الإسقاطات الجوية‪..‬ عمليات إغاثة أم مشهدية إعلامية؟

Loai Loai
17 Min Read

المسار : محمد جودة: الإسقاطات الجوية ليست حلاً استراتيجياً لكنها تعبّر عن إصرار إقليمي على إبقاء الملف الإنساني حاضراً حتى لو عبر وسائل استثنائية

ماجد هديب: يجب وقف الإسقاطات الجوية فالاحتلال يوظفها في خدمة أهدافه الاستراتيجية وعلى رأسها تجويع الفلسطينيين وزرع الفوضى بين صفوفهم

حسام أبو النصر: الغزيون بحاجة لكل بارقة أمل ومساعدة ممكنة لكن الأهم أن تكون المساعدات آمنة ومنظمة ولا تؤدي إلى مآسٍ إضافية

طلال عوكل: هذه الطريقة لا تعوض الكميات الكبيرة التي يمكن إدخالها براً كما أنها تؤدي إلى فوضى قد تنتهي بكوارث بشرية

نهاد أبو غوش: إدخال المساعدات يتم بموافقة كاملة من الاحتلال في محاولة منه لامتصاص الغضب بسبب جريمة التجويع الجماعي

عماد موسى: هذه الطريقة تخلٍّ عن المسؤولية الأخلاقية وتغطية على العجز العربي.. والمطلوب موقف حازم يُلزم الاحتلال بالحياة بكرامة

في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة واستمرار الحصار الإسرائيلي الخانق بالتوازي مع حرب الإبادة، لجأت بعض الدول إلى تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية فوق مناطق مختلفة من القطاع، وسط مخاوف من أن يصبح ذلك تجميلاً لوجه الاحتلال والتغطية على جرائمه.

ويرى كتاب ومحللون سياسيون في أحاديث منفصلة مع “القدس”، أن هذه الإسقاطات، رغم رمزيتها، لا تُعالج جذور الكارثة، بل قد تُستخدم كأداة دعائية لتجميل ممارسات الاحتلال، والتغطية على جرائمه وفشله في الالتزام بالقانون الدولي، خاصة أنها تتم بموافقته وتحت إشرافه الكامل، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول من المستفيد الحقيقي من هذه المبادرات، وهل تُسهم فعلاً في إنقاذ أرواح المدنيين، أم أنها تحولت إلى وسيلة لتخفيف الضغط الدولي عن إسرائيل؟

وفي المقابل، يربط بعض الكتاب والمحللين بين هذه التحركات “الإنسانية” وبين المشهد السياسي الإقليمي، معتبرين أن الدول المنخرطة في هذه العمليات “تكتفي بحلول شكلية لا ترقى إلى مستوى الكارثة، بينما المطلوب تحرك دولي حقيقي يضمن فتح المعابر وإنهاء الحصار وضمان حياة كريمة لأكثر من مليوني إنسان فلسطيني يتعرضون للإبادة في قطاع غزة”.

فشل المجتمع الدولي في فرض ممرات إنسانية آمنة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد جودة أن لجوء بعض الدول، وعلى رأسها الإمارات، إلى إسقاط المساعدات جواً فوق قطاع غزة، يعكس فشل المجتمع الدولي في فرض ممرات إنسانية آمنة ومستقرة عبر البر أو البحر، مؤكداً أن هذا الخيار، رغم كلفته العالية ومحدودية تأثيره، يعكس في الوقت ذاته رغبة سياسية بعدم الوقوف موقف المتفرج أمام المعاناة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر.

ويوضح جودة أن هذا النوع من التدخل الإنساني، رغم رمزيته، يمثل “كسراً للصمت الإنساني”، ورسالة ضغط غير مباشرة تجاه الأطراف التي تعرقل وصول المساعدات، لا سيما الاحتلال الإسرائيلي، الذي يرفض فتح المعابر بشكل منتظم.

ويؤكد جودة أن الإسقاطات الجوية ليست حلاً استراتيجياً، لكنها تعبّر عن إصرار إقليمي على إبقاء الملف الإنساني حاضراً في الوعي السياسي والدبلوماسي، حتى وإن كان ذلك عبر وسائل استثنائية.

وفي الوقت ذاته، يشير جودة إلى أن الجدل الدائر حول جدوى هذه الإسقاطات – سواء من حيث فعاليتها الإغاثية أو تأثيرها السياسي – يُعد مشروعاً، لكنه يعكس مأزقاً إنسانياً مركباً، فمن ناحية، هناك حاجة ملحة لإيصال الغذاء بأي وسيلة ممكنة، ومن ناحية أخرى، ثمّة تخوف حقيقي من أن يُساء توظيف هذه الوسائل لتلميع واقع سياسي قاسٍ أو الترويج لفكرة خاطئة بأن الوضع في غزة تحت السيطرة.

الإسقاطات تخفف لكنها لا تعالج الأزمة

ويشدّد جودة على أن الإسقاطات الجوية، رغم قدرتها على التخفيف المؤقت من المأساة، لكنها لا تُعالج جذور الأزمة، بل قد تُستخدم من قبل بعض الأطراف كورقة دعائية لإضعاف الضغط الدولي الداعي إلى فتح المعابر ورفع الحصار.

ويدعو جودة إلى ضرورة إرفاق كل تحرك إنساني برسالة سياسية واضحة تؤكد أن هذه المساعدات لا تُغني عن رفع الحصار ولا تُنهي المعاناة، بل يجب أن تكون جزءاً من رؤية متكاملة تُعيد الاعتبار للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

ويؤكد جودة على ضرورة عدم السماح بتحويل العمل الإنساني إلى وسيلة لتجميل الواقع السياسي، بل يجب أن يبقى أداة ضغط أخلاقية للوصول إلى حلول جذرية تضمن للفلسطينيين حقهم في الحياة الكريمة والحرية.

عمليات الإنزال الجوي “سلاح ذو حدين”

من جانبه، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أن عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة، التي تنفذها بعض الدول، هي “سلاح ذو حدين”، يمكن أن تُفهم إما كمحاولة إنقاذ للمدنيين المحاصرين من الجوع، أو كسلاح يُسند الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مخططاته المتعلقة بقتل وتجويع وتهجير الشعب الفلسطيني.

ويوضح هديب أن جميع هذه العمليات لا تتم إلا بموافقة إسرائيل، التي تحدد مسبقاً الجهة المنفذة وتوقيت وموقع الإسقاط، وحتى محتوى الطرود الإغاثية، وهو ما يعني أن الاحتلال يسيطر بشكل كامل على هذه العمليات، ويوظفها في خدمة أهدافه الاستراتيجية، وعلى رأسها تجويع الفلسطينيين، وزرع الفوضى بين صفوفهم، وخلق مشاهد صدام على الطرود، بل وحتى التسبب في مقتل مدنيين خلال عمليات التوزيع.

ويشير هديب إلى أن تجربة الإسقاطات الجوية بين عامي 2023 و2024 كشفت عن سلسلة من الحوادث المأساوية، حيث سقطت الطرود فوق رؤوس المواطنين، ما أدى إلى وفيات وإصابات، وكذلك حدوث مشاكل خاصة في المناطق التي تملكها عائلات كبيرة ومسلحة، والتي منعت المحتاجين من الوصول إلى المساعدات، مستأثرة بها دون غيرها. ك

ويلفت هديب إلى أن الاحتلال يتعمد نشر هذه السياسة لتكريس صورة الفوضى والانهيار، وتحميل الفلسطينيين أنفسهم مسؤولية الفوضى، بدل الاعتراف بجريمته الكبرى المتمثلة بفرض الحصار الشامل ورفض إدخال المساعدات براً.

ويبيّن هديب أن هذه الإنزالات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، فغالبية الإنزالات التي لا تعادل حمولة عشر شاحنات برية. ويرى هديب أن تلك الإنزالات “وسيلة لتجميل وجه الاحتلال القبيح”، من خلال محاولة الإيحاء بأن إسرائيل غير مسؤولة عن سياسة التجويع أو الأزمة الإنسانية، بل “تسمح” بمرور مساعدات، في وقت تغلق فيه المعابر وتحاصر أكثر من مليوني فلسطيني.

“الإنزالات الجوية” مبررة في الكوارث الطبيعية

ويوضح هديب أن “الإنزالات الجوية” قد تكون مبررة فقط في حال كان الحصار ناتجاً عن كارثة طبيعية أو ظروف خارجة عن إرادة البشر، لكن في الحالة الفلسطينية، فإن الحصار والتجويع سياسة ممنهجة تمارسها إسرائيل لتحقيق غايات تهجيرية واضحة، وبالتالي، فإن المشاركة في هذه الإنزالات بدون موقف سياسي موازٍ، يجعل المشاركين فيها شركاء في تنفيذ تلك السياسات، أو على الأقل في تحسين صورة الاحتلال أمام المجتمع الدولي.

ويدعو هديب إلى وقف هذه العمليات فوراً، ما لم تكن مصحوبة بتحرك سياسي جاد، حيث أنها تهدف إلى تجميل وجه الاحتلال وإسناده بقتل الفلسطينين دون تحميله أية ضغوط.

ويقول هديب: “حتى لا نكون شركاء في تلميع الاحتلال، علينا أن نكون صريحين؛ هذه الإنزالات تخدم مشروع إسرائيل السياسي، وتغطي على جريمة التجويع المنظمة، ويجب وقفها لأنها باتت تشكل خطراً مباشراً على الناس، بسبب التدافع وسقوط الضحايا”.

ويدعو هديب إلى عقد مؤتمر في مقر الأمم المتحدة، بدعم عربي وإقليمي، لإطلاق ديناميكية سياسية جديدة، تستند إلى حل الدولتين كمدخل وحيد لإنهاء الصراع وضمان حياة كريمة وآمنة للفلسطينيين.

ويؤكد هديب أن “الحل الإنساني يجب ألا ينفصل عن الحل السياسي، وإذا لم ترتبط المساعدات بتحرك دولي فعلي لرفع الحصار ووقف العدوان، فستظل هذه المبادرات مجرد أدوات لتجميل الاحتلال ومساعدة إسرائيل على قتل الفلسطينيين في صمت”.

إسقاط مساعدات جوية على القطاع غير مجد

بدوره، يرى الكاتب والمؤرخ حسام أبو النصر أن إعلان الإمارات إسقاط مساعدات جوية على قطاع غزة أمر غير مجد، مؤكداً أن هذه الطريقة أثبتت فشلها ميدانياً، سواء لعدم وصول المساعدات إلى مستحقيها أو لتسببها بحالات وفاة بين المدنيين، نتيجة ما تحدثه من فوضى أو سقوط الطرود في أماكن مأهولة.

ويوضح أبو النصر أن هذا الخيار لا جدوى منه، خصوصاً في ظل بدء دخول المساعدات المصرية بشكل أوسع إلى قطاع غزة، مشدداً على أن إسقاط المساعدات جواً ليس فقط غير فعال، بل قد يتسبب بمزيد من الضحايا المدنيين، وهو ما حدث بالفعل في مرات سابقة وحالية.

ويشدد أبو النصر على أن على الإمارات، كدولة تُعد من أوائل المطبعين مع إسرائيل، أن تستخدم علاقاتها السياسية للضغط على تل أبيب من أجل فتح المعابر، مثل معبري رفح وإيرز، أو أي من المعابر المحيطة بالقطاع، لإدخال المساعدات بشكل فوري ومنظم.

ويعتبر أبو النصر أن هذا الضغط هو الحل الواقعي والعملي لإنهاء المأساة الإنسانية، لا اللجوء إلى خطوات “رفع عتب” مثل الإسقاطات الجوية التي وصفها بأنها لا تفي بالغرض، بل تؤدي إلى نتائج عكسية.

توقيت الإعلان عن هذه المساعدات الجوية!

ويؤكد أبو النصر أن الفلسطينيين في غزة بحاجة إلى كل بارقة أمل، وكل مساعدة ممكنة، لكن الأهم أن تكون هذه المساعدات آمنة ومنظمة ولا تؤدي إلى مآسٍ إضافية.

ويشير أبو النصر إلى أن الكثير من المدنيين، بينهم أطفال، سقطوا خلال محاولاتهم الحصول على المساعدات التي توزع بطريقة عشوائية وخطرة.

ويشير أبو النصر إلى أن توقيت الإعلان عن هذه المساعدات الجوية يأتي في خضم تذبذب واضح في مسار المفاوضات، التي تتأرجح بين التقدم والتراجع، ما يعزز الشكوك حول استخدام الملف الإنساني كورقة سياسية للضغط باتجاه تمرير صفقات معينة.

ويؤكد أبو النصر أن الشعب الفلسطيني في غزة لم يعد يعنيه كل هذا الجدل السياسي، بل يهمه الخروج من نفق الجوع والحصار، ومن الحالة المأساوية التي فرضتها سياسة التجويع، والتي أودت بحياة الكثيرين بسبب تفشي المجاعة وانعدام مقومات الحياة الأساسية.

المشهد الإغاثي في غزة “غير بطولي”

من جهته، يوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن تصاعد كارثة التجويع في قطاع غزة وتزايد ردود الفعل الدولية دفع العديد من الأطراف إلى محاولة التنصل من المسؤولية، أو تبرير سياساتها من خلال الترويج لجهود إغاثية ضخمة، في حين أن ما يحدث على الأرض لا يتجاوز القيود الإسرائيلية المشددة، سواء من حيث حجم ونوعية المساعدات، أو آليات إدخالها.

ويؤكد عوكل أن المشهد الإغاثي في غزة لا يمكن وصفه بأي شكل من أشكال “البطولة”، مشدداً على أن كل شيء يتم بموافقة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتحكم بشكل كامل في تفاصيل دخول المساعدات، ويقيّدها بالكم والكيف، وحتى في محتوى المواد الإغاثية ذاتها.

وينتقد عوكل بشدة آلية إسقاط المساعدات عبر الطائرات، مؤكداً أنها ليست جديدة وقد سبق تجربتها وأثبتت فشلها.

ويوضح عوكل أن هذه الطريقة لا يمكنها بأي حال من الأحوال تعويض الكميات الكبيرة التي يمكن إدخالها عبر الطرق البرية، كما أنها تؤدي إلى فوضى ميدانية كبيرة، نتيجة غياب جهة منظمة للتوزيع، وهو ما يجعل الناس يتزاحمون بشكل غير منظم، ما يخلق حالة من الفوضى قد تنتهي بكوارث بشرية.

ويشير عوكل إلى أن بعض الطرود تسقط في البحر، أو حتى على رؤوس الناس، ما يؤدي إلى إصابات أو حتى وفيات.

ويرى عوكل أن هذه الآلية لا تختلف كثيراً عن أداء ما أسماها “مؤسسة غزة اللاإنسانية”، في إشارة إلى أن الجهود المعلنة لا ترتقي إلى مستوى الحاجة الإنسانية الحقيقية، بل قد تُستخدم لأغراض دعائية أو سياسية.

ويؤكد عوكل أنه لا توجد دعاية يمكن أن تُجمّل هذه الطريقة عبر الإسقاطات الجوية، أو تروّج لها ككسر للحصار، أو وسيلة فاعلة لإنقاذ حياة الناس، في ظل استمرار “جريمة حرب التجويع” التي تُمارس ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

فشل تجارب إسقاط المساعدات السابقة

بدوره، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش أن جميع عمليات إسقاط أو إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حتى اللحظة، تتم بموافقة إسرائيلية كاملة، ما يعكس بوضوح أن ما يُقدَّم كـ”تساهل إنساني” من قبل سلطات الاحتلال، ليس سوى خطوة محسوبة تهدف لامتصاص الغضب العالمي المتزايد من جريمة التجويع الجماعي، وليس تحركاً جاداً لتخفيف الكارثة.

ويشير أبو غوش إلى أن إسرائيل، رغم ما تواجهه من انتقادات دولية، ماضية في حرب الإبادة والتدمير والتهجير، ولا تقدم أي تنازلات إنسانية حقيقية، بل تحاول تصوير الأزمة كمسألة إدارية وفنية، تارةً بالادعاء أن الشاحنات تُسرق ولا تصل لمستحقيها، وتارةً أخرى بأن المشكلة تعود لسيطرة حماس على توزيع المساعدات.

وهذه الذرائع، بحسب أبو غوش، تفتقر إلى الصدقية وتهدف فقط لتشتيت الانتباه عن حقيقة أن الاحتلال هو المسؤول الرئيسي عن تفاقم الأزمة.

ويلفت أبو غوش إلى أن تجارب إسقاط المساعدات السابقة، إضافة إلى محاولات مثل إنشاء رصيف بحري من قبل إدارة بايدن، ثم التراجع عنه، وأيضاً أداء “مؤسسة غزة الأمنية المشبوهة”، لم تحقق أي نتائج حقيقية، بل تحولت بعض نقاط التوزيع إلى “مصائد موت”.

ويؤكد أبو غوش أن كل هذه المحاولات لا تشكل بديلاً عن الحل الجذري المتمثل في فتح المعابر وإدخال المساعدات وفقاً لمعايير إنسانية عادلة وكافية.

ويعتبر أبو غوش أن التلاعب بالملف الإنساني وتحويله إلى وسيلة للتغطية على أهداف الحرب، هو جزء من تكتيك إسرائيلي ممنهج، لا يهدف فقط إلى كسر إرادة المقاومة، بل إلى كسر صمود السكان المدنيين أنفسهم.

ويشير أبو غوش إلى أن آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات تنتظر عند المعابر، وقد فسد معظمها، لأن إسرائيل ترفض السماح بدخولها، وتستخدم “سلاح التجويع” بشكل متعمد لدفع الناس نحو الهجرة القسرية.

الكارثة الإنسانية نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي

ويشدّد أبو غوش على أن الكارثة الإنسانية في غزة ليست ناتجة عن سوء توزيع أو عن غياب التنظيم، بل هي نتيجة مباشرة للحصار والسياسات الإسرائيلية، مؤكداً أن المشكلة ليست فنية ولا إدارية، بل سياسية بالكامل، وتندرج في سياق حرب إبادة مستمرة تستهدف المجتمع الفلسطيني برمّته.

ويقول أبو غوش: “لو توفّر الحد الأدنى من الضغط الإقليمي والدولي، لأمكن فرض إدخال المساعدات قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار”، مشيراً إلى أن مطالبة إسرائيل بفتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات دون شروط، يجب أن تكون من أبسط المطالب الفلسطينية وأكثرها إلحاحاً.

ويؤكد أبو غوش أن المشاهد اليومية التي نراها من تجويع الأطفال والمواطنين في غزة، هي جزء من الصورة التي تريد إسرائيل ترسيخها، كـ”صورة انتصار لجيشها ومشروعها، وهزيمة للشعب الفلسطيني”.

ويشدد أبو غوش على أن الواجب السياسي والأخلاقي يحتم على كل الأطراف رفض هذا السيناريو، والعمل على إعادة الاعتبار للمطلب الإنساني الأساسي “إنهاء الحصار، ووقف الحرب، وضمان حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة”.

“مشهدية إعلامية” لإسكات الرأي العام العالمي

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي عماد موسى أن استمرار بعض الدول في استخدام آلية إسقاط المساعدات الإنسانية جواً فوق قطاع غزة، يُعد ابتعاداً واضحاً عن تحمّل المسؤولية الأخلاقية الحقيقية، واستعاضة شكلية عن الضغط السياسي المطلوب على حكومة بنيامين نتنياهو لفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني، وهو ما يعد محاولة لتغطية العجز العربي.

ويعتبر موسى أن هذه الخطوة لا يمكن فصلها عن المشهد السياسي القائم، متسائلاً: “أليس نتنياهو نفسه هو من يمنحهم الإذن بالتحليق في أجواء غزة؟”، مشيراً إلى أن ما يحدث يتم تحت سقف التنسيق الإسرائيلي، ما قد يُفرغ هذه المحاولات من بعدها الإنساني الحقيقي، ويحوّلها إلى مجرد استعراض إعلامي.

ويؤكد موسى أن ما نراه من إسقاطات جوية قد يكون مجرد “مشهدية إعلامية” تهدف إلى إسكات الرأي العام، سواء الدولي أو المحلي، وتقديم صورة رمزية تبرّر العجز العربي عن اتخاذ خطوات حقيقية لوقف كارثة التجويع التي تضرب القطاع.

ويشدد موسى على أن المطلوب ليس تعويم المسؤولية عبر وسائل

رمزية، بل موقف سياسي حازم يُلزم الاحتلال بفتح المعابر وتوفير الحماية للمساعدات وحق الفلسطينيين في الحياة بكرامة.

المصدر …القدس” دوت كوم

Share This Article