إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 25/9/2024

«اتفاقية مع الشيطان» في الشمال والجنوب لتحرير أسرانا

بقلم: يئير بار – كول

على خلفية الأحداث الصادمة للحرب الحالية من المهم أن نتذكر بانه في سياق التاريخ وُقّعت كما هو معروف غير قليل من الاتفاقات بين أعداء قاتل الواحد الآخر، وكرهوا بعضهم حتى المقت الشديد. يدور الحديث عن اتفاقات سلام، وعن اتفاقات اقتصادية، واتفاقات للتعاون بهذا الشكل أو ذاك في مجالات مختلفة.

طرحت قصة فاوست على مدى 91 سنة مؤخرا في فيلم وثائقي جديد “اتفاقية مع الشيطان”، يسلط الضوء على قضية أثارت في حينه خلافاً شديداً في الحاضرة اليهودية بل شرخا حادا في الشعب وكراهية اخوة لم تهدأ اصداؤها على مدى سنوات طويلة.

في هذه الأيام عُرض هذا الفيلم في سينماتيك تل أبيب أمام مئات من أعضاء منتدى انسال الأوائل بمبادرة منظمة سليلي أوروبا الوسطى. الفيلم، الذي يكشف النقاب عن الصفقة المنسية بين الحاضرة العبرية وهتلر، يبث أيضا في التلفزيون في القناة 8 ويثير اهتماما بقضية نسيت منذ زمن بعيد. انقذت هذه الصفقة عشرات آلاف اليهود وساعدت على بناء الدولة التي على الطريق بمال المانيا النازية. كما يذكر، فان مسألة أخلاقية اتفاقية “الهعفراه” (كلمة عبرية تعني النقل، أبرمت بين الوكالة اليهودية الصهيونية وألمانيا في العام 1933. وُضعت بنود الاتفاقية للمساعدة في تسهيل تهجير اليهود إلى فلسطين بشرط أن يتنازل اليهود عن ممتلكاتهم لدولة ألمانيا- المحرر) من الثلاثينيات عادت وتكررت في الخمسينيات عندما وقعت اتفاقية التعويضات مع المانيا.

ان سؤال اذا كان ينبغي إدارة مفاوضات والوصول الى اتفاقات مع طغاة في الشمال وفي الجنوب لأجل انقاذ مواطنين إسرائيليين، واعادتهم الى بيوتهم والإحسان لهم هو سؤال قائم وواقعي في هذه الأيام اكثر من أي وقت مضى.

وقعت اتفاقية “الهعفراه” في 1933 نتيجة للقاء مصالح الحكم النازي الذي كان معنيا بخروج اليهود من المانيا، ومصالح المؤسسات الصهيونية التي تطلعت لتزيد عدد اليهود في “بلاد إسرائيل”، وسلطات الانتداب البريطاني التي كانت معنية باستثمار المال في فلسطين. مثلما في حينه هكذا اليوم أيضا وان كانت الظروف مختلفة تماما ينبغي السعي الى العثور على لقاء مصالح كل الجهات ذات الصلة في النزاع بشكل مباشر او غير مباشر.

لا شك ان اتصالات ومحاولات جس نبض لاتفاقات ومفاوضات في اعقاب 7 تشرين الأول وفي اثناء الحرب نفسها تثير ولا بد أنها ستثير خلافاً حاداً في إسرائيل بسبب الحاجة للاتصال مع منظمات “إرهاب إجرامية” ومع دول معادية تضع إبادة إسرائيل امام ناظريها. سيثير الاتصال المذكور أسئلة أخلاقية حول التعاون مع الطغاة. لكن مثلما كانت الهجرة من المانيا في اعقاب اتفاق “الهعفراه” تركت اثرها وساهمت في مجالات عديدة للمجتمع الإسرائيلي، ينبغي أن نتذكر بانه بتعابير استراتيجية وتاريخية تقاس الأمور وتقدر في اختبار النتائج النهائية حتى لو كان الطريق اليها مرصوفا بخلافات رأي حادة، وبعقبات وعوائق.

——————————————–

المعهد الأورشليمي لدراسات الاستراتيجية والأمن القومي 25/9/2024

أربعة بدائل في لبنان

إسرائيل تقترب من نقطة الحسم

بقلم: اللواء (متقاعد) الدكتور عيران ليرمان

التوجيهات الصادرة عن المستوى السياسي بأن عودة النازحين في الشمال ستضاف إلى أهداف الحرب الإسرائيلية – وما يبدو أنه تحرك واسع النطاق لمهاجمة حزب الله من خلال أجهزة الاستدعاء التي يستخدمها الآلاف من رجاله – يشير إلى اقتراب صدور قرار بشأن الحرب مع حزب الله. لقد مر عام منذ أن بدأت المنظمة حرباً على مستوى متوسط مع إسرائيل، ظاهرياً لدعم حماس في غزة (وهو الهدف الذي لم يتحقق عملياً) وبالأساس – كجزء من استراتيجية الاستنزاف الإيرانية المتعددة الحلبات. ونظرا لتغير أنماط القتال في غزة – الذي وصل إلى مرحلة عمليات التمشيط والتطهير – وبعد النجاح الباهر الذي حققته الضربة الاستباقية على تشكيلات حزب الله (25 أغسطس 2024)، تقف إسرائيل أمام أربعة بدائل في الشمال:

1- استمرار الوضع القائم – حرب استنزاف مستمرة، مع صعود وهبوط في شدة النيران، بديل يعني أن عشرات الآلاف من الإسرائيليين لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم.

2- حل سياسي – وهو ترتيب إشكالي، ولكنه ربما يكون محتملاً، ويؤدي إلى انسحاب قوات حزب الله الهجومية إلى ما وراء الليطاني، مقابل لفتات إسرائيلية.

3- حملة شاملة ضد دولة لبنان وتدمير بنيتها التحتية الوطنية، والتي سيتم شنها بشكل رئيسي من الجو، وستؤدي إلى زيادة كبيرة في الثمن الذي ستجبيه إسرائيل مقابل أي ضرر يلحق بأهداف مدنية في أراضيها.

4- هجوم بري يهدف إلى تدمير الجزء الأكبر من قوة حزب الله ـ بثمن باهظ، سواء من حيث الخسائر البشرية أو الأضرار التي ستلحق بغير الضالعين في القتال، ولكن هدفها الواضح سيكون توجيه ضربة قاتلة لحزب الله، وليس تدمير لبنان.

من بين الأربعة، فإن البديل الأخير هو الذي ربما تكمن فيه الفرصة لإحداث نقطة تحول مستقبلية في العلاقة مع لبنان “في اليوم التالي”، إلى جانب تأثيره العميق على توازن القوى الإقليمي في مواجهة إيران ونقائلها.

أهداف حرب الاستنزاف التي يخوضها حزب الله

لماذا أمر الأمين العام لحزب الله منظمته بالانضمام إلى القتال وشن حملة – رغم أنها محدودة الشدة بالنسبة لقدراتها، ولكنها مؤلمة – ضد إسرائيل، بعد يوم من هجوم حماس، رغم أنه يبدو أن تاريخ هذا الهجوم، 7 أكتوبر، لا يتم تنسيقه معه؟ رسميًا، كان ادعاؤه أنه من خلال فتح جبهة أخرى، والتي انضم إليها لاحقًا الحوثيون في اليمن وفروع أخرى تابعة لإيران، سيكون قادرًا على إجبار إسرائيل على تخفيف الضغط على حماس. ولكن هذا ليس ما حدث. وحتى لو أدى الصراع في الشمال إلى تهجير عشرات الآلاف من الإسرائيليين من منازلهم، فإنه لم يشكل عائقاً أمام جهود الجيش الإسرائيلي في غزة. منذ اكتمال التعبئة الاحتياطية الكاملة، أو حتى بعد ذلك، وفقًا لمعدلات التجنيد، أصبح الجيش الإسرائيلي يملك القدرة والموارد الكافية، للقيام بحملة على نطاق واسع في الشمال أيضًا، إذا اختار ذلك، وفي الوقت نفسه مواصلة سحق حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة.

إلا أن هذا الواقع لم يمنع التنظيم من مواصلة القتال، بل وتوسيع نطاقه تدريجياً بين الحين والآخر. وقد تم إخلاء مساحة كبيرة من الأراضي في إسرائيل من سكانها، وحدث دمار واسع النطاق في مستوطنات مثل كيبوتس رميم (منارة) والمطلة. وقُتل حوالي عشرين جنديًا إسرائيليًا، بالإضافة إلى عدد مماثل من المدنيين، بما في ذلك الأطفال ألـ 12 الذين قُتلوا في مجدل شمس، في 27 يوليو 2024. ودفع حزب الله ثمنًا أعلى بكثير: فقد قُتل رئيس ذراعه العسكرية، فؤاد شكر، في بيروت، كما قتل نحو 500 من مقاتلي التنظيم في هجمات انتقامية من قبل الجيش الإسرائيلي وفي حوادث إطلاق نار. في هذه الأثناء، يقف لبنان كدولة على حافة الهاوية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث تؤدي الأزمة إلى تفاقم هروب أكثر من مئة ألف مواطن من مدن وقرى الجنوب.

ولذلك فإن توجيهات نصر الله بمواصلة الحملة، على الرغم من التكلفة، ليس لها سوى علاقة فضفاضة بالقتال في غزة، والذي لم يتمكن من التأثير عليه. وهو يعكس عملياً العناصر الأساسية لهويته الأيديولوجية، وحاجة التنظيم، أولاً وقبل كل شيء، إلى التبرير، لنفسه وللمجتمع اللبناني، سبب قبضته الخانقة المدمرة للبنان، والتي من المفترض أن تمكنه من تحقيق مهمته “الجهادية” ضد وجود إسرائيل. باستثناء ذلك، فهو يستجيب لتوجيهات طهران بتعميق وتوسيع حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، كجزء من الإستراتيجية الإيرانية المتمثلة في استخدام “الوكلاء” لكسر روح المقاومة لدى الجمهور الإسرائيلي، وبالتالي التمهيد، في الوقت المناسب، لخلق شروط القضاء على ما يسميه المرشد الأعلى بـ “النظام الصهيوني المزيف” (بحسب “خارطة الطريق” لتدمير إسرائيل التي “غردها” في نوفمبر 2014).

في الوقت نفسه، في أحداث 25 أغسطس 2024، حين وجه الجيش الإسرائيلي ضربة استباقية لإحباط نيران حزب الله التي أطلقها انتقاما لاغتيال شكر، والتي كانت تهدف إلى ضرب أهداف ثمينة في وسط البلاد، اختار نصر الله الرد بطرح ادعاءات كاذبة بشكل واضح حول إنجازاته، ثم “أنهى الحدث”، مما يشير أيضاً إلى أن حزب الله يتعرض لضغوط شديدة، في بيئته المباشرة، كي لا يوسع الحرب بمبادرة منه، إلى ما هو أبعد من نطاقها الحالي. هناك أغلبية كبيرة من الشعب اللبناني، من جميع الطوائف، بما في ذلك الأصوات الشجاعة التي تعبر عن نفسها بصوت عالٍ في وسائل الإعلام، ترفض أن تفهم لماذا يجب أن يتم جر بلدهم، الذي وصل بالفعل إلى حافة الانهيار، إلى حرب في خدمة قوة أجنبية، إيران، التي ستلحق الدمار الشامل بلبنان. في ظل هذه الظروف، فإن لإيران أيضاً مصلحة في مواصلة الاستنزاف والتآكل المعنوي لخصائصها الحالية.

 

البديل الأول – استمرار النمط الحالي

في مواجهة هذه القيود، وبعد سقوط مسألة “الانتقام لمقتل شكر” من جدول الأعمال، هناك سبب للافتراض بأن قادة حزب الله (ومبعوثيهم) سيختارون مواصلة القتال بخصائصه الحالية على الأقل. وفي الوقت نفسه فإن إيران – التي تراجعت عن نيتها تنفيذ هجوم مباشر مرة أخرى – تركز في تصفية الحسابات على قضية اغتيال إسماعيل هنية في طهران، في محاولة لإشعال النار في يهودا والسامرة عبر قاعدة تخريبية في الأردن، ولا يبدو أنها لا تحث حزب الله على التصعيد إلى ما هو أبعد من مستوى نشاطه الحالي.

من الناحية العملية، تتعامل إسرائيل منذ عام تقريبًا مع نمط منتظم من إطلاق النيران المضادة للدبابات والصواريخ والطائرات بدون طيار، سواء تجاه قواعد الجيش الإسرائيلي في الشمال أو تجاه المستوطنات، والتي تسبب بعضها، كما ذكرنا سابقًا، في دمار تراكمي لم يحدث مثله منذ عقود. حزب الله لديه القدرة على الاستمرار في ذلك لفترة طويلة. وبسبب إخلاء السكان، فإن التكلفة في الأرواح – التي قد تدفع إسرائيل إلى اتخاذ إجراء واسع النطاق – كانت محدودة حتى الآن، على الرغم من وقوع عدة حوادث خطيرة، لذا يبدو أن هذا بديل يمكن لإسرائيل أن تختاره أيضًا.

لكن، كما يتضح من توجيهات المستوى السياسي، فإن هذا بديل غير مستدام مع مرور الوقت بالنسبة لإسرائيل، على المستوى الاستراتيجي وعلى المستوى السياسي والأخلاقي. نطاق الضرر الذي تحدثه صواريخ حزب الله وطائراته المُسيرة، على عكس الأسلحة المضادة للدبابات التي يتم إطلاقها مباشرة على أهداف بالقرب من الحدود، يمتد إلى ما هو أبعد من المنطقة التي تم إخلاؤها ويهدد عددًا أكبر من السكان، بما في ذلك مدن مثل صفد وكتسرين. وفي الخلفية أيضاً فإن استعدادات “قوة الرضوان” التابعة للتنظيم، المقابلة لقوات “النخبة” التابعة لحماس، وعناصر الميليشيات الأخرى، القائمة في سوريا، أيضاً، لاحتمال اجتياح إسرائيل على غرار هجمات 7 أكتوبر، حتى لو لم تكن بالضرورة نية ملموسة لتحقيق هذا المخطط قريبًا، تثير القلق لدى الذين تم إجلاؤهم وسكان المناطق المجاورة الذين لم يتم إخلاؤهم بعد، ومن المشكوك فيه ما إذا كان يمكن استعادة سبل الحياة في الشمال إلى ما كانت عليه، من دون إخراج هذه العناصر من جنوب لبنان.

فوق هذا كله، على مستوى المبادئ الأساسية، فإن قبول الوضع القائم الذي تظل فيه منطقة مهمة من الأرض فارغة من سكانها لفترة طويلة، وتعرض مساحة أوسع لتهديد يومي مستمر، يتعارض مع المسؤولية الأساسية لأي حكومة تجاه جميع مواطنيها، بل وأكثر من ذلك تتعارض مع القيم الأساسية للمشروع الصهيوني. ومن هنا يأتي توجيه رئيس الوزراء بإدراج عودة النازحين في الشمال إلى ديارهم ضمن أهداف إسرائيل الحربية، وسلسلة التصريحات على المستويين السياسي والعسكري بشأن تصميم الحكومة الإسرائيلية على الوفاء بهذا الالتزام. (ويجب أن يكون ذلك مصحوبًا أيضًا بعملية إعادة تأهيل واسعة النطاق لأولئك الذين دمرت منازلهم).

 

البديل الثاني – الحل السياسي

من الناحية النظرية على الأقل، فإن إحدى طرق تحقيق هذا الهدف المتمثل في إعادة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بشكل آمن، هو التوصل إلى تسوية سياسية تتحقق بشكل غير مباشر، بسبب الرفض المطلق لحزب الله، والدولة اللبنانية الخائفة، للجلوس بشكل مباشر إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل. وفي إطار الخطة المطروحة، سيتم الحرص هذه المرة، على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 لعام 2006، الذي أنهى حرب لبنان الثانية، وتعليماته المتعلقة بإخراج حزب الله من الحدود وتقييد تسليح المنظمة. والافتراض هو أنه سيُطلب من إسرائيل تقديم لفتة رمزية فيما يتعلق بترسيم الحدود البرية، في أعقاب التسوية التي تم التوصل إليها بشأن حدود المياه الاقتصادية في عام 2022. وسيتم استبدال قوات حزب الله في الجنوب بقوات من الجيش اللبناني تكون أكثر فعالية من ذي قبل، وستعمل قوات اليونيفيل، على عكس ما حدث حتى الآن، على منع عودتها. وفي الوقت الذي يتم فيه التوصل إلى وقف لإطلاق النار (وصفقة رهائن؟) في غزة، سوف يعم السلام في الشمال، وسوف تتمكن إسرائيل من ممارسة حقوقها السيادية مرة أخرى وتسمح لمواطنيها بالعودة إلى ديارهم.

كل هذا يبدو مغريا بما فيه الكفاية لتحفيز الإدارة الأميركية الحالية، ممثلة في المبعوث الخاص للرئيس بايدن، عاموس هوخشتاين، الذي صاغ هذا الترتيب المثير للجدل قبل عامين، وأيضا الفرنسيين، الذين كالعادة يعملون بشكل منفصل وبمفردهم، وحسب طريقتهم في محاولة للتوصل إلى صفقة كهذه. في ضوء المخاوف – وربما من المناسب القول القلق – التي تشعر بها غالبية اللبنانيين، فضلاً عن التفضيل الأساسي للحكومة الإسرائيلية، لتجنب حرب شاملة، إن أمكن، هناك على الأقل فرصة معينة لإنجاح المجهود السياسي. في النهاية، وبعد وقت قصير من اندلاع الحرب (11 أكتوبر 2023)، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وشركاؤه الذين انضموا إلى حكومته في ذلك اليوم، رئيسا الأركان السابقان بيني غانتس وغادي آيزنكوت، هم الذين رفضوا مقترحات توجيه ضربة واسعة النطاق ضد حزب الله، واختاروا قبول نصيحة الرئيس جو وبايدن بعدم توسيع دائرة القتال.

هناك عدة أسباب لعدم تحقق هذه الفرصة، حتى لو لم تكن صفراً:

1- ليس هناك الكثير من الإسرائيليين الذين يثقون بأن قوات اليونيفيل، أو الجيش اللبناني، سوف ينفذون بالفعل ما هو متوقع منهم. لقد كان تنفيذ القرار 1701 حتى الآن بمثابة فشل ذريع، أما بالنسبة للجيش اللبناني فإن بعض فرقه تخضع للسيطرة الفعلية لحزب الله. وبالتالي، فإن الترتيب لن يقنع بالضرورة الناس الذين تم إجلاؤهم بالعودة.

2- على المستوى السياسي، قد يكون ثمن “الصفقة مع حزب الله”، الذي يشبه في بعض النواحي الترتيب البحري الذي ندد به نتنياهو في حملته الانتخابية عام 2022 ضد رئيس الوزراء آنذاك يائير لبيد، باهظاً للغاية.

3- من جانبه قد يقع «حزب الله» في إغواء طرح مطالب إضافية، في إطار استراتيجية الإحباط والإرهاق التي تخدم المصالح الإيرانية. ليس من الواضح في هذه المرحلة مدى المصداقية التي يعزوها لتهديدات إسرائيل بتنفيذ عمل عسكري واسع النطاق، إذا لم يتم التوصل إلى التسوية.

4- على أية حال، تبدو آفاق التسوية مشروطة بوقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي فإن لحماس، في الواقع، مصلحة واضحة في عدم قبول أي تسوية، لأن يحيى السنوار في هذا الوضع يحمل مفتاح التصعيد في لبنان (وهو الأمر الذي يريده جدًا).

5- وفي النهاية، حتى لو تم تحقيق الترتيب، فمن المشكوك فيه أن يستمر لفترة طويلة، وذلك بسبب الوضع المتفجر بشكل متزايد الذي ينشأ عن التقدم في البرنامج النووي الإيراني، واليقين شبه المطلق بأنه في حال قيام إسرائيل (أو أمريكا) باي عملية في إيران، سيضطر نصر الله إلى الرد بكل قوته ضد إسرائيل.

البديل الثالث: حملة شاملة على لبنان وبنيته التحتية

في ظل هذه الظروف، هناك عدد لا بأس به من المسؤولين الإسرائيليين الذين يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يسيطر على خطوات التصعيد مقابل حزب الله من خلال الاستعداد لتدمير الأصول الرئيسية لدولة لبنان، التي تخضع بالفعل لسيطرة حزب الله. ووفقا لهم، فإن ثمن الأضرار التي لحقت بالبلدات الإسرائيلية يجب أن يصبح غير محتمل من خلال تدمير البنى التحتية الوطنية مثل محطات الطاقة وطرق المواصلات. فحجم الضرر سيجبر الدولة اللبنانية على تغيير اتجاهها والعمل على كبح نشاط حزب الله على أراضيها.

ميزة هذا البديل واضحة: تنفيذه سيُعهد، في معظمه، إلى سلاح الجو الذي يتمتع بالتفوق المطلق في مجال العمليات وسيكون قادرًا على الوصول إلى أي هدف يتم تحديده وجباية ثمن باهظ بمستوى منخفض من المخاطرة – دون الصعوبة الكبيرة المصاحبة للعملية البرية (في ضوء الذاكرة التي رسختها الحروب السابقة في لبنان).

كما أن العيوب واضحة أيضا. الدروس المستفادة من الصراعات حتى الآن، تشير في كل من لبنان وغزة، إلى أن تدمير البنية الأساسية والأضرار الجانبية الواسعة النطاق لم يكن له سوى تأثير محدود على استعداد الكيانات الهجينة ـ المنظمات الإرهابية التي تشكل الحكومة أيضاً ـ لقبول شروط إسرائيل. ليس هناك ما يضمن أن يؤدي تدمير الموانئ والطرق ومحطات الطاقة في لبنان إلى توقف حزب الله، الذي يعتبر نفسه منظمة جهادية، عن القتال. لا يمكن تعطيل قدرته على ضرب أهداف في عمق الأراضي الإسرائيلية بشكل كامل بواسطة الهجمات الجوية فقط. ردود الفعل الدولية قد تتصاعد وتؤدي إلى نزع الشرعية عن عمليات الجيش الإسرائيلي. علاوة على ذلك، فإن إسرائيل نفسها ليس لديها مصلحة في التدمير الكامل للبنان، كدولة فاشلة (failed state) والتسبب بظهور واقع فوضوي على الحدود الشمالية، من شأنه أن يجر إسرائيل إلى مشاركة أعمق وحتى المسؤولية عن جهود إعادة الإعمار.

 

البديل الرابع: التركيز على ضرب حزب الله

والطريقة الأخرى، في جوهرها، لإدارة حرب شاملة في لبنان، هي التركيز، على المستويين الاستراتيجي والعملياتي، على تدمير قدرات حزب الله العسكرية بأسرع ما يمكن وعلى نطاق واسع. حتى في هذا المخطط التفصيلي، لن يكون من الممكن تجنب إلحاق ضرر كبير بغير الضالعين، ولكن سيكون من الممكن التوضيح أن الهدف ليس لبنان نفسه، أو مواطنيه، بل حزب الله كقوة عسكرية. الطريقة التي اختارت بها إسرائيل الرد على مذبحة مجدل شمس، من خلال التصفية المستهدفة والدقيقة للقائد العسكري الأعلى في المنظمة، تشير إلى تفضيل مسار العمل هذا ضد حزب الله، على التسبب بضرر واسع النطاق للدولة اللبنانية.

ليس هناك مفر من حقيقة مفادها أن هذا البديل سوف يتطلب جهداً عسكرياً مختلفاً جوهرياً، وسوف يكلف ثمن دماء أعلى. سوف يتطلب ذلك مزيجاً، سبق أن تجلى بالفعل في غزة، بين المناورات البرية واسعة النطاق والعدوانية، والدعم الناري الفعال، وبذل جهد لحماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية من وابل الصواريخ، والطائرات بدون طيار، وقدرات فردية للدعم الاستخباراتي للعمليات، التي اجتازت الاختبار الأول بنجاح في 25 أغسطس. وفي الوقت نفسه، سيكون لزاماً على إسرائيل أن تواجه التحدي الاستراتيجي المتمثل في محاولات الأطراف الأخرى التدخل في القتال.

ومع ذلك، وعلى الرغم من الصعوبة الواضحة التي تنطوي عليها المناورة البرية في لبنان، فإن هذا البديل الرابع هو البديل الذي تفضله المؤسسة الأمنية، والذي كان الجيش الإسرائيلي يعد نفسه له منذ أكثر من عقد من الزمن. ويمكن أن يساعد في جسر الخلافات في المواقف مع واشنطن؛ وتحديد الوقت اللازم للجيش الإسرائيلي لإكمال العملية؛ وربما خلق واقع سياسي جديد في لبنان، في نهاية القتال، يكون فيه حزب الله أضعف من أن يمنع مجموعة القوى (المتنوعة) في البلاد، التي ترى فيه وبالإيرانيين كمحتل أجنبي، من الوقوف ضده والاستعداد لإقامة علاقات أخرى مع إسرائيل. ومن بين البدائل – وكلها تنطوي على مشاكل، ولكل منها طريقته – قد يكون هذا هو مسار العمل المفضل.

——————————————–

هآرتس ذي ماركر 25/9/2024

الحرب في لبنان يمكن أن تساعد الاقتصاد، شريطة ادارتها مثل حرب لبنان الثانية

بقلم: ميراف ارلوزوروف

في النسخة المتفائلة فان الحرب يمكن أن تكون سيناريو ممتاز للاقتصاد. الحرب مع حزب الله الآن، بعد سنة دفع فيها الاقتصاد في اسرائيل ثمنا باهظا للمراوحة امام المنظمة الارهابية في الشمال وامام حماس في الجنوب، يمكن أن تساعد جدا اقتصاد اسرائيل المتعثر.

لا يجب الذهاب بعيدا. يمكن تذكر دروس حرب لبنان الثانية: حرب قصيرة نسبيا، بدون أن نجد انفسنا في المراوحة بعدها، التي اضرت بشكل كبير بقدرة حزب الله، وازالت بالفعل تهديد جبهة في الشمال مدة 18 سنة. من غير الغريب أن الاقتصاد الاسرائيلي سارع في النمو على الفور بعد انتهاء الحرب.

في لجنة ميغل، التي تفحص بنية القوة وميزانية الدفاع، هناك من يعلقون الآمال على الجبهة التي فتحت في هذا الاسبوع. اعضاء اللجنة يجب عليهم تحديد ميزانية الدفاع للعقد القادم، وهم ممزقون تحت عبء احتياجات منظومة الدفاع امام قيود الميزانية القاسية.

الجبهة في الشمال يمكن أن تخفف تشوش اعضاء اللجنة. عمليا، التهديد في الجنوب لحماس تمت ازالته. لا يهم كيف ومتى ستخرج اسرائيل من قطاع غزة. حماس اصبحت لا تشكل أي تهديد استراتيجي في السنوات القريبة القادمة.

حرب “جيدة” مع حزب الله يمكن أن تتركه متعب وأن تزيل التهديد ايضا من الشمال. هذا يعني أن تهديدين من بين الثلاثة تهديدات البرية على اسرائيل (سيبقى فقط تهديد المليشيات العراقية الموجودة في سوريا) سيتم تحييدهما في السنوات القريبة القادمة، الامر الذي سيخفف على اللجنة اتخاذ القرار حول ميزانية الدفاع.

جئنا، حاربنا، دمرنا، حصلنا على الردع وخرجنا

كل ذلك مرهون فقط بأن تكون الحرب مع حزب الله هي حرب “جيدة”. نوع من حرب لبنان الثانية: جئنا، حاربنا، دمرنا، حصلنا على الردع وخرجنا. هذه العملية ايضا باهظة الثمن. تكلفة الحرب في لبنان هي 20 – 100 مليار شيكل. هذا متعلق فقط بمدة الحرب واذا كان دخول بري أم لا. الحرب مع حماس كلفت حتى الآن نحو 110 مليارات شيكل. هكذا، الحرب في جبهة الشمال بسهولة يمكن أن تضاعف تكلفة الحرب. هذه تكلفة ضخمة، لكن على فرض أن اسرائيل ليست في ازمة مالية، أي أن الدولة ستنجح في تجنيد الـ 100 مليار شيكل حتى لو كان ذلك بفائدة مرتفعة، فان الاقتصاد يمكنه مواجهتها.

توجد هنا ملاحظات هامة. الاولى هي أنه لا توجد ازمة مالية. الثانية هي أن ندير حرب مثل حرب لبنان الثانية. الخوف هو من امكانية الغرق في الوحل اللبناني. ايضا هنا لا يجب الذهاب بعيدا. فحرب لبنان الاولى كانت هكذا بالضبط، بائسة، ودولة اسرائيل صممت على عدم وقفها واطالتها الى 18 سنة من المراوحة في المكان من خلال المنطقة الامنية في جنوب لبنان.

ليس بالصدفة أن حرب لبنان الاولى تنسب للازمة الاقتصادية الخطيرة التي غرقت فيها في الثمانينيات، والتي وصلت الى الانهيار الاقتصادي تقريبا. ازمة التضخم المرتفع جدا تأثرت ايضا بالتورط في لبنان وعجز الحكومة في اتخاذ قرارات صعبة في أي مجال، السياسي، الامني أو الاقتصادي. فقط حكومة الوحدة برئاسة شمعون بيرس هي التي نجحت في تجنيد بما فيه الكفاية من الشجاعة والدعم من اجل انقاذ الاقتصاد من الازمة بواسطة خطة الاستقرار.

الفجوة بين حرب لبنان الاولى والثانية تحوم فوقنا الآن ازاء السلوك السيء لحكومة اسرائيل منذ اندلاع الحرب. اسرائيل اصبحت تظهر كغارقة في وحل غزة بدون قدرة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على فهم قيود القوة، وتقصير الحرب. رغم أن حماس لم تعد تشكل أي تهديد استراتيجي، مع أو بدون محور فيلادلفيا، إلا أن نتنياهو يصمم على مواصلة القتال في غزة ويهدد بتدهور اسرائيل الى المراوحة المستمرة في المكان، عسكريا واقتصاديا. ازاء هذا الوضع يصعب التقدير ما هي احتمالية ادارة الحرب مع حزب الله بشكل مختلف، مع استخدام اداة الضغط في محاولة للتوصل الى تسوية سياسية معه في اسرع وقت، أو حتى وقف الحرب بدون تسوية سياسية، لكن مع وضع الحقائق على الارض تتمثل في ابعاد حزب الله عن الحدود. هذا يحتاج الى الشجاعة والقدرة على اتخاذ القرارات، وهذه صفقات نتنياهو ليس قويا فيها.

فهم قيود الاقتصاد

حتى اندلاع الجبهة في الشمال فان الجيش الاسرائيلي التزم بالميزانية المحددة له للعام 2024، 160 مليار شيكل، لكنه لم يلتزم بتخصيصها. من بين الـ 160 مليار شيكل، 66 مليار تم تخصيصها لنفقات الحرب المباشرة. عمليا تكلفة الحرب بالنسبة للجيش يبدو أنها ارتفعت الى 70 – 80 مليار شيكل. هذا يعتبر تجاوز بمبلغ 10 مليارات شيكل عما خطط له. التجاوز نبع ايضا من اطالة الحرب في غزة اكثر مما هو متوقع في الميزانية، وايضا من انفاق الجيش على الذخيرة واستخدام ايام الاحتياط. هذا التجاوز نجح الجيش في اقتطاعه من الميزانية المخصصة للتسلح (بناء القوة)، أي أن الجيش الاسرائيلي حول 10 مليارات شيكل من التقوي الى الاستخدام الآني، مع البقاء في اطار الـ 160 مليار شيكل. هذا يعتبر نجاح جزئي للجيش في الميزانية، لأن الامر يتعلق باهمال المستقبل لصالح الحاضر. ولكن عند اخذ الظروف في الحسبان فان هذا لا يعتبر أمر فظيع. الآن عندما تغيرت الظروف وميزانية الدفاع ستزيد 20 – 100 مليار شيكل فان معظم النفقات ستكون في العام 2025، وهذا في كل الحالات لا يغير الكثير.

ما يغير وبحق وبشكل كبير هو الحكمة في ادارة الحرب، وادارة الاقتصاد. استيعاب وفهم قيود الاقتصاد في اسرائيل من ناحية موارد القوة البشرية والتسليح والموارد الاقتصادية، سيمكن من الخروج من هذه الحرب بسلام من كل النواحي.

——————————————–

يديعوت احرونوت 25/9/2024

ايران لن تسارع الى دفع الثمن

بقلم: د. راز تسيمت

باحث كبير وخبير في الشؤون الإيرانية في معهد بحوث الامن القومي وفي مركز اليانس للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب

المرحلة الجديدة في المعركة بين إسرائيل وحزب الله تمسك ايران في توقيت ليس مريحا من ناحيتها. ففي هذه الأيام يركز الحكم الإيراني على هجمة دبلوماسية بإدارة الرئيس مسعود بزشكيان لتحقيق ترتيب سياسي محتمل مع الولايات المتحدة في اطار النووي. وكان بزشكيان وصل هذا الأسبوع الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك برفقة مستشاريه، وعلى رأسهم وزير الخارجية عباس عرقجي، ممن كانوا في طاقم المفاوضات النووية التي أدت الى التوقيع على الاتفاق التاريخي في صيف 2015.

من السابق لاوانه ان نقدر اذا كانت القيادة الإيرانية بقيادة علي خامينئي تسعى بالفعل الى ترتيب في مسألة النووي، ام أن كل هدفها هو كسب الوقت حتى أكتوبر 2025، حين ينتهي مفعول البند الذي يسمح للدول الأوروبية التي تبقت في الاتفاق النووي استئناف العقوبات ضد ايران دون إمكانية فيتو في مجلس الامن في الأمم المتحدة. مهما يكن من أمر فان آخر ما يعني ايران في ذروة المعركة الدبلوماسية الحالية هو الانجرار الى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل فما بالك مع الولايات المتحدة.

منظومة الاضطرارات والاعتبارات الإيرانية لم تتغير بشكل جوهري في الأشهر الأخيرة. فمن بداية الحرب في غزة سعت ايران لوقف نار يبقي على قدرات حماس السلطوية في غزة ومعظم القوة العسكرية لحزب الله. ومع اطالة الحرب، عملت ايران على استنزاف إسرائيل في معركة عسكرية طويلة ومتعددة الساحات دون أن تكون هي نفسها مطالبة بان تدفع على ذلك ثمنا كبيرا جدا. في اعقاب التصعيد الخطير في لبنان في الأسبوع الماضي شجبت ايران بشدة العمل الإسرائيلي وطلبت من الاسرة الدولية العمل على وقف الهجمات الواسعة للجيش الإسرائيلي. وقال الرئيس الإيراني في مقابلة مع شبكة “CNN” محظور جعل لبنان “غزة أخرى” على ايدي إسرائيل وان حزب الله لا يمكنه أن يقف وحده ضد دولة ذات منظومات سلاح مثل إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة. وشدد وزير الخارجية عراقجي في حديث مع صحافيين في نيويورك على ان ايران لن تبقى لا مبالية في ضوء هجمات إسرائيل وستدعم لبنان. ونفى حتى الاقتباسات التي نسبت للرئيس الإيراني في حديث مع صحافيين أمريكيين بالنسبة لاستعداد ايران لتبديد التوتر مع إسرائيل.

ومع ذلك واضح أن ايران تمتنع في هذه المرحلة عن التعهد بتدخل عسكري مباشر في المعركة الى جانب حزب الله. وحذر مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة من الوقوع في الشرك الذي تعهد إسرائيل لإيران. فالرئيس بزشكيان اتهم إسرائيل بانها تسعى الى حرب واسعة في الشرق الأوسط وتحاول نصب شرك كهذا يجر بلاده الى مواجهة شاملة. واعلن وزير خارجيته ان ايران يقظة تماما لسعي إسرائيل الى الخروج من الطريق المسدود الذي علقت فيه في غزة من خلال جر ايران والولايات المتحدة الى معركة، وان ليس في نيتها الوقوع في هذا الشرك.

إضافة الى ذلك، من ناحية ايران لا يوجد في هذه المرحلة سبب حقيقي للتدخل في القتال بشكل مباشر. فبخلاف التقديرات المتفائلة التي تسمع في الأيام الأخيرة في إسرائيل في اعقاب سلسلة الإنجازات حيال حزب الله، في ايران لا يزال يعلقون املا في قدرة المحور الإيراني بقيادة حزب الله على إيقاع ضرر جسيم لإسرائيل من خلال القدرات الكبيرة التي لا تزال متبقية في يديه. لا شك ان الضربات التي وجهت لحزب الله استقبلت في طهران بمفاجأة وبقلق. ومع ذلك، لا تزال القيادة الإيرانية تعتقد بانه رغم نزع قدرات حزب الله من قبل الجيش الإسرائيلي ليس في يد إسرائيل القدرة على هزيمة المنظمة وهي من المتوقع بالتالي ان تنجر الى حرب استنزاف طويلة ازائها وبخاصة اذا قررت خطوة برية في لبنان. حرب كهذه ستنهك إسرائيل عسكريا ومدنيا ولن تسمح لها بتحقيق أهدافها – سواء حيال قطاع غزة ام حيال الجبهة الشمالية، وعلى رأسها هزيمة حماس، إعادة المخطوفين وإعادة سكان الشمال الى بيوتهم.

في هذا الواقع، يمكن لإيران ان تكتفي في هذه المرحلة بتشديد الضغط على إسرائيل من خلال استخدام أوسع للميليشيات الشيعية من العراق، من سوريا ومن اليمن، لكن دون تدخل مباشر. ضربة جسيمة ومتواصلة لقدرات حزب الله الاستراتيجية كفيلة باحداث تغيير في تقدير ايران بقدرتها على الإبقاء على المنظمة كذراع استراتيجي أساس لردع إسرائيل وللرد في حالة هجوم على منشآتها النووية. مثل هذا السيناريو الخطير كفيل بان يلزمها بالتدخل بشكل مباشر كي تنقذ مشروع حزب الله الذي عملت على تطويره على مدى عشرات السنين. ومع ذلك يمكن الافتراض بان حربا شاملة وواسعة بين إسرائيل وحزب الله، تتضمن أيضا ضربة للبنى التحتية الوطنية في لبنان (وعلى ما يبدو في إسرائيل أيضا) ستؤدي الى زيادة الضغط الداخلي والدولي والى فرض وقف نار على الطرفين حتى قبل ان تكون ايران مطالبة بان تتدخل في الحرب بشكل مباشر.

——————————————–

إسرائيل اليوم 25/9/2024

معادلة جديدة: سكان جنوب لبنان لن يعودوا الى بيوتهم قبل سكان الشمال

بقلم: عوديد غرانوت

القنبلة التي القاها امس في المقابلة الصحفية رئيس ايران مسعود بزشكيان كادت تبتلع في أصداء القنابل التي اسقطها سلاح الجو على مئات أهداف حزب الله في ارجاء لبنان. خلاصة الرسالة: نحن في ايران لا يمكننا أن نسلم بتحويل لبنان الى غزة ثانية – وحزب الله وحده، بدون مساعدة من الخارج لن يتمكن من منع ذلك.

عني محللون لبنانيون وآخرون بمحاولة فهم اذا كان هذا تهديدا تجاه إسرائيل والغرب ويفيد بان اتساع المعركة في لبنان سيجبر ايران على الانضمام اليها أم العكس بالضبط: إشارة الى حزب الله بان يحظر الا يحطم كل الأواني في المواجهة مع إسرائيل كي لا يسرع نشوب حرب لبنان الثالثة.

تردد بزشكيان

إضافة بزشكيان في المقابلة التي جاء فيها ان “طهران لا تريد الحرب” كفيلة بان تلمح بانه وجه أقواله الى حزب الله بالذات. ففي ايران، التي امتنعت حتى الان حتى عن الثأر لتصفية هنية، يفهمون بان مواجهة شاملة في الشرق الأوسط في الوقت الحالي من شأنها ان تؤدي ليس فقط الى سحق حزب الله ”المعقل المتقدم للجمهورية الإسلامية”، بل وأيضا الى المس بحقول النفط ومنشآت النووي لديها.

لم تكن هذه هي المحاولة الوحيدة لتحذير نصرالله من أن يصعد اكثر فأكثر في ردود فعله الوضع المتوتر على أي حال. ففي لبنان يروون ان الولايات المتحدة أبلغت في اليوم الأخير رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري بان “الخطوة الدبلوماسية فشلت والان لم يتبقَ أي طريق لكبح إسرائيل”.

خلفاؤه يقفون جانبا

نصرالله لا يحتاج لهذه الرسائل كي يفهم بانه صحيح حتى الان بقي وحده، بكل معنى الكلمة. وحيدا في محور، فيما أن باقي الجبهات، بما فيها تلك الإيرانية لا تزال تقف جانبا. وحيدا أيضا في الداخل، بينما معظم القادة الكبار الأكثر قربا منه صفتهم إسرائيل. وهذا تواصل أمس أيضا، مع تصفية رئيس منظومة الصواريخ في المنظمة.

مئات “المشبوهين” اعتقلوا

هذه العزلة، الى جانب الخوف من أنه “في كل زاوية يختبيء جاسوس او عميل مع إسرائيل”، تعمق فقط ضائقة الأمين العام. فمنذ بداية الحرب اعتقل حزب الله اكثر من 400 مشبوه منهم 130 اعتقلوا بعد تفجير أجهزة الاشعار المنسوب لإسرائيل. الحراسة على نصرالله اكثر تشددا من أي وقت مضى. والخطاب الذي القاه يوم الخميس الماضي سجل مسبقا لأول مرة، ولم ينقل بالبث الحي والمباشر من الخندق خوفا من ضربة مباشرة.

لكن كل هذه – التصفيات المركزة، القصف الواسع، هجمات السايبر، التحذيرات من كل الاتجاهات واحساس الضائقة والملاحقة – لم تتسبب له بعد بان ينزل عن الشجرة. وبخلاف ما نشر في إسرائيل، فان قسما هاما من منظومة صواريخه للمدى البعيد، بما فيها الدقيقة مخزنة في الخنادق ولم تتضرر بقصف سلاح الجو. كما أنه يقدر بانه سيتمكن من التصدي لغزو بري من الجيش الإسرائيلي الى جنوب لبنان بنجاح اكبر مما للتصدي للتفوق التكنولوجي الإسرائيلي.

استغلال الهروب

في النظرة الإسرائيلية أيضا، يجب الاعتراف بانه رغم الضربات القاسية التي أوقعت على المنظمة وعلى رئيسها في الأسبوع الماضي لم يسجل تقدم في تحقيق أي من الهدفين: الفصل بين ساحة لبنان وساحة غزة وإعادة سكان الشمال الى بيوتهم بامان. فحزب الله لا يوقف النار.

من بين روافع الضغط القليلة على نصرالله توجد واحدة لم تجرب بعد لكن واضح انها وحدها لن تكفي. اكثر من 100 الف من سكان جنوب لبنان معظمهم شيعة، هربوا منذ الان شمالا في اعقاب الهجمات الجوية الإسرائيلية. بعض منهم وجدوا ملجأ في نحو 100 مدرسة وآخرون لدى أقرباء لهم في جنوب بيروت. الهروب يتواصل أيضا من منطقة البقاع والاكتظاظ كبير وشروط المعيشة قاسية.

بخلاف السنوار الذي تساوي حياة الغزيين بالنسبة له كما تساوي قشرة الثوم، فان نصرالله اكثر حساسية تجاه ضائقة أبناء الطائفة الشيعية الذين اضطروا لهجر قراهم. على إسرائيل أن تستغل الهروب الجماعي كي تخلق معادلة جديدة: سكان جنوب لبنان لن يتمكنوا من العودة الى بيوتهم الى أن يعود كل سكان الشمال في إسرائيل بامان الى بيوتهم. مقابل كل بيت في بلدة إسرائيلية يصاب بصواريخ حزب الله سيدمر أيضا بيت في جنوب لبنان.

——————————————–

يديعوت احرونوت 25/9/2024

ليس ضغطا عسكريا فقط

بقلم: غيورا آيلند

منذ أسبوع والجيش الإسرائيلي ينجح في ضرب حزب الله بشكل مبهر للغاية. معقول أن يكون نصرالله يأسف اليوم على قراره المتسرع بفتح الجبهة الثانية ضد إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023. معقول أكثر ان يكون نصرالله تواقا اليوم لان تتحقق صفقة في غزة، صفقة تؤدي الى وقف نار في الجنوب وتعطيه مخرجا مشرفا لانهاء الحرب.

لو كانت المواجهة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله تجري في ميدان معركة صحراوي بعيد فلا شك أنه سيكون ممكنا وصف المعركة كانتصار كبير لنا، غير أن الوضع اكثر تعقيدا. فمع التصعيد الناشيء ستزداد أيضا الإصابة في الجهة الداخلية الإسرائيلية. ويثور الان السؤال ماذا ينبغي لإسرائيل أن تفضله بين الامكانيتين: ان تواصل القتال كي تصفي مزيدا فمزيدا من قدرات حزب الله، قدرات بناها بعناية على مدى 18 سنة، ام تستغل الزخم العسكري والارباك في الجانب الاخر كي تحاول خلق وضع سياسي وامني جديد.

من المجدي ان نفهم الاختلاف الكبير بين غزة ولبنان. كل اللاعبين الهامين في الساحة الدولية، من فرنسا، الولايات المتحدة والسعودية من جهة، وحتى ايران وروسيا من جهة أخرى، لا يريدون شيئين: ان تدمر دولة لبنان، وان تتحول المواجهة في لبنان الى حرب إقليمية.

القاسم المشترك هذا هو تفوق كبير لإسرائيل. ليس واضحا لماذا يتناكف نتنياهو مع رئيس فرنسا ومع زعماء آخرين. فمعظم زعماء العالم، بمن فيهم بوتين، وضمنا حتى رئيس ايران، يدعون الى وقف الحرب في لبنان، وعمليا الى الفصل بين غزة وبين الساحة الشمالية. وإسرائيل يمكنها ان تقول ببساطة: إسرائيل سيسرها انهاء الحرب في الشمال اذا ما نشأت بالفعل شروطا وتوافقات على نظام جديد في الحدود بين إسرائيل ولبنان.

بقدر ما يتعلق الامر بإسرائيل، ورغم الاغراء الذي في مواصلة ضرب حزب الله من الأفضل لنا أن نوافق على انهاء الحرب في هذه الجبهة اذا ما اقترحت القوى العظمى تسوية تبعد حزب الله عن الحدود.

توجد لهذا أربعة أسباب. أولا، سيكون ممكنا محاولة ترميم الشمال قبل أن تصبح هذه مهمة متعذرة. ثانيا، ستكون هذه فرصة لترميم المكانة الدولية لإسرائيل، بما في ذلك إزالة حظر جزئي أو كامل للسلاح من جانب دول كثيرة. ثالثا، مرغوب فيه في هذه المرحلة الامتناع عن خطر مواجهة مباشرة مع ايران. رابعا، اقدر بانه ستبدأ صحوة في الغرب بالنسبة للضرر الذي تلحقه ايران بالمنطقة. لا يدور الحديث عن التهديد على إسرائيل (هذا ليس هاما جدا للاخرين) ولا حتى عن البرنامج النووي. يدور الحديث عن خليط فتاك لاستقرار المنطقة كنتيجة لعنصرين في السياسة الإيرانية. الأول هو تدمير الدول من الداخل وذلك من خلال وجود الميليشيات، التي مثل السرطان تفكك جوهر وجود الدول القومية. لقد نجح ايران حتى الان في لبنان وفي اليمن ونجحت جزئيا في العراق وفي سوريا، لكن الشهية الإيرانية بقيت كبيرة. الدول التالية في التابور هي السودان، الأردن والبحرين، وبعدها السعودية. العنصر الثاني من السياسة الإيرانية هو منح سلاح متطور لتلك الميليشيات. لا يدور الحديث إذن عن “منظمات إرهاب” مع كوفية وكلاشينكوف، بل عن جيوش مع قدرات دولة زائد. فلكم دولة في العالم توجد صواريخ حتى مدى 2000 كيلو متر مثل الحوثيين؟ لكم دولة في العالم توجد ترسانة سلاح مثل حزب الله؟ الغرب يبدأ في الفهم بان لا يدور الحديث فقط عن إسرائيل بل عن استقرار المنطقة كلها، وكفيل بان يطرح مطالب (اقتصادية أساسا) متشددة تجاه ايران. من الأفضل إن الارتباط بهذا النهج الدولي بدلا من الاصطدام به.

بكلمات أخرى، سيكون ممكنا المطالبة بتفكيك حزب الله من خلال ضغط دولي على ايران وعلى لبنان في ظل التلويح بالقدرة العسكرية الإسرائيلية المبهرة مثلما تثبت هذه الأيام.

ويوجد سبب آخر لهذا التفضيل. لأول مرة نشأ وضع تكون فيه لإيران مصلحة واضحة للضغط على حماس للوصول الى صفقة، إذ ان الامر كفيل بان ينقذ شرف نصرالله. مشكوك أن تكون ايران (او أي جهة أخرى) قادرة على ان تؤثر على السنوار الحي او الميت، لكن يحتمل أن تكون توجد فرصة.

——————————————–

معاريف 25/9/2024

هل نتحدث مع ايران؟

بقلم: مايكل هراري

وسعت حرب “السيوف الحديدية” المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية الى عدة جبهات بما في ذلك لأول مرة مواجهة مباشرة بينهما. يدور الحديث عن مستوى لم نشهده من قبل وواضح جهد لمنع اتساعها وتعميقها. الأيام القريبة القادمة ستجسد بالملموس اذا كانت الدولتان ستنجحان.

جدير ان يتلقى موضوع الحوار الإسرائيلي – الإيراني مزيدا من الاهتمام والتفكير في ضوء تطورات غير المسبوقة الان. فالاستطلاع السنوي لمعهد “ميتافيم” (تموز 2024) فحص هذه المسألة في إطار علاقات إسرائيل مع اللاعبين الإقليميين. في فحص الامكانية لخلق مسار حوار وتبادل رسائل مع ايران (عبر طرف ثالث)، 42 في المئة اعتقدوا بان هذا لن يؤثر كثيرا على التصعيد بينهما؛ 38 في المئة اعتقدوا بان هذا كفيل بان يجدي إسرائيل؛ و 20 في المئة اعتقدوا بان هذا يمكنه ان يضر بإسرائيل.

أرغب في أن اتعلق بالذات باولئك الـ 38 في المئة الذين اعتقدوا بان حوارا من هذا القبيل كفيل بان يجدي إسرائيل. فالمنطق يقول ان إسرائيل لا تستوعب بالقدر الكافي الواقع الإقليمي الجديد الذي تثبت في السنوات الاخيرة، ابتداء من حرب الخليج الثانية واسقاط نظام صدام حسين في العراق، وحتى تداعيات “الربيع العربي” على المنطقة بأسرها. وبالنسبة لقضيتنا، يدور الحديث عن مسيرة تعزيز قوة ايران، وتحولها عمليا الى قوة عظمى إقليمية. لقد ثبتت هذه المسيرة بشكل واضح في اثناء السنة الأخيرة.

بشكل مشابه ومشوق، فان التطورات الإقليمية، مع التشديد على “الربيع العربي”، الضعف الجماعي العربي، اتفاقات السلام المستقرة مع مصر والأردن والمسيرة مع الفلسطينيين ساهمت بتعزيز مكانة إسرائيل الاستراتيجية. اضف الى هذا قوتها الاقتصادية والتكنولوجية وستحصل على إسرائيل كقوة عظمى إقليمية بما في ذلك (واساسا) في عيون الناظرين من الخارج.

وعليه فان امامنا قوتين عظميين اقليميتين تطلبان “اعترافا” بمكانتيهما، كل واحدة بطريقتها. الحجة الأساس هي ان الاستراتيجية التي اتخذتها إسرائيل على مدى السنين لم تنجح في تقليص الميول السلبية النابعة من تعاظم قوة ايران. فضلا عن ذلك فان الظروف الإقليمية الحالية في الشرق الأوسط تشكل فرصة لإسرائيل لبلورة استراتيجية جديدة في السياق الإيراني. لا يعني الامر التخلي عن الوسائل العسكرية بل ربطها بذلك. فالحرب تثبت انه رغم الفشل الاستخباري، العسكري – السياسي في 7 أكتوبر، إسرائيل تنجح في التصدي لجملة الجبهات التي تصطدم بها، بما فيها المباشرة بينها وبين طهران. واضافة الى ذلك، فان التسويات السياسية – اتفاقات السلام مع مصر والأردن، اتفاقات إبراهيم وحتى منظومة العلاقات مع السلطة الفلسطينية – لم تتضرر جوهريا او تنهار بعد سنة طويلة ودامية من الحرب. ان حوارا إسرائيليا – إيرانيا كما يقترح، يجب أن يعترف بالمصالح الخاصة للدولتين: ايران تسعى للحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها الإقليمية. إسرائيل تسعى للحفاظ على ما هو موجود وتعميقه لاجل الاندماج في المنطقة.

هذا الحوار لا يتناقض مع سعي إسرائيل لتوسيع منظومة علاقاتها الإقليمية، بما فيها مع السعودية. فالسعودية، التي ترى في النظام الإيراني تهديدا وجوديا، اقامت علاقات دبلوماسية وتجري حوارا علنيا مع طهران ولا ترى في ذلك تناقضا مع تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. حذار على إسرائيل (وعلى ايران) “المبالغة كثيرا”، عليهما ان تستوعبا الواقع الاستراتيجي الإقليمي لاجل خلق تفاهم افضل بينهما، وإقامة إطار متواضع للحوار بينهما.

——————————————–

هآرتس 25/9/2024

في إسرائيل يأملون أن تدفع الهجمات على حزب الله الى التسوية، لكن حرب الاستنزاف قد تستمر زمنا طويلا

بقلم: عاموس هرئيلِ

بعد اكثر من 500 قتيل في الهجمات الجوية الشديدة لاسرائيل على لبنان منذ يوم الاثنين اطلق حزب الله الكثير من الصواريخ نحو شمال البلاد، منطقة حيفا والاغوار والسامرة، ولكن حتى الآن امتنع عن الاطلاق نحو تل ابيب الكبرى. الرد المحدود نسبيا حتى الآن جغرافيا حتى الآن يمكن أن يعكس قوة الضربة لمنظومات قيادة وسيطرة حزب الله الشيعي والتدليل على التخبط في القيادة العليا، التي معظم القادة في ذراعها العسكري قتلوا في عمليات الاغتيال التي نفذها الجيش.

رئيس حزب الله، حسن نصر الله، تفاخر خلال سنوات باسلوب المعادلات، التي بواسطتها حاول ترسيخ ميزان ردع امام اسرائيل. كما يبدو بعد هجمات كثيفة جدا، شملت ثلاث عمليات اغتيال جوية في بيروت، في الاخيرة من بينها قتل أمس قائد منظومة الصواريخ في حزب الله ابراهيم القبيسي، فان ابواب جهنم يمكن أن تُفتح. هذا لم يحدث حتى الآن.

سياسة حزب الله حتى الآن يمكن أن تتغير، وبامكان الحزب أن يلحق اضرار كبيرة باسرائيل، سواء في شمال البلاد أو في الوسط. يفضل عدم ارتكاب خطأ بتفاؤل سحري، رغم الضربات المؤلمة جدا التي لحقت بحزب الله في الاسبوع الماضي، إلا أنه يبدو أنها الاسوأ في تاريخه. اذا كان التأخير حقا هو نتيجة التخبط فهذا يحدث كما يبدو لأن حزب الله يدرك أن الاطلاق نحو المركز سيؤدي الى هجوم مدمر لاسرائيل سيركز على الضاحية، الحي الشيعي في جنوب بيروت والذي هرب اليه الكثير من اللاجئين من قرى الجنوب.

في حين أن استخدام كثيف للسلاح الاستراتيجي مثل الصواريخ بعيدة المدى والمدى المتوسط يمكن أن تتسبب بأضرار قاسية لاهداف عسكرية ومنشآت بنى تحتية استراتيجية في وسط اسرائيل، مرهون بموافقة ايران. النظام في طهران قام ببناء هذه القدرة في لبنان لاستخدامها كردع ضد اسرائيل أمام مهاجمة المنشآت النووية في ايران. وهو الآن يجب عليه اتخاذ قرار اذا كان تفعيلها الآن، الامر الذي انجر اليه بسبب هجوم منسق من قبل حماس في غزة وتصميم حزب الله على مهاجمة اسرائيل كمظهر من التضامن مع الفلسطينيين، يبرر الثمن.

يبدو أن حسن نصر الله مرة اخرى اعتقد أنه يعرف الاسرائيليين افضل مما يعرفون هم انفسهم. ومرة اخرى مثلما في 2006 راهن على مغامرة ثمنها اعلى مما خطط له. حزب الله طرح نفسه خلال السنين كمثال يفتخر به في الطائفة الشيعية وكمدافع عن كل لبنان. الآن، كما حدث لحماس في غزة، يبدو وكأنه انزل كارثة على كليهما. على فرض أن ايران وبحق قامت ببناء “برنامج تدمير” يهدف الى هزيمة اسرائيل خلال بضع سنوات، ربما يتعين عليها الآن العودة الى طاولة الرسم. حماس كمنظمة عسكرية فقدت في السنة الماضي جزء كبير من قدراتها في الحرب مع الجيش الاسرائيلي. الآن قتل وأصيب الكثير من القادة الكبار في حزب الله، واصيبت منظوماته الاستراتيجية في فترة قصيرة جدا.

كل ذلك لا يعني أنه يجب الانجرار وراء النشوة في الاستوديوهات التي تعكس بشكل مقلق ايضا المناخ السائد في المستوى السياسي وفي اوساط الجيش الاسرائيلي. في الحقيقة يمكن فهم من أين جاء ذلك. اسرائيل تكبدت فشل واهانة فظيعين في 7 اكتوبر وحسن نصر الله يهددها منذ سنوات. من الجيد رؤية أن مهنة الاستخبارات والتفكير العملياتي خلال عقدين في الساحة الشمالية تؤتي ثمارها في فترة الامتحان، في تناقض صارخ مع ما حدث في القطاع. ولكن من الجيد عدم تصديق العدد المبالغ فيه، الذي ينتشر في المستوى السياسي منذ مساء يوم الاثنين، القائل بأن نصف قوة حزب الله الصاروخية تم تدميره. والجيش الاسرائيلي لا يوجد لديه أي تأكيد لهذه الاعداد، أما التقديرات الحقيقية فهي متواضعة اكثر بكثير.

مصدر امني رفيع سئل عن الأمر قال إن الهجمات قلصت بشكل كبير التهديد الاستراتيجي للجبهة الداخلية من قبل حزب الله وايقاع ضربة منسقة وواسعة على اسرائيل. مع ذلك اعترف المصدر بأنه “ما زال يوجد لديه قدرة كبيرة على الاطلاق”. في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن اكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة تم تدميرها بشكل جماعي، اضافة الى حوالي 10 آلاف صاروخ اطلقها حزب الله، فان هذا ما زال لا يلغي التهديد. حزب الله يمكن أن يحاول التدمير وادارة حرب استنزاف، التي أدخل اليها مؤخرا مئات البلدات ومليون اسرائيلي. المس الكبير بالمواطنين الاسرائيليين سيولد مثلما في السابق ضغط عام على الحكومة كي تأمر الجيش الاسرائيلي بدخول اراضي لبنان وحل المشكلة، مرة والى الأبد (الأمل الذي تبدد على الاغلب).

في جهاز الامن يأملون أنه من خلال القصف من الجو سيتم خلق “امكانية كامنة للتسوية التي ربما يمكن استغلالها من اجل التوصل الى اتفاق جديد يقلص الخطر الذي يشكله حزب الله”، كما قال احد المصادر. هذا لن يحدث بسرعة، وفي كل الحالات القصد هو مواصلة الهجمات في الوقت الحالي.

غريغ كارلستروم، مراسل شؤون الشرق الاوسط في مجلة “ايكونوميست” احسن وصف الامور في “تويتر” عندما كتب: “لا توجد استراتيجية في أي مكان، سواء في اسرائيل أو في لبنان. حزب الله يقصف شمال اسرائيل منذ سنة، وكأن اخلاء سكان كريات شمونة هو هدف بحد ذاته. ولكنه فشل في تحقيق اهدافه الاستراتيجية مثل تخفيف الضغط العسكري على قطاع غزة أو فرض على اسرائيل وقف لاطلاق النار.

وحسب قوله فان “الضغط على حكومة اسرائيل ازداد واصبح من الاسهل على نتنياهو التصعيد وأخذ مخاطرة في لبنان. ولكن حتى ذلك الحين فان حسن نصر الله وضع نفسه في التزام تشكيل جبهة مساعدة لحماس. الآن هو يجد نفسه في شرك متوقع. هناك دعم قليل لحرب شاملة مع اسرائيل في اوساط اللبنانيين وأسياده في ايران. يوجد لاسرائيل تفوق واضح في التصعيد، ولكن اذا كانت فكرة اسرائيل هي أن حزب الله سيتراجع بسرعة وسيوافق على تطبيق القرار 1701 فان هذا يظهر كتمرين على التفكير بايجابية. هذا سيكون منطقي ولكنه مهين. لا يوجد لحسن نصر الله أي طريقة للنزول عن الشجرة وانقاذ صورته. واذا كانت اسرائيل تخطط للغزو البري لاقامة حزام امني جديد في اراضي لبنان فان التاريخ يعلمنا أن هذا أمر تافه”.

السلم المطلوب من اجل النزول عن الشجرة لم يوفره أي أحد حتى الآن لحسن نصر الله. الولايات المتحدة لم تستيقظ بعد من سباتها. الرئيس الامريكي في الحقيقة تطرق بشكل يفطر القلب الى المخطوفين الاسرائيليين في غزة، وطالب بانهاء الحرب في غزة وفي لبنان في الخطاب الذي القاه أمس في الامم المتحدة، لكنه لم يطرح أي مخرج جديد لهذه الضائقة. في الحقيقة توجد ضجة كبيرة حول صفقة محتملة جديدة تشمل الحل في غزة وفي لبنان. ولكن حتى الآن لم يتم الابلاغ عن أي تقدم حقيقي. في اقواله في الجمعية العمومية ظهر جو بايدن متعب وكأنه يحصي الايام قبل انتهاء ولايته. مستشاروه الكبار لا يبثون طاقة اكبر عندما يدور الحديث عن حل الازمات المعقدة والمتصاعدة في الشرق الاوسط.

نتنياهو الذي حتى الأمس نشر بأنه متردد بشأن توقيت ومدة سفره لالقاء خطاب في الامم المتحدة، يمكنه تعلم شيء أو شيئين من الرئيس المسن في كل ما يتعلق باظهار التعاطف مع عائلات المخطوفين والقتلى. هذا الامر اقل اثارة بالنسبة له الآن. في الوقت الذي اتباعه يمجدونه كعبقري استراتيجي، اوقع هزيمة بحزب الله بعد أن قام بتركيع حماس. كالعادة، النجاحات العملياتية هي له، والاخفاقات هي للمستوى الذي تحته.

في اوساط مؤيديه يتحدثون الآن فيما بينهم بحماس عن افكار اخرى مثل الغزو البري لجنوب لبنان واعادة اقامة منطقة امنية (هو نفسه ظهر اقل تحمسا، على الاقل من المركب البري)؛ أو اعادة السيطرة على شمال القطاع واحتلاله، بروحية افكار الجنرال احتياط غيورا آيلاند. في ظهوره في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست تحدث نتنياهو عن الحاجة الى اعادة المخطوفين المحتجزين لدى حماس، وقال إن نصفهم لم يعودوا على قيد الحياة. هذه هي المرة الاولى التي يتطرق فيها الى هذا التقدير في منتدى مفتوح نسبيا، الذي تسربت منه هذه الاقوال. القصد واضح وهو اعداد الجمهور للتنازل عن المخطوفين لأنه لا ينوي التوصل الى صفقة تلزمه بتقديم تنازلات مؤلمة. ربما من أجل تحدي هذه الامور فقد نشر أمس وزير الدفاع صورة له مع رئيس قسم الاسرى والمفقودين، الجنرال احتياط نيتسان الون، وكرر الالتزام بتحريرهم كهدف سام للحرب.

——————————————–

إسرائيل اليوم 25/9/2024،

بين النشوى والفشل: معضلة المعركة في لبنان

بقلم: اللواء احتياط عاموس ملكا

تجسد احداث الأسبوع الأخير في الساحة اللبنانية التناقضات الخاصة في وضعنا الاستراتيجي. من جهة، سلسلة حملات استخبارية عملياتية مبهرة على مستوى عالمي – على حدود النشوى الخطيرة، ومن جهة أخرى جملة تساؤلات عن إخفاقات السياسة في إدارة المعركة منذ 7 أكتوبر من العام الماضي.

ليس سرا أن الجيش الإسرائيلي اعد خططا قتالية للبنان منذ قبل اشهر طويلة بل وعرضها على أصحاب القرار. معقول الافتراض بان ما نفذ في الأسبوع الأخير قريب جدا من هذه الخطط، مع إضافة تحديثات استخبارية للزمن الحقيقي. وحتى الحرب النفسية، السيطرة على محطات الإذاعة ونجاح تحريك السكان شمالا ليست ابتكار الأيام الأخيرة. فالاحساس هو أن الجيش الإسرائيلي كان كالرفاص المتحفز الذي انتظر زمنا طويلا الضوء الأخضر.

بافتراض ان إسرائيل تقف من خلف “حملة البيجر وأجهزة الاتصال” فان هذه القدرات أيضا كانت تحت تصرف قادة المعركة منذ زمن بعيد. فالتفوق الاستخباري المطلق مضاف اليه قدرات هجومية عملياتية مذهلة هي “الحلم الرطب” لكل صاحب قرار.

هذا الأسبوع قال رئيس الوزراء: “نحن لا ننتظر التهديد. نحن نسبقه في كل مكان، في كل ساحة في كل وقت”.  لا يوجد تزوير اكبر من هذا للواقع. فنحن منذ سنة كاملة في هذه الحرب، وهذا الأسبوع فقط تمت الحملة الهجومية القومية. وما ينطوي عليه قول رئيس الوزراء كان ينبغي أن يحملنا الى المبادرة الى حملة قبل اشهر عديدة بل وربما في 11 أكتوبر، كما أوصى وزير الدفاع والقيادة الأمنية. هكذا بحيث انه بخلاف أقواله، حتى الأسبوع الماضي كنا بالفعل ننتظر التهديد – لم نسبقه. تركنا لمصيرهم سكان الشمال وكبحنا الجيش الإسرائيلي. وفقط قبل أسبوع تذكرت حكومة إسرائيل ان تحدد هدف حرب (غامض!) للساحة الشمالية.

في 2006 بدأت حملة “وزن جوهري” في هجوم على عشرات المنازل في لبنان كانت الصواريخ جاهزة فيها للاطلاق. فهل يذكر هذا أحدا ما بالمعلومات الاستخبارية القائمة اليوم عن اهداف مشابهة؟ اذا كان نعم فلماذا لم تكن مبادرة حتى الان؟

وبالتالي ما هي التحديات والفرص من هنا فصاعدا؟ حتى الان، رغم الإهانة والاصابات غير المسبوقة، حزب الله لم يدخل بعد الى قتاله منظومة الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى ولم يهاجم مراكزنا السكانية الكبرى. يوجد لهذا بضعة أسباب: ضربة شديدة لمنظومة التحكم العملياتي لديه، تشويش وانعدام ثقة بالقيادة، تخوف شديد من أن يبدو لبنان مثل قطاع غزة، وأخيرا توجد ايران – هي التي بنت لحزب الله المنظومة الاستراتيجية، لا كي “تبذرها” على المساعدة لحماس، بل كي تساعدها هي نفسها في يوم الضائقة. وعليه فان سؤال الأسئلة في هذا السياق، هو هل ومتى ستحرر ايران الاستخدام له او هل “تقلل خسائر” كي تبقيه لنفسها.

في الجانب الإسرائيلي ملزمون بوضع استراتيجية خروج وعدم الانجرار (او المبادرة!) الى حرب طويلة لا تنتهي. فالعودة الى “روتين المعادلات” للسنة الأخيرة ليست مقبولة. وبذات القدر تعريف الحسم و/او النصر التام ليس معقولا. توجد لنا مصلحة لقطع محور حزب الله – حماس لخصومنا، ومن جهة أخرى إسرائيل ملزمة بربط استراتيجية كل الساحات الى “خطوة محطمة للاستنزاف”.

في القطاع استنفدت الخطوة العسكرية نفسها وبررت منذ بضعة اشهر استراتيجية خروج ذكية. صفقة المخطوفين حرجة للامن القومي، وحان الوقت للكف عن الحديث عن صفقة على مراحل، تضمن في افضل الأحوال إعادة قسم صغير منهم والانتقال الى صفقة شاملة دفعة واحدة – الان!

——————————————–

هآرتس 25/9/2024

نصر الله اخطأ في تقدير خطوات إسرائيل وقرار وجهة الحرب ينتقل الى طهران

بقلم: تسفي برئيل

بعد عمليات الاغتيال لكبار قادة حزب الله وقادة الساحات والمسؤولين عن الاقسام في الحزب، فان رئيس حزب الله، حسن نصر الله، هو رئيس الاركان الفعلي للحزب، وليس فقط الزعيم الذي يوجه ويرسم الاستراتيجية، بل هو قائد جبهة ايضا. هذه المهمة ليست غريبة عليه. فقبل تعيينه كرئيس لحزب الله كان قائد ساحة الجنوب في لبنان، وعمل بشكل مباشر على ادارة القوات العسكرية. هو يعرف جيدا منظومة القوات، وبشكل شخصي ايضا يعرف بعض قادة الالوية. حسن نصر الله يعرف قراءة الخرائط وتقدير قوة النيران التي توجد لديه، وحتى الآن يوجد لديه مخزون من القادة بدرجات عالية الذين يمكنهم مواصلة ادارة النار أمام اسرائيل، وهذا ما يفعلونه في الواقع. بهذا الشكل يمكن لحسن نصر الله مواصلة ادارة الحرب لفترة طويلة، لكنه يقترب من المرحلة التي سيكون عليه فيها تقرير الى أين ستكون وجهته، في الوقت الذي فيه قائمة الاخطاء والتقديرات المسجلة ضده، وهو الذي يوصف بأنه الخبير بشؤون اسرائيل، تطول.

الصحفي اللبناني علي حمادة، الذي نشر في يوم الاثنين في موقع صحيفة “النهار” اللبنانية، وضع الاصبع على معظم القائمة. “التقدير كان أن اسرائيل لن تدخل الى حرب طويلة في قطاع غزة. لكنها دخلت الى هذه الحرب وما زالت تحارب”، كتب. “تقدير آخر هو أن العالم سيقف ضدها وسيفرض عليها حصار بسبب المذبحة التي نفذتها في قطاع غزة، لكنها استكملتها وما زالت تستمر في تنفيذها. ومثل ذلك ايضا كان التقدير بأن الولايات المتحدة، والغرب بشكل عام، ستضغط على اسرائيل تحت غطاء صفقة التبادل لوقف اطلاق النار ووقف سفك الدماء، لكن اسرائيل لم تهتم بالمخطوفين وهي تستمر في التدمير والقتل”.

حمادة اطلق سهامه ايضا نحو تقديرات حسن نصر الله بالنسبة للبنان. “التقدير كان أن صواريخ حزب الله ستفرض على اسرائيل معادلة ردع متبادلة تمنع التصعيد ضده. ولكنها قتلت حتى الآن اكثر من 500 مقاتل، من بينهم اصحاب رتب عالية، وتسببت بهرب المستشارين الايرانيين من لبنان ومن سوريا، وقامت بتدمير القنصلية الايرانية في دمشق، واصابت قلب تجمعات حزب الله في الضاحية… وهي ستستمر في ذلك لأن خيار الحرب لديها ليس سياسي بل هو وجودي. من هنا ينبع تأييد 62 في المئة من الاسرائيليين لشن حرب شاملة ضد حزب الله. حزب الله الذي تم دفعه على يد ايران ارتكب خطأ كبير، وربما قاتل، لأنه لم يعرف قراءة الواقع. وبناء على ذلك فقد وجد نفسه الآن في حرب بقاء بدلا من حرب دعم (لحماس)”، كتب حمادة.

يمكننا عدم التوافق مع تحليل حمادة حول الاسباب التي جعلت اسرائيل تشن حرب واسعة ضد حزب الله. واكثر من ذلك أن حسن نصر الله عرض على اسرائيل صيغة مضمونة لتجنبها، “وقف الحرب في غزة مقابل وقف اطلاق النار في الشمال”. ولكن التقدير الذي بحسبه حزب الله ينتقل الآن من مرحلة الحرب المبادر اليها والتي يملي فيها الشروط الى حرب “وجودية”، لا يقتصر فقط على حمادة المعارض أو على اصدقائه في لبنان. عندما يقول رئيس ايران مسعود بزشكيان في مقابلة مع “سي.ان.ان” بأن حزب الله لن يقف وحده امام اسرائيل فان هذا ليس موقف محلل يجلس على المنصة.

اذا كان هذا التقدير يعكس المزاج السائد في القيادة العليا في ايران، فانه ستكون له تداعيات عملياتية، لأن بقاء حزب الله هو أمر حيوي لاستقرار منظومة مصالح ايران في المنطقة، وليس فقط في لبنان. نتائج الحرب بين اسرائيل وحزب الله ستنعكس ليس فقط على مكانة ايران في لبنان وسوريا، بل ايضا على قوة “حلقة النار” التي اقامتها ايران، وعلى القدرة على استخدامها كتهديد رادع وناجع ضد أي هجوم عليها، لأنه عندما تضعف الحلقة الاقوى في هذه الدائرة فهي تضع محل اختبار وجودي الافكار الرئيسية التي قامت عليها هذه الدائرة، الامر الذي يجعل ايران تعيد النظر في الاستراتيجية الاقليمية التي خدمتها حتى الآن بنجاعة وبنجاح كبير.

الحرب في لبنان حتى الآن ليست حرب اقليمية. والخشية من تطورها قائم ومهدد. ولكن التطورات على الارض تضع محل اختبار نظرية ايران التي تقول بأن أي وكيل لها له حرية العمل باستقلالية، حسب شروط وظروف كل دولة يعمل فيها، شريطة أن لا يعرض للخطر مصالح ايران الاستراتيجية بعيدة المدى. التقديرات الخاطئة التي كتب عنها حمادة ليست فقط لحزب الله، بل ايضا لايران، التي قامت ببناء عليها الخطوط العامة لتدخلها وتدخل وكلائها في الحرب في غزة، وهي لم تعد تناسب الانعطافة التي حدثت في الحرب في لبنان.

غزة كان يمكن أن تمنح حزب الله اداة ضغط على اسرائيل. وبالتالي، اعطاء ايران مكانة متميزة كمن تستطيع ممارسة تهديدات اقليمية دون تعريض نفسها لخطر التدخل المباشر في الحرب. في بداية الحرب شرح حسن نصر الله في احد خطاباته الاولى بأن قرار العمل ضد اسرائيل يرتكز الى أمرين، مساعدة حماس في حربها ضد اسرائيل والدفاع عن لبنان. الامر الاول وصفه بأن هجماته أدت الى اضطرار الجيش الاسرائيلي الى سحب جزء من قواته الى الحدود الشمالية، بشكل خفف الضغط العسكري على حماس في غزة. وقام بتفسير حجم الاضرار التي الحقها باسرائيل، لا سيما اخلاء عشرات آلاف الاسرائيليين من بيوتهم. ولكن هذه ليست حرب من اجل حماس فقط، أو من اجل القضية الفلسطينية. حسن نصر الله أكد على أنه لو أنه لم يستخدم “قوة الردع التي لديه” لكانت اسرائيل ستحقق طموحها في احتلال لبنان. الجهود التي بذلها لعرض نفسه كمنظمة لبنانية، وكجزء لا يتجزأ من المجتمع والشعب اللبناني وأنه ليس وكيل لايران أو لمصالح خارجية، هي التي بررت تدخله العسكري، ليس فقط ضد اسرائيل. “أمن سوريا هو أمن لبنان”، فسر حسن نصر الله ارسال قواته الى سوريا لمساعدة الاسد في ذبح الشعب السوري. الآن هو يقف امام احتمالية أن سيناريو حرب لبنان الثانية سيتكرر، وأن مكانته كـ “حامي لبنان” امام اسرائيل يمكن أن تتضعضع. هذا في الوقت الذي فيه المفتاح الذهبي الذي كان بحوزته، وقف الحرب في غزة مقابل وقف النار في لبنان، اصبح عديم الاستخدام، والخيارات التي امامه آخذة في النفاد.

في حرب لبنان الثانية، في اليوم الذي اتخذ فيه قرار 1701، اعلن حسن نصر الله بأنه سيحترم قرار وقف اطلاق النار وأن قواته ستتوقف عن الاطلاق نحو اسرائيل في الوقت الذي ستتوقف فيه هجماتها على لبنان. وبذلك حول نفسه الى شريك في الاتفاق. ولكن في حينه كانت هذه حرب ثنائية بين اسرائيل ولبنان، لكن في هذه المرة حسن نصر الله ربط لبنان بقطاع غزة. لذلك، أي موافقة له على وقف اطلاق النار تعني التنازل عن الصلة التي اوجدها، وتحطيم الاساس الفكري لمجرد مشاركته في الحرب، ولا يقل عن ذلك اهمية، المس بمكانة ايران.

هذه هي المعضلة التي توجد الآن امام حسن نصر الله، التي حلها لم يعد يوجد بشكل حصري في بيروت، بل هو ينتقل وبسرعة الى طهران.

——————————————–

 هآرتس 25/9/2024

في هذه الجولة من المعركة، غالنت فاز على نتنياهو

بقلم: الوف بن

بنيامين نتنياهو يحب وصف نفسه بـ “السيد أمن”. ولكن طوال حياته السياسية طرح مواقف مخالفة للجيش. فبدلا من الاذعان لكبار الضباط مثلما فعل رؤساء وزراء آخرين، نتنياهو يستخف بهم كأشخاص ليس لديهم فهم استراتيجي، يعملون على تقاعدهم ويحاولون ارضاء اسيادهم في واشنطن. خصوم نتنياهو السياسيين في السابق كانوا في معظمهم من الجنرالات السابقين مثل اسحق رابين، امنون ليبكين شاحك، ايتسيك مردخاي، اريك شارون، بوغي يعلون، الثنائي غانتس – ايزنكوت، وفوق الجميع القائد السابق في دورية رئاسة الاركان اهود باراك.

ايضا في ولاية نتنياهو الحالية فان الخصم الرئيسي هو وزير الدفاع ورئيس اللوبي العسكري في الحكومة، الجنرال احتياط يوآف غالنت. ومثل آخرين في الليكود ايضا غالنت اجتاز مراسيم التدشين والاهانة البيبية في الطريق الى القمة، وعلى رأسها الصورة المخجلة لجوقة التشجيع التي كانت ترتدي الكمامات عند افتتاح الجلسة الجنائية لرئيس الحكومة. ولكن عندما جلس في الطابق 14 في مقر وزارة الدفاع عاد غالنت الى طبيعته، النقاشات المطولة والموافقة على الخطط ولغة الجيش وتعيين الضباط والجولات الى القواعد والزيارة للتدريبات. البدلة وربطة العنق لم تناسبه في أي يوم. وقد تعود على ارتداء قميص باللون الاسود وحذاء رياضة بلون اسود كنوع من ملابس الوزير.

الانقلاب النظامي بقيادة نتنياهو عند عودته الى الحكم طرح كمحاولة لسيطرة بيبي على جهاز القضاء، في الطريق الى تحويل اسرائيل الى ديكتاتورية مع قبعة صغيرة على الرأس وبندقية ام16. بسرعة تبين أن هدف نتنياهو الحقيقي كان وما زال “استبدال النخبة”. وعلى رأس الاحتجاج ضده كان ضباط سابقون و”اخوة في السلاح” وطيارون في الاحتياط بارزون في النخبة القديمة، الذين موقفهم الرسمي ظهر لنتنياهو مثل حصن منيع لـ “اليسار”.

كان يجب على غالنت اختيار جانب. هل سيكون المفوض البيبي في الجيش الاسرائيلي كما توقع منه رئيس الحكومة، أو القائد المدني في منتدى هيئة الاركان وممثله الاعلى في المستوى السياسي. غالنت اختار جماعته البيتية من وزارة الدفاع، عندما حذر في شهر آذار الماضي من الحرب التي توشك على الاندلاع، وعمليا وقف على رأس الاحتجاج ضد انقلاب نتنياهو وياريف لفين. نتنياهو حاول اقالته، لكنه تراجع عن ذلك امام ضغط الشارع، وغالنت استمر في طريقه حتى عندما خسر امام الجميع امام جشع لفين السياسي.

بعد ذلك اندلعت الحرب والجميع رأوا أن غالنت كان محق في تحذيراته وأن نتنياهو فشل. غالنت حاول امالة مركز الثقل العسكري الى الشمال، الى مواجهة مع حزب الله، وأن يبقي علاج حماس لجهد ثانوي. هو استند الى المفكر العسكري كلاوزوفيتش، الذي نصحه بأنه يجب مواجهة العدو الكبير في البداية. ولكن نتنياهو الذي خشي من التورط في لبنان قام بتعزيز نفسه بابناء غالنت في الجيش، غانتس وايزنكوت، ومعا لوحوا باقتراحات وزير الدفاع على اعتبار أنها مغامرة وتوجهوا لاحتلال قطاع غزة.

في الاسبوع الماضي انقلبت الدائرة واسرائيل قامت بشن حرب واسعة ضد حزب الله، بعد سنة تقريبا على استنزاف بدون حسم وتبادل يومي لاطلاق النار واخلاء المستوطنات في الجليل الاعلى وفي جنوب لبنان. أمل غالنت بمفاجأة حزب الله بضربة نيران تفقده التوازن وتحطم مرة والى الأبد صورته كجيش لا يمكن هزيمته، تحقق بسرعة مفاجئة عندما تم تفجير اجهزة البيجر واجهزة الاتصال وتصفية كبار قادة العدو التنفيذيين. التوق لضرب حزب الله لا يعتبر نزوة خاصة للوزير. الجيش الاسرائيلي بني واستعد بالضبط لهذه المواجهة خلال 18 سنة، منذ قام حسن نصر الله باهانة اسرائيل في حرب لبنان الثانية. “جيش الهايتيك”، كما عرفه العميد احتياط غاي حزوت، تم تطويره بالضبط للمهمة في الشمال. والى هناك تم توجيه الموارد الاستخبارية وسلاح الجو، التي تدربت خلال عشر سنوات على “المعركة بين حربين”. خلافا لغزة التي تفاجأ فيها الجيش الاسرائيلي من قبل حماس، وكان يجب عليه الارتجال واستخدام القوة الزائدة في قتال صعب في مناطق مأهولة، فانه في الشمال الخطط كانت متبلورة والدافع كان عاليا. نتنياهو حاول الخداع وكأنه يحث الثيران الكسلى على مهاجمة لبنان، بعد أن عمل غالنت وقادة الاستخبارات على عقد “صفقة التبادل” مع حماس، التي يعتبرها اليمين في اسرائيل استسلام مخجل للعدو. ولكن الحقيقة معاكسة. فقد تم جر نتنياهو بالضبط الى سلم اولويات سوقه خصومه في مكتب وزير الدفاع وفي هيئة الاركان وفي مقر الموساد. وحاول مرة اخرى، لكنه فشل، الاطاحة بغالنت قبل العملية الهامة لقائد سلاح البحرية السابق.

من غير المفاجيء أن غالنت يحتفل مؤخرا بالاعلان عن الانجازات والانتصار على حزب الله، ورئيس الحكومة يعرض خط منضبط اكثر. ربما أن نتنياهو يخشى من التورط، وهو يفضل، اذا حدث ذلك، عزوه لخصمه. الفضل في الانجازات، اذا تحققت فيما بعد، سيعرف رئيس الحكومة كيف سينسبها لنفسه ويخفي الآخرين، وربما أن نتنياهو يدرك بأنه في هذه الجولة الداخلية الجيش فاز عليه وعاد لقيادة جدول الاعمال الوطني. ليس من الغريب أن رؤساء اللوبي العسكري في المعارضة، غانتس ويئير غولان، سارعوا الى مباركة العملية، وحتى قاما بتشجيع العملية البرية في لبنان. ولكن النتيجة النهائية ما زالت امامنا. فقبل معرفة من الذي فاز في المعركة الداخلية، يجب على نتنياهو والجنرالات الانتصار على حسن نصر الله.

——————————————–

هآرتس 25/9/2024

تلميذة عربية ابنة 12 عاماً تضامنت مع أطفال غزة.. فردت المنظومة: “سنحرق قريتكم”

بقلم: أسرة التحرير

تخيلوا عشرات التلاميذ من أرجاء المدارس يتجمعون حول طفلة عربية ابنة 12 من الصف السابع وينشدون بصراخ “فلتحرق قريتكم”. هكذا حصل في المدرسة الشاملة “زيلبرمان” في بئر السبع في الأسبوع الماضي، وذلك لأن الطفلة تجرأت على أن تعبر عن التضامن مع أطفال غزة في نقاش داخل الصف. وماذا فعلت المدرسة رداً على ذلك؟ جمدتها. ووزارة التعليم؟ أيدت التجميد. وأهالي التلاميذ في المدرسة؟ طالبوا في مجموعات “الواتساب” بطردها من التعليم. والبلدية؟ بالفعل، اقترح نائب رئيس البلدية سحب المواطنة من كل أبناء عائلتها.

روت التلميذة لـ “هآرتس” أنها قالت في نقاش صفيّ إن أطفالاً صغاراً يعانون الجوع ويموتون في القطاع. مع نهاية الدرس، بدأ تلاميذ الصف يهاجمونها ويتهمونها بتأييد حماس، بشتمها والإنشاد لها “فلتحرق قريتكم”. ثقافة الفتك راسخة جداً: أشرطة تسجيل من المدرسة نشرت عبر الشبكات، وردود الفعل التحريضية على العنف فعلت فعلها. والد الطفلة روى بأن: “بسرعة شديدة، بدأ التلاميذ يتجمعون حولها” وبأن “المعلمة ببساطة، رحلت وتركت الطفلة تتدبر أمرها وحدها أمام التلاميذ إلى أن وصلت معلمة أخرى، لاحظت الوضع وأخذتها إلى المديرة. أما المديرة، من جهتها، فاستدعت الأب وأبلغته أن ابنته ستجمد لبضعة أيام “إلى حين معرفة أين تهب الرياح” وإلى حين حماية ابنته من الاعتداءات. فقرر الأب إبقاء ابنته الثانية في البيت أيضاً خوفاً من التنكيل بها. وعلى حد قوله، “وفعل مثلي أيضاً تلاميذ عرب آخرون في المدرسة”. وجاء من وزارة التعليم أنه تقرر إبعاد التلميذة عن المدرسة بسبب سلوكها، بل وإنهاء الاستيضاح في قضيتها، ولمنع الاحتكاك مع التلاميذ الآخرين.

الحدث في المدرسة الشاملة “زيلبرلمان” دليل آخر على سياقات مقلقة في المجتمع والدولة، والحرب في السنة الأخيرة ساهمت في تسريعها. كل الحلقات في سلسلة الأحداث، وكل المشاركين – راشدين، وأطفالاً، وجهات خاصة ومؤسساتية، وتربويين، وبلديين، وقُطريين – كلهم مصابون. طفلة ابنة 12 أعربت عن رأيها في نقاش صفيّ، تركت لزعرنة جماعية، وعندما تدخل الراشدون وجدوا أن إبعادها وتجميدها قرار صواب.

لقد فشلت المدرسة فشلاً ذريعاً في حماية الطفلة، وفي قرار التجميد إنما تساند سلوك التلاميذ الأزعر وتساند تربيهم على قيم الملاحقة السياسية، والمقاطعة، والتفوق اليهودي (الذي يسمح للتلاميذ اليهود في ضوئه أن يقولوا كل شيء عن العرب، ومحظور على العرب التعبير السياسي)، والزعرنة الجماعية والفتك.

في دولة سليمة النظام، فإن عنوان إصلاح هذا الظلم هو وزير التعليم وزير التعليم. في إسرائيل هو يوآف كيش، ملاحق سياسياً، وجزء من حكومة عنصرية وقومجية. نأمل بأن يصحو أحد ما في وزارة التعليم أو البلدية أو المدرسة ويجد سبيلاً للدفاع عن التلميذة.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 25/9/2024

زعامة نتنياهو إلى تآكل أمن “إسرائيل”

بقلم: صموئيل هايد

صموئيل هايد، يتحدث عن الهجوم الإلكتروني الإسرائيلي على لبنان، الذي وصفه بالإرهابي والوحشي، ولديه تداعيات اقتصادية على “إسرائيل” والغرب أنفسهم، ويقول إنّ زعامة نتنياهو إلى تآكل أمن “إسرائيل”.

وتعميق الانقسامات الداخلية وتمكين أعدائها. وفي حين يقدم نتنياهو نفسه باعتباره الحامي الذي لا غنى عنه لـ “إسرائيل” وسط الفوضى في الشرق الأوسط، فإنّ أفعاله أدّت باستمرار إلى تآكل الأمن بدلاً من تعزيزه.

وللتأكيد، إذا لم تكن هجمات أجهزة النداء إرهاباً، فلن يكون هناك شيء آخر كذلك. وقد طلب حزب الله أجهزة نداء جديدة، وهي جزء من الطريقة التي يتبعها لتجنب المراقبة الإلكترونية. ولو كنت مكانهم لحرصت على حراسة هذه الأجهزة منذ لحظة خروجها من المصنع حتى نقطة التسليم في لبنان.

ولكن هذا الوضع يشبه صندوق باندورا الحقيقي، فلا يوجد سبب يمنع حدوث هذا لأي جهاز، ويحمل كل شخص تقريباً هاتفاً في هذه الأيام. وفي الوقت نفسه، لا يمكن فتح معظم الهواتف وفحصها بالكامل. ولا توجد وسيلة لمعرفة ما إذا كانت هناك قنبلة أم لا. وفي الواقع، من حيث المبدأ، يمكن اختراق الهواتف وجعل بطارياتها تنفجر، وإن كان ذلك على الأقل في هذه الحالة بدون محامل الكرات التي قد تسبب ضرراً وشراً إضافياً.

من الواضح أنّ الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية رفضت إدانة الهجمات. وإذا لم يفعلوا ذلك، فمن الذي سيثق بأنهم لن يفعلوا كهذا الهجوم هم بأنفسهم؟ وهذا ليس ببعيد، فالغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لديهم سجل في هذا الشأن. وعادة ما تتعاون الدول الغربية الأخرى أو على الأقل تفعل ما يُطلب منها، فكيف تستطيع شركة أن تقاوم الضغوط الحكومية القوية وترفضها؟

وبالتالي، فإنّ النتيجة الأولى أنّ الكثير من الناس والمنظمات سيكونون أقل استعداداً لشراء المعدات الغربية.

ومن بين التأثيرات المحتملة الأخرى صعود الإلكترونيات الشفافة، على غرار التكنولوجيا المستخدمة في السجون أو الهواتف الشفافة في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

هذه نتيجة حالة أخرى من حالات عمليات الخداع التي تقوم بها “إسرائيل” والغرب لأنفسهم، وسوف يضر ذلك اقتصادياً، وسوف يؤدي إلى هجمات مقلدة من قبل آخرين.

وبالطبع، كان هذا عملاً وحشياً، وهو أمر طبيعي جداً بالنسبة إلى “إسرائيل”. ومن الطبيعي جداً أن تفشل الولايات المتحدة في إدانته.

——————انتهت النشرة——————