أسلحة بريطانية في أيدي “الدعم السريع”.. تحقيق الغارديان يكشف تورطًا محتملاً لبريطانيا والإمارات في حرب السودان

المسار  : نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا أعده مارك تاونسند قال فيه إن أسلحة بريطانية وُجدت لدى جماعة متهمة بالإبادة الجماعية في السودان.

وفي تقرير حصري، أشارت الصحيفة إلى ملفين اطّلع عليهما مجلس الأمن الدولي أثارا أسئلة حول صادرات الأسلحة البريطانية إلى الإمارات المتهمة بدعم ميليشيا الدعم السريع في السودان.

مايك لويس: يلزم قانون المملكة المتحدة الحكومة بعدم تصدير الأسلحة في حال وجود خطر واضح بتحويل مسارها أو استخدامها في جرائم دولية

وعُثر على الأسلحة البريطانية في ساحات المعارك بعد استخدامها من قِبل الميليشيا المتهمة بارتكاب جرائم حرب وتهجير للمدنيين وإبادة.

وقد تم العثور على أنظمة استهداف أسلحة صغيرة بريطانية الصنع ومحركات بريطانية الصنع لناقلات جند مدرعة في مواقع قتالية في صراع تسبب الآن في أكبر كارثة إنسانية في العالم.

ويعيد ما ورد في الملفين الانتباه إلى صادرات بريطانيا من الأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة، المتهمة بتزويد الدعم السريع في السودان بالأسلحة، ويثير في الوقت نفسه تساؤلات حول الحكومة البريطانية ودورها المحتمل في تأجيج الصراع في السودان.

فبعد أشهر من تلقي مجلس الأمن الدولي لأول مرة مواد تزعم أن الإمارات العربية المتحدة ربما تكون قد زوّدت قوات الدعم السريع بمعدات بريطانية الصنع، تشير بيانات جديدة إلى أن الحكومة البريطانية وافقت على المزيد من الصادرات إلى الدولة الخليجية من المعدات العسكرية من النوع نفسه.

ويبدو أيضًا أن محركات بريطانية مصممة خصيصًا لناقلات الجند المدرعة المصنعة في الإمارات قد تم تصديرها إليها، على الرغم من وجود أدلة على استخدام هذه المركبات في ليبيا واليمن، في تحدٍ لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.

ونفت الإمارات مزاعم تقديمها دعمًا عسكريًا لقوات الدعم السريع.

وأدّت الحرب التي دخلت عامها الثالث إلى مقتل أكثر من 150,000 شخص وتشريد 12 مليون سوداني داخل بلادهم وللدول المجاورة، كما تركت أكثر من 25 مليون شخص في حاجة ماسّة للطعام والماء والدواء.

ويشير الملفان إلى استخدام الميليشيا السودانية الأسلحة البريطانية في حزيران/يونيو 2024 وآذار/مارس 2025. وقد أعدّ الملفان الجيش السوداني، الذي يزعم أنه يقدم “أدلة عن دعم الإمارات” للدعم السريع. وتشير الأدلة إلى استمرار تزويد بريطانيا الإمارات بالأسلحة على الرغم من المخاوف من استخدامها في النزاع المدمّر.

ونقلت الصحيفة عن الباحث والعضو السابق في لجنة الخبراء المختصة بالسودان في الأمم المتحدة، مايك لويس، قوله: “يلزم قانون المملكة المتحدة وقانون المعاهدات الحكومة صراحة بعدم السماح بتصدير الأسلحة في حال وجود خطر واضح بتحويل مسارها أو استخدامها في جرائم دولية. وقد وثّق محققو مجلس الأمن بالتفصيل تاريخ الإمارات العربية المتحدة الممتد لعقد من الزمان في تحويل الأسلحة إلى دول خاضعة للحظر وإلى قوى تنتهك القانون الإنساني الدولي”.

وأضاف لويس: “حتى قبل ورود هذه المعلومات الإضافية حول المعدات البريطانية الصنع في السودان، كان ينبغي عدم إصدار هذه التراخيص، وكذلك الحال بالنسبة للحكومات الأخرى المسؤولة عن تسليح الصراع في السودان”.

ودعا عبد الله إدريس أبو قردة، رئيس جمعية دارفور في الشتات ومقرها بريطانيا، والتي تمثل السودانيين من منطقة دارفور الغربية، إلى إجراء تحقيق في هذه القضية.

وقال: “يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك المملكة المتحدة، التحقيق بشكل عاجل في كيفية حدوث هذا النقل، وضمان عدم مساهمة أي تكنولوجيا أو أسلحة بريطانية في معاناة المدنيين السودانيين الأبرياء.

فالمساءلة والرقابة الصارمة على الاستخدام النهائي أمران أساسيان لمنع المزيد من التواطؤ في هذه الجرائم الخطيرة”.

وتشير الصور الواردة في ملفي المواد اللذين اطّلع عليهما مجلس الأمن – وبريطانيا عضو دائم فيه – إلى أنه تم العثور على أجهزة استهداف للأسلحة الصغيرة بريطانية الصنع في مواقع سابقة لقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم وأم درمان.

ورغم صعوبة التحقق منها دون بيانات وصفية أو معلومات دقيقة عن الموقع الجغرافي، إلا أن العديد من الصور تحمل ملصقات تشير إلى أنها من صنع شركة ميليتيك، وهي شركة مصنّعة لأنظمة التدريب والاستهداف بالأسلحة الصغيرة، ومقرها ميد غلامورغان، ويلز. وتشير قواعد البيانات إلى أن الحكومة البريطانية منحت شركة ميليتيك عددًا من التراخيص لتصدير سلع إلى الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2013.

كما تكشف معلومات جديدة أنه بين كانون الثاني/يناير 2015 وأيلول/سبتمبر 2024، أصدرت الحكومة البريطانية 26 ترخيصًا للتصدير الدائم إلى الإمارات العربية المتحدة لأجهزة التدريب العسكري ضمن فئة “ML14″، والتي تشمل منتجات ميليتيك.

وقد أصدرت الحكومة البريطانية هذه التراخيص إلى 14 شركة، منها ميليتيك، ورفضت الحكومة الكشف عن التراخيص التي منحت لأي شركة.

وتشير التراخيص إلى أنه في 27 أيلول/سبتمبر 2024، أي بعد ثلاثة أشهر من تلقي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صورًا تزعم وجود معدات أسلحة صغيرة مصنّفة بموجب المادة 14 في السودان، أصدرت الحكومة البريطانية “ترخيص تصدير فردي مفتوح” للفئة نفسها من المنتجات إلى الإمارات العربية المتحدة. وتسمح هذه التراخيص المفتوحة لبريطانيا بتصدير كميات غير محدودة من المعدات طوال مدة الاتفاقية، ولكن دون الحاجة إلى مراقبة وجهتها النهائية.

عُثر على أسلحة بريطانية في ساحات المعارك بعد استخدامها من قِبل ميليشيا متهمة بارتكاب جرائم حرب وتهجير وإبادة في السودان

وبحلول أيلول/سبتمبر 2024، كان هناك قلق متزايد من أن الإمارات العربية المتحدة كانت تسلّح ميليشيا الدعم السريع السودانية.

وقبل تسعة أشهر، في كانون الثاني/يناير 2024، ذكر تقرير صادر عن لجنة خبراء الأمم المتحدة المختصة بالسودان، التي عيّنها مجلس الأمن لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على دارفور، أن مزاعم قيام الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة “ذات مصداقية”.

وقبل سنوات، تلقت الحكومة البريطانية أيضًا أدلة على أن الشركات الإماراتية قد تشكل خطرًا في تحويل مسار ملحقات الأسلحة الصغيرة.

وقبل ثلاث سنوات، سمحت بريطانيا بتصدير مناظير رؤية ليلية بريطانية الصنع إلى شركة إماراتية، والتي اشتراها لاحقًا مقاتلو طالبان في أفغانستان.

وتم التواصل مع شركة ميليتيك، لكنها رفضت التعليق.

ومن المفهوم أن جميع صادراتها مرخّصة من السلطات البريطانية المختصة، ولا توجد أي مخالفات من جانب الشركة.

وتظهر الصور في الملفات التي اطّلع عليها دبلوماسيون من الأمم المتحدة ناقلات جند مدرعة من سلسلة نمر عجبان تم الاستيلاء عليها – كما يُزعم – أو أُخذت من مواقع تابعة لقوات الدعم السريع. وقد رفضت الإمارات التعليق على ما ورد في تقرير الصحيفة.

Share This Article