الصحافة العبرية…الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت أحرونوت 26/3/2024

ملوه.. نتنياهو يضحك الأميركيين

بقلم: ناحوم برنياع

في مكان ما خلف الحيطان السميكة لمبنى أولد اكسكيوتيف حيث تقع مكاتب مجلس الأمن القومي في واشنطن ظهر أمس على شاشة الحاسوب بيان رئيس وزراء إسرائيل الذي حظر على مبعوثيه، رون ديرمر وتساحي هنغبي الإقلاع لمحادثات في البيت الأبيض. إلى اللحظة التي اتخذت وجوه الجالسين في الغرفة مسحة من الجدية. “ماذا تقول”، سأل جيك ساليبان، مستشار الأمن القومي، جون كيربي، الناطق بلسان المجلس. فأنزل كيربي عينيه إلى الأرض. “ماذا تقولين”، سأل ساليبان بربارة ليف، مساعدة وزير الخارجية. ففضلت ليف التركيز على صورة الرئيس على الحائط. صمت.

وعندها انفجر ثلاثتهم بضحك صاخب ، ثلاثة أناس سعداء محررون من جدول الأعمال. “لكن لا تنسى أن تقول في الإحاطة للصحافيين أننا أسفنا جدا لسماع ذلك”، أجمل ساليبان. “بالتأكيد”، قال كيربي. “سأخرج محرمة ورقية كي أجفف الدموع”.

هذا الوصف هو اختلاق تام: ليس عندي أي فكرة عما قيل أمس في الغرف الداخلية لإدارة بايدن. السطر الأخير من الحدث هو أن الجلبة التي أحدثها نتنياهو فاقمت فقط ال|الأزمة المتعمقة بين الحكومتين. في كل مكان خارج الفيللا في قيساريا تعتبر كفعل صبياني، على حدود الغباء. مثلما في الكوميديا القديمة إياها، الوضع خطير لكنه ليس جديا.

ماذا فكر نتنياهو بنفسه. إنه إذا ما أنزل موظفين اثنين من الطائرة في مطار بن غوريون ستفزع أميركا وستستخدم من الآن فصاعدا الفيتو على كل مشروع قرار مناهض لإسرائيل في الأمم المتحدة؟.

لقد طلب الرئيس بايدن من نتنياهو أن يرسل الوفد كي ينقل رسالة بواسطته: أميركا تستخدم على كل عملية في رفح تعرض للخطر حياة ورفاه مليون ونصف نازح وصلوا إلى هناك من شمال القطاع. ليس أقل من مقلق ذاك الجانب الإنساني تقلقها الصور والشهادات التي ستبث من هناك. إسرائيل هي عبء انتخابي في حملة انتخابات قاسية. بايدن لا يمكنه أن يسمح لنفسه مزيدا من الصور القاسية، مزيدا من موجات المظاهرات. الجناح اليساري في حزبه يهدد بتركه ومعه ملايين الناخبين الشبان.

إذا كان ديرمر وهنغبي لا يأتيان فقد جاء غالنت. هو سينقل الرسالة. وإذا كان هذا أيضا لن يجدي نفعا فإن الرسالة ستنقل بوسائل أخرى: فرض شروط على استخدام الذخائر والطائرات الاميركية؛ توسيع العقوبات على المستوطنين؛ وربما أيضا الإعلان عن إعادة تقويم للعلاقات بين الدولتين. تعلق إسرائيل بأميركا أعظم مما كان في أي وقت مضى. ومثلما في كل علاقات تعلق، فإن كل خطوة هي رسالة.

أحد هذه الأفعال كان القرار بعدم استخدام الفيتو على الدعوة لوقف النار في مجلس الأمن. ليس للقرار معنى عملي. فقد جاء الامتناع لإسعاد الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي وللإيضاح لنتنياهو بأنه يوجد ثمن للتمرد. الإدارة لا تعطي بعد اليوم إسرائيل شيكا مفتوحا في الأمم المتحدة وفي المؤسسات الدولية. كل شيء مفتوح للدراسة: لا شيء تلقائي. وكذا الـ 14 مليار دولار التي وعد بها بايدن إسرائيل لم تقر في الكونغرس بعد: كل شيء في الهواء.

المفارقة هي أن الهجوم الإسرائيلي الكبير على رفح هو مثابة بيضة لم تفقس بعد. لقد سبق لنتنياهو ان طرحه للتنفيذ الفوري قبل شهر، وذلك فقط كي يبقي على قيد الحياة وعده بالنصر المطلق. في الجبهة لم يحصل منذئذ أي شيء: لم تعد أرضا بديلة لنقل النازحين؛ لم يتم الحصول على موافقة من مصر على نشر القوات على طول الحدود؛ لم تحشد القوات لخطوة برية.  الأميركيون يعرفون الحقائق، بالطبع: هم بحاجة لرفح للسبب ذاته الذي يجعل نتنياهو يحتاجها: للإثبات بأنهم يفعلون شيئا ما، باستثناء أنه العكس.

يعد نتنياهو خبيرا كبيرا في السياسة الأميركية. هذه أسطورة: هو خبير بأميركا نهاية القرن الماضي. يشهد على ذلك فشله التاريخي في مواجهة النووي الإيراني: انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، بإلهام من نتنياهو، جعل إيران دولة حافة، عمليا دولة نووية. الحلف مع ترامب ورط إسرائيل بمفهومين إضافيين اثنين: أبعد عنها اليسار الديمقراطي وفي نهاية الأمر أبعد عنها ترامب أيضا. الموضوع الوحيد الذي يتفق عليه في هذه اللحظة بايدن وترامب هو نتنياهو.

نتنياهو يواجه أميركا كفتى مدلل يواجه والديه: بالتمرد دوما، بإحساس الإهانة دوما، بالفضائح دوما. هو يصب على الأميركيين المشاكل التي توجد له في البيت. قانون التملص، تهديدات الانسحاب، التدهور في الاستطلاعات. الإدارة في واشنطن هي صديق حقيقي، لكنها ليست أب وأم. مثلما قال أوباما ذات مرة، حين يتحدث نتنياهو معه لا يكون واضحا له مَن بين الاثنين هو رئيس الولايات المتحدة. في النهاية حتى العم من أميركا مل.

———————————————

هآرتس 26/3/2024

نتنياهو رجل الهدم

بقلم: أسرة التحرير

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يمكنه أن يضيف إلى قائمة اخفاقاته الفاخرة أزمة دبلوماسية مع حليفتها الأقرب، عرابتها في العالم، القوة العظمى الأميركية، التي خرجت عن طورها كي تقف إلى جانب إسرائيل منذ نشبت الحرب. مجلس الأمن في الأمم المتحدة تبنى أمس مشروع قرار يدعو إلى وقف نار فوري وتحرير المخطوفين، فورا وبلا شروط. بخلاف المرات السابقة، اجيز المشروع هذه المرة لأن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت ولم تستخدم حق النقض الفيتو.

بدلا من أن يعترف مرة أخرى بإخفاقه، يبدي تغييرا فوريا في النهج في الموقف من الولايات المتحدة، يعتذر لمواطني دولة إسرائيل على التسونامي السياسي الذي أوقعه عليها، ويستقيل مكللا بالعار على سياسته السائبة، التي حملت إسرائيل في 7 أكتوبر إلى شفا الهوة، اختار نتنياهو أن يواصل المهانة واستفزاز الأميركيين.

في أعقاب التصويت ألغى نتنياهو سفر الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن واتهم الولايات المتحدة بأنها “تراجعت عن موقفها الثابت ومست بالجهد الحربي”. دون ذرة خجل، اتهم مكتبه الولايات المتحدة بالمس بالجهد لتحرير المخطوفين وإعطاء ريح إسناد لحماس. وقد كانوا على مسافة خطوة عن اتهام الأميركيين بدعم العنف، وفقا للصيغة التلقائية لآلة السم.

كعادته، حاول الوزير بيني غانتس مرة أخرى أن يصلح قليلا ما خربه نتنياهو. “ليس فقط صحيح أن يسافر الوفد  خير كان فعل رئيس الوزراء لو كان سافر بنفسه إلى الولايات المتحدة، وأجرى حوارا مباشرا مع الرئيس جو بايدن ومسؤولي الإدارة”. لكن في محيط نتنياهو رأوا بهذا إشارة للانقضاض على غانتس.

نتنياهو لا يمكنه أن يتهم إلا نفسه. فالأميركيون خرجوا عن طورهم كي يوضحوا لإسرائيل بأن صبرهم نفد. التوتر ارتفع حول إمكانية العملية في رفح. معارضة بايدن القاطعة لعملية واسعة هناك طرحت في حديثه مع نتنياهو، كما طرحت في زيارة غانتس إلى واشنطن وفي زيارة وزير الخارجية انطوني بلينكن الى القدس. كما أن نائبة الرئيس كاميلا هاريس اطلقت أمس تحذيرا في المقابلة لشبكة “اي.بي.سي” لكن شيئا من كل هذا لم يمنع نتنياهو وزراءه ورجاله من أن يستخفوا بالدعم الأميركي: “إذا اضطررنا، سنفعل هذا وحدنا”، بربر نتنياهو فيما أن آخرين بثوا الرسالة إياها بصياغات أخرى، وكأن إسرائيل ليست متعلقة بالولايات المتحدة وبدعمها.

لقد أصبح نتنياهو مشكلة لإسرائيل. فهو يكشفها أمام مخاطر إستراتيجية من شأنها أن تجبي ثمنا باهظا على نحو خاص. باسم البقاء الشخصي يمس بنية مبيتة لمواطني إسرائيل.

نتنياهو ملزم بأن يستقيل ويعطي إسرائيل فرصة لأن تنقذ نفسها من الضرر الذي ألحقه بها. ينبغي الأمل في أن تشكل استقالة جدعون ساعر أمس بداية سقوط الحكومة.

———————————————

يديعوت أحرونوت 26/3/2024

الفأر الذي زأر

بقلم: بن – درور يميني

نتنياهو محق. قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة في الدعوة لوقف النار هو عار. هذه ليست دعوة لإحلال السلام، هذه ليست دعوة لوقف سفك الدماء. هذه دعوة تمنح تسويغا لحماس لمواصلة سيطرتها في قطاع غزة. هذا قرار دعم الجسم الدولي الأهم لمنظمة حماس. هذا ليس شيئا أن أحدا اعتقد للحظة بأن هيئات الأمم المتحدة نزيهة أو محبة للسلام أو معارضة للعنف. العكس هو الصحيح. في كل هذه الهيئات توجد أغلبية تلقائية لدول ظلامية. إسرائيل هي الدولة مع عدد التمديدات الأكبر، أكثر من كل دول العالم معا، في هذه المؤسسات مزدوجة الأخلاق.

لكن في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، الهيئة الأهم بين المؤسسات الدولية، التي بقراراتها يوجد معنى تصريحي ليس فقط تصريحيا بل وعمليا في ظروف معينة – يوجد أيضا كوابح. للأعضاء الخمسة الدائمين يوجد حق فيتو. هذا الحق أيضا تستغله بين الحين والآخر دول ظلامية، الصين وروسيا مثلما رأينا فقط قبل بضعة أيام، في ضوء مشروع قرار الولايات المتحدة لوقف النار والذي تضمن أيضا مطالبة بإعادة المخطوفين. عندما تستغل الولايات المتحدة حق الفيتو، فانها تفعل ذلك دوما تقريبا لأن هذا محق. وهي تفعل هذا لأنه هو السبيل الوحيد لمكافحة الأغلبية الظلامية.

قبل أكثر من شهر بقليل فقط، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو على مشروع قرار تقدمت به الجزائر والذي دعا لوقف النار دون تحرير المخطوفين. غني عن البيان أن هذا كان قرارا لخدمة حماس ومن أجل حماس. 13 دولة أيدوه. دول غربية أيضا. بريطانيا فقط أمتنعت. وهذا لا يقلل من مستوى العار. مرت أسابيع قليلة وأجرت الولايات المتحدة انعطافة. هي لم تستخدم الفيتو. وهذا فقط يرفع مستوى العار.

إذن ما الذي تغير؟ الأزمة المتعمقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. أو للدقة الازمة بين الولايات المتحدة وبين نتنياهو. ولأن هذا ليس مهما أذا كان نتنياهو محقا موضعيا. وهو محق. المهم أكثر هو ان نتنياهو، بطريقة تثير الكثير جدا من التساؤلات، بذل في الأسابيع الأخيرة كل جهد مستطاع كي يعمق الخلاف مع الولايات المتحدة. كل مبادرة أميركية اصطدمت ليس فقط بالرفض بل وأيضا بنبرة مغيظة وموبخة. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة كانت محقة في كل طلب لها. لكن الولايات المتحدة هي سند دعم. الولايات المتحدة بعثت بقطار جوي. كل اقتصاد الذخيرة الإسرائيلي سينهار بدون توريد جارٍ من الولايات المتحدة. وحتى لو كانت الولايات المتحدة ساذجة بعض الشيء في الموضوع الفلسطيني، فإنها تريد مصلحة إسرائيل. تريد الصفقة الكبرى التي تتضمن تطبيع إسرائيل مع السعودية. تريد جبهة تضم الدول العربية المعتدلة وإسرائيل ضد محور الشر الإيراني. وماذا يقول نتنياهو: لا. لا. لا. هو يخيفنا بـ “دولة فلسطينية”. يحاول أن يخلق الانطباع بأن هذا يحصل إذا لم يحم إسرائيل. وكل خطواته تعمق فقط الضرر لإسرائيل. كيف بالضبط يعتزم تعزيز الدفاع عن إسرائيل، وقدرتها على القتال، دون مساعدة أميركية. فمن يخادع؟

أمس تسامى نتنياهو على نفسه. هدد الولايات المتحدة من أنها إذا لم تستخدم الفيتو – فانه لن يسمح لوفد التنسيق، برئاسة رون ديرمر وتساحي هنغبي بالإقلاع إلى الولايات المتحدة. الفأر الذي زأر. فمن هو يهدد. إسرائيل هي ليست جمهورية موز. هي فقط، حقا فقط، متعلقة تماما بالولايات المتحدة. لكن الولايات المتحدة ليست جمهورية موز لإسرائيل. نتنياهو تشوش قليلا. في هذه الأثناء إسرائيل هي التي تحتاج إلى الولايات المتحدة كي تعمل في رفح. وبالأساس أي إسرائيل أقوى؟ تلك التي توجد في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة أم تلك التي تنسق معها، في موضوع رفح أيضا؟.

———————————————

هآرتس 26/3/2024

نتنياهو لأتباعه: سنعود لـ”مستوطناتنا الفاخرة” في قطاع غزة

بقلم: ألوف بن

تقف مشكلة اللاجئين في مركز المفاوضات الحالية بين إسرائيل وحماس. هل ستسمح إسرائيل للفلسطينيين بالعودة إلى شمال القطاع، الذي طردوا منه بداية الحرب، أم سيطردون منه إلى الأبد وتبقى المنطقة تحت سيطرة إسرائيل. من هذا يشتق نقاش عام حالي في إسرائيل: هل نعيد شمال القطاع للفلسطينيين مقابل المخطوفين، كما تطلب أحزاب الوسط، أم نتنازل عن المخطوفين ونتمسك بالأرض لنقيم عليها مستوطنات يهودية، حسب موقف اليمين المتطرف.

العملية الاستراتيجية الرئيسية لإسرائيل في حرب 7 أكتوبر هي طرد سكان شمال القطاع وهدم البيوت والبنى التحتية. من غير الواضح إذا كان رئيس حماس، السنوار، قدر منذ البداية أن إسرائيل سترد بهذا الشكل على المذبحة التي بادر إليها ونفذها ضد سكان الغلاف أم أنه تفاجأ من شدة الرد ومن السهولة التي أخلت فيها إسرائيل غالبية السكان الفلسطينيين من هناك، ومن بقوا هناك يهددهم خطر الموت والجوع. أضافت إسرائيل إلى الطرد والدمار، خطوات أخرى، تعرية المنطقة القريبة من الحدود التي ستقام عليها المنطقة العازلة الخالية من الناس والمباني، شق طريق “التقسيم” في وسط القطاع، الذي قد يستخدم كخط فاصل مستقبلي بين شمال غزة الإسرائيلي والجنوب الموجود تحت سيطرة حماس. هذه خطوات جرت بدون ضجة إعلامية، وتركز بيانات الجيش الإسرائيلي ومعظم التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية على نشاطات تكتيكية – عدد القتلى من المخربين، وعدد الأنفاق التي تم تدميرها، وعدد المشبوهين الذين تم اعتقالهم.

تقترب ساعة الحسم الآن؛ هل سيتم تحويل الطرد إلى واقع دائم أو سيتم إعطاء لاجئي شمال القطاع حق العودة إلى بيوتهم. نكبة الفلسطينيين في 1948 حدثت عندما قررت إسرائيل برئاسة دافيد بن غوريون منع عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هربوا أو طُردوا من المدن والقرى أثناء المعارك. إبقاء اللاجئين في الخارج القائم حتى الآن مكّن من إقامة دولة إسرائيل في حدود الهدنة من العام 1949. خلال بضع سنوات، تم هدم مئات القرى العربية وأقيم مكانها بلدات يهودية. أحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إبعادهم في 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان، يواصلون من هناك نضالهم ضد إسرائيل.

يقف هذا الحسم الآن أمام رئيس الحكومة، نتنياهو، وهو كالعادة يحاول الجلوس على الجدار وكسب الوقت، في حين يستمر الجيش الإسرائيلي في إقامة المنطقة العازلة على طول الجدار ويطرد من شمال القطاع جزءاً من السكان الذين بقوا هناك، والذين ترفض إسرائيل إدخال المواد الغذائية لهم عبر المسار السريع في معبر إيرز، متجاهلة الضغط الدولي والتحذيرات من الجوع.

رسائل نتنياهو متناقضة. عشية النقاشات الدولية في لاهاي حول اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية، أعلن “لن نحتل القطاع بشكل دائم، ولن نطرد السكان الفلسطينيين”. في بداية الحرب، نفى نتنياهو استئناف الاستيطان اليهودي في قطاع غزة، لكنه منذ ذلك الحين أعطى دعماً صامتاً لمبادرات اليمين المتطرف، التي جرّت وراءها كثيرين من الليكود. رفض نتنياهو لسيطرة فلسطينية مستقبلية في القطاع وتصريحاته في وسائل الإعلام الأمريكية (“سنبقى في غزة عشر سنوات على الأقل”) وسلوكه في المفاوضات مع حماس، كل ذلك يدل على أنه يمتنع في هذه الأثناء عن الحسم، وعلى الأقل يبقي خيار الاحتلال والاستيطان على جدول الأعمال.

نتنياهو يعرف التاريخ: صمد بن غوريون خلال سنين أمام ضغوط دولية شديدة لإعادة اللاجئين أو جزء منهم، إلى أن اعتاد في العالم ذلك. هذا أيضاً هو موقف اليمين في إسرائيل: بضع دونمات للاستيطان في غزة أفضل من بضع أصابع عصبية في الأمم المتحدة أو في لاهاي. حسب رأيهم، لن يضطروا هذه المرة أيضاً إلى الانتظار سنوات كثيرة لحدوث الانقلاب. نتنياهو وشركاؤه يقدرون، لا نريد القول يأملون، أنه ترامب سيعود إلى البيت الأبيض في تشرين الأول. ويصعب التصديق بأن ضائقة الفلسطينيين ستهمه، خصوصاً بعد أن أظهر خصمه بايدن تجاههم مثل هذه الشفقة. وإذا استطاعت إسرائيل المساعدة في عودة ترامب بخطوات تشجع الجالية المؤيدة للفلسطينيين في ولاية ميتشيغان على عدم التصويت للديمقراطيين، فسيشكر نتنياهو.

لكن نتنياهو لن ينتظر حتى قدوم ترامب، الذي حتى لو فاز في الانتخابات فسيعود إلى الرئاسة بعد عشرة أشهر. هو بحاجة إلى التقرير الآن ما دامت المفاوضات في الدوحة مستمرة. هل سيعيد المخطوفين إلى بيوتهم، وهل سيعيد الفلسطينيين إلى شمال القطاع حتى بثمن الشرخ في الائتلاف، أم أنه سيستجيب لليمين المتطرف ويعلن عن خلق “مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 2” ويستعد لإقامة المستوطنات الفاخرة، “معاليه شمشون” و”نئوت دليلة” بدلاً من الشجاعية وجباليا والرمال. قرار مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار يزيد حدة النقاشات حول مستقبل شمال القطاع.

———————————————

هآرتس 26/3/2024

الأمن الإسرائيلي متوجساً من “لاهاي”: ما مصير علاقاتنا مع الولايات المتحدة؟

بقلم: عاموس هرئيل

الجيش الإسرائيلي يغرق الإسرائيليين بصور وبيانات للمتحدثين من الميدان في قطاع غزة، ولكن التطورات الأهم تُشاهَد اليوم بعيداً عن ساحة القتال. تقلصت الحرب في القطاع إلى قتال في معركتين لوائيتين: الكبرى في مستشفى الشفاء، والصغرى التي بدأت في مستشفى الأمل في خان يونس. ولكن وجه المعركة ستمليه الآن أحداث أخرى على رأسها شبكة العلاقات الصعبة بين الإدارة الأمريكية وحكومة إسرائيل. أمس، تحولت هذه إلى قطيعة مكشوفة بعد أن امتنعت الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو من أجل إسرائيل. وأعلن رئيس الحكومة، نتنياهو، عن ذلك بصورة غير مسبوقة بنيته إلغاء سفر بعثة سياسية إلى واشنطن.

تركز الإدارة الأمريكية انتقادها للحرب في ثلاثة بنود رئيسية. أولاً، الصعوبات في تزويد المساعدات الإنسانية لسكان القطاع. ثانياً، حجم مبالغ فيه من قتل المدنيين. ثالثاً، تهديدات مستمرة من نتنياهو باحتلال رفح. نائبة الرئيس الأمريكي كمالا هاريس وصفت أول أمس القيام بعملية إسرائيلية محتملة في رفح بـ “الخطأ الشديد”، وقالت إنها لا تستبعد “نتائج” إزاء إسرائيل. هذه أمور نضجت خلال شهرين وأظهر الرئيس الأمريكي الصبر الكبير لدعمه للحرب بعد هجوم 7 أكتوبر، ولكننا الآن وصلنا إلى نقطة الغليان.

الأزمة الجديدة تتركز حول قرار مجلس الأمن الذي اتخذ أمس والذي دعا لوقف إطلاق النار في شهر رمضان وإطلاق سراح فوري للمخطوفين من أيدي حماس. لم تكن صيغة القرار مرضية لإسرائيل لأنها لم تربط العمليتين ببعضهما بشكل قاطع. توقع نتنياهو أن تستخدم الولايات المتحدة الفيتو، وعندما تبين في الظهيرة نية الأمريكيين للمرة الأولى الامتناع عن التصويت وليس المعارضة، نشر مكتب رئيس الحكومة تهديداً استثنائياً: الوزير رون ديرمر ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، لن يسافرا إلى واشنطن. رتب نتنياهو شخصياً خروج البعثة في محادثة هاتفية في الأسبوع الماضي مع الرئيس جو بايدن، بهدف علني، وهو تسوية الاختلافات في الرأي حول العملية في رفح. كان يمكن أن تكون هذه الزيارة الإسرائيلية الثانية الهامة لواشنطن هذا الأسبوع. هناك وزير الدفاع غالنت الذي يناقش مع مستضيفيه طلبات إسرائيل المستعجلة للحصول على مساعدات أمنية إضافية.

ليس مفاجئاً أن تهديد إسرائيل لم يغير موقف الرئيس. يبدو أن بايدن سيتدبر أمره أيضاً بدون هذه الزيارة. السؤال هو: كيف ستتدبر إسرائيل أمرها. تشعر قيادة جهاز الأمن بقلق كبير من تفاقم سوء العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتدهور مكانة إسرائيل الدولية. الخوف الذي يشارك فيه كل من يتولون المناصب الرسمية، هو من أننا في بداية إجراءات ستستمر سنوات، وسيكون من الصعب وقفها. وربما تعرّض إسرائيل للمقاطعة وتقديم ضباط للمحاكمة لـ “لاهاي”، وبرود العلاقات مع دول صديقة. نجح نتنياهو في إغضاب الإدارة الأمريكية وحكومات صديقة أخرى في الغرب خلال 15 شهراً من حياة حكومة اليمين المتطرفة التي شكلها في نهاية 2022. استياء الغرب ازداد مع ازدياد تعقد الحرب في غزة ورفض نتنياهو مناقشة التسوية السياسية لليوم التالي للحرب.

في المحادثات مع نظرائهم الإسرائيليين، اشتكت شخصيات أمريكية رفيعة من أنهم لا يعرفون ما يريده رئيس الحكومة، لكن الحقيقة أن رغبة نتنياهو واضحة جداً؛ ففي وضعه الحالي، البقاء السياسي قيمة عليا الآن، وإذا كان استمرار الحرب حتى من خلال الادعاءات المتزايدة ضد إسرائيل على خرق قوانين الحرب الدولية هو ما سيضمن بقاءه في الحكم، فهو مستعد لذلك. كل الوسائل مباحة، وضمنها تأخير آخر لعقد صفقة التبادل. هذا السلوك يثير الشكوك لدى معظم أعضاء مجلس الحرب تجاه خطوات نتنياهو فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، وفيما يتعلق بالعملية المخطط لها في رفح وبخصوص المفاوضات حول الصفقة.

ثمة بعثة مهنية إسرائيلية ما زالت في الدوحة عاصمة قطر من أجل المحادثات، ورؤساء أجهزة الأمن يتنقلون بين إسرائيل وقطر حسب التطورات. الآن، بعد أن أعطت إسرائيل رداً مبدئياً إيجابياً على اقتراح حل الوسط الأمريكي الأخير المتعلق بعدد السجناء الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم مقابل النبضة الأولى التي سيتم فيها إطلاق سراح 40 مخطوفاً إسرائيلياً، فقد ردت حماس مساء أمس بالسلب. قالت حماس إنه مطلوب تنازلات أخرى من إسرائيل بخصوص وتيرة انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع. من المرجح أنه قرار اتخذه رئيس حماس في القطاع يحيى السنوار.

قدمت حماس خلال السنين آلية اتخاذ القرارات الجماعية، التي تدمج قيادة الداخل (غزة والضفة) وقيادة الخارج وقادة السجناء في إسرائيل. ولكن منذ المذبحة، وللسنوار الكلمة الأخيرة، إذا لم يكن الوحيد، بسبب سيطرته على ورقة المساومة الوحيدة لدى حماس، وهي الـ 134 مخطوفاً. تعتقد إسرائيل أن تحقيق انعطافة سيستغرق وقتاً، ليس بسبب نتنياهو، بل لأن صفقة فيها تحرير مئات السجناء الفلسطينيين ربما تعرض استقرار الائتلاف للخطر. يعرف السنوار أنه تسبب للفلسطينيين في القطاع بكارثة فظيعة، نكبة 2، وللتغطية على ذلك، يحتاج إلى عرض إنجاز بارز في هذه الصفقة.

لم يرد رؤساء الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف بعد على تطورات المفاوضات في الدوحة. ربما يعتقدون أنه لم يتم بعد إحراز أي تقدم جدي. في المقابل، بدأ الجيش الإسرائيلي والقيادة الأمنية، بدءاً بغالنت فما تحته، التوجه نحو دعم لبلورة صفقة تبادل أخرى، هذا يتعلق بالتزام أخلاقي يبرز على خلفية التخلي عن المدنيين في الغلاف يوم المذبحة والوقت الكبير الذي مر. وثمة اعتبار آخر يتعلق بالتقدير أن وقفاً لإطلاق النار لستة أسابيع لن يؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحرب كما يتطلع الأمريكيون (جهات رفيعة في جهاز الأمن ستدعم استمرار القتال في القطاع إذا لم يتم إحراز أي اتفاق على نبضة ثانية لإطلاق سراح جميع المخطوفين).

هذه مواقف لا يُعبّر عنها بشكل علني. ربما هذا هو أحد أسباب النضال المتعثر لهيئة تحرير المخطوفين التي عانت أيضاً من تلاعب سياسي متعمد من مؤيدي نتنياهو. ظهر جو من الاستياء في الاعتصام الأسبوعي السبت في ميدان المخطوفين قرب متحف تل أبيب. بدأت المظاهرة كاحتفال حداد حاشد، وكان محفوراً على وجوه أبناء العائلات قلق ويأس في ظل غياب البشرى من قطر. يصعب التحرر من الانطباع أن نضالهم ما زال مؤدباً ولطيفاً، ولا ينجح في تحويل التعاطف العام الواضح إلى مصدر للضغط على الحكومة.

يستمر نتنياهو الآن في حملته الشاملة للتعرف على قوات الجيش الإسرائيلي. حتى إنه وصل أول أمس إلى الشرطة العسكرية ليقرأ وثيقة “استر” مع جنود كتيبة المعابر على خط التماس، بمرافقة رئيس قسم القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال ينيف عاشور. وعد نتنياهو بتصفية السنوار كما تمت تصفية هامان الشرير، وكرر وعده باحتلال رفح في الطريق إلى الانتصار على الشر المطلق. لن يحدث هذا قريباً، دون صلة بالبعثة إلى واشنطن. الاستعدادات لرفح تحتاج لوقت طويل، وحتى الآن لم يُتخذ قرار نهائي. بشكل ما وفي صيغة الخطاب التي نشرت في وسائل الإعلام، لم يتم ذكر ضائقة المخطوفين وضرورة إطلاق سراحهم حتى ولا بكلمة واحدة.

في القطاع نفسه، لم تنته بعد العملية في مستشفى الشفاء. يستغل الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” هناك مفاجأة عملية ناجحة. افترضت حماس و”الجهاد الإسلامي” لسبب ما أن إسرائيل لن تعود إلى شمال القطاع، وأنه يمكن إقامة قيادات عسكرية بشكل آمن في منطقة المستشفى. التقدم السريع للفرقة 162 أدى إلى حصار المنشأة حيث مئات المخربين المسلحين، إلى جانب المرضى والطواقم الطبية. خلافاً للعملية السابقة في تشرين الثاني جرى في هذه المرة إطلاق نار متبادل شديد في المستشفى إزاء رفض عدد من المحاصرين للاستسلام.

سمح الجيش الإسرائيلي بخروج المدنيين غير المشاركين من المستشفى واعتقل مئات المشبوهين الفلسطينيين الذين وافقوا على تسليم أنفسهم. بين المعتقلين حسب الجيش، هناك 500 ناشط معروف في المنظمتين. بعد خروج القوات الطبية، من المرجح أن يكون معظم المنشأة مدمرة بصورة تقتضي من إسرائيل تقديم تفسير للمجتمع الدولي. في المقابل، نشرت قناة “الجزيرة” أول أمس شهادات عن عمليات قتل واغتصاب نفذها الجنود ضد نساء من القطاع في المستشفى. وتبين أنها قصة مختلقة. وحتى إن القناة التي تستخدم في الحرب كأداة دعاية من قبل حماس، اضطرت للتراجع عندما اعترفت الشاهدة الأولى بأنها اختلقت هذه الأمور لرفع الروح القتالية في أوساط الفلسطينيين.

———————————————

هآرتس 26/3/2024

دعاه غانتس لـ”السفر شخصياً إلى واشنطن” فرد “قاتل هامان”: أليس هذا ما تريده حماس؟

بقلم: يوسي فيرتر

في ذروة الهجوم على الديمقراطية الذي قاده نتنياهو، حيث الشعب منقسم والاحتياط ممزق والتهديد الأمني يزداد والاقتصاد يتحطم والعالم يتنكر لنا، ثمة من تساءل: لماذا يعمل رئيس الحكومة؟ سؤال مهم الآن. عندما يتصرف الشخص الذي يتمسك بالحكم وكأنه قرر إنزال كارثة على الدولة التي تجاوزت الانقلاب النظامي بصعوبة؛ لأسباب سياسية يتصرف بوقاحة مع الرئيس الأمريكي ويطلب منه فرض الفيتو على قرار إعلاني في الأمم المتحدة ويضيف إلى ذلك تهديداً. وعندما لا يستسلم له الرئيس الأمريكي، يلغي سفر البعثة الإسرائيلية إلى واشنطن، وبذلك يضر بمصالح إسرائيل مباشرة وبالجيش الإسرائيلي الذي يقاتل في قطاع غزة. يقطع أنفه كي يغضب وجهه.

من هم الزعماء الذين يتجرأون على تهديد رئيس الولايات المتحدة؟ زعيم إيران وزعيم كوريا الشمالية، اللذان لم يحصلا على مساعدات عسكرية واستراتيجية ودولية غير مسبوقة من الإدارة الأمريكية، التي بدونها كانت إسرائيل ستجد صعوبة في إدارة المعركة في غزة. لا أحد في العالم يصف نتنياهو بأنه شخص منطقي، ولكن عدم المسؤولية الذي يظهره في هذا الوقت الحساس، حيث الجبهة الشمالية تهدد بالاشتعال في أي لحظة، كيف تستطيع إسرائيل أن تواجه حزب الله بدون الولايات المتحدة؟ ما المنطق في تفاقم الأزمة القائمة أصلاً بين الدولتين؟ بدلاً من مهاجمة رفح، يهاجم واشنطن. وحتى أمله بفوز الحزب الجمهوري بالرئاسة هذه السنة، أصبحت غير صحيحة. فترامب يكرهه بدرجة لا تقل عن بايدن. اليوم نشرت اقتباسات من مقابلة أجراها مع “إسرائيل اليوم”، لقد ظهر مثل تشاك شومر: يجب أن تنهي إسرائيل الحرب وتتقدم نحو السلام، قال وحذر من أنها آخذة في فقدان دعم العالم.

 

نتنياهو خطير على إسرائيل. كل لحظة يجلس فيها في مكتب رئيس الحكومة تعد خطراً واضحاً على أمن إسرائيل. يلعب بالنار على حسابنا. التهديد العلني بعدم إرسال البعثة كان يمكن تمريره بسرية إلى البيت الأبيض. استهدفت العلنية استعراض عضلات أمام بايدن، وإسعاد قلوب القاعدة، أن يخرج بطلاً. كان يمكنه أن يعبر بطرق مختلفة عن عدم رضى من قرار مجلس الأمن وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، لكنه اختار أسوأ الطرق على حساب إسرائيل. في هذه الأثناء نتنياهو الذخر الأكبر ليحيى السنوار وإيران وحزب الله. فما دام في الحكم ومحاطاً بعصابة المستوطنين المتطرفين الذين يسيئون لسمعة الدولة، ومحاطاً بالحريديم الذين يفرضون عليه المضي بقانون يشجعهم على التهرب من الخدمة العسكرية ويضر الاقتصاد بشكل كبير، فذلك أفق للعدو.

الضرر الذي تسبب به أمس لمصالح إسرائيل السياسية – الأمنية هو وحده المسؤول عنه. ومثلما فعل مؤخراً أكثر من مرة، فإنه لم يشرك في قراره مجلس الحرب (بالطبع باستثناء المقرب منه رون ديرمر). يستمر غانتس وآيزنكوت في خداع أنفسهما بأنهما يساهمان ويؤثران ويساعدان في توجيه السفينة نحو الاتجاه المطلوب.

إذا كان لدى غانتس أدنى شك حول ما يفكر فيه نتنياهو عنه، فقد جاء رد رئيس الحكومة (ليس الليكود) على الرد الذليل لرئيس المعسكر الرسمي على منع ذهاب البعثة الإسرائيلية إلى واشنطن، وأوضح له موقفه جيداً. “كان على رئيس الحكومة نفسه أن يسافر”، قال غانتس. نتنياهو رد على الفور “بعد أن رحبت حماس بالقرار… ما زال غانتس يقترح إرسال البعثة هذا المساء”. أي أن غانتس يساوي حماس. هذه هي الرسالة التي أراد رئيس الحكومة إرسالها، لا يمكن تفسير ذلك بشكل مختلف. إلى إنجازات نتنياهو (أول أمس نسب لنفسه الفضل في تصفية “هامان”) أضيف أمس انسحاب جدعون ساعر من الحكومة. رئيس اليمين الرسمي، الذي أمل نتنياهو في إبقائه إلى جانبه حتى بعد انسحاب غانتس وآيزنكوت، سبقهما. وعد ساعر أكثر من مرة بأنه سيبقى إلى حين انتهاء الحرب وإعادة المخطوفين، لكن تبين له في الفترة الأخيرة بأنه لا أهمية لوجوده في الكابنت السياسي – الأمني. يتم تقرير الأمور في مجلس الحرب (ليس دائماً). في حين أن الجسم الأصلي تحول، حسب تعبير ساعر، إلى برلمان. لهذا الأمر توجد الكنيست. سيكون أسهل عليه وهو في المعارضة إدارة الحرب وأداء المجلسين (كابنت الحرب، والكابنت السياسي الأمني).

في وضع مختلف للأمور، كان غانتس وآيزنكوت سيقفان أمس إلى جانب ساعر. انتهى دورهما التاريخي في حكومة الطوارئ. يهانان كل يوم. كان يجب مشاركة ممثلين عن الموساد و”الشاباك” في البعثة التي ألغيت؛ لمناقشة صفقة المخطوفين. أي أن نتنياهو مس أيضاً باحتمالية عقد الصفقة. أين هما؟ غانتس يعرف أنه قطعة قماش بالية. لقد تعود على ذلك، لكنه أسير الاستطلاعات التي تدل على أن أغلبية المصوتين له يؤيدون بقاء المعسكر الرسمي في الحكومة. لقد رسم لنفسه خطاً في الرمل: سن قانون التجنيد – التهرب. يبدو أن الموعد النهائي 30 حزيران، وهو الموعد الأخير للمصادقة على القانون. حتى ذلك الحين، سيحاول “التأثير من الداخل” وكأن هناك أحداً سيسمع لقوله.

———————————————

هآرتس 26/3/2024

غالانت يستخدم قانون إعفاء الحريديم لدفع الائتلاف الحكومي إلى نهايته

بقلم: آنشل فيفر

كتب معلق الشؤون العسكرية واليهودية والدولية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، آنشل فيفر، مقالاً تحدّث فيه عن خلفية موقف وزير الأمن في كيان الاحتلال يوآف غالانت، من قانون إعفاء الحريديم من التجنيد، معتبراً أن غالانت يدرك أنّ تجنيد الحريديم لن يحل أزمته في الحرب الحالية، ولن ينهي صداع الجيش الإسرائيلي، ليخلص إلى أن غايته الحقيقية هي الاستفادة من الأزمة الحاصلة في دفع الائتلاف إلى نهايته.

ليس لدى وزير الأمن مشكلة حقيقية مع استمرار عدم المساواة في التجنيد، لكنه فهم أنّ الحكومة لا تريد أو غير قادرة على تحديد أهداف واضحة لـ”الجيش” الإسرائيلي لمواصلة الحرب، وأنّ الأزمة مع الحريديم يمكن أن تخدمه. الآن، أدرك غالانت، نتنياهو لم يعد بإمكانه إقالته.

غادر وزير الأمن يوآف غالانت على وجه السرعة إلى واشنطن. مهمته الرئيسية: تسريع شحن الذخائر الأميركية، وهو أمر حيوي جداً بالنسبة لـ”الجيش” الإسرائيلي. الذخيرة ضرورية لمواصلة القتال في قطاع غزة وعلى الحدود اللبنانية، في وضع تتصاعد فيه الحرب ضد حزب الله من تبادل إطلاق النار بعشرات الصواريخ يومياً إلى حرب شاملة.

كما سيطلب من محاوري غالانت في الولايات المتحدة مناقشة قضايا مثل العملية الإسرائيلية المخطط لها في رفح، والخطوات العاجلة المطلوبة لمنع الجوع المتزايد في قطاع غزة، وإعداد قوة – غير “الجيش” الإسرائيلي أو حماس – لتولي المسؤولية الأمنية في غزة.

مع هذا الجدول الزمني المزدحم والمتفجر، يطرح السؤال: لماذا يكلف غالانت نفسه عناء التعامل مع مسألة القانون الذي يعفي الحريديم من التجنيد في “الجيش” الإسرائيلي، بل ويعلن قبل رحيله أنه سيرفض تقديم القانون الذي من المتوقع أن يُطرح في الحكومة هذا الأسبوع. بصفته لواءً مخضرماً في هيئة الأركان العامة، لم يحاول غالانت دفع مبادرات في هذا المجال، حتى في السنوات العشر التي قضاها في السياسة، معظم الوقت كوزير في الحكومة.

في ظاهر الأمر، الآن، بعد أن أصبح مسؤولاً عن المؤسسة الأمنية والعسكرية في حالة حرب، كان منطقياً أكثر من ناحيته أن يوافق على إجراءات وضع قانون الائتلاف غير المجدي على منصة “الكنيست”. على أي حال، هذا قانون هدفه الوحيد هو تحريك الكرة إلى الأمام، من التماس إلى التماس إلى محكمة العدل العليا.

بما أن مطلب الأحزاب الحريدية بإدراج بند يتجاوز محكمة العدل العليا في القانون قد تم تأجيله في الوقت الحالي، لا أحد لديه أمل حقيقي في إمكانية التوصل إلى تكافؤ فرص مع الأحزاب الحريدية في ما يتعلق بصياغة القانون، بما يضمن شرط المساواة الذي يصر عليه قضاة المحكمة العليا.

من ناحية أخرى، حتى لو لم يتم إمرار أي قانون، وانتهى الإعفاء وحتى تدفق الميزانيات إلى المدارس الدينية التي يتم فيها تسجيل المتهربين من التجنيد، ليس لدى ضباط الفرز والتصنيف أدنى تفكير بأن هذا سيحل صداع “الجيش” الإسرائيلي، فيما يتعلق بمسألة كيفية استكمال حجم القوات الناقص لمواصلة القتال المطول.

تجنيد الحريديم المفترض سيخلق مشاكل جديدة

إن إلغاء إعفاء من “توراته مهنته” سيحول على الفور أكثر من 60 ألف شاب حريدي إلى ملزمين بالتجنيد، لكن تجنيدهم، عملياً، سيكون على الأقل معقداً مثل العملية التي تبتعد في رفح: أي شخص يعتقد أن التغيير في سياسة الحكومة يكفي لقسم من طلاب المدارس الدينية للتجنيد والدخول في دائرة القتال في غضون بضعة أشهر هو واهم. في إسرائيل، صحيح أن التجنيد هو أمر معتاد، لكنه يتم طواعية. لا يملك “الجيش” الإسرائيلي القدرة على فرض التجنيد الإلزامي على جمهور بأكمله يرفض الخدمة.

يعرف غالانت أن عدم إمرار قانون الإعفاء لن يحل أزمته في الحرب الحالية، وربما حتى في هذا العقد. كما أنه لن يضخ أكثر من جرعة صغيرة عابرة من الروح المعنوية لجنود الاحتياط الذين أكملوا قبل بضعة أسابيع أربعة أشهر فقط من الخدمة التي بدأت مع اندلاع الحرب – وتلقوا بالفعل أوامر التحاق في الربيع أو الصيف المقبلين. إن المعضلات الصعبة التي يواجهونها عندما يطلب منهم مراراً وتكراراً ترك أسرهم، وتعريض الأعمال التجارية التي استثمروا فيها كل طاقتهم ورأس مالهم للخطر، والتغيب عن وظائفهم ومؤسساتهم التعليمية، لن تصبح أسهل لمجرد أن قانون الإعفاء لن يمر. هذا أيضاً يجب أن يعرفه غالانت.

خلاصة القول هي أنه يبدو أن غالانت قد توصل إلى استنتاج حتمي مفاده أنه مع أعضاء الائتلاف الحالي، ليس فقط من المستحيل تحقيق تجنيدٍ متساوٍ، بل إنه بصورة مباشرة من المستحيل الاستمرار في شنّ الحرب، على الأقل ليس بالطريقة التي يعتقد أنه ينبغي إدارتها.

إن سعي بنيامين نتنياهو إلى أزمة علنية مع الإدارة الأميركية، واستخدامه المتهكم لعملية رفح، التي ليس “الجيش” الإسرائيلي في عجلة من أمره للشروع فيها، ورفضه مناقشة أي خطة واقعية لليوم التالي في غزة، يمنع “الجيش” الإسرائيلي من التخطيط للأشهر القادمة من القتال، وربما السنوات القادمة من القتال أيضاً.

القلق على تماسك “الجيش”

قبل عام بالضبط، عندما أعلن غالانت أنه لن يصوت لصالح تشريع الانقلاب على النظام، لم يفعل ذلك بسبب إيمانه العميق بالحاجة إلى محكمة عليا قوية ومستقلة، بل بسبب القلق من التأثير المدمر على تماسك “الجيش” الإسرائيلي. حتى الآن، ليس لدى غالانت مشكلة حقيقية مع استمرار عدم المساواة في التجنيد. وطالما سُمح له بمواصلة القتال كما يراه هو وهيئة الأركان العامة مناسباً، ليس من المستبعد أن يستمر في “ابتلاعه”. تماماً كما ابتلع الوعد الأصلي للأحزاب الحريدية في اتفاق الائتلاف.

يدرك غالانت أنه بعد ما يقرب من ستة أشهر من القتال، فإن الحكومة الحالية لا تريد وغير قادرة على تحديد أهداف واضحة للآتي لـ”الجيش” الإسرائيلي. هذا هو السبب في أنه يحاول دفع الائتلاف إلى نهايته، على قضية يوجد حولها إجماع شعبي نادر. هذه المرة، هذا ما يعلمه، لن يتمكن نتنياهو من إقالته أيضاً.

حتى الآن، الحاخامات الحريديم يخدمونه. تصريح الحاخام الأكبر إسحاق يوسف بأن طلاب المدارس الدينية سوف يسافرون إلى الخارج ولن يجندوا، والذي دعمه على الفور الحاخامات الأشكناز، لا يترك أي مخرج للذين يمثلونهم في الحكومة.. لقد أصبح الحادث عرضاً للأيديولوجية الحريدية التي لا تساوم، الأمر الذي يسهل على غالانت التمسك بموقفه – وربما يدفع أيضا بيني غانتس العالق إلى تشديد مواقفه.

ومع ذلك، ليس هناك يقين من أن الأزمة ستدفن الحكومة. يمكن لنتنياهو وحلفائه الموافقة على أي نسخة من القانون، حتى من دون دعم وزير الأمن، حتى لو كان ذلك فقط لمحاولة كسب الوقت في المحكمة العليا، على الرغم من أن فرص نجاحهم في الحصول على 61 صوتاً من أعضاء الائتلاف في جلسة الكنيست المقبلة ليست مضمونة على الإطلاق.

حتى لو لم يتم إمرار القانون وأصبح الحريديم مجندين إلزاميين وحتى تم إيقاف ميزانيات المدارس الدينية، فإن هذا لا يفرض انسحاب الحريديم من الحكومة. لا يزالون يتمتعون بقوة كبيرة وميزانيات بالمليارات، ويمكن لنتنياهو دائماً أن يقول إنه حاول. حتى لو انسحبوا من الائتلاف، فهذا لا يعني أنهم سيصوتون مع المعارضة لحل الكنيست. في الوقت الراهن، فإن فرص تشكيل حكومة أكثر راحة لهم ضئيلة. لكن غالانت ليس لديه ما يخسره. إنه يعلم أنه مع هذه الحكومة، فإن “الجيش” الإسرائيلي – حتى لو جنّد الآلاف من الجنود الحريديم – لن يهزم حماس.

———————————————

عزلة إسرائيل تزداد ومصداقية أميركا تضررت بالمثل

26/3/2024

سلَّطت صحف عالمية – في إطار متابعتها حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة – الضوء على قرار مجلس الأمن المطالب بوقف فوري لإطلاق النار بغزة، وتداعياته، وتزايد عزلة إسرائيل عالميا، وامتداد تضرر المصداقية إلى الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل.

وتناولت صحيفة لوموند الفرنسية قرار مجلس الأمن وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، وعلقت بأن المجلس لم يتمكن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من تبني سوى قرارين من أصل 8 قُدِّمت للتصويت، لافتة إلى أنه بعد أكثر من 5 أشهر على الحرب، لا يزال دخول المساعدات إلى غزة غير كاف.

كما تناول موقع “مونيتور” إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلغاء زيارة وفد إسرائيلي لواشنطن هذا الأسبوع لمناقشة الوضع في رفح بجنوب غزة، وذلك بسبب عدم نقضها مشروع قرار وقف إطلاق النار بغزة، ونقل الموقع عن مكتب نتنياهو أن هذه “نكسة تضر بجهود الحرب وإطلاق سراح الرهائن”.

في حين رأى الكاتب إشان ثارور -في تحليل لصحيفة واشنطن بوست- أن الضرر الذي لحق بإسرائيل وسمعتها وتدني مصداقيتها في العالم نتيجة حرب غزة هو نفسه الذي لحق بالولايات المتحدة، مشيرا إلى الخلاف المتنامي بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وإسرائيل.

بدورها، رأت الكاتبة سوزان هاتيس رولف -في مقال بصحيفة جيروزاليم بوست- أنه على الرغم من التأييد الذي كسبته إسرائيل في العالم الغربي إثر هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإنه مع مرور أكثر من 5 أشهر من الحرب والتدمير والحصار والتجويع الذي تمارسه في غزة، بدأت عزلة إسرائيل تزداد.

بينما يرى المقدم عميت ياغور – في مقال بصحيفة معاريف- أن الوقت حان لبدء نقاش إستراتيجي إسرائيلي داخلي بشأن اليوم التالي لحرب غزة، ثم عقد مناقشات على كافة المستويات مع أميركا ودول أخرى، لافتا إلى أن ذلك من شأنه تخفيف الانتقادات الأميركية التي تضر بإسرائيل وتدعم حماس، حسب رأيه.

———————————————

“لم تشهده إسرائيل سابقاً”.. 6400 جندي إسرائيلي معوق نتيجة الحرب في غزة

وسائل إعلام إسرائيلية تؤكد أنّ 6400 جندي أصبحوا معوقين في صفوف “جيش” الاحتلال منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

الميادين نت 26 آذار

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الثلاثاء، تزايد أعداد الجنود المعوقين الذين تستقبلهم وزارة “أمن” الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتواصل المعارك البرية مع المقاومة الفلسطينية في غزّة.

وأوضحت أنّ عدد المعوقين في جيش” الاحتلال الذين تستقبلهم شعبة التأهيل في وزارة “الأمن” الإسرائيلية وصل إلى 64 ألف معوقٍ في الإجمال، منهم نحو 8000 يعانون حالة نفسية تشخّص بـ”اضطراب ما بعد الصدمة”.

وشدّد الإعلام الإسرائيلي على أنّ استيعاب أكثر من 6400 جندي معوقٍ جديد منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 يعدّ “واقعاً لم تشهده إسرائيل على الإطلاق”.

وفي وقت سابق اليوم، أقرّ “جيش” الاحتلال بإصابة 31 جندياً في المعارك الدائرة مع المقاومة الفلسطينية في مختلف حاور القتال في القطاع خلال اليومين الماضيين.

واعترف قبل يومين بمقتل جندي خلال المعارك الدائرة في محيط مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزّة.

وخلال أكثر من 5 أشهر من الحرب، ارتفع عدّاد قتلى “الجيش” الإسرائيلي في المعارك التي تخوضها مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. وتؤكد وسائل إعلام إسرائيلية أنها تعادل حجم لواءٍ في “الجيش”، وفق ما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية.

وفي وقت سابق، قال المعلّق العسكري في القناة الـ”12” الإسرائيلية، نير دفوري، إنّ “جيش” الاحتلال فَقد في هذه الحرب 600 مقاتل، فضلاً عن إصابة 3000، وهو ما لم يفقده منذ عشرات السنين. ويشير اكتفاؤه بالإعلان عن 3000 إلى حجم الرقابة الإسرائيلية على الإعلام في الإعلان عن خسائر الاحتلال في الحرب.

——————انتهت النشرة——————