
شبكة المسار الاخباري:
د. عامر الهزيل
ىتشير البيانات المستندة إلى استطلاعات الرأي العام في إسرائيل إلى وجود حالة من عدم الرضا عن الأداء الحكومي، مع وجود اتجاهات واضحة في التطورات الاجتماعية والسياسية. على سبيل المثال، يشعر 47% من الإسرائيليين بالقلق من أن إجراء صفقة تبادل قد يؤدي إلى تفكك الحكومة. وبناءً على ذلك، يعتقد قسم كبير من الجمهور 48% أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يؤجل عقد صفقة التبادل لهذا السبب. لذلك، يُقيّم 68% من المواطنين أداء الحكومة بشكل سلبي، مما يعكس أزمة ثقة وقلقًا حيال الوضع السياسي والاجتماعي ومصير الدولة ككل.
كما تعكس هذه الحالة الهجرة المعاكسة للنخب والعقول. فعلى سبيل المثال، من كل عشرة أطباء يسافرون للتخصص في أوروبا وأميركا، يعود إلى إسرائيل ثلاثة منهم فقط. وبرأي هؤلاء، يعود السبب في ذلك إلى الأوضاع السياسية التي أوجدتها الحكومة الحالية، بما في ذلك مشروع “الثورة القضائية”، وفقدان الأمن والأمان بسبب الحرب. وبالتالي، ينتظر كثير من الإسرائيليين نتائج انتخابات 2026 ليقرروا ما بين الهجرة أو البقاء.
واقع تعكسه نتائج الاستطلاعات الأخيرة لقناة 12، والتي سلطت الضوء على المقارنة بين مشاركة نفتالي بينيت في الانتخابات المقبلة أو عدمها. يتبين من الاستطلاع أنه في حالة إجراء الانتخابات اليوم مندون مشاركة بينيت، يحصل حزب الليكود على 23 مقعدًا، والمعسكر الوطني برئاسة غانتس على 19 مقعدًا، و”يش عتيد” برئاسة لبيد على 15 مقعدًا، وحزب يسرائيل بتينو برئاسة ليبرمان على 14 مقعدًا، والديمقراطيون (العمل وميرتس) على 11 مقعدًا، وحزب شاس على 9 مقاعد، وعوتسما يهوديت برئاسة بن غفير على 8 مقاعد، وحزب يهدوت هتوراة على 7 مقاعد، والجبهة والعربية للتغيير على 5 مقاعد، والموحدة على 5 مقاعد أيضًا، فيما يحصل حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش على 4 مقاعد، والتجمع يقترب من حصة الأربعة مقاعد.
تعكس هذه النتائج انقسام الكتل إلى مؤيدي نتنياهو (51 مقعدًا) ومعارضيه (64 مقعدًا)، دون احتساب كتلة الجبهة والعربية والتغيير. تظهر هذه النتائج أن معارضي نتنياهو يتفوقون على مؤيديه بفارق 13 مقعدًا، مع القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس ومن دون الجبهة. هذه البيانات تشير إلى قوة المعارضة وقدرتها على تشكيل حكومة بديلة إذا ما تم التنسيق بين الأحزاب وضمن تكوين الحكومة القائمة الموحدة.
الجديد في هذا الاستطلاع هو اقتراب حزب التجمع الوطني الديمقراطي من نسبة الحسم، وإذا تحقق ذلك، ستكون قوة الأحزاب العربية 14 مقعدًا. وفي حالة وحدتهم ووصول نسبة تصويتهم إلى 73% على الأقل، ستكون قوتهم أكبر، وسيتعذر على أي طرف من الكتل الصهيونية تشكيل الحكومة المقبلة من دونهم إذا لم يشارك بينيت في الانتخابات.
ومع ذلك، فإن الساحة السياسية والحزبية ستتغير تمامًا في حالة مشاركة اليميني المتشدد، رئيس الحكومة الأسبق بينيت. في حالة كهذه، تشير نتائج الاستطلاع إلى حصول الليكود على 22 مقعدًا، ونفتالي بينيت على 21 مقعدًا، والمعسكر الوطني على 12 مقعدًا، ويش عتيد على 11 مقعدًا، ويسرائيل بتينو على 10 مقاعد، والديمقراطيون على 10 مقاعد، وحزب شاس على 9 مقاعد، وعوتسما يهوديت على 8 مقاعد، ويهدوت هتوراه على 7 مقاعد، والجبهة والعربية للتغيير على 5 مقاعد، والقائمة الموحدة على 5 مقاعد أيضًا، والصهيونية الدينية على 3%، وكذلك التجمع على 3%.
في مثل هذه الحالة، ستكون قوة الكتلة المؤيدة لبنيامين نتنياهو 46 مقعدًا، والمعارضة له 69 مقعدًا، دون الجبهة. بالإجابة على سؤال “من هو الأنسب لتولي رئاسة الحكومة؟”، يتفوق نتنياهو على جميع منافسيه في حالة عدم مشاركة بينيت. ومع ذلك، تنقلب الصورة تمامًا في حالة مشاركة بينيت، حيث يحصل نتنياهو على 32%، وبينيت على 40% من نتائج التصويت لرئاسة الحكومة.
هذه النتيجة تتعزز مع كل موقف متشدد ومتطرف أكثر لبينيت، مما يعزّز فرصته في انتخابات 2026 ليكون بديلًا محتملًا لنتنياهو. وهذا يعني قلب الخارطة السياسية في إسرائيل رأسًا على عقب على مستويين: كتلة الحكومة ورئاستها. بحسب هذا الاستطلاع، يحصل بينيت على مقاعده البالغة 21 من اليمين، على حساب عدة أحزاب بدءا من حزب الديمقراطيين وصولًا إلى الليكود. وبهذا تصبح كتلة حكومته 69 مقعدًا مع الموحدة ومن دون الجبهة، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية انضمام حزب الليكود وغيره إليه إذا خسر نتنياهو الانتخابات.
معنى ذلك أن بينيت يستطيع تشكيل حكومته اليمينية، والتي لن تقل تطرفًا عن الحكومة الحالية، من دون الموحدة بقيادة منصور عباس، سواء كان ذلك مع دعم الليكود أو من دونه.
خلاصة القول: يواجه نتنياهو مأزقًا سياسيًا حقيقيًا رغم مكاسبه الكبيرة على الجبهة العسكرية. ومع ذلك، لن تستبدل إسرائيل نتنياهو إلا بمن هو أكثر تطرفًا وتشددًا منه، مثل بينيت. مواقف بينيت معروفة بشأن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وحقوق الفلسطينيين بين النهر والبحر.
وهذه رسالة للأحزاب العربية: توحدوا، وللجمهور العربي: اخرجوا للتصويت في انتخابات عام 2026، لأن الحصول على 20 مقعدًا في الكنيست قد يغير موازين السياسة الإسرائيلية، بشرط بناء وتوحيد المجتمع الفلسطيني، وتمكينه سياسيًا واجتماعيًا، ورفع جاهزيته لمواجهة التحديات القادمة، وهي كثيرة وخطيرة.
المصدر …. عرب 48