الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 29/5/2024

بعد 7 أكتوبر.. تضخم مالي وعائلات يخنقها الغلاء وتصنيف ائتماني مترد: أين الحكومة؟

بقلم: سونيا غورودسكي

المتوقع كاد يحدث، لم يعطِ بنك إسرائيل أول أمس سبباً للتفاؤل – الفائدة لم تنخفض، ومن غير المتوقع أن تنخفض قريباً. حتى كتابة هذه السطور، تصل الفائدة المتوقعة لنهاية السنة الحالية إلى نحو 4.4 في المئة. أي أنه من المتوقع حتى نهاية السنة تخفيض الفائدة مرة واحدة، وحتى هذا ليس مؤكداً.

نذكر أن بنك إسرائيل خفض الفائدة في المرة الأولى في كانون الثاني من 4.75 في المئة إلى المستوى الحالية 4.5 في المئة. وهو تخفيض أتيح في أعقاب إبطاء في التضخم المالي. غير أن الوضع تغير، وجدول الأسعار للمستهلك الذي نشر هذا الشهر جسد لنا أن التضخم المالي يرفع الرأس وأنه سيحتدم ما لم تتخذ عمال ناجعة من جانب الحكومة في هذا الموضوع.

“في الأشهر القادمة سيتواصل الارتفاع في محيط التضخم المالي، ما سيعمل هنا ضد احتمالات تخفيض الفائدة قريباً”، هكذا قدر غيل بافمان، الاقتصادي الرئيس في بنك ليئومي. وعلى حد قوله إن “بنك إسرائيل لن يخفض الفائدة قريباً في تموز، وأغلب الظن ليس في نهاية آب. يبدو أن تخفيض الفائدة سيكون على جدول الأعمال في تشرين الأول، وبقدر ما تطرأ انعطافة إيجابية في محيط التضخم المالي، يطرأ انخفاض في مساحات المخاطر بإسرائيل وتكون خطوة من بضعة بنود مركزية كبرى لتخفيض الفائدة حتى ذلك الحين”.

في تشرين الأول؟ نعم، وحتى هذا كما أسلفنا ليس مؤكداً. وحتى ذلك الحين، سيدفع أصحاب قروض السكن مبالغ طائلة على قروضهم، والفائدة على قروض السكن في ارتفاع؛ بسبب الارتفاع في مستوى المخاطرة لإسرائيل وتخفيض التصنيف. يقول الاتحاد إنه منذ بداية كانون الثاني طرأ حتى غلاء بنحو 100 شيكل في التسديد الشهري. إضافة إلى ذلك، يشير: “يتواصل ميل الارتفاع في تأخيرات تسديد قروض السكن”؛ أي أن الوضع المالي للعائلات التي تختنق تحت عبء الغلاء إلى جانب الفائدة العالية، ليس جيداً.

لماذا لا يخفض بنك إسرائيل الفائدة في واقع الأمر؟ ثمة سببان أساسيان: الخوف من التصعيد الأمني الذي يطير الدولار – الشيكل إلى أعلى، إلى جانب حقيقة أن التضخم المالي أجرى تغييراً في الاتجاه وعاد للارتفاع. الأمر بالطبع منطقي. أسعار الغذاء، والإيجار، والإجازات وغيرها ترتفع؛ بحيث بات من المنطقي أن يرتفع التضخم المالي. من الصعب اتهام المحافظ بأنه اختار أن يكون الراشد المسؤول في الاقتصاد ثم يبقي الفائدة في مستوى عال إذا لم تفعل الحكومة شيئاً لتلطيف حدتها.

فماذا تفعل الحكومة إذن؟ أساساً هناك الكثير من الأقوال عن غلاء المعيشة، والتشهير بالشركات التي ترفع الأسعار، والقليل جداً من الخطوات ذات المغزى. كان يمكن أن نتوقع من الحكومة أن تطلق برنامجاً اقتصادياً جدياً يساعد في تلطيف حدة تأثير الحرب على غلاء المعيشة في ساحات مختلفة، مثل العقارات، وفوائد البنوك، والتسهيلات للأزواج العاملة وغيرها. كما أن تجميد مسببات التضخم المالي كفيل بالمساعدة في تخفيف حدته. الحرب تفاقم غلاء المعيشة وتشعل التضخم المالي، ويبدو أن الأمر لا يهم أصحاب القرار عندنا حقاً. ولعل هذا يشرح أيضاً حقيقة أن الكابنت الاقتصادي لم يجتمع منذ بداية الحرب إلا مرتين.

——————————————–

هآرتس 29/5/2024

لغالانت: أثبت لواشنطن أنها حكومة “قد أفلست”… باستقالتك

بقلم: عنات كام

منذ نصف سنة تقريباً، أي من اللحظة التي فهم فيها بأن انضمام غانتس وآيزنكوت لحكومة نتنياهو لا يفيد أحداً أو شيئاً، تُسمع نداءات تدعو لاستقالتهما. جميع الادعاءات صحيحة ومعروفة؛ فهما شريكان بكل إخفاقات هذه الحكومة، بدءاً بالتخلي عن المخطوفين وانتهاء بالقتل الذي يجري في رفح، ومن غير الواضح أين ينعكس تأثيرهما في الداخل. الأسوأ أنه من غير الواضح كيف سيتم قياس تأثير انسحابهما؛ على فرض أن غانتس وآيزنكوت، بعد 60 سنة على الخدمة العسكرية المشتركة، منها ثماني سنوات في رئاسة الأركان، قررا الاستقالة وترك كابنت الحرب، فهل سيشعر أحد بذلك؟ لا. لذلك، يجب التوقف عن تعليق الآمال عليهما. أيضاً ظهر أنه لا يمكن الاعتماد عليهما، لأن ذلك لن يغير أي شيء.

في المقابل، يوجد لغالانت، وزير الدفاع في الفترة الأصعب لإسرائيل، تأثير حقيقي على الحرب (على الحكومة أيضاً). ووجوده مهم، لكن ذهابه هو الأهم. لذلك، هو الذي يجب عليه الذهاب، والوقوف أمام شعب إسرائيل، ومئات الآلاف الذين خرجوا بسبب إقالته إلى الشوارع قبل سنة وشهرين وملايين مؤيديهم، كي يقول لنتنياهو: لن أستمر في حربك هذه.

سمح غالانت لنفسه قبل أسبوعين بالتحدث عن الفراغ السلطوي في قطاع غزة في اليوم التالي، مشيراً بشكل صارخ إلى الفراغ السلطوي في “القدس” [تل أبيب] في الوقت الحالي، لأنه عرف أن نتنياهو هذا الشخص الغبي، لن يسمح لنفسه بإقالته مرة أخرى، خصوصاً زمن الحرب. الغضب الذي كان في آذار 2023 ظهر وكأنه حفلة عيد ميلاد مقارنة مع رد الجمهور على الإقالات في الوقت الحالي. ربما يكون نتنياهو شخصاً غير غبي، لكنه مغرور ومقطوع عن الواقع، والأمر الذي لا يعرفه أن الوزراء يمكنهم إنهاء فترة ولايتهم بتقديم الاستقالة وليس فقط بالإقالة. ليس غالانت من يجب أن يخاف من رد نتنياهو؛ نتنياهو هو الذي يجب أن يخاف من جرأة غالانت.

أول أمس، نشر مراسل “كان 11″، سليمان مسودة، بأنه منذ ذلك مؤتمر غالانت الصحافي، فقد حدثت قطيعة بينه وبين نتنياهو، وكان بينهما توتر على خلفية اتهام نتنياهو لغالانت بتسريبات جلسة الكابنت. وحتى لو تجاهلنا المفارقة، ولا نريد القول الشفقة، التي يتهم فيها نتنياهو الآخرين بالتسريب، إذا كان على حق، فإن غالانت يخدم الجمهور بشكل كبير. يجب أن نعرف جميعنا عن إخفاقات هذا الكابنت بأكبر قدر ممكن وفي الوقت الحقيقي.

لكن مع كل ما نستحق أن نعرفه، فإن غالانت غير موجود في الكابينت كي يبلغنا بما يحدث هناك. غالانت وزير دفاع دولة تدير حرباً في ثلاث جبهات، ومهمته إنقاذها منها. وهو يعرف، ونحن نعرف أنك تعرف، أن الطريقة الأفضل الآن لقيادة إسرائيل إلى النصر في هذه الحروب هي تقديم استقالته. هذه الاستقالة ستبث للأمريكيين بأن الحكومة الحالية أفلست وفقدت ذخرها، سواء بقيت زهريات الزينة أم لا. هذه الاستقالة ستخرج الكثير ممن يجلسون على الجدار بسبب “هدوء.. إنهم يطلقون النار”، وترسلهم إلى الشوارع بشكل متأخر لبضعة أشهر، لكن هذا أفضل من لا شيء. هذه الاستقالة ستعمل على إسقاط الحكومة وإنهاء الحرب.

غالانت، عليك تقديم استقالتك.

——————————————–

معاريف 29/5/2024

بعد أن ينسحب من الحكومة هل ينجح “اليمين الجديد” في تغيير الخريطة السياسية والإطاحة بحكومة نتنياهو؟

بقلم: أفرايم غانور

الخطوة الأولى لرحلة إسقاط حكومة نتنياهو تبدأ اليوم، في لقاء بادر إليه رئيس “إسرائيل بيتنا” افيغدور ليبرمان، وسيصل إليها رئيس المعارضة يئير لبيد، ورئيس اليمين الرسمي جدعون ساعر. هذا لقاء هدفه الأولي إقامة غرفة عمليات مشتركة لأحزاب المعارضة لإسقاط حكومة نتنياهو وتقديم موعد الانتخابات – غرفة عمليات حسب أقوال شركائها، يفترض أن توقف سلوك حكومة نتنياهو الفاشل، التي تقود الدولة إلى الكارثة.

يتبين أن غرفة العمليات المتبلورة بمبادرة ليبرمان، هي المرحلة الأولى قبيل “الانفجار الكبير” الذي يفترض أن يولد حزباً يمينياً رسمياً ليبرالياً جديداً، يضم في المرحلة الأولى افيغدور ليبرمان مع “إسرائيل بيتنا”، وجدعون ساعر مع “اليمين الرسمي”، ونفتالي بينيت. حزب يكون جواباً وبيتاً لمئات آلاف مصوتي الليكود واليمين خائبي الأمل من حكومة نتنياهو ويصعب عليهم التسليم والتأييد للحكومة الهاذية والفاشلة التي يملي فيها بن غفير وسموتريتش جدول الأعمال، فضلاً عن سلوك رئيس الوزراء ووزراء الليكود.

الميل الأول لمبلوري حزب اليمين الجديد هو استعادة البهاء الجابوتنسكي والولاء للدولة ولوثيقة الاستقلال الذي ميز الليكود في عهد مناحيم بيغن وإسحق شامير. بانعقاد غرفة العمليات اليوم، سيدعو ليبرمان بيني غانتس وغادي آيزنكوت للانسحاب من حكومة نتنياهو في أقرب وقت ممكن، والانضمام إلى غرفة العمليات، وهكذا تسريع إسقاط هذه الحكومة الفاشلة.

لا شك أن ولادة حزب يميني ليبرالي جديد للتركيبة التي عرضت هنا، مع ضم وجوه جديدة وجذابة، ستنتج انفجاراً سياسياً مهماً جدا سيغير الخريطة السياسية في إسرائيل، والواضح أن “الضحية” الأساس والأهم من هذا الانفجار سيكون الليكود برئاسة نتنياهو، الذي سيتفجر إلى شظايا. كما أن الانفجار سيضع حداً لظاهرة “البيبية” التي شوهت الليكود واليمين بعامة. كما أن الأحزاب الحريدية ستعاني من هذا الانفجار. صحيح أنه لن يمسها انتخابياً، لكنه سيمس بمكانتها السياسية مثلما هي اليوم “في عصرها الذهبي” وفي شراكتها الطويلة والتقليدية لحكومة نتنياهو، حيث تحظى بالمجد من حيث الميزانيات والقوانين والمنح، وعدم التجند للجيش.

تشير معظم الاستطلاعات في النصف سنة الأخيرة إلى ارتفاع متواصل في قوة ومكانة “إسرائيل بيتنا” كحزب يميني، يتمسك بالمبادئ وبالنظرة السليمة والموضوعية للواقع. هذا إلى جانب مصداقية بينة لرئيسه، ليبرمان، ما يشرح أسباب التغيير في مكانة “إسرائيل بيتنا” بقيادة ليبرمان، وسيحدث تحولاً في اليمين للوقوف على رأس حزب اليمين الجديد.

ليس سراً أن اليمين في إسرائيل تعزز في السنوات الأخيرة بشكل كبير، فيما أغلبية الشعب في الجانب اليميني من الخريطة السياسية، بخاصة بعد 7 أكتوبر. المشكلة أن من يقف على رأس كتلة اليمين الآن رئيس وزراء فقد ثقة معظم مؤيدي اليمين ومكانته، وبينما اليمين يتعزز، لكن الليكود يفقد المقاعد كما تشير كل الاستطلاعات.

ثمة حقيقة من الجدير قولها هنا/ وهي أن حزب اليمين الجديد سيتيح بعد الانتخابات القادمة إقامة حكومة بدون الحريديم، حين لا تكون مشكلة لليبرمان وغانتس ولبيد التعاون لإقامة حكومة براغماتية وناجعة في هذا الوقت الصعب. حكومة تعطي جواباً للأزمات الكثيرة التي تعيشها دولة إسرائيل اليوم، حكومة يكون فيها مساواة في العبء وحماية للعلاقة مع الصديقة الأكبر والأهم الولايات المتحدة، إلى جانب المعالجة الجذرية لكل أمراض وإخفاقات حكومة نتنياهو التي تثبت وجوب انتهائها. وعليه، فإن عيوناً كثيرة ستتجه اليوم إلى لقاء القمة هذا لإقامة غرفة العمليات، التي تبعث آمالاً كبيرة لعهد جديد ولحكومة أخرى.

———————————————

هآرتس 29/5/2024

“علقنا في ساحة دولية فقدت ثقتها بنا.. دولة وجيشاً وقضاء” لـ”حكومة الكذب البنيوي”: إذا كان قتلك 45 بريئاً “خطأ مأساوياً”.. ماذا عن 36 ألفاً؟

بقلم: أسرة التحرير

“خلل مأساوي”، هذا هو التعبير المغسول الذي اختاره رئيس الوزراء نتنياهو لوصف الحدث الرهيب الذي قتل فيه نحو 45 مواطناً فلسطينياً وأصيب العشرات بمخيم اللاجئين في رفح، من جراء عملية نفذها الجيش الإسرائيلي لتصفية مطلوبين اثنين. احتاج نتنياهو عشرين ساعة كي يصدر هذه الصيغة المعيبة التي ليس فيها، كالمعتاد، ذرة إعراب عن الأسف على فقدان حياة “غير مشاركين”.

مع الأخذ بالحسبان الأجواء العامة التي تتراوح بين عدم الاكتراث بحياة الفلسطينيين غير المشاركين والفرح لموتهم، وبالتعتيم الإعلامي والطوعي حول حجوم الدمار والتقتيل في غزة، ليس مفاجئاً أن يكشف نتنياهو الوجه البشع لحرب “النصر المطلق” خصوصاً بعد نحو ثمانية أشهر من القتال وقتل أكثر من 36 ألف فلسطيني، بينهم آلاف الأطفال والشيوخ. يمكن التقدير أن الأسف ليس هو الذي دفعه لأن يرى في مقتلة رفح مأساة، بل معرفة التهديد على حرية حركته في العالم الكامن وفي أوامر الاعتقال التي طالب بها المدعي العام في “لاهاي” التي تلزمه بإبداء قدر أدنى من الإنسانية، على الأقل من الشفة إلى الخارج.

مقلق ما قدمه الجيش الإسرائيلي تفسيراً للحدث، مستنداً إلى معطيات استخبارية وتخطيط دقيق للقصف “قدر بأنه لم يكن متوقعاً أن يلحق ضرراً بمواطنين غير مشاركين”. إذا كانت هذه هي التقديرات إياها التي أدت حتى الآن إلى موت أكثر من 36 ألف إنسان، معظمهم غير مشاركين، فإن هذا خسوف متواصل للمستوى الاستراتيجي.

لكن قصف رفح والمواجهة التي جرت بين قوات الجيش الإسرائيلي والجنود المصريين على مقربة من معبر رفح التي قتل فيها جندي مصري، لن تسجل كأحداث شاذة لا تتطلب سوى تحقيق واستخلاص للدروس، إنما هي جزء لا يتجزأ ومتوقع وخطير للحرب في رفح، التي جعلتنا نعلق في ساحة دولية فقدت كل ثقة بحكومة إسرائيل، وبالجيش الإسرائيلي، وبجهاز القضاء الإسرائيلي، وتضع في الخطر استمرار تأييد أهم أصدقائنا في العالم، وبخاصة الولايات المتحدة.

وأخطر من هذا، يمكن لحكومة إسرائيل أن تتظاهر بأنها لا تتأثر بالضغط الدولي وتخدع مواطني إسرائيل بأن بوسعها القتال وحدها، ولكن بينما تواصل حربها في رفح، فهي تهدد وجود المفاوضات لتحرير المخطوفين بالتزامن مع نشوء فرصة أخرى لدفعها إلى الأمام.

هذه معركة تعتمد على كذب بنيوي يقول إن احتلال رفح سيكون رافعة ضغط على حماس، في الوقت الذي تواصل فيه حماس، رغم الإصابات القاسية التي تعرضت لها، التمسك بموقفها بأن وقف الحرب كفيل بأن يؤدي إلى تحرير المخطوفين. إن تحرير المخطوفين بات اليوم الهدف القومي والواقعي الوحيد المتبقي لحكومة إسرائيل، ولن يكون مشروطاً باحتلال رفح وبـ “تقويض حماس” أو بـ “إزالة التهديد عن الغلاف”.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 29/5/2024

تمديد حرب على ظهر المختطفين و”كابينت ينتظر غودو”.. ومستوطنات تصرخ: من يحمينا من “بيبي”؟

بقلم: سيما كدمون

ثمة موضوع محظور شطبه عن جدول الأعمال، وهو تغيير الحكم في إسرائيل. نحن على شفا هاوية. كل يوم يمر علينا مع هذه الحكومة، يدهور الدولة، اقتصادياً، أمنياً، دولياً وداخلياً. الحرب في رفح تتعمق وتزيد عداء العالم. الضفة على شفا الغليان والشمال فارغ من السكان مع صفر اكتراث ومساعدة من وزراء الحكومة. أعلنت بلدة “مرغليوت” أول أمس، عن فك ارتباطهم عن دولة إسرائيل. نريد قطيعة مطلقة عن الجيش والحكومة، أعلن رئيس لجنة البلدة ايتان دافيدي. لا أحد يخرج ولا أحد يأتي. على حد قوله، لا حاجة للبلدة أن تحمي نفسها من حزب الله، بل من حكومة إسرائيل.

فهل هناك دليل أفضل على انعدام الثقة بقدرة الحكومة على الاهتمام بسكانها، من رغبة بلدة فك ارتباطها عنها؟ وإذا لم يكن هذا بكاف، فقد أضيف لكل هذا نار من سلاح أوتوماتيكي لمخربي حماس على بلدة “بات حيفر”.

هذا لم يعد غلاف غزة، هذا غلاف نتنياهو.

والمخطوفون. ماذا يمكن أن نقول أكثر عن مدى التخلي والهجران وعدم الاكتراث وانعدام الحس، وعن رغبة في تسويف الوقت وتمديد الحرب لاعتبارات شخصية على ظهر المخطوفين والجنود.

ربما نقول باستقامة الآن: هذه الحكومة غير قادرة على توفير الأمن لسكانها. لا حاجة للذهاب بعيداً بعد أن تقرر إعادة سكان “سديروت” والغلاف إلى بيوتهم، لا يوجد يوم إلا وتطلق فيه رشقات صواريخ. الاحد ظهراً، ركض سكان “غوش دان”، بما في ذلك “هوت هشارون” و”رعنانا” إلى المجال المحصن بعد صافرات وانفجارات صواريخ أطلقت من رفح. من لا يزال يتحدث عن “نصر مطلق” أو عن “خطوة” عن النصر، فليفحص جيداً أي قناة تلفزيونية يشاهدها. باستثناء قناة البيت، التي يعترف فيها المذيع بنفسه بأنه أداة لنقل رسائل رئيس الوزراء – الكل بات يعرف أنها حرب خسرناها منذ 7 أكتوبر، وكل يوم يمر يجعل هذا الفشل ملموساً، إذ كيف يمكن الانتصار حين لا يتحدث رئيس الوزراء مع وزير الدفاع، وحين تحوم على كابنت الحرب خلافات رأي وإنذارات وترددات انسحاب، وحين يتبدد احتمال إعادة المخطوفين أحياء من يوم إلى يوم.

إذا تحدثنا في البداية عن لجنة تحقيق رسمية لفحص أحداث المذبحة وأضيف إلى ذلك القصور قصورات عديدة أخرى، تبرر لجنة تحقيق رسمية أخرى: كيف حدث أن الأرض التي بدأت للأسباب الأكثر عدالة، أصبحت في غضون بضعة أشهر خلافاً ممزقاً ومقسماً داخل إسرائيل، حرب بدأت فقبلها العالم كل ثم ما لبثت أن جعلتنا منبوذين حتى في نظر الولايات المتحدة وأوروبا. كيف حصل أنه على الرغم من المرافقة القانونية الملاصقة والجهاز القضائي المقدر، وصلنا إلى “لاهاي”. كيف لم ننجح بالقضاء على منظمة إرهاب بعد ثمانية أشهر من القتال رغم خطابات تبجح رئيس الوزراء ووزير الدفاع. وكيف حصل، وهذه هي الـ “كيف” الأكبر، أننا لم ننجح بعد في إعادة المخطوفات والمخطوفين إلى الديار.

في البداية كانت جدالات حول: هل ينبغي أن ننتظر نهاية الحرب، ونسمح لغانتس وآيزنكوت بالتأثير في كابنت الحرب؟ أما اليوم فقد بات واضحاً أنه لا شيء هناك ننتظره. إن كان هذا متعلقاً بالحكومة الحالية، لن تنتهي الحرب، لا قبل انتخابات أكتوبر 2026، إذا ما جرت أصلاً، فيما يواصل الانقلاب النظامي النبش من تحت الرادار. والسؤال: هل ننتظر غانتس وآيزنكوت كي يقودا المعسكر لتغيير الحكومة؟ هذا يشبه انتظار غودو.

يتبلور في هذه الأيام انتظام لرؤساء أحزاب بهدف إسقاط الحكومة. صباح الخير إلياهو، حان الوقت. سيعقد اللقاء الرسمي الأول اليوم بين لبيد وليبرمان وساعر. فرضيتهم أن العد التنازل قد بدأ. سيضطر غانتس وآيزنكوت للخروج من الحكومة قريباً. بدأت الاستطلاعات تشير إلى انخفاض تجاه غانتس، بما في ذلك في أوساط مصوتيه، ودافعه للبقاء آخذ في الانهيار. تصريحات آيزنكوت هذا الأسبوع في مداولات سرية بلجنة الخارجية والأمن من حيث هدف الحرب في رفح، والمضي بصفقة مخطوفين ووقف النار بقدر ما يلزم من وقت – تشهد (ربما) على أنه قريب من تلك اللحظة التي يطالب فيها بحل التضارب بين مواقفه وبقائه في الائتلاف.

نية اللقاء ليست إقامة حزب، بل بناء إطار في الكنيست لإسقاط الحكومة، وتوسيع الدوائر ضدها، تبدأ بكتل في الكنيست.

الوضع المثالي هو تغيير الحكومة في إطار هذه الكنيست؛ أي إحداث تحول في الكنيست القائمة في ظل إيجاد أغلبية داخل الليكود تريد الإطاحة برئيس الوزراء. إذا ما وجد 17 نائباً، أي نصف العدد الحالي لليكود في الكنيست، حينئذ قد يأخذون معهم اسم الحركة ويصبحون “الليكود الجديد”.

في مثل هذه الحالة، كما شرح ليبرمان، يمكن بناء حكومة بديلة مع ليكود طبيعي. وإذا تعذر، يقول، سنفحص الإمكانية القانونية لحل الكنيست الذي هو بحاجة لعدد أقل بكثير من نواب الليكود ممن يدركون بأن رسالتهم إنقاذ الدولة الآن.

بالتوفيق: احتمال إيجاد 17 من أعضاء الليكود يوافقون على إسقاط نتنياهو احتمال صفري. تعالوا نبدأ بخمسة.

——————————————–

هآرتس 29/5/2024

لماذا حولت واشنطن تحذيرها لإسرائيل بشأن رفح من الضوء الأحمر إلى البرتقالي؟

بقلم: عاموس هرئيل

عرض الجيش الإسرائيلي تفسيراً محتملاً للحادثة التي قتل فيها -حسب أقوال الفلسطينيين- حوالي 45 مدنياً في رفح مساء الأحد الماضي. ولكن وسائل الإعلام الدولية ردت بتشكك – خلال نقاش التفسيرات الإسرائيلية – ما نشر عن مقتل حوالي 20 مدنياً فلسطينياً آخر في هجوم آخر لإسرائيل يوم أمس (الثلاثاء). هذه المرة كان في المواصي، حسب وسائل الإعلام في القطاع، وهي المنطقة الزراعية التي انتقل إليها معظم السكان الذين تجمعوا في رفح بعد أن أعلنتها إسرائيل منطقة آمنة ومحمية من الهجمات. الجيش الإسرائيلي نفى هجومه هناك.

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانيال هاغاري، عرض أمس نتائج أولية لفحص قيادة الجنوب وطاقم التحقيق التابع لهيئة الأركان، برئاسة الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، حول الحادثة الأولى. بحسب رواية الجيش، فقد تم إلقاء قنبلتين دقيقتين من الجو في الهجوم بوزن 17 كغم لكل منهما (هذه صيغة مضللة؛ لأن الأمر يتعلق بوزن المواد المتفجرة الفعلية، كل بوزن 110 كغم، وحتى هذا يعتبر صغيراً نسبياً، لكنه ليس ما نشر). كان الهدف تصفية اثنين من النشطاء البارزين في “قيادة الضفة الغربية” التابعين لحماس، وقد تم قتلهما.

يقدر الجيش أن السلاح الذي أطلقه سلاح الجو أصاب مخزن سلاح وأدى إلى اندلاع حريق قتل فيه عشرات المدنيين في معسكر خيام للنازحين قريب من المكان. لتعزيز هذه الفرضية، بُث تسجيل صوتي لمحادثة جرت -وفقاً لرواية إسرائيل- بين ناشطين في حماس، وتم اعتراضها من قبل الوحدة 8200، التي سمع فيها أحدهما وهو يشرح أن الحريق كان بسبب ضرب مخزن للسلاح. في الشهر الأول للحرب، استخدمت إسرائيل دلائل مشابهة لدحض ادعاء الفلسطينيين حول قتل جماعي في مستشفى في خان يونس. ولكن في حينه، كانت الأدلة التي قدمتها قاطعة أكثر، وكانت درجة صبر المجتمع الدولي أكبر.

الحادثتان اللتان أصيب فيهما عدد كبير هذا الأسبوع، وقعتا بعد بضعة أيام من قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، الذي هدد إسرائيل بإصدار أمر لوقف إطلاق النار إذا استمر قتل المدنيين في رفح. واستخدمت الإدارة الأمريكية -التي قلصت معارضتها لعمليات الجيش الإسرائيلي في رفح في الأسابيع الأخيرة- ادعاءات مشابهة. مع ذلك، يتم تلقي تقارير عن أحداث كهذه في غضون يومين، وهذا بالتأكيد لم يتم بشكل متعمد، لكنه يدل على الصعوبة في مواصلة القتال في محيط حضري مكتظ، وتلبية التطلعات الأمريكية في الوقت نفسه.

إزاء الانتقاد وعلامات الاستفهام، يدخل الجيش الإسرائيلي المزيد من القوات إلى رفح. والآن يعمل طاقم حربي لوائي رابع على مداخل المدينة وعلى طول محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر. أما سؤال “كم نحتاج من الوقت لمواصلة العملية” فمرهون برد الإدارة الأمريكية، التي تقول بحذر اليوم إنها تنتظر تفسيرات أخرى من إسرائيل. حتى الآن، باستثناء فترات قصيرة وخطوات رمزية، لم تحاول الولايات المتحدة منع تقدم الجيش الإسرائيلي، لكنها طلبت إظهار الاهتمام وتقليص المس بالمدنيين. والآن، تتجمع لديها سلسلة من تهديدات محتملة على حكومة نتنياهو: التحفظات الأمريكية، وإجراءات “لاهاي” (محكمة الجنايات الدولية تفحص إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة ووزير الدفاع)، السيناريو الذي يناقش فيه مجلس الأمن دعوى لوقف القتال، وستضطر الولايات المتحدة لاتخاذ قرار ما إذا كانت ستستخدم الفيتو على ذلك.

في المقابل، يبدو أن بانتظارنا سيناريو بديل: صفقة أمريكية – سعودية تشمل أيضاً التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وإلى جانب ذلك (ربما) صفقة لتبادل المخطوفين، تؤدي إلى إنهاء الحرب في القطاع. تبدو الخطوات الأمريكية الآن غامضة جداً، ولا تسمع تصريحات علنية من الرئيس الأمريكي، تبين الاحتمالات الموجودة أمام إسرائيل. بشكل عام، يصعب القول إن الخطوات الأمريكية نموذج على النجاعة، رغم النوايا الحسنة. مثال ذلك يتعلق بالتأخير في مشروع الرصيف على شاطئ غزة. أضرار الأحوال الجوية شلت الرصيف مؤخراً، وتسببت بأضرار كبيرة لإحدى السفن الأمريكية. يستثمر في هذا المشروع جنرالان وألف جندي ومدني و300 مليون دولار. حتى الآن، بتأخير بضعة أسابيع مقارنة مع الجدول الزمني المخطط له، لم تنجح الولايات المتحدة بعد في تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسها لتوفير الخدمات.

 بقي اللغم على حاله

في ظل القتال ثمة محاولة لإعادة تحريك المفاوضات حول صفقة المخطوفين. شرح رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، هذا الأسبوع، في لقاء مع عائلات الجنود المخطوفين، بأن إعادتهم تشغل سلم الأولويات في إسرائيل. ونشر أيضاً أن إسرائيل حولت للوسطاء جواباً جديداً خاصاً بها على اقتراح حماس في 6 أيار الحالي، الذي أدى الخلاف حوله إلى تجميد المحادثات في الفترة الأخيرة.

أمس، كان يتوقع أن تحول قطر رد إسرائيل الجديد إلى قيادة حماس في الدوحة. ولكن يبدو أن المرونة الأساسية في موقف إسرائيل تتعلق بالاستعداد لتسليم عدد أقل من المخطوفين الأحياء في المرحلة الأولى “الإنسانية” في الصفقة القادمة، التي من شأنها أن تشمل تحرير النساء وكبار السن والمرضى والجرحى. ولكن اللغم الأساسي بقي على حاله – طلب حماس إنهاء الحرب، ووقف تام لإطلاق النار مع ضمانات دولية لأمن شخصي لقادتها. هذا طلب يستمر رئيس الحكومة في رفضه في تصريحاته العلنية وفي المؤتمرات الصحافية. فجوة يبدو من الصعب جسرها، وثمة شك حول ما إذا كان يمكن إيجاد صيغة إنقاذ لتجاوزها وإبقاء الطرفين راضين. في هذه الأثناء، يستغل نتنياهو الوقت لمهاجمة رئيس مركز الأسرى والمفقودين، الجنرال احتياط نيتسان ألون. حسب معرفتنا، فإنه في جبهة المفاوضات لا شيء جديداً حتى الآن باستثناء بشرى واحدة، وهي إشارة على حياة المخطوف ساشا تروفنوف. فقد ظهر أمس في فيلم قصير نشره “الجهاد الإسلامي”، وسُمع فيه وهو يؤكد على مزيد من الأنباء القريبة.

——————————————–

هآرتس 29/5/2024

حكومة الكارثة متبلورة حول البقاء والمعارضة منقسمة

بقلم: رفيت هيخت

إن الانسحاب شبه المؤكد لبني غانتس من الحكومة يمكن أن يعرض بنيامين نتنياهو لهجوم مباشر من شركائه الكهانيين، وبالتالي اظهار خوفه وتردده وافتراءته غير اليمينية، لكن في هذه المرحلة لا يتوقع أن تسرع في حل الحكومة.

اكثر من مجرد الانفجار السياسي فانه يبدو الآن أن قانون التجنيد الذي علقت المعارضة كل الآمال عليه، يظهر الآن كعقبة يمكن لنتنياهو التغلب عليها. وخدعة اعادة تدوير مشروع قانون بني غانتس، الذي قدمه في فترة حكومة التغيير، والذي لن يؤدي الى تجنيد أي حريدي، كان يقصد، ضمن امور اخرى، خلق عرض امام المحكمة العليا لتحريك عملية من اجل تقليص الظلم المخجل في قضية الخدمة العسكرية. في الليكود يبذلون الآن جهود خاصة من اجل اضعاف معارضة يولي ادلشتاين، رئيس لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، التي يمكن أن تبلور قانون المماطلة، مقابل “تنازلات” اخرى من ناحية الحريديين. ربما أن مشروع القانون سيصبح في مرحلة معينة اقتراح للثقة بالحكومة لتقييد اعضاء كنيست آخرين يعانون من الألم أو يتظاهرون بتأنيب الضمير على خلفية الغضب العميق للجمهور.

قضية ميري ريغف التي تكشف بعض التقاليد والممارسات الفاسدة التي تميز الحكومة، التي كان يجب أن تصيب الحكومة بالصدمة في دولة سليمة، تصبح منطقة كارثة خاصة لوزيرة المواصلات. والامر الذي يزيد خطورة هذه النتائج هو القائمة الطويلة لاعداء ريغف في الليكود، الذين يشاهدونها بسرور وهي تتورط بشكل كبير. التوجه الواضح هو نبذ ريغف والتخلي عنها دون التصاق أي شيء بسيدها السياسي الذي اوصلها الى هذا المكان.

مع ازدياد الاخفاقات وافعال الحكومة السيئة يقوم التحالف بتجميع صفوفه بشكل ناجع أكثر تحت مظلة البقاء. ربما أن البقاء والرغبة في الحكم قاسم مشترك للتعبئة مقنع أكثر بكثير من العنصر المؤسس للمعارضة، التي رغم أنها الافضل والاكبر في التاريخ، إلا أنها تتميز بالمعارك غير المتوقفة في هدر الطاقة.

الحقيقة هي أنه لا يوجد اتفاق، حتى لو بين قائمتي المعارضة، على هوية رئيس المعسكر الذي يجب عليه قيادة اسقاط حكومة الكارثة هذه، الذي هو أمر اساسي وحيوي من اجل تحويل الكتلة التي تحصل على تأييد معظم الجمهور، الى اداة سياسية ناجعة وتحويل الاستطلاعات الى واقع.

بني غانتس يعتبر نفسه بشكل طبيعي المرشح الرائد لرئاسة الحكومة، لكن شركاءه ينكرون زعامته. الى كراهيته المتأصلة ليئير لبيد اضيف عامل آخر هو جدعون ساعر، الذي هو نفسه غير متحمس كثيرا لشريكه السابق. لبيد يتهم غانتس باحياء نتنياهو واعادته من جزيرة الموتى السياسية، وهو يحمل تجاهه رواسب اخرى. هو يعتبر نفسه زعيم المعسكر الليبرالي، بالضبط مثل افيغدور ليبرمان الذي تجد الاستطلاعات القوية صعوبة في اقناعه بالمطالبة بأقل من كرئيس رئيس الحكومة. هكذا ايضا نفتالي بينيت ويوسي كوهين اللذان يوجدان خارج الملعب، نيتهما غامضة. ولكن من المؤكد أنهما لن يعارضا أن يكون أي واحد منهما رقم 2. كلاهما يعرفان بشكل جيد كم هي خطيرة زعامة نتنياهو على اسرائيل. ولكن أي منهما لا يتفق مع الآخرين على مسألة الزعيم.

على هذه الخلفية فانه لا توجد حاجة لذكر سلوك الزعيم المهزوم في فترة حكومة التغيير، الذي منذ اللحظة التي تمت فيها ازاحته رغم انفه عن كرسي رئيس الحكومة، حفر بلا توقف الانفاف المسمومة تحت الحكومة الى حين تم اسقاطها. الآن ايضا، بعد المذبحة والاهانة الوطنية الصعبة والمؤلمة في تاريخ اسرائيل، وبعد المراوحة العسكرية في المكان واضاعة كل اهداف الحرب، ورغم أنه لا يجلب لهما الترانسفير والابادة الجماعية التي يريدانها، إلا أن لا أحد في اليمين الكهاني والبيبي يعترض على قيادة بنيامين نتنياهو التي ترسخت بعد بضعة اسابيع على المذبحة.

اذا كان يمكن تبرير الفوضى في المعارضة بالانهزامية المرة لـ “يسار انتحاري” فيطرح سؤال أين حزب اليمين الكبير الذي يمكنه أن يستوعب خائبي الأمل من الائتلاف ومن المراوحة العسكرية في المكان التي جاءت بعد المذبحة. هذا المنتدى، خلافا لاحزاب الوسط، كان يمكنه أن يشكل الملجأ لهرب اعضاء الكنيست هؤلاء من الليكود، الذين في المعارضة ينتظرونهم حتى منذ فترة الانقلاب النظامي.

سلوك المعارضة بدرجة معينة هو استمرارية للسلوك الذي أدى الى الحادثة المأساوية في 2 تشرين الثاني 2022، التي اجراءاتها واضرارها كان يمكن ملاحظتها بوضوح حتى قبل موعد الانتخابات، ودروسها كما يبدو لم يتم تعلمها حتى الآن.

حزب عمل جديد

يمكن الاستخفاف والاستهزاء وقول النكات عن درجة الاهتمام بالانتخابات التمهيدية لحزب العمل. لكن يئير غولان واعضاء الحزب في الكنيست يحاولون فعل شيء مختلف عما ذكر أعلاه، أي تقليص التصنيفات السياسية وتوحيد صفوف اليسار الصهيوني، الذي انقسم في الانتخابات الاخيرة وما زال تمثيله ناقص في الكنيست. نحن نأمل أنهم تعلموا الدروس بشكل جيد هناك، وأن الاتحاد القادم مع ميرتس لن يعلق في شبكة سياسية فاسدة ومعارك وخصومات تافهة.

مثال بارز على الحاجة لبدء المعارضة في العمل، حتى بالاساس في زمن الحرب، قدمه عضو الكنيست جلعاد كريب، الذي هو وعضوة الكنيست نعمه لازيمي كانا من المبادرين الى تحريك العملية مع غولان.

“نحن نعارض الأوامر التي صدرت في لاهاي، لكن لماذا يجب علينا التوقيع على رسالة توباز لوك، ورؤية نتنياهو يقول لوسائل الاعلام الامريكية بأن 106 عضو في الكنيست يؤيدون سياسته؟”، قال كريب عن الرسالة التي خرجت من الكنيست في اعقاب الاجراءات الدولية ضد اسرائيل. “كان يجب على المعارضة أن تصمم على التوصل الى صيغة متفق عليها، تشمل بالاساس الاشارة الى مكانة جهاز القضاء الاسرائيلي بدلا من التوقيع على رسالة الليكود أحادية الجانب”.

——————————————–

هآرتس 29/5/2024

اجراء “هنيبعل” ضد الدولة

بقلم: تسفي برئيل

كشف رفيف دروكر المثير للقشعريرة عن هستيريا الانظمة في وزارة المواصلات برئاسة ميري ريغف، يسبب خيبة أمل عميقة. وهو ينبع من الاعتراف بأن الامر يتعلق فقط بطرف جبل الجليد. لأن الامر لا يتعلق فقط بالوزيرة التي فسدت كما يبدو (لماذا كما يبدو، حيث أن قاله فمها وكتبته ايديها تتحدث عن نفسها). عندما نقوم بفحص مشاريع الـ 33 وزير والـ 5 نواب للوزراء يجب أن لا نخاطر ونقول إنه تحت معظمهم تعتمل بيضة فاسدة، اجهزة فاسدة تقوم بابتلاع ميزانيات ضخمة، وأنهم جميعا مجندون وموجهون نحو هدف واحد وهو ضمان بقاء الحكومة، التي رويدا رويدا اصبحت تظهر كمنظمة جريمة وطنية، ورئيسها.

هذا ما فعلته بالضبط منظمة “الكامورا” في نابولي، وعصابة “الكوزانوسترا” في صقلية، وربما المصطلح المناسب اكثر هو “لصوص بالقانون” (وور وزاكونا، التي اسمها يثير رعب المافيا الروسية، التي عملت في البداية برعاية نظام ستالين وتوجيهاته. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي توغل رؤساؤها الى قمة السياسة والاقتصاد في روسيا وفي جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. ولكن اذا كان بامكان الشعب الايطالي والشعب الامريكي الأمل بأن نظام القانون سيعمل ضد منظمات الجريمة، أو على الاقل اظهار الحضور والتصميم على استئصالها، فان هذا الأمل في اسرائيل هو وهم متعمد. لأنه عندما يكون رئيس الحكومة نفسه هو المجرم والمتهم بمخالفات جنائية، وعندما يكون الوزير المسؤول عن الشرطة هو المفتش العام الاعلى وايضا مجرم تمت ادانته ويستمر في ارتكاب الجرائم (كما يبدو)، وعندما الشرطة نفسها ترتجف امامه، فانه لا يوجد أمام المواطن إلا دفع رسوم الحماية والصمت. وهذه الرسوم مرتفعة بشكل مخيف.

حسب تقرير لـ “مكور” فان اخفاقات ريغف عرضت للخطر أو جبت حياة عشرات أو مئات عابري السبيل والسائقين الذين لم يحصلوا على الاشارات الضوئية والشوارع الجيدة أو مفترقات طرق منظمة، فقط لأنهم لا يعيشون في البلدات الصحيحة التي رؤساءها ينتمون للتيار الايديولوجي الحاكم، أو أنهم لم يركعوا للوزيرة. مثلهم ايضا هياج بن غفير الذي يرفع امكانية حدوث عمليات قتل في الدولة بعد أن سلح عشرات آلاف المواطنين بسلاح قاتل دون فحص مناسب، وخلافا للقانون كما يبدو.

المشكلة هي أن التركيز على ريغف وبن غفير يغذي العزاء الكاذب، أن الامر يتعلق بوزيرين في حكومة غير خطيرة، التي لا يوجد فيها لاغلبية الاعضاء مسؤولية مباشرة عن حياة الناس. حقيقة أن حكومة اسرائيل وضمن ذلك الوزراء الذين يعتبرون أنفسهم كوابح طواريء، لكنهم يستمرون في الجلوس فيها، هي تجمع اجرامي الاعضاء فيه اقسموا يمين الولاء للمبدأ الاساسي الذي صاغه نتنياهو: “المسؤولية لا تعتبر تهمة”. هذا تجمع يخلص لبقائه قبل أي شيء آخر، ومن اجل ذلك هو ينفذ خطة “الاشارة الضوئية” للوزيرة ريغف، لكن ليس على بلدات معينة بل على كل الدولة. بالنسبة له فان الدولة ليست جوهرة، وبدلا من “الدور الابيض”، مثل السلطات المحلية التي تم ابتلاعها في النقطة العمياء لوزارة المواصلات والحكومة بشكل عام، فانه مطلوب منه ارسال رسائل لسلة القمامة.

هذه رؤية جماعية فاسدة لعصابة تعتبر نفسها “جوهرة”، وتعتبر مواطنو الدولة “حجرة” علقت في الحذاء. ريغف فقط اقتطعت لنفسها نصيبها الشخصي. ولكن خطة “الاشارة الضوئية” الوطنية للحكومة هي خطة شاملة، تملي الاستمرار في الحرب في غزة، حتى عندما تكون الفائدة العسكرية منها مشكوك فيها، شريطة أن تضمن سلامة الحكومة ورئيسها. الاستنتاج من هذه الخطة هو أن التعامل مع “غير الجواهر” والمخطوفين وعائلاتهم وقتلى الحرب، الارض الخصبة التي نبتت فيها جذور الاخفاق التاريخي الذي جعل عشرات آلاف المواطنين لاجئين في بلادهم، لأن “اللصوص بالقانون” يعرفون فقط حرب واحدة، الحرب ضد من يطمحون الى اقصائهم وضد حراس العتبة السيئين. في هذه الحرب كل شيء مباح، واذا كانت حاجة فيجب تنفيذ اجراء “هنيبعل” على كل الدولة، كي لا يتم اختطافها على يد من ليسوا اعضاء في التنظيم.

——————————————–

هآرتس 29/5/2024

الجبهة الـ 11 لدولة اسرائيل: جبهة النضال الداخلي

بقلم: سامي بيرتس

الجبهات العسكرية السبعة التي تحارب فيها اسرائيل منذ 7 اكتوبر، يجب أن نضيف اليها اربع جبهات اخرى لا تقل اهمية عنها. الجبهة السياسية التي تتعرض فيها اسرائيل الى الاخفاقات في اعقاب الاعتراف أحادي الجانب لدول اوروبية بالدولة الفلسطينية، الجبهة القانونية في المحكمتين في لاهاي، الجبهة الاقتصادية التي يبدو أنها أخذت تتعقد في اعقاب النفقات الاستثنائية واطالة أمد الحرب، والجبهة 11 هي الجبهة الداخلية.

هذه الجبهة اشتعلت منذ اطلاق الانقلاب النظامي، بعد ذلك خفتت في اعقاب الحرب وأخلت مكانها لمتظاهري التضامن والمساعدة والاخوة، التي انعكست في الاساس في اوساط من يخدمون في الاحتياط. في الاشهر الاخيرة رفعت الرأس وقربت المجتمع الاسرائيلي من الانفجار. هذا الامر ينبع من الاحباط بسبب عدم النجاح في تحقيق اهداف الحرب والسلوك الفاشل والفاسد لحكومة نتنياهو.

هذا يبدأ في العرض غير القيادي لرئيس الحكومة، الذي هو حتى الآن لا يتحمل المسؤولية عن الفشل الذريع في يوم السبت الملعون، وهو ينشغل بالاساس في القاء المسؤولية على المستوى الامني، ويستمر مع قانون التجنيد الوقح الذي ينوي أن يعرضه على المحكمة العليا، الذي ينص على أنه لن يتم الدفع قدما بتجنيد الحريديين في الجيش الاسرائيلي في الوقت الذي فيه في المقابل الخدمة الالزامية لمن يحاربون منذ ثمانية اشهر يتم تمديدها، ومدة خدمة الاحتياط تتم مضاعفتها، ويتعزز مع كشف الفساد في وزارة المواصلات برئاسة ميري ريغف، التي تعمل في الاساس على تقدمها الشخصي (هذا يحدث ايضا في وزارات اخرى)، ويتفاقم مع السيطرة العدائية لبن غفير على الشرطة وتحويلها الى جسم عنيف يعمل في خدمته، ويصل الى الذروة بسبب التعامل المهين مع عائلات المخطوفين.

هناك امور تمنع في هذه الاثناء الانفجار: الحرب في غزة ووجود المعسكر الرسمي في الحكومة. هذه الامور يوجد لها تأثير مخفف على استعداد ملايين الاسرائيليين للخروج الى الشوارع والتظاهر. نتنياهو يعرف ذلك، وبالتالي فهو غير مستعد لتحديد خط النهاية للحرب في غزة وفي الشمال، التي نتجت عنها، والتظاهر باصدار اصوات وكأنه مستعد لاستئناف المفاوضات من اجل اعادة المخطوفين، على أمل ابقاء بني غانتس وايزنكوت في حكومته لفترة معينة اخرى.

في هذه الاثناء فان المخطوفين يموتون، والعجز يتعمق ويخرج عن السيطرة، والتورط القانوني في الساحة الدولية يتفاقم، والعلاقات في مجلس الحرب تتدهور، والفساد في الوزارات الحكومية التي تعمل فقط على البقاء يزداد. الوحيدة التي تتربص هي المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا. فهي تتنقل بين محاولة منع استمرار الانقلاب النظامي، عندما تحاول الحكومة تجاوز الاستشارة القانونية المقدمة اليها فيما يتعلق بتجنيد الحريديين، وبين صد سلوك عنيف آخر لبن غفير للسيطرة على الشرطة، والدفاع عن الدولة في الورطة القانونية في لاهاي.

الحكومة ورئيسها لم يغيروا أي شيء في سلوكهم منذ 7 اكتوبر، بل هم يستغلون طبول الحرب ووجود غانتس وايزنكوت من اجل مواصلة ما يريدون. عمليا، غانتس وايزنكوت، اللذان لم يطلبا أي شيء عندما انضما للحكومة باستثناء التأثير على ادارة الحرب واعادة المخطوفين، هما اللذان يسمحان لحكومة الفشل بالاستمرار في نهب خزينة الدولة، دهورة مكانة اسرائيل الدولية أكثر فأكثر، تدمير وافساد الخدمة العامة، ادارة الحرب بدون خط نهاية، عدم عودة المخلين الى الشمال، منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية تقوم بالتحقيق في أكبر كارثة في تاريخ الدولة.

غانتس ينثر بين حين وآخر تصريحات حول الحاجة الى تبكير موعد الانتخابات الى شهر أيلول، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية و”خطة استراتيجية” حتى 8 حزيران القادم (وقد هدد بأنه بدون التصريح الاخير فانه سيستقبل)، لكنه لا يعرف كيفية استخدام قوته واستخدام الجمهور لتحريك هذه الخطوات. الانفجار سيأتي من الجمهور.

——————————————–

معاريف 29/5/2024

هذا ما وجده الجيش في معقل حماس “محور فيلادلفيا”

بقلم: آفي اشكنازي

أكمل الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، السيطرة على محور فيلادلفيا. ويقول الجيش الإسرائيلي إن هناك قطاعا يصل طوله إلى مئات الأمتار بالقرب من البحر في حي تل السلطان، حيث لا تتواجد القوات العسكرية فعليا، ولكن تتم مراقبتها بانتظام، من خلال جمع واستخدام النار إذا لزم الأمر، إذا كانت هناك محاولات تهريب. وعثرت القوات الميدانية على عشرين نفقا، معظمها يعبر سياجا داخل مصر،

وفي الوقت نفسه، عثر الجيش الإسرائيلي على 82 من فتحات الأنفاق ويجري التحقيق فيها من قبل سلاح المهندسين.

كما عثر الجيش الإسرائيلي على العشرات من منصات إطلاق الصواريخ المسلحة الموجهة نحو وسط إسرائيل والمنطقة المحيطة بها، والتي كانت مخبأة على مسافة 10-40 مترًا، وذلك على أساس تقديرات حماس أن الجيش الإسرائيلي سيمتنع عن العمل ضد الصواريخ القريبة من محور فلادلفيا السياج. وتمكن الجيش الإسرائيلي من تفكيك 70 صاروخا في منطقة القتال.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن “حماس فقدت الانفاق التي نقلت منها الأسلحة تحت الأرض وربما فوقها أيضًا. وأضاف: “لقد قطعنا أسطوانة الأكسجين عن حماس وإمداداتها بالوسائل”.

ويقال في إسرائيل إن المصريين شاركوا في اكتشاف الأنفاق، بل إن المصريين دمروا بعضها في أراضيهم.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن استمرار النشاط في رفح سيستمر حاليًا بغارات داخل المنطقة ضد أهداف بناءً على معلومات استخباراتية.

بعد السيطرة على محور فيلادلفيا، وبينما سيكون المستوى السياسي مطالبًا باتخاذ المزيد من القرارات بشأن هذه القضية.

في هذه الأثناء، وبتوجيهات استخباراتية، وصلت القوات إلى بئر نفق يقع على بعد 100 متر من معبر رفح، ويؤدي البئر إلى طريق تحت الأرض كانت تستخدمه منظمة حماس لتنفيذ هجمات وأنشطة دفاعية ضد قواتنا. ينقسم الطريق إلى عدة طرق مختلفة وعلى أعماق مختلفة. كان طول الطريق بأكمله كيلومترًا ونصف ويحتوي على عدة بوابات. وعثر بداخل المداهمة على أسلحة كثيرة وصواريخ مضادة للدبابات قصيرة المدى وبنادق كلاشينكوف وعبوات ناسفة وقنابل يدوية. يحتوي المسار على مساحة معيشة ومراحيض وغرف إضافية. ودمرت كافة الطرق والمجمعات السكنية.

——————————————–

“المونيتور”: مجزرة رفح كارثة استراتيجية لـ “إسرائيل”

بقلم: بن كاسبيت 29/5/2024

موقع “المونيتور” الأميركي ينشر مقالاً للكاتب والصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت، يقول فيه إنّ مجزرة رفح زادت عزلة “إسرائيل” الدولية، وأدّت إلى تصاعد التوترات بين الاحتلال ومصر.

إنّ الغارة الجوية الإسرائيلية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 40 مدنياً فلسطينياً في رفح يوم الأحد كانت من أكثر الهجمات دموية في الحرب.

يأتي الهجوم بعد أيام فقط من حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي في 24 أيار/مايو الذي طالب “إسرائيل” بوقف هجومها على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

واعتبرت “إسرائيل” أنّ صياغة قرار محكمة العدل الدولية محدودة وغامضة، ما يترك لها مجالاً لمواصلة هجومها، بشرط ألا تفعل شيئاً يخدم الاتهامات الدولية بارتكاب إبادة جماعية. وقد وافقت الولايات المتحدة وبعض حلفائها على التفسير الإسرائيلي للحكم باعتباره منطقة شفق قانونية تسمح باستمرار العملية في رفح، التي يعتبرونها المعقل الأخير لحركة حماس.

التحقيق الفوري الذي أجرته آلية تقصي الحقائق التابعة لهيئة الأركان العامة، والذي أمر به المدعي العام العسكري الإسرائيلي، لم يفعل الكثير لتهدئة الغضب الدولي الناجم عن الصور المروعة للجثث المحترقة التي غمرت وسائل الإعلام. وكان الإحراج الشديد الذي تعانيه “إسرائيل” واضحاً للغاية، وادعاءاتها بأنّ “الجيش” الإسرائيلي أوقع عدداً أقل من الضحايا المدنيين خلال أكثر من 7 أشهر من الحرب في قطاع غزة، مقارنة بجميع التحالفات الدولية الغربية على مدى السنوات العشرين الماضية من القتال والحروب، تم إسكاتها بصور النيران والسخام والجثث المتفحمة.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لـ”المونيتور” طلب عدم الكشف عن هويته: “لقد حدث ذلك في اللحظة الأكثر أهمية، إذ كان العالم كله يراقبنا تحت عدسة مكبرة، مع صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية”.

وبعيداً عن المعاناة الإنسانية المروعة الناجمة عن الغارة الجوية التي وقعت يوم الأحد، يشكّل القصف كارثة استراتيجية بالنسبة إلى “إسرائيل”، فهو لا يصوّرها على أنّها تستهزئ بالمحكمة العليا للأمم المتحدة فحسب، بل يدفعها أيضاً إلى المزيد من العزلة الدولية.

كان هناك المزيد في اليوم التالي من كارثة رفح. وبينما تم إجلاء جثث العشرات من السكان الفلسطينيين من مخيم اللاجئين المكتظ، تبادلت “إسرائيل” ومصر إطلاق النار قرب ممر فيلادلفيا الذي يفصل مصر عن رفح، وقُتل جندي مصري في الاشتباك.

ويواصل نتنياهو إصراره على أنّ “إسرائيل” ستواصل توغلها في رفح حتى تحقيق “النصر الكامل” الذي يحاول إقناع الإسرائيليين به. وقد تخلى شركاؤه في حكومة الحرب – القائدان العسكريان السابقان بيني غانتس وغادي آيزنكوت – عن هذه الاستراتيجية منذ فترة طويلة.

وقال آيزنكوت في كلمة ألقاها أمام جلسة مغلقة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يوم الاثنين: “يتعين على إسرائيل الانتشار على طول الخطوط المتفق عليها في قطاع غزة وإنهاء القتال من أجل إعادة جميع الرهائن الـ125، أحياء وموتى، الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس”. ووصف هذه النتيجة بأنّها الصورة الوحيدة الممكنة للنصر.

نتنياهو، كما ذكرنا، يرى الأمر بشكل مختلف. فبالنسبة إليه، هذه ليست حرباً من أجل “إسرائيل”، بل هي حرب من أجل بقائه.

——————————————–

أصوات إسرائيلية ضد قهر الوعي حيال الماضي

أنطوان شلحت – 29 مايو 2024

تشي نصوص يكتبها أدباء وصحافيون في إسرائيل هذه الأيام بأن المجتمع الإسرائيلي يعيش، في الوقت الحالي، على خلفية “طوفان الأقصى” والحرب على قطاع غزّة، أزمة وجودية وهوياتية عميقة، وربما الأهم من ذلك أن هذه الأزمة في حاجة ماسّة إلى حلّ جذريّ لم يعد ممكناً تأجيلُه إلى ما لا نهاية.

وللنمذجة على أحدث تلك النصوص، بما تتيحه هذه المساحة، أشير إلى ما كتبه الأديب إشكول نيفو، وهو حفيد رئيس الحكومة الإسرائيلية الثالث ليفي إشكول، في صحيفة يديعوت أحرونوت أمس (28/5/2024)، حيث ذكر أنه تلقى رسالة من صديق عبر “واتساب” جاء فيها: القصة التي حكيناها لأنفسنا عن حياتنا في هذا المكان تحطّمت أشلاء يا إشكول. فهلّا تكرّمت علينا باختراع قصة جديدة؟، فردّ عليه قائلًا: لا أعرف بعد ما هي القصة الجديدة. أكثر من ذلك لا أعرف ما هو رأيي حيال مواضيع متنوّعة كان لي رأي حاسم فيها قبل 7 أكتوبر (2023). الواقع تغيّر من النقيض إلى النقيض منذ ذلك التاريخ. وما زال في طوْر التغيير، يوماً بعد يوم. سيمرّ وقت طويل، حتى نعرف ما هو رأينا. وهذا جيّد أن نتيح لأنفسنا مثل هذا الوقت.

وتابع: مع ذلك، ما الذي أعرفه حقًّا؟ إذا كان ثمّة شيء واحد يمكن أن نتعلّمه من أحداث “يوم السبت الأسود” فهو أنه حان وقت الكفّ عن قهر الوعي، والكفّ عن إدمان الوهم أن بالإمكان “إدارة الصراع” (مع الفلسطينيين) أو “تقليص الصراع”. هذا الصراع يجب حلّه. وربما تكمن في الأزمة الحالية فرصة للتفكير المغاير في كل ما يتعلّق باليوم التالي. من دون ذلك، لن ننجح في التخلص من دائرة الدم التي نجد أنفسنا عالقين فيها. ولن تكون هناك نهاية سعيدة لقصّتنا هنا. والأكيد أنه من دون تفكير مغاير لن تكون هناك بداية جديدة.

لا يشير نيفو فيما إذا كان الكفّ عن قهر الوعي يشمل الدعوة إلى بداية وعي جديد حيال الماضي الذي لم يمضِ، كون مشكلة ما يصفه بأنه “صراع” تتطلّب حلًّا أكثر شمولاً والأهم أعمق استبطاناً مما هو ظاهر في نصّه أعلاه. وهو ما يقتضي العودة إلى البدايات عند أي تفكير في بداية جديدة مغايرة. وصادفنا في أدبيّات إسرائيلية كثيرة، سيما بعد اتفاقيات أوسلو منذ أكثر من ثلاثة عقود، مقاربات راسخة تنطلق من قاعدة عامة تذهب إلى أن بلوغ السلام في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يتأتّى إذا ما رنا القادة بأبصارهم نحو المستقبل، وأشاحوا بها عن الماضي، مرّة واحدة وأخيرة. ولا يحتاج المرء إلى ذكاء خارق كي يستريب بهذه المقاربة، لأن غايتها إعفاء إسرائيل من المسؤولية عما اقترفته في هذا الماضي، أكثر من رغبتها في حلم بناء مستقبلٍ يكون لمصلحة كل الأطراف.

ومثل هذا الوعي الأعمق استبطاناً غير منتفٍ لدى إسرائيليين آخرين، منهم مثلًا ألون عيدان، أحد كتاب الرأي في صحيفة هآرتس، الذي كتب قبل نيفو أن الخوف الحقيقي، الأوليّ، الذي يتحاشى الإسرائيليون الكلام عنه هو خوفهم مما اقترفوه في الماضي، وكان مقزّزاً من الناحية الأخلاقية. وفي رأيه، على الرغم من المحرقة النازية التي مثّلت ذروة الحاجة إلى بناء ملجأ آمن للشعب اليهودي، أُقيم مشروعُ دولة إسرائيل هو أيضاً على حساب شعب آخر. وبمفهوم معيّن، هذا الرعب الإسرائيلي غير مرتبط بالجرائم الأخلاقية التي كانت إقامة الدولة مرهونة باقترافها إنما بإنكارها.

واضح من النموذجين، وثمّة نماذج أخرى مثلهما، وجود سعي للدفع نحو تكريس خطاب عام يقوم على مواجهة السردية الصهيونية بشأن مشروع إقامة الدولة عام 1948، وبموازاة ذلك محاولة تعرية كل ما يتماشى مع أراجيف هذه السردية، التي سبق لأحد الشعراء الإسرائيليين أن وصف التخلّي عنها بأنه “مرضٌ روحيّ خطر”، لأن في هذا التخلّي استكناهاً لجوهر ذلك المشروع غير الأخلاقي.

——————————————–

تحقيق لصحيفة “ذا غارديان”: إسرائيل تجسّست على كريم خان و”الجنائية الدولية”

29 مايو 2024

 

يأتي التحقيق الجديد بعد الكشف عن محاولة إسرائيل ابتزاز بنسودا

تجسست إسرائيل على العديد من مسؤولي المحكمة بما في ذلك خان وبنسودا

نتنياهو كان “مهووسا” بالتجسس على المحكمة الجنائية الدولية أخيرًا

 

استمرارًا لكشف صحيفة “ذا غارديان” البريطانيّة عن تورّط إسرائيل من خلال رئيس جهاز الموساد السابق، يوسي كوهين، في ابتزاز المدّعية العامّة السابقة للمحكمة الجنائية الدوليّة، فاتو بنسودا، كشفت الصحيفة في تحقيق آخر عن تورط إسرائيل في عمليّات تجسّس على المحكمة والمدّعي العام الجديد كريم خان.

ويأتي هذا الكشف في أعقاب إعلان المدّعي العام للمحكمة طلب إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء ووزير الحرب الإسرائيليين وقادة من حركة حماس، وبعد أن أصدر تحذيراً غامضاً قبل أكثر من أسبوع قال فيه: “أصرّ على أن جميع المحاولات لإعاقة أو تخويف أو التأثير بشكل غير صحيح على مسؤولي هذه المحكمة يجب أن تتوقف فورًا.” ولم يُقدّم كريم خان تفاصيل محددة عن محاولات التدخّل في عمل المحكمة الجنائيّة الدوليّة، لكنه أشار إلى بند في معاهدة تأسيس المحكمة يجعل أي تدخّل من هذا القبيل جريمة جنائية.

وأضاف إنه إذا استمر السلوك “فلن يتردّد مكتبي في التحرّك”. كذلك لم يُعطِ خان أي معلوماتٍ عن هوية الذين حاولوا التدخّل في إدارة عمل المحكمة، ولم يحدد أيضًا كيفية التدخّل، إلا أن الكشوفات الجديدة عن تورط إسرائيل تعطي المزيد من التفسيرات.

ويكشف التحقيق الذي أجرته صحيفة “ذا غارديان” بالتعاون مع المجلة الإسرائيلية الفلسطينيّة +972 وموقع “سيحاه موكوميت” العبري اليساري، كيف شنّت إسرائيل حربًا سرّية دامت قرابة عقد على المحكمة الجنائية الدولية من طريق وكالات الاستخبارات الخاصة بها لمراقبة، وقرصنة، وتشويه، وتهديد كبار موظفي المحكمة الجنائيّة الدوليّة، والضغط عليهم، في محاولة لتعطيل تحقيقات المحكمة.

نتنياهو كان “مهووسًا” بالتجسس على “الجنائية الدولية”

وبحسب التحقيق، التقطت الاستخبارات الإسرائيليّة اتصالات عديد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بما في ذلك كريم خان وسلفه، باعتباره مدّعياً عاماً، فاتو بنسودا، واعترضت المكالمات الهاتفيّة، والرسائل، والبريد الإلكتروني، والوثائق، وهو ما قد يُفسّر كيفية معرفة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسبقاً بنيّات المحكمة في طلب إصدار مذكّرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين، الأمر الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيليّة قبل الإعلان الرسمي من كريم خان.

وبحسب ما جاء في التحقيق، اعترضت إسرائيل أخيراً اتصالاً أشار إلى أن خان كان يريد إصدار أوامر اعتقال ضد إسرائيليين، لكنه كان تحت “ضغط هائل من الولايات المتحدة”، وفقاً لمصدر مطّلع. وتقول الصحيفة إن نتنياهو كان مهتمّاً جدّاً بعمليات الاستخبارات ضد المحكمة الجنائيّة الدوليّة، ووصفه أحد مصادر الاستخبارات بأنه “مهووس” بالاعتراضات المتعلقة بالقضية.

ولم تقتصر عمليات التجسّس على المحكمة الجنائية الدولية، على جهة أمنيّة إسرائيليّة واحدة، بل شملت إشرافاً من مستشارين للأمن القومي، وجهوداً لوكالة المخابرات (الشاباك)، وكذلك مديرية الاستخبارات العسكرية (أمان)، وقسم الاستخبارات السيبرانية (وحدة 8200). وجرت مشاركة المعلومات الاستخباراتية المستخلصة من الاعتراضات مع وزارات الحكومة للعدل والشؤون الخارجية والشؤون الاستراتيجيّة.

ويقول معدّو التحقيق المشترك إنهم اعتمدوا في تحقيقهم على مقابلات مع أكثر من 20 من ضباط الاستخبارات الإسرائيليّة والمسؤولين الحكوميين الحاليين والسابقين، وكبار شخصيّات المحكمة الجنائية الدوليّة، والدبلوماسيين والمحامين المطلعين على قضية المحكمة الجنائية الدولية وجهود إسرائيل لتقويضها.

وكانت “ذا غارديان” قد كشفت أمس الثلاثاء عن عملية سريّة ضد بنسودا أمس، أدارها حليف نتنياهو المقرب، يوسي كوهين، إبان كان مدير وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، والذي استعان في إحدى مراحل التجسّس، حتى بمساعدة رئيس الكونغو الديمقراطية آنذاك، جوزيف كابيلا.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على أنشطة الاستخبارات الإسرائيلية إنها كانت تتجسّس بشكل روتيني على المكالمات الهاتفية التي أجرتها بنسودا وموظفوها مع الفلسطينيين، خصوصاً أن إسرائيل كانت تمنع المحكمة من الوصول إلى غزّة والضفة الغربيّة، بما في ذلك القدس الشرقيّة، لذلك كانت المحكمة مجبرة على إجراء معظم أبحاثها عبر الهاتف، ما جعلها أكثر عرضة للمراقبة.

وبفضل وصولها الشامل إلى البنية التحتية للاتصالات الفلسطينية، قال المصادر إن عملاء الاستخبارات كانوا قادرين على اعتراض المكالمات من دون تثبيت برامج تجسّس على أجهزة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.

وقالت المحكمة الجنائيّة الدوليّة إنها على علم بـ”أنشطة جمع المعلومات الاستخباريّة النشطة التي تقوم بها عدد من الوكالات الوطنيّة المعادية للمحكمة”. وأضافت أن المحكمة الجنائيّة الدوليّة تنفذ باستمرار إجراءات مضادة لمثل هذه الأنشطة، وأن “أياً من الهجمات الأخيرة ضدها من قبل وكالات الاستخبارات الوطنيّة لم تخترق الأدلة الأساسيّة للمحكمة، التي ظلت آمنة”. أمّا المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فنفى ما أسماه “الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها والموجهة لإيذاء دولة إسرائيل”.

وبحسب الضباط الذين صدرت شهاداتهم بهوية مجهولة، بدأت حرب إسرائيل على المحكمة في يناير/ كانون الثاني 2015، عندما أُكِّد أن فلسطين ستنضم إلى المحكمة بعد الاعتراف بها دولةً من الجمعيّة العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي أدانه المسؤولون الإسرائيليون، معتبرين إياه “إرهاباً دبلوماسيّاً”.

——————انتهت النشرة—————-