تقارير ودراسات

«هيومن رايتس ووتش»: إسرائيل ترتكب الإبادة الجماعية وأفعالها في غزة

شبكة المسار الاخباري: اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش» الحقوقية العالمية إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية في غزة، من خلال الحرمان من المياه على نطاق واسع يهدّد الحياة.

وقالت «في تقرير أصدرته أمس إن السلطات الإسرائيلية تتعمّد حرمان المدنيين الفلسطينيين في غزة من المياه الكافية منذ تشرين الأول /أكتوبر 2023، ما أدى على الأرجح إلى وفاة الآلاف و»بالتالي ارتكبت الجريمة ضد الإنسانية المتمثّلة في الإبادة، كما ارتكبت أفعال الإبادة الجماعية».

وفي التقرير الصادر في 184 صفحة، «الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية: تعمُّد إسرائيل حرمان الفلسطينيين في غزة من المياه»، وجدت «هيومن رايتس ووتش» أن السلطات الإسرائيلية حرمت الفلسطينيين في غزة عمداً من المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي اللازمة للحد الأدنى من بقاء الإنسان على قيد الحياة.

وذكرت أن السلطات والقوات الإسرائيلية «أوقفت ضخّ المياه إلى غزة ثم قيّدت ذلك لاحقاً؛ وعطّلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود؛ وتعمّدت تدمير البنية التحتية للمياه، والصرف الصحي، ومواد معالجة المياه وإصابتها بأضرار؛ ومنعت دخول إمدادات المياه الأساسية».

وقالت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية لـ «هيومن رايتس ووتش: «المياه أساسية للحياة الإنسانية، ومع ذلك، تتعمّد الحكومة الإسرائيلية منذ أكثر من عام حرمان الفلسطينيين في غزة من الحدّ الأدنى الذي يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة. هذا ليس مجرد إهمال؛ إنها سياسة حرمان مدروسة أدت إلى وفاة الآلاف جراء الجفاف والمرض، وهو ما لا يقل عن الجريمة ضد الإنسانية المتمثّلة في الإبادة وأحد أفعال الإبادة الجماعية».

وأجرت «هيومن رايتس ووتش» مقابلات مع 66 فلسطينياً من قطاع غزة، و4 موظفين في «مصلحة مياه بلديات الساحل «في القطاع، و31 موظفاً طبياً، و15 شخصاً يعملون مع وكالات «الأمم المتحدة» ومنظمات الإغاثة الدولية في غزة.

كما حلّلت صوراً من الأقمار الصناعية وصوراً فوتوغرافية وفيديوهات مُلتقطة بين بداية الأعمال العدائية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وسبتمبر/أيلول 2024، وبيانات جمعها أطباء، وعلماء أوبئة، ومنظمات إغاثية، وخبراء في المياه والصرف الصحي.

وخلُصت «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «السلطات الإسرائيلية خلقت عمداً ظروفاً معيشية مُصمّمة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كلياً أو جزئياً».

وقالت في بيان «هذه السياسة، التي فُرضت كجزء من القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين في غزة، تعني أن السلطات الإسرائيلية ارتكبت الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة، والتي ما تزال مستمرة. كما ترقى هذه السياسة إلى أحد «أفعال الإبادة الجماعية» الخمسة بموجب «اتفاقية الإبادة الجماعية» لعام 1948. ومن الممكن أيضاً استنتاج وجود قَصد للإبادة الجماعية من هذه السياسة، إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين رغبوا في تدمير الفلسطينيين في غزة، وبالتالي فإن هذه السياسة قد ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية».

وأشارت إلى أنه «مباشرة بعد الهجمات التي شنتها الفصائل المسلحة الفلسطينية بقيادة «حماس» في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، والتي وجدت «هيومن رايتس ووتش» أنها ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، قطعت السلطات الإسرائيلية كل الكهرباء والوقود عن قطاع غزة»، وفي 9 أكتوبر /تشرين الأول، أعلن وزير الدفاع آنذاك يوآف غالانت «حصاراً كاملاً» لغزة، قائلاً: «لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا مياه، ولا وقود، كل شيء مغلق».

وتابعت «في اليوم نفسه، ولعدة أسابيع بعد ذلك، قطعت السلطات الإسرائيلية كل المياه ومنعت دخول الوقود، والغذاء، والمساعدات الإنسانية إلى القطاع. تواصل السلطات الإسرائيلية تقييد دخول المياه والوقود والغذاء والمساعدات إلى غزة، وقطع الكهرباء عن غزة، وهي ضرورية لتشغيل البنية التحتية اللازمة لاستمرار الحياة. استمر ذلك حتى بعد أن أقرّت «محكمة العدل الدولية» تدابير مؤقتة في يناير/كانون الثاني ومارس/آذار ومايو/أيار 2024 تأمر فيها السلطات الإسرائيلية بحماية الفلسطينيين من الإبادة الجماعية وتوفير المساعدات الإنسانية ضمن هذه الحماية، وحدّدت في مارس/آذار أن ذلك يشمل المياه، والغذاء، والكهرباء، والوقود».

كما منعت السلطات الإسرائيلية أيضاً دخول جميع المساعدات المتعلقة بالمياه تقريباً إلى غزة، بما فيها أنظمة تنقية المياه، وخزانات المياه، والمواد اللازمة لإصلاح البنية التحتية للمياه.

و»بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأغسطس/آب 2024، أفادت مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة، والأمم المتحدة، ومصادر أخرى أن الناس في القطاع لم يتمكنوا من الحصول على الحد الأدنى من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة في حالات الطوارئ الطويلة الأمد. في شمال غزة، أفادت الأمم المتحدة أن الناس لم يتمكنوا من الحصول على مياه الشرب لأكثر من خمسة أشهر، بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وأبريل/نيسان 2024. في حين أظهرت دراسة في أغسطس/آب حول توفر المياه، أن وصول الناس إلى المياه ازداد، إلا أن معظم الناس ما زالوا لا يحصلون على المياه الكافية اللازمة للشرب والطهي».

ووجدت «هيومن رايتس ووتش» أن «القوات الإسرائيلية تعمّدت مهاجمة العديد من المرافق الرئيسية للمياه، والصرف الصحي، والنظافة الصحية وإلحاق الضرر بها أو تدميرها «.

و»في حالات عدة، وجدت «هيومن رايتس ووتش» أدلّة على أن القوات البرية الإسرائيلية كانت تسيطر على المناطق في ذلك الوقت، ما يُشير إلى أن التدمير كان متعمداً.»

ورأت أن «تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، بما فيه تتبُّع الرعاية الصحية، يعني أن الحالات المؤكدة للأمراض، والعلل، والوفيات التي يُحتمل ارتباطها بالأمراض المنقولة بالمياه، والجفاف، والجوع لا يتم تَتبّعها أو الإبلاغ عنها منهجياً.»

وأضافت «مع ذلك، بناءً على مقابلات مع مختصين بالرعاية الصحية وعلماء الأوبئة، فمن المرجح أن يكون آلاف الناس قد توفوا نتيجة أفعال السلطات الإسرائيلية. تضاف هذه الوفيات إلى أكثر من 44 ألف شخص قتلوا مباشرة في الأعمال العدائية، كما سجلت وزارة الصحة في غزة».

كما أصيب مئات الآلاف بأمراض وحالات صحية من المرجح أن يكون الحرمان من المياه الآمنة والكافية تسبب أو ساهم فيها، منها الإسهال، والتهاب الكبد الوبائي، والأمراض الجلدية، والتهابات الجهاز التنفسي العلوي».

وقالت إن «الحرمان من المياه ضارٌ بشكل خاص بالرضَّع، والنساء الحوامل والمرضعات، والأشخاص ذوي الإعاقة».

وتابعت «جريمة الإبادة الجماعية تتطلب ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية بقصد الإبادة الجماعية. وقالت محكمة العدل الدولية إنه لاستنتاج هذا القصد في نمط سلوك الدولة، يجب أن يكون هذا القصد «الاستنتاج المعقول الوحيد الذي يمكن استخلاصه» من الأفعال المعنية».

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن النتائج التي خلُصت إليها، و»التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين التي تُشير إلى أنهم كانوا يرغبون في تدمير الفلسطينيين في غزة، قد تُشير إلى مثل هذا القصد».

كما «وجدت هيومن رايتس ووتش أن بعض التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين دعوا إلى قطع المياه والوقود والمساعدات، بالتزامن مع أفعالهم، ترقى إلى تحريض مباشرٍ وعلني على الإبادة الجماعية».

واعتبرت أن «الحصار المستمر الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية على غزة، كما الإغلاق الذي تفرضه منذ أكثر من 17 عاماً، يرقى أيضاً إلى عقاب جماعي للسكان المدنيين، وهو جريمة حرب. يشكل الإغلاق أيضاً جزءاً من الجريمتين المستمرتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، اللتين ترتكبهما السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين».

وقالت «قوّضت العديد من الحكومات جهود المساءلة واستمرت بتزويد الحكومة الإسرائيلية بالأسلحة رغم الخطر الواضح المتمثل في التواطؤ في انتهاكات خطيرة للقانون الإنـــساني الدولي».

وقالت تيرانا حسن: «ينبغي للحكومات ألا تساهم في الجرائم الخطيرة التي يرتكبها المسؤولون الإسرائيليون في غزة، ومنها الجرائم ضد الإنسانية وأفعال الإبادة الجماعية، وأن تتخذ كل الخطوات الممكنة لمنع المزيد من الأذى. على الحكومات التي تسلّح إسرائيل أن تضع حداً لخطر التواطؤ في الجرائم الفظيعة في غزة، وتتّخذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بحظر الأسلحة، والعقوبات الموجهة، ودعم العدالة».