محكمة الاحتلال العليا تصدر أمرا احترازيا ضد قانون منع لم الشمل

-عدالة “القانون عنصري ويخدم أهداف ديموغرافية بحتة للاحتلال”

-د. منير نسيبة لـ”القدس”: القانون مجحف جمد وعرقل حياة الآلاف الأسر الفلسطينية

-رامي صالح لـ”القدس”: الأمر الاحترازي مُنتقص والقانون يعزز سياسات الفصل والتمييز العنصري

– د.عزمي أبو السعود لـ”القدس”: إسرائيل تمارس هندسة الوجود والإقامة وفق سياسه عنصرية توسعية

أصدرت المحكمة العليا، أمرًا احترازيًا في تسعة التماسات مقدمة ضد “قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل”، المعروف بقانون “منع لمّ شّمل العائلات الفلسطينية”، والذي أقره الكنيست في العاشر من آذار/مارس 2022.

وأمهل الأمر الأطراف المدعى عليها في الدولة والكنيست مدة تسعين يومًا لتشرح سبب عدم إلغاء القانون؛ فمن بين عدّة أمور، هو يمنع تحسين المكانة القانونية لأفراد العائلة الفلسطينيين من حملة تصاريح الإقامة المؤقّتة، ويمنعهم من الحصول على مواطنة أو إقامة دائمة، كما وأنه يحجب عنهم بذلك التمتّع بحقوقهم الاجتماعية التي تتبع تجنيسهم، إضافة لذلك، فهو يضع سقفًا لعدد التصاريح الممنوحة للحالات الإنسانية الاستثنائية.

وتمّ إصدار الأمر عقب جلسة الاستماع الثانية في هذه القضية يوم أمس الأول الاثنين، وذلك بعد أن طلبت المحكمة من الكنيست والحكومة لأن تبديا ردّهما فيما إذا كانتا على استعداد لإجراء تغييرات على القانون.

وأظهرت المداولات أن واقع الأمر هو عدم وجود أية نية لتغييرات جوهرية تعتزم الدولة إجرائها على القانون وأنها ستستمر بالتزامها بتعليماته.

وقال مركز عدالة، الذي قدم التماسًا ضد القانون:”عطفًا على قرار المحكمة العليا وصيغته، يتّضح أن الحكومة والكنيست فشلتا، من خلال استخدام الادعاءات الواهية حول الهدف الأمني للقانون، في إضفاء الشرعية على الهدف الذي أشار إليه الملتمسون منذ البداية: وهو أن القانون عنصري ويخدم أهداف ديموغرافية بحتة.

وأي محاولة أخرى من جانب الدولة والكنيست للمواصلة في تبرير هذا الادعاء الضعيف مستقبلًا سيكون مصيرها الفشل، لأن الحقيقة الدامغة والتي برهنتها مداولات أمس واضحة كوضوح الشمس: قانون كهذا ما هو إلا ترسيخ للفوقية اليهودية وسياسة الفصل العنصري.

وأضافت عدالة:” لا يسعنا إلا أن نأمل بأن توقف المحكمة هذه الأوامر المستمرة منذ أكثر من عشرين عامًا وتنتهك أبسط الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في الحصول على حياة أسرية وتقطّع أوصال العائلات وتشرذم الأسر بشكل سافر وجائر وضد كل شريعة قانون ومنطق إنساني وحقوقي.”

د. منير نسيبة

وقال د. منير نسيبة، مدير مركز العمل المجتمعي، جامعة القدس لـ”القدس” دوت كوم، حتى هذه اللحظة، لا يمكن النظر بإيجابية لقرار المحكمة. فهو لم يدخل بصلب الموضوع. لا تزال المحكمة في مرحلة تطلب فيها من سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن توضح موقفها من طلب الجهات الملتمسة ضد قانون منع لم الشمل لأهلنا من الضفة الغربية وقطاع غزة مع أزواجهن أو زوجاتهم في القدس والداخل. أعطت المحكمة الحكومة 90 يوماً لصياغة جوابها. هذا يعني أن القانون لا يزال سارياً.

وأضاف د. نسيبة:”لا يخفى علينا أن جميع محاولات المنظمات الحقوقية الفلسطينية والإسرائيلية لإلغاء هذا القانون المجحف قد فشلت منذ أن قرره الكنيست عام 2003.

منذ ذلك الوقت، جمد الاحتلال الإسرائيلي من قدرة الأسر الفلسطينية التي يأتي أحد الأزواج فيها من قطاع غزة من قدرتهم حتى على التقدم بطلب لم شمل ليسكنوا تحت سقف واحد. كما جمدت امكانية حصول الأزواج من حاملي هويات فلسطينية من الضفة الغربية من قدرتهم على الحصول على مكانة دائمة تسمح لهم بالاستقرار في القدس أو الداخل مع أبناء عائلاتهم.

واكد نسيبة أن هذا الأمر خلق تشتتاً كبيراً وظروفاً صعبةً جداً تعاني منها الأسر الفلسطينية. فالكثير من الفلسطينيين يعيشون في القدس والداخل بدون مكانة قانونية تسمح لهم بذلك، ويتجنبون الحواجز المنتشرة في أرجاء القدس. كما أن الكثير من هؤلاء يقضون حياتهم في الدوائر الحكومية الإسرائيلية، ويوكلون محامين إما بمبالغ ضخمة، أو بمساعدة المراكز التي تقدم الخدمة المجانية، ولكن بدون نهاية. فعليهم أن يطلبوا تجديد الإقامة بدون نهاية.

رامي صالح

وقال رامي صالح مدير فرع القدس “مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان” لـ”القدس” دوت كوم، وفقًا للأمر الاحترازي، منحت المحكمة العليا الحكومة والكنيست 90 يومًا لتقديم تبريرات لعدم إلغاء القانون.

القانون الحالي يمنع تحسين الوضع القانوني للفلسطينيين حاملي تصاريح الإقامة المؤقتة، ويحول دون منحهم المواطنة أو الإقامة الدائمة، مما يحرمهم من التمتع بحقوقهم الاجتماعية. إضافة إلى ذلك، يفرض القانون قيودًا صارمة على عدد التصاريح الممنوحة للحالات الإنسانية الاستثنائية، مما يزيد من معاناة العائلات الفلسطينية.

وأضاف انه في جلسة الاستماع التي عُقدت في ، 8 تموز الجاري، تبيّن بوضوح أن حكومة الاحتلال لا تعتزم إجراء أي تغييرات جوهرية على القانون، مما يؤكّد الدوافع الحقيقية من وراء هذا القانون، الذي يخدم أهدافًا ديموغرافية تمييزية ويعزز سياسات الفصل العنصري، حيث ينتهك حقوق الإنسان الأساسية ويفكك العائلات الفلسطينية.

ولفت صالح الى أنّ المحكمة ألزمت الحكومة في أمرها المشروط أن تَرُدَ على عدد من الأمور في القانون ومنها، عدم وجود آلية تسمح بمنح هويات دائمة أو مؤقتة للفلسطينيين الذين حصلوا على تصاريح إقامة منذ فترة طويلة، خاصة أولئك الذين حصلوا عليها عندما كانوا قاصرين، وكذلك الأمر، عدم إمكانية حصول حاملي تصاريح لمّ الشمل على الحقوق الاجتماعية والتأمين الصحي الحكومي، حيث يُمنح لهم تأمين صحي خاص بشروط مجحفة. إضافة إلى تحديد عدد التصاريح الممنوحة للحالات الإنسانية الاستثنائية بواقع 58 تصريحًا سنويًا، وعدم إمكانية الحصول على هوية مؤقتة للنساء فوق سن 40 عامًا اللواتي يحملن تصاريح لمّ الشمل لمدة خمس سنوات على الأقل.

وأوضح صالح انه بينما يُظهر القرار الاحترازي للمحكمة بعض الاعتراف بالمشكلات التي يسببها القانون، إلا أنه لا يعالج جوهر المشكلة المتمثلة في الطبيعة التمييزية والعنصرية للقانون. وبالتالي، يؤكد مركز القدس أهمية إلغاء هذا القانون الذي ينتهك الحقوق الأساسية للعائلات الفلسطينية ويعزز سياسات الفصل والتمييز العنصري.

حيث سيستمر مركز القدس في مواجهة هذا القانون والانتهاكات الجائرة، والدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية للفلسطينيين في الحصول على حياة أسرية كريمة ومتكاملة.

واشار إلى ان مركز القدس قدم، التماسا من خلال المحامية سوسن زهر، بعدم دستورية قانون المواطنة والدخول إلى اسرائيل مثّل فيه عشرات العائلات المتضررة من هذا القانون في التماس إلى المحكمة العليا في نيسان 2022، حيث عقدت جلسة في كانون الثاني 2022، وحددت المحكمة يوم امس الأول جلسة الثانية. وقد شارك في الجلسة، محامية المركز فاطمة ناصر الدين-طبجي إضافة إلى عدد من المؤسسات الحقوقية ومحامين من القِطاع الخاص.

من جانبها، أكدت المحامية ناصر الدين-طبجي ان أكثر من 13 ألف طلب لم شمل يتم متابعتهم في وزارة الداخلية، والجزء الأكبر منهم إما مرفوض أو قيد المتابعة.

واشارت ناصر الدين- طبجي انه على الرغم من أن قرار المحكمة استجاب بشكل أولي لبعض الادعاءات في الالتماسات إلا أنه لا زال لا يعالج الخلل الواقع في جوهر هذا القانون، كونه قانونًا غير دستوري يحمل في طياته تمييزًا مدانًا ضد المواطنين بناءً على انتماءاتهم العرقية والقومية والدينية.

الدكتور عزمي أبو السعود

من جانبه، قال الدكتور عزمي أبو السعود لـ”القدس” دوت كوم، ان حق العائلة، الزوج والزوجة واطفالهما في العيش معاً على ارض وطنهم، هو حق طبيعي واساسي، الا ان الفلسطينيين في القدس المحتلة بفضل هذا التشريع العنصري، لا يتمتعون بهذا الحق، وفي افضل الاحوال يتم منح المقدسيين اقامة مؤقتة او دائمة، مشروطه بوصف ذلك امتيازاً لاحقاً.

وأوضح أبو السعود:” أن ذلك القانون الظالم الذي طرحته حكومات اسرائيل المتعاقبة كحل للحصول على الهوية والاقامة الدائمة مدروس لتقليل عدد المقدسيين، منحت من خلاله لنفسها حرية التملص في أي لحظة من ذلك الالتزام تحت اسباب أمنية أو جنائية تنسب الى مقدم الطلب طوال تلك الفترة. ولكن في حقيقة الامر فإن التخوف من المد الديمغرافي الفلسطيني هو السبب الحقيقي. وإن نظرنا بعمق أكثر لمفهوم هذا النظام نرى أن كل الحكومات السابقة والحالية لا ترى بعين الرضى موضوع اكتساب حق الإقامة الدائمة عن طريق الزواج

وقال أبو السعود:” هذا الموضوع سياسي بالدرجة الأولى يمنح الفلسطينيين حق العودة للفلسطينيين عبر قنوات المنظومة القانونية الإسرائيلية، لذلك وفق المفهوم الإسرائيلي يتوجب إبعاده قدر الامكان او تأجيله.

إذ أنها تعتبر إلغاء قانون احقية تقديم طلبات جمع الشمل لمواطني دولة إسرائيل وخصوصاً الأزواج من السلطة الوطنية الفلسطينية مثابة المخلص من تلك المعضلة السياسية للنزاع الديمغرافي الفلسطيني الإسرائيلي. ولكن من جانب آخر كان مثابة صفعة للشرعية الدولية ونخص بالذكر دول الاتحاد الاوروبي التي رفضت هذا الامر معتبرة اياه استمرارا لسياسة التطهير العرقي التي كانت متبعة في جنوب أفريقيا تجاه السود اهلها الحقيقين، لذا كان على الحكومة الاسرائيلية توضيح الاسباب التي أدت الى صدور مثل تلك القرارات في ظل دولة تزعم أنها ديمقراطية تدعي بمنح حرية للإنسان والعيش بكرامة وقد كان موضوع الامن هو الستار القانوني والشرعي الذي اختبأت وراءه الدولة العبرية.

وأضاف:”عليه فأن الغاء او تأجيل جمع شمل العائلة المقدسية وانعكاسه علي دور الاب الذي يعتبر عمد الخيمة له اثر كبير بعملية الفقدان وان فقدان ذلك الدور لكلا الوالدين ينعكس سلبا علي الاطفال.

ان استمرارية تعنت الحكومة الإسرائيلية والمتمثلة بكل مؤسساتها والتي تري بهذا الخصوص التجاهل والتأجيل المستمر لا بل انها تنظر لقانون يلغي العملية برمتها ، ذلك لأنها تدرك تماما ان تلك العائلات ستزود الوجود المقدسي الجيودمغرافي والسياسي لاستمرارية الوجود والصمود.

وأوضح الدكتور أبو السعود ان الحرمان من القومية والإقامة والحياة الأسرية، تبقي إسرائيل على نظامها القائم على شرذمة الفلسطينيين وتفرقتهم من خلال أنظمة قانونية مختلفة تضمن حرمانهم من حقوق المواطنة والوضع القانوني، وتنتهك حقهم في لم شمل الأسر، والعودة إلى بلدهم وديارهم، وتقيِّد بشدة حريتهم في التنقل استناداً إلى الحالة القانونية.

وقال ما زالت إسرائيل تهندس الوجود و السيطرة على الفلسطينيين بهدف الحفاظ على أغلبية يهودية إسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة وهي المهمة في شتى أنحاء إسرائيل، فالفلسطينيون في القدس الشرقية ليسوا مواطنين إسرائيليين. وبدلاً من ذلك، يُمنحون وضع إقامة دائمة هش، يسمح لهم بالإقامة والعمل في المدينة.

بيد إن السلطات الإسرائيلية تقوم بموجب تشريعات وسياسات تتسم بالتمييز المجحف بإلغاء وضع الإقامة الدائمة لآلاف الفلسطينيين، وبعضهم بأثر رجعي، إذا لم يتمكنوا من إثبات أن القدس “مركز حياتهم”.

ولذلك عواقب وخيمة على حقوقهم الإنسانية. وعلى النقيض من ذلك، يتمتع المستوطنون اليهود الإسرائيليون المقيمون في القدس الشرقية بالجنسية الإسرائيلية، ويُعفون من الخضوع للقوانين والإجراءات التي تُسنُّ ضد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقي (منظمة العفو الدولية، 2022)

من جانبه، يقول المحامي نجيب زايد، المختص في قضايا جمع الشمل أصدرت المحكمة العليا أمس الاول قراراً تستجيب فيه لمطالب الالتماسات الدستورية بما فيها الالتماس الذي تقدمت به شخصياً للطعن بشرعية قانون المواطنة ضد الملتمس ضدهم (وزير الداخلية والحكومة والكنيست وغيرهم). حيث أصدرت من خلال هذا القرار أمراً مشروطاً يقضي بإلغاء قانون المواطنة إذا لم يقم الملتمس ضدهم بواسطة النيابة العامة بتقديم لائحة جوابية تسوغ وتبرر شرعية هذا القانون خلال مهلة 90 يوماً.

واوضح المحامي زايد أنه قام برفع القضية الدستورية رقم 2300/22 باسمه ونيابة عن 521 من موكليه من العائلات المتضررة حيث قام بتغطية جميع الفئات والحالات التي نشأت جراء هذا القانون العنصري وخاصة فيما يتعلق بفئة الأولاد الذين حصلوا على تصاريح اقامة منذ ان كانوا قاصرين ولم يتمكنوا من تحسين مكانتهم وترفيعها لبطاقة هوية زرقاء(هوية القدس).

 

 

واضاف :”القرار ينقل عبء الإثبات والتسويغ إلى الملتمس ضدهم ويجعل الكرة في ملعبهم قبل حسم القضية بجعل القرار قراراً قطعياً.

 

 

فيما يلي نص بنود القرار:

1. بنية المحكمة اصدار قرار نهائي يُلغى قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل لعام 2022، للأسباب التالية:

أ‌) عدم توفر إمكانبة ترفيع مكانة أولئك الذين حصلوا على تصاريح إقامة أو تأشيرات وبطاقات هوية ويحملونها لفترة زمنية طويلة، وخاصة أولئك الذين حصلوا عليها عندما كانوا قاصرين.

ب‌) عدم توفر إمكانية الحصول على حقوق الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي الحكومي لحاملي تصاريح الإقامة منذ فترة زمنية طويلة.

ج) تحديد كمية تصاريح الإقامة والتأشيرات في الحالات الإنسانية الاستثنائية.

د) عدم سريان المادة 4 من القانون – برأي الملتمس ضدهم – على الأزواج المثليين.

هـ) عدم إمكانية الحصول على بطاقات هوية مؤقتة بموجب المادة 5 من القانون أيضًا للنساء فوق سن 40 عامًا، اللواتي تقمن بشكل قانوني في إسرائيل لمدة خمس سنوات على الأقل.

و) عدم سريان الأحكام المنصوص عليها في المادة 5 من القانون على الحاصلين على تصاريح من فئات أخرى.

2. أو بدلاً من ذلك، لماذا لا يتم إلغاء المادة 7 (ز) من القانون (التي تحدد كمية التصاريح والتأشيرات لأسباب إنسانية استثنائية).

المصدر … القدس