بقلم: ألوف بن// هل ستكتب “ويكيبيديا” أن بايدن “شريك قادة إسرائيل في جرائمهم”؟

مساء أول من أمس، بعد بضع ساعات على بيان المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، كريم خان، الذي طلب إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع للاشتباه بارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، عمدت لتصفح مادة نتنياهو في “ويكيبيديا”. وقد جذب انتباهي معرفة ما الذي سيعرفه سكان العالم الذين سيهتمون بزعيم إسرائيل من هذا الموقع الأهم. “تم اتهام حكومة نتنياهو بالإبادة الجماعية”، كتب هناك. وبعد ذلك، تم ذكر طلب إصدار مذكرة اعتقال ضده “كجزء من تحقيقات المحكمة حول فلسطين”.

لو أتيح لنتنياهو صياغة هذه المادة عن نفسه لصاغها بصورة مختلفة؛ ربما سيكتب “في أيار 2024 كان نتنياهو ضحية هجوم لاسامي للمدعي العام”، إضافة إلى هجومه على المحكمة التي تساعد إرهاب حماس. ولكنها رسائل تبث، وتجد صدى في إسرائيل فقط. أما خارج مطار بن غوريون، فالقصة مختلفة. ثمة عدد من مجرمي الحرب الذين يتجولون بحرية في العالم، مثل فلاديمير بوتين وعمر البشير ويحيى السنوار وبنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. ليست هذه هي القائمة التي أراد نتنياهو أن يضم إليها. ولن تساعده أي “دعاية” أو أي تهديد للمحكمة لشطبه منها. هكذا سيتم ذكره من الآن فصاعداً في العالم.

نتنياهو يحظى بدعم كبير من الـ 106 أعضاء، وحتى من خصمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي لا يريد الظهور كشريك في جرائم قادة إسرائيل. أُعدت “لاهاي” لمحاكمة المجرمين وليس محاكمة الدول. ونتنياهو يحاول الادعاء بأن دولة إسرائيل كلها تجلس على كرسي المتهمين.

في هذه الأثناء، لمح رجل القانون البيبي، البروفيسور يوفال البشان، إلى خط دفاع نتنياهو. إلقاء التهمة على الجيش، على شكل تهربه من المسؤولية عن هجوم حماس على إسرائيل ومذبحة 7 أكتوبر. في المقال الذي نشره في “يديعوت أحرونوت” تساءل البشان: “كيف يتم اتهام قادة الدولة بجرائم حرب في حين أن قادة الجيش الإسرائيلي، الذين ينفذون، غير متهمين، خلافاً لنظرائهم في حماس؟”. لالبشان إجابته، وهي أن الأمر لا يتعلق بالعدالة، بل بالنخبة الأمنية والسلاح في واشنطن، حسب قوله. بالنسبة للبيبيين، سيبقى نتنياهو دائماً ضحية النخبة، التي رتبت هذه المرة أمر اعتقال لمحمد ضيف وغضت النظر عن هرتسي هليفي.

من مواد لائحة الاتهام المفصلة في طلب إصدار مذكرات الاعتقال، يتبين أن إسرائيل فشلت بالكامل في الحرب في غزة. وإذا ارتكبت حقاً جرائم كما تولد الانطباع لدى المدعي العام، أي إذا تعمدت تجويع سكان غزة وقتل المدنيين حتى بطرق متطرفة تصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، فإنها لم تنجح في هزيمة حماس. وهنا شيء نتن. وكل تصريحات الحكومة والجيش حول أهداف الحرب وطريقة العمل، كانت مجموعة أكاذيب غطت على حملة انتقام وحشية وعديمة الجدوى.

ثمة طريقة ناجعة واحدة للاستجابة إلى طلب الاعتقال الذي سيقدمه كريم خان. فبدلاً من الصراخ بـ “لاسامية” و”نازيين”، يجب فحص ادعاءاته موضوعياً من خلال تشكيل لجنة تحقيق رسمية تفحص إذا حدث بالفعل تجويع متعمد لسكان قطاع غزة، وإذا كان الجيش الإسرائيلي قد هاجم المدنيين في غزة وقام بقتلهم بشكل متعمد. هكذا فقط ستنفذ إسرائيل مبدأ “المكملات”، وتجعل تحقيق المحكمة الدولية ومذكرات الاعتقال أمراً لا لزوم له، وتعطي الجمهور في إسرائيل الجواب على السؤال الأكثر إقلاقاً، وهو: هل يقود الدولة شخص مجرم ضد الإنسانية؟