الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 17/7/2024

الجيش الإسرائيلي يقدر بأن الضغط العسكري حسّن شروط الصفقة

بقلم: عاموس هرئيل

في الجيش الاسرائيلي يلاحظون مؤخرا نجاعة الضغط العسكري على حماس في القطاع. حسب هيئة الاركان فان سلسلة النجاحات العملياتية التي تم تحقيقها في هذه الفترة يزيد الضائقة في اوساط قادة الذراع العسكري في حماس، ويخلق شروط افضل للدفع قدما بصفقة تحرير المخطوفين. مع ذلك، في هيئة الاركان لا يتحدثون عن النصر القريب على حماس، ويستعدون لمواجهة طويلة ويعترفون أن أي صفقة ستكون مرهونة بتنازلات مؤلمة من ناحية اسرائيل.

في قيادة المنطقة الجنوبية يقدرون أن 14 ألف مسلح من رجال حماس قتلوا منذ بداية الحرب، بينهم تقريبا ألف في العمليات الاخيرة – احتلال جزء من رفح ومحور فيلادلفيا على الحدود مع مصر – اضافة الى اقتحام احياء الشجاعية وصبرا في مدينة غزة. حوالي نصف القادة الكبار في الذراع العسكري قتلوا في عمليات تصفية اسرائيلية. حول مصير الشخص الاكثر اهمية في هذه الاهداف، رقم 2 في حماس القطاع محمد ضيف، لا يوجد يقين حتى الآن. اسرائيل حاولت اغتياله في يوم السبت الماضي بواسطة هجوم بقنابل ثقيلة الوزن على منشأة لحماس قرب منطقة الملاذات الانسانية في المواصي بين خانيونس ورفح. قائد لواء خانيونس في حماس الذي كان برفقته، رافع سلامة، قُتل. بخصوص الضيف كانت توجد معلومات دقيقة عن تواجده هناك فوق الارض. وقد تمت مشاهدة اصابة دقيقة للهدف، لكن حتى أمس لا يوجد أي دليل على أنه قُتل.

قرار الضيف المخاطرة والالتقاء مع سلامة فوق الارض، يعكس اضافة الى المشكلات الصحية التي يعاني منها نتيجة اصابات في السابق، يعكس صعوبة الذراع العسكري في تشغيل منظومة القيادة والسيطرة المتشعبة من تحت الارض. بعد اكثر من تسعة اشهر على القتال فان جزء كبير من مراكز القيادة والسيطرة المحددة في الانفاق تضرر، وحماس اضطرت الى البحث عن بدائل. الكثير من النشطاء انتقلوا للاختباء في مدارس وكالة “الاونروا”، التي اصبحت في الفترة الاخيرة اهداف للهجمات المركزة للجيش الاسرائيلي. عشرات من رجال حماس في مستوى قيادة متوسط قتلوا في هذه الهجمات. حماس تعاني ايضا من الصعوبة في انتاج الوسائل القتالية، بدلا من السلاح الذي تم تدميره والذخيرة التي بقيت. حتى الآن ما زالت توجد لحماس قدرة على اطلاق الصواريخ على تل ابيب والقدس، لكن حجمها محدود مقارنة مع بداية الحرب.

رئيس “سي.آي.ايه” وليام بيرنز قال أمس بأنه يتم استخدام على رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، ضغط كبير من قبل قادة الوية حماس من اجل التنازل والتوصل الى الصفقة مع اسرائيل. بيرنز يؤكد بذلك الاقوال التي نشرت هنا قبل شهر تقريبا. ثلاثة قادة من بين الخمسة قادة للذراع العسكري قُتلوا اثناء الحرب، وتم تعيين اشخاص بدلا منهم. بيرنز يعكس الصعوبة المتزايدة لدى حماس ازاء الخسائر واستمرار الحرب والتحسين المحدود لفعالية نشاطات الجيش الاسرائيلي.

فرصة عابرة

الجيش الاسرائيلي يشغل الآن ثلاث قيادات بمستوى فرقة في القطاع. فرقة غزة في محيط الجدار والمؤشر الملاصق لها في داخل القطاع؛ الفرقة 162 في العملية الهجومية في رفح – فرقة احتياط (هذا الاسبوع استبدلت الفرقة 252 الفرقة 99) في محور نتساريم، الذي يقسم القطاع الى قسمين. مع ذلك، تحت القيادات بمستوى الفرق لا يعمل الآن حجم كامل من القوات. بعض الطواقم القتالية اللوائية خرجت من القطاع لفترة انتعاش والاستعداد لنشاطات هجومية محتملة اخرى لاحقا. في السابق خطط الجيش الاسرائيلي لعرض نهاية العمليات في رفح، المتوقعة خلال بضعة اسابيع، كنهاية للمرحلة القوية في الحرب في القطاع واستغلال ذلك للاعلان بأن الذراع العسكري لحماس تمت هزيمته، وأنه حان الوقت للتقدم نحو صفقة التبادل.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عارض ذلك بشدة (عمليا، الحديث لا يدور عن انتصار أو عن هزيمة واضحة). يبدو أن الخط البديل الذي تتبعه هيئة الاركان هو اظهار نتائج الضغط العسكري، مع التأكيد على الحاجة الى التقدم في صفقة تبادل المخطوفين.

وزير الدفاع يوآف غالنت قال أمس في الاحتفال بالذكرى العاشرة لشهداء عملية “الجرف الصامد” إنه “الآن وجدت نافذة فرص محدودة لاعادة المخطوفين الى البيت. هذه فرصة عابرة. يوجد لدولة اسرائيل واجب قيمي واخلاقي ووطني لاعادة المخطوفين الى بيوتهم. الجيش الاسرائيلي واجهزة الامن الاخرى توجد لها القدرة، وحرية في العمل، على العودة الى عملية قوية بعد كل صفقة. في كل مكان وفي كل وقت حسب الحاجة”. رئيس الاركان، هرتسي هليفي، قال اقوال مشابهة في هذا الاسبوع في تصريح قدمه للمراسلين.

لكن نتنياهو، وبالتأكيد الجناح اليميني المتطرف في الحكومة، لا يظهر أي اشارة على المرونة في المفاوضات. فهو يظهر طلباته، مواصلة الاحتفاظ بشكل دائم بممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، بشكل يتجاوز التفاهمات التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس الامريكي قبل شهر ونصف تقريبا. العائق الرئيسي أمام الاتفاق يتعلق بطلب رئيس الحكومة منع انتقال المسلحين الى ما بعد ممر نتساريم، الى شمال القطاع. في حين أن وزراء حزب الصهيونية الدينية يتنافسون فيما بينهم في التصريحات حول خلفية المفاوضات. رئيس القائمة، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قال أول أمس بأنه يعارض اطلاق سراح سجناء لهم وزن ثقيل في الصفقة. والوزيرة اوريت ستروك قالت بأنها ستعارض اخلاء نتساريم ومحور فيلادلفيا. يبدو أن القائمة لم تعد تحاول اخفاء نهائيا معارضتها الشديدة للصفقة.

على خلفية الاحباط من تملص نتنياهو وقيود اليمين المتطرف فان عائلات المخطوفين تحاول زيادة الاحتجاج قبل زيارة رئيس الحكومة في واشنطن والقاء الخطاب في الكونغرس بعد اسبوع. عائلات المراقبات الخمسة المخطوفات نشرت صور صادمة لهن في الايام الاولى للاسر. في حين أن آباء مراقبات اخريات، قتلن في المعركة في موقع ناحل عوز، التقوا مع نتنياهو أمس وحدثوه عن بناتهم. رئيس الحكومة رفض طلب بعض الآباء الثكلى، الموافقة الآن على تشكيل لجنة تحقيق رسمية في اخفاقات الحرب.

———————————————

هآرتس 17/7/2024

تهرب نتنياهو من الصفقة قد يؤدي الى انفجار مع غالنت والرحلة الى أمريكا ستكون خط الفصل

بقلم: رفيت هيخت

الشرخ بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت لا يتوسع. فهو شرخ جوهري وواسع بما فيه الكفاية. وقد وصل الى الذروة على خلفية المفاوضات حول صفقة التبادل. مع ذلك، يمكن ملاحظة في العلاقة بينهما ما يسمى بالمصطلحات العسكرية “تدهور الوسائل”، أي التصعيد في اساليب العمل وقوة الهجمات المتبادلة. مثل كبار جهاز الامن الآخرين فان غالنت يؤمن بأنه قد حانت اللحظة الحاسمة لتنفيذ صفقة التبادل، وأن تأجيل نتنياهو المتكرر لها، الذي يتم التعبير عنه الآن في التقليص الجذري لتواجد الجيش الاسرائيلي في محور فيلادلفيا ومحور نيتساريم، ينبع من اعتبارات سياسية. جهات تشارك في خطة نتنياهو للصفقة مع حماس، التي تمت صياغتها في نهاية شهر أيار والتي تعرف ايضا باسم “خطة بايدن”، قالت إنه خلافا لاقوال نتنياهو بأنه لم يغير أي شيء فيها، فان السيطرة على محور فيلادلفيا ومحور نيتساريم لم تظهر فيها، وبالاساس موضوع فحص السكان الذين سيعودون الى شمال القطاع. صحيح أنه ظهر في الخطة المطالبة باعادة المدنيين فقط (باستثناء أي مخرب لحماس) الى شمال القطاع، وانسحاب الجيش الاسرائيلي من المناطق المأهولة (في نهاية الصفقة الانسحاب الكامل من القطاع).

جهاز الامن اقترح الحلول للصعوبات الامنية التي ستطرح نتيجة الانسحاب من محور نيتساريم والانسحاب الجزئي من محور فيلادلفيا. رفض هذه الحلول وتضخيم القضايا يثير الشكوك في محاولة رئيس الحكومة افشال الصفقة أو على الاقل تأجيلها، حسب رأي مصادر في جهاز الامن، الى حين يفهم نتنياهو وضع الائتلاف وكيف يمكنه الحفاظ عليه. بالمناسبة، ايضا في الجناح الاكثر يمينية في الائتلاف يعتقدون أن سياسة نتنياهو هي خدعة اخرى لنتنياهو، خطيرة جدا حسب رأيهم، من اجل كسب الوقت والوصول الى افشال الصفقة.

بعض المصادر تقدر بأنه اذا قام نتنياهو بافشال الصفقة فان غالنت سيخرج مرة اخرى امام الجمهور، كما كشف في شهر ايار نية نتنياهو الزحف نحو الحكم العسكري في غزة لارضاء شركائه في الائتلاف، وحذر من ذلك.

الموقف الحازم لغالنت في صالح الصفقة بالتأكيد يقلق نتنياهو، غير الواثق بأنه توجد له شرعية جماهيرية لاقالة وزير الدفاع. على هذه الخلفية يمكن تفسير دعوات اعضاء الائتلاف لاقالة غالنت من منصبه. بكلمات اخرى (هناك جهات في المستوى السياسي تقدر بأن مصدر هذه الدعوات هو مكتب رئيس الحكومة).

سفر نتنياهو الى الولايات المتحدة في الاسبوع القادم الذي سيشمل لقاء مع الرئيس الامريكي والقاء خطاب في الكونغرس، هو نوع من مفترق الطرق المهم بخصوص ما سيأتي بعده. هل توجه نتنياهو هو نحو الصفقة والاعتدال، حتى بثمن حل الحكومة، أو أن توجهه هو نحو الانعطاف بشكل حاد نحو اليمين، الذي يمكن أن يشمل خطوات صادمة مثل اقالة غالنت والمستشارة القانونية للحكومة أو اجازة قانون تجنيد هش لصالح الحريديين.

في المعارضة يقدرون بأنه في الحالتين نتنياهو هو الذي سيقود حل الكنيست في تشرين الثاني القادم، على فرض أنه في جميع الحالات هو لن ينجح في تمرير الميزانية في هذه الحكومة. دلائل على هذا الافتراض يمكن ايجادها في الانشغال الضئيل في بلورة الميزانية وشلل الائتلاف وخيبة الامل الواضحة لآريه درعي وغضبه من وزير الامن الوطني، ايتمار بن غفير، الذي تم تجميده في اعقاب وفاة شقيق درعي.

هذه التقديرات تظهر كتقديرات متفائلة زيادة عن اللزوم. ويمكن اضافة الى التضخيم مدار الحديث في قضية محور فيلادلفيا ومحور نيتساريم، الذي يعتبر موضوع للتهديد بانسحاب جناح ستروك، ونقطة الخلاف لتفجير المفاوضات حول الصفقة، يمكن اضافة شهادات عن نشاطات نتنياهو الوحيدة منذ بداية الحرب، التمسك بالمقاعد الـ 64 مقعد.

المنصب مسجل على اسمهما في الطابو

رغم الطلب الكبير في الاستطلاعات، إلا أن تشكيل حزب اليمين الموحد الذي يمكن أن يكون البديل الساحق لنتنياهو وائتلاف الفشل، آخذ في الابتعاد. يوسي كوهين الذي كان يمكنه أن يكون أحد اللاعبين البارزين، الذي هو عمليا العامل الوحيد في الاستطلاعات الذي ينقل الاصوات من كتلة الى اخرى، اعلن بأنه لن يتنافس في هذه المرة (هناك جهات تقدر بأنه الى جانب التآكل في الاستطلاعات، ايضا تقرير لجنة التحقيق في قضية الغواصات لم يضف أي شيء لمجمل الاعتبارات). الاثنان اللذان يتنافسان على رئاسة الحزب، نفتالي بينيت وافيغدور ليبرمان، سيلتقيان اليوم للدفع قدما بهذه الخطوة، لكن التوقعات ضئيلة.

الاثنان يبثان كما يبدو التفاؤل في موضوع الاتحاد، لأن وضعهما كرئيسين محتملين للحزب الحاكم المتخيل، يساعدهما. ولكن حسب جهات كثيرة فان مسألة حسم الرئاسة ليست قريبة من الحل. فهما يعتبران انفسهما رؤساء حكومة في المستقبل. فحسب رأيهما هذا المنصب مسجل على اسمهما في الطابو.

حتى قبل ولادته فان حزب اليمين بدأ يستوعب المشكلات في الكتلة المعارضة لنتنياهو وحكومته، وهو لا ينجح في ترجمة افضليته الجماهيرية والمنطقية الى نتائج عملية.

——————————————–

يديعوت احرونوت 17/7/2024

الجبهة العربية

بقلم: سمدار بيري

ينبغي الانتباه الى صورة استثنائية لابو ادريس شرفي، ممثل الحوثيين في بغداد. حكومة العراق وضعت تحت تصرفه مسكنا ومكاتب في حي مميز ومحروس في العاصمة. ومن هناك يدير العلاقات الجديدة مع الميليشيات العراقية ومع ممثلي الحكم الإيراني. وبين الحين والآخر، يقفز الى طهران أيضا.

التعاون بين الميليشيات العربية التي تحت رعاية إيرانية وبين قيادة الحوثيين في اليمن لم يعد يتضمن فقط الهجوم على السفن في البحر الأحمر وفي خليج عدن. أبو ادريس الحوثي قال في مؤتمر صحفي انه “بتعليمات طهران، شاركت الميليشيات العربية في هجوم على اهداف في ايلات. والان ميناء حيفا أيضا على بؤرة الاستهداف.

إسرائيل، من جهتها، توجد بالتوازي امام سبع ساحات: حزب الله في لبنان، حماس والجهاد الإسلامي في غزة، الحوثيون في اليمن، فيلق القدس في سوريا، الميليشيات الشيعية في العراق، مجموعة فلسطينية في الضفة الغربية، وبالطبع ايران. وهذه تعلن انها لا مصلحة لها في حرب شاملة مع إسرائيل، لكن اذا ما عملت هذه في أراضيها، او شددت الهجمات في لبنان – فسيكون الرد أليما. يمكن أيضا ان نضيف الى القائمة أفغانستان وباكستان، اللتين تضغطان لارسال، وربما ارسلتا منذ الان، مقاتلين الى المنطقة.

بالتوازي، في الأردن تواصل الجماهير التظاهر ضد إسرائيل. لكن بينما من داخل البرلمان في عمان تصدر دعوات ضد إسرائيل، في الأردن يخفضون رياح الحرب، بالهام من القصر الملكي. ومصر بالذات، التي توجد لها بطن مليئة على إسرائيل على خلفية الاعمال في محور فيلادلفيا تحافظ على الهدوء. يوجد نقد، لا توجد مؤشرات لفتح جبهة أخرى.

في هذا السياق، منذ اشهر وانا ازعج نفسي في مسألة ماذا سيحصل اذا ما وقف “فقط” 100 الف طالب عمل على الحدود مع إسرائيل في طابا. هذا الكابوس يتحقق في قسم منه الان، صحيح انه ليس 100 الف، لكن عدد المصريين الذين يبحثون عن رزق في إسرائيل، تقلق الطرفين جدا.

فهل نسمح لهم بالدخول؟ نخلق لهم أماكن عمل في الفنادق في ايلات؟ في مواقع البناء؟ ماذا سيقولون في القاهرة؟

في سوريا، الرئيس الأسد يسيطر عمليا في دمشق ومحيطها فقط. توجد قوة روسية، ضباط وجنود في قواعد سلاح البحرية، وضباط استخبارات ومنشآت، وتوجد قوة اكبر للحرس الثوري. في داخل سوريا لم يصحو النظام بعد من قضية اغتيال المستشارة الكبيرة لونا الشبل، التي كانت محوطة بخصوم وعلى رأسهم زوجة الرئيس أسماء، وتحت حساب مفتوح من جانب الإيرانيين. الشبل الحسناء، التي كانت عشيقة الرئيس أيضا، صفيت على ما يبدو في حادث طرق غريب على ايدي قوة إيرانية. اخوها، العقيد ملحم الشبل، يخضع للتحقيق للاشتباه بنقل معلومات الى إسرائيل وزوجها في الإقامة الجبرية بعد أن حاول التهرب من سوريا.

في هذه المرحلة، تفكيك الانفاق في محور فيلادلفيا ووقوف الجيش الإسرائيلي على طول الجانب الفلسطيني من معبر رفح يعقد جدا نقل السلاح والعتاد العسكري الإيراني الى القطاع. لكن الخبراء يدعون، بان التسريب لم يتوقف، عبر دول في افريقيا. بالتوازي، ايران اغلب الظن تتخلى عن محاولات تهريب السلاح الى الضفة الغربية، لان الأردن لا يتعاون. في طهران يتذكرون جيدا الهجوم على طائرات سلاح الجو الإيراني التي حاولت التسلل الى أراضي إسرائيل. السعودية، الولايات المتحدة، بريطانيا، إسرائيل والأردن هربت الطائرات في عملية مشتركة.

لم يسبق لإسرائيل ابدا ان تصدت بالتوازي لهذا العدد الكبير من الجبهات العربية وواحدة خطيرة جدا، إيرانية. حاولوا فقط ان تتخليوا حجم التحدي للجيش الإسرائيلي اذا ما جرى توحيد تام لقوات الأعداء. وهذا في الوقت الذي لا يسيطر فيه أبو مازن الا على أجزاء من الضفة ويتعرض للنقد على إصراره على عدم اجراء انتخابات، على الفساد العام والتردي في أداء المستويات العليا في السلطة الفلسطينية وعلى أنه لا يطالب بتحرير مروان البرغوثي من السجن الإسرائيلي. منطقتنا عاصفة من أي وقت مضى واحد لا يضمن للرياح الا تتعزز.

——————————————–

هآرتس 17/7/2024

نظرية بن غوريون تم افشالها في 7 اكتوبر

بقلم: زلمان شوفال

المبدأ الاساسي في نظرية الدفاع الوطني لاسرائيل، القدرة على الدفاع عن نفسها بقوتها الذاتية، غير معفي من التحفظات. حسب مارتن اينديك، السفير الامريكي السابق في اسرائيل، فان استعداد حاملات الطائرات الامريكية في البحر المتوسط وفي البحر الاحمر يثبت أن اسرائيل غير قادرة على ذلك. هذا استنتاج متسرع لأنه في كل الحالات الحديث يدور عن دفاع للخط الثاني، ولا يوجد أي تناقض بين المبدأ الاساسي وبين التعاون الشامل مع الولايات المتحدة.

المساعدات الامنية الامريكية تبلغ 16 في المئة من ميزانية الدفاع، و2 في المئة من الميزانية الكلية لاسرائيل، وهي تشمل ايضا قدرة اسرائيل على الوصول الى المنظومة الامنية الامريكية. اسرائيل ستواصل حاجتها الى السلاح من الخارج، لا سيما من الولايات المتحدة، ولا يوجد لها شيك مفتوح بهذا الشأن. في الحقيقة المساعدات الامنية متضمنة في قرارات الكونغرس وهي تخدم ايضا مصالح امريكية، لكنها غير منفصلة عن الاعتبارات السياسية أو عن المصالح السياسية الامريكية الداخلية.

المصالح الامريكية تتعارض احيانا مع مصالح اسرائيل. في السابق كان هناك من عارضوا في الولايات المتحدة العلاقات الامنية مع اسرائيل بسبب النفط العربي، والخوف من أن امريكا ستضطر الى المحاربة من اجل اسرائيل. هذه التخوفات تلاشت بعد حرب الايام الستة، التي مهدت الطريق للتعاون العسكري. منذ ذلك الحين زادت المساعدات الاجمالية وبلغت 3 مليار دولار في السنة، 1.8 مليار دولار للمساعدات العسكرية و1.2 مليار للمساعدات المدنية.

لكن السياسيين الامريكيين وجدوا صعوبة في تبرير لناخبيهم الذين يواجهون صعوبات اقتصادية، المساعدات المدنية. ايضا اقتصاد اسرائيل هذه كانت حيوية له اقل من المساعدات الامنية، التي اعتبرت مبررة حتى من ناحية المصالح الامريكية. في العام 1996 احدث بنيامين نتنياهو ثورة واعلن بأن كل المساعدات ستخصص للامن. وتم الاتفاق ايضا على أن المساعدات الامنية ستعتبر منحة وليس قرض. ومنذ العام 2008 يوجد تعهد خطي من قبل الولايات المتحدة بأن يكون لاسرائيل تفوق عسكري “بالسلاح”.

بين حين وآخر تظهر فكرة بلورة اتفاق دفاع بين اسرائيل والولايات المتحدة. ولكن من ينتقدون هذا الامر يعتبرونه وبحق مس محتمل بحرية عمل اسرائيل عسكريا. مع ذلك، ليس تفسير ذلك استبعاد تحالفات عسكرية اقليمية أو واسعة اكثر. اعتبار اسرائيل “حاملة طائرات امريكية” كان في الواقع مبالغ فيه. ولكن بسبب أنها الدولة الديمقراطية والمستقرة الوحيدة في الشرق الاوسط، اضافة الى قدرتها التكنولوجية والعلمية والعسكرية، زادت اهميتها في نظر الامريكيين. قدرة الجيش الاسرائيلي على العمل في الحرب الحالية ستعزز هذا التقدير.

نظرية الامن الاسرائيلية، التي تم وضعها في عهد بن غوريون، تستند الى الردع، الدفاع، الانذار، الحسم ونقل الحرب الى ارض العدو. الردع الاسرائيلي فقد الكثير من قوته في 7 اكتوبر، وحتى قبل ذلك، بسبب امتناع اسرائيل عن العمل بكل القوة ضد الهجمات الارهابية والاعتماد على التسهيلات الاقتصادية. “الدفاع” يعني أن حدود الدولة ستكون محمية على يد عوامل مادية مثل المستوطنات المدنية وكل انواع العوائق وعن طريق الجيش الاسرائيلي.

وثيقة “18 نقطة” التي صاغها بن غوريون في 1953 سعت الى جسر فجوة التدني في العدد عن طريق تفضيل عمليات الردع والاحباط، استنادا الى الادراك بأن اسرائيل غير مستعدة لحروب طويلة. رغم الاهمية التي اعطيت للدفاع إلا أن الوثيقة نصت على أن اسرائيل لا يجب أن ترتدع عن القيام بعمليات مبادر اليها، والافتراض الاساسي هو أنه محظور عليها الخسارة، لأن الخسارة أو حتى صورة الخاسرة، يمكن أن تؤدي الى تدميرها. وماذا بخصوص السلام؟ “السلام ليس هدفا، والحرب ليست هدفا، الهدف هو تجسيد الصهيونية”، قال بن غوريون.

الرؤية التي صاغها بن غوريون لم تصمد في امتحان 7 اكتوبر ليس بسبب أنها لم تكن صحيحة، بل لأن القيادة والجيش لم يقوموا بتنفيذها. فبلدات الغلاف لم تكن فقط العائق أمام العدوان، بل اصبحت هدفا مريحا؛ العقبات المادية تم تجاوزها بشكل مدهش (هذا حدث في السابق في خط بارليف)؛ قوات الجيش لم تكن مستعدة ولم تكن في المكان الصحيح، وواضح ايضا أنه لم يكن هناك أي “انذار”. كما يبدو هذا كان الفشل الاساسي في 7 اكتوبر.

مادة الحسم اكثر تعقيدا. ففي ظروف اسرائيل الحسم هو مؤقت في ساحة الحرب المحتملة، كما تم التوضيح في الحروب السابقة، لكن لا يمكنها منع زيادة القوة وهجوم جديد للعدو، أو التوصل الى سلام قابل للحياة في ظل غياب ظروف سياسية ودولية اخرى. اسرائيل وبحق تحظى بتفوق عسكري واضح أمام الاعداء، لكن مثلما تعلمنا احداث 7 اكتوبر والوضع الحالي امام حزب الله، فان هذا الامر لا ينعكس دائما في انجازات مطلقة في المعركة.

مركز ثقل اسرائيل الامني انتقل من العالم العربي الى ايران. ايضا بالنسبة للولايات المتحدة فان ايران تعتبر تهديد للامن القومي. ولكن بالنسبة لاسرائيل فان التهديد مباشر وأكثر خطورة، وهو يقتضي تعامل دبلوماسي وامني. ومثلما ثبت في الهجوم الجوي الايراني في شهر نيسان الماضي فان التعاون العسكري والسياسي مع امريكا كان له دور مهم في احباط نوايا طهران، ليس فقط في الهجوم نفسه، بل ربما اكثر من ذلك في الفصول التي سبقته والتي بدونها اسرائيل لم تكن لتكون قادرة على تطوير وسائل الدفاع والهجوم التي لديها. بكلمات اخرى، مبدأ الدفاع عن النفس بالقوة الذاتية هو الخط الاول في أمننا، لكن التعاون مع الآخرين يستكمله.

——————————————–

هآرتس 17/7/2024

تخوف من أن تؤدي خطوات سموتريتش في الضفة الى مزيد من العقوبات

بقلم: امير تيفون

حكومات صديقة لاسرائيل حذرتها في عدة مناسبات في الفترة الاخيرة من أن الخطوات التي يقودها الوزير في وزارة الدفاع، بتسلئيل سموتريتش، في الضفة الغربية، من بينها شرعنة بؤر استيطانية غير قانونية وتركيز صلاحيات هامة في موضوع الاراضي والبناء في الضفة في أيدي جهات سياسية متماهية مع حزبه، يمكن أن تؤدي الى مزيد من العقوبات الدولية ضد اشخاص ومنظمات بارزة في حركة الاستيطان. ضمن امور اخرى، يتم فحص توسيع العقوبات لتشمل اشخاص في اليمين المتطرف، المتورطين في الاعتداء على فلسطينيين، وفرض عقوبات بشكل أكبر على اشخاص ومنظمات ترتبط بالبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.

هذا الموضوع تم طرحه في اللقاءات التي اجراها في اسرائيل في بداية الاسبوع وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، الذي وصل لزيارة اولى له في البلاد منذ تسلمه منصبه. لامي التقى مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة اسحق هرتسوغ ووزير الخارجية كاتس ورئيس المعسكر الرسمي بني غانتس. تخوف الحكومة الجديدة في بريطانيا فيما يتعلق بسياسة سموتريتش في الضفة الغربية تمت الاشارة اليه في كل اللقاءات، وايضا امكانية أن تستدعي هذه السياسة الرد من حكومات الغرب الذي سيشمل توسيع المقاطعة.

حتى الآن فرضت الحكومة التاركة في بريطانيا، برئاسة الحزب المحافظ، عقوبات على اشخاص في اليمين المتطرف، الذين تتهمهم بالتورط في اعمال عنف ضد الفلسطينيين، من بينهم نوعام فريدمان، وهو من رؤساء الاستيطان في الخليل. واليشع يريد، الذي كان في السابق مستشار عضوة الكنيست ليمور سون هار ميلخ (قوة يهودية). في اسرائيل قدروا أن الحكومة الجديدة لحزب العمال ستواصل تعميق العقوبات، وستأخذ بجدية التحذير الذي طرحه لامي، الذي يعتبر من المؤيدين لاسرائيل مقارنة مع اعضاء حزبه الآخرين.

دبلوماسيون كبار في دول اخرى، التي تعتبر حليفة مقربة لاسرائيل، طرحوا ايضا تقديرات مشابهة في محادثات مع وزراء وسفراء اسرائيل، بعد تفاخر سموتريتش في الفترة الاخيرة بشرعنة بؤر استيطانية وخطوات توسع التفويض المعطى له بكونه وزير في وزارة الدفاع والمسؤول عن الاستيطان. “النشاطات التي يدفعها قدما سموتريتش تظهر امام العالم كضم فعلي للضفة الغربية”، شرح للصحيفة دبلوماسي غربي نقل رسالة بهذه الروحية لحكومته. “دول كثيرة تتشكك في أنه يستغل الحرب في غزة، وحقيقة أن نتنياهو يعتمد عليه بالكامل من اجل تمرير قرارات لا تؤيدها أي دولة تؤيد اسرائيل في العالم”.

أمس اعلن الاتحاد الاوروبي بأنه قام بفرض عقوبات على عضوي اليمين المتطرف بنتسي غوفشتاين وباروخ مارزيل، المقربان من وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير، وعلى منظمة “الامر 9” التي اوقفت شاحنات المساعدات في طريقها الى غزة، ونتيجة لذلك تم فرض على المنظمة عقوبات ايضا من قبل الولايات المتحدة. اضافة الى ذلك حكومة كندا فرضت عقوبات في الشهر الماضي على حركة “أمانة”، وهي جهة مهمة ومؤثرة على البناء في الضفة. اضافة الى ذلك الاتحاد يفحص فرض لاحقا عقوبات على منظمة ريغفيم، المتورطة في بناء البؤر الاستيطانية في الضفة.

في الحكومة هناك من يخشون من أن الدمج بين خطوات سموتريتش والقرار الذي يتوقع أن تنشره في يوم الجمعة محكمة العدل الدولية في لاهاي حول موضوع قانونية الاحتلال في الضفة الغربية، سيؤدي الى موجة عقوبات اخرى، ستتسع هذه المرة وتشمل منظمات مثل أمانة وريغفيم. “الامل الوحيد هو أنه اذا فاز ترامب في الانتخابات الامريكية فان جزء من العقوبات التي فرضتها ادارة بايدن سيتم الغاءها بعد نصف سنة”، قال للصحيفة مصدر اسرائيلي رفيع. “لكن هذا لن يمنع دول اخرى من الاستمرار في العمل في خط مشابه”.

——————————————–

يديعوت احرونوت 17/7/2024

نبوءات اليمين المتطرف

بقلم: رونين بيرغمان

أمس، بعد تصريحات الوزيرة اوريت ستروك عن محور فيلادلفيا وتهديدها بالاستقالة، قال مصدر أمني كبير جدا ينشغل في الموضوع وضالع في غياهب المفاوضات لصفقة المخطوفين انه “في كل مرة نكون فيها على شفا تطور ذي مغزى وسري، تسيطر على واحد من كبار اليمين على يمين نتنياهو نوبة تنبؤية يكشف فيها الاسرار الدفينة وينهي بتهديد وحدة الائتلاف. ما هو عندنا حساس جدا يصبح عندهم نوعا من “سنحرق النادي” – اذا وافقتم على هذا الشرط او هذا الحل الوسط او تلك الموافقة من حماس، فسنحل الحكومة. هذه النبوءات، هذه التصريحات، الموجهة الى الداخل، ولكن أيضا الى الخارج، توقف إمكانية الوصول الى صفقة”.

واذا كانت الإشارات لم توصل الفكرة، فاننا نضيف انها جاءت بتهكم وبغضب. فالنبوءتان الاخيرتان محفوظتان لوزير المالية سموتريتش وللوزيرة ستروك. في خطاب في سديروت في 2 تموز قدم لي الوزير الاحترام بقوله لي: “اسمع في الأيام الأخيرة عن انهاء المرحلة القوية واقرأ رونين بيرغمان يتصور مرة أخرى صفقة ما والاعيب صياغة بين الوسطاء وحماس”.

دون صلة بالخطأ الذي ارتكبه الوزير في تعبيره “يتصور” فما جاء في حديثه قرأته محافل الامن وكأنه لا يقرأ فقط “يديعوت احرونوت” بل ومضامين المداولات الحساسة التي شاركت فيها: “لن اتفاجأ اذا ما رد السنوار بعد اشهر من الرفض بالإيجاب على المقترح الذي تلقاها للصفقة”، قال.

المصدر الذي يقتبس هنا أعلاه قال في اعقاب تصريحات الوزير ان “هذه صدفة رائعة. حماس تعطي جوابا إيجابيا وسموتريتش الذي اثبت في الماضي معرفة بالتطورات المرتقبة في المفاوضات وفعل كل شيء لاحباطها – فجأة يطلق تصريحا يعرف كيف يستشرف المستقبل، مثلما تبين بالفعل كتوقع دقيق، وعندها يقول انه يجب عمل كل شيء لاجل منع هذا المستقبل.

ليس فقط سموتريتش في النبوءات بل وأيضا ستروك. “قلنا بشكل واضح انه اذا ما اخرجوا الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم ومحور فيلادلفيا، فاننا سنفكك الحكومة”، قالت امس في زيارة الى كرم سالم، “نتنياهو يعرف هذا جيدا”. ومرة أخرى صدفة رائعة، إذ بالضبط في هذه الأيام، في القاهرة وفي أماكن أخرى، يوجد مصير محور فيلادلفيا في مركز المفاوضات على صفقة مخطوفين ووقف نار. عمليا، هذه هي احدى النقاط التي تؤخر في هذه اللحظة استمرار الاتصالات.

المراحل الثلاثة

السطر الأخير، الذي يقوم على أساس محادثات مع مصادر من إسرائيل ومن الدول الوسيطة، هو أن الأطراف توجد اليوم في اقرب نقطة منذ تفجر وقف النار والتبادلات السابقة في 1 كانون الأول، من اجمال صفقة من ثلاث مراحل.

يفترض بهذه ان تتضمن إعادة كل المخطوفين الإسرائيليين الاحياء والاموات من غزة؛ تحرير سجناء فلسطينيين، بمن فيهم الثقيلون، ان لم يكونوا الاثقل؛ اجمال ترتيبات امنية تلبي، جزئيا على الأقل مطالب إسرائيل في التأكد من أن 7 أكتوبر لن يتكرر ابدا؛ وقف نار تام ودائم؛ انسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم ان لم يكن من كل قطاع غزة؛ تسوية مرحلية حول السيطرة في القطاع وبداية اعماره. هذه نوع من الصفقة، هي من اكبر واكثر الصفقات طموحا التي تعقد في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة. لكن هذا لا يزال لا يعني ان الأطراف على شفا التوقيع. أحيانا، امس مثلا، كانوا يبدون انهم ليسوا هناك تماما. في كل حال، يشك المصدر في المفاوضات من انه في كل مرة يبدو فيه انهم يقتربون من الصفقة، فان نائبا او وزيرا من اليمين المتطرف، ممن هناك من يشتبهون بانه يعمل بتكليف من مسؤول اكبر منهم، يصب ماء باردة على الصفقة.

إنجازات وضوابط

في جلسة في الدوحة لرؤساء المخابرات من مصر، إسرائيل والولايات المتحدة، مع رئيس الوزراء المحلي يوم الأربعاء الماضي اتفق على أن “اللجنة الفنية”، التي تضم طواقم العمل التي يفترض بها أن تحل مصاعب الصياغة للبند 14 والتي وصفت هنا في الماضي – في واقع الامر للجسر على الفجوات للوصول الى وقف نار مؤقت او نهائي – ستلتقي في القاهرة هذا الأسبوع. لكن، بناء على طلب مصادر رفيعة المستوى في الدول الوسيطة، فانهم سيلتقون فقط بعد أن يتفق على موضوع محور فيلادلفيا في الحوار المباشر الذي بين إسرائيل ومصر.

هذا الحوار بين اللاعبين، وهو مسار منفصل، وتشارك فيه الولايات المتحدة، يفترض ان يضمن انسحابا إسرائيليا من محور فيلادلفيا، لكن من جهة أخرى ان يضمن أيضا ترتيبات امنية متشددة، تتمكن من خلالها إسرائيل ان تعرف، وليس فقط بان المصريين عدوا – إذ انهم أيضا وعدوا في العقدين الماضيين انه لن تكون انفاق – بانه لن تكون كهذه وانه لن تكون تهريبات، من تحت الأرض وةمن فوق الأرض. كيف يمكن عمل هذا؟ بضمانات أمريكية، بعائق ارضي وتحت ارضي ذي مغزى، بجساسات الكترونية محذرة وبترتيبات أخرى. دون ان يرتب هذا المحور، ويكون مقبولا وان كان بصمت من حماس، كما قال القطريون، لا يوجد أي معنى للتقدم في كل ما تبقى.

الحوار الإسرائيلي – المصري يتواصل في القاهرة بقيادة الشباك والجيش الإسرائيلي، وتوجد فيه إنجازات هامة. “لكن عن هذه الإنجازات، حتى قبل أن تفحص هل هي مقبول من حماس، تأتي تصريحات مثل تصريحات ستروك وتشكل ضوابط هامة”، يقول المصدر الإسرائيلي. “المصريون يقرأون ويسمعون ويفهمون بانه يحتمل ان يكونوا يضيعون الوقت فقط إذ ان ليس لحكومة نتنياهو نية بتنفيذ ما سيتفق عليه، لانه لن تكون في حينه حكومة لنتنياهو”.

الموضوع كان يفترض ان يتفق عليه هذه الأيام، وكان يفترض بطواقم العمل ان تسافر الى القاهرة لمواصلة المفاوضات العامة. في هذه الاثناء بقيت هذه الطواقم في المطار المحلي والمفاوضات لتحرير المخطوفين دخلت مرة أخرى الى التأخير.  “حسنا، ما الملح”، يقول المصدر، “بالاجمال 120 مخطوفا في غزة، بعض منهم يعاني من عذابات شاؤول، فلينتظروا قليلا بعض الشيء، ربما بعد الخطاب في الكونغرس، ربما في الدورة التالية للكنيست. توجد نبوءة، لا يوجد هلع”.

——————————————–

 معاريف 17/7/2024

بن غفير يقصد رئاسة الوزراء وليس متعذرا ان يصل اليها بعد نتنياهو

بقلم: ران ادليست

حسب استطلاع “معاريف” فان ربع مصوتي اليمين يعتقدون أن بن غفير ينبغي أن يقود اليمين بعد نتنياهو. “رئيس عظمة يهودية يحظى في عصر ما بعد ولاية نتنياهو بـ 24 في المئة تأييد في أوساط مصوتي الكتلة، بفارق واضح عن مرشحين آخرين”. بعده يأتي يوسي كوهن (14 في المئة).  هل بعد ان خدم نتنياهو سيخدم كوهن بتفانٍ (وطني، بالتأكيد وطني) بن غفير أيضا؟ وفقط لا تقولوا انه في عصر دوامة قطار شياطين السياسة الإسرائيلية يوجد تخمين مستحيل.

منذ 2020 كتبت هنا ان بن غفير يتجه نحو رئاسة الوزراء. ليس بسبب جنون الطموح، بل بسبب الإدارة الباردة للطريق نحو رئاسة الوزراء وبسبب سير الاوزة العدوانية واليدين الملوحتين جانبا. هرشون صغير إضافي، يا حبيبي بن غفير، واذا بك تصبح كاريكاتيرا هو الأكثر تهديدا في الشرق الأوسط.

في انتخابات في الصيغة الحالية يحصل بن غفير على 9 حتى 10 مقاعد، بحيث انه واضح انه يقصد الجمهور الليكودي. قبل سنة ونصف قدرت في “معاريف” بان هدفه التكتيكي هو توسيع دائرة مؤيديه. وقد انهى عملية شراء فتيان التلال وانتقل في الانتخابات الى كارهي العرب بعامة ومحبي اليد القوية. المرحلة التالية هي السيطرة على روح وعقل شباب شاس والحريديم. عشرات الالاف منهم يرون فيه الزعيم الذي يعبر عن تمرد الشباب او احباط مراهقتهم ويستخف بالجميع بمن فيهم حاخاميهم ولا سيما انه يقاتل من اجلهم كمتساوٍ مع متساوين في وجه الكتلة العلمانية – اليسارية التي تتنكر لهم وتغترب عنهم.

“الهدف الاستراتيجي الأكبر لبن غفير هو رئاسة الوزراء. سموتريتش، مع خمسة مقاعده بالكاد، ليس  خصما. عندما يحسب ايتمارنا طريقه الى رئاسىة الوزراء يعول على القاعدة الشرقية لنتنياهو في الليكود. فرضية عمل معقول تقول ان القاعدة الشرقية في الليكود لن تتوج زعيما اسمه غالنت، كاتس، بركات او لفين، مخصوصي الأطراف الذين يزحفون تحت طاولة نتنياهو كي يلتقطوا الفُتات. شرقي الليكود الذين زحفوا الى جانبهم – اوحنا، ريغف، كوهن وشركاؤهم – كانوا شرقيين أليفين اكثر مما كانوا مادة لزعامة وطنية. قبل بضعة أيام فقط سمعنا دودي إمسلم يشرح هذا بطريقته: “معظم مصوتي الليكود هم إمسلميون، هم بتنيون. نحن 70 في المئة من الحزب”، “يهينون كل الإمسلميين والبتنيين”، “أبناء طوائف الشرق احد لن يهينهم ولا حتى رئيس وزراء من الليكود”. وبالتأكيد: بعد نتنياهو.

اعتراف: قبل بضع سنوات كانت لي على مدى بضعة اشهر احاديث إذاعية دائمة مع محبي اليمين المسيحاني، بينهم بن غفير. لا توجد طريق مشوشة للروح لبدء الصباح مع الضحك بسبب هذيانات هزيلة على نحو خاص. يغئال غاوتا، نائب سابق من شاس، قال بجدية تامة، “بن غفير هو الأيديولوجي الحقيقي من بين كل عصبة اليمين”. كتب هذا قبل انتخابات 2020. إذن ايتمار حبيبي (اقسم ان هكذا أحيانا كنت أتوجه اليه في ذاك البث الصباحي)، إذهب بقوتك هذه واثبت نهائيا بان ليس لهذه الدولة حق وجود.

——————————————–

معاريف 17/7/2024

نموذج الضفة

بقلم: شاي ألون

في الأيام الأخيرة يعود مرة أخرى الخطاب في أوساط محافل رفيعة المستوى في الساحة الأمنية والسياسية عن الحاجة الى تعزيز السلطة الفلسطينية وعن التعلق الأمني الإسرائيلي بها في منطقة الضفة. كما ان صفقة المخطوفين تتضمن بنودا لنقل الحكم في قطاع غزة الى مؤيدي السلطة الفلسطينية بدعوى انهم الجهات “المدنية” الحصرية التي يمكنها ان تدير القطاع بعد حماس. أولئك الأشخاص كثيرو الحقوق، ممن عملوا كثيرا في صالح الدولة وأمنها، يرتكبون خطأ جسيما، يرفضون الاعتراف بالواقع الذي امامهم ويفضون بامن إسرائيل الى الهوة.

ان النظر الى الضفة كنموذج امني يمكن أن يشكل لنا فهما للاخطاء التي ارتكبت والخطوات اللازمة لامن إسرائيل. فمنذ نحو 20 سنة وإسرائيل تسيطر امنيا في الضفة. ومثلما في الضفة، علينا ان نقول بشكل قاطع وواضح ان لا مفر من سيطرة عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة وفي جنوب لبنان. مع كل جهة أخرى تدير محور فيلادلفيا أو غزة، سواء كانت هذه جهة فلسطينية أم غزة أم دولية، أوروبية، عربية وما شابه – العدو سيخبط بنا بشكل شديد عندما يجب من الصواب ذلك. لو كان وضع كهذا في الضفة، لما كان الاستيطان اليهودي نجا من الإرهاب الفلسطيني في المنطقة. سيطرتنا على امننا في الضفة هو الذي ضمن استمرار وجودنا.

على نحو يشبه ذلك، لا مفر لإسرائيل من العودة الى لبنان وتوجيه ضربة ساحقة لاعدائنا في الشمال بعد أن تعاظموا بشكل لم يشهد له مثيل في الـ 24 سنة التي لم نكن نحن نوجد فيها هناك. علينا أن نخلق حزاما امنيا مثلما كان في الأيام ما قبل الانسحاب والحكومة ملزمة بان تخلق خيارات أخرى لليوم التالي، دون مشاركة قوة دولية او ضمانات عابثة، بل من خلال حلول “محلية” مثل الضفة والسيطرة الإسرائيلية في المنطقة. بعد سنوات قال فيها جنرالات في الجيش حاليون وسابقون في كل زاوية انه “لا توجد ذئاب” وذر الرماد في عيون الجمهور رغم التهديد الواضح الذي نقف امامه منذ قيام الدولة وحتى الان، لا يمكن الان الوقوع في مزيد من الخطأ. السلطة الفلسطينية ليست محبة للسلام وليست ضرورية لامن إسرائيل، بل العكس – تعرض اسرائيل للخطر وتهددها اكثر من أي وقت مضى. ان انفجار ساحة الضفة في وجهنا وانقلاب اعشاش السلطة الفلسطينية علينا هو مسألة وقت؛ وقد كتب هذا بتعهد وبقلق كبير. هم سيفعلون هذا عندما يناسبهم، وليس عندما يناسبنا. وعليه فينبغي لنا ان نكون كل الوقت مفتوحي العيون على النوايا.

هل نحن قادرون على تنفيذ المهمة؟ بالتأكيد. علينا فقط الا نضعف أنفسنا ونتحدث دوما في مصلحة البلاد وبطولة مقاتليها. نحن نقول بوضوح: “هذه دولتنا، هذه بلادنا وعلينا أن ندافع عنها”. علينا أن نعرف اننا اذا كنا نحقق الامن لسكان دولة إسرائيل وندعم من يحقق هذه الاجندة. فقط من يرى هدفه هكذا، يدفع به قدما. كل من تبقى يدحرون جانبا في ضوء التهديد الوجودي. شعب إسرائيل بحاجة ماسة الى أناس مع جرأة وعظمة. اما من تعب – فليعفى.

نمنا عشرين سنة على الانف وفي هذه العشرين سنة، عمل الإرهاب بلا انقطاع. مليارات من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي استثمرت في الإرهاب وفي بناء قوة منظمات الإرهاب واطعمت وحوش السلطة الفلسطينية، والان حان الوقت لقطع رأسها. يجب اجتثاث الإرهاب، ولا يهم كم من الوقت يتطلب ذلك. في الضفة أيضا غفونا. الان محظور ان نغفو مرة أخرى. بعيون مفتوحة على كل الساحات ومع روح في الصدر سنتمكن منهم.

* رئيس مجلس مستوطنة بيت ايل

——————————————–

هآرتس 17/7/2024

زعران اليمين يذرفون دموع التماسيح

بقلم: عوزي برعام

يحلق ظل من الضحك على شفاهي عندما اسمع وزير الشتات ومكافحة اللاسامية، عميحاي شكلي، صديق الفاشيين في اوروبا، وهو يحذر من التحريض الخطير ضد رئيس الوزراء، ويطالب باقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، لأنها لا تقدم لوائح اتهام ضد المتمردين على بنيامين نتنياهو.

من الواضح أنه يجب التنديد بكل تحريض على القتل، والتعامل معه بكل شدة يسمح بها القانون. ولكن من وراء ظهر الوزراء شكلي وشلومو كرعي وميري ريغف يقف رئيس الحكومة ومساعديه. لا يوجد في معسكر بيبي أي مسرحية مع ممثل منفرد. ظل نتنياهو يحلق فوق اقوالهم، بما في ذلك المطالبة باقالة المستشارة القانونية.

بهراف ميارا ظهرت في حياتنا بتعيين ظهر كتعيين غريب في البداية. بعد مرور سنتين يمكن القول بأنه لم تكن في اسرائيل أي امرأة حاربت بهذا الشكل للدفاع عن سلطة القانون، بل هي نجحت ايضا في صد خطوات الزعرنة في حكومة منفلتة العقال. وزراء الحكومة، التي ظلها المهدد يشوش النشاطات غير القانونية وغير الرسمية، يطالبون باقالتها. رئيس الحكومة لا يسارع الى فعل ذلك. فهو يفضل تمهيد الارض. هو يعرف أن لاهاي تتربص به، وأن الاحتجاج اذا تمت اقالة المستشارة سيعود الى ابعاده التي كانت قبل 7 تشرين الاول.

استفزاز المعسكر الليبرالي، الذي يسمى “يسار”، هو جزء من زعرنة لاعبي دور الضحية الجدد، الذين يعتقدون أن أحدا ما نسي ما فعلوه ضد اسرائيل في السنوات الاخيرة. تاريخ الزعران الجدد معروف وموثق. في العام 2015 قاموا بتعيين روني الشيخ، من الشباك، في منصب المفتش العام للشرطة في ظل هتافات كل اليمين. وعندما تبين أنه توجد لهذا الشخص قيم خاصة به، اصبح عدو الشعب ولم يتم تجديد ولايته. عملية مشابهة مر بها افيحاي مندلبليت، صديق نتنياهو، الذي انتقل من منصب سكرتير الحكومة الى منصب المستشار القانوني للحكومة رغم معارضة القاضي آشر غرونس. ولكن في اللحظة التي قرر فيها تقديم نتنياهو للمحاكمة هو ايضا شعر بثقل ذراع  الزعران.

من يعلم سلوك الزعرنة هو نتنياهو نفسه، من خلال الطريقة التي ظهر فيها عند افتتاح محاكمته وهو محاط بالوزراء ومن الطريقة التي استهزأ فيها بمنظومة القضاء وانفاذ القانون وقام باهانتها على صوت هتافات الزعران في الكنيست وفي قاعدته وفي وسائل الاعلام، وحتى النضال ضد حكومة بينيت – لبيد. النضال الذي شمل تهديد نفتالي بينيت وتنغيص حياة عيديت سلمان. الذروة في هذه الاثناء كانت ادخال ايتمار بن غفير الى الحكومة، الازعر الكهاني المعروف، الذي جرنا الى شفا الهاوية.

التحريض ليس هو فقط توجه أحادي الجانب، بل ايضا العنف السياسي كذلك. فيغئال عمير ويونا ابروشمي وعامي بوبر وغيرهم رضعوا روح الزعرنة ضد “اليساريين” و”كارهي اسرائيل”. الزعرنة اللفظية للقناة 14 حولت التحريض الى أمر يومي وممأسس. “الوطنيون” لا تعتبر كلمة خاصة بالليكود، بل هي جزء من عصابة ليست حزب. كل مهمتها هي أن تكون مساعد ضد رئيس الطائفة الذي لا خلاف عليه. أنا واصدقائي، بالمناسبة، نشاهد القناة 12. نحن نتفاخر بالتنوع، الذي ينعكس في مراسلين مثل عميت سيغل وعوفر حداد، الذي يمنح القناة الخصوصية.

دموع التماسيح التي يذرفها الزعران لن تغير حقيقة أنهم يحاولون لعب دور الضحية. هم يعتقدون أن لا أحد سيشعر بذلك، ولكنهم مخطئون.

——————————————–

 هآرتس 17/7/2024

هل تجبر “العليا” وزير العدل على تعيين رئيس دائم وقاضيين للمحكمة؟

بقلم: أسرة التحرير

بعد نحو سبعة أشهر من شطب محكمة العدل العليا قانون إلغاء علة المعقولية، ستنعقد اليوم الخميس كي تبحث في التماس غايته إجبار وزير العدل يريف لفين على تعيين رئيس دائم للمحكمة العليا وقاضيين آخرين فيها. منذ اعتزلت رئيسة العليا استر حايوت في أكتوبر، ولفين يعرقل اختيار رئيس دائم، ويعمل القاضي عوزي فوغلمان قائما بالأعمال. فضلاً عن ذلك، تؤدي العليا مهام بتركيبة ناقصة من 13 قاضياً، لأن لفين يمنع اختيار بديلين لحايوت وللقاضية عنات بارون التي خرجت هي أيضاً على التقاعد.

يعرقل لفين التعيينات المهمة مستغلاً قوة كونه رئيساً للجنة انتخاب القضاة، الذي يقرر جدول أعمالها. سلوكه جزء من الثورة القضائية التي تحاول السيطرة على جهاز القضاء. انتخاب قضاة للعليا يتم بأغلبية 7 من أصل 9 أعضاء من لجنة انتخاب القضاة، لكن انتخاب رئيس دائم يتم بأغلبية عالية، 5 من أصل 9. ليس للفين إلا مؤيدين في اللجنة، هما الوزيرة أوريت ستروك والنائب إسحق كرويزر، وهو يعرف بأنه إذا ما طرح الانتخاب على البحث، فستعين اللجنة إسحق عميت رئيساً. وكما نشر أمس، فإن مساعي الوساطة التي يقوم بها رئيس الدولة إسحق هرتسوغ والمقترح البائس لتعيين المحامي ميخائيل رابيلو إلى العليا، المقرب من رئيس الوزراء نتنياهو، لم يحل العقدة.

مداولات محكمة العدل العليا ستتركز على ادعاءات بأن لفين يخرج عن صلاحياته، ويعمل من دون براءة وبدوافع غريبة، إذ يحظر عليه إساءة استخدام رئيس اللجنة لقوته، وعليه أن يعمل في أقرب وقت ممكن على تحقيق التعيينات. لكن ما يحرك سلوك لفين هي رغبته في إلغاء “عرف الأقدمية” في تعيين رئيس المحكمة العليا، وذلك في إطار محاولات سيطرة الحكومة على جهاز القضاء.

اتبع “عُرف الأقدمية” منذ بداية أيام الدولة، وغايته تثبيت استقلالية جهاز القضاء. فالعُرف يضمن أنه من اللحظة التي ينتخب فيها شخص ما للجلوس في المحكمة العليا فلن يكون خاضعاً لأي انتخاب، ولا يخضع لأحد ولا يتعين عليه أن يرضي أحداً، ولا يخضع لأي منافسة مع زملائه. أما إلغاء العُرف، فربما يشكل لقضاة العليا حافزاً لإثارة إعجاب السياسيين كي يحظى بمنصب الرئيس. هي خطوة ستقوض الفصل بين السلطات وستعظم سيطرة لفين في إدارة السلطة القضائية.

مثلما منعت محكمة العدل العليا محاولات لفين ونتنياهو ورفاقهم في الحكومة لمنع النقد القضائي عليهم من خلال إلغاء علة المعقولية، ومثلما منعتهم من تشريع قانون يستهدف منع أي سبيل لإخراج نتنياهو إلى العجز، فهكذا عليها أن تقف مرة أخرى بشجاعة أمام محاولات السيطرة عليها، وتوضح للفين بأنه ملزم بتعيين رئيس دائم وقاضيين للمحكمة العليا.

——————————————–

معهد أبحاث الأمن القومي 17/7/2024

دراسة لمعهد أبحاث “الأمن القومي” الإسرائيلي عن تداعيات الهجمات اليمنية على التجارة الإسرائيلية

بقلم: ايهود غونين

أدت الهجمات اليمنية على حركة الملاحة في مضيق باب المندب إلى شل النشاط في ميناء إيلات بشكل كامل، وظهرت أنباء في وسائل إعلام إسرائيلية عن نية فصل أكثر من نصف موظفيه.

دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي بعنوان: “تحليل جيو – اقتصادي لتداعيات هجمات الحوثيين على التجارة الخارجية الإسرائيلية”، تتناول تأثير الهجمات على التجارة الخارجية الإسرائيلية من وجهة نظر جغرافية اقتصادية وتحاول قياس تأثير الضرر المباشر على التجارة الخارجية الإسرائيلية.

مقدمة:

بعد نحو شهر من اندلاع حرب “السيوف الحديدية”، بدأ الحوثيون في اليمن بمهاجمة السفن التي لها علاقات بإسرائيل. يسيطر الحوثيون على مضيق باب المندب – أحد نقاط الاختناق البحرية الرئيسية في العالم – الذي يمر عبره نحو 15% من التجارة العالمية. هدف الحوثيين، من بين أمور أخرى، هو فرض حصار تجاري على “إسرائيل”.

في البداية، أعلن الحوثيون أنهم سيهاجمون أي سفينة ترفع العلم الإسرائيلي أو مملوكة لـ”إسرائيل”، ثم امتد التهديد إلى السفن التي لها علاقات مع “إسرائيل” أو السفن التي تزور ميناءً إسرائيلياً.

تم تشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، والذي أطلق عملية عسكرية تسمى “حارس الازدهار” لحماية المضيق. صحيح أن هجمات التحالف أضرت بأصول الحوثيين على الأرض، وإحباط بعض هجمات الحوثيين من خلال اعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار، لكن يبدو أن هذه الجهود بعيدة كل البعد عن كبح هجمات الحوثيين، وحتى بعد أشهر من  القتال لا يزال الحوثيون يهاجمون السفن المارة في المنطقة ويلحقون بها أضراراً.

وبسبب الهجمات، غيّرت العديد من شركات الشحن مسارات سفنها، خاصة على الخطوط الملاحية بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. وفي ضوء مركزية المضيق في حركة الملاحة العالمية، فإن تأثير هذه التغييرات في الممرات الملاحية كبير من الناحية التشغيلية والاقتصادية.

يمكن تقسيم التداعيات التجارية لهذه الهجمات إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

الأولى، عواقب أفقية ومباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي، ناتجة عن التغييرات اللوجستية التي أجراها المستوردون والمصدرون وشركات الشحن بسبب الهجمات. وتنعكس هذه التبعات بشكل رئيسي في ارتفاع أسعار النقل والوقت الإضافي حتى وصول البضائع إلى “إسرائيل”.

وتتعلق المجموعة الثانية بالأضرار الاقتصادية المحلية المباشرة (حصتها كبيرة)، وأهمها الإغلاق الفعلي لميناء إيلات، ووقف تصدير الفوسفات من هذا الميناء، والأضرار التي لحقت بشركات الشحن الإسرائيلية.

أما المجموعة الثالثة، وهي أيضاً الأصعب في القياس، فهي التبعات الجيواستراتيجية طويلة المدى على “إسرائيل”، والتي تجسد عواقب اقتصادية ثقيلة غير مباشرة.

كانت هجمات الحوثيين موجهة في البداية (على الأقل بحسب تصريحاتهم الرسمية) للسفن التابعة لـ”إسرائيل” فقط، وبعد تأسيس التحالف الدولي، هاجموا سفن الأسطول العسكري وكذلك الأسطول التجاري لدول هذا التحالف. وبهذه الطريقة، تنضم هذه الهجمات إلى القضية الأوسع المتمثلة في حرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، والتي رافقت السياسة الإسرائيلية منذ السنوات الأولى للدولة.

وفي عامي 1956 و1967، أغلق المصريون مضائق تيران أمام الإبحار الإسرائيلي باتجاه ميناء إيلات باستخدام المدافع الساحلية. وكان إغلاق المضائق أحد أسباب اندلاع عملية سيناء وحرب الأيام الستة. ومنذ تأميم قناة السويس عام 1956، منعت مصر السفن الإسرائيلية من الإبحار عبر القناة، حتى اتفاق “السلام” بين البلدين عام 1979.

منذ قيام “إسرائيل” حتى الثمانينيات، كانت حصة التجارة الإسرائيلية مع آسيا في إجمالي التجارة الإسرائيلية صغيرة نسبياً، وكان الاستثناء هو استيراد النفط من إيران قبل الثورة الإسلامية، والذي استمر بعضه في الوصول إلى أوروبا عبر خط أنابيب النفط إيلات-عسقلان. لذلك، كانت مسألة حرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر مبدئية واستراتيجية أكثر منها تجارية.

التجارة البحرية الإسرائيلية الصغيرة مع آسيا تتم عن طريق الإبحار حول أفريقيا أو استيعابها بين البضائع العديدة التي تنقلها السفن العالمية غير المرتبطة بـ”إسرائيل”، بما في ذلك قناة السويس. ومع الصعود الاقتصادي للصين في الثمانينيات، بدأت حصة التجارة الإسرائيلية مع آسيا في الزيادة، خاصة في قطاع الاستيراد.

التداعيات اللوجستية للهجمات في مضيق باب المندب

يقوم الحوثيون بإطلاق النار على السفن المارة عبر المضيق، مما يدفع معظم سفن العالم إلى السير على الخطوط الواقعة بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، أي في التجارة بين آسيا وأوروبا، للالتفاف حول القارة الأفريقية بدلاً من اختصار الطريق عبر قناة السويس. ووفقاً لمنظمة الشحن العالمية التابعة للأمم المتحدة، في الأشهر من كانون الأول/ديسمبر  2023 إلى آذار/مارس 2024، انخفضت حركة المرور في قناة السويس بنسبة 70% مقارنة بالمتوسط الشهري في الأشهر من كانون الثاني/يناير إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

تعتبر مراجعة البيانات الخاصة بمرور السفن في قناة السويس مؤشراً جيداً نسبياً لعبور السفن في مضيق باب المندب، لكن يجب أن نتذكر أن هناك أيضاً تجارة داخلية بين دول البحر الأحمر لا تمر عبر المضيق أو قناة السويس، بالإضافة إلى ذلك هناك التجارة التي تخرج من البحر الأحمر وتمر عبر قناة السويس في طريقها إلى أوروبا، مثل تصدير النفط من الموانئ الواقعة على الساحل السعودي للبحر الأحمر.

إن الانخفاض في حركة السفن ليس هو نفسه بالنسبة لجميع أنواع السفن والبضائع. وكان الانخفاض الأكبر بسبب السفن التي تحمل الغاز الطبيعي المسال. فقد توقفت هذه السفن بشكل كامل عن المرور في مضيق باب المندب، بسبب ضعفها الكبير على ما يبدو.

نوع آخر من السفن تأثرت وهي تلك التي تحمل مركبات، فمرور السفن من هذا النوع توقف بشكل شبه كامل.

أما النوع الثالث من السفن الذي سجل فيه انخفاض حاد فهو سفن الحاويات. وفي هذه الفئة، تم تسجيل انخفاض بنحو 90%. وتشكل التجارة بالحاويات نحو 16% فقط من التجارة العالمية من حيث الحجم، لكنها تشكل نحو 60% من القيمة المالية للتجارة، ويشار إليها أحياناً باسم “محرك العولمة” (تتميز التجارة الإسرائيلية بارتفاع حجم الحاويات بمعدل يفوق المعدل العالمي ويصل إلى نحو 45% من حيث الحجم، وتشكل الحاويات التجارية معظم تجارة إسرائيل مع الأسواق الشرقية).

في الأشهر الستة الأولى من الحرب (تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى آذار/مارس 2024)، بدا أن معظم شركات شحن الحاويات الكبرى قد غيرت مسار سفنها حول أفريقيا. وتشير منظمة الشحن العالمية إلى أن الحركة البحرية لجميع أنواع السفن التي تمر حول رأس الرجاء الصالح قد زادت بنسبة 85% تقريباً.

وفي السفن من الأنواع الأخرى مثل البضائع العامة وغيرها، تم تسجيل انخفاض في الأحجام بنسبة 30-50% في حركة السفن في مضيق باب المندب.

يختصر المرور عبر قناة السويس مسافة الإبحار من مضيق ملقا إلى روتردام (أكبر ميناء دخول في أوروبا) بنحو 3500 ميل بحري، وبالتالي يختصر طريق الشحن المار عبر مضيق باب المندب ثم عبر قناة السويس هو من أهم طرق الشحن في العالم. يتضمن تجنب عبور هذا الطريق دائرة طويلة من القارة الأفريقية، مما يضيف ثلاثة أسابيع إلى الرحلة بسبب الاعتماد على عوامل فنية مختلفة.

التكلفة اليومية لتشغيل سفينة الحاويات يمكن أن تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات يومياً، مما يعني أن تكلفة الإبحار حول أفريقيا يمكن أن تصل إلى نصف مليون دولار وأكثر، حسب نوع السفينة وحجمها وأكثر. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المرور عبر قناة السويس ينطوي أيضاً على تكاليف باهظة. تكلفة الدفع لسلطات القناة مقابل مرور سفينة حاويات كبيرة يمكن أن تصل أيضاً إلى مئات الآلاف من الدولارات لكل مرور.

تعتبر موانئ “إسرائيل” على البحر الأبيض المتوسط، أشدود وحيفا، قريبة نسبياً من خط الشحن العالمي الرئيسي الذي يغادر ميناء بورسعيد في مصر باتجاه جزيرة مالطا، وبالتالي فإن تعاقدات موانئ “إسرائيل” مرتفعة نسبياً. والميناءان الجديدان اللذان بدآ العمل عام 2021 – ميناء الخليج في حيفا والميناء الجنوبي في أشدود – تم بناؤهما على مدى وعمق كافيين ليتمكنا من تقديم الخدمة للسفن العملاقة على الخطوط العالمية.

ومن ناحية أخرى، فإن تحويل خطوط الشحن المتمركزة على المحيط الأطلسي يعني نقل موانئ “إسرائيل” بعيداً عن هذه الخطوط الرئيسية والاعتماد على المزيد من إعادة تعبئة البضائع. وهذا يعني زيادة تكاليف التداول وفترات نقل زمنية أطول.

إن تمديد وقت الإبحار يضر أيضاً بأصحاب البضائع الحساسة – البضائع ذات العمر القصير نسبياً مثل المنتجات الزراعية والماشية والسلع المبردة (مثل الأغذية والأدوية والمواد الكيميائية الخاصة وما إلى ذلك). هؤلاء يفضلون الإبحار بأسرع طريق، كما أن تمديد زمن الإبحار يتطلب من أصحاب هذه الشحنات محاولة إيجاد طرق جديدة للتجارة مثل النقل الجوي، وهو مكلف للغاية وغير ممكن دائماً، والنقل البري (عبر المملكة العربية السعودية والأردن مثلاً) وهي أيضاً أكثر تكلفة، حيث يتم تحديد موردين جدد في بلدان أخرى، أو حتى تعليق التجارة تماماً حتى يمر الغضب. بالنسبة للمستوردين.

عادةً ما يعني عدم اليقين بشأن مواعيد التسليم الاحتفاظ بمخزونات أكبر. والحفاظ على المخزون له تكاليف كبيرة، بدءاً من استئجار المستودعات ووصولاً إلى مصاريف الفوائد على تمويل شراء المخزون.

ويبدو أنه بعد كانون الأول/ديسمبر 2023 وبدء هجمات الحوثيين على الملاحة في مضيق باب المندب، استقرت أسعار النقل من آسيا إلى أوروبا عند مستوى سعري جديد، وهو ما يعكس التكاليف اللوجستية الإضافية للتجارة بسبب الحاجة إلى الإبحار حول أفريقيا، فضلاً عن شركات الشحن التي تستغل الفرصة لرفع الأسعار. يجب إضافة التكاليف الإضافية لإدارة المخزون الأكبر من قبل المستوردين إلى تكاليف النقل.

بلغ سعر شحن حاوية من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط نهاية تشرين الثاني/نوفمبر  2023، قبل بدء هجمات الحوثيين، نحو 1400 دولار، وبلغ ذروته في نهاية كانون الثاني/يناير  إلى 6400 دولار، ووقف في نهاية آذار/مارس  2024 على 3800 دولار.

تقدير تداعيات الهجمات اليمنية على التجارة الإسرائيلية

من أجل تقييم تعرض “إسرائيل” لهجمات الحوثيين، من الضروري استخراج جزء من التجارة البحرية الإسرائيلية التي تمر عبر باب المندب. إن حصة التجارة الخارجية في الناتج المحلي الإجمالي لـ”إسرائيل” كبيرة نسبياً وتبلغ أكثر من 60%، لكن جزءاً كبيراً من هذه التجارة هو تصدير الخدمات وجزء كبير آخر (من الناحية النقدية) يتم نقله جواً، وأجزاء كبيرة أخرى من التجارة هي بحراً، مع الولايات المتحدة وأوروبا وأسواق أخرى.

حصة التجارة الإسرائيلية المعرضة للهجمات اليمنية في عام 2022 بلغت نحو 9.2% من إجمالي التجارة الإسرائيلية (15.7% من إجمالي الواردات و2.9% من إجمالي الصادرات)، وهو ما يمثل نحو 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وهذا هو احتمال الضرر الذي تتعرض له التجارة الإسرائيلية وليس الضرر الفعلي.

وإلى جانب التحليل المالي، يجب أيضاً فحص أنواع البضائع المتداولة بين “إسرائيل” وآسيا، وهي تحدد أنواع السفن التي تخدم هذه التجارة وكذلك الموانئ الإسرائيلية التي يتم نقل البضائع إليها.

معظم الواردات من الشرق تصل إلى “إسرائيل” في حاويات، في الواقع منشأ نصف الواردات البحرية من آسيا هو صيني ومعظمها سلع استهلاكية. ويستثنى من ذلك استيراد السيارات التي تصل إلى “إسرائيل” على متن سفن مخصصة لنقل السيارات، وكذلك استيراد الماشية (الأغنام والماشية، خاصة من أستراليا).

وفي الأيام العادية تعبر سفن الحاويات القادمة من الشرق قناة السويس وتفرغ حمولتها في موانئ “إسرائيل” على البحر الأبيض المتوسط (موانئ منطقتي حيفا وأشدود). وفي ميناء إيلات لا يوجد تفريغ للحاويات على الإطلاق، بل يتم في بعض الأحيان استيراد السيارات والمواشي من خلاله.

تغادر الصادرات الإسرائيلية إلى الشرق عن طريق البحر في حاويات من الموانئ على البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس. والاستثناء الملحوظ هو تصدير الفوسفات من مصانع البحر الميت، والذي يتم من ميناء إيلات. ويصل حجم التصدير إلى مليوني طن سنوياً.

في عام 2022، تم استيراد ما يقرب من 775 ألف حاوية إلى “إسرائيل”، منها نحو 290 ألف حاوية من آسيا وأوقيانوسيا وأفريقيا. وإذا افترضنا أن متوسط تكلفة نقل حاوية من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط ارتفع بنحو 5000 دولار في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بالسعر قبل الحرب، وأنها ستستقر عند مستوى ثابت جديد خلال الأرباع الثلاثة المقبلة لعام 2024 (الوضع الطبيعي الجديد)، بنحو 2500 دولار، أعلى من مستواه قبل الحرب، يمكن التقدير بشكل تقريبي أن التكلفة الإجمالية التي يتحملها الاقتصاد الإسرائيلي لاستيراد نفس العدد من الحاويات تبلغ نحو 200 مليون دولار على أساس سنوي.

وبالإضافة إلى الحاويات، تُمنع أيضاً السفن التي تحمل السيارات من المرور عبر مضيق باب المندب. وفي عام 2022، تم استيراد ما مجموعه 340 ألف مركبة إلى “إسرائيل”، منها 166 ألف (49 بالمئة) مرت عبر ميناء إيلات. ويبدو أنه تم استيراد المزيد من المركبات من آسيا عبر موانئ حيفا وأشدود، لكن الإحصائيات غير واضحة في هذا الشأن. تنقل سفينة السيارات نحو 4500 سيارة، وبالتالي يمكن التقدير أن إيلات قد زارتها نحو 40-35 سفينة سيارات في عام 2022، مما يعني أنه في تقدير تقريبي تمت إضافة نحو 50 مليون دولار كتكلفة على الاقتصاد بسبب الابحار حول أفريقيا من هذه السفن. لذلك فإن إجمالي التكاليف التي يتكبدها الاقتصاد من استيراد الحاويات والسيارات على الطريق حول أفريقيا تبلغ نحو ربع مليار دولار على أساس سنوي.

وعلى صعيد التصدير، تم في عام 2022 تصدير نحو 455 ألف حاوية من “إسرائيل”، منها نحو 30 ألف حاوية ذهبت إلى آسيا. ووفقاً للحسابات المذكورة أعلاه، فإن التكلفة الإجمالية التي يتحملها الاقتصاد الإسرائيلي لتصدير نفس الكمية تبلغ نحو 75 مليون دولار في الحساب السنوي. وبالإضافة إلى تصدير الحاويات، تأثر أيضاً تصدير الفوسفات من ميناء إيلات. ويتم هذا التصدير إلى الأسواق الآسيوية حالياً عن طريق نقل الفوسفات في شاحنات خاصة من مصانع البحر الميت في منطقة سدوم إلى ميناء إيلات، حيث يتم تحميله على ناقلات البضائع السائبة وتصديره شرقاً، وخاصة إلى الهند – يتم تصدير نحو مليوني طن من الفوسفات من ميناء إيلات سنوياً.

إن توقف النشاط في ميناء إيلات يُلزم شركة “آي سي ال” بتصدير الفوسفات إلى الشرق عبر ميناء أشدود وعلى الطريق المحيط بأفريقيا. تجدر الإشارة إلى أن الفوسفات هو سلعة (مواد أولية بشكل أساسي)، وتداولها حساس للغاية للتسعير. ولذلك، فإن زيادة تكاليف النقل في جميع أنحاء أفريقيا يمكن أن تضر بالقدرة التنافسية لشركة “آي سي ال”، وخاصة في أسواق الفوسفات في الشرق.

لذلك، فإن إجمالي التكاليف التي يتحملها الاقتصاد من تصدير الحاويات والفوسفات على الطريق حول أفريقيا يبلغ نحو 100-150 مليون دولار في الحساب السنوي، ويبلغ إجمالي التكاليف التي يتحملها الاقتصاد (الصادرات والواردات) تقريباً في حدود حجم نحو 350 إلى 400 مليون دولار سنوياً.

إلى جانب العواقب الاقتصادية الأفقية لهجمات الحوثيين على التجارة الإسرائيلية، هناك تأثيران آخران محددان لكن مهمان على التجارة الخارجية. الأول هو الوقف الفعلي للنشاط في ميناء إيلات؛ والثاني هو الضرر المباشر الذي يلحق بشركات الشحن الإسرائيلية أو تلك التي لها علاقات مباشرة مع “إسرائيل”.

أدت الهجمات اليمنية على حركة الملاحة في مضيق باب المندب إلى شل النشاط في ميناء إيلات بشكل كامل، وظهرت أنباء في وسائل إعلام إسرائيلية عن نية فصل أكثر من نصف موظفيه. إذا ما  نفذت عمليات تسريح العمال، فسيكون هناك ضرر اقتصادي مباشر لمئات العمال العاملين في الميناء، إلى جانب أضرار استراتيجية محتملة من فقدان القدرة التشغيلية للبوابة الجنوبية لإسرائيل. وأدى ذلك إلى مناقشة اللجنة الاقتصادية في الكنيست حول مسألة ما إذا كان يجب على الحكومة إعادة شراء الميناء بعد بيعه في إطار الخصخصة.

وفي مجال الشحن الإسرائيلي، بالمقارنة الدولية، لا يوجد في “إسرائيل” قطاع شحن متطور. هناك شركتا شحن كبيرتان فقط لهما علاقات مباشرة مع “إسرائيل” – تسيم و اكس تي (عوفر براذرز سابقاً). كما أن هناك سفن مملوكة لرجال أعمال إسرائيليين مثل سفينة غالاكسي ليدر المذكورة أعلاه.

فقد قامت هذه الشركات بتحويل سفنها عن الخطوط المارة عبر المضيق، وقد يكون لذلك عواقب اقتصادية عليها. ومن الممكن أيضاً أنه بسبب الأزمة، سيتم تقليص خيارات التعاون الخاصة بشركة “تسيم” في إطار تحالفات إقليمية خاصة.

على سبيل المثال، في كانون الثاني/يناير 2024، أفيد أنه بسبب التغييرات في مسارات شركة الشحن الصينية “سي او اس سي”، أو بسبب الأزمة في البحر الأحمر، تضرر تعاون شركة تسيم مع الشركة الصينية. تجدر الإشارة إلى أن معظم دخل “تسيم” لا يأتي من النشاط التجاري المرتبط بإسرائيل، بل من النشاط العالمي.

خلاصة

في الأشهر التي مرت منذ بداية هجمات الحوثيين على السفن المرتبطة بإسرائيل واندلاع حرب السيوف الحديدية، من الممكن البدء في تقييم التبعات الاقتصادية للحصار الجزئي  على باب المندب. لا تمتلك “إسرائيل” أسطولاً تجارياً كبيراً، وتعتمد في التجارة الدولية على الشحن العالمي. ويبدو أن جزءاً كبيراً من الشحن العالمي (في حدود 50-90%، اعتماداً على نوع السفينة) يتجنب المرور عبر المضيق ويختار طريق الإبحار حول أفريقيا، مما يخلق وضعاً مستقراً جديداً من إطالة الخطوط الملاحية وزيادة رسوم النقل.

وحتى الآن، يبدو أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وحلفاؤها للحد من هجمات الحوثيين لم تؤت ثمارها. علاوة على ذلك، فإن عدم اليقين بشأن هوية السفن التي يهاجمها الحوثيون يعني أن الوضع الجديد قد يستمر لعدة أشهر أخرى، أو حتى لفترة أطول.

إن تقييم التكاليف المباشرة للتجارة الخارجية الإسرائيلية على أساس الوضع في نهاية آذار/مارس 2024 يعني مضاعفة رسوم النقل في حدود 350 إلى 400 مليون دولار في الحساب السنوي للتجارة الإسرائيلية (الواردات والصادرات)، والتي تمر عادة عبر المضيق. وتتكون معظم هذه التجارة من الحاويات والسيارات والفوسفات.

ويشمل التقدير تكاليف نقل التجارة الخارجية فقط ولا يشمل التكاليف الاقتصادية الثقيلة الأخرى مثل تغيير الموردين ومصادرة المنتجات الإسرائيلية وتأخير أو منع الاستثمارات وقائمة طويلة من الانعكاسات الأخرى غير المباشرة وطويلة المدى التي يصعب للغاية قياسها أو تقديرها. هناك حاجة إلى بحث نوعي شامل، بما في ذلك المقابلات مع رجال الأعمال، لقياس الأثر الاقتصادي العام لهجمات الحوثيين.

إن “إسرائيل”، باعتبارها دولة صغيرة ومنفتحة اقتصادياً، تستفيد بشكل كبير من اندماجها في النظام العالمي، ويمكن أن يعزى هذا الانفتاح الاقتصادي إلى جزء كبير من الناتج المحلي الإجمالي للفرد في “إسرائيل”، وهو مرتفع أيضاً مقارنة بالدول الغربية للعلاقات التجارية ووسم “إسرائيل” بأنها “إشكالية” في العلاقات الدولية – مثل عدم اليقين في عمليات تصدير واستيراد البضائع من وإلى “إسرائيل” يمكن أن يضر بالاقتصاد على المدى الطويل، وهذا يمثل تحدياً دبلوماسياً واقتصادياً على المستوى الوطني.

وفي نظام دولي واقعي، يجب على “إسرائيل” تطوير أسطول تجاري مستقل يبحر تحت العلم الإسرائيلي أو يخضع للسيطرة الإسرائيلية، وهذا ليس حلاً لمنع الشحن الإسرائيلي في مناطق معينة من العالم، ولكن هجمات الحوثيون (وكذلك تهديدات حزب الله في الشمال) تظهر أن خصوم “إسرائيل” يرون أن الحصار الاقتصادي سلاح مشروع ضدها، وبناء أسطول تجاري إسرائيلي يمكن أن يساعد في منع انقطاع تدفق التجارة الإسرائيلية في حالات أخرى، مثل تجنب رحلات الشحن الدولية زيارة  الموانئ الإسرائيلية.

——————انتهت النشرة—————-