إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس ذي ماركر 23/4/2025

ضعف الدولار في العالم أدى الى اضعاف الشيكل مقابل عدد من العملات

بقلم: ايتي بات – يا

انخفاض سعر الدولار امام العملات البارزة في العالم منذ بداية السنة، بالأساس في الفترة الأخيرة، على خلفية برنامج الجمارك لترامب وارتفاع سعره امام الشيكل في المقابل، أدى الى ضعف الشيكل امام عدد من العملات. مؤشر الدولار في آي.سي.إي، الذي يتابع سعر الدولار مقابل سلة تتكون من ست عملات لشريكات تجارية كبرى للولايات المتحدة، مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين، انخفض 9.3 في المئة منذ بداية السنة.

ايديت موسكوفيتش، مديرة غرف التداول في البنك الدولي، شرحت بأن سعر الصرف بين الشيكل وعملات الشريكات التجارية الكبرى لإسرائيل، حتى لو جرى تبادل تجاري مباشر بين العملتين، يرتبط بالأساس بسعر الصرف بين هذه العملات والدولار الأمريكي، أي أن الربط بين أداء الدولار امام الشيكل وأداء الدولار امام عملة أخرى سيؤدي تقريبا الى أداء الشيكل امام نفس العملة الأخرى. “الدولار انخفض 11 في المئة مقابل اليورو منذ بداية السنة، لكنه تعزز 2 في المئة مقابل الشيكل. لذلك فان هذه الـ 2 في المئة “نحملها” على سعر اليورو – شيكل، ويمكن رؤية أن الشيكل قد انخفض امام اليورو بنسبة 13.4 في المئة”، قالت موسكوفيتش. وحسب قولها فان إضافة التخفيض للشيكل امام أي عملة أخرى مقارنة بتخفيض الدولار امام نفس العملة هو 2 – 4 في المئة. 

موسكوفيتش أوضحت أيضا بأن سعر صرف الشيكل يتاثر بالأساس من التداول المالي، وأن التداول الواقعي المرتبط باستهلاك العملة الأجنبية والعملة المحلية للمستوردين والمصدرين في إسرائيل هو هامشي بالنسبة له، واقل تاثير على سعر الصرف.

وهي تذكر أيضا بأنه بشكل عام المستوردون في إسرائيل يكسبون من ان الشيكل تعززت قيمته، لأنه هكذا قوتهم الشرائية من الموردين في الخارج ترتفع. في المقابل، المصدرون يخسرون من شيكل قوي، لأنه بالنسبة لزبائنهم في الخارج التجارة الإسرائيلية يرتفع سعرها بمفاهيم العملة الاصلية لهم. في الاتجاه المعاكس، لنفس الأسباب، فان الشيكل الضعيف يساعد المصدرين الإسرائيليين ويضر المستوردين الإسرائيليين.

التداول بعملة اجنبية يحدث بالأساس بين بنوك إسرائيلية وبنوك اجنبية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ولكن حسب موسكوفيتش فان ذلك لا يعني أن الطرفين يتاجران فيما بينهما بالشيكل والدولار واليورو، التي هي عملاتهم الأساسية. البنوك في إسرائيل تتاجر أيضا مع بنوك أوروبية وامريكية باليوان الصيني أو الين الياباني أو الروبية الهندية وغيرها. مع ذلك، حسب قولها، أساس التبادل المالي الذي يجري في إسرائيل بالشيكل امام عملات اجنبية هو امام الدولار واليورو، مثلما في العالم.

موسكوفيتش فصلت أيضا أن المنظومة المصرفية في إسرائيل هي التي عبرها أيضا الجهات المؤسسية والمسؤولة على الاغلب عن حجم التداول المالي بالعملة الأجنبية، تتاجر بالعملات الأجنبية. هكذا فان غرف التداول في البنوك يمكن أن توفر صورة موثوقة عن طلب تجار سوق العملة الأجنبية في إسرائيل للعملات الاجنبية – لأن البنوك هي العنوان الرئيسي.

سوق العملات الأجنبية يسعر الحرب التجارية

أيضا الشيكل يمكن قياسه امام سلة عملات، التي شكلها بنك إسرائيل والتي تشمل 21 عملة مختلفة لـ 29 شريك تجاري. منذ بداية السنة الشيكل انخفض 5.8 في المئة امام هذه السلة. هذه القائمة تشمل، حسب حجم التجارة ووزنها في السلة، الدولار، اليورو، اليوان الصيني، الباوند الإنجليزي، الليرة التركية، الروبية الهندية، الين الياباني والفرنك السويسري.

منذ بداية السنة تعززت قيمته امام الشيكل 2 في المئة، كما قلنا، الآن تبلغ قيمته 3.713 شيكل. “من يعطي النغمة الأساسية في السنوات الأخيرة في سعر الدولار – شيكل هي الجهات المؤسسية، التي زادت الانكشاف على الولايات المتحدة على حساب السوق الإسرائيلية”، قالت موسكوفيتش.

المشكلات تأتي دفعة واحدة

“انخفاض مؤشرات الأسهم في أمريكا تقتضي من المؤسسات تحويل الضمانات في شكل دولارات مقابل عقود الاستثمار الخاصة بها في مؤشرات وول ستريت. منذ بداية السنة المؤشرات انخفضت، وخلال هذه الفترة القصيرة اضطرت المؤسسات الى شراء الكثير من الدولارات مقابل هذه الأوراق المالية. ولأن السيولة في إسرائيل غير عميقة ولا يمكن أن توفر بسرعة كل طلب المؤسسات للدولارات، فان الدولار تعزز امام الشيكل”. سبب آخر لضعف الشيكل امام الدولار هو ارتفاع المخاطرة في إسرائيل منذ بداية السنة، حسب موسكوفيتش. 

السبب من ناحية موسكوفيتش في ضعف الدولار امام اليورو هو الحرب التجارية. “التقدير في الأسواق هو أن الحرب التجارية ستضر كثيرا بالولايات المتحدة. إضافة الى ذلك الأسواق تعطي علاوة مخاطرة سياسية اعلى للإدارة الامريكية في ظل ترامب. املاء سياسة متطرفة ومتذبذبة، وقرارات غير مترابطة ومتضاربة وعدم وجود امن اقتصادي وسياسي، واتهام ترامب لرئيس بنك الاحتياط الفيدرالي بتأخير خفض سعر الفائدة، كل ذلك يسبب حالة عدم يقين بشأن أدائه. وسوق الصرف الأجنبية تحول كل ذلك الى اضعاف الدولار مقابل اليورو.

باختصار، موسكوفيتش تقول “نحن نرى أن العملات التي تتعزز امام الدولار تنتمي للاقتصادات الأكثر تطورا، في حين أنه في الاقتصادات النامية مثل الهند وتركيا، التي ليست بحجم الدول العظمى اقتصادية، فان عملاتها بقيت ثابتة امام الدولار، أو أنها ضعفت”.

——————————————-

معاريف 23/4/2025

تتصدى الاردن لسلسلة من التحديات والتهديدات، من الداخل والخارج

بقلم: ميخائيل هراري

الحرب في غزة والتطورات الدراماتيكية في المنطقة تطرح على الأردن جملة من التحديات تقض مضاجعه. فامتداد الحرب والازمة الإنسانية الحادة في القطاع صعبة جدا على المملكة التي دعت سفيرها في إسرائيل للعودة الى عمان منذ مرحلة مبكرة من الحرب. إضافة الى ذلك، عليها أن تواجه فكرة “الريفييرا في غزة” لترامب، محاولات الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية، الجهود الإيرانية لتسخين الجبهة الداخلية في الأردن وغيرها. الى جانب كل هذا يوجد الوضع الاقتصادي الذي يتحدى المملكة بشكل شبه دائم. لم يستقبل سقوط نظام الأسد في دمشق بحزن في الأردن، لكن البديل الإسلامي في شكل أحمد الشرع يقلق القصر الملكي اكثر في ضوء تداعياتها المحتملة على التيار الإسلامي في المملكة وفي المنطقة. انجاز “جبهة العمل الإسلامي” التي تمثل الاخوان المسلمين في  الأردن، في الانتخابات الأخيرة للبرلمان في أيلول 2024 كان محاولة من النظام للسماح للمعارضة “بالتنفيس” على أمل التحكم قدر الإمكان بالساحة الداخلية المعتملة. 

تحليل الساحة الأردنية كفيل بان يضلل. فالمملكة الهاشمية تتصدى لسلسلة تحديات، اقتصادية وسياسية، وكانت قادرة عليها حتى الان، كثيرا بفضل التقاء المصالح الاستراتيجي مع إسرائيل والاعتماد على الولايات المتحدة. التعلق الأردني باستيراد الغاز من إسرائيل مثلما هو أيضا على المساعدات الامريكية، هام، لكن اذا ما وعندما تتآكل الثقة مع هؤلاء اللاعبين مثلما يحصل الان، فان التعلق يغذي النقد الداخلي الحاد. 

هل توجد للاردن بدائل في شكل دول كروسيا أو الصين؟ يبدو ان لا، على الأقل في المدى المنظور للعيان، لكن خطابا إعلاميا أكاديميا يجري منذ الان في هذا الاتجاه. هل يقف الأردن امام “تهديد وجودي”؟ اردنيون غير قليلين سيجيبون بالإيجاب. واسرائيليون سيدعون بان هذا مرة أخرى هو “إحساس عادي” تكثر المملكة من استخدامه.

إذن ما الذي تغير؟ أولا، يدور الحديث عن بضعة تطورات، وعلى رأسها التهديد بترحيل الفلسطينيين من القطاع الى الأردن، ولاحقا ربما أيضا من الضفة الى الأردن. ثانيا، يدور الحديث عن ساحة إسرائيلية مختلفة بشكل جوهري عما في الماضي. الخطاب الاسرائيلي عن الضم الذي هو اليوم جزء من اجندة لوزراء مركزيين في الحكومة، يخلق تهديدا ملموسا. التخوف في الأردن، سواء كان مبالغا فيه أم لا، هو ان إسرائيل الحالية لا تخشى من حل المشكلة الفلسطينية على حساب الأردن. الكثيرون سيعتقدون بأن مصر يمكنها أن تبقى اذا ما أجبرت على أن تستضيف في سيناء فلسطينيين من القطاع. ليس هكذا هو الحال في الأردن. واضافة الى ذلك، كما اسلفنا، يتصدى الأردن الان لجبهتين حيويتين تشكلان سنده الاستراتيجي، إسرائيل والولايات المتحدة.

هل مخاوف المملكة الهامشية مبالغ فيها؟ هل حيويتها بالنسبة لإسرائيل ستبقى لها، رغم المذهب السياسي لحكومة إسرائيل الحالية؟ يحتمل. لكن، كما اسلفنا يدور الحديث عن جملة إشكالية واستثنائية تتصدى لها المملكة. يجدر بإسرائيل العقلانية أن تفتح عيونها وتفحص جيدا مصالحها الاستراتيجية مع الأردن.

 ——————————————

هآرتس 23/4/2025

انتخاب نائب لعباس يوقظ معارك الخلافة النائمة للسلطة

بقلم: جاكي خوري

اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي سيفتتح اليوم في رام الله وسيستمر ليومين، كان يمكن أن يكون حدث مؤسسي، حيث أنه على جدول الاعمال انتخاب نائب لرئيس م.ت.ف محمود عباس. في الساحة السياسية الفلسطينية والعربية، وفي أوساط دوائر إسرائيلية، هناك من يحاولون تأطير الحدث كانتخاب وريث لمحمود عباس (أبو مازن). مع ذلك، مستوى اهتمام الجمهور بهذه العملية قليل، ربما لأنه لا يوجد الكثير من الأشخاص الذين يعتبرونها خطوة مهمة على المدى البعيد.

أبو مازن المحسوب على جيل مؤسسي م.ت.ف، يرتدي ثلاث قبعات: رئيس اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حركة فتح. دوره يجمع قوة كبيرة ونفوذ، والنائب الذي سيتم انتخابه يمكن أن يتسلم، على الأقل على الورق، جزء من صلاحيات الرئيس.

المجلس المركزي الفلسطيني يعتبر جسم بارز في الهيكلية المؤسساتية للشعب الفلسطيني. الحديث يدور عن مجلس يضم 180 عضو، وهو اطار تم انتخابه من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، الذي هو تنظيم اعلى يوجد فيه تمثيل للفصائل والمنظمات المهنية التي تخضع لـ م.ت.ف، ولا يوجد فيه تمثيل لحماس والجهاد الإسلامي. ولكن م.ت.ف ومؤسساتها، حسب الادعاءات التي سمعت، تم افراغها في السنوات الأخيرة من قبل أبو مازن ورجاله من أي نفوذ، وأيضا القرارات التي اتخذت لم يتم تنفيذها. مثل وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل وإلغاء الاتفاقات التي تم التوقيع عليها، بما في ذلك الاعتراف المتبادل بين م.ت.ف وإسرائيل. 

لقد تمت دعوة الى اللقاء في رام الله اليوم أعضاء المجلس المركزي، لكن من غير المعروف ماذا ستكون درجة الاستجابة من جانب الفصائل والممثلين الذين يشكلونه، لأنه يوجد بينهم من يوجدون في الخارج أو في قطاع غزة، وإسرائيل، بطبيعة الحال، لن تسمح بدخولهم. حسب القواعد المعمول بها فان اللقاء بحاجة الى حضور ثلثي أعضاء المجلس. علامة استفهام أخرى بهذا الشأن ترتبط بقرار اللجنة المركزية لفتح، وهي التنظيم الذي يسيطر الآن في م.ت.ف وفي الضفة الغربية. أمس اجتمعت اللجنة لمناقشة أسلوب انتخاب النائب والصلاحيات التي ستعطى له، لكن موقفها لم يتم نشره. 

مصدر رفيع في المنطمة تحدث مع “هآرتس قال إن ممثلي فتح لن يمنعوا انتخاب الرئيس، لكنه أكد على أن الانتخاب هو لمنصب نائب رئيس م.ت.ف فقط. “هذا سيكون نائب رمزي ولن يدير الأمور بالفعل”، قال هذا المصدر وأضاف. “إدارة شؤون السلطة ومؤسساتها ستبقى في يد الرئيس والحكومة”. 

السلطة الفلسطينية تأسست من داخل م.ت.ف بعد اتفاقات أوسلو. وبضغط من إسرائيل وامريكا تم وضع منصب رئيس الحكومة تحت منصب رئيس السلطة. مع مرور السنين إدارة شؤون السلطة أصبحت أمر مركزي لأن الميزانيات وأجهزة الامن تتم ادارتها تحت قيادته، في حين أن م.ت.ف مسؤولة عن المفاوضات السياسية، التي بالفعل لم تجر منذ 15 سنة. 

هذا المصدر الرفيع لم يخف التحفظ من انتخاب نائب للرئيس، وشرح بأن قرار اجراء الانتخاب يأتي أيضا في اعقاب ضغط عربي ودولي. ولكن حسب قوله فان الحديث لا يدور عن انتخاب رئيس سيمسك بزمام الأمور بعد أبو مازن.

“حسب الحوار في الساحة السياسية الفلسطينية فان المرشح الرائد لمنصب النائب هو سكرتير عام اللجنة التنفيذية في م.ت.ف، والمقرب من أبو مازن، حسين الشيخ، حتى لو كان هناك من يدعون الأحقية بهذا المنصب، من بينهم شخصيات رفيعة في فتح مثل جبريل الرجوب، الذي يعتبر مثل الشيخ من الجيش المتوسط في المنظمة، محمود العالول، الذي ينتمي الى جيل المؤسسين. 

في نفس الوقت انتخاب النائب يبدو أنه لن يؤثر على منصب رئيس م.ت.ف، حيث أنه قبل بضعة اشهر وقع أبو مازن على امر رئاسي بحسبه من سيتولى منصب رئيس م.ت.ف في حالة عدم الأهلية سيكون رئيس المجلس الوطني الى حين اجراء انتخابات جديدة للرئيس. الآن من يشغل هذا المنصب هو روحي فتوح، الذي يعتبر شخص رمادي جدا، ولا يمكنه قيادة عمليات. 

عدم الوضوح يلف أيضا تحديد الدور الدقيق، في هذه المرحلة غير معروف بأي مستوى سينجح النائب، اذا تم تعيينه، في جمع القوة والصلاحيات في يديه، أو أن المنصب سيكون رمزي فقط. حسب رأي عضو في المجلس المركزي، لعب في السابق عدة أدوار رئيسية في السلطة وفي م.ت.ف، فان احد التحديات التي ستواجه أي وريث مستقبلي هو مدى الشرعية التي سيحصل عليها من الشعب الفلسطيني. وفي ظل غياب آلية انتخابات شفافة، قال للصحيفة، لا يستطيع أحد الادعاء بأنه الزعيم. “حتى ياسر عرفات، أبو الثورة الفلسطينية ومؤسسها، كان بحاجة الى صندوق الاقتراع، وهكذا أيضا أبو مازن”. 

المقربون من الشيخ، وهو نفسه أيضا، يحاولون مؤخرا طرح موقف يقول بأن كل من سيأتي مكان أبو مازن سيدير شؤون السلطة وم.ت.ف بشكل مؤقت الى حين حصوله على الشرعية في صناديق الاقتراع. ولكن الخوف من جانب معارضيه هو أن ما سيبدأ كمؤقت سيصبح ثابت. وفوق  كل ذلك فان قيادة السلطة الفلسطينية تعرف أن أي تعيين وأي منصب في هذه المرحلة لا توجد له أهمية عملية فيما يتعلق بالمستقبل السياسي للفلسطينيين، وأن الامر هو مجرد مسألة إدارية. نحن في عصر تدفع فيه حكومة نتنياهو وسموتريتش وبن غفير نحو الطرد من غزة وضم الضفة وتدمير السلطة، وبشكل عام تدمير أي طموح للفلسطينيين بتقرير المصير. هذا عصر تنظر فيه الإدارة الامريكية الى العالم من زاوية الصفقات العقارية، والقضية الوطنية الفلسطينية لا توجد على جدول اعمالها البتة، لخص المصدر الرفيع أقواله. وحسب قوله فانه حتى لو كانت صلاحيات واسعة للمؤسسات وتغيير للكوادر، إلا أن ذلك لا يشير الى أن أفق واعد فتح، بل الامر هو ليس اكثر من معركة على خلافة سلطة فلسطينية تحتضر ومخدرة.

——————————————-

معاريف 23/4/2025 

تقويض حماس عسكريا وسلطويا يمكن أن يتحقق بعد أن تنتهي قضية المخطوفين

بقلم: افي اشكنازي

من الصعب على المرء أن يصدق كيف تحولت الساحة الهامشية، الأقل قوة، في السنة والنصف الأخيرتين الى المشكلة المركزية لإسرائيل وكيف نجحت إسرائيل في أن تعالج بشكل جذري وصائب حزب الله الذي كان التهديد المركزي عليها. 

نبدأ بلبنان: أمس هاجم سلاح الجو مرتين مخربين اثنين من حزب الله، صفيا بهجوم مركز. في الأسبوع الماضي هاجم سلاح الجو اكثر من 30 مرة في لبنان. هاجم مخربين في مستويات قيادة ومراكز معلومات مختلفة، هاجم جرافات وشاحنات وأشار لحزب الله الى أن إسرائيل حاليا لن تسمح باعمار قرى التماس في جنوب لبنان. بالتوازي، هاجم سلاح الجو منصات اطلاق ومستودعات ذخيرة حاول حزب الله نقلها الى جنوب لبنان. 

 في كل زمن معين تطير من فوق لبنان سوريا غير قليل من الطائرات، المُسيرات وطائرات التصوير وجمع المعلومات لسلاح الجو. الرقابة ليس فقط جوية بل وأيضا برية، من قبل وحدات جمع المعلومات والنشاط في قيادة المنطقة الجنوبية. “هجماتنا في لبنان تستهدف الايضاح لحزب الله بان ما كان لن يكون. إسرائيل مصممة على الا تسمح لحزب الله بإعادة بناء نفسه. لن تسمح بان تكون تهديدا على إسرائيل بعامة وعلى بلدات الشمال بخاصة”، قال هذا الأسبوع ضابط كبير في قيادة المنطقة الشمالية. 

اعمال الإحباط في لبنان اتيحت في اعقاب إدارة صحيحة لحملة “سهام الشمال”، التي نجح فيها الجيش الإسرائيلي في أن يضرب ويهزم بشكل حاد وواضح حزب الله وأدى الى تفكيك المحور الشيعي الإيراني، بما في ذلك انهيار نظام الأسد في سوريا  – دولة المحور المركزية بين ايران ولبنان. 

الوحدات التي قاتلت في لبنان هي الوحدات ذاتها التي قاتلت في غزة. الفرق بين لبنان وغزة بسيط. في لبنان عمل الجيش الإسرائيلي بشكل حر، بدون مخطوفين في ايدي حزب الله، لكن أيضا بدون ضغوط سياسية في داخل الحكومة. 

في هذه اللحظة ليس لإسرائيل حقا خطة مرتبة بشأن غزة. اهداف الحرب هي ثلاثة، لكن كبار في الجيش يقولون بشكل واضح ان هدف الحملة في هذه اللحظة هو ممارسة الضغط على حماس لتحرير الـ 59 مخطوفا. 

هذا حرج من ناحية تكتيكية لاجل الاستنفاد في المستقبل لهدف الحرب الاضافيين: الهزيمة العسكرية لحماس وهزيمة حكم حماس. هذا يفهمه ايضا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كما يفهمه أيضا وزير الدفاع إسرائيل كاتس. 

هذا بالضبط هو السبب الذي يجعل إسرائيل تفضل تمديد العملية بهذه القوة، عدم تجنيد فرق الاحتياط وعدم الالقاء بعموم الجيش في داخل المعركة.

جلسة الكابنت أمس كانت مثابة تنفيس للاعضاء الذين لا يفهمون كيف أننا مع كل القوة العسكرية لا نرى المخطوفين. 

السؤال هو هل في إسرائيل سيفهمون بان المخطوفين يمكن أعادتههم ليس فقط بقوة عسكرية. الموضوع هو ان هدفي الحرب الآخرين يمكن تحقيقهما بالذات بسهولة عندما يكون الجيش الإسرائيلي محررا وحرا. عندها يمكنه أن يعمل بالضبط مثلما يعرف كيف يعمل: الكثير من القوة، الكثير من النار. من لا يصدق ذلك عليه ببساطة أن ينظر شمالا ليرى أن هذا ممكنا.

——————————————-

هآرتس 23/4/2025 

رجال الإغاثة يُقتلون من مسافة صفر

بقلم: ينيف كوفوفيش

قوة دورية غولاني التي قتلت عاملي الإغاثة في رفح حصلت على تقرير عن حركة متزايدة لسيارات الإسعاف في المحور قبل فترة قصيرة على الحادثة، واطلقت النار عليهم طوال ثلاث دقائق ونصف على التوالي، حتى من مسافة صفر، من خلال تبديل مخازن ذخيرة كثيرة، رغم أن العاملين حاولوا الإعلان عن هويتهم – هذا ما يتضح من المواد التي جمعت بعد الحادثة ونقل جزء منها الى طواقم التحقيق العملياتي وتحقيق هيئة الأركان. 

هذه المواد التي يتم نشرها الآن للمرة الأولى تشير أيضا الى عدم الانضباط العملياتي لقوة غولاني، والى عدم الموثوقية في الروايات التي اخبروها للقادة والمحققين. من هذه المواد يتضح أيضا أن السلوك العملياتي للقوة عرض للخطر الجنود والقوات الأخرى في المنطقة.

التحقيق الذي اجراه جهاز الاستقصاء التابع لهيئة الأركان وتم نشر خلاصته في هذا الأسبوع على الجمهور استهدف صد النقد الدولي الشديد الذي سمع في اعقاب الحادثة، التي قتل فيها 15 عامل إغاثة، لكنه لم يعرض الصورة الكاملة. “هآرتس” تعرض الآن عدة تفاصيل لم تكشف بعد عن تلك الليلة في رفح، وتسلط الضوء على سلوك القوة. التفاصيل نقلت الى النائبة العسكرية الرئيسية يفعات تومار يروشالمي، التي تقوم بفحص الشهادات والمواد التي جمعت في التحقيق، وستقرر اذا كان هناك أساس لفتح تحقيق في الشرطة العسكرية.

تحقيق هيئة الأركان الذي ترأسه الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، وجد أن القوة اطلقت النار في ثلاثة احداث مختلفة على سيارات اسعاف وسيارة للأمم المتحدة بالخطأ، التي أحيانا تجاوزت التعليمات. استنتاجات التحقيق التي نشرت على الجمهور رفضت الادعاءات والشهادات التي تقول بأن عاملي الإغاثة تم تقييدهم واعدامهم، وحتى أنه جاء بأن “القوات لم تقم باطلاق النار بشكل عشوائي”، هذا رغم أن المواد التي تم العثور عليها تشير الى أن اطلاق النار بشكل عشوائي لثلاث دقائق ونصف على التوالي على قافلة سيارات الإغاثة كان في حالة من الحالات. 

في الليلة التي كان فيها الحادث، 23 – 24 آذار، استعدوا في الجيش الإسرائيلي لشن هجوم مفاجيء على حي تل السلطان في رفح، الذي تم التخطيط له في 24 آذار. في الأيام التس سبقت العملية انتشرت في المنطقة قوات من الفرقة 36 وفرقة غزة. في الجيش الإسرائيلي لاحظوا في فترة وقف اطلاق النار أن عدد كبير من نشطاء حماس الذين ينتمون للواء رفح بدأوا يعودون الى منطقة إنسانية في المواصي، حيث اختبأوا هناك في محاولة لاعادة تنظيم اللواء الذي تضرر اثناء القتال. الإعلان عن اخلاء تل السلطان كان يمكن أن ينشر على السكان في الثامنة صباحا، والهجوم المفاجيء كان يمكن أن يؤدي الى هرب المخربين من المكان. 

قوة دورية غولاني التي عملت تحت اللواء 14 طلب منها الذهاب الى كمين بدون اكتشافها، وحتى لحظة نشر التعليمات للسكان بالذهاب الى الأماكن الإنسانية. مهمة القوة كانت نصب كمين في المكان الذي قدر فيه الجيش أن مخربي حماس الموجودين في رفح سيحاولون الهرب اليه برعاية السكان المدنيين – والمس بهؤلاء المخربين.

القوة انطلقت في الساعة الثانية فجرا وتمركزت في المحور الذي عبره يجب على السكان مغادرة المنطقة والتحرك نحو خانيونس والمواصي. في الجيش الإسرائيلي توجد آلية استهدفت السماح لمنظمات الإغاثة التي تعمل في القطاع أن يطلبوا السير في المحاور التي حظرت فيها الحركة بدون أن يمسهم الجيش فيها. ولكن المحور الذي تمركزت القوة فيه في تلك الليلة كان محور الحركة فيه كانت مسموحة في حينه لرجال الإنقاذ المواطنين، لذلك فان عاملي الإغاثة والطواقم الطبية التي سافرت فيه لم يكن يجب عليها طلب مصادقة للسفر فيه. هذا خلافا لما قيل في بيان الجيش الإسرائيلي الأول الذي نشر بعد الحادثة. بأثر رجعي تبين أن البيان ارتكز الى معلومات خاطئة أرسلتها القوات في الميدان.

في الساعة 3:30 تقريبا قوة أخرى عملت في المنطقة، التي قادها نائب قائد السرية في اللواء، أبلغت القوات الأخرى في جهاز الاتصال الانتباه الى حركة سيارات اسعاف في المحور. في التقرير الذي ارسلته القوة لم يتم ذكر أي اشتباه بخصوص سيارات الإسعاف. قوة الدورية التي سمعت التقرير تمركزت على بعد 30 متر من المحور.

في الساعة 3:57 تحركت على المحور سيارة اسعاف مع أضواء ساطعة في رحلة روتينية. ركاب هذه السيارة لم يتمكنوا من رؤية الجنود الذين كانوا في المكان، الذي لا يمكن تمييزه اثناء السفر في المحور. ولأن القوة كانت داخل “منطقة مسيطرة”، أي منطقة اعلى من المحور، فان سيارة الإسعاف لم يكن بإمكانها تنفيذ عملية دهس أو تهديد الجنود الذين أرادوا عدم الانكشاف قبل شن الهجوم الكبير على تل السلطان.

كل المنطقة كانت مظلمة اثناء الحادث، ولم يكن بالإمكان أن لا تتم ملاحظة الأضواء الساطعة، هذا ما يتضح من توثيق الحادث الذي تم تعزيزه من قبل الجيش الإسرائيلي، ووصل من المسيرة والحوامات التي رافقت القوة. نائب قائد دورية غولاني، ضابط الاحتياط الذي ترأس القوة، قرر على مسؤوليته تغيير المهمة وأمر كل القوة بالاستعداد لاطلاق النار على سيارة الإسعاف التي سافرت نحو الكمين. عندما كانت سيارة الإسعاف على وشك المرور قرب القوة اطلق الجنود النار عليها، القوة انقضت من خلال اطلاق النار على السيارة التي قتل فيها اثنان من عاملي الإغاثة وشخص آخر تم اعتقاله على يد القوة.

احد الجنود، الذي لا يتحدث العربية جيدا، حاول أخذ من المعتقل معلومات بخصوص هوية القتلى، وتوصل الى استنتاج من أقواله بأن الامر يتعلق برجال حماس. نائب قائد الكتيبة ابلغ قائد اللواء الذي كان يوجد في غرفة العمليات، عن اطلاق النار والقتلى. قائد اللواء 14، العقيد طل الكوبي، حاول التقدير في المحادثة مع القوة في الميدان اذا كان الحادث أدى الى كشفهم، الامر الذي يمكن أن يضر بخطة الهجوم الكبيرة، أو اذا تضرر عنصر المفاجأة. في محادثة بينهما قال نائب قائد الكتيبة بأنه يقدر أن القوة لم يتم كشفها.

الجنود قاموا باطفاء سيارة الإنقاذ والاضواء واخفوا الجثث وعادوا الى نفس نقطة الكمين. نائب قائد الكتيبة قال في شهادته بأنه من المكان الذي كان يستلقي فيه لم يكن بالإمكان رؤية أضواء سيارة الإسعاف، وأنه اعتقد أن الامر يتعلق بسيارة لشرطة حماس، لذلك قرر اطلاق النار، رغم أن هذه لم تكن مهمته. طاقم التحقيق التابع لهيئة الأركان لم يقتنع برواية نائب قائد الكتيبة وقرر اجراء استعادة للحادث في قاعدة في مركز البلاد من اجل فحص روايته. أيضا بعد تمثيل الحادث لم ينجح نائب قائد الكتيبة في اقناع المحققين بروايته، لكنهم وافقوا على موقفه الذي يقول بأن الامر كان يتعلق بمنطقة قتال وأن القوة كانت في حالة تأهب قبل هجوم كبير، لذلك هم ركزوا بالأساس على اتخاذ القرارات العامة وليس الخطأ في تشخيص سيارة الإسعاف الأولى التي أصيبت.

بعد اطلاق النار الأول عادت القوة الى النقطة التي استلقى فيها في الكمين، حسب تعليمات قائد اللواء 14 الذي قدر بأن القوة لم يتم اكتشافها وأن عنصر المفاجأة لم يتضرر. في الساعة 5:06 صباحا تحركت قافلة من السيارات، شملت سيارات اسعاف وسيارة دفاع مدني، في المحور. جميع السيارات كانت الأضواء فيها مضاءة وساطعة، ولم يكن من الصعب تمييزها في هذه المنطقة المظلمة.

نائب قائد الكتيبة قال في شهادته بأنه من اللحظة التي اعتقد فيها أن القتلى في السيارة الأولى هم من نشطاء حماس، قدر أن قافلة سيارات الإسعاف التي تشق الطريق نحو المكان هي بالفعل قافلة لنشطاء حماس الذين عرفوا عن الحادث وجاءوا لأخذ جثث أعضاء حماس الذين قتلوا كما يبدو، ومهاجمة قوة دورية غولاني. السيناريو الذي فيه قوة لحماس تخرج في سيارات إسعاف الى المكان الذي يعرفون بالتأكيد أنه توجد فيه قوات للجيش الإسرائيلي، ليس سيناريو قابله الجيش الآن في القتال في القطاع، لذلك، أيضا في طاقم التحقيق وفي قيادة اللواء لم يقتنعوا برواية نائب قائد الكتيبة. 

قافلة سيارات الإسعاف اقتربت من مكان كمين القوة في سفر بطيء نحو المكان الذي كانت توجد فيه جثث ركاب سيارة الإسعاف الأولى. خلافا للادعاء بأن القافلة عرضت القوة للخطر، فانه من توثيق الحادث يثور الشك اذا كانوا عرفوا عن وجود الجنود في المكان. القافلة توقفت قرب السيارة التي أصيبت، والطواقم الطبية نزلت منها باتجاه الجثث، على الجانب الثاني للمحور، فعليا الطواقم الطبية ابتعدت عن مكان كمين قوة الدورية. رجال الطاقم الطبي كانوا يرتدون سترات واقية مضاءة، وتركوا أضواء تعريفهم مضاءة والصافرات مشغلة لتسليط الضوء على وجودهم في مكان الحادث خوفا من أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالمس بهم. 

عند توقف القافلة أمر نائب قائد الكتيبة القوة باطلاق النار على السيارة. لقد أمر الجنود الذين يحملون الرشاشات باطلاق النار من الكمين وأمر باقي القوة بالانقضاض على القافلة، المسافة بين القافلة وجنود القوة كانت 20 – 30 متر، هكذا فان كل القوة كان يمكنها تمييز أيضا بواسطة أجهزة الرؤية الليلية التي كانت معهم بأن الامر لا يتعلق بمسلحين، بل بطواقم طبية. 

الجنود الذين انقضوا وصلوا خلال ثوان الى طاقم الإنقاذ ونفذوا خلال ثلاث دقائق ونصف اطلاق نار متواصل عليهم. الجنود قاموا بتبديل مخازن الذخيرة واستمروا في اطلاق النار، حتى عندما اتضح لهم بأنه لا يتم اطلاق النار من الطرف الثاني، في موازاة صراخ رجال الإسعاف الذين حاولوا تعريف انفسهم. بعض رجال الإسعاف حاولوا الهرب الى المنطقة المفتوحة، لكن بعد انتهاء الثلاث دقائق ونصف من اطلاق النار المتواصل من مسافة صفر قتل 12 منهم.

في التحقيق العملياتي للقادة تبين أن سلوك القوة في المكان كان سلوك بدون اكتراث، القوة لم تعمل في خط مستقيم اثناء الهجوم، حيث مر الجنود امام مواقع بعضهم اثناء اطلاق النار بدون الحفاظ على حدود القاطع، وكان يمكن أن تنتهي الحادثة بقتلى نتيجة اطلاق النار من الجانبين. وقد توصلت التحقيقات التي أجرتها هيئة الأركان الى هذه الاستنتاجات أيضا.

نائب قائد الكتيبة ارسل تقرير عن الحادث، لكنه ابلغ في البداية عن قافلة غير مشخصة وبدون أضواء، وقال إن قرار اطلاق النار كان من خلال الشعور بالخطر على القوة، رغم أن التوثيق الموجود لدى الجيش ينفي ادعاءاته. قائد اللواء 14 تحدث مرة أخرى مع نائب قائد الكتيبة للاستيضاح اذا تم كشف القوة واذا كان عنصر المفاجأة تضرر قبل الهجوم على تل السلطان، الذي كانت كل قوات الكتيبة 36 متأهبة له. 

رئيس الأركان ايال زمير اقال في اعقاب الحادث نائب قائد الكتيبة “بسبب مسؤوليته كقائد قوة في الميدان، وبسبب التقرير الناقص وغير الدقيق الذي قدمه اثناء التحقيق”. وتقرر أيضا أن العقيد طل الكوبي، قائد اللواء 14 تصرف باهمال في اعداد الجنود للعملية، وحصل على ملاحظة انضباط في ملفه الشخصي.

في الهلال الأحمر وفي جهاز الدفاع المدني قالوا إن رجال الإسعاف الذين قتلوا في الحادث هم مصطفى خفاجة، عز الدين شعث، صالح معمر، رفعت رضوان، محمد بهلول، اشرف أبو لبدة، محمد الحيلة، رائد الشريف، يوسف خليفة، فؤاد الجمل، زهير الفرا، أنور العطار، سمير البهابشة، إبراهيم المغاري وكمال شحتوت. في تحقيق هيئة الأركان جاء أن ستة منهم هم من رجال حماس، بعد تشخيصهم بأثر رجعي. في الجيش لم يذكروا بالتفصيل من بين الـ 15 تم تشخيصهم كرجال حماس، وماذا كان دورهم. مصادر مطلعة قالت إنه حتى لو كان الامر يتعلق بنشطاء لحماس فان الامر لم يكن يتعلق باشخاص كانوا من الذراع العسكري في حماس.

——————————————-

معاريف 23/4/2025 

هل نعطي فرصة لجهود التوصل الى صفقة أم نوسع العملية في غزة

بقلم: آنا برسكي وآخرين

عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس الكابنت السياسي الأمني لبحث في مركزه – الجمود في المحادثات لصفقة المخطوفين وإمكانية تشديد العملية العسكرية في غزة. رئيس الشباك رونين بار شارك في الجلسة.

عقد الكابنت للبحث فقط دون نية اجراء تصويت وقرار. وذلك لان نتنياهو يقف امام معضلة – هي يعطي فرصة لمواصلة الجهود للوصول الى صفقة ام يقبل بموقف الوزيرين ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذين يطالبان بتوسيع ذي مغزى لعملية الجيش في غزة، بالتشديد على احتلال كل القطاع. 

نتنياهو نفسه، والى جانبه أيضا مسؤولون كبار آخرون في المستوى السياسي يعتقدون أنه ينبغي المواصلة في المحادثات بهدف الوصول الى صفقة تحرير المخطوفين. 

في وقت سابق لذلك تحدث نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبحث الرجلان في موضوع ايران، التجارة والجمارك، في المخطوفين وفي مسائل أخرى. نحن على الرأي ذاته في كل مسألة”، كتب ترامب في شبكة “TRUTH “.

في موضوع المخطوفين أفادت شبكة “بي.بي.سي” أمس بان الوسطاء تقدموا باقتراح جديد لانهاء الحرب في غزة وذلك بعد أن رفضت حماس الاقتراح لتحرير نحو نصف المخطوفين الاحياء. ووصفت مصادر سياسية في اسرائيل التقرير بانه “عديم الأساس”. 

وقال مصدر فلسطيني رفيع المستوى تحدث مع الشبكة البريطانية ان “الاقتراح صاغته قطر ومصر ويتضمن وقف نار لخمس حتى سبع سنوات، تحرير كل المخطوفين مقابل سجناء فلسطينيين وانهاء رسمي للحرب يتضمن أيضا انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع. 

وقال المصدر الفلسطيني ان حماس ألمحت بانها مستعدة لان تسلم الحكم في غزة في إطار الاتفاق “لكل كيان فلسطيني يتفق عليه في المستوى الإقليمي”، وهذا يمكن أن يكون السلطة الفلسطينية، وهي الامكانية التي يرفضها رئيس الوزراء نتنياهو أو “هيئة إدارية جديدة يتم تشكيلها”. 

وحسب المصدر، حتى وان كان من السابق لاوانه التقدير اذا كان الاقتراح الجديد سيؤدي الى تقدم في المفاوضات العالقة، فان جهود الوساطة الان “جدية”.  

وقال مصدر فلسطيني آخر لشبكة “الحدث” السعودية بان جولة جديدة ستنعقد في الدوحة وفي القاهرة في اليومين القادمين بمشاركة وفد حماس، مع مسؤولي المنظمة خليل الحية ومحمد درويش الذي سيصل الى القاهرة. وحسب التقرير، فقد وضعت صيغة الاقتراح في اثناء زيارة الرئيس المصري السيسي الى الدوحة وفي اطاره ينزع سلاح حماس، يُعمر القطاع ولا يُهجر الفلسطينيون.

——————————————-

يديعوت احرونوت 23/4/2025 

عندما وعد نتنياهو بجلب السلام

بقلم: سيفر بلوتسكر

40 مرة، 40 مرة، افاد من نيويورك زميلي ايتمار آيخنر، ظهرت في خطاب رئيس الوزراء نتنياهو في افتتاح الجمعية العمومية للأمم المتحدة كلمة “سلام”. بتواتر أقل، ولكنه يبقى عاليا، ظهرت كلمات “شرق أوسط جديد” و “فلسطينيين”. 

مثلما في دخول شعب إسرائيل الى أرض الميعاد، قال نتنياهو في مستهل خطابه للمشاركين في الجمعية، هكذا اليوم أيضا تقف إسرائيل أمام الاختيار بين جبل جرزيم وجبل عنبال، بين جبل براخا (البركة) وجبل كلالا (اللعنة). اللعنة، على حد قوله هي استمرار الحروب، البركة هي تحقق رؤيا السلام. وكوصية سيدنا موسى في سفر الاسفار، واجب علينا الان أيضا ان نختار جبل البركة. 

 في أقواله مجد نتنياهو “اتفاقات إبراهيم” – “أربعة اتفاقات سلام وتطبيع تحقق في غضون أربعة اشهر” بفضل مبادرة وعمل الرئيس ترامب. وعلى جدول الاعمال، بشر بيبي، “اختراق تاريخي لاتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية”. اتفاق يقرب ويسرع أيضا “السلام مع الفلسطينيين” الذي ذكره نتنياهو بضع مرات في اثناء خطابه.  من على منصة الأمم المتحدة عرض خريطة “شرق أوسط جديد” يقوم على أساس السلام، المشاركة، التفاهم وربط البنى التحتية عابرة الحدود. من جهته تعهد نتنياهو الا يفوت الفرصة: “لن أتوقف عن بذل اقصى الجهود كي أزيل العوائق الكثيرة في الطريق الى السلام وتحقيقه”، وعد.

خطاب السلام لنتنياهو في الأمم المتحدة القي في 22 أيلول 2023، قبل أسبوعين من السبت الأسود في 7 أكتوبر. بعده كل شيء تغير. عبثا نبحث في لحظات ظهوره وخطاباته الأخيرة أي تطرق للسلام، الكلمة النكراء التي يحظر ذكرها. التطلع لـ “السلام” استبدل بالتطلع لـ “السيطرة”. ليس فقط السيطرة العسكرية الكاملة في قطاع  غزة بل أيضا سيطرة عسكرية جزئية في لبنان وفي سوريا، الدولتين المجاورتين اللذين تحررتا من دائرة الخناق الإيراني ونظاماهما الجديدان (كانا) منفتحين على التطبيع بل وعلى السلام مع إسرائيل. لكن لحكومة إسرائيل الحالية لم يكن ولا يكون اهتمام بسلام حتى ولا مع لبنان وسوريا. والدليل هو ان الائتلاف لا يتحرك ميلمتر في اتجاه اتفاق معهما. رئيس الوزراء مقتنع الان بان فقط القوة العسكرية يمكنها أن تضمن أمن الإسرائيليين. القوة العسكرية وليس الاتفاقات السياسية التي بالغ بيبي إياه في تأييدها وتمجيدها في الأمم المتحدة. 

بالغ وعن حق. الواقع حولنا يثبت: اتفاق السلام هو الضمانة للامن الدائم. في اثناء السنة والنصف الماضيتين، بينما احتدمت حرب السيوف الحديدية الى حد قتل عشرات الالاف في غزة، كانت الحدود بين إسرائيل ومصر وبين إسرائيل والأردن هادئة وآمنة. ليس بسبب السيطرة الإسرائيلية العسكرية في قطاعات امنية خلف  الحدود (لا توجد كهذه) بل بسبب اتفاقات السلام التي وقعها مناحم بيغن مع الرئيس السادات واسحق رابين مع الملك حسين. سياح من إسرائيل واصلوا الزيارة بأمان من الامارات الإسلامية ليس لان جنودنا يرابطون في أراضيها (لا يرابطون) بل لان الامارات وقعت على اتفاقات سلام معنا. وزيرة المواصلات ميري ريغف اكثرت من سفرياتها الى المغرب، الدولة العربية ذات السكان الأكثر لاسامية، ليس بفضل تواجد الجيش الإسرائيلي في المكان (لا يتواجد)؛ بل بفضل اتفاقات أوسلو وبعدها اتفاقات إبراهيم. 

نتنياهو أيلول 2023 استند على نحو صائب الى التناخ” (الكتب المقدسة) حين ذكرنا وذكر العالم بان الاختيار المصيري لشعب إسرائيل هو مرة أخرى التوجه الى جبل البركة الذي هو جبل السلام وبين التوجه الى جبل اللعنة الذي هي جبل الحروب. الاختيار بين رؤية السلام كهدف اسمى للسياسة القومية وبين رؤية السيطرة العسكرية – الحربية كهدف اسمى كهذا. 

في ظروف متطرفة، كتلك التي نشأت بعد مذبحة أكتوبر. لا يوجد لامة محبة للحياة خيار غير الحرب العادلة ضد عدو وحشي وتصفيته. لكن: النصر العسكري، مهما حقق من إنجازات، ليس غاية القتال؛ التسوية السياسية هي الغاية، اتفاق السلام هو الهدف. نوصي بالتالي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يستمع الى اقواله هو نفسه في خطابه المبهر – والمنسي – في الأمم المتحدة في أيلول 2023: الشعب في إسرائيل يتمنى السلام الحقيقي… وانا نفسي اتمناه واسعى اليه، بعد أن جربت بنفسي الثمن الرهيب للحروب. 

——————————————-

هآرتس 23/4/2025 

ترامب ونتنياهو يتحدثان بصوت واحد وانهاء الحرب لا يبدو في الأفق

بقلم: ليزا روزوفسكي

عندما دخل دونالد ترامب للمرة الثانية الى البيت الأبيض فان النشوة تملكت دوائر واسعة في اسرائل. ففي اليمين اعتبروا انتخابه ضمانة لاستئناف المساعدات الأمنية غير المحدودة لإسرائيل، الى جانب بطاقة حرة لفتح باب جهنم على قطاع غزة، وربما أيضا ضم الضفة الغربية. في اليسار، أو بقاياه، وفي المعسكر الذي يمكن تعريفه بـ “من اجل إعادة المخطوفين” اعتبروا عودته بوليصة تأمين لانهاء الحرب. قبل استكمال مئة يوم على ولاية ترامب الثانية، التي تتميز بالنرجسية والتقلب، يمكن القول إن بعض آمال اليمين قد تحققت، في حين أن معسكر اليسار – وسط مرة أخرى خاب أمله وبدرجة كبيرة.

الآن اصبح من الواضح أن صفقة المخطوفين التي خرجت الى حيز التنفيذ في كانون الثاني كانت وليدة اجتماع ظروف تحدث لمرة واحدة. استبدال الإدارة في واشنطن اثار في مكتب رئيس الحكومة التخوف الممزوج بالأمل. على الطاولة انتظرت صفقة كانت معدة منذ اشهر، وتعهد – سواء بـ “وثيقة جانبية”، كما يقولون في محيط نتنياهو، أو الصمت – بأن إسرائيل يمكنها استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى في اتفاق وقف اطلاق النار.

منذ عودة ترامب الى الحكم تبنوا في مكتب رئيس الحكومة شعار “لا توجد فجوة بين القدس وواشنطن”. في أسابيع ولايته الأولى كان يمكن الاعتقاد بأن الامر يتعلق بشعار يعكس طموح إسرائيلي ولا يعكس بالتحديد الواقع. ولكن منذ أن فرضت إسرائيل الحصار على القطاع واستأنفت القتال فان الرسائل التي تخرج من البيت الأبيض حول هذا الامر وكأنها كتبت على يد مستشاري رئيس حكومة إسرائيل.

لكن الحديث لا يدور عن رسائل بسيطة، بحسبها حماس لن تستطيع البقاء في القطاع، وأنه على إسرائيل انهاء العمل وتصفيتها. وأنه اذا كان يجب استخدام الضغط على أي أحد من اجل انهاء الحرب وإعادة المخطوفين، فان هذه الجهة هي حماس وليس إسرائيل. هذه بالضبط هي النقاط التي أشار اليها السفير الأمريكي الجديد في إسرائيل، مايك هاكبي، في تغريدته الأولى بعد تقديم كتاب الاعتماد للرئيس اسحق هرتسوغ. هذه هي ايضا الرسائل القليلة التي تخرج ،كرد على أسئلة المراسلين، من البيت الأبيض ومن وزارة الخارجية الامريكية.

إضافة الى ذلك اعلان ترامب أمس بعد محادثته مع نتنياهو، الذي بحسبه الاثنان يقفان في نفس الطرف في جميع المواضيع، يشكل مثال آخر على تنسيق الرسائل بين القدس وواشنطن. في محادثات مع جهات في الإدارة الامريكية واشخاص على تواصل معها ومع المصادر المطلعة على تفاصيل ما يحدث بين القدس وواشنطن، يتضح أن الإدارة الامريكية وبحق لا تستخدم الضغط على نتنياهو لانهاء الحرب، ضمن أمور أخرى، لأنهم في البيت الأبيض يدركون جيدا الوضع السياسي الموجود فيه رئيس الحكومة نتنياهو، وهم غير معنيون بتعريض ائتلافه للخطر. التصريحات المهمة والحادة ضد نتنياهو، كانت حول قضية غزة في آذار الماضي، على لسان المبعوث الخاص ويتكوف بعد عدة أيام على انتهاك إسرائيل لوقف اطلاق النار واستئناف القتال. في مقابلة مع تاكر كارلسون، قال ويتكوف في حينه بأن قضية الرهائن “تمزق” إسرائيل، وأنه يتفهم لماذا يعتقد الناس بأن نتنياهو يفضل الحرب ضد حماس على اطلاق سراح الرهائن. ومنذ ذلك الحين ملأ ويتكوف فمه بالمياه. 

تغريدات نجل ويتكوف، اليكس، الذي يكثر من مشاركة أفلام الفيديو والصور والاخبار المتعلقة بالمخطوفين ويشارك في احداث كجزء من النضال على اطلاق سراحهم، تشير الى أن الموضوع يستمر في اشغال والده وأنه يوجد على سلم أولوياته، رغم أنه توقف عن اطلاق التصريحات حول هذا الامر. يبدو أنه بعد سلسلة التصريحات المتضاربة في وسائل الاعلام وفي “اكس” بشأن المحادثات النووية مع ايران في الأسبوع الماضي، وعلى خلفية عدم نجاح المفاوضات حول وقف اطلاق النار في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، تبنى ويتكوف نهج اعلامي حذر أكثر. هكذا فان البيان الذي أصدرته الولايات المتحدة في اعقاب الجولة الثانية للمحادثات مع ايران في روما، كان غامض وغير ملزم، بل تم نسبه لـ “مسؤول رفيع” مجهول، وليس لويتكوف. 

في اقوال الرئيس ترامب في الغرفة البيضوية الى جانب رئيس الحكومة نتنياهو قبل أسبوعين، قال الرئيس إنه حتى في المانيا النازية كانت هناك رحمة لليهود اكثر مما في القطاع، وهذه اقوال تبدو كتكرار للادعاء الذي يقول بأنه لا يوجد أبرياء في القطاع، وأن حكم حماس، الأسوأ من النازية، هي التصفية المطلقة. إضافة الى ذلك أوضح ترامب بأنه يتوقع انتهاء الحرب “في المستقبل غير البعيد جدا”. عدد من المحللين والذين استمعوا لاقوال الرئيس الأمريكي أعطوا لقوله “المستقبل غير البعيد” معنى يقول بأنه ينوي انهاء الحرب “قبل موعد وصوله الى الشرق الأوسط في الشهر القادم”. ولكن باستثناء أقوال ترامب الضبابية، فانه لا توجد أي إشارة تشير الى ذلك. يبدو أن وزن الادعاء الأول، المقارنة بالنازية، يفوق وزن المسألة الثانية. 

غير معروف بعد اذا كان ترامب سيزور إسرائيل كجزء من جولته في الشرق الأوسط، التي يتوقع أن تتركز في دول الخليج وعلى رأسها السعودية. رغم الجهود العلنية للرئيس الفرنسي ماكرون لاحياء اجندة التطبيع بين إسرائيل والسعودية، فان احتمالية نجاح هذه الجهود، التي هي كما يبدو حسب تقدير فرنسا بدون تنسيق مع أمريكا، ضعيفة. 

حسب اقوال لور فوشا، الباحثة في صندوق البحث الاستراتيجي (اف.آر.اس) في فرنسا، والمتخصصة بالشرق الأوسط، فانه لا توجد للسعودية الآن أي مصلحة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، رغم العلاقة الوثيقة بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبين ماكرون. لا يوجد سبب لأن يوافق ابن سلمان على استبدال البرنامج العربي (حل الدولتين مقابل الاعتراف بإسرائيل) باعتراف فرنسا بفلسطين. لا سيما اذا كان الامر يتعلق بخطوة تصريحية فقط بدون خطوات حقيقية. مع ذلك، فوشا تؤكد على أن السعودية ودول أخرى في الخليج معنية بصفقة نووية بين الولايات المتحدة وايران، لأنها ستضمن الهدوء في المنطقة والأمن لحقول النفط. بناء على ذلك أيضا هنا مثلما في المسألة الفلسطينية فان مصالح السعودية وإسرائيل هي متناقضة في الوقت الحالي.

هل الصوت الموحد والمتناغم بين الإدارة الامريكية والقدس بشأن الحرب في غزة منذ استئناف القتال، هو إشارة على أن الولايات المتحدة تدفع ثمن صبر اقرب حلفاءها في الشرق الأوسط بشأن القضية النووية الإيرانية، أم أن واشنطن على قناعة بأن الطريقة الوحيدة للخروج من الصراع هي تحقيق النصر العسكري على حماس، وأنه نصر محتمل؟ يصعب التنبؤ بالمستقبل، لكن الجمهور في إسرائيل الذي يرغب في انهاء الحرب وعودة المخطوفين يجب عليه التوقف عن تعليق الآمال على العم سام في أمريكا، والاعتماد فقط على نفسه.

——————————————-

يديعوت أحرونوت 23/4/2025

صحيفة إسرائيلية: لا عدو يهدد وجودنا مثل أنفسنا.. نحو “الجنون المطلق”

بقلم: آري شافيت

في 16 آب 1951 فقدت فونت – سينت – آسبري صوابها. في يوم صيف مشمس، شهدت البلدة الفرنسية الهادئة المجاورة لافنيون يوم الآخرة فجأة. أحد الفلاحين المحليين شعر بأفاع تزحف عليه. وكان آخر مقتنعاً بأن سرب دبابير تلاحقه. طفلة صرخت بأنها تتعرض لهجوم من نمور. ساعي بريد ادعى بأنه يتقلص. وبينما حاول طفل خنق أمه، لاحق أحد زوجين الآخر بسكاكين ممتشقة. في غضون بضع ساعات، أصيب مئات من النساء والرجال بالجنون، وفي غضون بضعة أيام لاقى سبعة حتفهم.

هذا لم يحصل في إسرائيل. ثمة بوادر أولية للمتلازمة ظهرت في أواخر القرن السابق. منذ 2015 ونحن ننزلق في منحدر سحيق نحو انعدام سواء العقل. لكن الصورة اتضحت في السنة الأخيرة: أصبنا بالجنون. الدولة الذكية، المذهلة والرائعة خاصتنا فقدت صوابها.

الجنون الإسرائيلي يختلف عن جنون فونت – سينت – آسبري بمفهومين، إحدى ميزاته ليست هذيانات في شكل تهديدات غير قائمة، بل عمى أمام تهديدات حقيقية وواضحة. ميزته الذانية هي حاجة عميقة ومرضية لكراهية الأخوات والأخوة. بين هاتين الميزتين ي ارتباط وثيق. لأننا عالقون في مأساة نزاع رهيب مع عدو خارجي، نسعى للهرب منه بتركيز عاطفي على عدو داخلي. فينا حاجة عميقة للتصديق بأن ليس الغريب، بل ابن البلاد، هو الذي يعرض وجودنا للخطر. ميلنا للبحث عن الخصم الإسرائيلي وتعظيمه وملاحقته، هو ما يخلق الجنون الإسرائيلي.

لكن الجنون الإسرائيلي يشبه جنون فونت – سينت – آسبري، كلاهما غير مفهومين. لا يمكن فهم أمة تعود بعد 7 أكتوبر إلى 6 أكتوبر. لا يمكن فهم حكومة لا تتحمل المسؤولية ولا تتصرف بمسؤولية بل وتتهم كل من ليس هي. لا يمكن فهم معارضة في ساعة انكسار وطني لا تقترح بديلاً جدياً ولا تقود إلى وحدة وطنية، وتواصل كونها ضد – ضد – ضد. لا يمكن فهم وضع نكون فيه عندما يحدق بنا تهديد وجودي (إيراني) نخون ثقة جنود الاحتياط، ونمزق الجيش الإسرائيلي إرباً، ونسمح للحريديم بالتملص. جننا. حقاً جننا.

انظروا حولكم: جنون منظومات. الحكومة المنتخبة تهدد بعدم تنفيذ سلطة القانون. سلطة القانون لا تحترم الحكومة المنتخبة. رئيس الوزراء يحرض ضد المؤسسة الأمنية. قسم من المؤسسة الأمنية يتآمر على رئيس الوزراء، ليس للشعب أب معانق أو أم محبة. ليس في الدولة مرجعية أخلاقية أو روحانية لا جدال فيها. لا يوجد عامل سلطوي نقي ودون الأجندة. لا توجد مؤسسة رسمية فيها ثقة مطلقة. لا وجود لنقطة أرخميدس، ولا معيار ولا مقياس. لا يوجد زعيم، ولا نبي. لا يوجد دين ولا ديان.

انظروا حولكم: جنون مشاعر. بينما إسرائيل الحقيقية مبهرة جداً، إسرائيل السياسية مسممة، مخدرة، مهووسة. بينما في الحياة نفسها بطولة وتضحية وأخوة ونباهة وحكمة، لكننا في الحياة العامة مرضى نفسيون؛ يد الواحد تطال أخاه.

لا نعرف ما الذي حصل بالضبط في فونت – سينت – آسبري. هل كانت هذه تجربة مخدرات مغرضة قامت بها السي.اي.ايه؟ هل كانت حنطة فاسدة سممت الخبز؟ لكن ما حصل في إسرائيل في القرن الحالي واضح تماماً: البيبة. مؤيدو نتنياهو ومعارضو نتنياهو على حد سواء خرفوا بسبب المشادة الكبرى على نتنياهو. كما أن ما يحصل في إسرائيل في السنة الأخيرة واضح تماماً: بعد الصحوة الفورية في 7 أكتوبر، عدنا الى النماذج اليهودية للبيت الأول والبيت الثاني. بدلاً من أن نتصدى للشر المطلق الذي يهددنا بشكل حقيقي، يفضل كل منا مناكفة الآخر، نفضل إحراق النادي وتخريب البيت، نفضل ضرب إخوتنا وأخواتنا حتى الجنون المطلق، حتى الموت.

——————————————-

هآرتس 23/4/2025

في حركة كماشة.. الكنيست تشريعياً والمستوطنون ميدانياً: لم يبق من “الضم” سوى إعلانه رسمياً

بقلم: أسرة التحرير

في الوقت الذي تبنى فيه اليمين الإسرائيلي “رؤيا ترامب” لترحيل مليوني غزي في صالح إقامة ريفييرا أمريكية في القطاع، والجيش الإسرائيلي يمهد التربة لبقاء طويل، وبات المستوطنون يضعون بنى تحتية لاستيطان متجدد في غزة. أما في الضفة الغربية فلم يعد الضم يزحف؛ بل قام على قدميه ويسير على ساقيه.

الضم بات هنا. عندما يعلنون عنه رسمياً يكون الأوان قد فات، والمسيرة اكتملت. هذه هي طريقة المستوطنين والحكومة: عمل كل شيء إلا الإعلان الرسمي، بعلم أن أحداً لن ينتبه أو لن يأبه.

 ما يحصل عملياً واضح لمن يتجول في الضفة الغربية، وواضح أكثر لمن يتابع نشاط سموتريتش وباقي أعضاء الائتلاف: ارتفاع شاسع في مدى إقرارات البناء في المستوطنات، ونقل الإدارة في الضفة من الجيش إلى المستوطنين ومؤيديهم، وإعلان عن أراضي دولة بوتيرة مدوية، وإنفاذ متسارع للقانون ضد البناء الفلسطيني.

الكثير من هذه الأمور يمر من تحت الرادار لأن الحديث يدور عن أمور بيروقراطية: إقامة مديرية استيطان، ونقل صلاحيات من الإدارة المدنية، والمضي بقانون يسهل على اليهود شراء الأراضي في الضفة وإجراءات تحسن المناعة الاقتصادية للمستوطنات – مثل مشروع القانون الذي يسمح للمستوطنات بتلقي مداخيل الأرنونا من مناطق صناعية وتجارية في الأراضي السيادية لإسرائيل، أو قانون يحتسب بلدات جنوب جبل الخليل جزءاً من النقب. وكل هذا بهدف واحد: إعطاء المشروع الاستيطاني مزيداً من الميزانيات.

حقيقة أن مشاريع القوانين هذه لم تجز بعد، لا تمنع الائتلاف من ضخ ملايين الشواكل بكل أنواع الطرق. أمور كهذه لم تعد تجرى خفية، بل بفخار وعلى رؤوس الأشهاد: في الآونة الأخيرة شارك سموتريتش وأوريت ستروك في احتفال تدشين في المَزارع في جنوب جبل الخليل. وليس صدفة أن للمَزارع في أرجاء الضفة دوراً مهماً في الضم الفعلي: فهي تعمل لإفراغ مناطق “ج” من الفلسطينيين وحشرهم في المدن.

المستوطنون الذين في الكنيست والمستوطنون الذين في الميدان، يعملون بشكل كماشة، من خلال السيطرة على مؤسسات الدولة ذات الصلة الأكبر بالضفة، ونقل ميزانيات وإعطاء شرعية متصاعدة لـ “فتيان التلال” [شبان المستوطنين) – الذين يقومون في الميدان بمهمة طرد أكبر عدد من الفلسطينيين، بانتظار الضم الرسمي.

محظور إشاحة النظر، ومحظور التفكير بأن الضم إعلان افتراضي فقط. يجب توجيه النظر مباشرة إلى الواقع القائم في الميدان. وما نراه هو أن الضم حاصل وكل الوسائل أعدت له.

—————–انتهت النشرة—————–