المسار : سلّط مشروع قانون اقترحه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لمكافحة جرائم الكراهية، والجدل الذي أثارته فرقة الراب الإيرلندية الشمالية الداعمة لغزة “نيكاب”، الضوء في كندا على مسألة قانونية معقدة: هل يجب أن يُعتبر عرض رموز معينة جريمة؟
وأثار مشروع القانون الذي عرضته حكومة كارني الليبرالية، الشهر الماضي، ردود فعل متباينة.
فبينما أشاد به البعض على اعتباره ردًا مدروسًا على الأرقام التي تظهر ازدياد جرائم الكراهية، دقّ معارضوه ناقوس الخطر جراء بند يقول إن “الترويج المتعمّد للكراهية ضد مجموعة محددة عبر عرض رموز إرهاب أو كراهية معيّنة علنًا يشكّل جريمة”.
وتشمل الرموز تلك المرتبطة بـ”الكيانات المصنّفة على أنها إرهابية” رسميًا في كندا، والتي تشمل “حماس” و”حزب الله”.
وحذّر معارضون من إمكان استخدام الإجراءات لإسكات أي أشكال شرعية للاحتجاج، بما في ذلك تلك المرتبطة بإسرائيل، إذا أُقرّ مشروع القانون.
وتُعدّ هذه المسألة في صلب الجدل غير المعهود المرتبط بفرقة نيكاب للراب، المكوّنة من ثلاثي مُنعوا من دخول كندا وأُجبروا على إلغاء عروض كانت مقررة هذا الشهر.
وأُلغيت عروض دولية لنيكاب، التي تغنّي باللغة الإيرلندية وتردد مرارًا هتافات داعمة لغزة، على خلفية موقفها المؤيد للفلسطينيين وغير ذلك من المواقف الجدلية.
وأفاد مدّعون في المملكة المتحدة بأنهم سيقدّمون طلب استئناف ضد قرار قاضٍ إسقاط تهمة دعم “الإرهاب” التي وُجّهت إلى عضو الفرقة ليام أوهانا، المعروف باسم مو شارا، على خلفية الاشتباه بحمله علم “حزب الله” اللبناني أثناء حفلة أُقيمت في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، وهي تهمة ينفيها أوهانا.
“غير مسبوق”
وأثارت الطريقة التي تم من خلالها استبعاد نيكاب رسميًا من كندا الدهشة.
ونشر عضو ليبرالي في البرلمان مسؤول عن مكافحة الجريمة، هو فِنس غاسبارو، تسجيلًا مصوّرًا يفيد بأن الفرقة مُنعت من الدخول بسبب دعمها للإرهاب.
وقال محامي الهجرة الكندي أندرو كولتن إن الإعلان كان “غير مسبوق إطلاقًا”، إذ بدا أنه يتفادى كل الإجراءات المعروفة لتحديد إمكان الدخول إلى كندا.
ولم تعلّق إدارة شؤون الهجرة واللاجئين والجنسية الكندية على الأمر، مبرّرة ذلك بالخصوصية، بينما أفاد فريق غاسبارو بأن التسجيل المصوّر مبني على “المعلومات التي كانت متاحة حينذاك”.
وبعيدًا عن الجوانب التقنية للإعلان، أشار كولتن إلى المشكلة الأكبر المتمثّلة في مسألة إن كان من الممكن اعتبار سلوك أوهانا المفترض في الخارج مصدر قلق بالنسبة إلى كندا.
وقال: “تتمحور القضية كلها حول مسألة إن كان الإمساك بعلم لـ “حزب الله” أُلقي على المسرح يشكّل خطرًا على أمن كندا”.
ولفت كولتن إلى أن كندا قد تمنع دخول شخص يوفر “دعمًا ماديًا” لجماعة إرهابية محظورة، لكن إثبات أن حمل علم يرقى إلى جريمة من هذا النوع “سيكون أمرًا صعبًا جدًا”.
وقالت داريا إيسوب، وهي مدرّسة تبلغ 61 عامًا كانت تنوي حضور أحد عروض نيكاب في تورونتو إنها معجبة بدعم الفرقة لغزة وتشعر بخيبة أمل لعدم قيام العرض الذي كانت تتطلع إليه.
وأضافت تعليقًا على الحظر: “لكنني، وقبل كل شيء، أشعر بالغضب لأن الأمر غير معقول”.
“مضلل؟”
وبينما لا يحظى مغنّو فرقة الراب الإيرلندية بذات الحماية القانونية التي يتمتع بها المواطنون الكنديون، أشارت أناييس بوسييه ماكنيكول من “رابطة الحريات المدنية الكندية” إلى أن ما مرّت به نيكاب هو “جزء من سياق أوسع”، حيث تتعرّض حرية التعبير المدنية في كندا “للضغط”.
وعبّرت الرابطة خصوصًا عن قلقها حيال القانون المقترح من الليبراليين.
وتفيد الحكومة بأن مشروع القانون، الذي أُطلق عليه رسميًا “قانون مكافحة الكراهية”، سيكافح معاداة السامية وكراهية الإسلام ورهاب المثليين وغير ذلك من أشكال التمييز.
وأشادت به أقدم مجموعة مدافعة عن اليهود في كندا “بناي بريث”، على اعتبار أنه تحرّك قوي “ضد آفة الكراهية والتطرّف العنيف”.
لكن المجلس الوطني لمسلمي كندا وصف مشروع القانون بأنه “مضلل”.
وأفاد بأنه “يوفّر مناخًا حيث يمكن لضباط متحمّسين للغاية مصادرة رموز التضامن مع الفلسطينيين”.
من جهتها، أكدت بوسييه ماكنيكول أن رابطتها تتفق مع أن مكافحة الكراهية أمر “جدير بالثناء”.
لكن المجموعة حذّرت من أن تحديد قائمة الكيانات الإرهابية الأجنبية هو “قرار سياسي بشكل كبير”.
وذكرت الرابطة أن تجريم رموز مرتبطة بمجموعات على هذه القائمة “يزيد خطر وصم وتجريم متظاهرين سلميين”.