الحرب على غزة ستهيمن على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة

من المقرر أن يتوجه زعماء العالم إلى الأمم المتحدة في الأيام المقبلة لمناقشة قائمة طويلة من التحديات العالمية تتصدرها حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ عام.

وستكون هذه أول دروة اجتماعات تعقدها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة التي خلفت أكثر من 41 ألف شهيدا فلسطينيا.

وصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للصحفيين في مؤتمر صحفي قبل الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة: “نرى انقسامات جيوسياسية خارجة عن السيطرة وصراعات جامحة – ليس أقلها في غزة والسودان وأوكرانيا ووخارجها”.

ومن المتوقع أن تهيمن هذه الحروب الثلاث على جدول أعمال الجمعية العامة ــ سواء في خطابات الزعماء أمام الجمعية أو في العديد من الاجتماعات الجانبية.

دعم دولي لوقف الحرب

إن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة أصبح أكثر إلحاحاً الآن بالنظر إلى ما شهده القطاع ولا يزال من مجازر مروعة بحق المدنيين الفلسطينيين والإدانات الدولية الشديدة للجرائم الإسرائيلية.

يأتي ذلك فيما حولت دولة الاحتلال الإسرائيلي اهتمامها إلى حدودها الشمالية مع لبنان وتبدو عازمة على البناء على ضربة قوية لمسلحي حزب الله على خلفية مساندته لغزة.

وصرح وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت للجنود في قاعدة رامات ديفيد الجوية الشمالية: “نحن في بداية مرحلة جديدة في الحرب ومن الأهمية بمكان أن نعمل في تعاون وثيق بين المنظمات [الأمنية] على جميع المستويات”.

ومن المقرر أن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كلمة أمام الجمعية العامة.

وقالت رندا سليم، زميلة بارزة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، لـ “صوت أميركا”: “سيركز الرئيس عباس على محنة شعبه – سيركز على حملة الإبادة الجماعية التي تجري، وسيحذر من خطر انفجار هذا الصراع في الضفة الغربية، وسيحذر أيضا من مخاطر عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في وقت قريب، من حيث تداعياته على المنطقة والاستقرار الإقليمي”.

وفي شهر مارس/آذار، قال مسؤول في الأمم المتحدة إن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن إبادة جماعية ارتكبت في غزة.

وذكرت سليم: “من ناحية أخرى، سوف ترى رئيس الوزراء الإسرائيلي يذكر الناس بهجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، ويروج مزاعم أنهم في حرب دفاعية، وسوف يعيد التأكيد على أولويات الحرب وهي القضاء على المقاومة الفلسطينية”.

وفي شهر مارس/آذار، قالت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن هناك “أسباباً معقولة” للاعتقاد بأن (إسرائيل) ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.

تحدي المحكمة الجنائية

قدّمت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أمس الجمعة، طعناً رسمياً في طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش يوآف غالانت.

وطعنت حكومة الاحتلال في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية القضائي وفي شرعية طلبات المدعي العام إصدار مذكرتي اعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين، من وجهين؛ الأول يتعلق بمسألة الاختصاص القضائي، حيث دعت إسرائيل المحكمة إلى عدم المضي قدمًا في القضية أو إصدار مذكرات الاعتقال دون حسم مسألة اختصاصها.

وكان الوجه الثاني يتمحور حول كيفية تصرف المدعي العام، حيث تزعم (إسرائيل) أنه لم يمنحها فرصة حقيقية لإجراء تحقيقات داخلية مستقلة، علما بأن نتنياهو نفسه يرفض تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.

ويعتمد الاحتلال الإسرائيلي في ذلك على ما يسمى بمبدأ “التكامل”، الذي ينص على أنه إذا قامت دولة بالتحقيق بنفسها بشكل مستقل وغير مسيس، فلا يحق للمحاكم الدولية التدخل.

ويدعي الاحتلال الإسرائيلي أن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، يقتضي فتح “ملف جديد” لا يمكن الاستناد فيه إلى القضية السابقة التي فُتحت قبل سنوات حول القضية الفلسطينية، والتي ركزت بشكل رئيسي على الضفة الغربية وليس على قطاع غزة.

وطلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية “خان”، من المحكمة في مايو/أيار الماضي، إصدار مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت على خلفية الاشتباه بارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وفي آب/ أغسطس الماضي، حضّ مكتب “خان” المحكمة على التحرّك “بشكل عاجل إلى أقصى حد”، مشيرا إلى أن “حيازة المحكمة الاختصاص القضائي في هذه الحالة قانون راسخ”.

وتشمل اتهامات “خان” لـ”نتنياهو” و”غالانت”، قيامهما بحرب أدت إلى “تجويع المدنيين” و”الإبادة” و”توجيه هجمات عمدا ضد السكان المدنيين” عن سبق الإصرار والترصد.

وبخلاف محكمة العدل الدولية المعنية بالنزاعات بين الدول، تحاكم الجنائية الدولية الأفراد الذين يشتبه بارتكابهم الجرائم الأكثر فظاعة.

وهي المحكمة الوحيدة المستقلة في العالم التي تأسست للتحقيق في أخطر الجرائم، بما فيها الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

لكنها تعتمد على الدول الأعضاء فيها لتنفيذ مذكرات التوقيف ولا تملك قوة شرطة تابعة لها.

يذكر أنه قبل عشرة أيام، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، تسريع إصدار مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت، كما طالب بتسريع مذكرة اعتقال بحق رئيس حركة حماس، يحيى السنوار.

وبدعم أمريكي، يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حرباً على غزة، خلّفت أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تُواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.