الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 22/5/2024

إلى نتنياهو: ما شأني بك و”لاهاي” بعد أن قتلت الأبرياء وجوعتهم؟

بقلم: نوعا لنداو

مصالح نتنياهو واضحة، صرح بها في رده على قرار المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرات اعتقال ضده وضد وزير الدفاع يوآف غالانت. لكنه درج على تحويل لائحة الاتهام ضد سياسته إلى لائحة اتهام ضد دولة إسرائيل وضد الجمهور الإسرائيلي. “الأمر السخيف والكاذب للمدعي العام في لاهاي غير موجه فقط ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع، بل ضد إسرائيل كلها… وضد جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحاربون قتلة حماس الحقيرين الذين اعتدوا علينا بوحشية في 7 أكتوبر”، كما قال.

لكن ما العمل؟ إجراءات محكمة العدل الدولية شخصية بالتحديد، وليست ضد الدول. نتنياهو يريد بيعنا، بروحية المقولة الفرنسية التي يحبها “أنا الدولة”، وأننا جميعاً، جميع الإسرائيليين، وبالأساس كل جندي ومجندة، قد نكون في القريب إلى جانبه على كرسي الاتهام في هولندا. في حين أن الأوامر المطلوبة والمحاكمة التي ستعقبها، إذا تم إصدارها أصلاً، تتناول مسؤوليته الشخصية ومسؤولية غالانت في وضع وتنفيذ السياسة العسكرية في قطاع غزة.

صحيح أن الملف الإسرائيلي – الفلسطيني ليس دكتاتوراً متهماً بارتكاب جرائم ضد أبناء شعبه، وأن دعم إسرائيل للحرب في غزة، سواء من المؤسسات أو من الشعب، كبير جداً، ومطلق تقريباً. وحتى الآن، يريد المدعي العام تقديم نتنياهو وغالانت للمحاكمة بشكل محدد، وليس الجندي الإسرائيلي العادي الذي يقف أسفل السلسلة، وليس كل دولة إسرائيل. لذا، لا سبب لتصديق هذا الكذب. هذه الإجراءات ليست “ضدنا جميعنا”، بالضبط مثلما هي المحاكمة التي تجري هنا في إسرائيل ضد نتنياهو ليست لائحة اتهام ضد كل مؤيديه، كما يحاول الادعاء حتى في هذه الحالة.

نسخة مخففة للكذب، الذي يكتسب الآن جاذبية واسعة، هي أن نتنياهو قاد دولة إسرائيل إلى لاهاي. عدنا وحذرنا، يقولون الآن في الوسط السياسي ومروراً باليسار، بأن سياسته السيئة ستقودنا إلى هناك، وها هو الكابوس قد تحقق. إضافة إلى أنها مقاربة تستنسخ بشكل أكثر دقة لائحة دفاع نتنياهو، فهي تتضمن ادعاء بأن المشكلة مجرد إجراءات، وليست سياسة سيئة أدت إليها، وكأن التداعيات هي المشكلة، وليست الأفعال.

حملة نتنياهو هذه تسقط على أرض خصبة عاطفياً، الكثير من الإسرائيليين غاضبون من المقارنة التي أجراها المدعي العام كريم خان بين زعماء حماس وزعماء إسرائيل. هذه المقارنة هي التي أدت إلى الانتقاد في العالم. ولكن على فرض أن البيان لم يدمج كل طلبات الأوامر في ملف إسرائيل – فلسطين، فإن معظم الإسرائيليين كانوا سيغضبون لأنهم يؤمنون بأن حربهم مبررة، وإذا تم اتهام نتنياهو، أو حتى أدين بجرائم حرب، فهذا دليل على أننا “جميعاً” قد ارتكبناها، سواء من خلال المشاركة في القتال أو تأييده.

يجب العودة والتذكير حول ذلك: هدف القانون الدولي تنظيم الحروب وليس أوقات السلام. تنظيم ما هو مسموح وما هو ممنوع حتى في الحروب الأكثر عدالة. ليس القتال هو الذي سيقدم للمحاكمة، بل الطريقة التي أدير بها، وليس على يد الجندي العادي، بل على يد القادة.

يجب أن نذكر أيضاً بأن ارتكاب حماس جرائم فظيعة لا تعطي الضوء الأخضر لكل رد إسرائيلي. وفوق ذلك، يبدو أنه يجب التذكير بأن سياسة القتل الجماعي وتجويع المدنيين الأبرياء، ومن بينهم آلاف الأطفال، من الجدير مبدئياً التحقيق فيها، إذا لم يكن في إسرائيل، ففي لاهاي. إذا جلس نتنياهو هناك على كرسي الاتهام، فلن أشعر بأنها محاكمة ضدي.

——————————————–

هآرتس 22/5/2024

هل ستكتب “ويكيبيديا” أن بايدن “شريك قادة إسرائيل في جرائمهم”؟

بقلم: ألوف بن

مساء أمس، بعد بضع ساعات على بيان المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، كريم خان، الذي طلب إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع للاشتباه بارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، عمدت لتصفح مادة نتنياهو في “ويكيبيديا”. وقد جذب انتباهي معرفة ما الذي سيعرفه سكان العالم الذين سيهتمون بزعيم إسرائيل من هذا الموقع الأهم. “تم اتهام حكومة نتنياهو بالإبادة الجماعية”، كتب هناك. وبعد ذلك، تم ذكر طلب إصدار مذكرة اعتقال ضده “كجزء من تحقيقات المحكمة حول فلسطين”.

لو أتيح لنتنياهو صياغة هذه المادة عن نفسه لصاغها بصورة مختلفة؛ ربما سيكتب “في أيار 2024 كان نتنياهو ضحية هجوم لاسامي للمدعي العام”، إضافة إلى هجومه على المحكمة التي تساعد إرهاب حماس. ولكنها رسائل تبث، وتجد صدى في إسرائيل فقط. أما خارج مطار بن غوريون، فالقصة مختلفة. ثمة عدد من مجرمي الحرب الذين يتجولون بحرية في العالم، مثل فلاديمير بوتين وعمر البشير ويحيى السنوار وبنيامين نتنياهو ويوآف غالانت. ليست هذه هي القائمة التي أراد نتنياهو أن يضم إليها. ولن تساعده أي “دعاية” أو أي تهديد للمحكمة لشطبه منها. هكذا سيتم ذكره من الآن فصاعداً في العالم.

نتنياهو يحظى بدعم كبير من الـ 106 أعضاء، وحتى من خصمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي لا يريد الظهور كشريك في جرائم قادة إسرائيل. أُعدت “لاهاي” لمحاكمة المجرمين وليس محاكمة الدول. ونتنياهو يحاول الادعاء بأن دولة إسرائيل كلها تجلس على كرسي المتهمين.

في هذه الأثناء، لمح رجل القانون البيبي، البروفيسور يوفال البشان، إلى خط دفاع نتنياهو. إلقاء التهمة على الجيش، على شكل تهربه من المسؤولية عن هجوم حماس على إسرائيل ومذبحة 7 أكتوبر. في المقال الذي نشره في “يديعوت أحرونوت” تساءل البشان: “كيف يتم اتهام قادة الدولة بجرائم حرب في حين أن قادة الجيش الإسرائيلي، الذين ينفذون، غير متهمين، خلافاً لنظرائهم في حماس؟”. لالبشان إجابته، وهي أن الأمر لا يتعلق بالعدالة، بل بالنخبة الأمنية والسلاح في واشنطن، حسب قوله. بالنسبة للبيبيين، سيبقى نتنياهو دائماً ضحية النخبة، التي رتبت هذه المرة أمر اعتقال لمحمد ضيف وغضت النظر عن هرتسي هليفي.

من مواد لائحة الاتهام المفصلة في طلب إصدار مذكرات الاعتقال، يتبين أن إسرائيل فشلت بالكامل في الحرب في غزة. وإذا ارتكبت حقاً جرائم كما تولد الانطباع لدى المدعي العام، أي إذا تعمدت تجويع سكان غزة وقتل المدنيين حتى بطرق متطرفة تصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، فإنها لم تنجح في هزيمة حماس. وهنا شيء نتن. وكل تصريحات الحكومة والجيش حول أهداف الحرب وطريقة العمل، كانت مجموعة أكاذيب غطت على حملة انتقام وحشية وعديمة الجدوى.

ثمة طريقة ناجعة واحدة للاستجابة إلى طلب الاعتقال الذي سيقدمه كريم خان. فبدلاً من الصراخ بـ “لاسامية” و”نازيين”، يجب فحص ادعاءاته موضوعياً من خلال تشكيل لجنة تحقيق رسمية تفحص إذا حدث بالفعل تجويع متعمد لسكان قطاع غزة، وإذا كان الجيش الإسرائيلي قد هاجم المدنيين في غزة وقام بقتلهم بشكل متعمد. هكذا فقط ستنفذ إسرائيل مبدأ “المكملات”، وتجعل تحقيق المحكمة الدولية ومذكرات الاعتقال أمراً لا لزوم له، وتعطي الجمهور في إسرائيل الجواب على السؤال الأكثر إقلاقاً، وهو: هل يقود الدولة شخص مجرم ضد الإنسانية؟

——————————————–

يديعوت أحرونوت 22/5/2024

محافل أمنية إسرائيلية رفيعة: هل حان وقت الخروج من قطاع غزة؟

بقلم: سيفر بلوتسكر

في سوق البضائع القديمة بتل أبيب بيعت ظهر الجمعة مغلفات من افتتاح فرع البريد الإسرائيلي في رفح. التاريخ: 21 كانون الثاني 1957. منذئذ، وحتى قبل ذلك، دخلت إسرائيل عسكرياً إلى قطاع غزة وخرجت منه على نحو متواتر كل عقد تقريباً. والاستنتاج: لم يكن، لا يوجد، ولن يكون “حل” من إنتاج إسرائيلي لقطاع غزة. كما لن يكون ممكناً إقامة حكم إسرائيلي عسكري أو مدني. هذه أضغاث أحلام. يجب أن تتقلص أهداف القتال إلى هدفين، واقعيين: تحرير المخطوفين، وضمان حياة سكينة وهدوء طويلة لبلدات النقب الغربي.

القيادة السياسية لإسرائيل على وعي بوضعنا الحقيقي: الحرب في غزة قريبة من استنفاد ذاتها، هذا دون صلة بقرار فضائحي من الادعاء العام في “لاهاي”. فقد أعلن الوزير غانتس، عن إنذار ثلاثة أسابيع لبقائه في الحكومة، وهي فترة صحيحة لإنهاء النشاط العسكري في القطاع والخروج منه. الخروج تماماً. مرة أخرى؟ نعم، مرة أخرى. ربما لا تكون هذه المرة الأخيرة. ورجاء لا تفكروا، لشدة الغرور إننا فائقو القدرة. لسنا قوة عظمى. ليس بوسعنا أن نقرر لمن ننقل السيطرة في غزة. هذا قرار الغزيين، قرار العالم العربي، وقرار كل الدول المستعدة للاستثمار في إعادة إعمار القطاع.

بالنسبة لإسرائيل، أصبحت الحرب في غزة ما يسميه الاقتصاديون “عبئاً زائداً”، أمراً تفوق كلفته منفعته. إذ ما الذي يمكن تحقيقه عسكرياً ولم نحققه؟ لقد أثبتت إسرائيل إنها قادرة على تسوية قطاع غزة مع الأرض، وأن تجبي من حماس ومؤيديها ثمناً دموياً باهظاً. هذا الدرس سيكوي الوعي الغزي الجماعي والشخصي لسنوات إلى الأمام، وسيشكل إشارة تحذير وردع. لقد أعدت حماس نفسها للمواجهة ضدنا على مدى فترة طويلة، في ظروف فائقة. وها هي إسرائيل، في غضون أكثر بقليل من 200 يوم، صفت 90 في المئة من قدراتها العسكرية – الهجومية، وخفضت إلى الصفر فرصها لإعادة التسلح وإعادة التنظيم لمواجهة أخرى، على الأقل حتى 2035. هذا انتصار مبهر. أما التطلع إلى النصر المطلق، هنا والآن، فيعرضه للخطر.

أسمح لنفسي بطرح فكرة الخروج من غزة، سواء لأن محافل أمنية رفيعة المستوى تنشرها مؤخراً أم لأني كنت بين القلائل الذين اختلفوا علناً، في مقالات التحليل، مع المفهوم الذي ساد في المؤسسة الأمنية – السياسية حول حماس، وبموجبه يمكن ترويضها واقتلاع عنوانيتها من خلال تحسين مستوى معيشة الغزيين. فمنظمات إرهابية متطرفة من نوع حماس، كما كتبت أقول، معنية بإبقاء الجمهور الذي تعمل في داخله في حالة فقر وعلى حافة الفقر. مثلما كان صعباً أكثر على المواطنين العيش هكذا، يكون أسهل عليهم التحكم بهم.

كيف سترد حماس على قرار إسرائيلي لإنهاء جولة الحرب والخروج من غزة – باحتفالات نصر على خرائب القطاع وفي مقابره الآنية؟ أشك. الخروج من غزة سيبقي حرية العمل الأمنية الكاملة في أيدي إسرائيل، بما في ذلك عمليات الرد. معقول أكثر أنه مع أخذ المزاج العام لدى أوساط 2.2 مليون غزي بالاعتبار، ستسارع حماس إلى اقتراح صفقة سريعة، “كل المخطوفين مقابل آلاف السجناء” لتكون شرطاً لبدء الإعمار الدولي. بالتوازي، سيشطب عن جدول الأعمال الخيار السخيف لوقف القتال والانسحاب الكامل مقابل تحرير مجموعة مخطوفين صغيرة.

هل يعني هذا أننا سنعيش مع جار مجنون إلى الأبد؟ ليس بالضرورة. منظمات إرهاب كثيرة بدت ظاهراً غير قابلة للكسر، لكنها كسرت بالتدريج. وعلى أي حال، فإن الوضع النفسي لمسؤولي حماس لا ينبغي أن يشغل بالنا أكثر مما ينبغي. علينا، نحن الإسرائيليين، أن نحرص على ألا يملكوا الوسائل والقدرات لتحقيق جنونهم مثلما حققوه في 7 أكتوبر.

——————————————–

إسرائيل اليوم 22/5/2024

“الكابينت” يخوّن نفسه: “أسوأ بعشرات الأضعاف مما كان في حرب لبنان الثانية”

بقلم: يوآف ليمور

وزراء الكابنيت السياسي الأمني مبعدون عن معلومات حساسة خوفاً من التسريب، هكذا أكدت ثلاثة محافل رفيعة المستوى. لذلك، يكون وزراء الكابنيت مطالبين باتخاذ القرارات دون علم بكامل المعلومات.

الكابينت السياسي – الأمني (أو باسمه الرسمي: اللجنة الوزارية لشؤون الأمن القومي) مؤتمن من الحكومة على بلورة السياسة في مسائل حساسة تتعلق بالأمن القومي، وأساساً في مجالات الأمن والعلاقات الخارجية. وهو يشكل هيئة ضيقة وسرية، يكون ممكناً فيه إجراء مداولات عميقة واتخاذ قرارات في مسائل حساسة.

حسب القانون، يضم الكابتن ستة وزراء دائمين: رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وزير الخارجية، وزير المالية، وزير العدل ووزير الأمن الداخلي. قد يضاف إلى الكابنيت وزراء آخرون، على ألا يزيد عددهم عن نصف وزراء الحكومة. في الكابنت الحالي 13 عضواً دائماً، ينضم إليهم أحياناً مراقبون – حسب قرار رئيس الوزراء. يدعى إلى الكابنت أيضاً رؤساء هيئات الأمن والاستخبارات، وكذا مسؤولون كبار في ديوان رئيس الوزراء وهيئات أخرى.

في الماضي، درج رؤساء الوزراء على طرح القرارات الحاسمة الحساسة على الكابنيت لتوسيع دائرة المشاورات والمسؤولية. حالات جرت فيها مشاورات حساسة في محافل أخرى ليست رسمية، كانت تسمى “المطبخ المصغر”، أو “السباعية” أو “الثمانية”، وفقاً لتركيبتها. لم يكن للقرارات التي اتخذت فيها مفعول رسمي، وكان واجباً عرضها على الكابنيت أو الحكومة لاتخاذ القرار بشأنها.

في حالات أخرى، كان الكابنيت يخول هيئة ضيقة لاتخاذ القرارات بدلاً منه، آملاً توقيتاً معيناً لنجاعة العملية أو إبقائها سرية. هكذا خول رئيس الوزراء (إيهود أولمرت) ووزيرا الدفاع والخارجية (إيهود باراك وتسيبي لفني) بأن يقرروا الموعد الدقيق للهجوم على المفاعل النووي في سوريا أيلول 2007. قبل ذلك، كان هناك نقاش واسع في الكابنيت عرضت فيه كل المعلومات وأقر الهجوم بشكل مبدئي. أي أن عموم أعضاء الكابنيت كانوا شركاء في السر والقرار. في حالات أخرى، أشرك أعضاء الكابنيت في المعلومات وفي عملية اتخاذ القرارات كما يفترض من مسؤوليتهم في القانون.

خطة الهجوم في الشمال

الوضع اليوم مختلف جوهرياً؛ فهيئات الأمن تمتنع عن كشف معلومات حساسة في جلسات الكابنيت خوفاً من تسريبها أو كشفها. وعلم أنه منذ إقامة الحكومة الحالية، وبقدر أكبر منذ نشوب الحرب، كانت هناك حالات سربت فيها محاضر مفصلة عن جلسات الكابنيت. كان الحديث يدور في بعض الحالات عن معلومات عرضت عمليات تنفيذية ومقاتلين في الميدان للخطر، وفي حالات أخرى كشفت معلومات استخبارية سرية. وأبرز مثال على ذلك وليس الوحيد، الهجوم الذي جرى النظر فيه في 7 أكتوبر في لبنان، والذي سربت تفاصيله بأكملها تقريباً.

وفي جلسات الكابنيت في الأشهر الأخيرة، سُئل قادة جهاز الأمن من الوزراء عن مسائل حساسة، وأجابوا بأنه لا يمكنهم الإجابة خوفاً من تسريب الأقوال والمس بالأمن. لذا، منعت عن أعضاء الكابنيت معلومات وتقديرات كانوا يحتاجونها في صالح اتخاذ القرارات. قال أحد المحافل إنه تسيب: ليست التسريبات فقط هي التي تعرض أمن الدولة للخطر، بل إنه لا يمكن للكابنت بسببها أن يؤدي مهامه في زمن الحرب. وأضاف: “بدلاً من الحفاظ على الأمن، فالوزراء يعرضونه للخطر”.

المعلومات التي حرم منها الكابنيت نقلت بكاملها إلى كابنت الحرب، الذي تكون التسريبات فيه محصورة أكثر. لكن في سلسلة طويلة من المواضيع، يفضل رئيس الوزراء نقل المداولات إلى الكابنيت الموسع، الذي كما أسلفنا لا يُشرك في عموم المعلومات، وبالتالي بإمكانه إجراء مداولات جزئية فقط. “المعنى العملي هو أن الكابنيت يخون مهامه”، قال محفل ما، “لجنة جينوغراد قضت بأن الكابنيت لم يؤدِ مهامه في حرب لبنان الثانية. الوضع اليوم أسوأ وأخطر بأضعاف”.

آلة كشف الكذب عند الوزراء

المسؤول عن طرح المواضيع للبحث في الكابنيت هو رئيس الوزراء، من خلال سكرتيره العسكري وهيئة الأمن القومي، المسؤولة أيضاً عن توزيع المواد على الوزراء. نتنياهو على وعي تام بمشكلة التسريب التي عرضها عليه قادة جهاز الأمن عدة مرات. وأوضح أن في نيته اتخاذ خطوات للعثور على المسربين والدفع قدماً بقانون في الموضوع، لكن لم تترجم وعوده إلى أفعال حتى الآن.

عندما طرح عليه اقتراحات لإجراء فحوصات آلة كشف الكذب على الوزراء، عطلت لاعتبارات مختلفة.

كما أسلفنا، قبل الحرب أيضاً منعت معلومات عن الوزراء كانت حيوية لاتخاذ القرارات مع التشديد على تحذيرات قادة جهاز الأمن من تداعيات التشريع القضائي – والشرخ الذي نشأ كنتيجة له – على الأمن القومي والردع الإسرائيلي. وكما انكشف في آذار 2023، في “إسرائيل اليوم” طلب غالانت عدة مرات انعقاد الكابنيت، ورفض نتنياهو طلبه، بل أقاله عقب النشر. اضطر نتنياهو في حينه للتراجع عن الإقالة.

مسألة المداولات في الكابنيت وإقصاء الوزراء عن المعلومات ستكون في مركز عمل لجنة التحقيق التي ستحقق في الإخفاقات التي أدت إلى هجوم 7 أكتوبر وإدارة الحرب. وحتى تشكيلها، فإن من يعنى بالموضوع هو مراقب الدولة الذي أعلن عن نيته التحقيق في سياقات المداولات واتخاذ القرارات في الكابنييت.

——————————————–

هآرتس 22/5/2024

واشنطن لنتنياهو: السعودية طوق نجاتك من “لاهاي”.. وتهمة “اللاسامية” لم تعد مجدية

بقلم: عاموس هرئيل

قد يكون للتطورات في الساحة الدولية تداعيات حقيقية في الفترة القريبة القادمة على خطوات إسرائيل في الحرب، في القطاع وعلى الحدود مع لبنان. بمرة واحدة، تندمج الآن عمليتان، وهما تسريع الإجراءات القانونية ضد شخصيات إسرائيلية رفيعة (في القريب ربما أيضاً ضد الدولة) في المحاكم الدولية في لاهاي، وجهود الولايات المتحدة لعقد اتفاق مع السعودية الذي قد يشمل صفقة التطبيع مع إسرائيل. خلال ذلك، تأثير هذه الأحداث على ما يحدث ما زال محدوداً. ربما العكس؛ تزداد الدلائل على توجه الجيش الإسرائيلي نحو توسيع العملية في رفح، وربما احتلال المدينة بعد أن قلصت الولايات المتحدة معارضتها للعملية.

طلب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الدفاع غالانت، لم يكن مفاجئاً. أجرى نتنياهو نقاشات لساعات طويلة في الأشهر الأخيرة مع جهات رفيعة في وزارة العدل وجهاز الأمن لاستباق الأسوأ. بعد بيان المدعي العام، كريم خان، أصدر رئيس الحكومة إدانة لهذا الإجراء، ثم جنّد معظم الأحزاب في الكنيست لإرسال رسالة احتجاج.

تقوم إسرائيل من وراء الكواليس بهجوم مندمج من التوسل والتهديد والضغط غير المباشر في محاولة تجنيد دول غربية لصالحها لوقف إجراءات كريم خان. احتمالية النجاح في هذه الأثناء ضعيفة جداً. ونشرت الإدارة الأمريكية بياناً ينتقد طلب المدعي العام، علماً أن الولايات المتحدة لم توقع على الميثاق الذي أسس هذه المحكمة. ولكن تصعب رؤية الرئيس يغفو مرة أخرى على الجدار من أجل إسرائيل حول هذا الأمر.

في الوقت الذي قد تجد فيه إسرائيل، التي تمت مهاجمتها بشكل فظيع في 7 أكتوبر، قادتها على كرسي المتهمين ويواجهون ادعاءات بارتكاب جرائم حرب، لم يعد أمامنا إلا حالة لتبديد الاعتماد الدولي، ولا يمكن عزو ذلك فقط للاسامية أو للمعايير الأخلاقية المزدوجة، التي تستخدم أحياناً لإسرائيل. إن تدحرج الأحداث يثبت المكانة الدولية والمؤهلات الدبلوماسية لنتنياهو نفسه. فالشخص الذي تفاخر بأنه سياسي رفيع هو غير قادر على تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي وضعها للحرب، بل ويورط إسرائيل بمشكلات ستطارد الدولة ومواطنيها لسنوات كثيرة، حتى ما بعد النتائج المباشرة للمذبحة التي نفذتها حماس.

في ظل الجمود

أمام المسار الذي يلوح الآن لإسرائيل في الأفق، من مذكرات الاعتقال وأمر لوقف القتال وربما حتى قرار من مجلس الأمن لوقفه مع تهديد بفرض عقوبات، يقترحون الأمريكيون خطة للخروج. مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاك سوليفان، ناقش هذه المواضيع مع قيادة إسرائيل أثناء زيارته للبلاد الأحد.

الوثيقة الأمريكية – السعودية، تقترب من الاستكمال. إذا فضلت إسرائيل الانضمام فربما تحصل على مكاسب مهمة مثل التطبيع مع الرياض، وعضوية فيما يشبه غطاء أمنياً مؤيداً لأمريكا مع دول في المنطقة يستهدف صد إيران، وإنهاء الحرب في القطاع، وإطلاق سراح جميع المخطوفين، واحتمالية إنهاء القتال ضد حزب الله على الحدود مع لبنان. في المقابل، تريد أمريكا إعلانا إسرائيليا عن عملية لإيجاد أفق سياسي لحل الدولتين والموافقة على آلية لإدارة قطاع غزة تشمل مشاركة السلطة الفلسطينية.

حسب المحلل العسكري في “واشنطن بوست”، ديفيد ايغنشيوس، تبدو السعودية مستعدة للاكتفاء بتعهد إسرائيل في ترسيخ “مسار موثوق” لإقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية. وقد تحدث عن تفاؤل نسبي لدى الإدارة الأمريكية حول وجود فرصة جديدة لإنهاء الحرب، على خلفية التفاهمات بين أمريكا وإيران، التي تم التوصل إليها مؤخراً، لمنع التصعيد الإقليمي. المصادر الأمريكية تنسب ذلك للتحذيرات المباشرة التي أرسلتها الولايات المتحدة لطهران

في هذه الأثناء، يبدو عرض الولايات المتحدة مليئاً بالثقوب؛ فهو يعتمد على موافقة حماس على صفقة التبادل. ولكن رغم أن مصلحة حماس الرئيسية هي إنهاء الحرب (التي ستوافق مقابلها على دفع الكثير) فإنها لا مصلحة لها في الاندماج بعملية تخلد التحالف بين إسرائيل والسعودية في المنطقة؛ العكس هو الصحيح. وحتى التفكير الذي يمكن بناؤه على بديل سلطوي بمشاركة السلطة الفلسطينية مشروط بإضعاف حماس، الذي مشكوك فيه أن يتحقق في سيناريو الذي ستنتهي فيه الحرب الآن.

في هذه الأثناء، يبدو أن نتنياهو ينوي رفض الاقتراح في كل الحالات، إزاء التحالف الذي عقده مع أحزاب اليمين المتطرف، التي تهدد بالانسحاب من الائتلاف بوجود أي إشارة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين أو تعهد، مهما كان غامضاً، بالمضي نحو حلم الدولة الفلسطينية. ولكن ربما يجب على نتنياهو أن يأخذ شيئاً آخر في الحسبان. أول أمس، كان هناك تغيير واضح في وضعه الشخصي، فهو على بعد خطوة من إصدار مذكرة اعتقال دولية ضده للاشتباه بارتكاب جرائم حرب. وإن إجراء سياسياً تاريخياً مع السعودية قد يكون تذكرة خروجه.

رغم أن المحكمة تتبع مقاربة مستقلة، فربما تجد المؤسسة الدولية صعوبة في ملاحقة زعيم يقف أمام توقيع اتفاق مع الدولة العربية الأهم. يبدو أن هذا ما أشار إليه رئيس الدولة إسحق هيرتسوغ (بتصريح علني نادر لا يتعلق بالأوروفيجين)، ولكن في ختام لقائه مع سوليفان، قال إن التطبيع سيكون، حسب تعبيره، “انعطافة تاريخية في اللعبة”، ويأمل أن يتم فحص عرض أمريكا بجدية.

في الوقت الذي يدفع فيه سوليفان إسرائيل للتقدم مع السعوديين، تخفف الإدارة الأمريكية الضغط بشأن العملية في رفح. وإن إخلاء إسرائيل لمليون غزي من رفح، قلص القلق الأمريكي في هذا الشأن. قبل أسبوعين أوقف الرئيس الأمريكي إرسالية كبيرة من القذائف لسلاح الجو الإسرائيلي عقب الخلاف على رفح. أما الآن فيبدو أن الأمريكيين أصبحوا أقل انفعالاً.

مع ذلك نذكر بأن نحو 400 ألف غزي ما زالوا في المنطقة، والخط الأحمر الأمريكي هو قتل المدنيين جماعياً، الذي قد يثير الانتقاد ضد إسرائيل مجدداً. ويجب الأخذ في الحسبان خطورة قتل المخطوفين جراء قنابل إسرائيلية، حيث افتراض بأن بعضهم محتجزون في رفح. العملية الواسعة في رفح يجب أن تأخذ هذه الأمور في الحسبان.

الوضع في رفح يحدث على خلفية جمود في قضية المخطوفين. أمس، نشر أن نتنياهو لدغ الطاقم في موضوع الأسرى والمفقودين عندما حاول أعضاء الطاقم طرح اقتراح جديد لتحريك المحادثات، وقال إنهم لا يعرفون كيفية إجراء المفاوضات. وحسب نشر آخر في “كان”، فإن رئيس مركز الأسرى والمفقودين العسكري، الجنرال احتياط نيتسان ألون، تردد بشأن استمرار وجوده في الطاقم إزاء الجمود ومعاملة نتنياهو، لكنه اقتنع بالبقاء في منصبه بعد محادثات مع وزير الدفاع ورئيس الأركان. هذه صيغة حذرة للأحداث. عملياً، ألون غير بعيد عن تقديم استقالته، وقد يتخذ هذه الخطوة باستنتاج أنه لم يبق له أي تفويض لإجراء المفاوضات.

ربما تؤثر قراراته أيضاً على موقف حزب المعسكر الرسمي. ما زال غانتس متمسكاً بموعد الهدف البعيد الذي وضعه كإنذار لنتنياهو، 8 حزيران القادم، رغم أن رئيس الحكومة رفض علناً كل طلباته بعد أقل من ساعة من عرضها.

———————————————

هآرتس 22/5/2024

الجيش يحمي ميدانياً “صد الشاحنات وإتلاف المساعدات ونهبها”: ميليشيات بمعنى الكلمة

بقلم: أسرة التحرير

نشطاء اليمين الذين يتصدون لشاحنات المساعدات الذاهبة إلى غزة يعملون كميليشيا بكل معنى الكلمة. والمعاملة المتسامحة التي تتلقاها هذه الميليشيا تشهد على عفن عميق يستشري في إسرائيل تحت قيادة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش. فقد وثقت الصور نشطاء هذه الميليشيا هذا الأسبوع وهم يوقفون شاحنات فلسطينية في القدس يطالبون سائقيها برخصهم، بل ويجرون تفتيشاً في الشاحنات ليتأكدوا من عدم وجود غذاء فيها. في أحد الأشرطة التي نشرها مراسل “هآرتس” نير حسون، نشاهد أعضاء الميليشيا يتصرفون كحاجز للجيش الإسرائيلي بتكليف من أنفسهم، فيما يقف أفراد الشرطة على مقربة من المكان ولا يعرقلون مهمتهم.

أعمال التخريب ممنهجة وثابتة. يتضمن بعضها عنفاً جسدياً. الجمعة، هاجم المستوطنون سائق شاحنة مرت من جانب مستوطنة “كوخاف هشاحر” بعد أن اشتبهوا بأنها تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة. وضربوا جنود احتياط استدعوا إلى المكان. وحسب مصدر أمني، حاولوا التعرض للسائق. قبل يوم من ذلك، رشق نشطاء الميليشيا حجراً على سائق شاحنة فلسطيني وأصابوه في رأسه، للاشتباه ذاته. تظهر التوثيقات أن النشطاء أوقفوا شاحنتين في منطقة مستوطنة “جفعات أساف”، أنزلوا البضاعة منهما، وأفرغوا دواليبهما من الهواء، وأشعلوا إطارات السيارات على الطريق. في أحد التوثيقات، يظهر سائق الشاحنة على الأرضية جريحاً، بينما الجنود، وبينهم ضابط برتبة رائد، يمرون بجانبه. قبل بضعة أيام من ذلك، أحرقوا شاحنتي مساعدات إنسانية متجهة إلى قطاع غزة قرب معبر ترقوميا في قافلة سد نشطاء اليمين طريقها ونهبوها.

من يقف خلف هذه الأعمال الحقيرة هي حركة اليمين المتطرف “لن ننسى” – شبان من اليمين الديني – القومي، معظمهم فتيان. من خلال مجموعة لهم على “واتساب”، يستدعى النشطاء إلى المفترقات في أرجاء البلاد، ويتوجهون لسد الطريق أمام الشاحنات بكل وسيلة، مستندين إلى معلومات مسبقة يحصلون عليها، على حد أقوالهم، ضمن مصادر أخرى من محافل في الجيش وفي الشرطة.

الوزارة الحكومية المسؤولة عن الشرطة التي يجلس فيها الكهاني بن غفير، المعارض الرئيس لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، حقيقة تزيد إحساس التسيد من جانب الميلشيات وانعدام الهيبة.

في الأشهر الأخيرة، أعلنت دول أوروبية والولايات المتحدة عن سلسلة عقوبات ضد نشطاء يمين متطرف في إسرائيل مشاركين في العنف ضد الفلسطينيين. لا يمكن قطع التدخل الدولي – سواء بالعقوبات أم بأوامر اعتقال دولية – عن تسييس الشرطة وضعف جهاز القضاء الإسرائيلي أمام مظاهر عنف اليمين المتطرف من جانبي الخط الأخضر. إسرائيل ملزمة بالتنكر لليمين المتطرف ومن يربيه ليصل إلى حجومه الوحشية – نتنياهو. ما دام هؤلاء في القيادة فسنغرق أخلاقياً ونتحول إلى دولة منبوذة في العالم.

———————————————

معاريف 22/5/2024

صفقة لإنهاء الحرب

بقلم: آنا برسكي

هل نسير باتجاه “اليوم التالي”؟ كشف محلل “واشنطن بوست” ديفيد ايغناتيوس أمس النقاب عن تفاصيل جديدة على دور الولايات المتحدة في الاتصالات لإنهاء الحرب في قطاع غزة وفي حدود الشمال – وللسعي نحو إعادة الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط. وضمن أمور أخرى نشر ايغناتيوس بأنه بتقدير إدارة بايدن، خطر الحرب الإقليمية انخفض مؤخرا.

وعلى حد قوله توصلت واشنطن مؤخرا إلى “تفاهمات هادئة” مع إيران في مفاوضات غير مباشرة عبر عُمان، وبموجبها تقيد طهران تخصيب اليورانيوم حتى 60 في المائة ولا تنصب أجهزة طرد مركزية جديدة. كنتيجة للتفاهمات، طلب الإيرانيون المساعدة بالعثور على مروحية الرئيس الإيراني التي تحطمت في بداية الأسبوع والولايات المتحدة استجابت للطلب.

على مدى الحوار بين الدولتين، وجهت الولايات المتحدة تحذيرات صريحة حول الشكل الذي سترد به على تصعيد إيراني. وقد أسندت هذه التحذيرات بهجمات عسكرية ضد ميليشيات مدعومة من إيران في سورية وفي العراق، والتي يبدو أنها أوقفت الهجمات ضد القوات الأميركية في هذه المناطق. وبالتوازي، فإن الثوار الحوثيين المدعومين من إيران يواصلون إطلاق المُسيرات على السفن في البحر الأحمر، لكنهم يتعرضون على نحو شبه يومي بضربات مضادة من قوات القيادة الوسطى الأميركية.

وإضافة إلى ذلك قدم المحلل إطلالة على ما يجري خلف الكواليس في إسرائيل، فيما إن الفكرة هي تثبيت نموذج “اليوم التالي” في غزة على نمط السلطة الفلسطينية في الضفة: تقسيم إلى مناطق سيطرة مع اجتياحات متكررة من قوات الجيش الإسرائيلي. وحسب هذا، فإن قوة فلسطينية ستسيطر مدنيا في القطاع، بإشراف مندوبين من بعض الدول العربية بينها مصر. وتجدر الإشارة إلى أنه باستثناء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوجد توافق بين أصحاب القرار لإدراج محافل من السلطة الفلسطينية في جسم الرقابة على السيطرة في غزة.

وكان رئيس الدولة اسحق هرتسوغ قال أمس في مؤتمر ايلي هوروبتس للاقتصاد والمجتمع للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية: “قبل يومين التقيت بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليبان، وسمعت منه ما قيل أمس رسميا في أنه يوجد أمامنا خيار للتطبيع مع السعودية. وهذه خطوة يمكنها أن تحدث تغييرا هائلا – تغييرا تاريخيا. آمل جدا أن تكون هذه الإمكانية تدرس بجدية، إذ إن  ما حدث في 7 أكتوبر خرب فرصة التطبيع. صراعنا في نهاية المطاف ليس فقط صراعا ضد حماس بل صراعا عظيما وإستراتيجيا وتاريخيا بين قوى عظمى وعالمية وعلينا أن نفعل كل شيء كي ننخرط في الرؤيا الكبرى للتطبيع”.

———————————————

خبير: اعتراف الدول بفلسطين يحمل قيمة سياسية وقانونية مهمة

قال الخبير القانوني، وزير العدل الفلسطيني السابق محمد الشلالدة، الأربعاء، إن اعتراف دول بدولة فلسطين يحمل “قيمة سياسية وقانونية هامة جدا في القانون الدولي”.

والأربعاء، أعلنت النرويج وإسبانيا وأيرلندا بشكل متزامن اتخاذها هذه الخطوة؛ ما رفع عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية إلى 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأضاف الشلالدة، في حديث للأناضول، أن “دول من الاتحاد الأوروبي تعترف بالدولة الفلسطينية أمر هام، وهذا الاعتراف يتمتع بقيمة سياسة وقانونية هامة جدا في القانون الدولي”.

وتابع أن “الاعتراف من قبل الدول يعتبر خطوة أولية وقانونية لتشجيع بقية الدول والمنظمات الدولية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية”.

وأكد أن “الاعتراف خطوة سياسية وقانونية تؤكد على أن هناك شخصا من أشخاص القانون الدولي، تُسمى فلسطين لها مكونات وأركان الدولة، وهي الإقليم والشعب والسلطة الحاكمة، وبقي الركن الرابع وهو الاعتراف”.

الشلالدة استطرد: “الاعتراف يعني أن الدولة تعترف بالشخصية القانونية للدولة (الأخرى)، وتقيم معها علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية، وتقدم كافة التسهيلات”.

وزاد: “كما تبرم هذه الدولة الاتفاقيات الثنائية (مع فلسطين)، وتدعم التصويت من خلال الجمعية العامة ومجلس الأمن، للاعتراف الكامل (بدولة فلسطين) بغض النظر عن وجود أي فيتو (اعتراض)”.

وشدد على أن “العضوية الكاملة استحقاق وطني ودولي، ونحن وفق شروط الأمم المتحدة نتمتع بكافة الشروط ونلتزم بالقانون الدولي”.

وردا على اعتراف الدول الثلاث بفلسطين، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش رفضه تحويل عائدات الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية، وطالب بتقييد تحركات مسؤوليها وتكثيف الاستيطان بالأراضي المحتلة.

وترفض إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة اعتراف دول أخرى منفردةً بالدولة الفلسطينية، وتعارضان مساعي فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، بدلا من وضع “دولة مراقب غير عضو” القائم منذ 2012.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، استخدمت واشنطن سلطة النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يوصي الأمم المتحدة بقبول عضوية دولة فلسطين.

ويأتي اعتراف النرويج وإسبانيا وأيرلندا بدولة فلسطين في وقت تشن فيه إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حربا على غزة خلفت أكثر من 115 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم العدد الهائل من الضحايا المدنيين، ورغم اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها ووزير دفاعها؛ لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.

كما تتجاهل إسرائيل قرارا من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.

———————————————

” الفئران الأربعة العمياء.. بايدن وبلينكن وماكغورك وسوليفان

يواصل الرئيس الأميركي جو بايدن ومستشاريه الثلاثة الكبار، بلينكن وماكغورك وسوليفان، الدفع باتفاقيات “أبراهام” بينما ينكرون حقائق الحرب على غزة.

موقع “Responsible Statecraft” الأميركي ينشر مقالاً يتحدث فيه عن مواصلة بايدن ومستشاريه الكبار الدفع نحو تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والمملكة السعودية، على الرغم من الإبادة الجماعية التي تنفّذها “إسرائيل” في غزّة.

في 20 أيار/مايو، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنّها تسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه وثلاثة من قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة. وقد استنكر الرئيس بايدن هذا الطلب، مشيراً إلى أنّه “لا يوجد تكافؤ بين إسرائيل وحماس”، ونافياً أن تكون “إسرائيل” تنفذ إبادة جماعية.

وهذا جزء من نمط طويل الأمد لبايدن ومستشاريه.

تشترط واشنطن مؤخراً تقديم تقارير منتظمة إلى الكونغرس بشأن الأسلحة الأميركية التي يتم توريدها إلى الدول المنخرطة في نزاع مسلح نشط لتحديد ما إذا كانت تلك الدول المتلقية متورطة في انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي هذا العام، كانت “إسرائيل” من بين الدول السبع التي يطلب منها مثل هذه التقارير.

وعلى الرغم من الأدلة الدامغة على أنّ “الجيش” الإسرائيلي مذنب بالفعل بارتكاب مثل هذه الانتهاكات، فإنّ التقرير الذي أصدرته إدارة بايدن هذا الشهر خلص إلى أنّ الأدلة لم تكن كافية لتبرير خفض مبيعات الأسلحة.

وبدلاً من ذلك، ترسل الولايات المتحدة المزيد من الأسلحة، إذ أخطر الرئيس الكونغرس في 14 أيار/مايو بتجديد التزامه بأكثر من مليار دولار. وقد ذكرت إحدى المدونات الصوتية اليسارية اسم بايدن وثلاثة مستشارين رئيسيين يعرقلون أي تخفيض في الأسلحة أو الدعم العسكري لـ”إسرائيل”: وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومنسق الرئيس لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك.

وجميعهم يقفون بحزم في مقاومة الضغوطات لتقليص الدعم لـ “إسرائيل”، على الرغم من الانتقادات غير المسبوقة. وقد لاحظت أنيل شيلين، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية التي استقالت احتجاجاً على طريقة تعامل الإدارة الأميركية مع غزّة، أنّ “الإدارة الأميركية بشكل عام تبدو وكأنّها تنظر إلى العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة على أنها قضية علاقات عامة، بدلاً من التعامل مع المسائل السياسية والأخلاقية الهامة التي تثيرها الإجراءات الإسرائيلية”.

تتشابه موجة الاحتجاجات الطلابية ضد الدعم العسكري الأميركي لـ “إسرائيل” حتى الآن من حيث الحجم مع تلك التي اندلعت ضد حكومة جنوب أفريقيا في الثمانينيات. وتعكس المخيمات في بيركلي وأماكن أخرى مدن الصفيح التي بُنيت في حرم الجامعات الأميركية، وقد انتشرت في وقت قصير.

وكانت المعارضة الداخلية أكثر وضوحاً في وزارة الخارجية، حيث استقال ثلاثة دبلوماسيين أميركيين وتحدثوا علناً. وفي وزارة الداخلية، أصبحت ليندا غرينبرغ كال أول سياسية يهودية في وزارة الداخلية تستقيل، متهمةً الرئيس باستخدام اليهود لتبرير دعمه الحرب على غزة. وقد أعد ما يقرب من 200 محامٍ يعملون في مناصب حكومية أميركية موجزاً قانونياً خلص إلى أن “تزويد إسرائيل بالمساعدات العسكرية غير المشروطة لمواصلة قصفها على قطاع غزة ليس فقط مخادعاً تماماً، بل أيضاً غير كافٍ بشدة للوفاء بالتزامات الولايات المتحدة بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.

لماذا يرفض بايدن الحد من تدفق الأسلحة الهجومية إلى “إسرائيل”؟ لا يجيب بيتر بيكر من صحيفة “نيويورك تايمز” عن هذا السؤال. وبدلاً من ذلك، يصف الخلافات بين مستشاري الرئيس الرئيسيين، بمن فيهم بلينكن وسوليفان وماكغورك، حول كيفية التعامل مع نتنياهو والرد على العنف المستمر، ويحث على القيام بأعمال رمزية مثل تأخير شحن قنابل أثقل.

وعندما سُئل عن هذه الاختلافات المزعومة، قالت شلاين: “أود أن أقول إنّه على الرغم من أن ثمة شخصيات مختلفة رفيعة المستوى داخل البيت الأبيض قد تكون لديها وجهات نظر مختلفة، فإنّه من الناحية العملية لم يكن لهذه الانقسامات أي تأثير في السياسة حتى الآن، والتي يبدو أنها تأتي مباشرة من بايدن نفسه”.

لا تزال إدارة بايدن متمسكة بالأمل في عقد صفقة إسرائيلية كبرى مع دول الخليج. تهدف استراتيجية “اتفاقات أبراهام” هذه، التي بدأت في عهد إدارة ترامب مع البحرين والإمارات في عام 2020، إلى ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال تنصيب “إسرائيل” والدول العربية القوية كشرطة إقليمية، باستثناء الفلسطينيين.

———————————————

إيلان بابيه.. مساءلة مؤرّخ أعاد النظر بتاريخ “إسرائيل”

صحيفة “الغارديان” تنشر رسالة كتبها المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه يقول فيها إن مسؤولي الحدود والهجرة في أميركا أوقفوه في المطار وحقّقوا معه عن حرب غزة.

أنا مؤرخ إسرائيلي أعيش في المملكة المتحدة، اشتهر بكتبي عن تاريخ فلسطين والشرق الأوسط، والتي تتحدى الرواية الإسرائيلية الرسمية للتاريخ. في هذا الشهر، تلقيت دعوة لزيارة الولايات المتحدة من قبل منظمة عربية أميركية جديدة، “الندوة”، لتبادل الأفكار حول الوضع في قطاع غزة، تحدثت أيضاً إلى مجموعة من منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام في ميشيغان وتحدثت إلى الطلاب الذين يستضيفون معسكراً في جامعة “ميشيغان” في آن أربور.

وبعد رحلة طيران استغرقت 8 ساعات من مطار “هيثرو” في بريطانيا، تم القبض عليّ لدى وصولي إلى مطار “ديترويت” من قبل شخصين ظننت خطأً أنّهما من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، وعلمت لاحقاً أنّهم عملاء لوزارة الأمن الداخلي، اقترب مني رجلان وأظهرا لي شارتهما وطلبا مني مرافقتهما إلى غرفة جانبية.

في البداية حاولت أن أفهم سبب اعتقالي، لكن تم تجاهلي،  وكان من الواضح أن الأمر متروك للضباط لطرح الأسئلة، وأنا للإجابة عليها، وليس العكس، وحتى اليوم، على الأقل رسمياً، لم أتلق أيّ تفسير لهذه الحادثة.

تم احتجازي لمدة ساعتين، خلال الاحتجاز تركّزت المجموعة الأولى من الأسئلة على رأيي في حماس، ثم أراد الضباط معرفة ما إذا كنت أعتقد أن الأعمال الإسرائيلية في غزة يمكن وصفها بأنّها إبادة جماعية، وسألوني عن رأيي في شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر”، أجبت بنعم، فأنا أعتبر أنّ “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية، أمّا الشعار، فقد أوضحت أنّه في رأيي يجب أن يكون الناس أحراراً في كل مكان في العالم.

ثم استجوبني الضباط بشأن أشخاص أعرفهم في الجالية الأميركية العربية والمسلمة الأميركية، طلبوا مني تزويدهم بأرقام هواتف، وصادروا هاتفي لفترة طويلة وطلبوا مني الانتظار حتى يجروا بعض المكالمات الهاتفية قبل أن يطلقوا سراحي.

إسكات وجهات النظر المخالفة لـ “إسرائيل”

الهدف من مشاركة هذه التجربة ليس طلب التعاطف أو حتى التضامن؛ ثمّة تجارب أسوأ بكثير في الحياة، لكن الحادثة كانت ولا تزال مثيرة للقلق، وجزء من ظاهرة أكبر وأكثر خطورة، لماذا تهتم الدول التي تسمي نفسها ليبرالية وديمقراطية ظاهرياً بتصنيف أو تقييد الأكاديميين الذين يحاولون مشاركة وجهات نظرهم المهنية حول “إسرائيل” وغزة مع الرأي العام في أميركا الشمالية وأوروبا؟

ولنفكر فقط في رفض فرنسا وألمانيا السماح للدكتور غسان أبو ستة، رئيس جامعة غلاسكو، بالمشاركة في فعاليات مشابهة لتلك التي حضرتها في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى منصبه الأكاديمي، مارس أبو ستة عمله كطبيب في غزة وهو قادر على تقديم شهادة مباشرة عما يحدث على الأرض هناك.

وأشارت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى أن الحظر المفروض على أبو ستة، والذي يُزعم أن ألمانيا بدأته، “يهدف إلى منعه من مشاركة تجربته في علاج المرضى في غزة، وهذا يهدد بتقويض التزامات ألمانيا بحماية وتسهيل ممارسة حرية التعبير، والتجمع، فضلاً عن عدم التمييز.

من جهتي، كتبت أكثر من 20 كتاباً عن “إسرائيل” وفلسطين، وأردت تقديم سياق تاريخي وعلمي للوضع الحالي، فالعديد من الأكاديميين الآخرين ذوي السمعة الطيبة والمعرفة، والقادرين على تقديم تحليلات متعمق، ولا يمكن العثور عليها دائماً في وسائل الإعلام الرئيسية، يشعرون بالقلق أيضاً بشأن التهديد أو احتمال فرض قيود على السفر.

هذه قضية خطيرة تتعلق بالحرية الأكاديمية وحرية التعبير، ومن المفارقات أنّه في معظم السياقات الأخرى، من المرجح أن يواجه الأكاديميون عقبات أمام حرية التعبير في الجنوب العالمي مقارنةً في شمال العالم، أمّا بالنسبة لفلسطين فالوضع معكوس، ومن المنطقي أن دولة جنوبية، مثل جنوب أفريقيا، هي التي تجرؤ على التوجه إلى محكمة العدل الدولية لطلب إصدار أمر قضائي ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في قطاع غزة.

قيود السفر هذه لا علاقة لها بمستوى الخبرة، نادراً ما تتشاور حكومتا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مع خبراء غير إسرائيليين أو مؤيدين لـ “إسرائيل” بشأن طبيعة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسياسات الإسرائيلية الوحشية على مدى الأعوام الـ 76 الماضية.

فرئيس الوزراء البريطاني، على سبيل المثال، التقى برابطة الطلاب اليهود منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكنه تجنب عقد أيّ لقاء مع الطلاب الفلسطينيين، الذين فقد العديد منهم عائلاتهم بأكملها في غزة، وتُستخدم تعريفات معاداة السامية، مثل تلك التي حددها التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، كسلاح لإسكات أيّ تعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، وكان من الممكن أن يتعلم ريشي سوناك لماذا لا يكون شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين حرة” شعاراً سخيفاً أو متطرفاً، كما اقترح مؤخراً، لو كان على استعداد للاستماع إليه.

كيف وصلنا إلى هنا؟  لقد انتهيت مؤخراً من تأليف كتاب بعنوان: “الضغط من أجل الصهيونية على جانبي المحيط الأطلسي”، ومن خلال التأليف، تعلمت أن مثل هذا البحث التاريخي المفصل، الذي بلغ ذروته، الذي انتهى، للأسف، في كتاب طويل إلى حد ما، يمكن أن يفسر ردود فعل البافلوفية للساسة في أمريكا الشمالية وأوروبا تجاه الأشخاص الذين يحاولون ممارسة حريتهم في التعبير عن النضال الفلسطيني.

إن التاريخ الطويل لجماعات الضغط المؤيدة لـ “إسرائيل” في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يمنع المناقشة الحرة حول “إسرائيل” وفلسطين، حتى في (إطار) الجامعات، ونظراً لمسؤولية بريطانيا السابقة عن الكارثة الفلسطينية وتواطئها الحالي في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، فإنّ هذا القمع المستمر لحرية التعبير يمنع التوصل إلى حل عادل في “إسرائيل” وفلسطين، وسيضع بريطانيا على الجانب الخطأ من التاريخ، آمل أن تغير الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاؤهما مسارهم وأن يثبتوا خطأ توقعاتي.

———————————————

مقرر أممي لـ”القدس العربي”: كريم خان وجّه رسالة قوية لداعمي إسرائيل.. واتهامه بـ”التكافؤ الأخلاقي” تشويه للعدالة الدولية

قال بن سول، مقرر الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، إن طلب المدعي العام للجنائية الدولية، كريم خان، إصدار مذكرتي اعتقال بحق قادة من إسرائيل وحماس هو رسالة قوية إلى الدول التي تدعم دولة الاحتلال، معتبرا أن اتهام بعض الدول لكريم خان بممارسة “التكافؤ الأخلاقي” (المساواة بين إسرائيل وحماس) هو عبارة عن “تشويه كاذب ومضلل للعدالة الدولية”.

وكان كريم خان طلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وقادة في حركة حماس، بمن فيهم يحيى السنوار، رئيس الحركة في غزة، ومحمد دياب إبراهيم (الضيف) قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، للاشتباه في “ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية”.

وقال البروفيسور بن سول، في حوار خاص مع “القدس العربي” إن “طلب إصدار مذكرات الاعتقال هو موضع ترحيب وخطوة نحو المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، والتغلب على الإفلات من العقاب الذي ساد في صراع غزة حتى الآن. وفي حين سعت الدول القوية إلى حماية إسرائيل وإحباط العدالة، فإن المحكمة الدولية المستقلة يمكنها أن ترسل إشارة قوية مفادها أنه لا أحد فوق القانون”.

وأضاف: “وحتى لو لم تتمكن (الجنائية الدولية) من وقف الحرب، فمن المؤكد أنها يمكن أن تعزز الرسالة الضرورية التي مفادها أن الحرب لها حدود ويجب خوضها ضمن القانون وحدود الأخلاق والإنسانية”.

وكانت دول عدة، على غرار ألمانيا وكندا، أشارت إلى أن نص البيان الذي أصدرته الجنائية حول طلب إصدار مذكرتي اعتقال بحق قادة إسرائيل وحماس يعطي انطباعا حول “مساواتها” بين الطرفين في ارتكاب الجرائم، في إشارة إلى مبدأ “التكافؤ الأخلاقي” أو “التكافؤ الكاذب” الذي ساد بعد الحرب الباردة، وهو نوع من المغالطة تستخدم عادة للمقارنة بين حالتين متناقضتين كليا لإقناع المتلقي أنهما “متكافئين منطقيا”.

وعلق بن سول بالقول: “إن المدعي العام لا يساوي بين سلوك إسرائيل وحماس بأي شكل من الأشكال، وحجة “التكافؤ الأخلاقي” هذه هي تشويه كاذب ومضلل للعدالة الدولية. فالمدعي العام يطبق بشكل محايد المعايير الدولية (قانون الجرائم الدولية) -التي وافقت عليها جميع الدول- على الحقائق الموجودة على الأرض في قطاع غزة وإسرائيل. وكل طرف مسؤول عن انتهاكاته وفقا للقانون”.

وأضاف: “وحقيقة أن إسرائيل وحماس تواجهان اتهامات بارتكاب جرائم دولية خطيرة، تعكس وجهة نظر هذه الأطراف، وليس الجنائية الدولية”.

وحول التناقض الكبير بين موقف الشعوب والأنظمة الغربية مما يحدث في غزة، قال بن سول “من المؤسف أن بعض الدول القوية تعتقد- بأنانية- أنها وحلفاءها يجب أن يكونوا فوق القانون الذي تصر على تطبيقه على بلدان أخرى”.

واعتبر أن “مثل هذه الاستثناءات والمصلحة الذاتية تؤدي إلى تآكل ثقة الشعوب في القانون الدولي في جميع أنحاء العالم، وتقوض شرعية النظام القانوني الدولي، وتجعل الدول الأخرى تعتقد أنها يمكنها أيضًا التصرف فوق القانون، وتضعف الجهود التي تبذلها تلك الدول نفسها لنشر حقوق الإنسان والقانون الدولي”.

ومن جهة أخرى، اعتبر بن سول أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة سيساهم في “زيادة” التطرف والإرهاب في العالم.

وأوضح بقوله: “ليس هناك شك في أن الشعور بالظلم والغضب الناجم عن العنف المفرط وغير القانوني في غزة كان وسيستمر في تأجيج التطرف والتعصب المتشدد والإرهاب في مناطق أخرى من العالم”.

واستدرك بالقول: “وهذا ليس تبريرا أو محاولة لإيجاد عذر لمثل هذا النوع من العنف، ولكن استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب- التي وافقت عليها كافة البلدان- تؤكد أن انتهاكات الدول لحقوق الإنسان تشكّل أحد الشروط التي تؤدي إلى المزيد من الإرهاب، ولابد من منعها ووقفها بأي شكل”.

في المقابل اعتبر بن سول أن “النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده كان مصدراً للتوتر والعنف العالميين لأكثر من قرن، أي منذ فترة الانتداب البريطاني في فلسطين. وأعتقد أن الحل السلمي لهذا الصراع ضروري لإزالة مصدر الاحتكاك الذي يسمم العلاقات بين الدول والشعوب في المنطقة والعالم، بما في ذلك أمن الإسرائيليين واليهود أنفسهم”.

وختم بن سول حديثه برسالة إلى كل من حماس وإسرائيل والمجتمع الدولي، قال فيها: “توقفوا عن قتل المدنيين وتجريد الطرف الآخر من إنسانيته. اصنعوا السلام، وقبل ذلك، تمسّكوا بالعدالة والتسامح”.

——————انتهت النشرة——————