الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي للجبهة الديمقراطية

  افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

اعترافات إسرائيلية: الوقائع تثبت أن إسرائيل محميّة أميركية

بقلم: أنطوان شلحت

يتفق الكثير من الباحثين والمحللين في إسرائيل على أن شهر رمضان الذي هو الشهر السادس للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من المتوقع أن يشهد تبلور عدة عوامل مؤثرة من شأنها أن تلقي بظلالها على تطورات الفترة المقبلة. وخلال ذلك ينتقي هؤلاء جزئيات وتفاصيل فيها، في الكثير من الأحيان، ما يدفع لإثارة الأسئلة العميقة التي تتصل بتلك التطورات وتشكل ملامحها المرتقبة.

وبحسب ما يؤكد البعض ترتبط العوامل المؤثرة التي يقصدونها بخمسة محاور بارزة ومهمة: الأول، محور ما توصف بأنها حرب دينية على خلفية كل ما يجري من انتهاكات إسرائيلية بحق الحرم القدسي الشريف. والثاني، محور الأوضاع الأمنية في الجبهة الشمالية مع لبنان وضرورة إيجاد حل للحرب الدائرة هناك بين إسرائيل و”حزب الله” على نحو يتيح إمكان إعادة عشرات ألوف السكان الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من المنطقة الحدوديّة إما من خلال اتفاق مؤقت أو عبر مواجهة عسكرية، ووفقاً للمؤسسة الأمنية فإن الهدف الذي أعلنت أنها تضعه نصب عينيها هو إعادة هؤلاء السكان إلى منازلهم حتى شهر أيلول المقبل. والثالث، محور المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، والذي يمكن لأي صفقة تبادل متعلقة به أن تؤدي إلى تهدئة تستمر عدة أسابيع تشمل قطاع غزة وأيضاً منطقة الحدود مع لبنان وجبهة القتال مع الحوثيين وربما مناطق الضفة الغربيّة. والرابع، محور العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية ازدياد حدّة التوتر بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس جو بايدن إلى حدّ الصدام العلنيّ. أمّا المحور الخامس والأخير فهو المرتبط بالساحة السياسية الإسرائيلية الداخلية على خلفية الجدل الدائر، بما في ذلك داخل الحكومة نفسها، حول طريقة إدارة الحرب وأهدافها، وخطة “اليوم التالي” لها. وأضيف إلى هذا في الفترة القليلة الماضية إعلان الوزير جدعون ساعر انشقاق حزبه “أمل جديد” عن تحالفه مع حزب “أزرق أبيض” بزعامة بيني غانتس في إطار “المعسكر الرسمي”، فضلاً عن كل الجدل الدائر حول قانون التجنيد الذي يُفترض أن يبدأ بتجنيد الشبان اليهود الحريديم ضمن الخدمة العسكرية الإلزاميّة.

لعلّ الأمر الأكثر جدة فيما يخص المحور الأخير وبالذات ما آلت إليه الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، هو قيام وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال نقاش في “الكابينيت” السياسي – الأمني الموسّع في نهاية الأسبوع الماضي بتقديم 4 خيارات لـ”اليوم التالي” للحرب من ضمنها خيار استمرار سيطرة حركة حماس على القطاع والذي وصفه بأنه الأسوأ، وخلصت من ذلك صحيفة “هآرتس” إلى الاستنتاج بأنه يثبت أن هذه الحركة ليست منهارة بعد (17/3/2024).

وبالانتقال إلى المحور الرابع – العلاقات الإسرائيلية الأميركية – الذي شهد في الأيام الفائتة أبرز التطورات، نشير إلى أن ما استقطب الاهتمام الأكبر هو الأقوال التي أدلى بها زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، السيناتور تشاك شومر، وهو يهودي من نيويورك، يتموضع في صلب الوسط من الحزب الديمقراطي، وداعم دائم لإسرائيل، وأكد فيها أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو فقد البوصلة، وبات يوهم جمهوره، ويسوّق رؤية قديمة وليست منطقية، ويدفع إسرائيل نحو عزلة، ويضعها في خطر، وأنه لذلك على إسرائيل أن يكون لديها توجه جديد، وأن تتجه إلى انتخابات لأنها بحاجة إلى قيادة جديدة. ولشومر وزن سياسي كبير جداً. كما أن ما صدر عنه من أقوال أتى عقب ازدياد مواقف الاستياء من الحكومة الإسرائيلية بين الديمقراطيين في الكونغرس، وزيادة ممارسة الضغط من جانب الرئيس بايدن على حكومة نتنياهو بسبب حجم الخسائر في صفوف السكان المدنيين جرّاء الحرب الإسرائيلية في غزة، وبعد أيام قليلة من تصريحات أدلى بها الرئيس بايدن وأكد فيها أن نتنياهو يضرّ إسرائيل أكثر مما ينفعها.

وتعقيباً على هذه الأقوال، قال الرئيس بايدن، إن شومر ألقى خطاباً جيداً. وعلى الرغم من تأكيد جلّ التحليلات الإسرائيلية، ولا سيما تلك التي كتبها خبراء في شؤون العلاقات بين الدولتين، أن خطاب شومر لا يشكل سياسة رسمية لبايدن، فقد شدّدت على أنّ في أقواله وقوتها ووضوحها تغييراً وصفته بأنه كبير في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية. والأهم، برأي البعض، أن إطلاقها جرى من على منبر مجلس الشيوخ، بعكس الملاحظات التي تخرج كتسريب من حدث معين، ولذا فهي حلقة أُخرى في منظومة العلاقات المتضعضعة، وربما تنطوي على مؤشر إلى أن إدارة بايدن لم تعد ترى في بنيامين نتنياهو حليفاً للولايات المتحدة، وإن ما زالت ترى في إسرائيل حليفاً لها. ويجوز أنها دليل على فهم الإدارة الأميركية جيداً أن نتنياهو ربط مصيره السياسي باليمين الإسرائيلي المتطرّف الذي يريد استمرار الحرب، واحتلال قطاع غزة، وبناء مستوطنات يهودية هناك، حتى لو كان الثمن التخلي عن المخطوفين.

هذه التطورات طرحت على نار حامية من الجدل مسألة العلاقة القائمة بين إسرائيل والولايات المتحدة على مرّ الأعوام وهل هي قائمة على أساس التبعيّة أو النديّة. كما أنها طرحت سؤالاً ما زال دون جواب حاسم بشأن انعكاس هذه التطوّرات على احتمالات تغيير الموقف الأميركي الذي ما زال مؤيّداً للحرب على غزة وأهدافها الرئيسة. والتقديرات السائدة هي أنه على الرغم من التصعيد الذي يطرحه خطاب شومر فإنه لا يزال خطاباً صادراً عن سيناتور، وبالرغم من أهميته فهو ليس تغييراً في السياسة العملية من طرف إدارة بايدن.

والأمر الأكثر جلاءً أن ما حدث جعل جيشاً من المحللين والخبراء يعيدون تأطير هذه العلاقات الثنائية ويعيدونها إلى أصولها الثابتة، من خلال قراءة التحوّلات التي طرأت عليها ولكنها لم تبدّد تلك الأصول. وتركّز جانب كبير من هذا التأطير في الردّ على تعقيب حزب “الليكود” وتشديده على أن إسرائيل ليست محميّة أميركية ولا جمهورية موز، ما حدا بالنائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والباحث الكبير في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب حالياً، د. تشاك فرايليخ، إلى تأكيد أن إسرائيل لا تزال محميّة أميركية وستظلّ كذلك حتى إشعار آخر.

وتساءل فرايليخ، في إطار مقال نشره في صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية يوم 16 آذار الحالي: هل بإمكان إسرائيل الاستمرار في البقاء من دون الولايات المتحدة؟ وأضاف: الجواب سلبي على ما يبدو. إن تبعية إسرائيل للولايات المتحدة هي مسألة وجودية وليست أقل من ذلك. وسبب هذه التبعية يعود بالأساس إلى المساعدات الأميركية لإسرائيل التي تشكّل نحو 3% من الميزانية الوطنية فقط لكنها في الوقت عينه تشكّل نحو 20% من الميزانية الأمنيّة، ونحو 40% من ميزانية الجيش الإسرائيلي، وتقريباً كل ميزانية شراء الأسلحة والذخيرة. وليس مبالغة القول، إن أي دولة في العالم باستثناء الولايات المتحدة غير مستعدّة لأن تزوّد إسرائيل بوسائل قتال بالكمية والنوعية المطلوبة حتى لو دفعت أثمانها عدّاً ونقداً. ومن دون وسائل القتال الأميركية يصبح الجيش الإسرائيلي جيشاً أجوف.

وبرأي فرايليخ، القيمة المالية لهذه المساعدات الأميركية لا تعتبر الأمر الجوهري في هذا الصدد، وهو ما ثبت بالملموس خلال الحرب في قطاع غزة؛ فـ”ليس فقط أننا كنا بحاجة إلى مساعدات طارئة في وسائل القتال وإلى تغطية دولية في مجلس الأمن، بل اضطرت الولايات المتحدة أيضاً إلى إرسال حاملتي طائرات كي تردع إيران و(حزب الله) وكي توفّر على إسرائيل خوض مواجهة متعددة الجبهات يمكن أن تتطوّر إلى حرب إقليمية”.

وختم فرايليخ قائلاً: “يمكن للمصدر السياسي الإسرائيلي الرفيع (الذي يبدو أنه نتنياهو نفسه) أن يصرّح بملء الفم أن إسرائيل ليست محميّة أميركية، غير أن الواقع القائم ما زال يثبت العكس تماماً”!

ويتفق مع هذا الرأي رئيس “مركز الأمن القومي” في جامعة حيفا، البروفيسور بيني ميلر، الذي أكد للصحيفة نفسها (“غلوبس”، 17/3/2024) أن إسرائيل لا يمكنها أن تستمر في البقاء وحدها لكونها بحاجة إلى مساعدات اقتصاديّة وإلى تغطية في الساحة الدولية من جانب دولة عظمى. وهذه الدولة العظمى لا يمكن أن تكون سوى الولايات المتحدة، كون الصين وروسيا دولتين غير شريكتين لإسرائيل، وكون أوروبا في معظمها نقدية حيال السياسة الإسرائيلية ولديها حساسية خاصة في المجال الإنسانيّ. وهذا التوجّه الأوروبي يغلب إلى درجة كبيرة على سياسة كل من أستراليا وكندا، وبذا لا يبقى أمام إسرائيل سوى الاعتماد على الولايات المتحدة.

إن أبرز ما تبيّنه هذه المواقف هو أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، كما برهنت على ذلك الوقائع المرتبطة بالحرب الحالية على قطاع غزة، هي عنصر يستحيل عدم أخذه في الاعتبار لدى تحليل مآلات الحرب وإسقاطاتها السياسية المستقبلية.

———————————————

معاريف 21/3/2024

هكذا أباح نتنياهو دم مشروع الاستيطان كله

بقلم: بن كسبيت

هذا حصل معه مرة أخرى! لماذا يحصل معه بالذات؟ نجحوا مرة أخرى للإثقال على رئيس الوزراء. لشده من الانف، لخداعه، لتقديم عرض عابث أمامه ولإخفاء الوضع عنه. من أحاط برئيس وزراء إسرائيل بالأغبياء؟ من هو اليساري الخائن الذي وزع أناسا أقزاما تافهين وغير قادرين على أن يربطوا كلمة بكلمة في الإنكليزية حول الزعيم التاريخي هذا؟ لماذا نحاول جميعنا إفشاله كل الوقت؟ لماذا تفقد الغيرة الناس صوابهم؟

لماذا لم يكن احد هناك كي «يشده من سترته»؟ يحذره؟ ينبهه؟ يشرح له؟ يحسم الأمر؟ يكشف لبيبي هذا الواقع الصادم كي ينقذ إسرائيل؟

يبدو ظاهرا أن هذا موضوع هامشي. «الإعلام في أميركا». أما في الواقع فهذا موضوع مصيري، استراتيجي، سيتسبب، إذا لم يطرأ تغيير واسع على الوضع، في انه يتعين على أطفالنا أن يجمعوا المساعدات في كل مرة من جديد من كل قوة عظمى تلوح لهم، لأن الذخر الاستراتيجي الهائل الذي يسمى الولايات المتحدة آخذ بالابتعاد عنا.

لقد حضر نتنياهو، امس، جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. على هوامش ما قيل سُئل عن وضع الإعلام في الولايات المتحدة ووافق على أن الوضع ليس جيدا. وعندها سُئل إذا كان هذا لأنه لا يستثمر مالا هناك. فأجاب رئيس الوزراء: «هذه ليست فقط مسألة مال. هذا ببساطة لأنه لا يوجد أناس. انت محوط بأناس لا يعرفون كيف يربطون كلمة بكلمة في الإنكليزية».

من الآن فصاعدا، هذا المقال جدي: بنيامين نتنياهو فعل لمحيطه ما يفعله لكل الدولة: ضحالة، تسطيح، سحق وإبادة. إذا ما أخذتم كل محيطه، مستشاريه، متزلفيه، مروجيه ومساعديه – وربطوهم معا في كان واحد، لن تجدوا هناك مؤهلات مستشار معقول واحد. كمن يعين معظم الطاقم بعامة فلا ينتخب/تنتخب أيا إلا إذا كانت الميزة الوحيدة المطلوبة هي الولاء والتزلف، وليس مصلحة الدولة قبل كل شيء بل مصلحة العائلة واستمرار حكمها ولهذا فقد حصلنا على ما حصلنا عليه.

وكأنه يوجد في إسرائيل نقص بالأشخاص ممن يتكلمون الإنكليزية بطلاقة، وهم ليسوا نتنياهو. خسارة انه لا يسأل أحد ما عن كل مشاريع الإعلام الإسرائيلية الرائعة التي أقيمت هنا كالفطر بعد المطر في أعقاب 7 أكتوبر. إسرائيل مليئة بمئات آلاف الأشخاص الذي يتقنون الإنكليزية بلغة الأم. قسم كبير منهم إبداعيون، مثقفون وأذكياء. وحتى نتنياهو يدعي انه يجب إيجادهم.

عندما تحاول عقيلته التضييق على خطى احد الإعلاميين القلائل الذي يقوم بعمله (ايلون ليفي من وزارة الخارجية) لأنه ظهر ذات مرة في تظاهرة ما، عندما تقطع كاسحة العشب البيبية رأس كل من يتميز بشيء ما ليس السجود للزعيم، فما الغرو في أن إعلامنا يبدو مثل شمال قطاع غزة بعد معالجة الجيش الإسرائيلي له، بينما يحتاج هذا الإعلام هو نفسه لأن يشرح هذا.

وإذا كنا نتحدث عن الإنكليزية، فلأسفي الشديد فإنه حتى وليم شكسبير وأبا ايبان لن ينجحا في أن يشرحا للعالم وبالتأكيد ليس للأميركيين، أفعال الأميين بالانكليزية بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. الأول معروف اكثر بلقب «غراند مايزر» بينما الآخر اشترى عالمه بالعبارة الشخصية «ذيس ايز نوت بسيدر!!».

وبعد أن تحدثنا عن الإعلام، محظور أن ننسى الجوهر: حتى منظومة الإعلام والدعاية الكفؤة في العالم لن تنجح أبدا في أن تشرح حكومة نتنياهو. فالعقوبات التي تفرض مؤخرا على المستوطنين، بوتيرة متزايدة من قبل المزيد فالمزيد من الدول لا تفرض بسبب «اللاسامية» ولا بسبب وشايات منظمات اليسار. هي تفرض أساسا لأن الأميركيين فقدوا الثقة بحكومة إسرائيل. عندما أعطى نتنياهو المفاتيح للإدارة المدنية في «يهودا والسامرة» إلى ايدي أكبر محبي إشعال النار في إسرائيل واللذين تقاطعهما واشنطن، هو في واقع الأمر أباح دم مشروع الاستيطان كله. من يزرع الريح يحصد العاصفة. بالإنكليزية.

———————————————

هآرتس 21/3/2024

مفاوضات الدوحة، انتصار حماس وخسارة إسرائيل

بقلم: غيرشون باسكن

لقد استؤنفت المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن في الدوحة، وهذا أمر جيد للغاية. ويتضمن رد حماس الأخير عددا من علامات المرونة ويشير إلى رغبة حماس المحتملة في التوصل إلى اتفاق. إن مصلحة حماس الأساسية هي إنهاء الحرب مع استمرار حماس في السيطرة على غزة. وقدم أحد مفاوضي حماس مقترحه على النحو التالي:

14 مارس 2024: نريد من إسرائيل أن تطرح مواقف واضحة: 1- وقف دائم لإطلاق النار (ربما على مراحل)، 2- انسحاب القوات الإسرائيلية من كامل القطاع (على مراحل) 3- عودة النازحين إلى أماكن إقامتهم .

وتشكو إسرائيل من أن عدد الأسرى الذي طلبته حماس مرتفع للغاية. وقلنا إنه إذا وجدنا موقفا إيجابيا بشأن القضايا الثلاث، فإننا مستعدون لإبداء مرونة كبيرة بشأن قضية الأسرى.

وتضمنت ردود حماس الإضافية كما عرضتها رويترز مزيدا من التفاصيل بما في ذلك إطلاق سراح حوالي 40 رهينة من النساء والأطفال والمسنين والجرحى. ويشمل ذلك المجندات – وهو تطور جديد غائب عن كل المناقشات حتى الآن. وفي المقابل تريد حماس إطلاق سراح نحو 1000 أسير فلسطيني من بينهم نحو 100 أسير يقضيون أحكاما بالسجن المؤبد. هناك تقارير متضاربة حول ما إذا كان السجناء المحكوم عليهم بالسجن المؤبد المئة هم الأكثر خطورة، أولئك الذين قتلوا أكبر عدد من الإسرائيليين مثل عبد الله البرغوثي، وحسن سلامة، وآخرين بمن فيهم الزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي.

وتتمثل المرونة في اقتراح حماس في موافقتها الواضحة على تحقيق المرحلة الأولى من الصفقة دون التزام إسرائيلي كامل بإنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة بالكامل. وهذا ليس واضحا تماما، ولكن يبدو أنه قد يكون كذلك من النص أعلاه الذي يتحدث عن المراحل. وهذا سيتضح أكثر في الأيام المقبلة من المفاوضات.

يجب على إسرائيل أن تبذل قصارى جهدها لإعادة جميع الرهائن إلى وطنهم، ومن أجلنا جميعا، علينا أن نجد طريقة لإنهاء هذه الحرب. هناك فرصة ضئيلة لموافقة حكومة نتنياهو على إنهاء الحرب بينما لا تزال القيادة العليا لحماس في غزة على قيد الحياة. كما لا يوجد أي استعداد في إسرائيل لمنح أي نوع من النصر لحماس، مما يعني بقاء حماس في السلطة عندما تخرج إسرائيل من غزة. وكما قيل مرات عديدة من قبل العديد من الأشخاص غيري، من الواضح أن نتنياهو لديه الرغبة في إطالة أمد هذه الحرب لأطول فترة ممكنة لأن مستقبله السياسي مرتبط بها. عندما تنتهي الحرب، ستخرج المظاهرات الحاشدة في إسرائيل إلى الشوارع للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة وإلقاء اللوم والمسؤولية بشكل مباشر على نتنياهو عن الإخفاقات التي أدت إلى 7 أكتوبر وإخفاقات 7 أكتوبر نفسها. وطالما أن الحرب مستمرة، فإن نتنياهو يتمتع بنوع من الدرع الواقي الذي كان قوياً بما يكفي حتى الآن لإبعاد كل الانتقادات المبررة عنه وإخفاقاته. فهو، في نهاية المطاف، أسوأ زعيم عرفه الشعب اليهودي على الإطلاق.

إن إخفاقات نتنياهو المفاهيمية منذ عام 2009 واضحة للجميع، بما في ذلك تمويل حماس وإبقاء حماس في السلطة كل هذه السنوات لمنع أي ضغط على إسرائيل فيما يتعلق بحل الدولتين. لكن إخفاقات نتنياهو المفاهيمية استمرت ما يقرب من ستة أشهر بعد هذه الحرب. إن فشل إسرائيل في تقديم نهاية سياسية قادرة على تحدي حماس على الجبهة الأيديولوجية وحشد الشراكة مع جيران إسرائيل العرب، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، هو خطأ هائل آخر وسوء تقدير من جانب نتنياهو يترك المفاوضين في الدوحة، في الوقت الحالي، مع خيارات تستمر في تمكين حماس وإضعاف الحرب ضدها.

إن حل الدولتين يشكل السبيل إلى إلحاق الهزيمة بالمتطرفين، وهو الحل الذي سوف يحظى بدعم أغلبية الشعب الفلسطيني وكل الدول العربية السُنّية المعتدلة.

يجب أن تكون هناك استراتيجية إسرائيلية واضحة ومتماسكة تعترف بوجوب تسليم غزة إلى الحكم الفلسطيني الذي يعارض الكفاح المسلح والمقاومة، ويدرك خطر الحكم الإسلامي المتطرف، ويكون مستعداً لضمان عدم وجود جماعة مسلحة في غزة، بخلاف قوة الشرطة والأمن الفلسطينية الشرعية. ولا تستطيع أي حكومة فلسطينية أن تحقق الاستقرار والأمن وأن تتمتع بالشرعية في نظر المجتمع الدولي الذي قد يكون راغباً في الاستثمار في إعادة بناء غزة دون أن تدخل أولاً قوة عسكرية كبيرة إلى غزة بدعوة من الحكومة الفلسطينية. وهذه القوة العسكرية، ذات التفويض الواضح ولكن المحدود زمنياً، وربما تكون مدعومة بقرار من الجامعة العربية، ينبغي أن تكون قوة عربية متعددة الجنسيات. ولكن أولاً يجب أن تكون هناك قيادة فلسطينية تتمتع بالشرعية في نظر الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وتكون لديها السلطة للحكم.

وقام الرئيس عباس بتعيين رئيس وزراء جديد هو الدكتور محمد مصطفى. أنا أعرف الدكتور مصطفى جيدًا. إنه شخص محترم ويحظى بالاحترام في عالم الاقتصاد الدولي. هناك الكثير من الانتقادات ضده داخل فلسطين من قبل أولئك الذين يرون أنه مقرب جدًا من الرئيس عباس وبالتالي يفتقر إلى الشرعية. أتمنى له النجاح، ولكني أشك في أنه سيتمكن من تشكيل حكومة تتمتع بالشرعية اللازمة للحكم. كما أنني أشك في أن الرئيس عباس سيسلمه ما يكفي من السلطة والسيادة للحكم. تتمتع السلطة الفلسطينية في رام الله اليوم بسلطة وسيادة محدودة للغاية على معظم أنحاء الضفة الغربية، ولا تتمتع بأي سلطة أو سيادة في غزة. أجرؤ على التخمين أن اختيار الدكتور مصطفى حظي بموافقة فورية من نتنياهو ومستشاره للأمن القومي لأنهما يعلمان أنه لن ينجح في تشكيل حكومة يمكنها أن تحكم فعليا. وهذا مرة أخرى فشل نتنياهو ومثال آخر على حكمه السيئ فيما يتعلق بمستقبلنا.

ليس هناك ما أريده أكثر من عودة جميع الرهائن إلى ديارهم، وأن تنتهي هذه الحرب. وهناك احتمال أن تسفر مفاوضات الدوحة عن اتفاق ينجح في إعادة المزيد من الرهائن إلى الوطن. إن المفاوضين في مأزق بالغ الصعوبة بسبب الصلاحيات المحدودة الممنوحة لهم، وفي الأساس لأنهم لا يملكون أي وسيلة للتوصل إلى اتفاق لا يكافئ حماس على الفظائع التي ارتكبتها. على مواطني إسرائيل أن يروا ويفهموا هذا الوضع وأن يستوعبوا أن نتنياهو وحكومته سيئون لإسرائيل. نسمع كل مساء في الأخبار أن الجيش يتباطأ، وأن الجيش ما زال في مكانه دون إحراز أي تقدم، وأن كل التقدم الذي تم إحرازه في هزيمة حماس عسكرياً يضيع هدراً لأنه لا توجد نهاية سياسية. لقد فقدت إسرائيل دعم معظم دول العالم وتفقد دعم الولايات المتحدة بسرعة. لا توجد طريقة لفهم الخسائر الهائلة في صفوف المدنيين في غزة بين المدنيين غير المقاتلين والدمار المادي غير القابل للتفسير الذي أطلقته إسرائيل على غزة. لا شيء من هذا يمكن التراجع عنه، ولكن من الممكن تحقيق الأهداف السياسية المتمثلة في ضمان عدم سيطرة حماس على غزة وتهديد إسرائيل مرة أخرى إلى الأبد، ولن يتسنى ذلك إلا من خلال التوصل إلى نهاية شاملة ومتماسكة ذات أهداف سياسية. ويجب أن تتضمن هذه الأهداف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية، ووضع خطة إقليمية للأمن والاستقرار والتعاون الاقتصادي والتنمية.

في الوقت الحالي، نحن نسير على الطريق الواضح لسيناريو الخسارة لكل من إسرائيل وفلسطين. وهذا هو السيناريو الوحيد الممكن عندما يكون الحل الوحيد المستخدم هو الحل العسكري. لا يوجد حل عسكري للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ما زلنا جميعًا نعيش صدمة 7 أكتوبر والأشهر التي تلت ذلك، وأنا أفهم إذا كان تفكيرنا لا يزال يخيم عليه الغضب والحزن والألم واليأس. لكن هذه ليست خطة ويجب أن تكون لدينا خطة. ويجب أن يكون هناك حل سياسي لهذه الحرب ولهذا الصراع. ومن الصعب أن ندرك من خلال الغضب والرغبة في الانتقام أن الحل أمامنا. أجل انه موجود.الأمر ليس سهلاً ويتطلب الكثير من العمل. وسيتطلب الأمر أن نبذل جهودا كبيرة للتعلم من إخفاقات الماضي. وللأسف لن يحدث شيء من ذلك حتى نتغير ويتغير قادتنا (على الجانبين). لذلك دعونا نصل إلى ذلك بالفعل!

———————————————

هآرتس 21/3/2024

“الفيتو” الأميركي على خطوات الجيش الإسرائيلي

بقلم: عاموس هرئيل

قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إرسال بعثة الى واشنطن من اجل أن تطرح على الإدارة الأميركية خطة عمل الجيش الإسرائيلي في رفح، تعكس الوضع الحقيقي في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة قبل منتصف الشهر السادس للحرب. نتنياهو يهدد يوميا بالاقتحام العسكري القريب لرفح ويعد الجمهور بانتصار مطلق على حماس ويتفاخر باستقلالية اسرائيل في اتخاذ القرارات رغم التوتر مع الرئيس الأميركي، جو بايدن. لكن عمليا فكرة أن اسرائيل دائما تدافع عن نفسها ذاتيا (مع القليل من المساعدة من الأصدقاء) هي محل تساؤل كبير منذ الهجوم الإرهابي في 7 تشرين الأول. بايدن مؤخرا يقوم بتحديه من كل الجهات بقرار إنزال المساعدات جوا الى غزة وإقامة رصيف بحري على شاطئ غزة بإبطاء معين تتقدم فيه وتيرة تزويد السلاح من الولايات المتحدة لإسرائيل وبالمعارضة الأميركية المتزايدة والأكثر علنية للعملية في رفع.

في البداية تم إرسال الرسالة عبر الوزير بيني غانتس، الذي زار واشنطن في بداية الشهر الحالي: الادارة لن تسمح بدخول اسرائيل الى رفح في شهر رمضان. هذا لم يزعج نتنياهو في الاعلان عن اقتحام قريب متوقع، في كل مناسبة منذ ذلك الحين. لكن للحقيقة فان الاستعداد يجري ببطء (رغم أن الخطة العملية تم عرضها على رئيس الحكومة)، في المحادثة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو في بداية الاسبوع الرئيس طلب ارسال بعثة اسرائيلية الى واشنطن لمناقشة العملية المخطط لها. رئيس الحكومة قرر أن يرسل الى هناك في الاسبوع القادم الوزير رون ديرمر ورئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي. رؤساء اجهزة الامن عرفوا عن ذلك فقط من بيان البيت الابيض. نتنياهو نسي أن يخبرهم.

حدث التغيير الاساسي في سياسة الادارة الأميركية تجاه إسرائيل في نهاية شهر شباط، في أعقاب الحادثة التي قتل فيها اكثر من 100 فلسطيني خلال وصول قافلة مساعدات الى مدينة غزة. الرئيس، الذي حتى ذلك الحين اظهر قدرة تحمل كبيرة، فقد مرة واحدة الصبر. ومنذ ذلك الحين تصدر البشائر السيئة والاهانة من الولايات المتحدة بوتيرة بشرى سيئة واهانة كل يوم. لكن التعبير الاكثر بروزا اعطي في واشنطن وليس في غزة، بإعلان رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قبل أسبوع. شومر وصف نتنياهو بأنه عقبة أمام السلام وطلب اجراء انتخابات جديدة في إسرائيل، وبايدن وصف اقواله بـ «الخطاب الجيد». المعنى العملي لهذه الخطوة والتصريحات مؤخرا هو أن الولايات المتحدة منحت نفسها صلاحيات متزايدة عن أمن اسرائيل، مع التصميم على نوع من حق الفيتو على خطوات الجيش الاسرائيلي. الدلائل على ذلك شوهدت في بداية الحرب في خطاب الرئيس الذي حذر فيه ايران واسرائيل من فتح جبهة بينهما بمشاركة حزب الله، وفي اللقاءات المتواترة التي اجرتها الشخصيات الرفيعة في الادارة الأميركية مع مجلس الحرب الاسرائيلي، التي جرت فيها نقاشات مفصلة لخطط عملية. منذ ذلك الحين اعتماد اسرائيل على الولايات المتحدة ازداد فقط الى مستوى مقلق.

التصريحات العلنية الأميركية والاتحاد الاوروبي ضد العملية في رفح تقلص بشكل كبير مجال احتمالات اسرائيل. ربما سيحاول نتنياهو التعلق بالصعوبات التي وضعها بايدن (كالعادة ايضا بالجنرالات واليسار) من اجل أن يشرح لماذا تتباطأ العملية في رفح. لولا الرغبة في الدفع قدما بصفقة تبادل لربما كانت الإدارة الأميركية أيضا ستعيد النظر في تصميمها على مواصلة استخدام الفيتو على مشاريع قرارات مناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن.

بانتظار السنوار

المجتمع الدولي يعبر عن تخوفه من العملية في رفح بسبب المليون ونصف فلسطيني الذين يوجدون هناك. لكن تقدم العملية يتباطأ ايضا على خلفية عدم تخصيص قوات عسكرية لهذه العملية في هذه المرحلة. عمليا، داخل القطاع تعمل الآن القوة العسكرية الاصغر منذ بداية الحرب، ثلاثة ألوية ونصف فقط. العملية في خان يونس تم تقليصها بشكل كبير، ومعظم القوات التي قاتلت هناك خرجت للاستراحة خارج القطاع. في الوقت نفسه يسيطر لواء الناحل على الممر الذي يقسم القطاع في وادي غزة، في الوقت الذي فيه الطاقم القتالي للواء 401 يقود الهجوم على مستشفى الشفاء. هناك تجري عملية كثيفة نسبيا، التي قتل فيها حسب الجيش الاسرائيلي اكثر من 100 مخرب وتم اعتقال مئات المشبوهين، من بينهم نشطاء مركزيون في حماس. يبدو أنه على الأقل جزء من جهود إسرائيل يستثمر في المس بإحباط محاولات حماس إعادة سيطرتها في شمال القطاع، مع المس بالمشاركين في السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية.

الوضع الإنساني، بالأساس في شمال القطاع، يواصل كونه وضعاً صعباً جداً. الجمهور في إسرائيل تقريباً لا يدرك ذلك لأن معظم وسائل الإعلام في البلاد تخفي معاناة الفلسطينيين منذ بداية الحرب بالمذبحة في بلدات الغلاف. من الواضح أن تجاهل حماس ايضا يضخم ويختلق القصص، لكن الازمة، التي يتم وصفها بأنها حافة الجوع في بعض المناطق، هي ازمة حقيقية وتؤثر على ردود المجتمع الدولي وازدياد الطلب للاعلان الفوري عن اطلاق النار. اسرائيل والولايات المتحدة تريدان ربط ذلك بالتوصل الى اتفاق لاطلاق سراح المخطوفين، الذي سيشمل وقف لاطلاق النار مدة ستة اسابيع واطلاق سراح ألف سجين فلسطيني مقابل 40 مخطوف اسرائيلي (نساء، شيوخ، جرحى ومرضى). التقارير الواردة من الدوحة كثيرة ومتناقضة. مع ذلك فان حقيقة أن بعض اعضاء البعثة الإسرائيلية للمفاوضات ما زالوا هناك، وأنه بالفعل تجري محادثات عن قرب، أي يتم نقل رسائل بشكل متواصل من الوسطاء لقيادة حماس الخارج، التي توجد بشكل دائم في الدوحة، تدل على احتمالية معينة لحدوث تقدم في المفاوضات. الامر لم يكن هكذا في الجولات السابقة في باريس وفي القاهرة، التي عادت منها البعثة بسرعة الى اسرائيل، وعلى الأغلب بدون أي انجازات حقيقية.

صاحب الكلمة الاخيرة في حماس، وربما بشكل عام، هو يحيى السنوار، رئيس حماس في القطاع. الاتصال معه، كما نشر عن ذلك في السابق، متقطع ازاء حقيقة أنه يختفي خوفاً من اعتقاله من قبل الجيش الاسرائيلي والشاباك. في الصفقة الاولى في نهاية تشرين الثاني الماضي تبين أن السنوار يفقد في مرحلة معينة صبره في الانشغال بالتفاصيل الصغيرة في المفاوضات، ويميل الى الحسم دون الإصغاء اكثر من اللازم لأصدقائه الذين يعيشون في رفاهية في الفنادق في قطر. هذا يمكن أن يحدث أيضاً في هذه المرة.

خلال الحرب ثارت بين حين وآخر آمال في أن اتفاق على إنهاء الحرب سيشمل نوعا من موافقة السنوار وكبار القادة في الذراع العسكري على الخروج الى المنفى خارج القطاع مع تعهد بعدم المس بهم. مصدر رفيع في الجيش الإسرائيلي الذي زار مؤخرا الوحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية، سأل الضباط القدامى الذين لهم سنوات من الخبرة في جمع المعلومات عن السنوار (الذين لم يكلف الجيش نفسه وبجد عناء الاستماع اليهم قبل المذبحة في 7 تشرين الأول)، سألهم اذا كانت هناك أي احتمالية لمثل هذا التنازل. رجال الاستخبارات ردوا بالنفي المطلق: السنوار، كما قدروا، سيفضل البقاء في القطاع حتى لو كان بذلك يقامر بمصيره الشخصي.

———————————————

 هآرتس 21/3/2024

“حصة” سموتريتش في تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة!

بقلم: ميراف ارلوزوروف

هناك إنجاز واحد، الذي لم يكن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كما يبدو يريد التفاخر به، وهو أن يكون مؤسس الدولة الفلسطينية المستقلة. فقط هذا ما يبدو أنه سيحدث في اعقاب القرار غير الحكيم لسموتريتش وهو وقف تعويض بنك العمال وبنك ديسكونت بسبب علاقتهما مع النظام المصرفي الفلسطيني. الوزير سموتريتش اعلن مؤخراً بأنه لن يستأنف الحماية التي تعطيها الدولة لهذين البنكين بسبب علاقتهما مع البنوك الفلسطينية، في حين أن هذين البنكين يأخذان المخاطرة الكبيرة في اتهامهما بارتكاب مخالفات في مجال تمويل الارهاب.

الحماية الأولى هي قانونية، الدولة ستدافع عن البنكين أمام الدعاوى ضدهما. الحماية الثانية هي مالية، الدولة ستقوم بتعويضهما اذا خسرا في الدعاوى ضدهما.

يمكن منذ الآن توقع ماذا سيحدث. وزارة المالية ليست هي التي تتعامل بالدفاع القانوني عن البنوك، بل وزارة العدل، هكذا فان تهديد سموتريتش فارغ.

في المقابل، الحماية المالية، التعويض الذي يعطيه المحاسب العام في وزارة المالية للبنكين في حالة دعاوى محتملة ضدهما، بالتأكيد سموتريتش يمكنه وقفه. وزير المالية يمكنه أن يأمر المحاسب العام، الخاضع له، بوقف تعويض البنكين. هل هذا حقا ما سيحدث؟ هذا قصة اخرى. بنك العمال وبنك ديسكونت يتصرفان كبنكين وسيطين أو مراسلين للبنوك الفلسطينية امام المنظومة البنكية في اسرائيل. البنك المراسل هو البنك الذي يربط بين بنوك في الخارج تتعامل بالعملة الاجنبية وبين المنظومة البنكية المحلية. هكذا اذا تسلم السيد ليفي في اسدود شيك من العمة باتي في كليفلاند في الولايات المتحدة، وقام بايداع الشيك في حسابه في فرع اسدود فان البنك هناك سيتوجه الى البنك الرابط (الوسيط) في الولايات المتحدة وسيطلب منه أن يحول الى حسابه الاموال من الحساب البنكي للعمة باتي في كليفلاند. من اجل ذلك يوجد للبنك الإسرائيلي حساب في البنك الوسيط في الولايات المتحدة، الذي يمثل زبونه (البنك الاسرائيلي) أمام جميع البنوك الأميركية، ويضمن بأنه بنك آمن وموثوق. ايضا هو يضمن أن البنك الاسرائيلي يقوم بالفحص والتأكد من أن زبائنه (السيد ليفي) لا يعملون في تبييض الاموال وتمويل الارهاب.

مصلحة استراتيجية عليا لاسرائيل

منظومة المراسلة تقوم على الثقة بين البنوك وعلى خضوع للقواعد الدولية. وهي ايضا تفرض اخطارا كثيرة على البنوك المراسلة. فهي ضامنة لبنوك في دول اجنبية، واحيانا بنوكا في دول مشكوك فيها. منذ أن دخل نظام تبييض الاموال العالمي الذي يفرض على البنوك مسؤولية كبيرة للتأكد من أن الاموال التي تمر فيها ليست اموال ارهاب أو تبييض اموال، فان البنك الذي يخطئ يقوم بدفع غرامات ضخمة والمدراء فيه يكونوا معرضين للتقديم لمحاكمة جنائية. عدد البنوك التي تعمل في هذا المجال في العالم انخفض 25 في المئة.

في إسرائيل ايضا هذا كان يمكن أن يحدث. بنك العمال وبنك ديسكونت هما البنكان الوسيطان للبنوك الفلسطينية في معاملاتها بالشيكل. ولأن الشيكل هو العملة الرسمية في الضفة الغربية فان هذا يعني أن جزءا كبيرا من الاقتصاد الفلسطيني وأي علاقة له مع البنوك في العالم يتم عبر هذين البنكين الاسرائيليين. فقط عندما رفض الفلسطينيون كما هو متوقع رفع قواعد منع تبييض الاموال وتمويل الارهاب عن انفسهم، وضع الأمر بنك العمال وبنك ديسكونت على خط النار في مواجهة دعاوى مالية وجنائية من قبل كل متضرر من الارهاب الفلسطيني في العالم.

منذ العام 2009 بنك العمال وبنك ديسكونت يحاولان وقف نشاطات المراسلة لهما امام البنوك الفلسطينية، في حين أن الدولة تتوسل لهما كي لا يوقفان ذلك. اسرائيل يجب عليها الحفاظ على العلاقة المصرفية امام السلطة الفلسطينية لاسباب حاسمة.

السبب الاول هو العلاقات الخارجية لاسرائيل: الموافقة على علاقة مع المنظومة المصرفية هي جزء من اتفاق اوسلو (اتفاق باريس)، الذي أي خرق له من قبل اسرائيل سيجر عقوبات دولية. اسرائيل ايضا تدرك بأن هذا الخرق من قبلها سيستدعي مطالبة شرعية للفلسطينيين للاعلان عن عملة وطنية خاصة بهم، وهو الطلب الذي يشكل خطوة اولى قبل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة.

السبب الثاني والحاسم هو الأمن: بدون صلة بالمنظومة البنكية في إسرائيل – في الوقت الذي فيه الاقتصاد الفلسطيني يعمل بالشيكل وجزء كبير من المداخيل ينبع من الاتجار مع اسرائيل أو العمل في اسرائيل – الاقتصاد الفلسطيني سينهار.

عمليا، هذا سيحول الضفة الغربية الى غزة بكبسة زر. هذه الخطوة ستدمر الاقتصاد والسلطة الفلسطينية، الامر الذي يخشى جهاز الامن منه. اضافة الى ذلك بدون بنوك فان الاقتصاد الفلسطيني سيعود الى التعامل بالنقد، الذي هو كما هو معروف الوسيلة الاكثر سهولة لتمويل الارهاب. باختصار، هذه مصلحة استراتيجية عليا لاسرائيل، مواصلة المنظومة المصرفية الفلسطينية عملها، لذلك نحن نحتاج الى ربط تراسلي بالمنظومة المالية الاسرائيلية.

تهديد البنكين الاسرائيليين بوقف العمل في هذا المجال فعل فعله. ورد الدولة على ذلك كان مزدوجا. اولا، تقرر تشكيل شركة حكومية، شركة خدمات المراسلة، ستستبدل البنكين. ثانيا، الى حين بدء الشركة الحكومية بالعمل فقد وعدت الدولة البنكين بتعويض مزدوج، قانوني ومالي.

اعلن سموتريتش مؤخرا عن وقف هذا التعويض. جاء هذا الاعلان كرد على تقييد تمويل الارهاب الذي فرضته البنوك الاميركية، في قرار الادارة الاميركية على عدد من المستوطنين المتطرفين، الذي في اعقابه اضطرت البنوك الاسرائيلية، التي تخضع للنظام الدولي الخاص بحظر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، الى إغلاق حسابات هؤلاء المستوطنين أيضا في إسرائيل.

الوزير سموتريتش قرر بأن الأمر يتعلق بظلم فظيع، رغم أنه تضرر منه فقط عدد محدود من الاسرائيليين، مقابل آلاف الفلسطينيين الذين يفرض الاميركيون عليهم قيود وفقا للقانون نفسه، وقرر في أنه سيري للأميركيين من أين تتبول الدجاجة.

وزير المالية قرر الإضرار بالبنوك الإسرائيلية ومن خلالها بالبنوك الفلسطينية بواسطة وقف التعويض.

البديل الواقعي

معنى قرار سموتريتش يمكن أن يكون واحدا وهو أن يوقف بنك العمال وبنك ديسكونت العمل كبنوك مراسلة لصالح الفلسطينيين. هذا سيكون له اربعة تأثيرات محتملة.

التأثير الاول، البنوك الدولية ستعتبر المنظومة المصرفية في اسرائيل ذراعا يتعاون مع الحكومة في تدمير السلطة الفلسطينية، والمنظومة المصرفية في اسرائيل يمكن أن تجد نفسها معزولة في العالم. اذا حدث ذلك فان الاقتصاد الاسرائيلي سينهار.

التأثير الثاني، السلطة الفلسطينية ستنهار وسيتفشى الجوع في الضفة الغربية. اذا لم يكن الجوع في غزة كافيا فانه سيضاف اليه الآن الجوع في المناطق.

التأثير الثالث، السلطة الفلسطينية ستعلن بأن اسرائيل قد خرقت اتفاق اوسلو وستطلب من العالم أن يسمح لها باصدار عملة خاصة بها. العالم بالطبع سيؤيد ذلك. أي خيار آخر سيكون بعد أن تفصل اسرائيل الفلسطينيين عن عالم الأموال. هذا سيكون الخطوة الأولى قبل الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة. من الآن فصاعدا سيكون سموتريتش هو مؤسس الدولة الفلسطينية.

التأثير الرابع، أي تأثير من التأثيرات الثلاثة لن يحدث لأن الأميركيين سيذهبون الى رئيس سموتريتش، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وسيوضحون له بأن ذلك لن يحدث. نتنياهو سيستمتع برؤية الاميركيين وهم يتوسلون له لمساعدتهم، وبالطبع هو سيتحرك في اللحظة الاخيرة وسيقرر أن التعويضات من الدولة للبنكين الاسرائيليين ستستمر كالعادة. هذا هو البديل الاكثر واقعية.

فقط توجد مشكلة صغيرة وهي أنه من البداية البنكين ينويان وقف نشاطات المراسلة، وهما فقط ينتظران تشغيل الشركة الحكومية التي ستحل مكانهما.

هل يمكن أن يحدث أنه في أعقاب التدخل الأميركي ستبدأ الشركة الحكومية أخيراً في العمل؟ اذا حدث ذلك فان هذا ايضا سيكون إنجازاً لسموتريتش. فبفضله علاقة المراسلة مع البنوك الفلسطينية ستترسخ أخيراً.

———————————————

 هآرتس 21/3/2024

الجيش الأكثر أخلاقية في العالم “يَتَحَيْوَن”!

بقلم: عوزي بنزيمان

اورد التقرير الذي نشرته الـ «بي.بي.سي» في الاسبوع الماضي شهادات لاطباء وممرضين في مستشفى ناصر في خان يونس حول عمليات تنكيل لجنود الجيش الاسرائيلي. حسب وصفهم فان الجنود قاموا بضربهم بالعصي والمواسير واعقاب البنادق واللكمات. وقد تم نقلهم بالملابس الداخلية الى داخل اسرائيل من اجل التحقيق، وطوال الطريق قام الجنود باهانتهم وصب المياه الباردة عليهم. أحدهم، الدكتور احمد أبو صبحة، قال إن احد الجنود قام بضربه على يده الى أن كسرت، بعد ذلك تم اخذه الى المراحيض وهناك اطلقوا عليه الكلاب. عمليات التنكيل استمرت ايضا خلال فترة اعتقالهم الى أن تمت اعادتهم الى غزة.

في «وول ستريت جورنال» نشرت شهادات اخرى تفيد بأن الفلسطينيين المشبوهين الذين تم اخذهم من القطاع الى اسرائيل تعرضوا للتنكيل الجسدي والنفسي. وقد تم خلع ملابسهم واحتجازهم في العزل وضربهم اثناء التحقيق، وبين حين وآخر تم منعهم من النوم (13/3/2024). قبل ذلك نشرت «هآرتس» بأن 27 معتقلا غزيا ماتوا منذ بداية الحرب في منشآت عسكرية في اسرائيل، التي تم احتجازهم فيها («هآرتس»، 7/3). المعتقلون ماتوا وهم محتجزون في قاعدة سديه تيمان قرب بئر السبع وفي قاعدة عناتوت قرب القدس وفي منشآت اخرى في اسرائيل.

هذه ليست ظاهرة ظهرت مؤخرا فقط، وهي ليست مجموعة من الحالات الاستثنائية. بعد شهر على اندلاع الحرب نشر نير حسون وهاجر شيزاف «لقد بدأ الكثير من الجنود يوثقون انفسهم وهم يقومون بضرب واهانة الفلسطينيين المعتقلين، ونشر افلام فيديو في الشبكات الاجتماعية. الفلسطينيون تم توثيقهم في افلام وايديهم مقيدة ووجوههم مغطاة، وفي بعض الحالات تم توثيقهم وهم عراة أو يرتدون بشكل جزئي. في بعض الافلام كان الجنود يضربون الفلسطينيين ويشتمونهم. وفي افلام اخرى يجبرون المعتقلين على قول اشياء أو التصرف بشكل مهين» («هآرتس»، 8/11/2023).

موقع «محادثة محلية» نشر في 3/1 شهادات لاربعة معتقلين فلسطينيين اعتقلوا في غزة وتم اطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم. وقد تحدثوا عن تواصل غير منقطع للاهانة والتعذيب وموت اصدقاء في منشآت الاعتقال العسكرية. «حسب الكثير من الشهادات»، كتب يوفال ابراهام في الموقع «الاساليب تشمل التقييد بالجدار لساعات والضرب في كل انحاء الجسم واطفاء السجائر على الظهر والرقبة والتكبيل وعصب العيون في معظم ساعات اليوم. وحسب الشهادات فان الجنود تبولوا على المعتقلين وقاموا بالاعتداء عليهم بالضربات الكهربائية واحرقوا جلودهم بالقداحات وبصقوا على وجوههم ومنعوهم من النوم والاكل والذهاب الى المرحاض حتى قضوا حاجتهم على انفسهم».

هذه اعراض حيونة في الجيش الاسرائيلي، وطالما أنها مستمرة فانها تتفشى وتصيب بالعدوى وحدات اخرى وجنودا آخرين. يبدو أن هذه نتيجة متوقعة يجب عدم التفاجؤ منها: الحرب هي وضع فيه يتحرر الحيوان الذي يوجد داخل الانسان ولا مناص من التسليم بمظاهر الحرب المروعة، خاصة في الظروف التي وجدت فيها اسرائيل نفسها في صباح 7 تشرين الاول. ما هو الضرب والتعذيب الذي يقوم به الجنود هنا وهناك للمعتقلين أو الاسرى الفلسطينيين امام المذبحة المنظمة والجهنمية التي نفذتها حماس وملحقاتها بدون تمييز ضد المئات من الاسرائيليين، الاطفال الرضع والنساء والشيوخ والمرضى؟

الجندي الذي يقوم بالتنكيل يحصل كما يبدو على الشرعية على سلوكه المرفوض من الفضاء الذي يعمل فيه: هو جزء من فرق كبيرة تزرع الدمار والموت الكبيرين في قطاع غزة. في نهاية المطاف تم استدعاؤه للدفاع عن الوطن من قبل نظام جامح شجع في السنة الماضية على التنكيل بالفلسطينيين وطمس الحدود بين المسموح والممنوع بالنسبة لهم.

ساحة الحرب التي وضع فيها مليئة بالعنف وتعرض حياته للخطر؛ هو في نهاية المطاف يحمل معه مشاهد واصوات الرعب التي احدثتها حماس في 7 تشرين الاول؛ أبناء عائلته واصدقاؤه سقطوا أو تم اختطافهم؛ هو مملوء بمشاعر الانتقام والدولة زودته بالسلاح والوسائل القتالية الاخرى كي ينفذ مهمته. في هذه الظروف فانه لا يوجد كما يبدو أي مكان لمحاسبته على سلوكه الشخصي امام العدو الذي وقع في يده.

لكن القانون والاخلاق والحكمة تقتضي التصرف بشكل مختلف، وتطبيق القانون على الجنود الذين يقومون بالتنكيل. اللقاء بين المقاتل الاسرائيلي والاسير الفلسطيني هو لحظة الحقيقة التي تطفو فيها شخصية وقيم الجندي (المحسوب على «الجيش الاكثر اخلاقية في العالم») امام من اعتبر عدوه (على الاغلب الشكاوى عن التعذيب تأتي من فلسطينيين ليسوا مقاتلين). المزيد من الجنود لا يجتازون اختبار المعايير المناسبة ويلحقون العار بالدولة والجيش. من ناحية التفاخر والتقدير لتفاني جميع جنود الجيش الاسرائيلي واستعدادهم للتضحية فانه لا يجب الاستمرار في تجاهل خطر فقدان صورة الانسان التي تكمن في ممارسة الانتهاكات الآخذة في التفشي في صفوفه.

المسؤول عن انتزاع الرؤية التي تبرر التنكيل من قلوب الجنود هو رئيس الاركان. هرتسي هليفي (بالمناسبة، أنا اعرفه منذ طفولته) دعا خلال الحرب عدة مرات الجنود للتصرف بشكل مناسب والحفاظ على «قيم الجيش الاسرائيلي» وطهارة السلاح.

للاسف الشديد، في الظروف الحالية فان المواعظ والاقوال الاخلاقية ليست الوسيلة الناجعة للتعامل مع مظاهر الحيونة. من اجل اجتثاث هذه الآفة مطلوب قبضة حديدية من القيادة العليا، يجب اعتقال الجنود الذين يمارسون التنكيل، والتحقيق معهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم بشكل صارم. يجب على كل الجيش الاسرائيلي الشعور بأن قادته غير مستعدين لاستيعاب التنكيل بالفلسطينيين، سواء في غزة أو في الضفة، لأن هذه الانتهاكات غير قانونية وغير اخلاقية وايضا تضر بمصالح الدولة.

———————————————

يديعوت أحرونوت 21/3/2024

أقـــل مــــن النصـــر المُطـلــق بقلـيـل!

بقلم: غيورا آيلند

الفجوات بين إسرائيل وحماس في موضوع صفقة المخطوفين واسعة جداً. ولا يدور الحديث فقط عن تكتيك للمفاوضات بل على ما يبدو عن غياب ضغط على السنوار. فالضغط العسكري عليه قل جداً في الأسابيع الأخيرة، بينما في موضوعين آخرين – إدخال المساعدات الإنسانية ومسألة العملية العسكرية في رفح، يقوم الآخرون بالعمل نيابة عنه وان كان هو ليس ولياً. في هذين الموضوعين تلوي الولايات المتحدة ذراع إسرائيل، وحماس هي الرابحة الأكبر.

اكثر من هذا، فإن كل دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة تؤيد موقف حماس بشأن إزالة البتر عن غزة، انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي وإعطاء إمكانية لسكان مدينة غزة للعودة الى مدينتهم. إسرائيل توجد في عزلة ليست لامعة على الاطلاق، ولا يزال، رغم الضغوط، محظور الموافقة على كل طلب لحماس حول الصفقة التي على جدول الأعمال، وان كان لاعتبار انه اذا ما استجبنا، حتى وان اعيد في اطار هذه الصفقة نحو 40 مخطوفاً، فإننا سنفقد كل الأوراق التي في أيدينا ولن نتمكن لاحقاً من ضمان إعادة باقي المخطوفين.

فضلاً عن هذا، صحيح حتى اليوم نحن لا نزال نمسك بالورقة الأساس وهي المفتاح لانهاء الحرب، الامر الذي يتوق له كل العالم، من حماس عبر حزب الله وحتى الرئيس الأميركي. اذا لم تخرج صفقة المخطوفين التي يبحث فيها الآن في قطر الى حيز التنفيذ بسبب فجوات واسعة بين الطرفين، فسيكون من الصواب ان تنظر إسرائيل بالامر بالتالي: الوصول الى تفاهم مع الولايات المتحدة لأن عملية عنيفة في رفح ضرورية لكن الى جانبها أيضا تعهد إسرائيلي بالموافقة على انهاء الحرب فور ذلك.

هذا في ثلاثة شروط فقط: الأول – إعادة كل المخطوفين؛ الثاني – تعهد كل الدول، مع التشديد على قطر، الا يتم إعمار قطاع غزة طالما كانت حماس تحكمها فعليا؛ والثالث – دخول قوات أخرى الى غزة، سواء قوات السلطة الفلسطينية، الدول العربية او الغرب، يتم بالتنسيق مع إسرائيل.

بمثل هذا الشكل سيكون ممكناً تحديد تاريخ موعد لانهاء الحرب: نحو شهرين من الآن. سيكون ممكناً إجمال الحرب كحرب ناجحة، إذ انها ستتضمن إعادة كل المخطوفين؛ الحرب تنتهي بعد ضربة شديدة لكل الـ 24 كتيبة لحماس بما في ذلك تلك التي في رفح؛ القدرات العسكرية التي تتبقى لحماس هي فلول؛ وبدون مساعدة مالية مكثفة من قطر ودول أخرى سيكون من الصعب جدا على حماس مواصلة الحكم في غزة.

اذا ما عرض بالتوازي بالفعل بديل سلطوي، وان كان مؤقتاً، يكون له اسناد دولي وعربي واسع، معقول ان يتضاءل حتى التأييد لحماس من سكان غزة. صحيح ان هذا ليس «نصراً مطلقاً» من مدرسة نتنياهو لكنه انتصار 80 في المئة، وهذا يكفينا. فضلاً عن هذا، فان نهاية كهذه للحرب، ستسرع إمكانية عودة سكان الغلاف الى بيوتهم وتسمح باحتمال معقول للوصول الى تسوية في لبنان. تسوية كهذه ستمنع حرباً وتسمح بإعادة المخلين الى الشمال.

انهاء الحرب بهذه الطريقة سيسمح لإسرائيل بان تعنى أخيراً بلعق الجراح، تحسين الاقتصاد وتحسين منظومة العلاقات الدولية وكذا – التوجه الى الانتخابات أيضا. لشدة الأسف، هذا بالضبط هو السبب الذي يجعل الحكومة لا تريد التوجه الى هذا الطريق رغم ان هذا هو المسار الصحيح. ومرة أخرى، كما ينبغي التشديد، اتفق مع الادعاءات بان انهاء الخطوة العسكرية في رفح هو امر لازم، لكن تلقي موافقة أميركية لمثل هذه الخطوة، وان كان بالصمت يستوجب تفاهما عميقا مع الإدارة الاميركية بان انهاء هذه المرحلة سيكون أيضا انهاء للحرب، وبالطبع فقط لقاء إعادة كل المخطوفين.

السهم الذي نحوزه اليوم والذي هو المفتاح لإنهاء الحرب من شأنه أن يهبط سعره بسرعة إذا لم نعرف كيف ننسق مع الأميركيين كيفية جني ربحه بثمن مناسب وبجدول زمني متفق عليه.

———————————————

معاريف 21/3/2024

“رزمـــة سياسـيـة” لـ “الـيـوم الـتـالـي”

بقلم: ميخائيل هراري

تتواصل الحرب في غزة منذ قرابة نصف سنة، ونهايتها لا تبدو في الأفق. كُتب الكثير عن غياب خطة لليوم التالي. انعدام خطوة سياسية – دبلوماسية الى جانب الخطوة العسكرية يصرخ حقا الى السماء. خطوة من هذا القبيل يفترض أن تساعد في تحقيق أهداف الحرب في ظل الحفاظ على المصالح الإسرائيلية الحيوية. وتتركز جهود الوساطة على محاولة تحرير المخطوفين بالتوازي مع وقف النار، انطلاقا من الفرضية (الصحيحة بحد ذاتها) بان في اعقابها سيكون ممكناً تحريك مسيرة أوسع كفيلة بان تؤدي الى انهاء الحرب. لكن هذا بالتأكيد ليس كافياً بل ومن نواح عديدة عديم المسؤولية.

حكومة إسرائيل تركز أساساً على «ما ليست مستعدة لأن يحصل» لكنها لا تقدم أي مبدأ، أي عنصر بالنسبة لـ «ما تريده ان يحصل» لأجل تحقيق أهدافها (وحتى هذه ليست بالضرورة جلية). واليكم عدد من المبادئ العامة الكفيلة بان تكون مقبولة من إسرائيل (وان لم تكن من كل عناصر الائتلاف الحالي) ومن الساحة الإقليمية والدولية.

تحرير المخطوفين (مقابل عدد كبير من المخربين الفلسطينيين). الرأي يقول ان معظم الجمهور في إسرائيل يفهم ومستعد لان يدفع ثمنا عاليا مقابل تحرير المخطوفين. لا يوجد محفل مدني او دولي يعارض ذلك.

مساعدات إنسانية مكثفة لسكان غزة. يخيل لي ان بعد الأشهر الطويلة من القتال واضح لإسرائيل انه لا يمكن الضغط على حماس من خلال منع المساعدات الإنسانية. فضلا عن ذلك، وان كانت توجد محافل في إسرائيل تعتقد ان هذا ممكن، فان الساحة الدولية، والولايات المتحدة على رأسها، ستفرض على إسرائيل السماح بإدخال المساعدات، كما سبق أن حصل.

حماس لن تحكم في قطاع غزة. يدور الحديث عن مبدأ، او هدف، تعيد الساحة الإقليمية والدولية، وان كان لا يوجد توافق مطلق حول الطريق الى تحقيقه. معظم اللاعبين الإقليميين (العرب) والدوليين ذوي الصلة لا يريدون إنجازات لحماس في نهاية الحرب. سيكون لهذا ما يؤثر على مكانة الإسلام السياسي بعامة في المنطقة.

إسرائيل لا تعتزم البقاء في قطاع غزة. ايضاحا من هذا القبيل ضروري جدا. أولا لأنه لم يقل بوضوح مناسب، وعلى خلفية أصوات متطرفة في أوساط الائتلاف ممن لا يخفون رغبتهم في البقاء. من تلقاء ذاته واضح للجميع بان إسرائيل لان تسمح لنفسها بان تنسحب الا عندما يكون واضحا ضمان مصالحها الأمنية.

السلطة الفلسطينية هي العنوان الشرعي الوحيد في الساحة الفلسطينية. الاسرة الإقليمية والدولية وان كانت شريكة في النقد الإسرائيلي على ضعف السلطة والإصلاحات التي يتعين عليها أن تنفذها، لكن يدور الحديث عن العنوان الوحيد الذي هو مقبول من الجميع عمليا بما في ذلك إسرائيل. قول من هذا القبيل من جانب إسرائيل سيوضح حتى وان كان محدود الضمان بعض الشيء، البديل لمنع بقاء حماس في الحكم في القطاع او الفوضى. لا توجد نية او خطة لتنفيذ ترحيل للسكان في القطاع (نكبة أخرى). حتى وان كانت أمنية لدى بعض من اللاعبين في إسرائيل، فان موقفا إسرائيليا رسميا وواضحا بهذه الروح اكثر ضرورية من أي وقت مضى لأجل نيل ثقة اكبر بحكومة إسرائيل. هذا سيسمح بتحقيق مصالح مشتركة تتشارك فيها إسرائيل مع حلفائها، وفي هذا الشأن مصر على رأسهم.

هل يمكن الافتراض بان إسرائيل والاسرة الدولية يمكنهما قبول هذه المبادئ العامة؟ برأيي، الجواب بالتأكيد إيجابي. يجدر العودة للتشديد: هذه مبادئ وليس بالذات خطة عمل مفصلة ومتفقا عليها بكل تفاصيلها، وفي هذا فضائلها واهميتها الكبرى. فالحديث يدور عن نوع من «الرزمة السياسية» التي على أساسها سيكون ممكنا تحريك مسيرة سياسية تضع إسرائيل في مكان آخر تماما. هكذا سيكون ممكنا تغيير الصورة الحالية لـ «لاعب رافض» لا يعرف، لا يريد او غير قادر على ان يقرر الى أين في نيته ان يصل، الى لاعب إسرائيلي يساعد على تحريك مسيرة تخدم مصالحه الحيوية، مصالح حلفائه ومصالح شعب إسرائيل. سيكون ممكنا الخروج من طرف واحد بنشر هذه المبادئ او بأفضلية اكبر في ظل التنسيق السري مع الولايات المتحدة. ومن الأفضل ساعة واحدة مبكرة.

———————————————

هآرتس 21/3/2024

مراحل هوكشتاين “في جارور الحكومة” و”حزب الله” مصرّ على نصرة غزة.. والسنوار “ليس في عجلة من أمره”

بقلم: تسفي برئيل

“وقف إطلاق النار في غزة مسألة مؤكدة”، قال المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين في أثناء زيارته لبيروت في 4 آذار. وضع هوكشتاين وضع على طاولة رئيس الحكومة الانتقالية في لبنان نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، خطة المراحل التي قد تدفع قدماً بوقف لإطلاق النار في لبنان، إلى جانب قطاع غزة، وتحريك حوار يهدف إلى تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701 حسب التعديلات التي طلبتها إسرائيل. كان شهر رمضان في حينه على وشك البدء، والتقديرات الأمريكية والإسرائيلية واللبنانية عزت لشهر الصوم تأثيراً سياسياً مهدئاً. كان الافتراض أن تكون حماس معنية بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار لإعادة التنظيم والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بحجم أكبر من أجل سكان غزة قبل الصوم.

عندما بدأ رمضان ولم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، استبدلت التقديرات بتحليل جديد، الذي بحسبه حماس معنية بـ “إشعال” الحرم لتحقيق تنازلات من إسرائيل، وربما حتى إيقاظ “وحدة الساحات” مرة أخرى مع وكلاء إيران في المنطقة، من خلال تطلع حماس إلى أن الاستفزازات في إسرائيل ستفيدها وستصل إلى الحرم، أو على الأقل تقييد دخول المصلين المسلمين بشكل كبير فيتصاعد الحريق من تلقاء ذاته.

ظهر في هذه الأثناء أن هذا التقدير بحاجة أيضاً إلى تعديل؛ ففي الحرم ما زال هناك هدوء نسبي، لكن الجهود الدبلوماسية المستمرة في قطر تراوح في المكان. الرد الأول الذي نشره أحد المتحدثين بلسان حماس أمس، يقول إن رد إسرائيل غير مرض وأن إسرائيل رفضت لاقتراح الذي قدمته حماس. ليس بالضرورة أن يدور الحديث عن الكلمة الأخيرة، لكن عندما تقول مصادر سياسية إسرائيلية تقدم إحاطات للمراسلين الإسرائيليين، إن المفاوضات قد تستمر أسبوعين بسبب الصعوبة في الاتصال، فيبدو أن يحيى السنوار أيضاً ليس في عجلة من أمره.

في المقابل، يزداد الضغط في لبنان. وفي ظل عدم وجود وقف لإطلاق النار في غزة، الشرط الأساسي الذي وضعه حزب الله من أجل وقف النار أيضاً من جانبه، فليس لحكومة بيروت ولدول الوساطة التي بينها وبين إسرائيل والغرب، ما يمكن أن تطرحه في هذه الأثناء. أكثر من الـ 100 ألف مواطن الذي هربوا من بيوتهم في قرى الجنوب حتى الآن لا يمكنهم العودة إلى بيوتهم، وما بقي من اقتصاد لبنان آخذ في التبخر. أعلنت حكومة لبنان هذا الأسبوع أنها ستخصص 20 ألف دولار لكل عائلة قتل أحد أبنائها في الحرب الحالية، و40 ألف دولار تعويضاً عن كل بيت تدمر بالكامل. حسب التقديرات الرسمية، تدمر ألف بيت حتى الآن، لذا فالمبلغ المطلوب للتعويض عن هدمها هو 40 مليون دولار.

وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، بين في نهاية الشهر الماضي حجم الأضرار التي تكبدتها الدولة في الحرب. وحسب المعطيات، فإن الضرر الذي لحق بفرع الزراعة، الفرع الأهم في جنوب لبنان، أكثر من 2.5 مليار دولار، بسبب المس بالحقول والمحاصيل، وخصوصاً أشجار الزيتون وفروع التصدير الزراعي الرئيسية في الدولة. وقدر سلام أيضاً بأن الضرر الاقتصادي قد يبلغ 10 مليارات دولار إذا استمرت الحرب، وهو ضرر سيقضي على توقعات النمو في لبنان، التي لم تكن متفائلة حتى بدون الحرب.

ثمة فرع رئيسي آخر تضرر، وهو فرع السياحة، الذي احتل حتى قبل ثلاث سنوات أكثر من 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. في الحقيقة، هذا الفرع تلقى ضربة قاسية في فترة كورونا، لكنه بدأ ينهض قبل سنتين، والكثير من السياح عادوا لملء الفنادق. ولكن منذ بداية الحرب، توقفت الحجوزات تقريباً تماماً، ولم يعد السياح من الدول الغربية يأتون، ولم يأت سوى رجال أعمال من دول عربية ولفترات قصيرة. مواقع التزلج والسياحة الشتوية بشكل عام، التي جذبت الكثير من السياح من دول الخليج ومصر على مدى السنين، تجمدت بالكامل تقريباً. واللبنانيون يطمحون اليوم لرؤية مصير السياحة في الأعياد القادمة، عيد الفطر بعد انتهاء شهر رمضان، وعيد الفصح الذي سيصادف بعد فترة قصيرة.

القناة الدبلوماسية الهادفة إلى إنقاذ لبنان من أزمته السياسية تركز على مسألة تعيين رئيس جديد، لكنها تعاني أيضاً من شلل بسبب ارتهانها للتطورات في غزة. سفراء الدول الخمس التي تم تكليفها بالوساطة، الولايات المتحدة ومصر والسعودية وفرنسا وقطر، اجتمعوا مرة أخرى في هذا الأسبوع، ولكن لم يتم التوصل إلى أي نتائج ملموسة. المبادرة الفرنسية تحدثت عن وقف منفصل لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل دون علاقة بغزة؛ وسحب قوات حزب الله مسافة 10 كم عن الحدود؛ وانتشار 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود؛ وتعزيز قوة الأمم المتحدة “اليونيفيل”. ولكنها مبادرة ظلت حبيسة الجرار حتى الآن.

الحكومة اللبنانية علقت ردها لثلاثة أسابيع، وأصدرت رداً عاماً ضبابياً في هذا الأسبوع، وهي بحسبه تؤيد تطبيق القرار 1701 وتطالب بوقف إطلاق النار شريطة أن تنفذ إسرائيل التزاماتها حسب القرار.

لكن ولاستكمال طرفي المعادلة، فالمطلوب مفاوضات ثلاثية بين [القدس] وبيروت والأمم المتحدة. في الواقع، هي عملية يتفق عليها الحكومة اللبنانية وحزب الله، لكنها مشروطة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقدر محللون لبنانيون في هذا الأسبوع بأن إيران تستطيع تحريك العملية الدبلوماسية، والتي ليست عضواً في الدول الخمس، لكن تملك في يدها أداة ضغط على حزب الله. وأوضحت طهران للولايات المتحدة بأنها لا تسعى إلى توسيع المواجهة، كما أعلنت دائماً في البيانات المغطاة إعلامياً. وحسب هذه التقديرات، فالانتقاد الجماهيري والسياسي لحزب الله، والخوف من اشتعال حرب واسعة، التي ربما تبادر إليها إسرائيل، هي ذرائع كافية للدفع قدماً بالحل السياسي؛ لأن المواجهة مع إسرائيل والخسائر الكبيرة التي تكبدها حزب الله لن يأتي بمكاسب سياسية، سواء لإيران أو حزب الله.

ويعترف المحللون بأن الربط الذي وضعه حزب الله بين غزة ولبنان سيصعب على إيران وضع اقتراح على الطاولة يحرر الربط بين القطاع وبيروت. والنتيجة حتى الآن، أن الوضع في لبنان وصل إلى طريق لا يملك أي طرف، داخلياً كان أم خارجياً، القدرة على الحسم أو فرض قرار. تصب الولايات المتحدة جهدها الآن لمنع توسيع المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، وتجري محادثات حول ذلك، ليس فقط مع الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية التي لا تسيطر بالكامل على قرارات حزب الله، بل أيضاً مع السعودية، التي ما زالت لم تحقق حتى الآن أي فائدة سياسية من علاقتها الغضة مع إيران، وكذلك مع قطر التي تمول الجيش اللبناني جزئياً، ومؤخراً أيضاً مع الإمارات التي تمد يدها إلى الساحة اللبنانية، بالأساس عبر سوريا. ومثلما في غزة، فمفتاح لبنان في يد حزب الله، الذي يسيطر على احتكار إدارة المواجهات، وليس في يد الحكومة أو حلفائها.

———————————————

هآرتس 21/3/2024

في إسرائيل: “قضاء” بتعليمات “خذ وأعط”.. كشف عن تسريبات لاتفاق بين محام ورئيس محكمة

بقلم: أسرة التحرير

إن كشف تسجيلات محادثات جرت بين رئيس المحكمة المركزية في تل أبيب سابقاً ايتان اورنشتاين، ورئيس رابطة المحامين السابق ايفى نافيه، التي نشرها حاييم لفنسون أمس في موقع “هآرتس” ينبغي أن تهز أركان جهاز القضاء. هذه التسجيلات، التي أجريت بين آذار وآب 2016 منذ إقامة لجنة تعيين رئيس المحكمة المركزية، عبر عملية الانتخاب وإلى أن تولى اورنشتاين المنصب، تكشف علاقات “خذ – أعطِ” مهزوزة. فقد سُمع اورنشتاين الذي كان في حينه نائب رئيس المحكمة المركزية، متحمساً للحصول على منصب رئيس المحكمة؛ ونسق مع نافيه خطواته واستعد معه للجنة وللمقابلة مع رئيسة المحكمة ووزيرة العدل، آييلت شكيد – المسؤولة عن إدخال التفاحة العفنة نافيه إلى قلب جهاز القضاء (كان نافيه مرشح الليكود المفضل في الانتخابات لرئاسة رابطة المحامين. وعندما خسر طرحت الفكرة في أن تقيم الحكومة رابطة محامين حكومية وتصفي الرابطة القائمة. الاحتجاج المدني وحده أوقف هذا).

لتلقي المنصب، استجاب اورنشتاين لكل طلب من نافيه، بما في ذلك نقل قاضية من منصبها لأن نافيه ينفر منها. ما إن تسلم نافيه اورنشتاين منصبه حتى استغل العلاقات التي نسجت معه و”الدين” الذي له على أورنشتاين، كي يرفع القضاة.

منظومة “خذ – أعطِ” التي كشفتها التسجيلات تستوجب تحقيقاً فورياً؛ فالرائحة النتنة التي تنز منها تشهد على عفن عميق يستوجب استيضاحاً وإصلاحاً جذرياً. عملياً، يحتاج جهاز القضاء حاجة ماسة لإصلاح سلسلة من مواضع الخلل، مثل تواصل الإجراءات الجنائية والمدنية لمدة طويلة، وغياب الشفافية الكافية لإجراءات اتخاذ القرارات، وكثرة اعتقال المشبوهين وعدم استخدام بدائل الاعتقال بخلاف المبادئ الثابتة في القانون، وغياب رقابة منظوماتية على النيابة العامة وغيرها.

غير أن أياً من هذه الإصلاحات لم تندرج في “الإصلاح القضائي” ليريف لفين، هذا الإصلاح الذي لم يستهدف مواضع الخلل في جهاز القضاء، بل استهدف تحقيق انقلاب نظامي راديكالي، وشل جهاز القضاء وإخضاعه للحكومة في ظل إزاحة الكوابح والتوازنات بين سلطات الحكم، الحيوية للديمقراطية. الحكومة، التي دفعت إلى الأمام بزعرنة هذا الانقلاب النظامي، لم تحاول إصلاح ما فسد بل إفساد ما هو صالح. وهو السبب في خروج الجمهور إلى الشوارع ليدافع عن أسس النظام ومنع الانقلاب بجسده.

في اليوم التالي لبنيامين نتنياهو وحكومته السائبة، ثمة حاجة لإصلاح جوهري وموضوعي في جهاز القضاء. إصلاح معاكس تماماً لما يخطط له لفين ونتنياهو وعصبة زعران اليمين.

———————————————

إسرائيل هيوم 21/3/2024

هذا الوقت للحرب

بقلم: حنان غرينوود

البيت مقلوب تماما، الخزنة مخلوعة من الحائط، المجوهرات كانت ولم تعد. وعندها، بينما يفحص افراد الشرطة الضرر، توجه رجل الى أبناء العائلة المذهولين وقدم نفسه كشقيق الساطي وعرض عليهم حماية البيت بعد أن يخلوا المكان.

من الصعب ان نفهم ما الذي يمر على عقل أولئك الذين يقترحون حل الدولتين بينما بيوت الكيبوتسات في غلاف غزة ما تزال فارغة ومدمرة. المخطوفون محتجزون في ظروف قاسية في قطاع غزة وثمة من يؤمن بان هذا هو الزمن لتحريك إقامة دولة فلسطينية، ليس اقل.

حسب التقارير سيلتقي وزراء خارجية عرب اليوم بوزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن للبحث في خطة للمفاوضات على حل الدولتين. الاقتراح الحالي لا يأتي في فراغ. في أوروبا وفي الولايات المتحدة تثبت المفهوم، الذي تتصدره محافل مختلفة في إسرائيل أيضا ويقول ان نتنياهو لا يقود الا لاعتبارات البقاء السياسي. هذا المفهوم يسمح لهم بان يتجاهلوا المطالب الإسرائيلية ويضيعونها وكأنها اقوال سياسية يمكن ثنيها وكسرها عند الحاجة.

هذا المفهوم مغلوط من الأساس. في كل استطلاع للراي العام يتبين بوضوح بان الجمهور الإسرائيلي يريد حسما. بخلاف كل حرف وحملة في الماضي، لا يريد الجمهور الإسرائيلي وقف القتال، بل العكس – يطالب بتشديده. وبينما في العالم يجرون مفاوضات مع حكومة إسرائيل حول الدخول الى رفح، فان هذه ليست مسألة على الاطلاق في أوساط الإسرائيليين.

الامر صحيح أيضا بالنسبة لحل الدولتين. في العقود الأخيرة، بعد الانتفاضة الثانية التي جبت حياة اكثر من الف شخص وبالتأكيد بعد 7 أكتوبر، في قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي يسود انعدام ثقة متطرف بالنسبة للقيادة الفلسطينية. في الواقع الحالي فان الانسان الذي يؤمن عن حق وحقيق بان مواطني إسرائيل معنيون بالسعي في هذه اللحظة الى حل الدولتين يعاني من هذيان عسير.

على زعماء العالم ان يستمعوا الى الجمهور الإسرائيلي ويفهموه. فمنذ حرب الأيام الستة لا يوجد اجماع على هذا القدر من الاتساع بالنسبة للحاجة الى نصر واضح للجيش الإسرائيلي في المعركة وفي هزيمة العدو. كون بهذه الطريقة فقط يمكننا ان نضمن بقاءنا في المنطقة. هدف الحرب في غزة ليس فقط الانتصار على حماس بل أيضا رسالة لحزب الله ولايران – بان دولة إسرائيل ستفعل كل شيء كي تدافع عن نفسها. كل شيء.

ان الازدواجية في العالم تصرخ الى السماء. أولئك الذين اشتروا وسائل قتالية من انتاج أزرق – أبيض يرفضون توفير أسلحة كهذه لها الان. تلك الدول إياها التي وقفت في بداية الحرب الى جانب إسرائيل يدير لها الظهر، رغم أن الخطر لا يزال قائما، واضحا وملموسا. الزعماء الذين اعتقدوا بانهم اصدقاؤنا الطيبون هم أولئك الذين يحاولون الان منعنا من الدفاع عن أولادنا، باسم عدالة زائفة. يوجد زمن للحرب ويوجد زمن للسلام والان هذا هو الزمن للحرب. بعد هزيمة حماس وإعادة المخطوفين سيكون ممكنا العودة للحديث عن حل بعيد المدى كهذا او ذاك. حتى وان كانت هذه في حينه مهمة شبه متعذرة كون مواطني إسرائيل تعلموا مرة أخرى على جلدتهم من هو الشريك الذي يريد العالم ان يفرضه عليهم لكن على الأقل يتم الامر بشكل مرتب ومنطقي. اما الان فدعونا ننتصر.

——————انتهت النشرة——————