تحليلات: الوضع في الضفة من شأنه تحويلها إلى حلبة مركزية بالحرب

الأوصاف في إسرائيل للعملية العسكرية بالضفة من حيث حجمها وعديد القوات التي شاركت فيها وأنها الأكبر منذ اجتياح الضفة في العام 2002، كان مبالغا فيها، "والقتال في الضفة منذ 7 أكتوبر هو الأكثر شدة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية"

تجاهل المحللون الإسرائيليون في تناولهم للعملية العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، منذ منتصف ليلة الثلاثاء – الأربعاء الماضية، الأسباب الحقيقية لما يصفونه بتصعيد العمليات الفلسطينية المسلحة، ويحملون المستوطنين المتطرفين وفي مقدمتهم الوزيرين الفاشيين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مسؤولية جزئية عن التصعيد، ويتجاهلون كالعادة باقي القيادة الإسرائيلية، التي تشمل الحكومات الإسرائيلية ورؤساءها ووزراءها وجميع الأحزاب الصهيونية، وهم المسؤولون المركزيون عن التصعيد.

وامتنع المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، اليوم الخميس، عن ذكر جرائم إسرائيل في الأراضي المحتلة في العام 1967 والمتواصلة منذ قرابة ستة عقود، وتشجيع حكوماتها للاستيطان والاعتداءات الإرهابية ضد الفلسطينيين التي ينفذها المستوطنون وسرقة أراضيهم.

وفي هذا السياق، اعتبر يهوشواع أنه “يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يواجه أحداث إجرامية خطيرة من الجانب اليهودي، كتلك التي وقعت في قرية جيت قبل أسبوعين”، علما أن قوات الجيش تساند المستوطنين الإرهابيين في هجماتهم والشرطة الإسرائيلية متساهلة تجاههم وتمتنع عن ملاحقتهم.

كذلك اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن “التوتر يتصاعد على خلفية إسهام إسرائيلي يأتي من داخل الحكومة. ففي جهاز الأمن (الجيش والشاباك) قلقون من تأثير الاستفزازات التي يبادر إليها بن غفير” في المسجد الأقصى، “وفي موازاة ذلك، تتزايد هجمات مستوطنين متطرفين على قرى فلسطينية، والمهاجمون يشعرون أنهم يتلقون الدعم من مندوبيهم في الائتلاف”.

وحسب يهوشواع، فإن الأوصاف في إسرائيل للعملية العسكرية في شمال الضفة من حيث حجمها وعديد القوات التي شاركت فيها وأنها العملية الأكبر منذ اجتياح الضفة في العام 2002، كان مبالغا فيها، مشيرا إلى أن حجم العملية العسكرية في الضفة، في تموز/يوليو من العام الماضي، التي أطلقت عليها تسمية “بيت وحديقة”، كانت أكبر.

 

وادعى أن تزايد العمليات المسلحة الفلسطينية في المناطق التي تستهدفها العملية العسكرية الحالية، في مناطق جنين وطولكرم وشمال الأغوار، سببه أنها “تمر بعملية غزاوية (أي تنظيم مجموعات وتسلح) متسارعة، وإغراقها بعبوات ناسفة، وتوجيه مهني من إيران والكثير من الجرأة” من جانب المسلحين الفلسطينيين.

 

وحسب يهوشواع، فإن القوات التي تشارك في العملية العسكرية هي ليست ألوية كاملة وإنما جزء من ثلاث ألوية، “والسبب هو أن معظم وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلية موجودة في غزة أو عن حدود الشمال”، وأن انتشار القوات الإسرائيلي كان بهذا الشكل منذ بدء الحرب على غزة، “ومنذ بداية الحرب صعد الجيش الإسرائيلي عدد عملياته العسكرية في شمال الضفة”.

وتابع أن “قوات الجيش الإسرائيلي دخلت إلى جنين وطولكرم من أجل البحث عن عبوات ناسفة، لكن هذا لن يفيد إذا بقيت الحدود مع الأردن، بطول مئات الكيلومترات، مخترقة وتُضخ العبوات الناسفة عن طريقها وعن طريق سورية”.

من جانبه، أشار هرئيل إلى أن “القتال في الضفة منذ 7 أكتوبر هو الأكثر شدة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في العام 2006 تقريبا، لكن الحرب الدائرة في قطاع غزة وعدد القتلى الفلسطينيين الكبير في الضفة، الذي يزيد عن 600 في العشرة أشهر ونصف الشهر الماضية، ما زال لا يستدرج الجمهور الفلسطيني الواسع في الضفة إلى داخل الصراع كما في الانتفاضتين”.

وأضاف هرئيل أن “المزيج الحالي القابل للانفجار يقرب الضفة إلى نقطة غليان جديدة”، وأن الجدل في إسرائيل حول وقف الحرب على غزة ونقلها إلى لبنان “يستند إلى فرضية أن الضفة ستبقى حلبة ثانوية. إلا أن حجم القتال هناك، وعدد العمليات المسلحة في الضفة، وبعضها موجه إلى وسط البلاد، من شأنها تحويلها إلى حلبة مركزية في الحرب”.

وبحسبه، فإن “الحدود الشرقية بين الأردن والضفة مخترق بالكامل ويسهل على شبكات التهريب. وتبذل إيران وحزب الله مجهودا منسقا في السنوات الأخيرة من تهريب عبوات ناسفة ذات مواصفات عسكرية إلى الضفة وكذلك بنادق ومسدسات. ويبدو أنها يحققان نجاحات”.

وأضاف أن “نقطة ضعف أخرى تتعلق بخط التماس. فالعائق (جدار الفصل العنصري) الذي بني قبل عشرين عاما تم إهماله على مر السنين وفقد فاعليته، كما أن ثغرات فيه لم تُغلق أبدا”.