
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 18/8/2024
مقابل ما يفعله الجيش في غزة، المذبحة في جيت هي مخيم صيفي
بقلم: جدعون ليفي
كم هو سهل اصابة الاسرائيليين بالصدمة من فظائع المستوطنين. هم ليسوا نحن. لم يكن لنا أي ذنب في ذلك. هم حتى ليسوا اسرائيل. هم الاعشاب الضارة التي توجد على هامش المعسكر. الآن، وهذه حقيقة، الجميع يتملصون. السياسيون سمع صوتهم في جوقة تنديدات، وحتى وسائل الاعلام تتظاهر بأنها مصابة بالصدمة، وهي حتى تكلف نفسها عناء النشر عن ذلك، هذا أمر لا يصدق. في اوقات جميلة بشكل خاص ربما كان سيتم اعتقال شخص مشاغب أو اثنين مدة ساعة أو ساعتين. امام اخفاء جرائم الجيش فان التطرق الى جرائم المستوطنين يتألق ويلمع. فجأة اصبح من المسموح رؤية الضحية، وفجأة اصبح من المسموح ادانة المجرم.
لكن جرائم المستوطنين ستصبح ناصعة مثل الثلج امام جرائم الجيش. في جيت وفي حوارة وفي قصرى وفي جبل الخليل وفي شمال غور الاردن يعيش وبحق الناس في في حالة رعب. ولكن مقابل ما يفعله الجيش في غزة وفي الضفة الغربية ايضا فان اعمال شغب المستوطنين تعتبر مخيم صيفي مخيف، لكنه مخيم صيفي. المذبحة في جيت ينفذها الجيش يوميا على صيغة اكثر فتكا في مخيمات اللاجئين في طولكرم وجنين ونابلس وبالطبع في غزة. كل يوم توجد مذبحة، لكن المستوطنين فقط هم الذين يتسببون بالصدمة. جيت اعتبرت صدمة، أما قتل 100 من النازحين في مدرسة في غزة فقد اعتبر أمر ممل. الصدمة من المستوطنين مصطنعة وتثير الاشمئزاز. فهي تنقل كل مشاعر الذنب المكبوتة الى الهامش وتتملص من المسؤولية.
عندما يتم النظر الى عملية تدهور الاخلاق التي لا يمكن وصفها، التي تمر فيها اسرائيل في الاشهر العشرة الاخيرة، نرى أنه في معظم الجرائم الجيش هو المذنب، حتى في مذبحة جيت. فلو أنه قام بدوره لما كانت تحدث مذبحة. من يعرف كيف يقوم بتفريق المظاهرات أو أي احتجاج للفلسطينيين، يقوم بالوقوف جانبا أو يؤيد المذابح التي يرتكبها اليهود. هذه سياسة وليس خطأ. هذا توجه وليس خطأ. ولكن حتى عندما يكون من الواضح أن الجيش هو المذنب في مذبحة جيت فان لا أحد يهب لادانته. لأن الجيش هو نحن، ونحن لم نكن في جيت ولا ذنب لنا في اعمال الشغب التي حدثت فيها. نحن اسرائيل الجميلة وهم المجانين اصحاب السوالف الطويلة والقبعات الكبيرة. سبط آخر، سبط يهودا. نحن من اسرائيل، أيدينا طاهرة.
سديه تيمان، هي الجيش؛ الدروع البشرية، هم الجيش؛ التصفيات، هي الجيش؛ الـ 40 ألف قتيل، هم الجيش؛ تدمير غزة، هو الجيش؛ الحواجز الوحشية في الضفة، هي الجيش؛ قتل التوائم ابناء الثلاثة ايام مع الأم والجدة، الأب ذهب لاستصدار شهادة الميلاد، هم الجيش؛ الاستخدام المتزايد للمسيرات من اجل القتل في الضفة ايضا، هو الجيش؛ الطيارون ورجال المدافع والمدرعات والجرافات والكلاب، هم الجيش؛ هم أبناؤنا، تقريبا كل واحد يمشي في الشارع أو يسافر في السيارة له صلة بشكل معين. هم الذين يرتكبون معظم جرائم اسرائيل، وليس رجال العصابات من مزرعة رونين أو من يرتدون الزي العسكري من مزرعة جلعاد.
معسكر الاحتجاج بالذات غير مستعد لرؤية كل ذلك. اليمين مسرور من كل مشهد اجرامي ضد الفلسطينيين. هم يشبعون مشاعر انتقامه وتعطشه للدماء. ولكن معسكر الاحتجاج ليس هكذا، هو انساني واخلاقي. انظروا كيف اصيب بالصدمة من جيت واخواتها. هذا المعسكر ليس فقط يتنكر لجرائم الجيش، بل هو يستمر في السجود له. منه يحصل على معظم قادته، حتى صرخة اليسار الاخيرة يئير غولان هو من هناك.
في اليوم التالي لجيت، وهي مذبحة من المذابح الاكثر خطورة والتي جبت حياة شخص بريء والذي لن يتم تقديم من قتله للمحاكمة في أي يوم، يجب النظر الى الصورة الكاملة. بنيامين نتنياهو هو الرئيس وهو المذنب، وجميع المستوطنين هم مخالفون للقانون، لكن فوق كل ذلك توجد الغيمة السوداء التي تغطيهم، أي جيش الدفاع الاسرائيلي. هو الرأس الحقيقي للجريمة وهو المذنب. نحن نواصل السجود له وتجاهل ما يفعله؛ هم أبناؤنا وقادتهم هم معلمونا وجرائمهم لا يوجد أي أحد مستعد لادانتها، وحتى غير مستعد لاحصائها. كل الاحترام للجيش الاسرائيلي الى الأبد.
——————————————–
يديعوت احرونوت: 18/8/2024
من خلف المفاوضات في الدوحة: التسريبات والواقع
بقلم: رونين بيرغمان
“هناك حاجة لكثير من نزعة الشر لاجل التسريب لوسائل الاعلام في إسرائيل بان الأطراف قريبة من التوقيع وان المفاوضين يؤيدون المنحى المتبلور وغيره من الترهات”.
هذا ما قاله أمس مصدر فلسطيني رفيع المستوى مطلع على تفاصيل التفاصيل في المفاوضات لصفقة المخطوفين. “الحقيقة هي أن مسؤولي المفاوضات لا يمكنهم ان يؤيدوا او يدعموا التسوية المتبلورة لانه لا توجد تسوية كهذه”، ويواصل انعدام التفاؤل فيقول: “في النهاية الوسطاء هم مجرد وسطاء، يديرون مفاوضات بينهم وبين انفسهم ولا يراعون الشخصين الأهم – نتنياهو والسنوار. عمليا يقول هذا المصدر “انه لم تحل أي مشكلة جوهرية او نصف جوهرية في الدوحة في هذين اليومين والاحتمال أن تحل في سياق الأسبوع القادم هو فقط اكبر بقليل من احتمال الوصول الى سلام عالمي حتى ذلك الحين”.
ما الذي حصل في الدوحة حقا؟ التحديات التي كانت ولا تزال امام الوسطاء كثيرة. فلم تنتهي بعد المحادثات عن البندين 8 و 14 الحرجين حول مدى المباحثات في المرحلة الثانية من الصفقة. كما يوجد إصرار من حماس على صياغة البند 14 بشكل مريح لها لكنه يخرج بشكل فظ عن قرار مجلس الامن الذي أقر المقترح الإسرائيلي، وملاحظات غير قليلة أخرى من حماس وسلسلة فجوات لم تسد بعد وعن قصد ابقيت للحظة الأخيرة في محاولة لمنع تفجير محتمل.
وفوق كل هذه المصاعب روكمت تلة أخرى من العوائق والشروط الجديدة التي أمر نتنياهو باضافتها للاتفاق الذي إسرائيل نفسها اقترحته في 27 أيار. وبين هذه الشروط: إصرار إسرائيلي على البقاء في محور فيلادلفيا، بخلاف الانسحاب التام من القطاع مثلما تعهدت إسرائيل قبل ذلك: مطلب ترتيبات امنية في معبر رفح لا تكون بمسؤولية حماس او السلطة الفلسطينية؛ آلية متفق عليها في محور نتساريم: قائمة مخطوفين محررين وغيرها.
تخفيف القوات او الانسحاب
في الدوحة قرر الامريكيون بدعم من الوسطاء الاخرين القيام بنوع من رحلة في الزمن الى 27 أيار والتمسك بالصيغة التي بعثت بها إسرائيل وكشفها بايدن وتبناها مجلس الامن، والتجاهل في هذه الاثناء لملاحظات ومطالب حماس ومن إضافات والتفافات نتنياهو. أتاح هذا النهج إقامة أربعة طواقم عمل تعنى بالمواضيع المشتعلة دون أن تكون ملتزمة بما حصل بعد تقديم المنحى في أيار. وبعد عمل الطواقم يجري لقاء آخر في القاهرة على أمل ابرام الاتفاق.
لكن عمليا لم تحل رغم تفاؤل بايدن، أي مسألة هامة هناك. والاهم من ذلك تجاهل الحوار عمليا إرادة الشخصين الهامين نتنياهو والسنوار. فالاول اكد أن إسرائيل لن تغادر محور فيلادلفيا والثاني قال انه ليس واردا ان تبقى إسرائيل هناك.
يعنى المنحى الأمريكي في “تخفيف” القوات، انسحاب في شمال القطاع وبقاء في الجنوب غير المأهول. وحتى لو تجاهلنا احتجاج الجيش الذي يعتقد انه لا يمكن البقاء في قسم من المحور فان السنوار لن يوافق على انسحاب جزئي ومشكوك أن يوافق نتنياهو على ذلك. نتنياهو اعطى تفويضا للطاقم ان يوافق على “التخفيف” لانه كان يعرف ان حماس لن توافق على ذلك مفضلا ان تقع المسؤولية على ذلك.
——————————————–
يديعوت 18/8/2024
هل التسوية ستقربنا من الهدوء في غزة ام ستلزمنا فقط بالاستعداد للجولة التالية؟
بقلم: شمعون شيفر
التاريخ مليء بالاخطاء التي تؤدي الى حرب مضرجة بالدماء لم يرغب فيها أحد، ويخيل أن هذا هو الواقع الذي نعيش فيه الان: خطأ واحد من حزب الله وخطأ آخر في رد إيراني وسنصل الى حرب لا يمكن تقدير مداه.
هذه هي الخلفية على صفقة المخطوفين، التي لم تولد في هذه الاثناء اتفاقا او وقفا للحرب. في محيط نتنياهو سيقولون لكم ان ما كان هو ما سيكون: السنوار لم يتزحزح عن مواقفه. كثيرون في الجمهور سيقولون، بقدر ما تبدو الأمور وحشية: دعكم من المخطوفين، السؤال هو هل التسوية ستقربنا من الهدوء مع غزة ام ان الثمن الرهيب الذي دفعناه في الحرب سيلزمنا فقط بان نستعد للجولة التالية مع غزة.
عميت بار أصيب بجراح خطيرة في انفجار عبوة في جباليا. ساقه قطعت وهو يجتاز تأهيلا رافقه فيه المصور غادي كابلو – تأهيلا عرض في نهاية الأسبوع بملحق 7 أيام في “يديعوت احرونوت”. عميت البطل يجسد لنا ما هو التصميم للحياة، في كل الظروف.
يطرح السؤال: لماذا يواظب الفلسطينيون على محاولتهم التي لا تنتهي للاساءة لنا؟ صحيح، نحن ندفع ثمنا دمويا لكننا لا ننكسر ونختار الحياة – وفي هذه الاثناء انظروا ما يحصل لكم. كان يمكن أن نعيش الواحد الى جانب الاخر. جربونا. بعد أن وقعت اتفاقات إبراهيم هزأ نتنياهو لغرور من كل أولئك الذين قالوا انه لن يكون ممكنا العيش هنا بدون تسوية مع الفلسطينيين. وبالفعل، يا نتنياهو – أخطأت، ضللت وجلبت علينا كارثة. المسألة الفلسطينية تقف في مركز تجربة كل تسوية في المنطق المنكوبة من الشرق الأوسط. دون إيجاد حل معقول لها – سيسقط البيت على رأسنا. أهلا وسهلا للحرب الإقليمية التي تقف على العتبة.
وزير الدفاع غالنت قال للنواب الذي جاءوا الى مكتبه ان كل الاحاديث عن “نصر مطلق” هراء لا أساس له من الصحة. ردا على ذلك، النواب الذين يتنافسون فيما بينهم من يتزلف اكثر لنتنياهو تهجموا عليه مزبدين وطالبوه بالتراجع. غالنت، الذي يتحدث بهمس ادعى بعد ذلك انه اخطأ – لكنه قال الحقيقة.
كلما مرت الأيام، يصبح وزير الدفاع القلعة الأخيرة التي تحمس سور سواء العقل في الحكومة. دليل واحد على ذلك هو طلب ديوان رئيس الوزراء من بيني غانتس إعادة 70 الف شيكل، كلفة الرحلة التي اجراها الى الولايات المتحدة لعقد لقاءات لم يقرها نتنياهو. هذا هو الثمن الذي يدفعه غانتس على الارتباط برئيس الوزراء.
أبو مازن قال في خطاب عنيف ومتطرف في البرلمان التركي انه سيعود الى غزة حتى لو كلفه الامر حياته. حسنا، اقوال فارغة. هو لن يعود الى غزة، بعد أن القت حماس في 2007 رجال فتح من نوافذ العمارات في المدينة وسيطرت على مؤسسات الحكم هناك. إذن من سيحل محل يحيى السنوار. يحيى السنوار بالطبع.
سلمان مصالحة هو شاعر درزي ينشر دواوين شعر من اجمل ما عرفت، مفعمة بحكم تصل الى القاريء. في قصيدة “بلاد حزينة” كتب يشكو من ألم البلاد ونحن نسأل حتى متى سنبقى ننهض في الصباح لنقرأ “سمح بالنشر”.
——————————————–
معاريف 18/8/2024
الإبقاء على المعادلة
بقلم: افي اشكنازي
وحدة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي هي وحدة هامة في الجيش. قسم صغير فقط من الجنود الذين يخدمون فيها هم مقاتلو حربة في وحدات الجيش الإسرائيلي. ومع أنها ليست وحدة مناورة، في حرب السيوف الحديدية نالت اعترافا في الحياة الإسرائيلية العامة وفي العالم بفضل اثنين من قادتها: الناطق العسكري العميد دانييل هجاري والناطق العسكري باللغة العربية العقيد أفيحاي أدرعي.
العميد هجاري، الذي دخل الى فراغ انعدام الاعلام السياسي، اصبح وجه دولة إسرائيل ووجه الجيش الإسرائيلي، فيما اقام جسر وصول ووسيطا يربط بين إجراءات الحرب والجمهور. مؤخرا، على خلفية التوتر مع ايران وحزب الله، كان مطالبا أيضا بان يكون “المهديء الوطني”.
الان، حين يلوح اتجاه لوقف نار في غزة وربما أيضا في الشمال، شخصيات أخرى في وحدة الناطق العسكري ستقرر إرثا عسكريا في اعقاب إجراءات القتال – العقيد افيحاي ادرعي، الذي على اسمه نشات في غزة في الأسابيع الأخيرة معادلة قتالية تسمى: “معادلة أدرعي”.
صباح امس استيقظ سكان المغازي، صلاح الدين، الفاروق والامل في خانيونس على صوت بيان العقيد أدرعي. فقد طلب من السكان ان يجمعوا امتعتهم بسرعة ويخلوا البيوت قبل أن تصل الطائرات القتالية لسلاح الجو لتسوي هذه الاحياء مع الأرض. وحسب بيان الاخلاء، وسع الجيش الإسرائيلي الهجمات الى تلك الاحياء في اعقاب اطلاق صواريخ متواصلة من حماس ومنظمات الإرهاب الأخرى في القطاع.
في قيادة المنطقة الجنوبية يفهمون بانه لا يهم أي تسوية سيكون في اليوم التالي للحرب في غزة. فاذا كانت دولة إسرائيل محبة للحياة، فانها ملزمة بان تخلق خطوات مركزية: الأولى هي ان تتمكن قوات الجيش الإسرائيلي ورجال الشباك من أن يعملوا في كل وقت وفي كل مكان في قطاع غزة، في اقتحامات سريعة بقوات صغيرة. الثانية: إسرائيل ملزمة كل الوقت بان تخلق ضغطا على السكان الغزيين كي يعملوا ضد نشاط حماس تجاه إسرائيل.
“معادلة أدرعي” هي على النحو التالي: حماس تطلق الصواريخ او الراجمات نحو إسرائيل او نحو قوات الجيش الإسرائيلي. المنطقة التي ينفذ فيها اطلاق النار تعد منطقة إرهاب، وبعد اخلاء السكان – حسب القانون الدولي – يعمل الجيش الإسرائيلي على تدمير البنى التحتية للارهاب والتي اتاحت اطلاق النار بما في ذلك المباني ومنصات الاطلاق.
في غزة بات الجميع يعرفون منذ الان العقيد أدرعي، على الأقل في المستوى الذي نعرف فيه نحن مواطني إسرائيل رئيسه العميد هجاري. مؤخرا تعلموا في غزة كيف يعرف أيضا “معادلة آدرعي”. بعد الاطلاقات الأخيرة وبلاغات الاخلاء التي نفذ بعدها سلاح الجو هجمات في مناطق اطلاق الصواريخ، بدا ضغط في أوساط السكان – ضغط بدأ يتجه نحو حماس.
السؤال الكبير هو هل ستبقى إسرائيل المعادلة حتى بعد اتفاق وقف النار، وحتى بعد ان يرابط الجيش الإسرائيلي بخطوط الدفاع الجديدة.
——————————————–
هآرتس 18/8/2024
الولايات المتحدة تعرض على الأطراف مقترح جسر وتضغط عليهم للوصول الى صفقة
بقلم: عاموس هرئيلِ
الامريكيون يتقدمون الآن بحسب الخطة التي قاموا برسمها مسبقا. فقمة الدوحة توجت بنجاح بدون صلة بنتائجها الفعلية، الادارة الامريكية تنشغل بفرض تفكير ايجابي على الشرق الاوسط وهي تطلق تنبؤات متفائلة على أمل تساوق الاطراف معها. الرئيس الامريكي يضم الجميع معا: صفقة للتبادل في غزة (عمليا وقف لاطلاق النار يهدف الى انهاء الحرب بين اسرائيل وحماس)، تندمج مع جهود تأجيل هجوم انتقام ايران وحزب الله ضد اسرائيل. وحسب قوله فانه يأمل أن يتم التوصل الى الصفقة في الاسبوع القادم.
الولايات المتحدة ستستمر في الضغط ايضا في الايام القريبة القادمة. الآن هذا هو عرض لبايدن. الجهود الامريكية تستهدف دفع رئيس الحكومة نتنياهو للتقدم في الخطة التي بلورها الرئيس. التقارير القادمة حول وجود فجوات في المواقف الاساسية لاسرائيل ودول الوساطة، في قضية التواجد العسكري والوسائل التكنولوجية في ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، هي بالاساس ستار من الدخان.
ايضا ابقاء طواقم تقنية لمواصلة المفاوضات في الدوحة وامكانية عقد قمة اخرى قبل نهاية الاسبوع في القاهرة، حتى الآن لا تدل على انعطافة.
السؤال الرئيس كان وما زال سياسيا: هل نتنياهو يمكنه السماح لنفسه بالذهاب الى صفقة فيها تنازلات كثيرة والمخاطرة بانسحاب احزاب اليمين المتطرف من الائتلاف. عمليا، القرار لم يتم اتخاذه بعد. ويجدر الانتباه الى الشكوك التي يظهرها المتحدثون الرسميون لحماس منذ انتهاء القمة مساء أول أمس. ففي حماس يكررون طلباتهم الرئيسية: وقف شامل للحرب (مع منع اسرائيل فعليا من العودة واستئناف القتال اذا انهارت الصفقة بعد انتهاء المرحلة الاولى التي سيتم فيها تحرير عدد من المخطوفين لـ “اسباب انسانية”)، وانسحاب الجيش بشكل كامل من القطاع (هنا يتوقع حدوث مشكلة كبيرة اخرى حول البقاء في المحيط الامني قرب جدار الحدود.
الرئيس الامريكي يقود الجهود الامريكية ويلقي بكل ثقله من اجل انجاح الصفقة. ربما هذا الامر سيقنع نتنياهو في نهاية المطاف. في هذه الاثناء الولايات المتحدة تبذل جهود كبيرة في الدفاع عن اسرائيل ضد احتمالية أي هجوم بالصواريخ أو المسيرات ضدها من ايران وحزب الله. رئيس الحكومة القطرية ابلغ أول أمس وزير خارجية ايران حول المستجدات في المفاوضات بهدف تأجيل هجوم ايران. مصدر في الادارة الامريكية قال إن واشنطن حذرت النظام في ايران من أن الهجوم سيشوش على المفاوضات وستكون له “تداعيات تشبه الكارثة الطبيعية”. ولكن يمكن الافتراض بأن الولايات المتحدة تهتم ايضا بأن تبث لنتنياهو بأنها لن تسمح له بجرها الى حرب اقليمية، سيتم فيها قصف المنشآت النووية في ايران. في هذه الاثناء يبدو أن الامريكيين يرغبون في منع اسرائيل في وقف، وعند الحاجة، استيعاب الهجوم ضدها وعدم المهاجمة أولا.
هناك ايضا الاستطلاعات. استطلاع “اخبار 12” الذي نشر أول أمس اظهر أن 63 في المئة من الجمهور يؤيدون الصفقة الآن، مقابل 12 في المئة يعارضونها. هذه فجوة كبيرة ونادرة في الاستطلاعات. فهل هذا ما سيغير موقف نتنياهو؟ تفكيره معقد أكثر ويتعلق بوضع الائتلاف وفرصته في الانتخابات، اذا تم تبكير اجراءها بعد ازمة داخلية في ظل الصفقة. المخرج بالنسبة لرئيس الحكومة يمكن أن يكون انجاز عملياتي مثل تصفية الاخوين يحيى ومحمد السنوار، الاخيرين في الذراع العسكري لحماس اللذين بقيا على قيد الحياة بعد اكثر من عشرة اشهر على الحرب. ولكن حتى هذا الانجاز لن يحدث اختراقة بالضرورة للتوصل الى الصفقة. في اليمين المتطرف سيقولون: هذا دليل على أنه يجب الاستمرار في الضغط العسكري. في النهاية، يقولون، حماس ستستسلم.
الجليل يشتعل
ايران لم تتنازل بعد كليا عن الانتقام في اعقاب اغتيال اسماعيل هنية في طهران. في غضون ذلك هي تتابع تقدم المفاوضات حول الصفقة وتبحث عن طريقة لمحاسبة اسرائيل، دون التورط أكثر من اللزوم مع الامريكيين. حزب الله مصمم اكثر منها على الانتقام. في حالته اغتيال رئيس الاركان في الحزب فؤاد شكر، لكنه حتى الآن يبدو أن يبحث عن هدف للرد المحدد. الاعتبارات تصبح معقدة اكثر، حتى بالنظر الى أن المحور الشيعي يخشى من الاشتعال الاقليمي، وايضا لاسباب واقعية اكثر مثل عيد الشيعة الذي سيصادف في نهاية الشهر.
في حزب الله، مثلما في حماس، يتشككون بخصوص احتمالية التوصل الى الصفقة في غزة. في غضون ذلك الاحداث على الارض بالتحديد تدفع التنظيم للعمل. في ليلة الجمعة – السبت قصف سلاح الجو قرية قرب النبطية في جنوب لبنان. عشرة اشخاص قتلوا، بينهم اطفال لعائلات سورية، وثلاثة اشخاص اصيبوا. في لبنان قالوا إنه تم قصف مصنع طوب. واسرائيل تقول بأن هذا مخزن للسلاح. عدد القتلى أدى الى رد شديد على شكل اطلاق عشرات الصواريخ نحو الجليل الاعلى ومنطقة صفد صباح أمس. جنديان اسرائيليان اصيبا، احدهما اصابة بالغة والآخر اصابة طفيفة.
ايضا في انتظار حدث اكبر يمكن أن يحدث لا يوجد أي شيء ثابت في الوضع على الحدود الشمالية. اسرائيل تواصل يوميا مهاجمة اهداف لحزب الله في جنوب لبنان. وهي تضرب قادة كبار نسبيا في الحزب، بالاساس عندما يصاب مدنيون فان حزب الله يرد باطلاق واسع على البلدات على طول الحدود وفي العمق ايضا. وسائل الاعلام تركز على الخوف من هجوم على هدف عسكري في مركز البلاد، لكن فعليا الظروف في الجليل غير محتملة، ولا تسمح باجراء حتى لو صورة ظاهرية من روتين الحياة.
في مساء يوم الخميس نشرت “اخبار 12” مقابلة اجريت مع قائد لواء شومرون، العقيد شمعون سيسو، بمناسبة تسرحه. قائد اللواء، مثل عشرات القادة في الضفة الغربية الذين سبقون، سئل عن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين. وقد حرص على القول بأن الامر يتعلق بأقلية متطرفة، ووصف اليهود في الضفة الغربية كمجموعة من المواطنين المدهشين (في المقابلة التي تم نشرها في اليوم التالي في صحيفة “اسرائيل اليوم”، كان سيسو اكثر صدقا بقليل وتحدث عن ازدياد اعمال العنف. فقد قال: “بدلا من رشق الحجارة هناك دعوات لاطلاق النار واحراق البيوت، الامر اصبح اكثر خطرا”.
في الوقت الذي نشرت فيه المقابلة المسجلة لقائد اللواء نزل عشرات من هؤلاء المواطنين المدهشين الى منطقة عمل اللواء، من المزرعة الاستيطانية جلعاد، الى قرية جيت القريبة. وحسب الجيش فقد قاموا باطلاق النار وقتل شاب فلسطيني واصيب آخرين واحرقوا بعض البيوت. حسب الفلسطينيين فان الجنود الذين كانوا في المكان لم يتجرأوا على ازعاجهم (الجيش الاسرائيلي ينفي ذلك). وحسب الشرطة يتم التحقيق في الامر، لكن حتى الآن لم يتم اعتقال أي مشبوه، باستثناء شخص للاستباه في تورطه مع ضابط في الشرطة، وبعد ذلك تم اطلاق سراحه.
خلافا لافعال مشابهة في السنتين الاخيرتين، فان عنف المستوطنين منفلت العقال والاشتباه بالقتل، ووجهت هذه المرة بادانة شديدة نسبيا (ايتمار بن غفير لم يتنازل كالعادة عن اظهار الحكمة، وقام باتهام الجيش بأنه لا يتشدد مع راشقي الحجارة الفلسطينيين). سبب ذلك بسيط وهو أنهم في المستوطنات يعرفون أن الادارة الامريكية تتحدث عن فرض عقوبات اخرى على منظمات ونشطاء متطرفين وتفحص باضافة الى القائمة شخصيات عامة. عمليا، يجب عدم التأثر أكثر من اللزوم من الادانة. ما كان هو ما سيكون، وربما حتى سيزداد شدة. هنا تعمل منظومة متشعبة بدون كوابح، التي فيها نشاطات شبيبة التلال العنيفة تواجه بالدعم، أو بنشاطات مكملة من قبل ممثلي المستوى السياسي لهم في الحكومة وفي الكابنت. يوجد خيط واحد يربط بين المذبحة في جيت وبين اقتحام قواعد الجيش الاسرائيلي والحملة المقرفة ضد المدعية العامة ومحاولة المتظاهرين اقتحام ممر نيتساريم. يوجد شك كبير في أن يتم تطبيق القانون على المتورطين في اعمال العنف في جيت، وبالتأكيد على من يحرضون عليها. شرطة لواء شاي (يهودا والسامرة) هي مجرد قشرة دقيقة منذ زمن، والوضع فقط يزداد شدة في ظل وجود بن غفير. ايضا نشاطات الشباك والجيش الاسرائيلي ضد الارهاب اليهودي لن تعطي أي أحد شهادة تميز في القريب.
——————————————–
هآرتس 18/8/2024
اذا أفشل نتنياهو الصفقة العالم سيسمع بذلك
بقلم: الون بنكاس
التدخل الامريكي الكثيف في المفاوضات حول صفقة التبادل ووقف اطلاق النار في غزة لا يحدث لوجه الله، وهو غير نابع من حب جو بايدن لاسرائيل وقلقه الصادق على أمنها، وخوفه من التوجه الخطير، حسب رأيه، الذي يجر اسرائيل اليه. هذه اعتبارات حقيقية ولكنها ثانوية. الاعتبار الاكثر اهمية هو الخوف من أن رئيس الحكومة في دولة حليفة يمكن أن يضر مباشرة بالمصالح الامريكية الحيوية. سلوك نتنياهو، رفض مناقشة اليوم التالي في غزة وفي كل المنطقة والانطباع الذي تولد بأنه يتطلع الى اطالة الحرب بدون أي هدف أو أي حاجة وتضليل الادارة الامريكية، كل ذلك جعل واشنطن تفقد الصبر والتسامح. الآن الولايات المتحدة، المصابة والتي تم خداعها، ليس فقط مشاركة، بل هي تهدد ايضا. اذا لم يتم التوصل الى الاتفاق والادارة كانت مقتنعة بأن نتنياهو هو المسؤول، فان الرئيس الامريكي يفكر في القاء خطاب علني يشير فيه الى نتنياهو على اعتبار أنه مذنب. ولتعزيز حجته يمكنه اقتباس اقوال يوآف غالنت ودادي برنياع واعضاء آخرين في طاقم التفاوض، الذين تعرف الادارة الامريكية مواقفهم جيدا.
سياسة امريكا هي نتيجة اندماج عدة مصالح، بدرجات حيوية والحاحية متغيرة، على رأسها الحاجة الى منع التصعيد الاقليمي. فمنذ تشرين الثاني وحتى كانون الاول 2023، لا سيما في الاشهر الاخيرة، الولايات المتحدة خلافا لاسرائيل تعتبر غزة ولبنان منظومة للاواني المستطرقة. فانهاء الحرب في غزة هو مفتاح منع التصعيد بين اسرائيل وحزب الله، ومنع التصعيد بين اسرائيل وحزب الله هو مفتاح منع التصعيد بين ايران واسرائيل. من هنا فان وقف اطلاق النار سيمنع وضع تنجر فيه الولايات المتحدة الى منطقة الشرق الاوسط – مواجهة لا توجد لديها أي رغبة في الغرق فيها، أو رأس مال سياسي لانفاقه عليها أو أي فائدة يمكن أن تحصل عليها منها.
مصلحة امريكا الفورية هي التوصل الى انهاء الحرب. نقطة. الطريقة هي صفقة تشمل وقف اطلاق النار لمدة شهر ونصف، التي عرضها بايدن في نهاية شهر أيار. الخطة هي، كما قال، اسرائيلية. ولكن منذ ذلك الحين اسرائيل تراجعت عنها، وفقط الولايات المتحدة استمرت في التمسك بها. الحرب اصبحت عبء يجبي الثمن السياسي من الرئيس ومن بلاده. من هنا فان مصلحة الادارة الامريكية السياسية هي التحرر من الازمة التي تسبب فيها دعمه لاسرائيل، والتأكد من أن القضية سيتم طمسها وازاحتها بحيث لا تصبح عبئا عليه – والآن على نائبته، كمالا هاريس، المرشحة للرئاسة في الانتخابات بعد 80 يوم بالضبط.
مصلحة الولايات المتحدة الاستراتيجية كانت وما زالت بناء هيكل عظمي لتحالف اقليمي يشمل اسرائيل ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية والسعودية وقطر ودولة الامارات، كمحور مقابل “محور الفوضى والارهاب” الذي مركزه في ايران، والذي يشارك في عضويته حزب الله وحماس والحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق، والمدعوم من روسيا. لبناء هذا المحور مطلوب وقف اطلاق النار والالتزام بالعملية السياسية. بالنسبة للامريكيين هذه رزمة معيارية: يجب عليكم البدء من نقطة معينة، وغزة هي الحل.
التدخل الامريكي لا يقتصر على مشاركة رئيس الـ سي.آي.ايه النشطة في المفاوضات أو زيارة وزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكن. المساعدات الامريكية لاسرائيل منذ 7 تشرين الاول تمت مناقشتها بشكل موسع وبعمق، والمعطيات معروفة. هكذا تمت المصادقة على مساعدة طواريء بمبلغ 14.3 مليار دولار، اضافة الى الـ 800 مليون دولار التي حولتها وزارة الخارجية، من خلال تجاوز الكونغرس تحت عنوان “قرار طواريء يتعلق بالأمن القومي الامريكي”، من اجل تمويل الذخيرة التي تحتاجها اسرائيل بشكل فوري. في تشرين الاول زار البلاد لفترات طويلة جنرالات امريكيون قدموا النصائح والاستشارة لنظرائهم الاسرائيليين، ومنذ ذلك الحين تجري زيارات مستمرة لوزير الدفاع لويد اوستن وقائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الامريكي، الجنرال مايكل كوريلا.
لكن يوجد بُعد آخر، دراماتيكي وغير مسبوق في تدخل امريكا فيما يحدث في المنطقة في الاشهر العشرة للحرب: ثلاث مرات ارسلت الولايات المتحدة قوات الى المنطقة، وفي مرة منها حتى شاركت بشكل ناجع في الدفاع عن اسرائيل. في تشرين الاول، بعد اربعة ايام على هجوم وحماس وبعد يوم على الخطاب الذي القاه بايدن وحذر فيه ايران وحزب الله من التصعيد، ارسلت الولايات المتحدة حاملات طائرات وقوة اقتحام كبيرة من المارينز الى البحر المتوسط والخليج الفارسي؛ في شهر نيسان، بعد أن قامت اسرائيل باغتيال رجال حرس الثورة قرب السفارة الايرانية في دمشق، كثفت الولايات المتحدة القوات في الخليج الفارسي وفي خليج عدن وقامت باعتراض معظم الـ 330 صاروخ ومسيرة التي اطلقتها ايران والحوثيين نحو اسرائيل؛ في شهر تموز، بعد اغتيال رئيس اركان حزب الله، فؤاد شكر، في بيروت، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، في طهران، ارسلت الولايات المتحدة مرة اخرى قوة مهمات تشمل حاملة طائرات وطائرات اف 22 المتملصة، ومرة اخرى حذرت ايران من التصعيد. هذا الامر لم يحدث في أي يوم، رغم أن اسرائيل والولايات المتحدة تعتبران حليفتان منذ ثمانينيات القرن الماضي.
هذا البُعد يسلط الضوء على التناقض في العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل، التي تميل الى الغطرسة والجشع وجنون العظمة. كلما قامت اسرائيل بتشبيه نفسها بالقوة العظمى كلما زاد اعتمادها على الولايات المتحدة، سياسيا وعسكريا واستراتيجيا. التدخل الزائد للولايات المتحدة في الاشهر الاخيرة في ادارة الحرب في رفح، وبشكل خاص في المفاوضات حول صفقة تحرير المخطوف ووقف اطلاق النار، هو جزء من ذلك. نتنياهو يمكنه التبجح حتى النهاية بالقدرة على الصمود امام بايدن، ويمكنه حتى الوصول الى المريخ مع الكذب حول أنه رئيس الحكومة الوحيد الذي صمد بشموخ أمام رئيس امريكي، وربما ايضا تضليل جمهور مؤيديه والمعجبين به، لكنه يعرف بشكل جيد ما هو عمق ونطاق الاعتماد على الولايات المتحدة. في مجلس الامن وامام العالم وتزويد اسرائيل بالسلاح الدقيق وصفقات طائرات اف 35 واف 15. هذا ايضا اذا لم يرغب في وقف اطلاق النار. وحسب الادارة الامريكية فانه غير مهتم على الاطلاق بأي عملية يمكن أن تؤدي الى انهاء الحرب بالفعل. واذا لم تتحقق الصفقة واذا لم يقتنع بايدن بأن نتنياهو هو المسؤول فان العالم سيسمع بذلك.
——————————————–
إسرائيل اليوم 18/8/2024
الملعب العالمي: هكذا تؤثر القوى على حروب الشرق الأوسط
بقلم: دافيد بارون
تتنافس الولايات المتحدة والصين على النفوذ في منطقة الهند – الهاديء؛ روسيا تتحدى النفوذ الأمريكي (والقوى العظمى الاستعمارية الأوروبية سابقا) في افريقيا التي في الصين أيضا موطيء قدم كبيرة جدا؛ بيجين من جهتها تقضم من نفوذ موسكو في وسط آسيا؛ في الولايات المتحدة توجد في مواجهة مع روسيا من خلال دعمها لكييف.
هذه مجرد بعض من الساحات التي توجد فيها القوى العظمى الرئيس للقرن الواحد والعشرين في نزاع. لكن يخيل أن الشرق الأوسط، هو، مرة أخرى الساحة المركزية التي تلتقي فيها – وتتضارب – مصالح هائلة تمنح اطارا واسعا – عالميا حقا، للمواجهات الحالية في المنطقة.
بمعنى ما، ليس في لقاء مصالح القوى العظمى هنا بالذات أي شيء جديد. في الشرق الأوسط يلتقي الشرق القديم والعالم الهلنستي، حيث قامت امبراطوريات عظمى في العالم الكلاسيكي، وهنا – في قفزة عظمى الى الامام – كانت البوابة لتجارة الغرب مع الهند. واذا لم تكن هذه بكافية – فان المنطقة هي أيضا منتجة النفط المتقدمة (31.5 في المئة في العام 2023)، سبب وجيه آخر للصراعات. بالمقابل، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تتمتع الولايات المتحدة بهيمنة واضحة تقريبا في كل الشرق الأوسط – ربما كخلاصة بسيطرتها العالمية. في 2024، الوضع معقد أكثر، حين نجد أن الصين وروسيا تتحديان الولايات المتحدة.
روسيا
موسكو عادت كعامل عسكري الى الشرق الأوسط في 2015، مع التدخل في الحرب الاهلية في سوريا الى جانب نظام الأسد. وهكذا نالت ميناء في البحر المتوسط (طرطوس) ومطارا (حميميم) اصبحا بالنسبة لبوتين بوابة الى المنطقة. كما أن التدخل أتاح لموسكو الحصول على قدرة وصول الى حقول النفط السورية ليصبح لاعبا إقليميا ينبغي مراعاته – سواء في المدى البعيد (مثلا بتسوية مستقبلية بين القوى المختلفة في سوريا)، أم في المدى الفوري – مثلا أن تكون على الخط حين تكون دول معينة معنية بالهجوم على ذخائر إيرانية في سوريا.
منذ تورطت في الاجتياح لاوكرانيا، اضطرت موسكو بان توثق اكثر فأكثر العلاقات مع طهران. وفرت الجمهورية الإسلامية لروسيا الاف المُسيرات التي استخدمت للهجوم على أوكرانيا. وهي مشاركة في إقامة انتاجها في روسيا: موسكو، من جهتها، قدمت لإيران معلومات استخبارية، قدرات سايبر وطائرات تدريب، وحسنت دفاعها الجوي. كما ان روسيا توفر لطهران مظلة دبلوماسية في مجلس الامن، فيما أن ايران أصبحت محورا ضروريا في تجاوز العقوبات الغربية على موسكو. روسيا، التي علاقاتها مع إسرائيل تكدرت منذ 7 أكتوبر، خططت أيضا لان تنقل صواريخ الى الحوثيين.
رغم أن الاثنتين لا تزالان تتنافسان في مجالات معينة (مثلا على تصدير النفط)، ورغم أن التردد الروسي في تزويد آيان الله بكل وسيلة قتالية (كي لا تفقد التفوق التكنولوجي ولا تغضب الشركاء في الخليج)، أصبحت طهران شريكا لا بديل له. ليس صدفة ان سارع سكرتير مجلس الامن الروسي شويغو الى طهران في ذروة الانتظار للهجوم إيراني ضد إسرائيل: فالرسالة العلنية كانت الامتناع عن المس بالمدنيين، لكن حسب احد التقديرات من خلف الكواليس حذر شويغو أيضا من تداعيات رد إسرائيلي يحدث ردا تسلسليا خطيرا من نظام الصديق.
بين هذا وذاك تواصل روسيا تقاليد الدعم للمنظمات الفلسطينية، ومنذ 7 أكتوبر استضافت عدة مرات وفود حماس. ومع ذلك الدعم هو أيضا من خلال مناكفة الولايات المتحدة التي تعرض كذات معايير مزدوجة (“تدعم أوكرانيا، لكن ليس الفلسطينيين”) ولهذه الرواية يوجد الكثير من المشترين في الجنوب العالمي.
الصين
اذا كانت روسيا تركب جزئيا على التراث الجغرافي – السياسي السوفياتي فان بيجين هي لاعبة عالمية جديدة نسبيا، ودوافعها الأساس للتدخل في الشرق الأوسط هي التجارة والطاقة. في السنوات الأربعة الأخيرة وجهت الصين مقدرات هائلة الى المنطقة: لغرض التجسيد بالملموس في 2021 و 2022، كانت معظم الاستثمارات في اطار المشروع الاقتصادي – السياسي “الحزام والطريق” وصلت الى الشرق الأوسط (والى شمال افريقيا)؛ صحيح حتى اليوم، الصين هي الشريك التجاري الأكبر لمصر، العراق ودول مجلس التعاون في الخليج؛ ونصف استيراد النفط من جانبها يأتي من الخليج. كما يوجد تعاون ذو مغزى كبير جدا مع ايران: بيجين وطهران وقعتا على اتفاق استراتيجي في اطاره تستثمر الصين في ايران 400 مليار في غضون 25 سنة. الى جانب التعاون مع طهران، تطور الصين أيضا علاقات قريبة مع الرياض، مدنية وعسكرية على حد سواء (مثلا في نقل صواريخ باليستية وإقامة مشروع مُسيرات في المنطقة).
التعاون مع الرياض وطهران على حد سواء وقف أيضا من خلف الاتفاق لتطبيع العلاقات الذي وقعته المملكة السُنية مع النظام الشيعي برعاية الصين.
تتخذ بيجين نهج منع الاحتكاكات وخلق محيط آمن لتحقيق مصالحها، تأتي – بخلاف الولايات المتحدة – دون طرح شروط قيمية مثل الحفاظ على حقوق الانسان او حقوق الأقليات. غير أن لهذا النهج يوجد مع ذلك ثمن قيمي: بيجين لا تقاتل الحوثيين بل توصلت الى تسوية معهم: وبعد مذبحة حماس لم تشجبهم، سارت على الخط مع الدول العربية للمطالبة بمؤتمر سلام، شجبت الدخول الى رفح، بل ودافعت عن حق الفلسطينيين في المحكمة في لاهاي.
الولايات المتحدة
كلما حاول رؤساء الولايات المتحدة تقليص التواجد في الشرق الأوسط لاجل التركيز على ساحات أخرى وعدم استهلاك المقدرات، كانت المنطقة تلاحقهم. فقد اضطر أوباما لان يقاتل داعش الذي قام في اعقاب حرب العراق الثانية، وأقر ترامب هجمات في سوريا وتصفية سليماني. وقال بايدن Don’t لمحور المقاومة بعد 7 أكتوبر، ودفع على هذا بذخائر عسكرية كي يدافع عن إسرائيل.
حسب التقديرات، نحو 46 الف جندي ورجل حراسة أمريكيين يرابطون في 11 دولة في المنطقة. في قطر توجد القيادة الوسطى الامريكية، في الكويت القوة الأكبر. ويكاد يكون غني عن الإشارة ان للولايات المتحدة يوجد تعاون امني واسع مع اسرائيل.
التواجد الأمريكي هنا ينبع من الالتزام بامن الحلفاء. لكن هام أيضا للحفاظ على الهيمنة العالمية، بالتأكيد في عالم ليس احادي القطب مثلما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. المنطق التي يوجه واشنطن هنا بسيط: ازدهار الولايات المتحدة يرتبط ارتباطا وثيقا بامن المسارات التجارية، وهذا الامن ليس ممكنا بدون قوة واحدة تحرص عليه. وذلك لان البديل، عندما يكون لاعبون اقليميون يخضعون لانفسهم، هو حرب الكل ضد الكل – والدليل، كل الاحداث التي جلبت الولايات المتحدة للعودة الى الشرق الأوسط عندما حاولت تقليص تواجدها.
ان الحفاظ على الامن في المنطقة، تقليص الاحتكاكات فيها والرغبة في اخلاء المقدرات الى ساحات أخرى – كل هذه توجد في خلفية التطلع الأمريكي للوصول الى تسويات توجد مثل دمية متريوشكا الروسية الواحد في داخل الأخرى. الولايات المتحدة ملزمة بوقف نار وفي النهاية تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين لاجل التقدم الى اتفاق بين إسرائيل والسعودية، والذي بدوره ضروري لاقامة ائتلاف امني تحت رعايته يضم أيضا امارات الخليج، يهديء “محور المقاومة” الإيراني – الشيعي وذلك في نهاية المطاف يسمح للولايات المتحدة بالخروج ولو جزئيا من المنطقة. من ناحية الولايات المتحدة هذا الهدف يستهدف أيضا دحر الصين من تعميق تعاونها في شبه الجزيرة العربية.
——————————————–
هآرتس 18/8/2024
“لا نعالج المرضى العرب”.. حتى المستشفيات بدأت تدين لليمين المتطرف
بقلم: أسرة التحرير
بين فتك ما وآخر، يطلق الورم القومجي الفائق الخبث فروعه في جسم الدولة وفي كل صوب، ويعدي المزيد من الأعضاء السليمة. وتبدو بوادره حتى في جهاز الصحة.
في الأسبوع الماضي، كشفت “هآرتس” النقاب عن أن مستشفى سوروكا في بئر السبع بلغ الشرطة عن وصول مريضات بلا مكانة. فقانون حقوق المريض وقواعد الأخلاقيات المهنية الطبية تستوجب من المستشفيات العامة معالجة كل شخص يحتاج لعلاج طبي عاجل. كل شخص، دون فرق ديني أو عرقي أو جنسي. فمهمة المستشفى معالجة المرضى. غير أن في إسرائيل التي يحكمها اليمين المتطرف مستشفيات تثبت أن هذه غايتها، وتعتقد أن مهمتها هي الاهتمام بإنفاذ القانون. فلماذا الاكتفاء بأن تكون طبيباً في الوقت الذي قد تكون شرطي هجرة أيضاً، أو مجرد واشٍ عند الحاجة؟
حنان (اسم غير حقيقي)، من سكان رهط، كانت في الأسبوع الـ 36 من حملها حين بدأت تشعر ببوادر المخاض. سافرت مع زوجها إلى “سوروكا” ونقلت إلى قسم طوارئ النساء. وبينما كانت تنتظر كتاب التسريح مع زوجها الإسرائيلي (لها منه ثلاثة أطفال إسرائيليين)، وصل شرطي إلى هناك وطلب منها مرافقته. قال الشرطي لزوجها إنه يقتادها إلى محطة الشرطة، لكنها نقلت إلى حاجز “ميتار” جنوب جبل الخليل، وأبقيت هناك وحدها. بكلمات أخرى، امرأة في حمل متقدم وصلت إلى مستشفى في إسرائيل، وبعد بضع ساعات طردت إلى الضفة الغربية بعد أن بلغ المستشفى الشرطة بوصولها إليه. جريمتها أن مكانتها القانونية غير مرتبة. وحتى حقيقة أن زوجها وأطفاله إسرائيليون لم تحمها أمام “سوروكا” بصفته شرطة هجرة.
لا يدور الحديث عن حالة فردية؛ ففي السنة الأخيرة بلغ “سوروكا” الشرطة ثلاث مرات على الأقل بوصول مريضات عديمات المكانة، وأحياناً حتى قبل أن يعالج المرأة. يقوض “سوروكا” دوره كمكان يقدم المساعدة للمرضى، دون أن يعمل كمساعد للشرطة. الناس سيفكرون مرتين قبل أن يصلوا إلى “سوروكا” لتلقي المساعدة الطبية حتى لو كانت الحالة عاجلة. وبالفعل، ثمة عاملة اجتماعية من أحد المجالس المحلية في النقب، توجهت إليها في السنة الأخيرة ما لا يقل عن ثلاث نساء بلا مكانة اضطررن لعلاج عاجل وتخوفن من التوجه إلى “سوروكا”.
إن محاولة المستشفى تعليق سلوكه بتعليمات الشرطة لإبلاغها “عن كل حالة لا تعرف فيها هوية المريض” لم تجد إسناداً لها من الشرطة التي أفادت بأنه لا توجد تعليمات كهذه. كما أن وزارة الصحة أوضحت بأنها لا تعرف بتعليمات كهذه.
على وزير الصحة، اوريئيل بوسو، أن يذكّر “سوروكا” ومديره د. شلومي كودش، بدور مستشفى عام في إسرائيل.
——————————————–
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأحد، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال يضع العراقيل أمام التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، ويضع شروطاً ومطالب جديدة، بهدف إفشال جهود الوسطاء وإطالة أمد الحرب على قطاع غزة.
“”” لقد تعاملت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بكل مسؤولية مع جهود الإخوة الوسطاء في قطر ومصر ومع كل المقترحات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان على شعبنا وإبرام صفقة تبادل للأسرى، حرصا على حقن دماء شعبنا، ووضع حد لحرب الإبادة والتطهير العرقي والمجازر الوحشية التي ترتكبها حكومة وجيش الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.
كما أبدت الحركة موافقتها على مقترح الوسطاء في 6-5-2024، ورحبت بإعلان الرئيس بايدن، وبما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي، وتجاوبت مع المقترح الذي عرضه الوسطاء، ووافقت عليه بتاريخ 2-7-2024.
وإثر صدور البيان الثلاثي، طالبت الحركة الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه، حتى لا تبقى المفاوضات تدور في حلقة مفرغة بسبب مماطلة نتنياهو ووضعه المزيد من الشروط والعقبات أمام التوصل لاتفاق، بما يخدم استراتيجيته لكسب الوقت وإطالة أمد العدوان.
وبعد أن استمعنا للوسطاء عمّا جرى في جولة المباحثات الأخيرة في الدوحة، تأكد لنا مرة أخرى بأن نتنياهو لا يزال يضع العراقيل أمام التوصل لاتفاق، ويضع شروطاً ومطالب جديدة، بهدف إفشال جهود الوسطاء وإطالة أمد الحرب.
إن المقترح الجديد يستجيب لشروط نتنياهو ويتماهى معها، وخاصة رفضه لوقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الشامل من قطاع غزة، وإصراره على مواصلة احتلال مفترق نتساريم ومعبر رفح وممر فيلادلفيا، كما وضع شروطا جديدة في ملف تبادل الأسرى، وتراجع عن بنود أخرى، مما يحول دون إنجاز صفقة التبادل.
إننا نحمل نتنياهو كامل المسؤولية عن إفشال جهود الوسطاء، وتعطيل التوصل لاتفاق، والمسؤولية الكاملة عن حياة أسراه الذين يتعرضون لنفس الخطر الذي يتعرض له شعبنا، جراء مواصلة عدوانه واستهدافه الممنهج لكل مظاهر الحياة في قطاع غزة.
إننا في حركة حماس نؤكد التزامنا بما وافقنا عليه في 2 يوليو والمبني على إعلان بايدن وقرار مجلس الأمن، وندعو الوسطاء لتحمل مسؤولياتهم وإلزام الاحتلال بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
حركة المقاومة الإسلامية – حماس”””
——————انتهت النشرة——————