أعلنت الأمم المتحدة رسمياً عن حالة مجاعة في قطاع غزة، وهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وحذر خبراؤها من أن 500 ألف شخص في حالة “كارثية”، وذلك بينما كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يحكم قبضته على مدينة غزة استعداداً لهجوم مُخطط له عليها.
المجاعة لم تعد خطراً بل باتت واقعاً
بعد أشهر من التحذيرات من المجاعة في قطاع غزة، أكد مركز “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” (IPC) التابع للأمم المتحدة، ومقره روما، في 22 آب/أغسطس الجاري، أن المجاعة جارية في محافظة غزة، ومن المتوقع أن تمتد إلى محافظتي دير البلح وخان يونس في أواخر أيلول/سبتمبر القادم، بينما يُعتقد أن الوضع في محافظة شمال غزة أسوأ من الوضع في محافظة غزة، ولم يتم تحليل الوضع في محافظة رفح التي باتت خالية من السكان تقريباً. وقال توم فليتشر، رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: “كان في إمكاننا تجنب هذه المجاعة لو سُمح لنا بذلك، فالمواد الغذائية تتراكم على الحدود بسبب العراقيل الممنهجة من جانب إسرائيل”، مضيفاً أن “هذه المجاعة سوف تطاردنا جميعاً ويجب أن تطاردنا” (1).
وفقاً لمركز “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، يُعد هذا أخطر تدهور للوضع منذ أن بدأ المركز رصد الأوضاع في قطاع غزة. فهذا المركز يعتبر المجاعة واقعة عند توافر ثلاثة عوامل: 20% على الأقل من الأسر (واحدة من كل خمس أسر) تواجه نقصاً حاداً في الغذاء، و30% على الأقل من الأطفال دون سن الخامسة (واحد من كل ثلاثة) يعانون من سوء تغذية حاد، ويموت شخصان على الأقل من كل 10,000 جوعاً يومياً.
وفي تموز/يوليو الفائت، أفاد أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص (39%) في غزة أنهم يقضون أياماً متواصلة من دون طعام، ويتخلى البالغون بانتظام عن وجبات الطعام لإطعام أطفالهم. ويتسارع سوء التغذية لدى الأطفال بمعدل كارثي، إذ تمّ تشخيص، في الشهر نفسه، أكثر من 12000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، في حين بيّنت بيانات رسمية صادرة عن وزارة الصحة، تحققت منها منظمة الصحة العالمية، حدوث ما لا يقل عن 138 حالة وفاة بسبب الجوع، من بينهم 25 قاصراً، في شهر آب الجاري وحده. وعلاوة على ذلك، فإن ما يقرب من 98% من الأراضي الزراعية في القطاع متضررة أو يتعذر الوصول إليها، مما أدّى إلى تدمير القطاع الزراعي والإنتاج الغذائي المحلي.
وقال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، شو دونيو: “لقد استنفد سكان غزة كل سبل البقاء الممكنة، ويتفاقم الجوع وسوء التغذية يوماً بعد يوم، كما أن تدمير الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والدفيئات الزراعية والبنية التحتية لصيد الأسماك وأنظمة إنتاج الغذاء يزيد الوضع حرجاً” (2).
تعليقاً على حالة المجاعة هذه، جدّد فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تأكيده على أن “تجويع الناس لأغراض عسكرية جريمة حرب”، بينما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “لا يمكننا السماح باستمرار هذا الوضع من دون عقاب”، وأضاف: “نحن في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، ووصول كامل ودون عوائق للمساعدات الإنسانية”. وعندما رفضت حكومة الحرب في إسرائيل ما ادّعت أنه “بيان متحيز مبني على أكاذيب حماس”، زاعمة أنه “لا توجد مجاعة في غزة”، ردّ عليها جان مارتن باور، رئيس قسم الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بأن “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو المرجع الأمثل لتحليلات الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم” (3).
انطلاق عملية “عربات جدعون 2” لاحتلال مدينة غزة
انطلقت مساء الأربعاء في 20 آب الجاري عملية “عربات جدعون 2″، التي يُتوقع أن تؤدي إلى احتلال مدينة غزة بصورة كاملة. وأعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه “نفذ بالفعل عمليات تمهيدية وأطلق المراحل الأولى من الهجوم على مدينة غزة”. وكان القصف العنيف على المدينة، ولا سيما على المناطق المحيطة بجباليا والنزلة وحي الصبرة وحي الزيتون قد بدأ منذ أسبوع. ويوم الخميس في 21 من هذا الشهر، اجتمع بنيامين نتنياهو مع قادة جيشه في غزة وأبلغهم أن إسرائيل لن تُنهي الحرب إلا بشروطها الخاصة، وصرّح قائلًا: “أصدرتُ تعليماتي لبدء مفاوضات فورية لإطلاق سراح جميع رهائننا وإنهاء الحرب بشروط مقبولة من إسرائيل”، وأضاف أنه وافق على خطط عسكرية “تهدف إلى السيطرة على مدينة غزة”. وفي إشارة إلى احتمال وقوع هجوم وشيك، بدأ جيش الاحتلال بالاتصال بالمستشفيات والمسؤولين الطبيين في مدينة غزة لدعوتهم إلى الاستعداد لـ “إخلاء كامل” وشيك، وحثهم على “إعداد خطة لنقل المعدات الطبية من الشمال إلى الجنوب”. ومن المتوقع أن تشارك خمس فرق في الهجوم على مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، كما سيستدعي الجيش 60 ألف جندي احتياطي إضافي في أوائل أيلول/سبتمبر المقبل، لتعزيز عشرات الآلاف الذين تمت تعبئتهم بالفعل (4).
وفقاً للتقديرات الأولية الصادرة عن وزارتي المالية والحرب الإسرائيليتين، قد يصل إجمالي الخسائر التي ستلحق بإسرائيل، جراء احتلالها مدينة غزة، إلى نحو 50 مليار دولار سنوياً، إذ سيتعين على الدولة تعويض مئات الآلاف من جنود الاحتياط عن رواتبهم ومداخيلهم المفقودة. وقد يصل الإنفاق العسكري البحت، على توفير ذخائر وقنابل وقذائف ومركبات مدرعة متنوعة، إلى 13 مليار دولار إذا استمرت العملية عاماً واحداً، يضاف إلى هذا مليار دولار على الأقل لضمان تشغيل “المناطق الإنسانية”، التي سيتم إجلاء سكان مدينة غزة إليها. فبغية تخفيف الضغط الدولي، قد يضطر جيش الاحتلال إلى إقامة مخيمات وضمان الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مع إنشاء عيادات لتوفير الحد الأدنى من التغطية الطبية للسكان المهجّرين.
وستؤدي جميع هذه التكاليف إلى زيادة عجز الموازنة، كما ستفضي العزلة الدبلوماسية المتزايدة لإسرائيل إلى ثني المستثمرين الأجانب عن الاستثمار، وخصوصاً في قطاع التكنولوجيا المتقدمة. علاوة على ذلك، من المرجح أن يدفع احتلال مدينة غزة وكالات التصنيف الائتماني الدولية إلى خفض تصنيفات إسرائيل في تقييماتها القادمة، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار فائدة السندات الحكومية وزيادة عبء الديون. لكن مهما كانت التكلفة، فإن بنيامين نتنياهو مصمم، كما يبدو، على مواصلة حرب الإبادة واحتلال مدينة غزة، وذلك على الرغم من موقف رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال إيال زامير، الذي عارض خطة رئيس الوزراء ليس فقط لأسباب عسكرية، بل أيضاً لأسباب مالية (5).
بينما تتوسع عمليات الهدم، يهدد وزير الحرب بتدمير مدينة غزة
يسيطر جيش الاحتلال حالياً على ما يقرب من 75% من أراضي قطاع غزة؛ وباحتلاله مدينة غزة، ومدينة دير البلح والمخيمات الوسطى، سيتمكن من السيطرة على كامل أراضي القطاع المنكوب، التي تحوّل القسم الأكبر منها إلى أنقاض. فمنذ تراجع حكومة الحرب عن اتفاق وقف إطلاق النار في شهر آذار/مارس الفائت، هدم جيش الاحتلال آلاف المباني وبلدات وأحياء بأكملها، كانت تؤوي مئات الآلاف من السكان. وبحسب تقرير نشرته “بي بي سي”، في 24 تموز/يوليو الماضي، تُنفذ القوات الإسرائيلية عمليات هدم متعمدة للمباني والمدارس وغيرها من البنى التحتية، وهي أنشأت “مناطق أمنية” وممرات واسعة ودمرت عدداً كبيراً من المباني على طول هذه المسارات وبالقرب منها. لكن بعض المناطق التي هُدمت مؤخراً تقع في عمق قطاع غزة، مثل قيزان أبو رشوان التي تبعد حوالي 7 كيلومترات عن الحدود.
كما طالت عمليات الهدم أجزاء أخرى من القطاع، كانت قد تجنبت أضراراً جسيمة خلال عمليات القصف السابقة، مثل بلدة خزاعة التي تقع على مقربة من الحدود. فقبل حرب الإبادة، كان عدد سكان البلدة 11,000 نسمة، وكانت معروفة بأراضيها الزراعية الخصبة ومحاصيلها الزراعية كالطماطم والقمح والزيتون، وبينما أظهرت صور الأقمار الصناعية العائدة إلى شهر أيار/مايو أن العديد من مباني البلدة كانت لا تزال قائمة، تعرضت البلدة، بحلول منتصف حزيران/يونيو، لتدمير واسع النطاق على يد القوات الإسرائيلية التي هدمت 1,200 مبنى فيها، بزعم أنها جزء من “البنية التحتية الإرهابية” التي تديرها “حماس”. وكان الوضع مشابهاً في بلدة عبسان الكبيرة المجاورة، التي كان يسكنها نحو 27 ألف نسمة قبل الحرب، إذ تشير الصور الملتقطة يومي 31 أيار و8 تموز إلى أن مساحة شاسعة فيها قد أُبيدت خلال 38 يوماً فقط.
ويتابع التقرير أن وتيرة عمليات الهدم لا تُظهر أي تباطؤ، بل “أفادت وسائل إعلام إسرائيلية الأسبوع الماضي أن الجيش الإسرائيلي استلم عشرات الجرافات من طراز D9 من الولايات المتحدة، والتي عُلِّقت عمليات تسليمها في عهد إدارة بايدن، ورصدت هيئة الإذاعة البريطانية عشرات الإعلانات المنشورة على مجموعات فيسبوك إسرائيلية تعرض وظائف في غزة لمقاولي الهدم”. وبينما صرّح متحدث باسم جيش الاحتلال بأنهم “يعملون وفقاً للقانون الدولي”، وأن “تدمير الممتلكات لا يُنفذ إلا عند الضرورة العسكرية المُلِحّة”، أشار العديد من محامي حقوق الإنسان الذين أجرت “بي بي سي” مقابلات معهم إلى أن هذه الحملة قد تُشكل جريمة حرب، وصرّح إيتان دايموند، الخبير القانوني البارز في مركز “دياكونيا الدولي للقانون الإنساني” في القدس، بأن اتفاقية جنيف الرابعة، التي تضمن حماية المدنيين في زمن الحرب، لا تُقدم مبرراً لهذه الحملة، وأضاف: “يحظر القانون الإنساني الدولي التدمير المُتحكم فيه للممتلكات المدنية أثناء النزاع المسلح، إلا في ظل ظروف صارمة تتطلب ضرورة عسكرية مطلقة”، وتابع: “لا يندرج تدمير الممتلكات المدنية بسبب مخاوف أو تكهنات حول استخدامها المُحتمل في المستقبل ضمن هذا الاستثناء” (6).
في 22 من هذا الشهر، حذر وزير الحرب الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، من إمكانية تدمير مدينة غزة إذا لم تقبل حركة “حماس” شروط حكومته لإنهاء الحرب، وذلك في رسالة نُشرت على موقع “إكس”، وورد فيها: “قريباً، ستُفتح أبواب الجحيم” على أعضاء حركة “حماس” في غزة، “حتى يقبلوا بالشروط التي وضعتها إسرائيل لإنهاء الحرب، وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الرهائن ونزع السلاح”. وأضاف “إذا لم يقبلوا فإن غزة عاصمة حماس ستتحول إلى رفح أو بيت حانون”، في إشارة إلى مدينتين في قطاع غزة دمرهما جيش الاحتلال بصورة شبه كاملة (7).
تدمير مدينة رفح والمناطق المحيطة بها
رفح هي أقصى محافظة جنوب قطاع غزة، وتقع على طول الحدود مع مصر. قبل حرب الإبادة، كان عدد سكانها حوالي 200 ألف نسمة، وتمثل مساحتها حوالي خُمس مساحة قطاع غزة. وقد دمّر جيش الاحتلال رفح بصورة كاملة، وأفرغها من سكانها، في إطار خطة للبقاء في القطاع إلى أجل غير مسمى وتسهيل التطهير العرقي لسكانه. وقد اضطر معظم هؤلاء السكان إلى النزوح شمالاً إلى خان يونس وساحل المواصي، تحت نيران المدفعية وعلى وقع أصوات الدبابات والجرافات المقتربة. ووفقاً لمقال في صحيفة “هآرتس”، فإن هذا من شأنه “تحويل غزة فعلياً إلى جيب داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، معزولاً عن الحدود المصرية” (8).
وبحسب تقرير “بي بي سي” المذكور سابقاً، فإن الدمار في قطاع غزة منذ نيسان/أبريل الفائت قد تركّز بصورة كبيرة في رفح، إذ أدت التفجيرات المُتحكّم بها والحفارات والجرافات إلى محو مناطق بأكملها. وحددت هيئة الإذاعة البريطانية “صوراً للبنية التحتية التي هُدمت في 40 موقعاً منذ انتهاء وقف إطلاق النار في آذار الماضي، إذ تُظهر مقاطع الفيديو مدارس – مثل المدرسة في تل السلطان – تُهدم، إلى جانب مبانٍ سكنية وبلدية، وكان تل السلطان أحد أكثر أحياء رفح حيوية، فكانت شوارعه المكتظة بالسكان تضم جناح الولادة المتخصص الوحيد في رفح ومركز استقبال للأطفال الأيتام والمهجورين. وأظهرت صور الأقمار الصناعية أن “جزءاً كبيراً من المنطقة قد تضرر بشدة بالفعل من جراء القصف الإسرائيلي ونيران المدفعية، لكن عشرات المباني صمدت أمام القصف، وذلك إلى أن اشتد التدمير في 13 تموز، حتى أن حطام المباني المتضررة جُرف بعيداً، وتحولت كتل بأكملها في المدينة إلى رماد”. ويتابع التقرير أن عمليات الهدم “طالت الحي السعودي المجاور، الذي كان يضم سابقاً أكبر مسجد في المدينة وعدة مدارس، إذ يُظهر مقطع فيديو مُوثّق دبابة تتحرك في أحد شوارع رفح بينما تعمل حفارة على جانب الطريق” (9).
تدمير مدينة بيت حانون ومحيطها
تقع مدينة بيت حانون في شمال قطاع غزة، وكان يقطنها قبل حرب الإبادة نحو 40 ألف نسمة، وكانت أول مدينة يتوغل فيها جيش الاحتلال عندما بدأ هجومه البري على قطاع غزة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وقد تعرضت هذه المدينة، منذ بدء ذلك الهجوم قبل نحو عامين، إلى خمس عمليات هجوم، أعلن جيش الاحتلال في الأخيرة منها أنه تمكن من “تحييد” كتيبة حركة “حماس”، وأن “الأغلبية العظمى” من الأنفاق قد هُدمت. وقال قائد لواء المشاة جفعاتي لمجموعة من الصحفيين الإسرائيليين، الذين تجمعوا في زيارة لبيت حانون يوم الأربعاء في 30 تموز الماضي تحت حراسة أمنية مشددة: “في غضون أسبوع، من المفترض أن ينتهي الأمر – وعندما أقول ينتهي، أعني أنه لن يكون هنا أي نفق”. وكان جيش الاحتلال قد هدم، على مدار الشهرين الماضيين، معظم البنية التحتية لبيت حانون في إطار حملة بحثه عن الأنفاق في المنطقة. وقال قائد اللواء: “لا نتحدث عن هدم المباني لمجرد الهدم، بل عن تدمير البنية التحتية لحماس، وعندما ننتهي من العملية قد يبقى ربما 10 مبانٍ قائمة مملوكة لمدنيين، ولكن من دون مداخل أنفاق”. وكان وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد نشر يوم الجمعة في 11 من شهر تموز صورة جوية لبيت حانون، تُظهر المدينة وقد “سُويت بالأرض” (10).
الهدف يظل التطهير العرقي
صرّح رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو في وقت سابق لمجموعة من المشرعين في اجتماع مغلق بأن الجيش الإسرائيلي “يدمر المزيد والمزيد من المنازل”، تاركاً الفلسطينيين “بلا مأوى”. وبحسب الكولونيل روجر هاوزر، فإن القضاء على حركة “حماس” من خلال احتلال مدينة غزة ليس سوى “قضية أمنية، وهدف وسيط”، وأن “هناك وراء ذلك أجندة خفية: التطهير العرقي”، مقدّراً أنه ” ما من أحد قادر على إيقاف نتنياهو في ظل حماية ترامب له” (11).
ووفقاً لتقارير من وكالة “أسوشيتد برس”، أكدتها وكالة “رويترز”، تُجري إسرائيل محادثات مع جنوب السودان لنقل الفلسطينيين قسراً من قطاع غزة إلى هذه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا. وقالت مصادر دبلوماسية لم تُكشف هويتها إن احتمال إعادة توطين الفلسطينيين في جنوب السودان طُرح خلال اجتماعات جرت بين وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ووزير خارجية جنوب السودان، موندي سمايا كومبا، خلال الزيارة التي قام بها هذا الأخير إلى إسرائيل في أواخر الشهر الماضي. ومع أن وزارة خارجية جنوب السودان نفت هذه الأخبار “المزعومة”، إلا إن العلاقات الوثيقة بين الدولتين تمنح مصداقية لمثل هذه الأخبار، وخصوصاً بعد أن أعلنت إسرائيل في 18 من هذا الشهر إرسال مساعدات إنسانية طارئة إلى جنوب السودان، الذي يعاني من أزمة إنسانية خطيرة منذ سنة 2011 (12).
“حركة الساعة الأخيرة”
تحت هذا العنوان، نظمت عدة منظمات مجتمع مدني، وخصوصاً للصحافيين والمحامين، في 21 آب الجاري، مظاهرة “مناهضة للحرب” في مدينة غزة، سار خلالها مئات الأشخاص في شوارع المدينة رافعين لافتات باللغتين الإنكليزية والعربية خُطت عليها عبارات “أوقفوا الحرب”، “لا للحرب والتهجير، لا لقتل الهوية والقضية الفلسطينية”. وكان قد تمّ الإعلان عن هذه المظاهرة، بعد انتشار دعوات عديدة للتظاهر على مواقع التواصل الاجتماعي. وتجمع المتظاهرون من مختلف الأعمار وسط خيام النازحين في مركز “رشاد الشوا” الثقافي. وقال الصحافي أحمد حرب، خلال كلمة ألقاها في المظاهرة: “لم يتبقَّ سوى ساعات قليلة على بدء العمليات العسكرية في مدينة غزة، ولذلك، نوجه نداءً أخيراً للعالم: أوقفوا هذه الحرب مهما كلف الأمر”. وأضاف: “يواجه العالم أجمع اليوم اختباراً حقيقياً: اختبار مبادئه وأخلاقياته، واختبار منح الشعب الفلسطيني حقوقه”. أما بيسان غزال، فقالت: “نريد أن تنتهي الحرب على غزة، لا نريد الهجرة. لقد انقضى اثنان وعشرون شهراً، كفى، كفى قتلى، كفى دماراً” (13).
* باحث ومؤرخ في مؤسسة الدراسات الفلسطينية – بيروت.