
المسار الاخباري :
د. عمر رحال: نتنياهو يتعمد الإبقاء على الحرب الدموية في قطاع غزة كوسيلة استراتيجية للبقاء في السلطة وتجنب الاستحقاقات القانونية
اللواء واصف عريقات: الثلاثي نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يسعون للنصر المطلق والقضاء على المقاومة وتهجير الفلسطينيين ما يصعب التوصل إلى حلول
خليل شاهين: يجب تشكيل وفد فلسطيني يشمل حماس والجهاد تحت مظلة المنظمة لإدارة المفاوضات بشأن غزة ووقف الحرب
محمد هواش: الخلاص من هذه المحنة يتطلب تحركاً سياسياً فلسطينياً موحداً وتبني مرونة أكبر والانسجام مع المبادرة العربية لإنهاء الحرب
ماجد هديب: القضية الفلسطينية وصلت إلى منعطف خطير بسبب ممارسات حماس وسياسات اليمين المتطرف الإسرائيلي
تستمر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في ظل تصاعد تهديدات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته ومجلس حربه، حيث يُنظر إلى ذلك على أنه سعي من نتنياهو لإطالة أمد العدوان لضمان بقائه السياسي والهروب من محاكمات الفساد والإخفاقات الأمنية المرتبطة بأحداث 7 أكتوبر 2023.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون في أحاديث منفصلة مع “القدس”، أن هذه الحرب ينظر إليها كجزء من استراتيجية إسرائيلية شاملة تهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية، وإعادة هندسة الواقع الديموغرافي والجغرافي في غزة، عبر فرض سيطرة كاملة وتهجير السكان تحت غطاء “الهجرة الطوعية”، مدعومة بسياسات التجويع والفوضى، وصولاً إلى الهدف الأكبر وهو منع قيام دولة فلسطينية.
ويؤكد الكتاب والمحللون أن الحديث عن تعميق احتلال غزة يسلط الضوء على حقيقة أن غزة محتلة بالكامل فعلياً، حيث تسيطر قوات الاحتلال على القطاع عبر القصف الجوي والمدفعي، رغم وجود قوات برية في 25% فقط من مساحته، مع استهداف ممنهج للمدنيين وتدمير البنية التحتية.
أمام هذا الواقع المأساوي، تبرز دعوات الكتاب والمحليين لتحرك فلسطيني وعربي موحد لوقف حرب الإبادة، من خلال تشكيل وفد تفاوضي فلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير، يضم كافة الفصائل، لإدارة المفاوضات بشأن وقف العدوان وإدخال المساعدات، بالتوازي مع تكثيف الحراك الدبلوماسي والإعلامي لفضح جرائم الاحتلال، واستغلال المبادرة العربية وقرارات القمة العربية والإسلامية للدفع نحو حل الدولتين، مع الاستفادة من أي خلافات محتملة بين نتنياهو والإدارة الأمريكية لتعزيز الضغط الدولي لإنهاء الحرب وإحياء الأمل بإقامة دولة فلسطينية.
إطالة أمد العدوان وصولاً إلى الانتخابات المقبلة
يقول الكاتب والمحلل السياسي د. عمر رحال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعمد الإبقاء على الحرب الدموية في قطاع غزة كوسيلة استراتيجية للبقاء في السلطة، وتجنب الاستحقاقات القانونية والشعبية التي تهدد مستقبله السياسي.
ويوضح رحال أن وقف الحرب من شأنه أن يضع نهاية لمسيرة نتنياهو السياسية، ويفتح الباب أمام محاكمته بتهم الفساد وسوء الإدارة، ما يدفعه إلى إطالة أمد العدوان وصولاً إلى الانتخابات المقبلة للكنيست.
ويشدد رحال على أن نتنياهو ليس منفرداً في هذا المخطط، بل يجد في الإدارة الأمريكية حليفاً أساسياً، حيث يحظى بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يساند إسرائيل بعدوانها، مستنداً إلى علاقاته المتينة مع نتنياهو ومواقفه العدائية تجاه القضية الفلسطينية.
ويؤكد رحال أن نتنياهو يراهن بشكل خاص على ترامب كأداة لإعادة هندسة ورسم الخريطة الديموغرافية والجغرافية للأراضي الفلسطينية وللمنطقة، بما يخدم مصالح إسرائيل والولايات المتحدة، حيث يسعى إلى فرض واقع جديد في غزة لا يتضمن احتلالها بالمعنى التقليدي، بل تغيير طبيعتها السياسية والاجتماعية بشكل جذري.
التجويع أصبح سلاحاً استراتيجياً
وفي سياق استعراضه للأدوات التي توظفها إسرائيل في الحرب، يؤكد رحال أن التجويع أصبح سلاحاً استراتيجياً بيد الاحتلال، بعد أن فشلت الأدوات العسكرية التقليدية في إخضاع المقاومة الفلسطينية. ويوضح رحال أن الاحتلال يستخدم سياسة الحصار والتجويع لإحداث شرخ داخلي في البنية الاجتماعية الفلسطينية، عبر خلق حالة من الفوضى، كما يهدف الاحتلال إلى كسر الحاضنة الشعبية للمقاومة.
ويشير رحال إلى أن غزة، عملياً، تخضع للاحتلال الكامل بفعل الحصار والعدوان المستمر، معتبراً أن التصريحات الإسرائيلية المتكررة عن “الحسم” و”توسيع العمليات العسكرية” ليست سوى دعاية سياسية موجهة للداخل الإسرائيلي، تهدف إلى تصوير نتنياهو كقائد قوي مصمم على “الانتصار”، رغم أن الحرب لم تحقق أيا من أهدافها المعلنة حتى الآن.
وفي ذات السياق، يوضح رحال أن نتنياهو يحاول أن يوظف مفردات مثل “النصر” كجزء من حملة تضليل داخلي وخارجي، تهدف إلى كسب الوقت وتبرير استمرار الحرب، في ظل فشل إستراتيجيته العسكرية.
ويعتبر رحال أن نتنياهو يستغل تصاعد أعداد الضحايا الفلسطينيين لتعزيز صورته كزعيم لا يتراجع، حتى لو كان الثمن مزيداً من الدماء والمعاناة للفلسطينيين.
مطلوب تحرك فلسطيني ودولي عاجل
ويدعو رحال إلى تجنيب غزة مصيراً مجهولاً، وذلك من خلال تحرك فلسطيني ودولي عاجل لوقف هذا العدوان، مقترحاً إطلاق حملة دبلوماسية وسياسية مكثفة تقودها السلطة الفلسطينية بالشراكة مع الجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني، والنقابات والجاليات الفلسطينية في الشتات، للضغط من أجل إنهاء المجازر.
ويطالب رحال بضرورة تفعيل الدور الإعلامي الفلسطيني والدولي لإعادة تسليط الضوء على مأساة غزة وكشف جرائم الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، حاثّاً على إطلاق حراك شعبي واسع في الضفة الغربية والدول العربية، إلى جانب تشكيل خلية أزمة فلسطينية موحدة من السلطة والفصائل وباقي المكونات، لضمان تنسيق المواقف ودعم صمود غزة في مواجهة حرب الإبادة المستمرة.
ويؤكد رحال على أهمية أنسنة الخطاب الفلسطيني وإبراز المعاناة الإنسانية، باعتبار ذلك مفتاحاً أساسياً لكسب التأييد الدولي وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم.
قطاع غزة محتل ويخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية
من جانبه، يقول الخبير العسكري والأمني اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات إن الحديث عن توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة يخدم أهدافاً سياسية لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم أنها تؤدي إلى مزيد من الخسائر في صفوف الأسرى والجنود الإسرائيليين، إلى جانب ارتكاب المزيد من المجازر وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين.
ويؤكد عريقات أن قطاع غزة محتل ويخضع بالكامل للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، رغم انتشار القوات البرية في 25% فقط من مساحته، فالطائرات الحربية، والمسيّرات، والمدفعية، والدبابات تسيطر على القطاع عن بُعد، وتتناوب على ارتكاب جرائم حرب ومجازر تستهدف المدنيين، ومعظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
ويشير عريقات إلى استخدام إسرائيل قنابل محرمة دولياً، إلى جانب سياسات التجويع، واستهداف القطاع الصحي، وتدمير مقومات الحياة، بهدف دفع الفلسطينيين نحو التهجير القسري المغلّف بطابع “طوعي”.
ويستعرض عريقات تفاصيل العملية العسكرية البرية التي بدأت في 27 أكتوبر 2023، حيث دفعت إسرائيل بعشر فرق عسكرية من وحدات النخبة، بعد قصف تمهيدي غير مسبوق استمر ثلاثة أسابيع، استخدمت فيه أحزمة نارية، وقذائف محرمة، وسياسة الأرض المحروقة، مما أدى إلى تدمير 75% من البنية التحتية في غزة وإزالة أحياء سكنية بأكملها.
أهداف غير قابلة للتحقيق
ورغم إعلان إسرائيل أهدافاً مثل القضاء على المقاومة الفلسطينية وتحرير الأسرى بالقوة، يؤكد عريقات أن القادة العسكريين الإسرائيليين أنفسهم يعتبرون هذه الأهداف غير قابلة للتحقيق.
ويشير عريقات إلى أن العملية شهدت هدنتين وتبادل أسرى، لكن العدوان استؤنف في كل مرة، مع تصريحات إسرائيلية متكررة تزعم القضاء على نسبة كبيرة من قدرات المقاومة، وفي اليوم الـ575 من العدوان، أعلن رئيس هيئة الأركان عن توسيع العملية لاستعادة الأسرى، بينما ذهب نتنياهو إلى الحديث عن تحقيق “النصر المطلق”، في تناقض واضح مع تصريحات قادة المعارضة مثل يائير لابيد والجنرال زيف، الذين حذروا من أن التوسع العسكري سيؤدي إلى مقتل المزيد من الأسرى والجنود دون جدوى، ويخدم مصالح نتنياهو السياسية فقط.
ويرى عريقات أن نجاح التوسع العسكري الاسرائيلي يعتمد على استجابة جنود الاحتياط، لكن هناك مجموعات أعلنت رفضها للالتحاق، كما أن دعوة 19 ألفاً من الحريديم للخدمة قوبلت باستجابة محدودة.
زج المزيد من الفرق سيؤدي إلى تصعيد المجازر
ويشير عريقات إلى أن تقارير الجيش الإسرائيلي تؤكد حاجته لإعادة تأهيل قواته بعد القتال الطويل، بينما زج المزيد من الفرق سيؤدي إلى تصعيد المجازر، وزيادة الخسائر، وتفاقم الضغوط الشعبية على نتنياهو، مع تزايد أعداد الرافضين للخدمة.
على صعيد الحلول، يرى عريقات أن الثلاثي نتنياهو وبن غفير وسموتريتش يسعون للنصر المطلق والقضاء على المقاومة وتهجير الفلسطينيين، مما يصعب التوصل إلى حلول دون وقف إطلاق نار وتبادل أسرى.
ويؤكد عريقات أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادر على الضغط على إسرائيل، خاصة مع زيارته المرتقبة لدول الخليج، حيث يمكن للدول العربية استغلال مصالحه للتأثير عليه.
ويشير عريقات إلى عرض رئيس الدولة الإسرائيلي هرتسوغ على نتنياهو بصفقة إقرار بالذنب لتجنب السجن مقابل إنهاء حياته السياسية، مما قد يشكل عامل ضغط إضافي.
ويؤكد عريقات على ضرورة توحيد الموقف الفلسطيني لإنهاء المعاناة ووقف الإبادة الجماعية، داعياً إلى تقديم تنازلات من أجل مصلحة الشعب، ودعم المبادرة العربية لتحقيق هذه الأهداف.
جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى إعادة احتلال القطاع
بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين إن قرار الكابينت الإسرائيلي بالموافقة على خطة عملياتية تدريجية في قطاع غزة يُعد في جوهره جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى إعادة احتلال القطاع بالكامل وتهجير سكانه.
ويوضح شاهين أن هذه الخطة المتدحرجة تُظهر أهدافاً كانت مضمرة في السابق وأصبحت الآن معلنة، تتمحور حول حرب الإبادة الجماعية، وضم غزة، وفرض السيطرة الكاملة عليها مع طرد السكان، بدلاً من مجرد الحكم العسكري.
ويشير شاهين إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نجح خلال الفترة الماضية في تحقيق أقصى درجات الانسجام بين المؤسستين العسكرية والأمنية والمستوى السياسي، من خلال تغييرات جوهرية مثل إقالة وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت، ورئيس الأركان، وتعيين إيال زامير الذي يتبنى نهجاً أكثر عدوانية، إلى جانب محاولات إقالة رئيس الشاباك وتغييرات مرتقبة في مناصب عسكرية وأمنية أخرى.
ويؤكد شاهين أن هذه التحركات مكّنت نتنياهو من إعادة صياغة أهداف الحرب وفق رؤيته الأساسية: احتلال غزة وطرد سكانها أو على الأقل معظمهم، بما يرضي حلفاءه المتطرفين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
محاور الخطة الإسرائيلية المتدحرجة
ويستعرض شاهين محاور الخطة الإسرائيلية المتدحرجة التي تشمل: توسيع الاحتلال المباشر لمناطق غزة بشكل تدريجي، من خلال “قضم” منطقة تلو الأخرى، على غرار ما حدث في رفح، مع تدمير المنشآت ومقومات الحياة في هذه المناطق.
وتتضمن الخطة ايضا وفق شاهين، مواصلة استخدام التجويع والفوضى كأسلحة، عبر التحكم في حجم المساعدات الغذائية التي تدخل غزة، حتى مع إشراك منظمات دولية أو شركات أمنية خاصة، بحيث تُبقي على مستوى غذاء يمنع الموت الجماعي دون تحسين الأوضاع.
ويشير شاهين إلى أن خطة المساعدات المحدودة بـ60 شاحنة يومياً، التي أقرها الكابينت بناءً على اقتراح رئيس الأركان الاسرائيلي، تُجسد هذا النهج.
وتتضمن الخطة بحسب شاهين، تهجير السكان داخلياً من شمال ووسط غزة نحو الجنوب، خاصة رفح وشمال غربها، حيث تُروج إسرائيل أن المساعدات ستصل إلى هذه المناطق فقط.
اما المحور الأخير من الخطة فهو، الانتقال إلى التهجير الخارجي عبر ما تسميه إسرائيل “الهجرة الطوعية”، وهي في الواقع تهجير قسري يُفرض بتدمير مقومات الحياة، مما يجعل البقاء في غزة مستحيلاً ويدفع السكان لاختيار المغادرة أو الموت مع عائلاتهم.
إسرائيل تُشجع الفوضى بدعم عصابات السطو والبلطجية
ويؤكد شاهين أن إسرائيل تُشجع الفوضى عبر دعم عصابات السطو والبلطجية في غزة، بهدف إضعاف قدرة حركة حماس على إدارة الشؤون المدنية والأمنية، مما يخلق بيئة طاردة تدعم أهداف التهجير.
ويشير شاهين إلى أن هذه العصابات، التي يحمل أفرادها أسلحة باهظة الثمن، لا تسعى فقط لسرقة الغذاء، بل لخلق حالة من الفوضى تُسهم في تحقيق الأهداف الإسرائيلية.
ويوضح شاهين أن التدرج في تنفيذ الخطة يخدم عدة أغراض، حيث يتيح لنتنياهو إرضاء حلفائه المتطرفين مع الحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي، ويُجنب المؤسسة العسكرية مسؤولية خسائر إضافية في صفوف الأسرى بسبب الضغط العسكري، ويتيح لإسرائيل الادعاء بأنها تمنح فرصة للمفاوضات مع مواصلة الضغط العسكري لإجبار حماس على تقديم تنازلات، ويُمكّن نتنياهو من المناورة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة مع زيارته المرتقبة للمنطقة العربية، حيث يسعى نتنياهو لتخفيف الضغوط الدولية عبر إظهار مرونة جزئية قبل تصعيد العمليات بعد الزيارة.
وفيما يتعلق بالموقف الفلسطيني، يشدد شاهين على ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لوقف جريمة الإبادة الجماعية في غزة، من خلال تحركات دولية عاجلة بالتعاون مع الأمم المتحدة والدول الرافضة لسياسة التجويع، والضغط عبر الجمعية العامة والمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة إسرائيل على القتل الجماعي والتجويع.
مطلوب من السلطة الفلسطينية تحمل مسؤولياتها
ويدعو شاهين إلى تشكيل وفد فلسطيني موحد تحت مظلة منظمة التحرير لإدارة المفاوضات بشأن وقف الحرب، وإدخال المساعدات، وإعادة الإعمار، مع مشاركة كافة الفصائل بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، على غرار تجربة 2014 بقيادة عزام الأحمد.
ويؤكد شاهين أن هذا يتطلب من السلطة الفلسطينية تحمل مسؤولياتها وعدم احتكار حماس للمفاوضات.
ويوصي شاهين بمواجهة الفوضى في غزة عبر دعم جهود الشرطة الفلسطينية، وتشكيل لجان حماية مشتركة تضم الفصائل والعشائر والمجتمع المدني لمكافحة عصابات السرقة والبلطجية.
ويدعو شاهين إلى رؤية فلسطينية موحدة لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية، تشمل تشكيل حكومة وفاق وطني أو لجنة إدارية مرتبطة بالسلطة الفلسطينية، مع ربط كل ذلك بأفق سياسي يهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس.
نتنياهو يتمسك بشعار “النصر المطلق” لإطالة أمد الحرب
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد هواش إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل التمسك بمصطلحات “النصر المطلق” و”النصر النهائي” لإطالة أمد الحرب في قطاع غزة، بهدف قلب الرأي العام الإسرائيلي لصالحه والهروب من المحاكمة في قضايا الفساد والأمن القومي المرتبطة بإخفاقات 7 أكتوبر 2023.
ويشير هواش إلى أن نتنياهو، كمتّهم بأنه المسؤول الأول عن سياسة الاحتواء التي أدت إلى تلك الإخفاقات، يستخدم الحرب كأداة للبقاء السياسي، بينما تفتقر خططه العسكرية لأهداف واضحة.
ويوضح هواش أن اجتماع الكابينت الإسرائيلي، الذي استمر سبع ساعات، لم يقدم جديداً سوى تأكيد استخدام المساعدات الإنسانية كورقة ضغط على الفلسطينيين، وعلى حركة حماس بشكل خاص، إلى جانب تهديدات بتوسيع احتلال الأراضي في غزة لإجبار الحركة على الاستسلام وتسليم الأسلحة والإفراج عن الأسرى بدون مقابل.
ويعتبر هواش أن هذه التهديدات غير منطقية وغير عملية، مشيراً إلى أن إسرائيل فشلت في تحقيق هذه الأهداف عبر الحرب الحالية، ولن تنجح عبر عمليات عسكرية إضافية، حيث نقل عن عسكريين إسرائيليين تأكيدهم أن لا أهداف عسكرية حقيقية متبقية في غزة تبرر استدعاء الاحتياط أو شن عملية برية واسعة، مما يجعل الأهداف السياسية لنتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة منفصلة عن الواقع العسكري.
إعادة هندسة الديموغرافيا في القطاع
ويؤكد هواش أن نتنياهو يسعى من خلال إطالة الحرب لتغيير الرأي العام الإسرائيلي لصالحه، وتعيين قضاة موالين يسهلون تهربه من المحاكمة.
ويشير هواش إلى أن استطلاعات الرأي منذ بداية الحرب تظهر استحالة تشكيل نتنياهو لحكومة جديدة، حتى مع ارتفاع طفيف في شعبيته في بعض اللحظات.
في هذه الأثناء، يوضح هواش أن الهدف الجوهري لإسرائيل، الذي يحظى بإجماع واسع بين الأحزاب اليمينية داخل الحكومة وخارجها، هو القضاء على حركة حماس، والتخلص من السكان الفلسطينيين في غزة عبر تهجيرهم، وإعادة هندسة الديموغرافيا في المنطقة.
ويشير هواش إلى أن اليمين خارج الحكومة الإسرائيلية يفضل وقف إطلاق نار مؤقت للإفراج عن الأسرى، ثم استئناف القتال من موقع أقوى، دون خشية من مقتل إسرائيليين.
ويوضح هواش أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، كسابقاتها من الحكومات اليمينية، لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، وتسعى للقضاء على أي مقاومة فلسطينية، ومنع إقامة دولة فلسطينية، وتدمير فرص الحياة في غزة.
ويؤكد هواش أن الهدف الاستراتيجي يتجاوز غزة إلى الضفة الغربية، حيث تستمر عمليات قضم الأراضي لضمها بدون سكانها الفلسطينيين، في إطار تعميق الاحتلال والسيطرة.
ويعتبر هواش أن استمرار الحرب يخدم أيضاً بقاء نتنياهو وحكومته سياسياً، لكن إسرائيل تؤكد أن الأهداف الانتهازية لنتنياهو لا يجب أن تطغى على الهدف الإسرائيلي الأوسع المتمثل في تعميق الاحتلال والسيطرة على الشعب الفلسطيني ومنع قيام دولة فلسطينية.
استغلال الخلافات المحتملة بين نتنياهو وترامب
وفيما يتعلق بالحلول، يؤكد هواش أن الخلاص من هذه المحنة يتطلب تحركاً سياسياً فلسطينياً موحداً، حيث يجب على جميع الفصائل، سواء في السلطة أو المعارضة أو منظمة التحرير، تبني مرونة أكبر والانسجام مع المبادرة العربية لإنهاء الحرب والتوجه نحو حل الدولتين.
ويشير هواش إلى أن الدعم الأمريكي غير المسبوق للحكومة الإسرائيلية المتطرفة يجعل الحلول الجاهزة صعبة.
ويقترح هواش استغلال الخلافات المحتملة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة مع زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة، مشيراً إلى أن أولويات ترامب الإقليمية قد تتجاوز دعم إسرائيل، مما يفتح نافذة للاستفادة من الموقف العربي الرسمي الداعم لإنهاء الحرب وإقامة دولة فلسطينية.
ويدعو هواش إلى تعزيز الانسجام مع قرارات القمة العربية والإسلامية، التي أكدت على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، مشدداً على أن المرونة الفلسطينية ستجنب أهالي غزة ويلات الحرب وتعيد القضية إلى مسارها السياسي.
ويرى هواش أن استمرار الضغط على حماس والشعب الفلسطيني عبر الحرب والمساعدات يهدف إلى تملص إسرائيل من مسؤولية حرب الإبادة، ما يتطلب حلاً سياسياً موحداً لمواجهة هذه التحديات.
إصرار حماس على البقاء يخدم أجندة نتنياهو
ويقول الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب إن موقف حركة حماس يُعد العامل الحاسم في تصعيد تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف ضد قطاع غزة، مشدداً على أن إصرار الحركة على البقاء في المشهد السياسي ورفضها التنازل عن إدارة القطاع يخدم أجندة نتنياهو ويطيل أمد الحرب.
ويدعو هديب حركة حماس إلى الغياب عن المشهد السياسي وتسليم السلطة الفلسطينية زمام الأمور لإنقاذ الشعب الفلسطيني من ويلات الجوع والقتل.
ويوضح هديب أن نتنياهو يستغل تمسك حماس بالسيطرة على غزة لتصعيد تهديداته، بهدف إرضاء الشارع الإسرائيلي وتعزيز موقفه داخل حكومته، التي تسعى للقضاء نهائياً على الحركة.
ويشير هديب إلى أن شروط صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل قابلة للتحقق بناءً على المقترحات المتداولة، لكن إصرار حماس على البقاء كلاعب رئيسي في المشهد السياسي يعرقل التوصل إلى اتفاق.
إفراج حماس عن الأسرى يمكن أن ينهي الحرب
ويؤكد هديب أن موقف حماس الحاسم بالإفراج عن الأسرى والتنازل عن إدارة قطاع غزة يمكن أن ينهي الحرب، ويُجبر إسرائيل على الانسحاب، ويحافظ على ما تبقى من كرامة الشعب الفلسطيني في القطاع، الذي يعاني من بؤس وجوع وفقدان الحياة الإنسانية نتيجة القصف البري والبحري والجوي.
ويرى هديب أن استمرار حماس في رفض المقترحات التي تخفف معاناة الفلسطينيين يمنح نتنياهو واليمين المتطرف ذريعة لتبني مواقف أكثر تشدداً، مما يزيد من تهديداتهم ويُبعد العالم عن النظر إلى القضية الفلسطينية من زاوية سياسية وقانونية.
ويشير هديب إلى أن تركيز المجتمع الدولي على الجانب الإنساني فقط، دون السياسي، يُفقد القضية زخمها، محذراً من أن إصرار حماس على السيطرة سيؤدي إلى انقضاء الحلول المطروحة، ويدفع الشعب الفلسطيني نحو مزيد من التيه والضياع.
ويعرب هديب عن أسفه لوصول القضية الفلسطينية إلى منعطف خطير، بسبب ممارسات حماس وسياسات اليمين المتطرف الإسرائيلي، التي تجمع بين الحرب الشاملة والحصار.
ويدعو هديب حركة حماس إلى الغياب التام عن المشهد السياسي في غزة، وتسليم المهام للسلطة الفلسطينية، التي تمتلك الولاية القانونية على القطاع.
ويؤكد هديب أن هذا التحرك سيُعيد الاتصال القانوني والسياسي بين غزة والضفة الغربية، ويشكل مقدمة للضغط على إسرائيل والإدارة الأمريكية للبحث عن حلول سياسية، خاصة مع اقتراب المؤتمر الدولي الذي تدعو إليه السعودية لبحث القضية الفلسطينية والدعوة للاعتراف بدولة فلسطين.
حماس تواجه خياراً مصيرياً
ويرفض هديب الروايات التي تزعم أن تسليم حماس للأسرى سيُشجع نتنياهو على مواصلة الحرب، معتبراً أن هذه الادعاءات تُروج لخدمة اليمين المتطرف وإطالة أمد الصراع لصالح بقاء نتنياهو في السلطة.
ويشير هديب إلى أن قرارات حماس الأخيرة، مثل إعادة إحياء “القوة التنفيذية” وتهديدها للسكان تحت ذريعة “ضبط الأمن”، تعكس إصرارها على السيطرة، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين ويُعرضهم لمزيد من العقاب والموت.
ويرى هديب أن حركة حماس تواجه خياراً مصيرياً: إما الغياب عن إدارة غزة لإعادة الحياة للشعب الفلسطيني، أو الإصرار على السيطرة، مما سيؤدي إلى تصاعد المعاناة والدمار نتيجة إصرار نتنياهو وحكومته على القضاء على الحركة.
ويدعو هديب إلى تحرك عاجل لاستعادة الزخم السياسي للقضية الفلسطينية، مستفيداً من التصريحات الدولية الداعمة للاعتراف بدولة فلسطين، لضمان حل سياسي يُنهي الحرب ويُعيد الأمل للشعب الفلسطيني.