الأمم المتحدة- “المسار ”: صدر اليوم الثلاثاء تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (ICP) المتخصص في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، وأقر التقرير أن قطاع غزة يمر في حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وجاء في مقدمة التقرير المكون من خمس صفحات أن قطاع غزة على شفا المجاعة بعد ما يقرب من سنتين من الصراع. إلا أن التطورات الأخيرة – بما في ذلك تكثيف الأعمال العدائية، والنزوح المتكرر، والحصار المتزايد الصرامة – أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير. يدفع الأثر التراكمي لهذه العوامل غزة إلى أزمة غير مسبوقة، حيث أصبح الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الأساسية مقيدًا بشدة لشرائح كبيرة من السكان. ويؤدي انهيار أنظمة السوق والإنتاج الغذائي المحلي، إلى جانب تقييد المساعدات الإنسانية، إلى تسريع وتيرة الجوع وسوء التغذية والوفيات التي يمكن الوقاية منها، وخاصة بين الأطفال والفئات الضعيفة الأخرى.
وهذه أهم النتائج التي توصل إليها الخبراء:
– أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (ICP) اليوم تحذيرًا صارخًا من أن أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف الآن في قطاع غزة. ففي خضم الصراع المستمر، والنزوح الجماعي، والقيود الشديدة على وصول المساعدات الإنسانية، وانهيار الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية، وصلت الأزمة إلى نقطة تحول مُقلقة وقاتلة؛
– تشير الأدلة المتزايدة إلى أن انتشار المجاعة وسوء التغذية والأمراض يُؤدي إلى ارتفاع في الوفيات المرتبطة بالجوع. وتشير أحدث البيانات إلى بلوغ حد المجاعة فيما يتعلق باستهلاك الغذاء في معظم أنحاء قطاع غزة، وبالنسبة لسوء التغذية الحاد في مدينة غزة؛
– تدهور استهلاك الغذاء بشكل حاد، حيث يُحرم واحد من كل ثلاثة أفراد من الطعام لأيام متوالية؛
– ارتفع سوء التغذية بسرعة في النصف الأول من شهر تموز / يوليو. وقد أُدخل أكثر من 20000 طفل لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد بين نيسان/ أبريل ومنتصف تموز/ يوليو، ويعاني أكثر من 3000 منهم من سوء التغذية الحاد. وأفادت المستشفيات بزيادة سريعة في وفيات الأطفال دون سن الخامسة المرتبطة بالجوع، حيث سُجِّلت 16 حالة وفاة على الأقل منذ 17 تموز/ يوليو.
ارتفع سوء التغذية بسرعة في النصف الأول من شهر تموز / يوليو. وقد أُدخل أكثر من 20000 طفل لتلقي العلاج من سوء التغذية الحاد بين نيسان/ أبريل ومنتصف تموز/ يوليو
– يأتي هذا التحذير من التصنيف المرحلي المتكامل على خلفية أحدث تحليل للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الصادر في 12 أيار/ مايو 2025، والذي توقع أنه بحلول أيلول/ سبتمبر 2025، سيواجه جميع سكان قطاع غزة مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 أو أعلى من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، مع توقع أن يكون أكثر من 500000 شخص في حالة كارثية (المرحلة 5 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) – وهي حالة تتسم بالحرمان الشديد من الغذاء والجوع والعوز والموت. وفي هذا التحليل الأخير، تم رصد خطر المجاعة في جميع مناطق قطاع غزة.
– يلزم اتخاذ إجراءات فورية وواسعة النطاق لإنهاء الأعمال العدائية وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما يُنقذ الأرواح. هذا هو السبيل الوحيد لوقف المزيد من الخسائر في الأرواح ومنع المزيد من المعاناة الإنسانية. “إن عدم التحرك الآن سيؤدي إلى وفيات واسعة النطاق في معظم أنحاء القطاع”.
العوامل الرئيسية للوضع الحالي
1) الصراع: بعد مرور ما يقرب من عامين على الصراع، قُتل أكثر من 59500 شخص وجُرح 143000. دُمر أو تضرر حوالي 70% من البنية التحتية.
2) النزوح: تتقلص المساحة الآمنة لسكان قطاع غزة إلى أقل من 12% من مساحة القطاع. منذ انتهاء وقف إطلاق النار في 18 آذار/ مارس، سُجلت أكثر من 762500 حالة نزوح.
3) القيود الصارمة على وصول المساعدات الإنسانية: تكافح الوكالات الإنسانية لإيصال المساعدات بأمان بسبب وجود جهات مسلحة بالقرب من طرق القوافل ونقاط التوزيع، بالإضافة إلى حالة اليأس السائدة التي غالبًا ما تؤدي إلى أعمال نهب.
الإجراءات التي يوصي بها الخبراء
أولا: إنهاء الأعمال العدائية: يُعدّ وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط والمستدام أمرًا بالغ الأهمية لعكس المستويات الكارثية للمعاناة الإنسانية؛
ثانيا: ضمان وصول المساعدات الإنسانية: يجب ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وبشكل آمن ومستقر ومستدام في جميع أنحاء قطاع غزة، وعبر جميع نقاط الدخول البرية والبحرية والجوية، وذلك لتمكين تقديم المساعدات والخدمات المنقذة للحياة والمتعددة القطاعات على نطاق واسع، وجمع البيانات المتعلقة بالرفاهية الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة؛
ثالثا: حماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة والبنية التحتية المدنية: حماية المدنيين الذين يلتمسون المساعدة ويحصلون على الخدمات الأساسية. حماية العاملين في المجال الإنساني حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة وفقًا للمبادئ الإنسانية. حماية واستعادة البنية التحتية الحيوية الضرورية للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية؛ والطرق وشبكات الاتصالات
رابعا: استعادة المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والمتعددة القطاعات بأمان وكرامة، وفقًا للمبادئ الإنسانية والقانون الإنساني الدولي. ضمان حصول الناس على الغذاء وغيره من المواد والخدمات الأساسية، مع إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا. يشمل ذلك خدمات الغذاء والصحة والتغذية (بما في ذلك التغذية العلاجية الأساسية للأمهات والأطفال)، والمأوى، وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة، ومساعدات سبل العيش، وغيرها من المواد الأساسية، مثل الوقود وغاز الطهي؛
خامسا: استعادة تدفق السلع التجارية وقدرات الإنتاج المحلية.
وللعلم فالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (ICP) هو مبادرة مبتكرة متعددة الشركاء لتحسين تحليل الأمن الغذائي والتغذية واتخاذ القرارات المتعلقة بهما. باستخدام هذا التصنيف والمنهج التحليلي، تعمل الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة معًا لتحديد شدة وحجم انعدام الأمن الغذائي الحاد والمزمن وحالات سوء التغذية الحاد في بلد ما، وفقًا للمعايير العلمية المعترف بها دوليًا. الهدف الرئيسي من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هو تزويد صانعي القرار بتحليل دقيق قائم على الأدلة والإجماع لحالات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد، وذلك لتوجيه استجابات الطوارئ، بالإضافة إلى السياسات والبرامج متوسطة وطويلة الأجل.