إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 28/2/2025

تحذير أخير لمؤيدي حل الدولتين

بقلم: كارولينا ليندسمان

اختطافنا وموتك يهزانا. نحن حاربنا خلال سنين من اجل العدالة الاجتماعية والسلام، لكن للأسف، تلقينا ضربة قاسية من الناس الذين ساعدناهم في الطرف الآخر”، بهذه الكلمات الصادمة قامت يوخفاد ليشفيتس بتأبين زوجها عوديد الذي قتل في أسر حماس وتم احضاره في هذا الأسبوع ليُدفن.

اقوالها تمت تغطيتها أيضا في برنامج “وطنيون” في القناة 14، في بداية النقاش حول ما اعتبر “صدع أيديولوجي” في اليسار في اعقاب 7 أكتوبر. في الاستوديو كان هناك اتفاق جزئي على أنه من الجدير التعامل بحساسية مع هذا الصدع الأيديولوجي (في “وطنيون” يظهرون المحبة فقط لليساريين المتحولين أو الأموات). أيضا يوتان زمري وافق على أنه “لا يوجد هنا أي مكان للفرح لنطلقه على هذا الحدث، بالعكس، يوجد هنا مكان للحزن العميق”. ولكن الاقوال التي قالها فيما بعد خطيرة أكثر من ذلك”.

“يوجد هنا مكان لهجوم اكبر ضد من جاء دوره، وهو السياسي الذي سيتجرأ على عرض هذه الاقتراحات… أنا اتعامل مع كل انسان يقترح حل الدولتين على أنه شخص يريد تدمير دولة إسرائيل، هكذا ببساطة. كل من يتهم الاحتلال والمستوطنين ويقول بأن الحل بالنسبة له هو طرد اليهود وإعطاء هذا المجتمع البربري الفلسطيني الأرض، هو شخص، سواء بمعرفة أو بدون معرفة، يؤدي الى تدمير دولة إسرائيل. نحن يجب أن نكون اكثر شدة في الاستخفاف من هذه الفكرة واحتقارها. فهي فكرة غير شرعية بالنسبة لي”، هذه الاقوال حصلت على التصفيق الكبير.

من غير المفاجيء أن فكرة اخراج حل الدولتين من مجال الشرعية تأتي على الفور بعد أن قام المجتمع الإسرائيلي بتطبيع فكرة الترانسفير. هذه فيزياء: من اجل اخلاء مكان لفكرة الترانسفير في الشرعية العامة تظهر الحاجة الى لفظ من داخله فكرة أخرى. يصعب التفكير بطريقة افضل لتجسيد التصادم بين فكرتين – الترانسفير وحل الدولتين. هاتان الفكرتان لا يمكنهما العيش تحت سقف واحد، حتى في مجال الشرعية الفكرية.

هذا درس مهم لكل من مرت في ذهنه فكرة التهجير لترامب، أو ناقشها بمزاح واظهر الاعجاب بابداعيتها. لقد خرج قليلا عن المألوف من ناحية أخلاقية ورأى أن عدم إمكانية تطبيقها يجعل مجرد مناقشتها أمر غير ضار. في المجتمع الذي يناقش إمكانية التهجير فانه لا مكان للأشخاص الذين يؤمنون بحل الدولتين.

من الخطأ التفكير أننا قمنا بتوسيع حقل الأفكار، السماح لانفسنا بمناقشة أفكار كانت ذات يوم خارج المجال. المجال هو نهائي، دخل الترانسفير وخرج حل الدولتين. يوجد هنا انقلاب أخلاقي، ليس بالصدفة أننا بدأنا في رؤية مقالات تطرح الترانسفير وكأنه الحل الإنساني (“الترانسفير ليس الحل الإنساني، بل هو الحل الإنساني الوحيد”، اريئيل فيلكسون، “إسرائيل اليوم”). عندما يتم استكمال الانقلاب المعادلة ستكون واضحة: ترانسفير، احتلال، مستوطنات ونكبة. كل ذلك أخلاقي. وكل من يعارض ذلك هو غير شرعي.

ذات مرة الكهانية كانت خارجة على القانون ولم يكن أي مكان للكنيست لمن يؤيد الترانسفير. من الآن فصاعدا تأييد حل الدولتين، انهاء الاحتلال، الدعوة الى اخلاء المستوطنات، الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، كل ذلك أمور غير شرعية. والسياسيون الذين يؤيدون حل الدولتين يجب اعتبارهم كمن يريدون تدمير دولة إسرائيل. ويجب التصرف معهم، كما أوضح زمري “بشدة اكبر”، والتنبؤ بأن “ميدان رابين” سيستبدل بـ “ميدان كهانا”، أو شيء مناسب أكثر “ميدان يغئال عمير”.

—————————————-

مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية 28/2/2025

كيف انتصرت إسرائيل في حرب السيوف الحديدية؟

بقلم:  العقيد (احتياط) شاي شبتاي

الملخص التنفيذي: بدأت إسرائيل حرب السيوف الحديدية في 7 أكتوبر 2023، وفقًا لديناميكية “حرب يوم الغفران”: كان الهجوم المدمر الذي شنته حماس على إسرائيل في ذلك الصباح مفاجأة استراتيجية وعملياتية أدت إلى انهيار دفاع غلاف غزة ومعه أسس الأمن القومي الإسرائيلي. وانتهت الحرب في 17 كانون الثاني 2025، وفقًا لديناميكية “حرب الأيام الستة”: حدث تغيير إيجابي أساسي على جميع جبهات القتال الرئيسية لإسرائيل. كيف حدث هذا؟ كان نجاح إسرائيل نتيجة لاتخاذ قرارات ذكية وقوة عسكرية ووطنية وحظ. يجب على إسرائيل تحسين عملية صنع القرار بشكل أكبر وتعزيز قوتها العسكرية والوطنية مع تقليل اعتمادها على الحظ وإخفاقات خصومها، الذين تعلموا أيضًا دروسًا من هذه الحرب.

لقد بدأت حرب السيوف الحديدية بمفاجأة استراتيجية وعملياتية كررت ديناميكية حرب يوم الغفران عام 1973: غزو مفاجئ وهجوم همجي من قبل جماعة حماس الإرهابية أدى إلى انهيار دفاع غلاف غزة ومعه أسس الأمن القومي الإسرائيلي. وانتهت الحرب في 17 كانون الثاني 2025 بنجاح إسرائيلي على جميع جبهات القتال الرئيسية: غزة ولبنان وإيران وسوريا. إن حجم نجاح إسرائيل يذكرنا بديناميكية انتصارها في حرب الأيام الستة عام 1967.

لا تزال إسرائيل تواجه العديد من التحديات الاستراتيجية والعملياتية، ومن الممكن أن تستأنف القتال في الأسابيع أو الأشهر المقبلة. ومع ذلك، فإن وقف إطلاق النار على الجبهة النشطة الأخيرة يسمح لنا بالتأمل في التوازن الاستراتيجي. على مستوى الحملة العسكرية، هذا هو النصر.

 كيف حدث النصر؟

إن ثلاثة معايير تهيمن على هذا التحليل لإنجاز إسرائيل: اتخاذ القرارات الذكية، والقوة العسكرية والوطنية، والحظ – والذي كما لاحظ كلاوزفيتز وآخرون، هو دائما عامل في الحرب. لم يكن سلوك إسرائيل أثناء الحرب خاليا من العيوب والإخفاقات. على سبيل المثال، كانت التحركات العسكرية في غزة طويلة للغاية، وكانت الاستجابة الأولى في نيسان 2024 للهجوم الصاروخي من إيران بمثابة إشارة ضعيفة للغاية، وربما كان من الممكن إنقاذ المزيد من الرهائن، وكانت الاستجابة الجزئية للهجمات والاستفزازات من قبل الحوثيين في اليمن غير كافية. ومع ذلك، في هذا التحليل، سنناقش العوامل التي أدت إلى الإنجاز التراكمي لإسرائيل.

7 أكتوبر/تشرين الأول 2023: إعلان الحرب. في ذلك اليوم الرهيب، عندما لم يكن أي شيء يسير كما ينبغي، وحتى الحظ كان ضد إسرائيل (انظر على سبيل المثال كارثة حفلة نوفا)، حدثت عدة أمور وفرت بداية الطريق للخروج من الأزمة.

اتخاذ القرارات بذكاء: كان القرار الغريزي تقريبا بإعلان حرب حاسمة على العدو الذي ارتكب الفظائع وتجاهل الحث، بما في ذلك من قبل كبار الشخصيات السابقة في المؤسسة الدفاعية، على السعي إلى التوصل إلى صفقة استسلام، مؤشرا على أن إسرائيل كانت تتغلب بسرعة على صدمتها وتتخذ الاستجابة اللازمة للتحدي.

القوة العسكرية والوطنية: كان الرد البطولي من جانب مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي والشرطة والمواطنين الشجعان كافيا للحد من مدى هجوم حماس. ودفعت القوة العسكرية الإسرائيلية الإجمالية حزب الله إلى رفض فتح جبهة ثانية.

الحظ: كان قرار زعيم حماس يحيى السنوار بالتحرك سابقًا لأوانه من أكثر من جانب: فالخلاف الداخلي الذي أثر على قوة جيش الدفاع الإسرائيلي لم يصل به بعد إلى مستوى الضعف القاتل، ولم يكن زعيم حزب الله حسن نصر الله على استعداد لخوض مقامرة حماس. ولو اختار نصر الله الانضمام إلى هجوم حماس، لكان رد الفعل العسكري الإسرائيلي معقدًا للغاية. كما أن الفساد والوحشية المطلقة للمجازر والفظائع والاختطافات التي ارتكبتها حماس ضد المواطنين الإسرائيليين أعطت إسرائيل الدافع والشرعية في الأشهر الأولى الحرجة – وخاصة في نظر الرئيس جو بايدن، الذي كان متعاطفًا مع إسرائيل لعقود من الزمان.

11 أكتوبر 2023: قرار عدم شن حرب في لبنان. مثل هذه الخطوة كانت لتدفع إسرائيل إلى حرب شاملة في مسارح رئيسية (بما في ذلك إيران) في وقت واحد في وقت لم تكن مستعدة فيه بشكل كافٍ لمثل هذا المشروع الضخم.

اتخاذ القرار الذكي: الفهم بأن التحرك العسكري يجب أن يركز بوضوح على هزيمة حماس، التي بدأت الحرب ضدنا. في الوقت الحالي، يجب احتواء الساحات الأخرى، مؤقتًا على الأقل.

نقاط القوة العسكرية والوطنية: الفهم بأنه على الرغم من فجوات الاستعداد، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي – بمساعدة إمدادات الأسلحة من الولايات المتحدة – لديه القدرة على التحمل لخوض حرب طويلة على عدة جبهات.

الحظ: تم رفض الحث غير الحكيم لجزء كبير من المؤسسة الأمنية على الخضوع لصفقة استسلام. كان من شأنه أن يعقد موقف إسرائيل في حرب معقدة وكان ليفتح إسرائيل على نطاق أكبر بكثير من الخسائر.

27 أكتوبر: مناورة برية في غزة. ورغم أن بعض خصائصها لم تكن مثالية، فقد حققت المناورة البرية إنجازات عملياتية واستراتيجية كبيرة، وهي تشكل جوهر النصر الشامل الذي حققته إسرائيل على جبهات متعددة. كما أعادت الثقة إلى إسرائيل في قدراتها العسكرية.

اتخاذ القرارات الذكية: سمحت فترة الانتظار التي استمرت ثلاثة أسابيع قبل بدء المناورة البرية للقوات بالوصول إلى مستوى أعلى من الجاهزية العملياتية، واكتساب الثقة في خطط جيش الدفاع الإسرائيلي، وتشديد التنسيق مع الأميركيين.

القوة العسكرية والوطنية: أدت القدرات المشتركة التي تراكمت على مدى سنوات في القوات البرية والقوات الجوية ومستوى الاستخبارات النارية الدقيقة، إلى جانب التصميم والدافعية العليا للقوات المقاتلة، إلى تحقيق إنجاز كبير في مسرح قتالي معقد للغاية في غضون أسابيع قليلة.

الحظ: سمح قرار حزب الله بالتمسك بنهج الصراع المحدود تحت عتبة الحرب لإسرائيل بالتركيز على تحقيق النصر في غزة. فشلت حماس في بناء قدرة عسكرية قادرة على سحق أو استنزاف جيش الدفاع الإسرائيلي وعانت من هزائم تكتيكية في الغالبية العظمى من مواجهاتها مع قوات جيش الدفاع الإسرائيلي.

25 تشرين الثاني 2023: صفقة الرهائن الأولى. يبدو أن حجم إنجازات جيش الدفاع الإسرائيلي في القتال أذهل قيادة حماس، مما دفعها إلى طلب وقف القتال لإعادة تنظيم صفوفها وإطلاق سراح الرهائن الذين شكلوا عبئًا على قدرتها التنظيمية.

صنع القرار الذكي: لم يكن قرار وقف القتال بنية واضحة لاستئنافه واضحًا بذاته. لقد تطلب الأمر المثابرة والوضوح من جانب صناع القرار. وفي المقابل، حققوا الإنجاز الرئيسي المتمثل في إعادة جزء كبير من الرهائن أحياء.

القوة العسكرية والوطنية: إن حجم إنجازات جيش الدفاع الإسرائيلي في المناورة والنيران خلال الأسابيع الأربعة الأولى من الحرب وضع قيادة حماس في مأزق.

الحظ: إن قرار حماس باختطاف أعداد كبيرة من النساء والأطفال الإسرائيليين بدلاً من التركيز على الجنود والرجال أجبر الحركة على تقليص عدد أفرادها إلى حد كبير. وهذا، إلى جانب استمرار ثقتها الزائفة بنفسها، دفعها إلى الاعتقاد بأنها لا تزال قادرة على الخروج منتصرة حتى بدون هؤلاء الرهائن.

2 أيلول 2023: دخول جيش الدفاع الإسرائيلي إلى خان يونس. تحول جيش الدفاع الإسرائيلي إلى السيطرة على منطقة خان يونس وتدميرها، والتي كانت مركز ثقل قيادة حماس.

اتخاذ القرارات الذكية: التخطيط العملياتي الذكي من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي الذي حافظ فيه على التفوق على العدو مع استخلاص الدروس جعل من الممكن تحييد مركز ثقل حماس بعواقب محدودة.

القوة العسكرية والوطنية: نجحت القوات المتقدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي في تفكيك انتشار حماس السطحي وتحت الأرض.

الحظ: لم تتمكن حماس لاحقًا من رفع قدراتها العملياتية إلى مستوى جديد على الرغم من الهدوء في القتال الذي دام أكثر من أسبوع.

6 أيار: دخول جيش الدفاع الإسرائيلي إلى رفح. أكمل جيش الدفاع الإسرائيلي تطويق حماس من خلال هجوم منهجي على المجموعة وقدراتها العملياتية.

اتخاذ القرارات الذكية: تم تنفيذ الدخول إلى رفح على الرغم من التحفظات القوية من جانب إدارة الولايات المتحدة.

القوة العسكرية والوطنية: نجح جيش الدفاع الإسرائيلي في مواجهة المخاوف الدولية الواسعة النطاق بشأن الوضع الإنساني واحتمال وقوع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين في رفح. كما نجح في إبطال مفعول الألغام السياسية بفضل الطريقة العملياتية التدريجية والحذرة التي تبناها أثناء إخلاء السكان.

الحظ: كان مقتل زعيم حماس السنوار في منطقة رفح في 16 أكتوبر نتيجة لنشاط عملياتي منهجي من قبل القوات المقاتلة في المنطقة، لكن “أسره في الشبكة” كان عرضيًا.

أيلول 2024: عملية السهم الشمالي. استغلت إسرائيل الفرص العملياتية وشنت حملة عسكرية للقضاء على قيادة حزب الله، وإلحاق أضرار جسيمة بمنظوماته الاستراتيجية، وتدمير مواقعه بالقرب من الحدود. إن الإنجازات العسكرية التي حققها جيش الدفاع الإسرائيلي، رغم أنها لم تؤد إلى قرار شامل، أدت إلى إنجاز استراتيجي واضح.

اتخاذ القرار بذكاء: تم اتخاذ القرار بفتح جبهة رئيسية أخرى وضرب حزب الله على الرغم من المخاطر، وعدم الاكتفاء بترتيب جزئي كان من شأنه أن يترك المنظمة بكامل قوتها بالقرب من الحدود الشمالية.

القوة العسكرية والوطنية: أدت عملية أجهزة النداء في 17-18 ايلول، إلى جانب القدرة الاستخباراتية والعملياتية الجوية الدقيقة لجيش الدفاع الإسرائيلي، إلى القضاء على قيادة حزب الله والاستيلاء على الأرض مصحوبًا بنيران دقيقة طغت على القوات البرية للمنظمة. كانت هذه التحركات نتيجة لما يقرب من عقدين من الاستعدادات الدقيقة منذ حرب لبنان الثانية.

الحظ: فشل حسن نصر الله في فهم الديناميكيات المتطورة والرد عليها في شكل حملة واسعة النطاق. في الواقع، غفى في الحراسة ومات في هذه العملية.

26 أكتوبر 2024: هجوم قوي على إيران. في أبريل، اختار الإيرانيون عبور خط إطلاق النار مباشرة من أراضيهم إلى إسرائيل، ردًا على مقتل القائد مهدوي من الفيلق اللبناني والسوري لقوة القدس. تم اعتراض الهجوم في الغالب من قبل إسرائيل والتحالف الدولي. اختارت إسرائيل إرسال إشارة ردًا فقط، والتي، بناءً على رد فعل إيران، لا يبدو أنها قد تم فهمها في طهران. في 31 تموز، اغتيل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران في عملية خاصة. فقط بعد القضاء على كل من نصر الله وبديل مهدوي في بيروت في 27 سبتمبر، نفذ الإيرانيون هجومًا ثانيًا واسع النطاق على إسرائيل في 1 أكتوبر. فشل هذا الهجوم أيضًا في إحداث أضرار كبيرة لإسرائيل. ردًا على ذلك، نفذ سلاح الجو الإسرائيلي هجومًا دقيقًا جرد الإيرانيين من قدرتهم الاستراتيجية على الدفاع الجوي وألحق الضرر بقدرتهم على إنتاج الصواريخ. امتنع الإيرانيون عن الرد.

– اتخاذ القرارات الذكية: نفذت إسرائيل عملية مثالية ألحقت ضرراً بالغاً بالإيرانيين ودفعتهم إلى تجنب المزيد من ردود الفعل، على ما يبدو بسبب ضعفهم المكشوف وموقف الولايات المتحدة الثابت إلى جانب إسرائيل.

القوة العسكرية والوطنية: بعد عقدين من الاستعدادات والضربات بعيدة المدى في اليمن وأماكن أخرى، نفذت القوات الجوية قدرة معقدة في إيران وضربة دقيقة دون وقوع إصابات في صفوف قواتها.

الحظ: يبدو أن الإيرانيين تصرفوا بتهور انطلاقاً من شعور زائف بالقوة ولم يأخذوا في الاعتبار إمكانات القدرات الإسرائيلية، وتداعيات الضربة القاسية لحزب الله، والدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل في مواجهة إيران على النقيض من القضية الفلسطينية، أو الانتخابات الوشيكة في الولايات المتحدة، والتي يمكن أن تؤدي – وقد أدت – إلى عودة دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي.

27 نوفمبر/تشرين الثاني: وقف إطلاق النار في لبنان. إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه من خلال الوساطة الأميركية بعيد كل البعد عن الحل للتحدي الشامل الذي يفرضه حزب الله، ولكنه يحمل في طياته إمكانية التغيير الإيجابي، كما يتضح من انتخاب الرئيس جوزيف عون وتشكيل حكومة جديدة في لبنان.

اتخاذ القرارات بذكاء: قررت إسرائيل وقف القتال انطلاقاً من رغبتها في إعادة تنظيم قوتها العسكرية وإعطاء العمليات في لبنان تحت سيطرة الولايات المتحدة فرصة مع الاستمرار في إحباط تهريب الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله.

القوة العسكرية والوطنية: سمحت إنجازات الحملة العسكرية لإسرائيل بالتوصل إلى اتفاق كان أفضل كثيراً من قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي أنهى حرب لبنان عام 2006.

الحظ: كان إضعاف إسرائيل لحزب الله هو الشرارة التي أطلقت هجوم المتمردين في سوريا الذي أطاح بنظام الأسد. وكان هذا النظام عنصراً أساسياً في قدرة إيران وحزب الله على الحفاظ على محورهما المناهض لإسرائيل. وفي السياق اللبناني أيضاً، كانت خلفية الإنجاز الإسرائيلي انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.

17 كانون الثاني 2025: صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة. أدى الوضع الصعب الذي تعيشه حماس في غزة، وعزلتها بسبب إضعاف إيران وحزب الله، وخوفها من الفشل في تلبية مطلب الرئيس ترامب بإنهاء ملحمة الرهائن والحرب، إلى توقيع صفقة بين إسرائيل وحماس.

صنع القرار الذكي: على الرغم من الضغوط الداخلية والخارجية المكثفة، انتظرت القيادة الإسرائيلية حتى تغيرت الظروف الاستراتيجية في مثلث حزب الله وإيران وحماس (وفاة هنية وسنوار وإضعاف المنظمة) لتنفيذ صفقة الرهائن الحاسمة لتحقيق هدف حرب رئيسي في ظل ظروف مثالية لإسرائيل.

القوة العسكرية والوطنية: كان صبر إسرائيل والضغط العسكري المستمر على حماس من بين العوامل التي دفعت حماس إلى الموافقة على صفقة بشروط يمكن لإسرائيل الموافقة عليها.

الحظ: أدى انتخاب ترامب والإنذار الذي قدمه إلى زيادة استعداد حماس لقبول الصفقة.

ما الذي يمكن تعلمه من تحليل أسباب الانتصار الإسرائيلي؟

إن إسرائيل إذا أرادت أن تتعامل مع التحديات التي لا تزال تواجهها، فسوف يتعين عليها أن تعمل على تحسين عملية اتخاذ القرار لديها من خلال استخلاص الدروس من القرارات التي أدت إلى الإنجاز الاستراتيجي التراكمي الذي حققته حرب السيوف الحديدية. ويتعين على إسرائيل أن تتعلم من محتوى وخصائص جهودها الناجحة وغير الناجحة أثناء الحرب، ولكن أيضاً من العمليات التي أصبحت دون المستوى الأمثل بسبب سلسلة مفرطة من التسريبات والاتهامات.

يتعين على إسرائيل أيضاً أن تعمل على تعزيز قوتها العسكرية والوطنية وتكييفها مع التحديات، بما في ذلك تحسين الاستجابة المتعددة الجبهات، وتوسيع هامش الأمان الأمني ​​الوطني، واتخاذ خطوات عملية للحفاظ على دوافع العاملين، وخاصة بين وحدات الاحتياط والجيش النظامي، بل وتعزيزها.

يتعين على إسرائيل أن تقلل من اعتمادها على الحظ، وهو متغير عشوائي. ولا يجوز أن تعتمد مقاربات التحديات المستقبلية على إخفاقات الخصم، لأنه هو أيضاً تعلم الدروس من هذه الحرب. ولا يجوز لها أن تعتمد على التطورات السياسية في الولايات المتحدة، التي لا تملك إسرائيل أي سيطرة عليها.

*باحث أول في المركز وخبير في الأمن القومي والتخطيط الاستراتيجي والاتصالات الاستراتيجية، وهو استراتيجي في مجال الأمن السيبراني ومستشار لشركات رائدة في إسرائيل

——————————————-

هآرتس 28/2/2025 

نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي كشف فقط جزء من صورة 7 أكتوبر

بقلم:  عاموس هرئيلِ

هذا  الأسبوع كان أحد الأسابيع القاسية التي مرت على المجتمع الإسرائيلي منذ بداية الحرب. كان يبدو أن إعادة جثامين المخطوفين، بعد اللقاءات المؤثرة بين المخطوفين الاحياء وبين أبناء عائلاتهم في الأسابيع الأخيرة، تلف كل الدولة بغيمة حزن ثقيلة. عشرات الآلاف شاركوا في جنازة أبناء عائلة بيباس من كيبوتس نير عوز، الأم شيري وأولادها اريئيل وكفير. وعدد اكبر شاهد الجنازة في البث الحي في التلفزيون.

مظاهر اللامبالاة الأسبوعية لاعضاء الائتلاف، الذين يواصلون ممارسة عملهم وكأن المأساة لا تعنيهم أبدا، فقط زادت هذا الحزن. وقد كان بنيامين نتنياهو افضل من فعل ذلك، حيث لوح في الكنيست بصور الأم وأولادها وقال بعض الكلمات عن القتل المخيف في الأسر، مع التجاهل المطلق لطلب العائلة، الامتناع عن ذلك. بعد يومين ظهر وهو يرتدي ربطة عنق بلون برتقالي في المحكمة وطلب من القضاة بدء الجلسة بالوقوف دقيقة صمت لذكرى عائلة بيباس، في محاولة لابتزاز التعاطف لنفسه. القضاة، الذين كانت لهم شجاعة استثنائية رفضوا ذلك وبحق.

القيادة العليا في الجيش كانت لها أسباب أخرى للغرق في اليأس. إزاء تبكير انهاء فترة خدمة رئيس الأركان هرتسي هليفي، الى الأسبوع القادم، سيتم استكمال أخيرا التحقيقات في الجيش الإسرائيلي، لا سيما الفحص الداخلي لاحداث 7 أكتوبر والاخفاقات التي أدت اليها. في يوم الاثنين الماضي اجتمع 600 ضابط، من قادة الوحدات التي شاركت في القتال والجنرالات ورئيس الأركان، في قاعدة سلاح الجو في “بلماخيم”، وهو لقاء ماراثوني تم عرض فيه نتائج التحقيقات الرئيسية. فيما بعد تم عرض التحقيقات في المعارك المختلفة على تجمعات غلاف غزة، التي قتل سكانها أو تم اختطافهم في المذبحة.

اذا كان هناك من يتوقع تجربة تطهيرية، فهو مخطيء. “جميعنا ما زلنا عالقين في 7 أكتوبر”، اعترف ضابط شارك في التحقيقات. “لا يمكن التحرر من ذلك”. في الخلفية يثور طوال الوقت الخوف من أن وقف اطلاق النار في الجبهات الرئيسية، غزة ولبنان، هو مؤقت فقط. اذا فشلت المفاوضات فان من شأن الحرب أن تستأنف، وستقل جدا احتمالات المخطوفين الباقين في التحرر وهم على قيد الحياة. في القطاع ما زال يحتجز 59 جندي ومدني، في حين أن موت 35 منهم اعلن عنه في السابق. في جهاز الامن يقدرون الآن أن 22 مخطوف ما زالوا أحياء.

عرض وداع

مراسم تبادل المنصب بين هليفي ورئيس الأركان الجديد ايال زمخير سيتم اجراءها في يوم الأربعاء القادم، وستكون في مقر وزارة الدفاع في الكرياه بدلا من مكتب رئيس الحكومة في القدس كما هي العادة، في اطار مقلص ومغلق امام وسائل الاعلام. المبرر الرسمي الذي يطرحه الجيش الإسرائيلي هو أنه من غير المناسب اجراء مراسم احتفالية خلال الحرب (بين السطور، الاخذ في الحسبان ظروف استقالة رئيس الأركان). عمليا، هذا كان املاء من مكتب رئيس الحكومة، الذي يبدو أنه يخشى البث المباشر لاقوال هليفي.

في هذه الظروف كان عرض التحقيقات العرض الأكثر أهمية، الأخير، وهو يرتدي الزي العسكري. هذا جدير بالتقدير. الإخفاقات التي حدثت في عهد هليفي كانت جزء مركزي في كارثة 7 أكتوبر (حتى الآن ما زال يثير الاستغراب عدم استعداده لتفصيل الأخطاء الرئيسية له، رغم تحمله المسؤولية بشكل علني). ولكن مجرد عملية التحقيق الواسعة التي قادها هي خطوة مهمة الى الامام، حتى لو لم تكن كل التحقيقات متشابهة من حيث طبيعتها وجودتها. مشكلة من المشكلات تتعلق باختيار المحققين. رئيس الأركان قام بتعيين طاقم خبراء، ضباط كبار في الاحتياط برئاسة رئيس الأركان السابق شاؤول موفاز. نتنياهو فرض عليه الغاء القرار بذريعة أن الامر يتعلق بشخصيات سياسية. النتيجة هي أن عدد كبير من المحققين البديلين هم ضباط في الاحتياط، من الذراع أو القيادة، الذين تم التحقيق معهم، وهم أقل رتبة من الجنرالات الذين وقفوا على رأس الهيئة التي يتم التحقيق معها.

يبدو أن شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” تعمقت في التحقيق في اخطائها، والطريقة التي ساهمت الثقافة التنظيمية المتبعة فيها. لقد تم القيام بعمل مثير للانطباع أيضا بخصوص التحقيق في التصورات الخاطئة التي كانت للجيش الإسرائيلي عشية الحرب. في حين أن تحقيق سلاح الجو دحض كل الهراءات التي تقول بأن احتجاج الطيارين هو الذي عوق تقديم المساعدة الجوية لبلدات الغلاف والمواقع هناك في صباح المذبحة. لم يكن ينقص هليفي الشجاعة الجماهيرية. وخلافا لنتنياهو هو حرص على زيارة الغلاف قبل وبعد المذبحة. في زيارة له في نير عوز، الكيبوتس الذي نسي وتم اهماله، سمع شيء أصابه بالصدمة. المخرب الأخير الذي شارك في المذبحة، قال له أحد سكان الكيبوتس، ترك نير عوز قبل فترة طويلة من دخول الجندي الأول الى الكيبوتس.

هذا ملخص المأساة، التي وصلت الى الذروة في نير عوز. ببساطة، الجيش الإسرائيلي لم يكن في الغلاق في ذلك الصباح، على الأقل ليس في الوقت الصحيح والحجم المطلوب. سلاح الجو، كما يتضح من التحقيقات، عمل في نير عوز قبل القوات البرية. في الساعة 9:30 صباحا أمر قائد سلاح الجو، الجنرال تومر بار، بمهاجمة السيارات التي حاولت اجتياز الجدار عائدة الى قطاع غزة. حدثت بعض الهجمات قرب نير عوز، وفي حالة قتلت افرات كاتس، من سكان الكيبوتس، هي وخاطفيها بسبب صاروخ اطلق من مروحية إسرائيلية. ولكن لم يكن لطياري المروحية ومشغلي المسيرات، الذين بدأوا بشكل متأخر في الهجوم قرب الجدار، رجل اتصال على الأرض في نير عوز، أو في الكيبوتسات والمواقع العسكرية، كي يمكن من القيام بهجوم دقيق فيها أيضا، بصورة تساعد على احباط الهجوم والتمييز بين الخاطفين وضحاياهم.

هنا يكمن الفشل: كل أساس وجود ومسؤولية الجيش الإسرائيلي، في الدولة التي نهضت من رماد الكارثة، هو ضمان سلامة اليهود الذين يتعرضون للخطر، من نير عوز وحتى عنتيبة. ولكن في صباح عيد نزول التوراة الأمهات في الكيبوتسات اختبأن مع اولادهن في الغرف الآمنة وكتبت، أحيانا باصابع تنزف، رسائل في الواتس اب، تساءلن فيها عن شيء واحد وهو أين، بربكم، الجيش الإسرائيلي؟. في نير عوز وفي كفار عزة، في حفلة “نوفا” وفي بئيري، السكان ماتوا وتم اختطافهم قبل أن يتمكنوا من سماع صوت جندي واحد في المحيط.

التصور” بخصوص القطاع لا يتلاءم مع الوصف البيبي الذي بحسبه مجموعة يسارية من خريجي صندوق فاكسنر سيطرت على الجيش الإسرائيلي، واصابته بالشلل، ومع المحكمة العليا منعت الجنود الذين يوجدون على الحدود من الدفاع عن انفسهم. التصور الحقيقي معقد وعميق ومتشعب اكثر بكثير. هو ليس من صنع الدولة العميقة المتخيلة، التي تختفي في الظلام. على المستوى السياسي هي تتعلق بتصميم نتنياهو (وبدرجة اقل حكومة التغيير التي حكمت سنة ونصف) على إدارة النزاع مع الفلسطينيين بدون محاولة لحله، واتباع سياسة “فرق تسد” بين حماس في القطاع والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والسماح بضخ الأموال القطرية الى قطاع غزة، مع المعرفة الواضحة أنها تبني الجهاز الإرهابي الوحشي لحماس.

على المستوى العسكري، هيئات الأركان المتعاقبة تقاسمت مع الحكومات التطلع المشترك للاحتواء وضبط النفس على الحدود، وعدم الرغبة والايمان بالقدرة على القيام بعملية برية في المناطق المأهولة المكتظة، والصعوبة في الاختلاف مع الجهات الرفيعة، سواء العسكرية أو المدنية، التي ترسم صورة وردية وترفض الاستماع الى التحذيرات من مستقبل اسود. كل ذلك يوجد في مجال حكم طواقم التحقيق العسكرية. ولذلك فانه مطلوب لجنة تحقيق رسمية.

كسوف

في السطر الأخير، التحقيقات تؤكد على الكثير من المعلومات التي نشرت في “هآرتس” وفي وسائل اعلام مختلفة في الـ 16 شهر الأخيرة، وتشاركها في الكثير من الاستنتاجات. لقد كان لدينا هنا في الأساس جمود فكري: جهاز الاستخبارات، الجيش والشباك على رأسه، لم يؤمن بأن حماس يمكنها اخراج الى حيز التنفيذ هجوم منسق يشارك فيه آلاف المخربين في اكثر من 100 نقطة اختراق، والنجاح في هزيمة فرقة غزة والسيطرة على مساحة كبيرة من الأرض التي توجد تحت مسؤوليتها.

إسرائيل اختارت تبني تفسيرات بديلة. فحتى عندما وصلت الاثباتات بأن حماس قامت باعداد خطة عملياتية مفصلة لهذا الهجوم المفاجيء (وثيقة “سور أريحا”)، وأنها تقوم بتدريب وحداتها على التنفيذ (كما شخصت وأبلغت عن ذلك ضابطة الصف في جهاز الاستخبارات و.)، وأنها تقوم بجولات ميدانية استثنائية (التي حذرت منها المراقبات)، وتقوم باجراء حوار عملي متشعب مع شركائها بخصوص طبيعة الهجوم، وربما توقيته. التجاهل كان مزدوج، أيضا من جيش الإرهاب الذي تطور على طول الحدود، ومن النية الأيديولوجية والعملية الواضحة لاستخدامه من اجل تغيير الوضع من جذوره وهزيمة إسرائيل في حرب متعددة الجبهات. القادة اقنعوا انفسهم بأنه اذا حدث أي تغيير فان الاستخبارات الإسرائيلية القادرة على كل شيء ستكتشف ذلك، وستوفر الإنذار المسبق الذي سيمكن من فترة مناسبة للاستعداد لذلك.

الجزء المكمل للأرض الخصبة التي نبتت منها الكارثة يكمن في الاستعداد العملياتي. أيضا على الحدود مع لبنان أمام آلاف مقاتلي قوة “الرضوان” التابعة لحزب الله، وضع الجيش الإسرائيلي اربع كتائب فقط، وهو نفس عدد الكتائب التي انتشرت امام حماس. عندما عبر قائد فرقة الجليل، العميد شاي كلبر، عن تخوفاته قبل الحرب بأنه لن يتسلم انذار كاف، قاموا في جهاز الاستخبارات العسكرية بتهدئته، أن هذا الإنذار سيأتي في موعده.

على حدود غزة، التي اتبعت فيها في أيام السبت وفي الأعياد سياسة عادة الخروج الى إجازة متساهلة بشكل خاص، في صباح الهجوم كان يوجد فقط 770 جندي مقاتل (حسب رواية 680 جندي)، و14 دبابة فيها طواقم. هؤلاء اضطروا الى مواجهة موجة غزاة تتكون من 5600 مخرب، قبل أن تصل الى الساحة قوات تعزيز للجيش الإسرائيلي. الوضع على الحدود مع لبنان كان يمكن أن يكون خطير أكثر، لولا أن رئيس حزب الله حسن نصر الله تردد وقيادة المنطقة الشمالية كسبت الوقت لنشر هناك حتى المساء ثلاث فرق.

في تدني العدد، 1:7 أو اكثر، الجنود في المواقع وفي مقرات القيادة على حدود القطاع، وجدوا انفسهم عالقين في أماكنهم، ويحاولون بيأس الدفاع عن انفسهم، ويجدون صعوبة في تقديم المساعدة للبلدات أو المسافرين الذين تمت مهاجمتهم في الشوارع الرئيسية، التي نشرت حماس على طولها الكمائن الفتاكة والفعالة. وقد ساهم في ذلك التآكل التدريجي للقواعد العملياتية للجيش الإسرائيلي في مهمات الدفاع، التي فيها في الأصل لم يتميز في أي يوم بشكل خاص. جنود احتياط قدامى أصيبوا بالدهشة عندما اكتشفوا أن الإجراء القديم والجيد، “تنبيه في الفجر”، الذي فيه كل جنود الموقع يوجدون في اماكنهم في فترة الانتقال من الليل الى النهار، مع الافتراض المعقول أن هذا هو الموعد المرجح اكثر لتنفيذ هجوم، تم استبداله برواية أخرى تشمل فقط تكثيف قليل لمنظومة الدوريات.

خلف ذلك، إضافة الى استخفاف معين بالعدو الفلسطيني، (والتركيز على حزب الله وايران)، كان هناك أيضا ثقة كبيرة بالعائق الحدودي الذي تم استكماله في 2021. نتنياهو ورئيس الأركان في حينه، افيف كوخافي، قاما بوصف العائق ضد الانفاق والجدار الذي أقيم فوقه كحل كامل سيزيل تهديد اختراق البلدات.

في فحص بأثر رجعي تم العثور في الاستخبارات العسكرية على سلسلة احداث وتصريحات، التي رسمت طريق حماس للهجوم قبل فترة طويلة من سرقة وثيقة “سور اريحا”، التي ظهرت وكأنها الفهم المتبلور في قيادة الذراع العسكري بعد عملية “الجرف الصامد” في 2014، ووجدت التأكيد المتجدد عليها في ضوء صعود يحيى السنوار لقيادة حماس في 2017، وأصبحت خطة عملياتية في اعقاب عملية “حارس الاسوار” في 2021. هنا يظهر فهمان للواقع في القطاع: حماس من المريخ والاستخبارات العسكرية من الزهرة. السنوار وشريكه محمد الضيف قاما بتلخيص عملية “حارس الاسوار” واعتبارها نجاح كبير، التي خلالها تمكنت حماس من اشعال القدس وتجنيد الجمهور العربي في إسرائيل، وللمرة الأولى جربت معركة متعددة الساحات ومتزامنة. هنا تطور التفكير بأن هجوم مفاجيء يمكن أن يكون واقعي، شريطة أن تكون المفاجأة كاملة. إسرائيل في المقابل، التي ربتت على كتف نفسها في اعقاب تدمير منظومة الانفاق التي سميت “الميترو” (رغم أنه بالفعل هذا كان فشل مطلق)، قالت إن حماس خائفة وضعيفة، وأكدت صدقها الموهوم عندما امتنعت حماس عن المشاركة في جولات القتال التالية بين الجيش الإسرائيلي والجهاد الإسلامي.

العميد احتياط ايتي براون، الذي اشرف على التحقيق في قسم الأبحاث في “أمان”، يعتقد أنه ربما قراءة الاتجاه الخاطئة للاستخبارات حول حماس بدأت قبل اكثر من عقد، وأن الجهاز كان في حالة “تسلل” بشأن غزة. في حين كان يتميز بجمع المعلومات واحباط تهريب السلاح في عدد متنوع من الجبهات. إضافة الى ذلك براون يربط هذه الاقوال بغياب الوعي في إسرائيل حول عمق “خطة الإبادة”، والنقاشات في المحور الإقليمي الراديكالي بقيادة ايران، التي أصبحت على مر السنين عملية وملموسة بالنسبة للمشاركين فيها.

تحقيق براون ينسب الفشل لعدة إخفاقات، التي جزء منها ثقافي. لقد كان هنا، بالنسبة له، اخفاق استخباري كلاسيكي: شعبة الاستخبارات العسكرية تمسكت بالتصور الذي بحسبه حماس خائفة من مواجهة عسكرية شاملة، والتي من جانبها تتغذى على عمليات خداع حماس، والتي بثت أن رغبتها هي التسوية. براون وجود عيوب في الثقافة وفي أسلوب التحقيق، الانحياز الذي أثر على التقدير، والكثير من المشاكل الهيكلية والتنظيمية. وكما قال مؤخرا في مقابلات مع وسائل الاعلام، “الفشل لم يحدث لمجموعة صغيرة معينة من رجال الاستخبارات في ليلة معينة”، بل هو يعكس فجوة اكبر.

تشخيصات براون مختلف عليها في جهاز الاستخبارات طوال الوقت. هناك من يعتقدون أنه يذهب بعيدا جدا، الى درجة “العدمية الاستخبارية”، التي تنفي كليا القدرة على التنبؤ بالتوجهات والاحداث. آخرون يشعرون بالغضب من تجاهل براون للتحذيرات الاستراتيجية التي أصدرها قسم الأبحاث في بداية العام 2015، التي حذرت من انفجار الساحة الفلسطينية، لكن نتنياهو تجاهلها كليا، حيث أراد مواصلة السياسة القائمة. والبعض يرون أن التركيز الزائد على إخفاقات الاستخبارات طوال الوقت يعتبر تساهل زائد مع رئيس الوزراء.

حسب اقوال العميد احتياط موشيه شنايد، الذي ترأس التحقيق لفحص الاستخبارات عشية الهجوم، على الأقل جزء من المشكلة يظهر أيضا هناك. “في ليلة كلها عوالم صغيرة”. ثورة المعلومات أدت الى فيضان كبير من المعلومات الاستخبارية من عدد كبير من الحساسات (مثل التنصت على شبكة الهواتف المحمولة)، والمحللون للمعلومات يجدون صعوبة في تنظيمها والعثور على الأجزاء الدراماتيكية والأكثر حسما.

احداث تلك الليلة، التي تعتبر ليلة تراجيدية في تاريخ الدولة، تم تفكيكها وتحليلها في الجيش الى ساعات ودقائق. السؤال الأساسي يتعلق باشارات الإنذار التي بدأت تتراكم في الليلة السابقة، على رأسها تفعيل بطاقات الهواتف المحمولة الإسرائيلية في عشرات الهواتف لمخربي حماس من النخبة.

التحقيقات توثق محادثات متواصلة وفحوصات طويلة حول الإشارات المتراكمة حول أنه يوجد شيء غير سليم. ولكن هليفي، الذي ادارها في الجزء الأخير بالتنسيق مع الشباك برئاسة رونين بار، سمع أيضا اجماع استخباري جارف يقول بأنه لم يكن يخطط لهجوم واسع، معظم الإشارات تقول بأن حماس تتصرف كالعادة، وفي الأصل الحديث لا يدور عن انذار في الفترة الزمنية الفورية.

الكارثة في 7 أكتوبر اكثر مما هي نتيجة اتخاذ القرارات الخاطئة في الليل، تعكس النضوج والتقاطع لعمليات سلبية تطورت على مدى السنين، على رأسها يقف التصور السياسي (حماس هي ذخر لاسرائيل)، والخطأ الاستخباري (حماس لا ترغب ولا يمكنها تنفيذ هجوم على مستوى فرقة)، والاستعداد الدفاعي الضعيف. هذا كان كسوف كامل، الذي تداعياته تحطمت على الإسرائيليين مثل السد الذي انفجر في التسونامي، في الساعة 6:29 صباحا.

كبار الضباط الذين القوا الخطابات في قاعة الاجتماعات في قاعدة “بلماخيم” اكثروا من التحدث عن المسؤولية وتعذيب الضمير. بعضهم قالوا بصراحة إن هذا الفشل ودورنا فيه سيطاردنا حتى يومنا الأخير. آخرون تمسكوا بالتفاصيل وبصور معينة، وكرروا ما سمعه رئيس الأركان في نير عوز. في عيد الفصح الماضي اجرى قائد وحدة في لواء غولاني مقابلة مع “يديعوت احرونوت”، قال فيها: “لو أنهم اعطونا انذار لنصف ساعة لكانت الأمور ستكون مختلفة كليا.

——————————————

هآرتس 28/2/2025 

عندما يتمسك نتنياهو بمطالب إسرائيل الامنية

بقلم:  يسرائيل هرئيل

في صيف 2006 تم اتخاذ قرار مجلس الامن 1701، الذي كما يبدو وضع الحد لحرب لبنان الثانية. كما يبدو، لأن حزب الله عاد وتمركز عسكريا، خلافا للاتفاق في جنوب لبنان؛ وتزود بالصواريخ وسلاح متطور آخر وقام بحفر الانفاق الهجومية واقام أبراج للمراقبة، التي من خلالها قام بمراقبة ما يحدث في الغرف المغلقة لسكان الشمال. اهود أولمرت، الذي كان يتعرض لضربات في الداخل ومن الخارج، قام باغماض عيونه.

في انتخابات2009 عاد بنيامين نتنياهو الى الحكم، وهو ايضا كعادته منذ ذلك الحين اكتفى بتحذيرات ضعيفة وغير موثوقة، أكدت قول حسن نصر الله بأن “قوة الدولة الصهيونية هي مثل قوة خيوط العنكبوت”. هكذا ولد مفهوم “الاحتواء” – الذي جلب علينا جولات قتال فاشلة في الجنوب والعجز، (“ضبط النفس يعتبر قوة”)، إزاء منظومة الصواريخ والانفاق الهجومية في الجنوب وفي الشمال.

وفي نهاية المطاف الكارثة الأكبر.

في خطابه الذي القاه في نهاية دورة ضباط في بداية هذا الأسبوع، تنصل نتنياهو (لفظيا على الأقل) من عقيدة الاحتواء التي قادها في سنوات حكمه الكثيرة، ووضع للنظام الجديد في سوريا خط ثابت وواضح: “نحن نطالب بنزع كامل للسلاح في جنوب سوريا… أيضا لن نتحمل أي تهديد للطائفة الدرزية”، قال وأضاف. “الجيش الإسرائيلي سيبقى في المنطقة العزلة لفترة غير محدودة… ونحن سنحتفظ أيضا بمناطق في لبنان الى أن يقوم لبنان بالوفاء بتعهداته في الاتفاق”.

من اجل تجسيد جدية هذه الاقوال فان طائرات سلاح الجو قامت بقصف بنى تحتية عسكرية في جنوب دمشق، التي بقيت من النظام السابق. في المنطقة نفسها، حسب مصادر مختلفة، قوات برية إسرائيلية تقوم بمراقبة أن لا تدق أي قوة أو مليشيا أو النظام الجديد وتد في جنوب دمشق. تداعيات هذه العقيدة الجديدة، اذا لم يتراجع نتنياهو عنها، ستكون ثورية. لأن العقيدة السابقة التي اتبعها سمحت بوجود حزب الله على طول الحدود ولم تمنع حدوث الاقتحام من جنوب الحدود (تذكرون الخيمة؟)، وشجعت حزب الله وحماس على شن حرب تدميرية، التي نواجه نتائجها المؤلمة بدون نجاح زائد من سنة ونصف.

الزعيم السوري الجديد احمد الشرع قام بالاحتجاج، كما هو مطلوب منه، على مضمون الخطاب، لكنه سلم بالمعنى العملياتي له. فقد سارع الى استدعاء رؤساء الطائفة الدرزية ونقل اليهم (خاصة لإسرائيل) رسائل بعيدة المدى: “نحن نريد السلام… نريد بناء دولة، وتقديم الخدمات… لا توجد لنا أي نية لشن الحرب على أي أحد… نظام الحكم في سوريا يعمل على مصادرة السلاح الذي يتم ارساله الى حزب الله عن طريق سوريا”. هذه الاقوال هي اقوال ثورية، شريطة أن يتمكن بارادته وبنيته، تطبيقها.

ماذا بشأن نتنياهو؟ هو يكشف فجأة أن التمسك – المدعوم بالافعال – بطلبات إسرائيل الأمنية تتم الاستجابة لها (حتى لو كان ذلك مع صك الاسنان). أيضا النغمة التي تخرج من البقاع في لبنان آخذة في التغير. أذننا تسمع.

لو أنه تم في السابق اتباع مثل هذه السياسة، التي طلب الكثير من الأشخاص الطيبيت اتباعها، لكانت حماس بقيت قوة هامشية لا يوجد لديها ما يمكن أن يشكل خطر على إسرائيل، وبالتأكيد ما كان يمكنها تنفيذ مذبحة 7 أكتوبر، وحزب الله كان ربما سيبقى منظمة دينية متعصبة، لكن بدون قوة فتاكة، مثل القوة التي حاربت ضدنا في المعركة الأخيرة.

——————————————

هآرتس 28/2/2025 

الحل لقطاع غزة: ادارته من قبل مصر بشكل مؤقت مقابل شطب دينها الضخم

بقلم: يئير لبيد

بعد سنة ونصف من القتال فان العالم مصدوم باكتشافه أن حماس ما زالت تحكم غزة. حماس قامت بتجنيد عدد كبير من المقاتلين الجدد، بما في ذلك الفتيان (متوسط العمر هو 16.5 سنة)، وهي تسيطر على المساعدات الإنسانية في ارجاء القطاع. عند تسليم المخطوفين اجرت حماس مراسم احتفال مرضية ومثيرة للغضب. هي لم تتغير. هي كانت وما زالت نفس المنظمة الإرهابية المجرمة والوحشية التي كانت دائما.

لا شك في النجاح العسكري الإسرائيلي. وباستثناء بعض الراديكاليين في الجامعات فانه لا أحد يشكك في بطولة وشجاعة جنود الجيش الإسرائيلي، أو أن هذه هي حرب مبررة ضد الإرهابيين الذين اغتصبوا النساء واحرقوا الأطفال ونفذوا اعمال فظيعة لا يمكن تخيلها. لا أحد يمكن أن ينفي الحاجة الى عملية عسكرية صارمة بعد فظائع 7 أكتوبر.

لكن استخدام القوة هو وسيلة وليس هدف. وما كان ينقص في الحرب المبررة هذه هو الهدف. حكومة إسرائيل فشلت في طرح بديل واقعي لحماس – نظام بديل يضمن لشعب إسرائيل أن حماس لن تهدده بعد الآن، ويضمن لسكان غزة بأن حماس لن تحكمهم مرة أخرى. حكومة نتنياهو تنازلت عن المبدأ الأساسي لشن الحرب، وهو أنه لا يتم الذهاب الى المعركة بدون صورة واضحة “لليوم التالي” وبدون هدف سياسي نهائي وواضح.

الهدف السياسي هو حل للقطاع. إسرائيل لا يمكنها الموافقة على بقاء حماس في السلطة. السلطة الفلسطينية غير مستعدة، أو غير قادرة، على إدارة قطاع غزة في المستقبل القريب. احتلال إسرائيلي غير محتمل وغير مرغوب فيه. وحالة الفوضى المستمرة تشكل تهديد أمني على إسرائيل وكارثة إنسانية متواصلة بالنسبة لغزة.

يوجد حل لقطاع غزة سيوفر أيضا البديل الذي نبحث عنه، والاستقرار الذي نحن بحاجة اليه. المسؤولية عن إدارة القطاع يتم اعطاءها لمصر بشكل مؤقت، 8 سنوات يمكن تمديدها الى 15 سنة، غزة تكون تحت نظام مصري مؤقت. في هذه الفترة غزة سيتم إعادة اعمارها وستنشأ الظروف لمدى طويل لحكم ذاتي. قبل أن تستطيع السلطة الفلسطينية لعب دور مهم في إدارة قطاع غزة يجب عليها اجراء إصلاحات هامة في جهاز التعليم من اجل منع التحريض، ومحاربة الفساد، وتحسين بشكل دراماتيكي نجاعتها كجسم حكومي.

خلال السنوات الثمانية مصر ستعمل على تدمير البنى التحتية الإرهابية التي بقيت في القطاع، بما في ذلك الانفاق ومواقع انتاج السلاح، وسيتم تشكيل جهاز امني مشترك، مصري – إسرائيلي – امريكي، يضمن تنفيذ الاتفاق ويمنع حماس من العودة وإعادة بناء قوتها العسكرية. نزع السلاح من غزة هو الشرط الرئيسي لاعادة الاعمار وانهاء الحرب. نحن لن نوافق على واقع فيه منظمة إرهابية تسيطر في غزة، بما يشبه حزب الله في لبنان.

مصر هي شريكة استراتيجية يمكن الاعتماد عليها. هي تلعب دور رائد في العالم العربي، والرئيس عبد الفتاح السيسي هو زعيم براغماتي يعارض بشكل واضح التطرف الإسلامي والإرهاب. توجد لمصر أيضا علاقة تاريخية مع قطاع غزة ومصلحة كبيرة في الاستقرار في المنطقة. فقد حكمت غزة في السابق مدة 18 سنة، في الأعوام 1948 – 1967. هذه كانت سنوات هادئة نسبيا.

السيطرة على غزة بحاجة الى استخدام رافعة تساعد مصر على مواجهة الازمة الاقتصادية الآخذة في التفاقم. وضع مصر غير سهل. فهي يجب عليها اطعام 120 مليون شخص تقريبا، وسكان يتكاثرون بوتيرة 2 في المئة في السنة. دين مصر الخارجي يبلغ 155 مليار دولار، الامر الذي يضر بقدرتها على الخروج من الازمة الاقتصادية ويؤثر على قدرتها على الحصول على قروض. وباء الكورونا والحرب في غزة تسببت بالضرر لفرع السياحة، وإرهاب الحوثيين تسبب بضرر كبير لمداخيلها من قناة السويس.

إن عدم الاستقرار في مصر هو نبأ سيء لكل الشرق الأوسط. والبديل للقيادة القوية، المعتدلة والبراغماتية، للرئيس السيسي هي صعود الاخوان المسلمين أو الأسوأ من ذلك. قوة واستقرار وازدهار مصر هي مصلحة إقليمية، وضعفها يمكن أن يخلق تأثير خطير للدومينو في كل المنطقة.

مقابل موافقة مصر على تحمل المسؤولية بشكل مؤقت على قطاع غزة فانه يجب على المجتمع الدولي وحلفاءها الإقليميين تغطية ديونها الخارجية وإعادة جدولتها. مصر ستقود مسألة اعمار غزة مع الأمريكيين (كما اقترح الرئيس ترامب) بتأييد ودعم إقليمي ومصادقة مجلس الامن. مشروع إعادة اعمار غزة سيكون واحد من المشروعين الاقتصاديين الأكبر في الشرق الأوسط (إضافة الى اعمار سوريا)، وادارته ستؤدي الى ازدهار اقتصاد مصر بعد فترة قاسية.

هذه الخطة التي طرحتها للمرة الأولى في واشنطن تحل مشاكل رئيسية، وتوجد لها افضلية أخرى وهي أنها سهلة. فهي خطة قابلة للتنفيذ. هذا حدث في السابق، ويمكن البدء به في الغد.

——————————————-

معاريف 28/2/2025

إسرائيل ستكون مطالبة من الان فصاعدا بان تمنع بناء قدرات العدو على حدودها

بقلم:  ألون بن دافيد

في أجواء صعبة انعقد هذا الأسبوع في قاعدة بلماخيم طاقم القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، نحو 600 ضابط كي يسمعوا تحقيقات الحرب. كل هؤلاء الضباط تقريبا حتى أولئك الذين ليس لهم صلة بالفشل الاستخباري والعملياتي يحملون على اكتافهم العبء الثقيل للمسؤولية عن الفشل. الكثيرون منهم يحملون في ارواحهم أيضا الصدمة الظاهرة لعين كل من يعرفهم قبل 7 أكتوبر.

في بداية العرض الذي استمر اكثر من 16 ساعة، حذرهم رئيس الأركان هرتسي هليفي بان هذا تحقيق لن يكون لهم في نهايته إحساس بالراحة. فقد قال لهم “العكس هو الصحيح. عندما تعودون الى بيوتكم ستشعرون بسوء اكبر مما تشعرون به الان”. هذا التشخيص كان دقيقا.

في عشرات الساعات التي استمعت فيها الى أهم ما جاء في التحقيق هذا الأسبوع، تعرفت هنا وهناك على تفاصيل جديدة لم اعرفها من قبل لكن هذه ليست شيئا يغير الصورة التي نعرفها جميعا من ناحية جوهرية. ولا يزال، عندما تسمع وصفا لكل خطوة وخطوة في الطريق الطويلة التي إدت الى الهوة يكون الإحساس رهيبا. مجموعة أناس اكفاء ومجربون لا مثيل لهم – ليس فقط في الجيش الإسرائيلي بل وفي الشباك وفي القيادة السياسية – سارت على مدى سنين في عمى جماعي نحو الكارثة الأكبر في تاريخنا.

الإحباط مؤلم جدا حقا عند سماع التفاصيل ليس فقط لان الكارثة كان ويجب أن تمنع بل لانه في نهاية التحقيق يصيبك إحساس بان هذا يمكن أن يحصل مرة أخرى. الكلمة النكراء “المفهوم المغلوط” هي جزء لا يتجزأ من الطبيعة البشرية. لنا جميعا توجد مفاهيم مغلوطة ومشوهة عن الواقع في الطريقة التي نرى فيها أنفسنا ومحيطنا. كلنا نفسر الواقع عبر منشورنا الشخصي. عندما يسيطر مفهوم ما على جماعة من البشر – يشق الطريق الى الكارثة.

في كتاب المناجاة “مسيرة السخافة” تدعي المؤرخة بربارة توخمان بانه لاجل أن تعتبر سياسة ما سخافة فانه يجب أن تقودها جماعة وليس فقط حاكم وحيد. في معظم النماذج التاريخية التي اختارت تحليلها، قادت السياسة الفاشلة جماعة من الأشخاص الاكفاء والمجربين.

وعليه، ففضلا عن التعلم الضروري من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبت في الطريق الى الكارثة في 7 أكتوبر، فان الدروس من الفشل يجب أن تقودنا الى أن نشكل أجهزة تعوض عن الميل البشري للتمسك بالمفهوم المغلوط وتقلص الخطر للكارثة في المرة التالية التي نعاني منها من عمى جماعي. 7 أكتوبر لم يكن “بجعة سوداء” – كان وحشا نما أمام عيوننا، ظهر أكثر من مرة، اما نحن فرفضنا التصديق.

الاشفاء من الرغبة في الهدوء

لقد أدت صدمة حرب يوم الغفران بإسرائيل وبالجيش الإسرائيلي باجراء اصلاحات كهذه، وبعضها كان اصلاحا زائدا – لكن مع مرور السنين تآكلت والان نحن ملزمون بالإصلاح من جديد. من عموم التحقيقات تظهر عدة دروس كهذه واصلاحات من الضروري البدء بها فورا.

أولا وقبل كل شيء إعادة تعريف المهنة الاستخبارية. المطلب الواجب من الاستخبارات يتناقض ومهنة القيادة العسكرية. فبينما يتحدث القائد بعلامات تعجب – فان جوهر مهنة الاستخبارات هو طرح دائم لعلامات استفهام. وهذا يتطلب مسيرة دائمة من الامر ونقيضه، اللذين هما صعبان على كل انسان وبالتأكيد على من هو مطالب بان يأتي باجوبة وبدلا من هذا يكون ملزما بان يطرح أسئلة ويشير الى ما لا يعرفه.

لقد استسلمت استخباراتنا لعمليات فيها الرضى فوري والمجد كبير. في الصباح تتلقى معلومة وفي الظهر تحولها الى هدف، في المساء تهاجم وتذهب بعدها الى البيت مع هالة من النجاح. لكن مهنة الاستخبارات هي اكثر من هذا بكثير. فهي تتطلب عملا قاتما وعديم المجد يتمثل بالعثور الدائم لثغرات المعلومات وتشكيك دائم لما تؤمن انك تعرفه. رئيس شعبة الاستخبارات “امان” الجديد شلومي بندر يفهم الحاجة لكنه تحديه سيكون في التطبيق. من ناحية عامة – الاخطار للحرب يعود ليكون الهدف الأسمى لشعبة الاستخبارات، قبل جمع المعلومات، البحث وخلق اهداف. دائرة الرقابة التي لم يكن فيها في 7 أكتوبر الا اثنان تصبح هيئة واسعة ومع اسنان. كما أن بندر يطالب رجاله بان ينتهي كل عرض بصورة تدحض كل ما ادعوه حتى الان. هذا مدوخ وليس لطيفا لمن يعرضه ولمن يستهلكه. ولكن هذا ضروري.

تكشف التحقيقات فجوة ثقافية هائلة بين رجال استخباراتنا وبين العدو. 80 في المئة من كل حديث بين مسؤولين من حماس هي اقتباسات لايات من القرآن. من لا يفهم جوهر الايات لا يفهم الحديث. اللواء احتياط يوآف مردخاي اجاد في وصف ما يسميه الفرق بين الخبير بالعرب والمحلل: “المحلل يحلل الكلمات التي قيلت في النص”، قال، “اما الخبير بالعرب فيستمع الى الصمت والى المسافة التي بين الكلمات”.

تأهيل رجال استخباراتنا يجب أن يجتاز ثورة. ليس سهلا تعليم الفضول، النقدية، التحدي، والاصعب هو تعليم التواضع لكن هذا هو قيمة يجب تعليمها من جديد في مدارس الاستخبارات. بندر يقف على رأس جهاز لا يزال يوجد في ازمة عميقة، ما يجعل تحديه للتغيير اكثر تعقيدا.

على المستوى الوطني: مفهوم الامن الإسرائيلي تكشف كغير ذي صلة. مفاهيم الردع، الاخطار، الحسم والدفاع فشلت كلها في هذه الحرب. عن مفهوم الحسم يمكن أن يجرى جدال، لكن الحسم العسكري هو ابدا قصير الموعد عندما لا يترافق وفعل سياسي يثبت نتيجته.

مثلما بعد 1973، إسرائيل تفهم بانها لا يمكنها أن تعتمد على تقدير نوايا العدو بل على فحص قدراته. ولهذا فإسرائيل ستكون مطالبة من الان فصاعدا بان تمنع بناء قدرات العدو على حدودها. من الصعب القول – لكن تنفيذ هذا يتطلب من إسرائيل أن تشفى من الرغبة في الهدوء. نحن سنكون مطالبين باحتكاك دائم في كل الحدود كي نمنع نمو كل تهديد.

هذا سيتطلب منها جيش إسرائيلي اكبر، في النظامي وفي الاحتياط، تضحية اكبر لرجال الاحتياط واستثمار أكبر في الامن – في الاستخبارات، في المنصات وفي إقامة وحدات جديدة. مشكوك أن يكون هذا الدرس يتوافق مع سياسة التملص من الخدمة حسب قانون الحكومة الحالية.

رغم الإنجازات المبهرة، فان حرب وجودنا بعيدة عن النهاية. انتهت فيها مرحلة واحدة او اثنتان ولكنها سترافقنا لسنوات أخرى الى الأمان وهذا سيؤثر على حياتنا كاسرائيليين لسنوات طويلة أخرى. ومثلما قال رئيس الأركان في أحاديث مغلقة: “الحرب التي خضناها في السنتين الأخيرتين شحنت امامنا بطارية ثأر ستصمد لمئة السنين القريبة القادمة”.

——————————————- 

يديعوت احرونوت 28/2/2025 

دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية فشلت في تقديراتها

بقلم:  ناحوم برنياع

دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية “امان” هي المقدر الوطني عندنا: الوحدة النوعية التي مهمتها في الجيش هي استشراف المستقبل. عندما يبحث وزير الدفاع، رئيس الأركان ورئيس أمان في مسائل من معنا ومن ضدنا، من يستعد للحرب ومن مردوع، من قادر ومن غير قادر – فان أوراق دائرة البحوث تتحدث من حلقهم. هذا هو الوضع، رغم أنه على مدى السنين، في المفترقات الحرجة فشلت الدائرة في تقديراتها المرة تلو الأخرى. في نظرة تاريخية هي النبي الذي كذب العرافة التي أخفقت. رغم هذا، فانها هي العنوان الذي يعود اليه الجميع.

تحقيق الجيش الإسرائيلي عن دائرة البحوث حتى 7 أكتوبر وفي اثنائه، فتاك. الضابطان اللذان عرضاه أمامي – هو عميد في الاحتياط، هي رائد في الاحتياط – وصفا صورة اسود من السواد. “أناس اكفاء، مجموعة متميزة، تعيش خارج الواقع”، قال المسؤول. “فشل ذريع”.

13 محقق عملوا على التحقيق. ترأسهم العميد احتياط ايتي برون الذي كان رئيس دائرة البحوث في الماضي وعاد ليترأسها في أشهر الحرب الأولى. الطاقم عمل على عملين: الأول يصف كيف استعدت حماس للحرب؛ الثاني يصف ما الذي فهموه في الزمن الحقيقي في دائرة البحوث. الجواب هو أنهم لم يفهموا شيئا: هوة غير قابلة للجسر تفتح فاها بين ما وقع في غزة وبين ما كان ممكنا فهمه وما فهم بالفعل.

اقترحت على المحققين صورة: سائق يتجه في المفترق يمينا بدلا من يسارا، ومن تلك اللحظة يضيع الهدف حتى لو كانت كل قراراته صحيحة. لا، قالوا. ليس هذا ما حصل. لنفترض أن سائقك خرج من تل أبيب الى القدس. هو يخطيء في المفترق الأول، بعد ذلك يرى على يمينه بحرا، يتجاهل ويواصل السفر؛ هو يرى صحراء، يتجاهل ويواصل السفر. عشر فرص كانت لهم كي يفهموا أنهم اخطأوا، وفوتوها جميعها. ما تعلمه المحققون بأثر رجعي هو أن يحيى السنوار ومجموعة حوله توصلوا منذ 2017 الى الاستنتاج بان تحرير فلسطين، أي إبادة إسرائيل هو هدف قابل للتحقق. التسوية هي جهد ثانوي، خطوة لتحسين وضع السكان المدنيين، التي تحولت لاحقا الى مناورة تضليل. الخطة العسكرية التي خرجت الى حيز التنفيذ في 7 أكتوبر طورتها حماس منذ 2016.

المسيرة في حماس بدأت بالصلة ببناء العائق. لما كانت إسرائيل ستسد إمكانية مهاجمتها من تحت الأرض كانت حاجة الى خطة أخرى. والخطة هي لحسم فرقة غزة في المعركة على الأرض.

احداث حارس الاسوار، التي فسرت في إسرائيل كنصر وكخطوة رادعة، فسرت لدى السنوار العكس: توجد لحماس قدرة للقتال وللنصر. “إحساس القدرة يلتقي التفكير بمعركة متعددة الساحات: هذا مشوق”، كما يصف الضباط. “إسرائيل تتعرض للهجوم من لبنان، من العراق، من اليمن، من ايران. حين يجتاح حزب الله من الشمال وحماس من الجنوب، ستجري الحرب بين الخضيرة والجديرة. وستؤدي الى تحرير فلسطين”.

في 2022 يتردد السنوار عدة مرات في تفعيل الخطة، ويقرر الانتظار. في ايار 2023 قرر التنفيذ في أعياد تشرين. عرفوا بالخطة في طهران وفي بيروت؛ عرف بها كل الحماسيون في غزة. لكن عن 7 أكتوبر، لم يعرف الا القليلون. بسبب أمن المعلومات امتنع السنوار عن حسم الأمور.

هل خرج الى الحرب بسبب المواجهة في إسرائيل حول الانقلاب النظامي؟ المحققون لم يجدوا دليلا على ذلك، لكنهم كانوا حذرين من استبعاد الامكانية استبعادا تاما. اما اذا كان للازمة تأثير، فقد كان هامشيا، كما يقولون.

كل هذا الوصف هو حكمة تأتي بعد الفعل. هكذا أيضا التتمة، وصف فشل دائرة البحوث. لا ضمانة الا يكون المحققون سيسقطون في الحفر ذاتها والمسؤولون عن الفشل هم من كانوا سيعينون للتحقيق معهم: هذه هي المأساة. جزء منها.

 عشرة أخطاء حرجة

“الفشل لم يكن حادثة مصادفة، بجعة سوداء”، يقول المحققون. “هو كان مغروسا عميقا في ثقافة عمل دائرة البحوث، في النهج، في الفكر. سيستغرق سنوات حتى التحرر من هذه الثقافة”.

كما قالوا: “كان هنا اخفاق استخباري كلاسيكي، مثل بيرل هاربر، مثل بربروسا، لكن الفشل يرتبط أيضا بثورة المعلومات. كل هيئات الاستخبارات فكرت بنفس الطريقة. التفكير الموحد كان ينبغي أن يقلق. اما هم فلم يقلقوا”.

في كانون الثاني 2023 حولت الدائرة صورة لوزير الدفاع. “حماس مردوعة”، قالت فيها. في 20 أيلول، قبل نحو أسبوعين من الهجوم على الغلاف، وزعت دائرة البحوث وثيقة تصف حماس في الحاضر وفي المستقبل وكتبت الدائرة تقول “بتقديرنا، استراتيجية حماس لحفظ الهدوء في القطاع مستقرة في المدى المنظور للعيان”.

كان هذا خطأ الملاحة الأساسي. حسب التحقيق كانت عشر فرص لملاحظته.

الأولى مجرد صعود السنوار الى الحكم، في شباط 2017. تحمله الدائرة مسؤولية المفاهيم التي كانت لها عن سلفه، خالد مشعل. بدلا من أن تفهم بانه حصل تحول، أصرت على حكومة استمرار.

في 2018 وصلت الى الدائرة معلومة أولى عن خطة حماس، وفي اعقابها كان التفويت الثاني: الورقة التي كتبت في الدائرة تفسر ان الحديث لا يدور عن خطة تنفيذية بل عن تطلع لبناء القوة. هكذا أيضا في 22 حزيران 2019، عندما تعرض الخطة كملاحظة هامشية في الصفحة 63 من الوثيقة.

التفويت الثالث كان بعد احداث حارس الاسوار. السنوار فهم بانه قادر؛ في الدائرة كانوا واثقين من أنه مردوع.

الرابعة كانت بعد أن وصلت الى شعبة الاستخبارات وثيقة “سور اريحا”. لم يفهموا بان الفكرة أصبحت خطة.

التفويت الخامس كان فهم ثلاث حملات الجيش الإسرائيلي ضد الجهاد الإسلامي. فقد امتنعت حماس عن الرد في اطار خطة الخداع لديها؛ في الدائرة كانوا واثقين انها مردوعة.

التفويت السادس كان تجاهل وثيقة المراحل التي وصلت الى الدائرة في منتصف 2022.

السابع ان تجاهل خطة الهجوم متعدد الساحات.

الثامن كان الكتاب الذي بعث به رئيس دائرة البحوث عميت ساعر لوزير الدفاع غالنت. حذر ساعر من الطريقة التي يفهم فيها العدو تداعيات الشقاق الإسرائيلي الداخلي. وقد ركز على الشمال، وليس على غزة.

التفويت التاسع هو في ضوء المعلومات عن التدريبات التي يجريها في غزة الفا مقاتل نخبة. فاذا لم تكن نية لارسالهم الى المعركة فلماذا يدربون 2000.

التفويت العاشر هو الأكثر ألما: حتى في ليلة وصباح 7 أكتوبر لم تفهم دائرة البحوث ماذا يحصل في غزة. التحقيق يعدد الأسباب للفشل:

كما أسلفنا، الثقافة التنظيمية. تلك الصعوبة الثقافية كانت أيضا في فهم حزب الله. “ان نكون نعرف اين يوجد نصرالله، لا يعني أننا فهمناه”، يقول المحققون.

النهج: انعدام الفضول، البحث عن العملة النقدية من تحت الفانوس.

فهم مغلوط للتفوق الاستخباري.

وصف الواقع بتعابير غامضة.

التزام بالمفهوم المغلوط.

نظريات التفوق الإسرائيلي.

فجوات في معرفة العدو، دينه، ثقافته، ايديولوجيته.

في اللحظة الحاسمة كانت دائرة البحوث خارج الصورة، منقطعة الصلة.

النقطة الأكثر مفاجئة في استنتاجات المحققين هي رأيهم في التغييرات التي أدخلت على منظومة الاستخبارات في اعقاب قصور يوم الغفران. “فقد الحقت هذه ضررا اكثر مما أجدت نفعا”، يقول احد الضباط. وفقا لتوصيات لجنة اغرانات، عُزز البحث في الموساد وفي وزارة الخارجية، أقيمت دائرة رقابة في شعبة الاستخبارات العسكرية، طواقم تفكير معاكس، وسمح لكل جندي لان يتوجه شخصيا الى المسؤولين عنه، حتى رئيس أمان. “نحن نقول: اذا لم يكن شك، فلا مكان للرقابة”. يقول المحققون. “لا نستمع لها. في اعقاب 7 أكتوبر اقاموا في أمان دائرة رقابة جديدة. قلنا لقائدها أولا غير الثقافة في امان. بعد ذلك قم بالرقابة”.

كُتّاب التحقيق يتطلعون الى دائرة بحوث أكثر تواضعا بكثير، اقل ادعاءً بكثير. “التقدير الاستخباري هو فقط تخمين”، يقولون. الفشل المدوي في 7 أكتوبر خفض التوقعات. ومحل التوقعات الزائدة حلت توقعات ناقصة. تقديري: في النهاية سيعود الجميع الى تقديرات دائرة البحوث. ليس لانها صحيحة – بل لانه لا توجد أخرى.

——————————————- 

هآرتس 28/2/2025

ترامب وبيزوس وماسك نحو عالم خطير: ديمقراطية على مقاس “الخليط الأخطر”

بقلم: أسرة التحرير

المالتي ملياردير الأمريكي جيف بيزوس، مؤسس ورئيس أمازون وصاحب صحيفة “واشنطن بوست” قرر هذا الأسبوع سياسة جديدة لنشر المقالات في الصحيفة: التركيز على حماية “حريات الفرد والسوق الحرة” والامتناع عن نشر مقالات تتعارض مع هذه القيم. هذا ليس قراراً بريئاً لصاحب صحيفة مع أجندة أيديولوجية. يدور الحديث عن خطوة هي جزء لا يتجزأ من المزاج في عالم الأعمال الأمريكي منذ انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة. من جهة تملق فظ للرئيس بدا واضحاً منذ مراسم التنصيب، ومن جهة أخرى تدخل متزايد لمجموعة مليارديريين ولا سيما في مجالات التكنولوجيا، في عمل الإدارة.

تنعكس هذه الظاهرة في دور سياسي للرجل الثري في العالم، إيلون ماسك، الذي عينه ترامب مسؤولاً عن النجاعة في وحدات الإدارة الأمريكية. وقد توجه ماسك إلى المهمة بوحشية تضعف مؤسسات حيوية. وسارع مدير عام “ميتا” مارك زوكربرغ للسير على الخط حين ألغى منظومة فحص الحقائق في فيسبوك وفقاً للروح التي تهب من البيت الأبيض.

مسموح لوسائل الإعلام الترويج للقيم والأفكار. لكن قرار بيزوس تقليص حرية التعبير الصحافي في إحدى الصحف الأهم في العالم، محظور رؤيته على نحو منقطع عن سياقات عميقة تهدد الصحافة الحرة في دول عديدة يصل فيها زعماء مناهضون لليبرالية إلى الحكم. إن المس بحرية الصحافة في هذه الدول هو جزء مقصود ومعلن من صراع هؤلاء الزعماء ضد القيم الديمقراطية الليبرالية. إن الخليط بين رئيس غير مرتقب ومنتقم وبين حكم الأثرياء الذي ينشأ في الولايات المتحدة، يؤدي بها إلى عصر خطير على نحو خاص من تآكل التوازنات والكوابح في الديمقراطية الأقوى في العالم، في دول أخرى لاحقاً.

تواجه الصحافة في إسرائيل أيضاً تهديداً متزايداً من قبل حكومة نتنياهو لتقليص استقلاليتها، سواء كان هذا خلال التدخل السري مع أصحاب وسائل الإعلام كما يتضح من الملفات التي يتهم بها رئيس الوزراء، أم بمحاولات السيطرة من الداخل مثلما في أخبار 13، أم بتشريع صريح كذاك الذي يبادر إليه الحكم صبح مساء ضد البث العام أو صحيفة “هآرتس”.

في مثل هذا المناخ، من المهم أن نتذكر بأن للصحافة، حتى عندما تكون عملاً تجارياً خاصاً، دوراً مميزاً في المجتمع الديمقراطي. فأصحاب الصحف يتحملون مهمة قيمية مركبة تنطوي أحياناً أيضاً على عبء شخصي شديد على نحو خاص: التوازن بين مصالحهم الخاصة والمصالح العامة. في عالم يقل فيه الناشرون الذين يفهمون هذا الالتزام العميق ستقل الصحافة الحرة أيضاً ومعها مستقبل النظام الديمقراطي الذي ليس مفهوماً من تلقاء ذاته. جيف بيزوس ليس سوى مثال آخر على السلاسة الخطيرة للمنزلق.

—————–انتهت النشرة—————–