدل العليا التي أوضحت بأن رأي المستشارة ملزم، حتماً هو وضع يؤدي بإسرائيل إلى حافة أزمة دستورية حقيقية، وهنا على المحكمة العمل بحدة وبصفر تسامح.

إن أي محاولة من جانب الوزير لتعديل القانون في أثناء إجراء الانتخاب وبعد قرار المحكمة، ليست دستورية وستشطبها محكمة العدل العليا. هذا تشريع بأثر رجعي وتعديل لقواعد انتخابات في إطار الانتخابات. على الجمهور أيضاً أن يقول كلمته بشكل واضح وقاطع، ويخرج إلى الشوارع، ويحافظ على المحكمة العليا وعلى الديمقراطية الإسرائيلية، بالضبط مثلما فعل الصيف الماضي في الجولة الأولى من الانقلاب النظامي. وإلا فستسقط القلعة.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 10/9/2024

“إسرائيل” في حفرة استراتيجية تزداد عمقاً

بقلم: غيورا آيلند

نتنياهو يريد عودة السيطرة على قطاع غزة، وهذا هو القرار الأسوأ على الإطلاق الذي سيضع “إسرائيل” في حفرة متنامية.

صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية تنشر مقالاً لرئيس مجلس “الأمن القومي” الإسرائيلي سابقاً، غيورا آيلند، يتحدّث فيه عن واقع “إسرائيل” بعد 11 شهراً على الحرب، قائلاً إنّها في حفرة استراتيجية تزداد عمقاً.

بعد مرور 11 شهراً على الحرب، تجد “إسرائيل” نفسها في حفرة استراتيجية تزداد عمقاً. حتّى العروض الملأى بالغطرسة التي يقدّمها رئيس الوزراء لا يمكنها إخفاء الواقع القاسي. كيف وصلنا إلى هذا الوضع الذي نقاتل فيه في سبع ساحات ونفشل في الانتصار في أي منها؟

الحدث المؤسس لهذا الواقع هو بالطبع 7 أكتوبر، ولكن بعد ذلك مباشرةً، اتخذت “إسرائيل” 3 قرارات استراتيجية خاطئة. الخطأ الأول كان اعتماد سردية وكأننا نقاتل في غزة ضد منظمة إرهابية، لكن في الواقع نحن نقاتل دولة غزّة التي قامت فعلياً عام 2007.

كان على جلسة “الكبينيت” التي انعقدت آخر شهر آب/أغسطس أن تقرر بين أمرين: الأول هو الموافقة على صفقة، مع كل التنازلات المؤلمة، لما في ذلك من تحقيق لمزايا هي: إعادة الأسرى، وبالتالي رأب الشرخ في “إسرائيل”، ووقف إطلاق النار في غزة الذي يفتح إمكانية تسوية في الشمال، وتركيز الجهود في الضفة الغربية التي تعد اليوم ساحة أخطر من غزة. كل ذلك يتيح فرصة لتحسين وضع “إسرائيل” في العالم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. والأمر الثاني هو التخلي عن الصفقة ومواصلة القتال في غزة.

ويفترض أنصار الخيار الثاني أنّه سيؤدي إلى “نصر مطلق”، وهنا يكمن الفشل. إنّ مواصلة الحرب بالطريقة التي نديرها منذ 11 شهراً لن تؤدي إلى انتصار. سيؤدي ذلك إلى أسوأ ما في العالم: حيث سيموت الأسرى، وسنتخلى أيضاً عن فوائد إنهاء الحرب في غزة، وأيضاً لن ننتصر.

وبدلاً من ذلك، كشف رئيس الحكومة عن مسألة “فيلادلفيا” التي في جعبته، وطلب من الكابينت التصويت على هذا البند الثانوي فقط.

القرار بشأن محور “فيلادلفيا”، إضافة إلى رغبة رئيس الحكومة في أن يكون “الجيش” الإسرائيلي هو من يوزع الغذاء على السكان، يعني ضمناً أنّ نتنياهو غير معني بصفقة أسرى، وأيضاً لا يريد الانتصار على “حماس”. إنّه يريد عودة سيطرة “إسرائيل” على قطاع غزة، بالضبط كما يطالب سموتريش وبن غفير. وهذا هو في الواقع الخطأ الثالث، الأسوأ على الإطلاق، الذي اختارته الحكومة.

إنّ استمرار هذا الاتجاه سيضع “إسرائيل” في حفرة متنامية من المشكوك في أننا سنعرف كيف نخرج منها.

——————————————–

جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعقب مسرب وثائق مزعومة لحماس

 إلى إعلام غربي

قال إعلام عبري إن جيش الاحتلال يحقق حاليا في تسريب وثائق يُزعم أنها لحركة حماس، إلى وسائل إعلام في أوروبا بغرض التأثير على الرأي العام الإسرائيلي بما يدعم مواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن إبرام صفقة مع حماس، وأنه عازم على العثور على الشخص أو الحزب الذي يقف وراءها.

وأفاد موقع “واينت” الإخباري العبري الخاص بأن “الجيش فتح، نهاية الأسبوع الماضي، تحقيقا داخليا لمعرفة من يتلاعب بوثائق حماس السرية التي تم الاستيلاء عليها خلال العمليات في غزة، أو تلك التي يُزعم أنها أخذت من حماس، ويمررها إلى وسائل الإعلام الدولية من أجل محاولة التأثير على الرأي العام في إسرائيل بشأن قضية صفقة الرهائن” (الأسرى الإسرائيليين في غزة).

وأضاف: “من المتوقع أن تزيد هذه القضية التوتر بين المؤسسة الأمنية ونتنياهو، الذي وصل بالفعل إلى ذروة جديدة في أعقاب الخلاف العميق بين الطرفين بشأن الصفقة”.

ووفق إعلام عبري، يؤيد الجيش الإسرائيلي إبرام صفقة مع حركة حماس لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، خلافا لموقف نتنياهو المعارض لوقف الحرب.

فيما يتمسك نتنياهو بالبقاء في “محور فيلادلفيا” بين غزة ومصر شرطا للموافقة على الصفقة، وسط اتهامات سياسيين وإعلاميين له بعرقلة الصفقة خوفا من انهيار حكومته التي تضم وزراء من اليمين المتطرف رافضين لوقف الحرب.

وعن طبيعة الوثائق المسربة والمنسوبة لحماس، أشار موقع “واينت” إلى أن صحيفتي “جويش كرونيكل” البريطانية و”بيلد” الألمانية نشرتا في الفترة الأخيرة ما “ادعتا أنه وثائق داخلية وسرية لحماس تعكس على ما يبدو عقلية واستراتيجية زعيم الحركة يحيى السنوار”.

لكن تلك الوثائق، وفق الموقع العبري، تتفق مع مزاعم نتنياهو بشأن رفض حماس للصفقة المقترحة، وادعائه “وجود خطة لتهريب كبار مسؤولي الحركة الفلسطينية عبر محور فيلادلفيا”.

وتؤكد حماس رغبتها في إنهاء الحرب، لكنها تصر على انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف تام للحرب للقبول بأي اتفاق.

وأوضح موقع “واينت” أنه بعد “فحص أجراه الجيش للوثيقة المنشورة في صحيفة بيلد والمنسوبة زعما للسنوار، تبين أنها لم تكن للأخير، بل كانت مقترحا من مسؤول متوسط المستوى في حماس”.

وأضاف: “فيما لا يظهر في الوثيقة ما قالت الصحيفة الألمانية إنه اقتباس يزعم أن حماس غير مهتمة بالصفقة”.

وفيما يتعلق بالوثيقة المنسوبة زعما لحماس والتي ادعت صحيفة “جويش كرونيكل” الكشف عنها، قال موقع “واينت” إن “فحص جميع قواعد بيانات المواد المضبوطة التي تم جمعها منذ بداية المناورة البرية في غزة كشف أنه لا يوجد أحد في وحدة الاستخبارات العسكرية التي تصل إليها هذه المواد، ومجتمع الاستخبارات بشكل عام، لديه أي فكرة عنها، ومن يقف خلفها”.

ونقل الموقع عن مسؤول عسكري إسرائيلي مطلع على تفاصيل التحقيق، لم تسمه: “هذه مسألة خطيرة للغاية”.

وأضاف المسؤول: “هناك أنظمة في الجيش الإسرائيلي وأجهزة استخبارات أخرى مهمتها التأثير على العدو، لكن بموجب القانون يُحظر محاولة تشغيل مثل هذا النظام للتأثير، وبالتأكيد ليس بالاستخدام السطحي للمواد السرية التي لم يُسمح بتوزيعها على الجمهور على الإطلاق”.

وتابع: “هذه حملة للتأثير على الجمهور الإسرائيلي.

نحن لا نتعامل مع السياسة، ولكن مع خطوة خاطئة تمامًا، ونحن عازمون على العثور على الشخص أو الحزب الذي يقف وراءها”.

——————انتهت النشرة——————