الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هدنة في غزة من أجل التجهّز لحرب مع «حزب الله»

بقلم: عاموس يادلين وأودي أفينتال

فجر الأحد نفّذت إسرائيل ضربة استباقية في مقابل الهجوم المخطط له من طرف “حزب الله”. كانت هذه الضربة عبارة عن هجوم واسع على الجنوب اللبناني، استند إلى معلومات استخباراتية دقيقة، عملت في إطارها نحو 100 طائرة تابعة لسلاح الجو على قصف آلاف منصات إطلاق الصواريخ والقذائف والمسيّرات التابعة لـ”حزب الله”، وكانت موجهة إلى شمال البلد، جزء صغير منها كان موجهاً، بحسب الجيش، نحو الوسط. وبعد أن أعلن الحزب أنه أطلق مئات القذائف نحو الشمال وخط عكا، وأنه هاجم قواعد وبطاريات القبة الحديدية، وأصاب “أهدافاً مخططاً لها”، انتهى الجزء الأول من الهجمات لليوم في إطار الانتقام لاغتيال رئيس هيئة أركان الحزب، فؤاد شُكر، في بيروت، قبل نحو 3 أسابيع.

إن الحزب الذي ادّعى أنه أطلق مسيّرات إلى عُمق “الكيان الصهيوني”، يمكن أن يصمم مرة أُخرى على تنفيذ الرد الذي تم إحباطه في اتجاه مركز البلد (معادلة بيروت – تل أبيب). وهناك أيضاً السؤال الإضافي عمّا إذا كانت إيران ستنضم إلى خطوة “حزب الله”، وتطلق صواريخ ومسيّرات في اتجاه إسرائيل، انتقاماً لاغتيال إسماعيل هنية في طهران.

الاعتراض الواسع لإطلاق النار من لبنان، والذي نفّذته إسرائيل صباح أول من أمس، كان يهدف إلى إزالة تهديد فوري للدولة، وعلى الرغم من حجمه الواسع فإنه لا يُعتبر خروجاً إلى حرب، إنما ضربة استباقية محددة ومحدودة جداً من حيث مساحتها وقوتها. وعلى الرغم من ذلك فإن مجرد تنفيذ الخطوة أوضح أن إسرائيل لن تتحمل استمرار إطلاق النار من لبنان وقتاً طويلاً، وأنها لن ترتدع جرّاء حرب تُفرض عليها. ومن جانب آخر، بادر “حزب الله” إلى هجوم غير مسبوق من حيث الحجم، ومن المحتمل أن يكون الحزب وإيران أخذا بالحسبان أن يؤدي الهجوم إلى ردّ إسرائيلي حاد يصل إلى حد الحرب.

إسرائيل لا يمكنها تجاهُل إطلاق النار الواسع على الشمال، وبصورة خاصة إذا قصف “حزب الله” الوسط. ومن جانب آخر، إن إنجازات الهجوم الاستباقي والاعتراض على الهجمات من دون إصابات في صفوف المدنيين يمكن أن يمنح إسرائيل هامش مناورة معيّنا لبناء ردّ دقيق ومحدود في محاولة لإغلاق دائرة جولة تبادُل إطلاق النار الماثلة أمامنا. احتمالات منع الانجرار تتعلق، إلى حد كبير، أيضاً بخطوات الولايات المتحدة واستعدادها لتهديد إيران بدخول قيادة (سنتكوم) إلى المواجهة بصورة فعالة.

وصلت إسرائيل إلى بُعد خطوة واحدة عن حرب في الشمال، ومع إيران، نتيجة إدارة إشكالية للمعركة على مدار الأشهر الماضية، وضيق أفق استراتيجي كبير لدى الحكومة. وكان يمكن أن يحدث هذا في توقيت سيئ بالنسبة إلى إسرائيل، بعد 10 أشهر من القتال بقوة كبيرة في غزة والاشتباك العسكري الكثيف في الحدود الشمالية.

“أيام قتال” في الشمال

لا إسرائيل ولا “حزب الله” معنيان بالانجرار إلى مواجهة شاملة. وينظر كلٌّ منهما إلى الهاوية وينسحب إلى الوراء، بالتدريج، وهما ينجحان في احتواء التصعيد الحالي والعودة إلى واقع ما قبل “المذبحة” في مجدل شمس.  وعلى الرغم من ذلك، فإن تبادُل إطلاق النار، مؤخراً، يشير إلى أن القدرة على الاستمرار في استراتيجيا تترك الشمال كجبهة ثانية – محدودة جداً، وأنه من دون الفصل بين القتال في غزة واستمرار الاشتباك في الحدود مع لبنان (في الأساس عبر صفقة تبادُل أسرى)، لا مفرّ من الانجرار إلى حرب واسعة، عاجلاً أم آجلاً.

في هذا السيناريو، يصبح تبادُل إطلاق النار أكثر حدةً، ويخرج عن السيطرة، بالتدريج. وهذا في أعقاب ردّ إسرائيلي واسع وكثيف يشمل بيروت، ويتم الرد عليه بتوسيع إطلاق النار من لبنان. التصعيد في مقابل لبنان يمكن أن يسحب إيران إلى المعركة، في الطريق إلى حرب إقليمية شاملة.

تعيش إسرائيل مواجهة تصعيدية في 7 جبهات قتال: غزة، لبنان، إيران، الضفة الغربية، اليمن، سورية، العراق. لا مصلحة لنا في توسيع حدود وقوة هذه المواجهة والدخول في حرب شاملة مع “حزب الله” في وقت غير مريح، وهو ما يمكن أن يفرض تحديات على تفوُّقنا في القوة وطول نفَسنا. من الأفضل لنا الدخول في حرب كهذه، ليس نتيجة تصعيد غير مخطط له، إنما بمبادرتنا في الوقت الذي نريده، حين يكون لدينا جاهزية. وهذا على الرغم من أننا لن نرتدع في الوقت الحالي في حال فُرضت علينا الحرب. إن التنسيق الوطيد مع واشنطن وضمان دعمها هما أمران في غاية الأهمية، وخصوصاً في هذا الوقت.

هدنة استراتيجية

إسرائيل والولايات المتحدة تنجحان في احتواء المواجهة. تقبل إسرائيل اقتراح الولايات المتحدة والوسطاء، وممثلوها يصلون إلى القمة المخطط لها في القاهرة، مع صلاحيات واسعة وجوهرية، ويخوضون مفاوضات جدية، بهدف التوصل إلى صفقة توقف الحرب في غزة، ولو مؤقتاً، وتبدأ بإعادة الرهائن إلى بيوتهم. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمر متعلق بـ”حماس” التي تفضل، حتى الآن، الامتناع من عقد صفقة من أجل دفع إسرائيل والمحور إلى حرب.

إن صفقة كهذه، من المتوقع أن تقلص المواجهة وتساعد على إغلاق بقية الجبهات، وخلق فرصة في التوصل إلى ترتيب سياسي مع لبنان، يسمح بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم ومنح الجيش الوقت اللازم للنهوض من جديد، وتنظيم نفسه، والتحقيق، وتعبئة الصفوف، وملء المخازن، تحضيراً لتحديات مقبلة.

الطريق إلى الأمام

تدخل إسرائيل في تصعيد مع لبنان بتنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، وميزان الشرعية إيجابي، لأنها هي التي تم الهجوم عليها من طرف “حزب الله” منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر.

التنسيق مع الولايات المتحدة والثقة بها ضروريان للاستمرار بهدف حسم المعركة، في حال انجرفنا إليها، ولكي نتأكد من أن إيران لن تنضم إلى المعركة وتدفع إسرائيل إلى استعمال يدها الطولى في جبهة أُخرى. الدعم الذي تمنحنا إياه الولايات المتحدة، بطول النفس، ومركّبات القوة الناقصة في المعركة حتى الآن، وجهود الدفاع والردع والدعم الدبلوماسي، أمور ضرورية لحصر المعركة أيضاً.

في هذه الظروف، لا مصلحة لإسرائيل في الانجرار إلى مواجهة شاملة مع لبنان وإيران، وسيناريو الهدنة في غزة يخدم مصالحها الاستراتيجية وضميرها الأخلاقي. يجب على رئيس الحكومة قبول مطالب المستويات الأمنية والمهنية لإزالة العصي من دواليب المفاوضات مع “حماس”، وللتوصل إلى صفقة تبادُل. ويجب التذكير بأن كل ما نمنحه لـ”حماس” في الصفقة يمكن العودة عنه.

بعد توقُّف القتال في غزة، يجب التجهّز لحرب مع “حزب الله”، في حال فشل البديل الدبلوماسي في إعادة سكان الشمال إلى منازلهم. وإن كانت الجاهزية والظروف في أفضل أحوالهما، يمكن أن تكون بمبادرة إسرائيلية. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تسنح لإسرائيل الفرصة لإعادة التركيز الدولي على سياسات “الإرهاب” الإيرانية في المنطقة ووقف خطة إيران النووية؛ وتجهيز الائتلاف الدولي ضدها، الذي تبينت أهميته مرة أُخرى.

بنظرة شاملة، يجب على إسرائيل العودة إلى رؤيتها الأمنية – حروب قصيرة على أرض العدو والتركيز على بناء الدولة والاقتصاد والمشروع الصهيوني برمته. والمطلوب استراتيجية من أجل إخراج الأعداء من الصورة وإزالة التهديدات التي يفرضونها علينا، بالتدريج، وليس مرة واحدة. وفي الوقت نفسه، ومع مأسسة إيران نفسها كدولة على العتبة النووية، يجب أن تتضمن أهداف إسرائيل منع إيران من الوصول إلى السلاح النووي.

في المحصلة، نحن على أعتاب اشتعال إقليمي يمكن أن يمتد إلى حرب استنزاف متعددة الجبهات، في مقابل تهديدات لم نواجهها منذ سنة 1948، تشمل خطر الانجرار إلى حرب شاملة. هذا هو حلم السنوار – مواجهة في غزة تُشعل كل جبهات القتال بكثافة عالية – واستراتيجية إيران – حلقة نار حول إسرائيل حتى انهيارها من الداخل. وبسبب النقطة التي دفعتنا إليها الحكومة، من الممكن ألّا يكون أمامنا خيار آخر سوى الدخول في حرب صعبة، لكن يجب أن نطمح إلى مساعدة الولايات المتحدة لمنعها الآن. من المحظور أن نخدم أهداف “حماس” وإيران، إنما العمل على أساس استراتيجي ملائم لرؤيتنا الأمنية التقليدية: حروب قصيرة، وانتصار في كل معركة، ودعم قوة عظمى، وائتلاف إقليمي ودولي كوزن مضاد للمحور المتطرف.

——————————————–

معاريف 

إسرائيل عقب 7 أكتوبر: ليس بعد “صفقة اللا مفر” إلا التهديد الوجودي

بقلم: زلمان شوفال

مثلما توجد حروب لا مفر، فثمة صفقات لا مفر، حتى لو سميت بأسماء أخرى تتحلى بصيغ دبلوماسية ذكية وتكون على نقيض تام لها. وهذا هو المنتج الذي يبحث عنه في الدوحة، ويتواصل في القاهرة وهو عالق الآن. أكد وزير الخارجية بلينكن أن إسرائيل قبلت المنحى الأصلي للصفقة بكامله، لكن حماس تتمترس في مواقفها الرافضة وتطالب بانسحاب إسرائيلي كامل ووقف نار تام منذ المرحلة الأولى للصفقة المقترحة، وتصر على بنود يمس تغييرها بجوهر المفاوضات على المرحلة الثانية. وهو ما حدث في القاهرة أيضاً. لمطالب حماس هدف واحد: شق الطريق لعودتها إلى الحكم في القطاع في نهاية الحرب، وربما إشعال حرب إقليمية أيضاً.

لكل واحد من المشاركين في المفاوضات مصالح، يتضارب بعضها مع مصالح الطرف الآخر. لقد تصرفت إسرائيل بمرونة كي تدفع بالصفقة قدماً، وأساساً لتحرير المخطوفين رغم أنه كان واضحاً لها بأن اتفاقاً جيداً غير موجود على جدول الأعمال، وهي تعمل إما لأسباب داخلية أو لمنع الخلافات مع الولايات المتحدة؛ فحماس المحطمة، التي تتحدث بصوتين، تركت الباب شبه مفتوح لتنقذ ما يمكن إنقاذه؛ وقطر معنية بتعظيم دورها المركزي في نظر الجهات الأخرى في الشرق الأوسط ورفع قيمتها كشريك لأمريكا؛ بينما إدارة بايدن- هاريس بحاجة للصفقة لإرضاء المصوتين المسلمين واليهود، المهمة شبه المستحيلة، والرئيس بايدن نفسه يريدها حتى يضمن إرثه التاريخي. لا نعرف ماذا وعدت واشنطن من خلال قطر لحماس، لكن إذا كانت أمور ما فينبغي الافتراض بأنها تتعلق بوضع غزة بعد الحرب. من ناحية إسرائيل، ليس في الصفقة كما هي مقترحة جواب كامل وسريع في موضوع المخطوفين والأسرى الذين سيتحرر عدد صغير فقط منهم في المرحلة الأولى، ولا يوجد أي إنجاز مقنع حول هدفها لضمان ألا تكون حماس قد وصلت إلى نهاية طريقها كجهة سياسية وعسكرية في القطاع، إضافة إلى مسائل أخلاقية ومفعمة بالمخاطر، مثل تحرير إرهابيين. الساذج وحده يؤمن بأنهم لن يعودوا للانشغال بالقتل والإرهاب بعد تحررهم.

تنطلق في إسرائيل أصوات في موضوع الصفقة لا تعكس بالضرورة الحقائق، وتنبع أكثر من مواقف سياسية أو من دوافع مفهومة، لكنها دوماً غير منطقية لعائلات المخطوفين. من جهة، هناك من يعرضون الصفقة دون الإشارة إلى تفاصيلها كهدف واحد ووحيد للمعركة في غزة، ومن الجهة الأخرى يشككون فيها استناداً إلى تجربة الماضي. “محافل أمنية” يهدئون ويقولون: “لن يحصل شيء” إذا خرجنا من محوري فيلادلفيا ونتساريم لفترة 60 يوماً، دون أن يوضحوا كيف أن هذه الـ 60 يوماً لن تبدي ميلاً أصيلاً للمرونة بضغط دولي. كما أسلفنا، بالنسبة لاتفاقات أوسلو والانسحاب من جنوب لبنان، وعدنا بأنه إذا خرق الطرف الآخر شروطها “فستعرف إسرائيل ما تفعله”، وعد بقي على الجليد.

كل المواضيع آنفة الذكر ستبقى أمام الكابنيت الذي قرر إعطاء فرصة أخرى للصفقة في ظل الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية الحيوية. مع ذلك، سيتعين عليه أيضاً أن يرى الصورة العامة وجوانبها الاقتصادية، الداخلية وأساساً الدولية، والنظر بأن تسوية منطقة في مثل هذا الموضوع أو ذاك ستكون أفضل من خيارات أخرى.

لقد خلق 7 أكتوبر واقعاً إقليمياً ودولياً لآثاره المحتملة اتصال مباشر بأمن وربما بمستقبل إسرائيل. وبالتالي، فإن لكل قرار نتخذه أو نرفضه سيكون له تأثير على أحداث وتطورات بعيدة أو قريبة خارج سيطرتنا، لكنها ستؤثر علينا إيجاباً أو سلباً. تهديدات إيران وحزب الله بالقيام بعملية “ثأر” ما زالت قائمة، على الرغم من قوة الذراع الإسرائيلية التي تلقاها حزب الله حالياً وبسبب مشاكل إيران الداخلية، ورغم الخوف من تدخل عسكري أمريكي.

حلفاء طهران أيضاً، الصين وروسيا غير متحمستين على ما يبدو للاشتعال، وتجتهدان للجمه حالياً، لكن كل هذا قد يتغير في لحظة، بسبب اعتبارات حزب الله الذي يرى المظاهرات في إسرائيل فيغريه ذلك بشن هجوم، أو لأسباب ترتبط باعتبارات إيرانية مختلفة وحتى بسبب الانتخابات في الولايات المتحدة.

إيران نفسها قد تستغل جمود المفاوضات لتنفذ “ثأرها”. صحيح أنها ظهرت أشبه بجبار متعثر وحذر رئيسها الجديد بزشكيان من حرب “ستشل” الدولة، وأن التهديد الأمريكي حقيقي، وأن نهاية إسماعيل هنية في المضافة الرسمية في طهران بعثت أسئلة قاسية حول نجاعة ومصداقية جهاز الأمن الداخلي الذي يتعلق به بقاء الحكم، ولكن الأمور في الشرق الأوسط قد تتغير بسرعة، ويعود النظام إلى الهدف الذي لم يهجره – إبادة إسرائيل، خصوصاً أن إيران على مسافة خطوة من تحقيق سلاح نووي، وهو اعتبار آخر يجب أن يكون أمام ناظر القيادة الإسرائيلية، إذ من المتوقع أن تقترب ساعة تصفية النظام الحالي في إيران، لكن هذا سيكون شبه متعذر بدون الولايات المتحدة.

——————————————–

إسرائيل اليوم 

خبراء: بن غفير أخطر العوائق الثلاثة التي تحول دون النصر الإسرائيلي

بقلم: أمنون لورد

بضعة عوائق ذات وزن متغير تعيق حرية عمل إسرائيل في لبنان، العائق الأول هو وضعنا الدولي المهزوز؛ ويبرز في هذا السياق انتظار “لاهاي” بشأن إصدار أوامر اعتقال رئيس الوزراء ووزير الدفاع. والثاني هو الولايات المتحدة؛ فالتهديد الدولي من “لاهاي” مصدره ريح إسناد من واشنطن. وهذا يزيد تعلق حكومة إسرائيل بالإدارة الأمريكية. وهذا لا يعني أن إسرائيل ستستجيب للإملاء الأمريكي في عدم الخروج لحرب واسعة في لبنان، لكن قد نفهم بوجود تفاهم خفي بين رئيس الوزراء والرئيس بايدن، بأن إسرائيل لن توسع الحرب في لبنان حتى موعد الانتخابات في بداية تشرين الثاني.

حسب تحليل جون سبنسر، المؤيد الأكبر لإسرائيل وخبير “وست بوينت” للقتال المديني، فإن إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها في غزة، لكن ثمة مواضيع معينة قد تمنع عنها النصر. هذا المؤيد للذات يقضي بأن تصفية حماس وحدها بكل بناها التحتية العسكرية والسياسية وإقامة زعامة بديلة في غزة سترمم مكانة إسرائيل الدولية.

العائق الأخطر الذي قد يقوض إنجازات الحرب كلها حتى الآن دفعة واحدة يتلخص في ثلاث كلمات: إيتمار بن غفير. فهذه ليست الطبخة التي يعدها لنا في الحرم، وربما من خلال الابتزاز بشأن مكانته في الكابنيت الأمني. الخطر الأكبر، وليس لأنه يريد لمثل هذا أن يحصل، هو حدث “قانا” من إنتاج بيتي. في 1996 وقع حدث بلغ فيه عن موت مدنيين كثيرين في قانا بلبنان جراء نار مدفعيتنا، وهو حدث أوقف حملة “عناقيد الغضب”. مذبحة جماعية في قرية عربية من قبل مشاغبين، من أولئك الذين بدأوا مؤخراً يدخلون إلى قرى عربية في الضفة، قد يقوض الجبل السياسي والعسكري والقانوني دفعة واحدة على رأس إسرائيل.

وعليه، فإن بقاء الحكومة في ظل إقالة بن غفير هو جزء من الجهد لنجاح الحرب. الهجوم الجوي في بداية الأسبوع، كفيل بأن يعزز اعتبارات حزب الله لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن. هذا لأن تدمير القدرات الصاروخية وكذا الإشارة لقدرات إسرائيل، يجب أن تدفع زعماء الإرهاب اللبناني للتفكير بإمكانيات بقائهم. مؤخراً، يطيب اقتباس الفريق حاييم بار- ليف، الراحل: أحد أقواله المأثورة عشية هجوم اجتياز القناة في أكتوبر 1973 كان “اليهود عادوا لأنفسهم… وكذا العرب”. هذا تقريباً ما حصل أول أمس. والمعنى، أن القادة يعرفون على نحو أفضل الآن بأن أمامهم خيارات مفتوحة إلى هنا، وربما إلى هناك.

——————————————–

معاريف 

“حقيقية ومسألة وقت”.. متى ستحول إسرائيل لبنان إلى “غزة أخرى” بعمليتها العسكرية؟

بقلم: دافيد بن بست

على الولايات المتحدة أن تفهم بأن رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار، الذي يعرف بأن زمنه محدود، غير معني بصفقة لا تتضمن انسحاباً من محور فيلادلفيا، وخروجاً من معبر رفح، وتعهداً إسرائيلياً أمريكياً بعدم تصفيته

السنوار ابن موت. وحشيته ومسؤوليته المباشرة عن مذبحة 7 أكتوبر قررتا حكمه. تخدمه الرواية الفلسطينية الكاذبة في هذه اللحظة. الفلسطينيون، الذين جعلوا البكائية وادعاء الضحية فناً يستخدمون قناة “الجزيرة” ليطلعوا العالم على خرائب غزة ومئات المخربين الميتين.

السنوار الذي يأمل بتوسيع الحرب إلى ساحات أخرى، يقضي في النفق ويحاول إعادة النظر في المسار، وبات يعرف أن زمنه محدود. لا يبدي الآن بوادر مرونة، لكن لا مفر. فهو ينتظر رؤية ما إذا كانت الحرب ستتوسع إلى الشمال. وإذا لم يحصل هذا، فسيلين. بات السنوار محبطاً أمام رد إسرائيل القاسي بتصفية رفاقه المخربين وما يبدو في نظره كانعدام الرد الإيراني.

إن تصفية إسماعيل هنية في طهران تجنن النظام الإيراني الذي يريد الثأر. لكن في الوقت نفسه، يفهم الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي بأن أي رد قاس من جانب بلاده سيعطي إسرائيل شرعية لتدمير منشآت استراتيجية، منشآت غاز ونفط، ويشكل فرصة ذهبية لضرب منشآت النووي الإيرانية.

لإيران الكثير مما تخسره، وزعماؤها يفهمون هذا جيداً. الرسائل المهددة التي تنقلها الولايات المتحدة من خلال إرسالها حاملات طائرات وغواصات إلى المنطقة هدفها هجوم تردع فيه الزعيم الإيراني.

الولايات المتحدة غير معنية بتوسيع الحرب إلى ساحات أخرى. في تشرين الثاني، ستجرى انتخابات رئاسية، لكن الحرب مع إيران ستسبب أذى للاقتصاد العالمي ولأسعار النفط التي سترتفع، ولفرص كماالا هاريس في الفوز

الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، يعض على شفتيه في ضوء فشل محاولته للهجوم على إسرائيل في بداية الأسبوع. أكاذيبه المكشوفة عن الضربة المزعومة لمنشآت عسكرية في إسرائيل تشهد على إحباطه وخوفه، وتتيح له “إنهاء الحدث”، في هذه المرحلة على الأقل. وئام وهاب، وهو سياسي لبناني ومقرب من حزب الله، اعترف في مقابلة صحافية بأنه إذا ما اتسعت الحرب، فربما يتحول لبنان إلى غزة. ولكل الأطراف ذات الصلة، ولا سيما الولايات المتحدة وإيران، مصلحة واضحة في عدم توسيع الساحات.

لن تمر إسرائيل مرور الكرام على إصابة وقتل مواطنين وجنود، وهدم مئات البيوت، وحرق مئات الدونمات في هضبة الجولان والجليل وهجمات مستمرة عليها. والآن، حين فشل هجوم حزب الله، فعلى إسرائيل ألا تنتظر الجولة التالية التي ستخوضها منظمة الإرهاب الشيعية مع أو بدون إيران. هذا واجبها في مهاجمة حزب الله وإزالة تهديده. نحو 70 ألف مواطن من الدولة أخلوا الشمال ينتظرون العودة إلى بيوتهم الآن. وعلى إسرائيل أن تطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701. ومع ذلك، وأمام احتمال طفيف في الوصول إلى اتفاق سياسي يرضي إسرائيل، تبقى احتمالات لعملية عسكرية إسرائيلية داخل لبنان حقيقية.

——————————————–

 هآرتس 

“مصدر سياسي” يهاجم هاغاري والزوجة توبخ “المخطوفات” والابن والأتباع يخوّنون غالانت.. والهدف: اتهام الجيش

بقلم: أسرة التحرير

تخفى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرة أخرى وراء “مصدر سياسي” – وهو اللقب الذي تبناه كي يناكف وزراءه والجيش بشكل حر وجبان. وقد حدث هذا مرة أخرى ليهاجم الناطق العسكري دانيال هاغاري.

في بيان لوسائل الإعلام، أعلن الأخير “ما زلنا ملتزمين بهدف واحد للحرب: إعادة المخطوفين والمخطوفات، وسنواصل العمل بكل الجهود لتحقيقه”. فأين خطيئة الناطق العسكري؟ في قلقه على المخطوفين الذين تركتهم الحكومة لمصيرهم؟ غير أن نتنياهو لا يفوت الفرصة لتقويض ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي وعرضه كمن لا يتبع المستوى السياسي ويرفع قدماً بأجندة مختلفة عن أجندة حكومة اليمين “على المليء”. بصفته “المصدر السياسي”، وبخ هاغاري وذكر بأن الهدف هو تقويض حماس، وضمناً ادعى بأن الجيش يدفع قدماً بالهدف “اليساري” لإنقاذ المخطوفين ويقوض الهدف الذي يتمسك به نتنياهو فقط: هزيمة العدو.

توبيخ هاغاري يبدو حلقة أخرى في سلسلة طويلة من مناكفات جهاز الأمن، وقادته، وكذا وزير الدفاع غالنت. إذا أردنا أن ندقق على أهداف الحرب فينبغي أن يضاف فوقها كلها هدف نتنياهو: التملص من الذنب والمسؤولية عن مذبحة 7 أكتوبر وإسقاطهما بكاملهما على المنظومة العسكرية.

نتنياهو يفعل كل شيء كي يتملص من المحاكمة الجماهيرية. ولهذا تكبدت سارة نتنياهو عناء تعديل المخطوفات اللواتي تجرأن على توجيه إصبع اتهام نحو زوجها، باتهامها الجيش. عندما أجابوها بأنه “هو المسؤول عن الجيش”، قالت سارة: “عندما لا يروون له شيئاً، فكيف سيعرف؟”. فمن هو بالإجمال، فقط رئيس الوزراء في الـ 15 سنة الأخيرة (باستثناء سنة واحدة). ابنه يائير أيضاً، وهو من البراغي الرئيسة في آلة السم، يحرص على مناكفة وزير الدفاع وقادة جهاز الأمن فيما يروج لمؤامرة الخيانة من الداخل. عائلة نتنياهو وكل منظومة الدعاية البيبية يعملون دون كلل حتى يلقوا بالذنب الحصري عن الإخفاق على الجيش، بل وربما حتى أكثر من هذا.

لا جدال في أن 7 أكتوبر هو إخفاق عسكري واستخباري. غير أن نتنياهو وشركاءه يسعون للتنكر لمسؤوليتهم كمن قادوا الدولة. نتنياهو مستعد، في زمن الحرب، لأن يضعف الجيش، ويشكك بثقة الجمهور فيه، ويعرضه كضعيف وخائف من الحسم، وكـ “يساري” بل وكشريك للسنوار وحماس.

لكن فضلاً عن كل هذا، حان الوقت لنقول إن إعادة المخطوفين ليست فعل ضعف. فدولة تحرص قبل كل شيء على مواطنيها ستكون قوية وواثقة بقدرتها على الدفاع عنهم دون أن ينطوي الأمر على مخاطرة وجودية. حكومة تنشغل بتسعير حياة مواطنيها في ظل التخوف من غلاء سعرها في الاختطاف التالي، إنما تبث لهم بأن هذا هو المستقبل الذي ينتظرهم في ظلها: العيش من اختطاف إلى اختطاف.

——————————————–

هآرتس

كنيس في “الأقصى”: من خلف الكواليس.. نتنياهو وبن غفير في لعبة “تدوير التصعيد”

بقلم: عاموس هرئيل

بعد يومين على اشتداد المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، سُجل منحى تهدئة نسبي على طول الحدود مع لبنان، على الأقل حتى مساء أمس. قلص الطرفان الهجمات وحصرا الخطوات في قطاع ضيق نسبياً على جانبي الجدار.

مع ذلك، العودة المريحة إلى روتين تبادل إطلاق النار في الشمال تعكس تطبيعاً لروتين غير محتمل. سكان الجليل وهضبة الجولان على حق. فبخطواتها في الأيام الأخيرة حيث يستعد حزب الله لإطلاق المسيرات نحو قواعد الاستخبارات في منطقة “غليلوت” شمال تل أبيب، ألمحت إسرائيل بأن استمرار إطلاق النار على الشمال في الواقع أمر مقبول.

في ظل غياب تسوية سياسية في الشمال وعدم وجود عملية عسكرية، لا يوجد الآن مسار يبث للسكان بأن الدولة تحاول إعادتهم إلى بيوتهم قريباً. الأول من أيلول سيمر في الأسبوع القادم بدون تحسين لوضعهم أو أي موعد هدف مستقبلي للعودة. ليس مفاجئاً أن يعلن رؤساء المجالس المحلية على الحدود مع لبنان بأنهم سيقاطعون زيارات الوزراء هناك (ليس لأن الوزراء يقفون في الطابور للزيارة)، وأمس وجهوا انتقادات غاضبة لوزير التعليم وقائد الجبهة الداخلية.

طبيعة عملية “حزب الله” وعدم الرد من قبل إيران حتى الآن، تشير إلى أن بيروت وطهران تفضلان تجنب الحرب الإقليمية في هذه المرحلة، خصوصاً عندما تزيد الولايات المتحدة وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط.

إحباط الجيش الإسرائيلي لهجوم حزب الله يعكس أفضلية استخبارية وعملياتية واضحة، كانت تنقص إسرائيل تماماً في 7 أكتوبر. تطمح إسرائيل أن يكون نجاح الإحباط الذي حدث أول أمس دليلاً على ترسيخ الردع الإقليمي والتفوق الاستراتيجي. ولكن يبدو أنه تقدير غير دقيق. فخطاب رئيس حزب الله، حسن نصر الله، تضمن أول أمس الأكاذيب والمراوغة، مع درجة من الغطرسة. بعد عشرة أشهر ونصف على الحرب، لا يبدو محور إيران في حالة ذعر من إسرائيل. ربما يفضل أن يختار بنفسه موعد التصادم الأوسع معها، ولا تأكيد على أن أحد الطرفين، بالذات إسرائيل وليس إيران، هو الذي يستغل الوقت لتطوير القوة العسكرية بشكل أكثر نجاعة.

خفوت التوتر في الشمال مكن من استئناف المحادثات حول صفقة التبادل. جاءت البعثة الإسرائيلية إلى القاهرة بعد بضع ساعات على هجوم سلاح الجو الشديد في لبنان.

يبدو أن ضبط النفس لدى إسرائيل وحزب الله في تبادل اللكمات قد يوضح لقيادة حماس في القطاع بأنه لا أمل من اندلاع حرب إقليمية قريباً. عملياً، رفضت حماس اقتراحات الجسر الجديدة التي جاء بها الوسطاء على خلفية معارضة نتنياهو للانسحاب من محور فيلادلفيا على الحدود المصرية ومن ممر نتساريم وسط القطاع.

يعتقد نتنياهو أن الضغط العسكري المتزايد، بالأساس تعزيز ملاحقة السنوار نفسه، سيؤدي إلى تحسين قدرة إسرائيل على المساومة في المفاوضات في نهاية المطاف. محادثته مع المخطوفات اللواتي تم إطلاق سراحهن الجمعة الماضي، برهنت على أنه لا يمهد الأرضية الجماهيرية لأي تنازلات، بل العكس. في هذه الأثناء، يزداد القلق لدى جهاز الأمن على مصير المخطوفين في القطاع.

الهدف الأسمى

ظهر موقف نتنياهو من المفاوضات أيضاً في هجومه غير المسبوق أول أمس على المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانيال هاغاري. نتنياهو مرة أخرى بقناع “مصدر سياسي” نشر بياناً للصحافة ضد المتحدث بعد تأكيده في المؤتمر الصحافي أول أمس بأن إعادة المخطوفين هدف سام للحرب. ونشر مكتب رئيس الوزراء قائمة طويلة للأهداف (من بينها “إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم بأمان” الأمر الذي لم تعمل الحكومة مطلقاً على القول بأنها هدف علني للحرب). وقالوا إن أقوال هاغاري “مخالفة لتعليمات المستوى السياسي”.

عني هاغاري منذ بداية الحرب بعقد المؤتمرات الصحافية بشكل متواتر، والرد على أسئلة المراسلين، والتحدث بمبادرة منه مع الجمهور، حتى عندما تتناول الأسئلة أنباء سيئة، مثل المخطوفين الثلاثة الذين نجحوا في الهرب من أسر حماس وقتلوا على يد قوات الجيش الإسرائيلي.

عملياً، عمل هاغاري أكثر من مرة كدرع بشري لنتنياهو ورجاله. رغم أن مقر الإعلام الوطني – المدني لا يعمل في الحرب على الإطلاق. هذا في الوقت الذي يفضل فيه رئيس الحكومة التحدث إلى الجمهور بالأساس بعد إنجازات عسكرية. في الفترة الأخيرة، لا يكلف نتنياهو نفسه حتى عناء نشر بيانات قصيرة للمشاركة في الحزن عقب موت جنود في الحرب.

مهاجمة هاغاري علناً في الوقت الذي تتعاون فيه وسائل الإعلام مع عرض “المستوى السياسي” (رغم أن الحديث عملياً يدور عن نشر بيان خطي للمكتب)، هي مهاجمة تستهدف خدمة عدد من الأهداف؛ فقد ضربت الجيش الإسرائيلي في اليوم الذي وفر فيه البضاعة من خلال الهجوم على لبنان؛ وعرضته أيضاً كانهزامي باتهام الضباط على إخفاق 7 أكتوبر؛ وبثت مواقف متشددة للقاعدة السياسية في المفاوضات.

لا يضبط نفسه

خطوة نتنياهو تبدو تقريباً مسالمة مقارنة مع هياج وزير الأمن الوطني بن غفير. أول أمس، نشرت قائمته، “قوة يهودية”، إعلاناً كبيراً في الصحف ضد رئيس “الشاباك” رونين بار. هذا بعد أن أرسل بار رسالة تحذر من استفزازات بن غفير الخطيرة بخصوص الحرم، وأنها قد تؤدي إلى اشتعال آخر في القدس والضفة الغربية. حزب “قوة يهودية”، الذي مول نشر البيان من أموال دافعي الضرائب، اتهم بار بأنه يجر إسرائيل إلى كارثة أخرى لأنه يدفع قدماً بـ “صفقة خاطئة لا أساس لها”.

عندما طرحت هذه الأمور في جلسة الحكومة، رد نتنياهو بتقديم موعظة صغيرة لوزراء الحكومة، وطلب منهم إظهار ضبط النفس. ولكن بن غفير لم يظهر أي ضبط للنفس؛ ففي الـ 48 ساعة الأخيرة، استكمل تعيين المفتش العام الجديد للشرطة، ليكون خاضعاً لكل أخطائه، وأعلن عن ترقية ضابط عنيف في الشرطة وتجاهل قرار المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا. وكي لا يغيب عن العناوين، هدد بإقامة كنيس في الحرم.

نتنياهو تحفظ كعادته، لكن من الواضح أنهما يلعبان لعبة مركبة، تشمل تنسيقاً غير قليل من وراء الكواليس. في جهوده لإبقاء نظر وسائل الإعلام متجهة نحوه، يضر بن غفير بأمن الجمهور ويحاول إشعال الشرق الأوسط. ما تم كبحه على الحدود مع لبنان قد يشتعل في القدس.

——————————————–

يديعوت احرونوت 

نتنياهو يتجاهل الخطر من قبل بن غفير

بقلم: يوفال كارني

وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير هو خطر على أمن الدولة. لا يقول هذا أعداؤه السياسيون، لا اليساريون المحبطون ولا حتى المستشارة القانونية للحكومة. يقول هذا وزراء في حكومة إسرائيل يجلسون معه حول طاولة الحكومة.

أفعال، تصريحات ومنشورات بن غفير تعرض دولة إسرائيل للخطر ولا سيما على المستوى الدولي. كل نقطة ائتمان تحققها إسرائيل بالدم، العرق والدموع – بن غفير يشطبها بجرة استفزاز. أول من أمس في مقابلة صحفية قال الوزير إن سياسة الحكومة هي الصلاة في الحرم (وهي لا) بل وواصل الادعاء بأنه من ناحيته كان سيقيم كنيسا في الحرم. بن غفير هو وزير في فقاعة. يركز على اجندته الشخصية دون أن يفهم السياق. بلا قطرة مسؤولية. وليس هناك من يوقفه. الاعجابات، العناقات والربتات على الاكتاف التي هي مطمع النشر تتغلب على كل اعتبار آخر.

دولة إسرائيل تقود معركة متعددة الساحات وتقاتل في سبيل وجودها. اما بن غفير فيخوض معركة متعددة الساحات داخليا: ضد وزير الأمن، ضد رئيس شاس، ضد رئيس الشاباك، رئيس الأركان، المستشارة القانونية ومن لا. احد الوزراء الشجعان في الحكومة، رجل شاس موشيه أربيل، دعا نتنياهو أمس لان يضع لبن غفير خطوطا حمراء واتهم بأن أفعاله ستؤدي إلى سفك دماء. “على رئيس الحكومة نتنياهو أن يعمل فورا على أن يضع في مكانه بن غفير في أقواله أمس أيضا في موضوع الحرم”، قال أربيل. ان “أقوال بن غفير عديمة المسؤولية تضع في الاختبار التحالفات الاستراتيجية لإسرائيل مع دول إسلامية تشكل ائتلافا في الصراع ضد المحور الإيراني . عدم فهمه من شأنه أن يكلف دماء”.

لكن بن غفير لا ينظر إلى الوراء أبدا، أو يراجع أفعاله، يصلحها أو يعتذر عنها. فهو يطلق النار تلقائيا. “متزلف اليسار موشيه أربيل الذي يثرثر إلى جانب بن كسبيت واليسار المتطرف، يضرب عينه من يوم دخوله الى الكنيست لمنصب قاضي عليا”، هكذا هاجمه مقربو بن غفير. “هو متزلف لا يكل ولا يمل، لليسار، للعرب، لجهاز القضاء وفي حالة الحرم لحماس وللاوقاف أيضا. مجرد اتهامه الدائم ضد اليهود يخلق خطرا امنيا. لقد صوت مقترعو شاس لليمين وحصلوا على موشيه ميرتس أربيل”. كما عقب بن غفير على النقد الحاد الذي وجهه وزير الدفاع يوآف غالنت في ان سلوكه يضعف دولة إسرائيل، وقال: “غالنت ينبطح أمام حماس ويجر دولة إسرائيل إلى صفقة سائبة”. منبطح. ليس أقل.

لكن القصة لم تعد بن غفير، أربيل، غالنت أو بهرب ميارا. القصة هي نتنياهو. من ناحية سياسية لا يوجد رب بيت لهذه الحكومة. نتنياهو يخشى ويخاف من كل شريك ائتلافي. حماية الحكومة هي الهدف الاسمى. رئيس الوزراء وان كان نشر بيان رد لفظي للبروتوكول (“لا يوجد أي تغيير في الوضع الراهن في الحرم”) لكنه عمليا يطبع تغيير الوضع الراهن الذي يثبته بن غفير بحكم الامر الواقع في الحرم. دولة إسرائيل لا يمكنها أن تعيش في هذه الفترة الحرجة في أرض اليباب. نتنياهو ملزم بأن يبدي مسؤولية وشجاعة، وان يقطع تعاونه مع بن غفير ويقيله من الحكومة. أحد وزراء الليكود قال لنتنياهو في حديث شخصي: “إذا أقلت بن غفير فإنه في الحد الأقصى سيلقى به إلى المعارضة، لكنه لن يفكك حكومة اليمين. لن تكون له الشجاعة، كل شيء سيكون على رأسه”. نتنياهو يمكنه أن يبدي زعامة، يقيل بن غفير ويثبت لكل منتقديه: ها هو، ليس كل شيء سياسيا، دولة إسرائيل قبل كل شيء.

——————————————–

 إعلام عبري يكشف الحصيلة الثقيلة لخسائر الاحتلال في غزة

ركز الإعلام الإسرائيلي على حصيلة الخسائر التي يتكبدها الجيش في قطاع غزة، جراء العمليات المتصاعدة للمقاومة الفلسطينية في مختلف مناطق القطاع. كما تطرق لمسألة المفاوضات والتصعيد في الجبهة الشمالية.

وأكد ألموغ بوكير، مراسل الشؤون السياسية في قناة 13، أن 7 جنود قتلوا في المعارك في قطاع غزة خلال الأيام الأربعة الماضية، 4 منهم قتلوا بانفجار عبوات ناسفة.

وذكرت قناة “كان 11” أن عدد الجنود الذين قتلوا في قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية تجاوز عدد الجنود والمجندات الذين قتلوا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وفي الأيام التي سبقت العملية البرية.

وكشفت القناة الإسرائيلية أنه في الأسابيع الثلاثة من الحرب قتل 326 جنديا، ومنذ بداية العملية البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول قتل في قطاع غزة وحده 337 جنديا، وخسر الجيش في هذه الحرب 15 ضابطا رفيعا من القوات النظامية والاحتياط، 5 منهم برتبة عقيد، و10 برتبة مقدم.

وتكبد لواء غولاني أكبر عدد من القتلى، حيث خسر 83 مقاتلا منذ بداية الحرب، وقالت قناة “كان 11” إن القتلى لم يسقطوا فقط في قطاع غزة، فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول قتل 21 جنديا في المعارك مع حزب الله في الجبهة الشمالية، و7 قتلوا في الضفة الغربية.

ومن جهة أخرى، أجمع محللون أمنيون وسياسيون إسرائيليون -في تصريحات لقنواتهم الإخبارية- على أن الجيش الإسرائيلي غير مستعد لخوض حرب في الجبهة الشمالية قبل إنهاء الحرب في قطاع غزة.

وقال نوعام تيبون، قائد الفيلق الشمالي سابقا، للقناة 13 إن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع القتال على جبهتين، وأضاف: “يجب إنهاء الجبهة الجنوبية والتوصل إلى صفقة مخطوفين”، في إشارة منه إلى الاتفاق مع المقاومة الفلسطينية في غزة لإطلاق سراح المحتجزين وإنهاء الحرب في غزة.

ومن جهته، شدد ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في قناة 13 على مسألة الصفقة، وقال: “إذا تجاوزنا الخلافات في مفاوضات القاهرة وأبرمنا صفقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بالنسبة لحزب الله يمكن إنهاء الحرب”.

أما يسرائيل زيف، رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي سابقا، فتحدث عن غياب الإستراتيجية والقرار لدى الحكومة، حيث صرح: “كان يمكن اتخاذ القرار الأكثر أهمية حاليا في القاهرة لاستعادة المخطوفين وإنهاء الحرب في غزة، ونقل قوات الجيش إلى الشمال من أجل الحسم هناك.. ولسنا في هذا الموضوع”.

وفي السياق نفسه، قال تامير هايمان رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب “هناك صفقة يمكن إبرامها وقد تعيد المخطوفين إلى بيوتهم، وحينها يتم تكريس كل الجهد في الشمال”.

——————————————–

هاريس وغزة.. كلام كثير بلا فعل

بقلم: جيمس كاردين

خطابات كامالا هاريس لا ترقى إلى مستوى الأفعال، ولم تكن مقنعة للديمقراطيين الذين يريدون أن يروا بالفعل نهاية للعدوان على الفلسطينيين، أو على الأقلّ توقّف بلادهم عن المساهمة في مذبحة غزّة.

مجلة “Responsible Statecraft” الأميركية تنشر مقالاً للكاتب جيمس كاردين، يتحدث فيه عن موقف المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بشأن الحرب على غزّة.

إنّ احتجاجات الآلاف من المتظاهرين الأميركيين الرافضين للعدوان الإسرائيلي على غزّة، والذين تجمّعوا في شيكاغو أمام مركز مؤتمر “الحزب الديمقراطي”، تطرح سؤالاً حاسماً على المرشّحة الرئاسية كامالا هاريس ونائبها تيم والتز: هل بإمكانهما سدّ الفجوة المُتّسعة التي تقسّم الشارع الأميركي والمؤسّسة السياسية حول قضية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟ على الأرجح أنهما لا يستطيعان.

في خطابها الاستعراضي خلال المؤتمر الذي قبلت فيه رسمياً ترشيح حزبها، كانت هاريس مُؤيدّة تماماً لإنهاء العدوان على غزّة، لكنّها ردّدت المعزوفة الأميركية الغربية بحقّ “إسرائيل” بالدفاع عن النفس، وقالت: “أعمل مع الرئيس بايدن على مدار الساعة، لأنّ الوقت حان للتوصّل إلى اتّفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكنّنِي سأدافع دائماً عن حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وسأضمن لها القدرة على ذلك”.

ولم تنس هاريس “واجبها” في إدانة المقاومة وحركة “حماس”، ثمّ اعترفت بشكل غير مباشر بحجم التوحّش الإسرائيلي بحقّ المدنيين الفلسطينيين، قائلةً: “في الوقت ذاته، ما حدث في غزّة على مدى الأشهر الـ10 الماضية أزهق الكثير من الأرواح البريئة، وخلّف المآسي والجوعى الفارّين بحثاً عن الأمان، وجعل حجم المعاناة مفجعاً. الرئيس بايدن وأنا نعمل على أن تنتهي هذه الحرب، بحيث تكون إسرائيل آمنة، وأن يطلق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزّة، ويتمكّن الشعب الفلسطيني من تحقيق حقّه في الكرامة والأمن والحرّية وتقرير المصير”.

ولكنّ هذه الخطابات لا ترقى إلى مستوى الأفعال، ولم تكن الكلمات القليلة التي صدرت حول هذا الموضوع في المؤتمر المذكور مقنعة للديمقراطيين الذين يريدون أن يروا بالفعل نهاية للعدوان على الفلسطينيين، أو على الأقلّ توقّف بلادهم عن المساهمة في مذبحة غزّة.

لقد كان السيناتور بيرني ساندرز التقدّمي الوحيد على مسرح المؤتمر الديمقراطي، الذي أعطى هذه القضيّة الاهتمام الذي اعتقد المتظاهرون أنّها تستحقّه، رغم أنّه لم يذهب بعيداً للدعوة إلى حظر السلاح الأميركي عن “إسرائيل”. وفي الأسبوع الفائت، صرّحت النائبة الديمقراطية عن ولاية نيويورك ألكساندريا أوكاسيو جملة قصيرة عن هاريس: “تعمل بلا كلل لتأمين وقف إطلاق النار في غزّة وإعادة الرهائن إلى ديارهم”، وسرعان ما وُبّخت على ذلك، حتّى من أعضاء حزبها، إذ إنّ “العمل بلا كلل من أجل وقف إطلاق النار ليس صحيحاً في الحقيقة، ويجب أن يخجلوا من أنفسهم”، بحسب الوصف الاتّهامي لِلنائبة عن ولاية مينيسوتا إلهان عمر لمساعي إدارة بايدن هاريس في غزّة.

يُشير الكاتب والناشط المناهض للحرب نورمان سولومون إلى أنّ هاريس “التزمت بخطّ دعم العدوان الإسرائيلي الذي اتّبعه الرئيس بايدن، مع أنّها أعربت في بعض الأحيان عن تعاطفها مع الضحايا المدنيين في غزّة، لكنّ كلماتها راوحت في الفراغ، ولم يترجم تعاطفها إلى معارضة إرسال السلاح والذخائر لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل حتّى الآن في ذبح المدنيين الفلسطينيين”.

وعلى الرغم من أنّ المحتجّين على جرائم “إسرائيل” بذلوا قصارى جهودهم كي يثبّتوا حُضورهم وإيصال صوتهم، لكنّهم منعوا من التحدّث باسم فلسطين على المنصّة الرسمية للمؤتمر. وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإنّ العديد من القادة الديمقراطيين “تخوّفوا من منح كلمة رسمية لفلسطين في المؤتمر لئلا تؤثّر في الوحدة الاستعراضية للديمقراطيين التي كانت تنقل بشكل حيّ على شاشات التلفزة”.

كلّ ذلك، ومنصّةُ مؤتمر الحزب الديمقراطي كانت تصدح بالتزام أميركا “الصارم” تجاه الدولة الصهيونية، حتّى إنّ ترشيح هاريس/والز سوّق على أساس التزامهما بـ”أمن إسرائيل، وتفوّقها العسكري النوعي، وحقّها في الدفاع عن نفسها”.

مع ذلك، عقدت النائبتان إلهان عمر وكوري بوش مؤتمراً صحافياً، بحضور اثنين من الأعضاء الأبطال في منظّمة أطبّاء بلا حدود الذين شهدوا على نحو مباشر التوحّش الإسرائيلي في غزّة، وأعلوا صوتهم خارج مركز المؤتمر الذي لا يحتمل الديمقراطية على منصّته.

قالت إحدى المُحتجّات من “أصوات اليهود من أجل السلام”، والتي جاءت من نيويورك إلى شيكاغو: “من المستحيل من وجهة نظري أن تكون إدارة بايدن قد فعلت كلّ ما في وسعها لإنهاء الحرب على غزّةَ، وهي في الوقت ذاته ترسل المليارات من الأموال والأسلحة الأميركية إلى إسرائيل بشكل متواصل، فهل أنا متفائلة بأنّ احتجاجنا سيصل إلى أهدافه؟ لا، لست كذلك، لكن الصمت عما يحدث في غزّة تواطؤ في الجريمة”.

يصف ضُيوف قناة “فوكس نيوز” المتظاهرين والمحتجّين بالإرهابيين والمتعاطفين مع حركة حماس، وبأنّ موقفهم وحراكهم شعبويّ ومتطرّف، مع أنّ استطلاعات الرأي، وآخرها الذي أجرته شبكة “سي بي إس نيوز”، يفيد أنّ 61% من الأميركيين يعارضون إرسال “أسلحة وإمدادات إلى إسرائيل”.

وردّاً على الاتهام الذي وجّهَته الشهر الماضي مديرة الاستخبارات الوطنية، أفريل هينز، بأنّ إيران تشجّع الاحتجاجات، قال منظّم نقابي من شيكاغو: “كلامك ليس غريباً عنك وأنت رائدة ضربات الطائرات من دون طيّار، وتتحدّثِين الآن ضدّ المتظاهرين الذين يطالبون بوضع حدّ لذبح المدنيين الفلسطينيين الأبرياء”.

وقالت آن، وهي عضو آخر في أصوات يهودية من أجل السلام، إنّ “حجّة هاريس أمام التيّار المناهض للحرب في الحزب الديمقراطي في أنّها تخيّرهم: “إمّا أنا وإما دونالد ترامب”، هي حجّة واهية ومتعمّدة وتستخدمها لغرس الخوف وعدم اليقين، ولجعل التقدميين والأشخاص ذوي الضمير يشعرون بالسوء لأنّهم سيشعرون بأنّهم منحوا ترامب فرصة للفوز”.

الانقسام بين الديمقراطيين في مؤتمرهم في شيكاغو قد غطّي بالتورية والتأجيل إلى ما بعد “الفوز” بالانتخابات، وهو يمنح الوقت الكافي لدولة الاحتلال الإسرائيلي لاستكمال الإبادة الجماعية بحقّ الفلسطينيين في غزّة.

——————————————–

يديعوت احرونوت

حرب نتنياهو

بقلم: سيفر بلوتسكر

(المضمون: رؤية الحرب ليس كجهد إسرائيلي مركز وعادل لتقويض القوة العسكرية والسلطوية لمنظمة إرهاب فلسطينية إسلامية متطرفة بل كمعركة على مجرد وجود دولة الكيان الصهيونية، تغير الرواية الوطنية وجوهر الاستراتيجية السياسية – الأمنية لدينا المصدر).

“أريد أن أقول لكم ما الذي يشغلني. أنشغل في أمر هو انني أريد أن امنع إبادة هذه الدولة… الامر الأكبر الذي حصل لنا (مؤخرا) : نحن نفهم ان لإيران خطة لابادتنا – لاحتلال الدولة، لالقاء نار لظى علينا وابادتنا. هذه ليست فكرة هذه خطة. هم يريدون ان يجروا اجتياحات متناسقة من المناطق التي اخليناها ، وسلمناهم إياها. الامر الإضافي، بالطبع هو امطارنا بنار لظى الصواريخ الاف الصواريخ”.

في هذه الفقرات، التي قيلت الأسبوع الماضي في لقاء بين رئيس وزراء الكيان نتنياهو وبين الناجين من أسر حماس وعائلات المخطوفين واذيعت في القناة 12 انكشف فكره العميق. انكشف المفهوم الجديد الذي يشرح بقدر كبير سلوكه في المراحل الأخيرة من حرب السيوف الحديدية. من ناحية نتنياهو هذه ليست جولة قتال أخرى – وحشية وطويلة – بيننا وبين الفلسطينيين، مثل الانتفاضات والحملات في غزة وبالتأكيد ليست مواجهة أخرى مع دول مجاورة معادية مثلما في 1967 و 1973. السيوف الحديدية، يشرح نتنياهو للناجين ولعائلات الأسرى، هي حرب الوجود المطلقة للكيان، التي هدفها احباط الخطة الإيرانية لابادة الكيان وقتل سكانها اليهود.

يدور الحديث عن خطة عملية، يشدد بيبي في أقواله، وليس عن فكرة مبسطة: “يوجد امر كهذا، خطة لابادة الكيان. هذا يتبين لنا ولم يكن واضحا من قبل. كل وجود الدولة، وجود نير عوز المتجدد، وجود بيري وجود تل ابيب، وجود طبريا، وجود حيفا، كله موضع علامة استفهام. انا أقول لكم الحقيقة. الان نحن ملزمون بان نتعاطى مع هذا التهديد ونحتاج لان نقاتل ضده.

أمام التهديد الوجودي الملموس، تبدو الصفقة لتحرير المخطوفين كموضوع ثانوي. بيبي يصيغ هذه الرسالة بوضوح : ايران تخطط لتصفيتنا، حزب الله يخطط لتصفيتنا، هذا طوق من حولنا. ونحن نتحدث فقط عن الصفقة. اذا عقدنا صفقة – كل شيء سيحل، ايران ستتوقف عن التهديد وما شابه وغيره. اقوال هاذية. ببساطة هاذية. لا توجد كلمة أخرى”.

نتنياهو لا يرد ردا باتا كل صفقة ممكنة. هو حتى مستعد لان يساوم ويلين في غير قليل من النقاط. لكنه نعم يرد صفقة يفسرها كهزيمة. “نحن لا نسير كالقطيع الى الذبح”، هو يعلن ويقول اننا لا نسير الى صفقة اسرى على حساب هزيمة واسعة للكيان”. هزيمة واسعة (وهو لا يفصل عناصرها) برأيه تعظم وتقرب تهديد الإبادة الذي يحوم فوق رؤوسنا.

منع محرقة جديدة – هذا هو الهدف الأعلى للحرب. هدف لم يطرح لاقرار الحكومة ومع ذلك يحدد هكذا من قبل رئيس الوزراء استنادا – على حد قوله – الى وجود خطة إيرانية مفصلة لتصفية الكيان. مباشرة من خلال عشرات الاف الصواريخ ” وبشكل غير مباشر من خلال فروع الإرهاب التي تهاجم من مناطق “سلمتها ” حكومات الكيان في الماضي (بغبائها وتسيبها من قطاع غزة، مثلا.

أقوال نتنياهو تقشعر لها الابدان فهي تكشف مزاجا متكدرا وخانقا ساد في منزل رئيس الوزراء وفي محيطه: الإبادة في الأفق. بأفضل علمي، هذا المفهوم للمحرقة رقم 2 في الطريق لا يقوم على أساس حقائق او مكتشفات جديدة؛ الموقف الأساس لنظام آيات الله في طهران لم يتغير منذ ما لا يقل عن عقدين في اتجاه حرب إبادة مبادرة ضد الكيان. هناك من يعتقد ان العكس هو الصحيح، على الأقل من موعد تغيير الرئاسة هناك في 2024.

ان رؤية الحرب ليس كجهد إسرائيلي مركز وعادل لتقويض القوة العسكرية والسلطوية لمنظمة إرهاب فلسطينية إسلامية متطرفة بل كمعركة على مجرد وجود دولة الكيان الصهيونية، تغير الرواية الوطنية وجوهر الاستراتيجية السياسية – الأمنية لدينا. يجدر أن تكون بالتالي مسنودة الى حقائق صلبة وليس فقط على مشاعر وتحليلات. الاستناد الى احاسيس البطن سبق أن أدى الى كارثة 7 أكتوبر 2023 وهاكم مادة أخرى للتذكير:

نتنياهو يشهد على نفسه كمن ينشغل ليل نهار في احباط خطة إبادة إيرانية. هو مقتنع بانه لا يوجد سياسي إسرائيلي يمكنه ان يحل محله في هذا المنصب المصيري، على كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى أيضا بالنسبة لاستمرار ولايته في رئاسة الوزراء.

——————انتهت النشرة——————