
المسار الإخباري :في ظل استمرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة، تمضي إسرائيل في تنفيذ مخطط استيطاني خطير في الضفة الغربية، يستهدف تغيير معالم الجغرافيا الفلسطينية، وترسيخ مشروع “دولة المستوطنين” كأمر واقع تحت غطاء “الردع الأمني”.
وفي خطوة غير مسبوقة، أقرّ “الكابينت” الإسرائيلي مؤخرًا إقامة 22 مستوطنة جديدة، بعضها في مناطق معزولة داخل الضفة وعلى امتداد غور الأردن، إلى جانب “تسوية” الوضع القانوني لتسع بؤر استيطانية قائمة. واعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش هذا الإعلان “يومًا تاريخيًا لإسرائيل”.
المخطط الاستيطاني الجديد لا يأتي بمعزل عن الواقع القائم، حيث تُنفذ على الأرض سلسلة عقوبات جماعية وهجمات متصاعدة من قبل المستوطنين في مناطق تشهد مقاومة، وأخرى هادئة تمامًا. ويؤكد محللون أن هذه السياسة تهدف لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين، وبناء شبكة مستوطنات مترابطة تقطع أوصال الضفة الغربية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق إن هذه الإجراءات ليست ردًا على المقاومة كما يروَّج، بل تأتي ضمن خطة منهجية تبدأ من هجمات المستوطنين، لتُستكمل بعمليات تهجير وهدم ومصادرة أراضٍ، ما يسمح بتوسيع السيطرة الإسرائيلية دون الحاجة لمعارك عسكرية.
ووفقًا لخطة كشف عنها لاحقًا، تسعى إسرائيل لجلب أكثر من مليون مستوطن إلى شمال الضفة بحلول عام 2050، من خلال إنشاء مدن جديدة ومناطق صناعية، وربط البنية التحتية الاستيطانية بخطوط مواصلات رئيسية.
ويحذر نشطاء من أن ما يُنفذ الآن ليس مجرد توسع استيطاني، بل خطوة فعلية نحو قيام “دولة يهودا” على أنقاض الجغرافيا الفلسطينية، في ظل تصعيد هجمات عصابات “تدفيع الثمن”، وتضييق الخناق على القرى والتجمعات الريفية، وتحويل المناطق الفلسطينية إلى معازل تحكمها تصاريح العبور ونظام الأبارتهايد.
ويشير مراقبون إلى أن نسبة كبيرة من أراضي القرى المحاذية للمستوطنات قد صودرت بالكامل، فيما يعيش نحو 80% من السكان في المناطق المصنفة “ج” تحت التهديد بالترحيل القسري.
في مقابل هذه الهجمة الشرسة، يرى مختصون أن الرد الفلسطيني المطلوب هو استعادة الوحدة، وتشكيل لجان شعبية لحماية الأرض، والتصدي لمشروع تفكيك الضفة الغربية وتحويلها إلى كانتونات مقطعة الأوصال، تمهيدًا لفرض وقائع جديدة على طريق تصفية القضية.