إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 16/1/2025

الجيش الاسرائيلي يقوم بالتنكيل والتدمير، لكن هرتسي هليفي بقي قدّيس معذب

بقلم: جدعون ليفي

هناك ضحية جديدة، بريئة، في سماء حياتنا، وهي هرتسي هليفي، القدّيس المعذب من مستوطنة كفار اورانيم. “الشعب معك”، كتب له بانفعال نحاميا شترسلر (“هآرتس”، 14/1). “نحن ندين له بالانجازات والنجاح”. انجازات؟ نجاح؟.  من كل ارجاء العالم يتدفق الجنرالات كي يشاهدوا المعجزة، كما كتب شترسلر بانفعال.

“الجنود والقادة معك، الشعب معك!”، أقسم ايضا محامي النخبة نبوت طل تسور في شبكة “اكس”. “الاغلبية الساحقة تثق بك وباستقامتك”. ليس فقط ككبش فداء، بل هو بطل. مستقيم، نزيه، انجازات ونجاح – نعم. هذا هو رئيس الاركان هليفي.

كراهية بنيامين نتنياهو يمكنها فعل أي شيء، بما في ذلك جنون المنظومات هذا. هكذا هو الامر عندما يكون الموضوع الحقيقي الوحيد، المختلف عليه، في اسرائيل هو نتنياهو. حسب هذا التقسيم العلماني فان كل من يكون نتنياهو ضده هو عدو اليمين وعزيز اليسار. غير مهم ما فعله، باستثناء أنه مانع الصواعق لنتنياهو. 

دائما الجيش كان بقرة اليسار المقدسة، اكثر بكثير مما هو لليمين. اصحاب الغرة الشقراء جاءوا من اليسار، وهو بدوره رد المعروف بالتقدير. هذه البقرة تم ذبحها في تشرين الاول 1973. وقد عادت لتكون مقدسة منذ ذلك الحين، لكن بدرجة أقل. لم يعد الجنرالات هم نجوم الروك كما كانوا بعد 1967. ولكن حتى الآن يمكن ايجادهم في دور المسيح المناوب، بالاساس لليسار والوسط. هذا بحد ذاته يلقي بظلاله على اليسار في الدولة، التي جيشها هو في الاساس جيش احتلال متوحش.

في 7 اكتوبر كشف هذا الجيش عاريا. برج الورق انهار، لكن في اليوم التالي استمر اليسار – وسط في ذكر افعاله المجيدة في صباه. الآن تم استكمال تبادل الادوار الهستيري هذا. اليمين البيبي ضد رئيس الاركان والجيش، اليسار – وسط يؤيدونهم. المسؤولون، ليس فقط عن الفشل الكبير والفظيع في تاريخ الدولة، بل ايضا عن جرائم الحرب الاكثر خطرا التي نفذتها، هم اعزاء اليسار. ما معنى اعزاء – هليفي هو بطل يجب النضال من اجل أن يبقى في منصبه، كي لا نصبح ايتام لمن يدافع عن الدولة ويحافظ على صورتها.

الجيش الاسرائيل يواصل كونه بطل الاحتجاج في كابلان. حتى الآن لم يولد في اسرائيل احتجاج جماهيري يقف ضده، من غير المهم الى أي درجة كانت جرائمه خطيرة. من “اخوة في السلاح” وحتى الاولاد الكبار كل الاحتجاج هو نصف الجيش. اذا كان هناك انتقاد للجيش في هذا المعسكر فهو فقط للضباط الذين ليسوا من “جماعتنا”. ولكن في غزة يقتلون القادة من كل المعسكرات. وعن الدمار المخيف فيها فان المسؤول الاول هو رئيس الاركان وبعده قائد سلاح الجو، هم الشباب الطيبون في جماعتنا. 

بالنسبة لليمين فان الجيش هو المتهم الرئيسي بالفشل الذريع، وهو ايضا لا يقتل ولا يدمر ولا ينكل بما فيه الكفاية منذ ذلك الحين كي يروي تعطشه للدماء، الذي لا يعرف الارتواء. بالنسبة لهذا اليمين فان رئيس الاركان هو شخص منافق جدا. هذه الاتهامات اعتبرت هليفي بطل المعسكر الثاني. قطاع غزة اصبح جهنم، واليسار في اسرائيل يؤدي التحية لمن أوجد جهنم هذه. الجيش يقوم بالتنكيل بآلاف المعتقلين الفلسطينيين في حظائر التعذيب التي اقامها – هليفي هو شخص “مستقيم” و”نزيه”. كيف يمكن ذلك؟ كيف يمكن الانفعال من الذي يترأس الجهاز الذي ينفذ كل هذه الاعمال الفظيعة؟ فقط لأن من يقف فوقه هو اسوأ منه؟ حتى رجل دعاية الجيش، دانييل هاجري، المسؤول عن مغلف الاكاذيب والخدع التي ينشرها الجيش لتبييض جرائمه هو بطل هذا المعسكر، لأن نتنياهو يقف ضده.

وجه هليفي هو وجه حزن دائم. وجهه يثير التعاطف. ربما هو شخص مستقيم، متواضع ونزيه في حياته الشخصية، هو تحمل المسؤولية عن الفشل في 7 اكتوبر، وواصل تولي منصبه بدون أن يرف له جفن، وانطلق الى حملة التطهير العرقي والقتل، الاكثر فظاعة في تاريخ الدولة كبطل المعسكر المتنور، فقط كي لا يستقيل، لا سمح الله.

——————————————-

هآرتس 16/1/2025 

اذا كان نتنياهو هو مجموع كل مخاوفه، فان صفقة المخطوفين توضح أن ترامب يخيفه أكثر من بن غفير

بقلم: عاموس هرئيلِ

بعد الاعلان الرسمي في قطر أمس، اصبح يمكن القول بثقة نسبية، إن صفقة التبادل بين اسرائيل وحماس انطلقت. بعد استكمال اجراءات المصادقة القانونية في اسرائيل في نهاية الاسبوع ودخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ (في يوم الاحد)، ستبدأ ايضا عملية اطلاق سراح المخطوفين. يبدو أنه في اليوم الاول ستتم اعادة الى اسرائيل المجموعة الاولى الصغيرة، المكونة من النساء. الامر الذي سيكون قبل يوم من أداء ترامب لليمين كرئيس للولايات المتحدة، بالضبط كما أراد، التي ادت الضغوط الشديدة التي استخدمها على الطرفين وعلى دول الوساطة، مصر وقطر، في نهاية المطاف الى التوصل الى الاتفاق. 

هذه انباء جيدة، رغم الثمن المقرون بها. لم يبق للمخطوفين الكثير من الوقت. نحن شاهدنا الوضع الذي عاد فيه المخطوفين الذين تحرروا في تشرين الثاني 2023، بعد خمسين يوم تقريبا في الأسر. الظروف في هذه المرة اكثر صعوبة. فظروف احتجازهم لا يمكن تحملها، ومعروف أن بعضهم مرت عليه عملية تنكيل قاسية، في 7 اكتوبر وفي الأسر. وعندما وصلوا اخيرا الى البلاد فان عدد قليل منهم خرجوا للتحدث امام الميكروفونات والعدسات. العائلات ستحتاج الى فترة تعافي واعادة تأهيل. الصدمة سترافق كل المشاركين طوال حياتهم. مع ذلك، هذه هي النهاية المطلوبة، الصحيحة والاخلاقية، لهذه القصة. هي نتيجة مطلوبة كي يمكن البدء بالتحدث عن بداية عملية اعادة التأهيل المحتملة للمجتمع الاسرائيلي وروح التكافل التي تفاخر بها ذات يوم. 

كلمة شكر وتقدير يستحقها كل من ساهم في ذلك، اضافة الى ترامب والرئيس التارك جو بايدن. أولا، لجنود الجيش والقادة الذين حاربوا بشجاعة في غزة، لبنان وجبهات اخرى، لسنة وثلاثة اشهر، في حرب كانت من نواحي كثيرة هي الاصعب في تاريخ اسرائيل. كثيرون منهم ضحوا بحياتهم أو صحتهم من اجل الوصول الى الهدف الاكثر اهمية بالنسبة للاغلبية وهو اعادة المخطوفين. ثانيا، يستحق التقدير الذين قاموا بمهمة اجراء المفاوضات، جهاز الامن والمستوى السياسي. آلاف الساعات استثمرت في تركيب الصورة الاستخبارية حول حالة المخطوفين، وبلورة احتماليات عملياتية لانقاذهم، وصياغة اقتراحات لحل تفاوضي. 

هذا الجهد الكبير يبدو أنه ينضج الآن. 88 اسرائيلي و10 اجانب ما زالوا محتجزين في القطاع، نصفهم تقريبا على قيد الحياة. هؤلاء الاشخاص سيتم انقاذهم في القريب من يد منظمة ارهابية متوحشة قامت باختطافهم في 7 اكتوبر، اثناء القيام بقتل سكان الغلاف. النتيجة الايجابية الآن لم تكن لتحدث بدون جهود اذرع الامن، المسؤولة عن الفشل الفظيع الذي أدى الى المذبحة. وحتى الآن المفاوضات لم تكن لتصل الى النهاية بدون ترامب. خلال اشهر الخريف، لا سيما بعد فوز ترامب في الانتخابات في تشرين الثاني، قام بتحديد الهدف وهو الوقف الكامل لاطلاق النار واعادة جميع المخطوفين بالتدريج. 

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يرغب في هذه الصفقة لفترة طويلة. أتباعه يصممون على أن الاعتبارات كانت موضوعية. السيطرة على محور فيلادلفيا على حدود القطاع مع مصر تم عرضه كحاجة أمنية خالدة لاسرائيل. السرعة التي تراجع فيها نتنياهو عن هذا المبدأ، بضغط من ترامب، تدل على وزن هذا الادعاء الحقيقي. الاعتبار الرئيسي الذي يوجه نتنياهو منذ فترة طويلة هو البقاء السياسي. غطرسته وتركيزه على مشكلاته القانونية ساهمت في المفاجأة الفظيعة في يوم المذبحة، وأداءه لم يتحسن بشكل كبير طوال الحرب. لو أن نتنياهو عمل على مناقشة حلول سياسية لليوم الذي سيعقب حماس في القطاع، لربما لم يكن الجيش الاسرائيلي سيتركز بدون أي حاجة في غزة في الاشهر الاخيرة. 

الآن ربما اصبح الوقت متأخر جدا لتبني اتفاق سياسي بديل. حماس توجد في نقطة انطلاق افضل للعودة، وكي تأخذ في يدها الصلاحيات المدنية في القطاع. وحتى ترميم بالتدريج قوتها العسكرية. هناك مفاجأة تنتظر الجمهور عندما سيكتشف ما الذي تنازل عنه في المفاوضات الشخص الذي يقول بأنه يريد ذكره كمدافع حازم عن أمن اسرائيل. ليس فقط عن السيطرة الدائمة في محور فيلادلفيا، بل عن الاحتفاظ بممر نتساريم والقدرة على الرقابة الحقيقية لعودة أكثر من مليون فلسطيني الى شمال القطاع. وهو ايضا وافق على السماح لادخال 600 شاحنة مساعدات انسانية كل يوم الى القطاع، أي 100 شاحنة اكثر مما كان قبل الحرب. في الاشهر التي رفض فيها الخطة، التي طرحت في السابق في شهر أيام من قبل بايدن، خاف نتنياهو بالاساس من شركائه في اليمين المتطرف، سموتريتش وبن غفير، الذين هددوا باسقاط الحكومة. الآن يبدو أن ترامب لم يترك له أي خيار آخر. منذ سنوات يقولون عن نتنياهو بأنه مجموع كل مخاوفه، وقد تبين أن ترامب يخيفه أكثر وبحق.

بعض أتباع رئيس الحكومة المجانين يمرون في الفترة الاخيرة في عملية استيقاظ مؤلمة. ترامب غير معجب باسرائيل أو نتنياهو، بل هو يعمل من خلال عدة مصالح معقدة تهدف الى وضع الولايات المتحدة في الصورة الاستراتيجية الدولية التي تتغير بسرعة، بالطبع تحركه ايضا مكانته الشخصية وسمعته. 

أمس لم يكن من الواضح اذا كانت قوائم اليمين المتطرف تنوي الانسحاب من الائتلاف. اضافة الى اللهجة العالية والتحذير من كارثة وطنية قريبة، فان رؤساء هذه القوائم يجدون صعوبة في التنازل عن ملذات المنصب والتقدير وسرقة خزينة الدولة. هذه سخرية غير مسبوقة حتى فيما يتعلق بسياسة اسرائيل في العام 2025. 

بن غفير وسموتريتش ليسا وحدهما بالطبع. فالمتهكم الرئيسي هو نتنياهو. أمس خلال ساعة ونصف اهتم في تضخيم ازمة اللحظة الاخيرة مع حماس حول تفسير بند التواجد في محور فيلادلفيا. هذا لن يغير أي شيء في صيغة الاتفاق النهائي، لكنه مكن رئيس الحكومة من خلق للحظة الانطباع بأنه يستمر في الوقوف بتصلب من اجل تحقيق طلباته. الخوف الذي سببه هذا الامر لابناء عائلات المخطوفين بالتأكيد لم يهمه بأي شكل من الاشكال.

صفقة التبادل ستنطلق، باحتمالية كبيرة، في بداية الاسبوع القادم. الطرفان توجد لهما دوافع للحفاظ على وقف اطلاق النار لستة اسابيع واستكمال تحرير الـ 33 مخطوف مقابل اكثر من 1200 سجين فلسطيني. الامتحان الحقيقي سيكون في المرحلة الثانية. فهو يتعلق بتحرير المجموعة الثانية للمخطوفين، الاحياء والاموات، عند استكمال انسحاب اسرائيل من القطاع. ترامب اظهر الثقة بالنفس، لكن هذه ستكون مهمة صعبة ومليئة بالتوتر. في نفس الوقت ستتضح بالتدريج ايضا خصائص الاتفاق الجديد التي ستتبلور في القطاع – هل يمكن اعادة اعماره، أي دول ستتجند لذلك، وهل توجد احتمالية لحل يشمل نظام بديل سيبعد الارهابيين القتلة من حماس عن الحكم في القطاع.

——————————————-

هآرتس 16/1/2025 

بايدن وترامب على حد سواء تبقى لهما استنتاج واحد: إسرائيل لا تفهم الا لغة القوة

بقلم: تسفي برئيل

في الخطاب الاخير الذي القاه، ربما الخطاب الاخير الذي سيلقيه في ولايته، صاغ انطوني بلينكن ملخص مهمته السياسية. “يجب خلق واقع جديد في الشرق الاوسط، كل الشعوب فيه تكون آمنة آكثر. الجميع يستطيعون تحقيق الطموحات الوطنية لهم ويمكنهم العيش بسلام”، هذا ما قاله في هذا الاسبوع وزير الخارجية الامريكي التارك. “هل هذا صعب على التحقق؟ نعم. السلام في المنطقة كان دائما صعب. هل هذا أمر مستحيل؟ لا. هل هذا حيوي؟ بالتأكيد نعم”.

رغم أن اقوال بلينكن تعكس استراتيجيته التي عمل عليها كثيرا، وتعهد بها وسوقها مع الرئيس جو بايدن، إلا أنها ليست سوى أمنية. سواء الاسرائيليين أو الفلسطينيين لم يستجيبوا لبلينكن. أمنيات مشابهة سُمعت في الخطابات الاجمالية لادارات امريكية سابقة، بما في ذلك الادارات التي بذلت الجهود الكبيرة للدفع قدما بعمليات سياسية، لكنها بقيت مع الفتات. 

بلينكن كانت له نظرية مرتبة، اساسها نشر في مؤتمر الـ “جي 7” في طوكيو في تشرين الثاني 2023، بعد شهر على اندلاع الحرب. ومنذ ذلك الحين نفس هذه النظرية بقيت على حالها. وعلى الارض لم يتم حدوث أي تقدم تقريبا. في هذا الاسبوع تم تلخيص مبادئها ببضع جمل: “غزة لن يتم حكمها الى الأبد على يد حماس، ولن تستخدم كمنصة للارهاب والهجمات العنيفة. وسيتم تشكيل ادارة بقيادة الفلسطينيين بحيث تكون غزة موحدة مع الضفة في ظل السلطة الفلسطينية. لن يكون احتلال اسرائيلي في غزة أو تقليص مساحتها. وفي النهاية لن تكون أي محاولة لفرض الحصار على غزة أو تهجير بالقوة للسكان”.

من اجل تجسيد هذا الطموح يجب على السلطة الفلسطينية تطبيق  “اصلاحات بعيدة المدى”. وفي نفس الوقت يجب على اسرائيل الموافقة على وحدة غزة والضفة “بقيادة السلطة”. عمليا، بلينكن اقترح أن تقوم السلطة الفلسطينية باستدعاء شركاء دوليين لمساعدتها على اقامة وتفعيل ادارة مؤقتة لها صلاحية في المجالات المدنية مثل الصرافة، الكهرباء، المياه، الصحة والتعليم، وكل ذلك بالتنسيق المدني مع اسرائيل. حسب اقتراحه فان المجتمع الدولي سيقوم بتوفير الاموال والمساعدات التقنية. وحسب قول بلينكن فان هذه هي المرحلة الاولى نحو الطريق الى الهدف النهائي، اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

في الخطاب كرر ايضا بلينكن الحقيقة المعروفة التي بحسبها “اسرائيل لا يمكنها العيش في وهم أنه يمكنها ضم المناطق دون أن يكون لذلك تأثير على ديمقراطيتها”. وقد حمل اسرائيل مسؤولية انهيار السلطة. “هي قامت بتخريب بشكل ممنهج القدرة والشرعية للبديل الوحيد لحماس – السلطة الفلسطينية”. ايضا هو لم يتطرق الى مسألة اخرى تتعلق بدورها، أو ما يمكن تسميته بدرجة صحيحة اكثر “عجز ادارة بايدن في جهود الدفع قدما بخطته”. لأنه حتى عند فحص الطريقة التي جرت وتجري فيها المعركة السياسية لاطلاق سراح المخطوفين، ورغم الجهود التي بذلتها ادارة بايدن للدفع قدما بذلك، فان الاتفاق مسجل على اسم ترامب. بالتالي، “ارث” هذه العملية المؤلمة هو أنه بدون التهديد والضغط للرئيس الجديد فانه يبدو أن خط النهاية للاتفاق، اذا كان، لن يتم تجاوزه بدونه.

يبدو أن المفهوم الفارغ الذي قام ترامب بصكه، “فتح ابواب جهنم” (بدون تفسير طبيعة جهنم هذه ومن سيدخل اليها)، كان المفتاح السحري المطلوب من اجل اجبار نتنياهو على الموافقة على الصفقة، وهي الصفقة التي وضعها على بايدن على الطاولة قبل اشهر كثيرة. هل كان بايدن يمكنه في مرحلة مبكرة أن يفتح هو نفسه ابواب جهنم؟. رغم أنه في الولايات المتحدة لن يتم تشكيل لجنة تحقيق لفحص الاخفاقات السياسية للادارة الامريكية في كل ما يتعلق بمعالجة الحرب في غزة، إلا أنه يبدو أن الادارتين اصبح يمكنهما الاستنتاج بأن “اسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة”. 

ليس فقط صفقة التبادل يمكنها التدليل على صحة هذه الصيغة. فبايدن اجبر نتنياهو على الموافقة على زيادة كمية المساعدات الانسانية التي تدخل الى غزة. ورغم القيود التي فرضها على ارسالية القنابل ثقيلة الوزن، إلا أن المساعدات الانسانية للقطاع لم تصل الى المستوى الذي طلبته الادارة. ايضا لم يتم اتخاذ أي ترتيبات جديدة وناجعة لتوزيع المساعدات في القطاع. وفضلا عن ذلك فان تهجير سكان غزة – البند المركزي في المحظورات التي سعت الادارة الامريكية الى تطبيقها – لم يتوقف، بل هو حتى توسع؛ المحادثات الهاتفية الصعبة بين واشنطن والقدس لم تمنع اعمال الشغب والمضايقة للمستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. 

في نفس الوقت ادارة غزة في اليوم التالي اصبحت موضوع ملح ازاء اعادة انتشار قوات الجيش الاسرائيلي من جديد في القطاع. ورغم ذلك فان طموحات الامريكيين في هذا الشأن علقت في المكان الذي كانت فيه عند اندلاع الحرب. ومحاولة تجنيد قوات محلية – رؤساء حمائل أو ممثلين لقيادة محلية اخرى – لم تتبلور وتصبح خطة عملية. ايضا فكرة استخدام شركة مدنية امريكية تتحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات لن تتبلور. يمكن التقدير بأن الوضع الذي فيه العصابات المسلحة واعضاء حماس هم الذين سيستمرون في ادارة منظومة التوزيع، كما فعلوا حتى الآن، سيستمر، حتى ربما في الاسابيع والاشهر القادمة.

قضية اخرى معقدة ترتبط بتشغيل معبر رفح الذي يمكن فتحه في مرحلة معينة في فترة وقف اطلاق النار. مصر تصمم على أنه في الطرف الغزي سيتم تشغيل المعبر من قبل جهات فلسطينية معروفة، أي السلطة الفلسطينية أو أي جسم فلسطيني آخر. في المقابل، مصر، بالتنسيق مع الادارة الامريكية، بادرت الى تشكيل “لجنة ادارة اجتماعية”، تتكون من عدة اشخاص متفق عليهم من قبل حماس والسلطة الفلسطينية، هدفها ادارة البنى التحتية المدنية برعاية السلطة الفلسطينية وحسب الأمر الذي سينشره رئيس السلطة محمود عباس. حماس وافقت على تشكيل اللجنة، وحتى أنها عرضت قائمة لاشخاص سيكونون اعضاء فيها. ولكن في هذه المرة محمود عباس استخدم الفيتو وقال بأنه يعارض تشكيل اللجنة. 

حسب اقوال محمود عباس فان تشكيل هذه اللجنة سيشكل في غزة ادارة فلسطينية موازية لادارة السلطة الفلسطينية. يوجد في ذلك ما من شأنه فصل قسمي فلسطين وتقويض مكانة السلطة الفلسطينية وم.ت.ف، كممثلين حصريين للشعب الفلسطيني. بخصوص اسرائيل فان موقفها المبدئي الذي لا هوادة فيه كان وما زال المعارضة الشديدة لأي اشراك للسلطة الفلسطينية في ادارة القطاع. ازاء هذه المواقف فان الادارة بقيت بدون رد. ومن غير تعاون السلطة الفلسطينية أو أي جسم فلسطيني آخر معروف، فانه حتى المبادرة الامريكية لتجنيد قوة متعددة الجنسيات، بالاساس عربية، التي ستدخل الى القطاع لغرض الحماية والمساعدة في الادارة بقيت على الورق.

الرئيس ترامب سيرث خارطة شرق اوسط معقد وخطير. هو في الحقيقة نجح في تحقيق جزء مهم من “صفقة القرن” عندما نفذ “اتفاقات ابراهيم”، لكنه يعود الى نقطة الصفر في كل ما يتعلق بالنزاع مع اسرائيل والفلسطينيين. خلافا لبايدن وبلينكن، ترامب لم يضع حتى الآن خطة عمل واقعية، سواء في القضايا التكتيكية والفورية، أو في رؤيته الاستراتيجية التي هي وصفة للتطبيق من اجل تسوية ادارة غزة، والدفع قدما بعملية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، أو التطبيع بين السعودية واسرائيل. من المهم معرفة كيف ينوي الالتفاف على شروط الرياض، التي تطالب بخطة لحل القضية الفلسطينية بحيث تشمل أفق سياسي على اساس حل الدولتين مقابل التطبيع. يجب الآن الانتظار ورؤية اذا كان “فتح ابواب جهنم” سيتحول الى استراتيجية ثابتة له، حتى في مواضيع اساسية، أو أنه كان مشهد لمرة واحدة.

——————————————-

إسرائيل اليوم 16/1/2025

الواقع معقد ومؤلم، لكن عليك أن تنظر إليه بعيون مفتوحة

بقلم: عوديد عيلام

عوديد عيلام رئيس دائرة العمليات في الموساد سابقا

كتب ألترمان يقول: لا تضعوا نظارات، لا متكدرة ولا مفرحة. انظروا رجاء بالعيون، بعيون مفتوحة.

نحن أيضا مطالبون بان ننظر الى الواقع بعيون مفتوحة. واقع هو مركب، أليم، يلزمنا بنظرة عديمة الأوهام لكن يوجد فيها أمل أيضا. 

أولا، علينا أن نعترف باستقامة: الهدف المركزي – تقويض القدرة العسكرية لحماس وانهاء حكمها – لم يتحقق. بل لا يزال بعيدا عن أن يتحقق. صحيح، توجد لنا إنجازات، لكنها جزئية، ولا يمكن طمس هذه الحقيقة. القدرة على استخدام أدوات عسكرية لتحرير المخطوفين اثبتت بانها محدودة للغاية، بخاصة بعد احداث 29 آب والقتل الصادم لستة المخطوفين. 

الى جانب هذا ينبغي الاعتراف بقدرة البقاء لدى حماس، المدعومة بقدر كبير بالمساعدات الإنسانية التي فرضتها علينا إدارة بايدن. الاتفاق الذي وقع في هذه المرحلة ليس فقط اضطرار سياسي بسبب ضغوط دولية بل أيضا أمر أخلاقي. 

الصفقة التي وقعت صعبة، إشكالية لكنها اضطرارية – بما في ذلك على خلفية الواجب لرأب الصدوع العميقة في المجتمع الإسرائيلي. الوحدة الداخلية أصبحت مهمة وطنية بقدر لا يقل أهمية عن الصراع الخارجي، وفي اطار ذلك ينبغي أن نرى الفعل أيضا من زاوية نظر أخلاقية وضرورات اجتماعية.

من جهة أخرى فان حملة البيجر في 17 أيلول خلقت رد فعل متسلسل يكاد يكون غير مفهوم؛ إعادة بناء الواقع الذي في نهايته المحور الشيعي تعرض لاكبر ضربة سبق أن تعرض لها. إسرائيل مرة أخرى تعتبر كقوة عظمى إقليمية. كنت أقول بقدر ما ومع التحفظ اننا عدنا الى تعريف المنتج للفكرة الصهيونية البن غوريونية، ما يسمح لنا بسخاء المنتصرين رغم الاثمان القاسية جدا جدا.

في الشرق الأوسط يحترمون القوة

ماذا بعد؟ يمكننا ان نكون واثقين ومعتمدين على شيء واحد، الرمز التشغيلي للاسلام وعدائه تجاه الكيان الصهيوني هما بوصلة لهم ستقودهم بالضرورة الى خرق – يسمح لنا بحرية عمل واسعة بشروط محسنة. في الشرق الأوسط يحترمون القوة وليس الاتفاق. إسرائيل الجديدة، إسرائيل “الصيغة 2” ملزمة بان تعرض منظومة تفعيل أخرى: حديثة، واعية ومسنودة الى قوة تفعيل مصممة ومتداخلة مع فهم لتغييرات الساحة الامريكية – واساسا منظومة مع تداخل قوى مع الولايات المتحدة لمواجهة ايران المتحولة نوويا. 

صحيح أن الطريق امامنا ليست معبدة بحجارة صفراء وتؤدي الى قصر ساحر، والرجل الأصفر في واشنطن ليس دوما متوقعا، وبالضرورة ستكون عوائق أخرى. لكن الى جانب ذلك الواقع تغير، وهذا التغيير يفتح امامنا فرصة جديدة او كما يقال بالعربية: لا تنتظر الظروف تتغير، كن أنت التغيير”. 

——————————————-

هآرتس 16/1/2025

معظم ملفات الاعتداء على الفلسطينيين تُغلق بدون اتهام

بقلم: هاجر شيزاف

معظم ملفات الجريمة القومية ليهود ضد فلسطينيين في الضفة الغربية في العشرين سنة الاخيرة، تم اغلاقها بدون لوائح اتهام. هذا ما يتبين من المعطيات التي جمعتها جمعية “يوجد حكم” في الاعوام 2005 – 2024. هذه الجمعية تابعت 1701 ملف تحقيق في مخالفات قومية متطرفة ضد الفلسطينيين في لواء يهودا والسامرة في الشرطة، التي لا تعكس كل الظاهرة. حواي 94 في المئة من الملفات التي تمت متابعتها تم اغلاقها بدون لوائح اتهام، وفقط 3 في المئة من الملفات التي قدمت فيها لوائح اتهام أدت الى الادانة الكاملة أو الجزئية.

في نفس الوقت التحقيق الذي اجرته الجمعية اظهر أنه في العقد الاخير حدث انخفاض في نسبة المتضررين الفلسطينيين المستعدين لتقديم شكاوى في الشرطة على عنف التطرف القومي، هذا التوجه الشديد في السنتين الاخيرتين، بعد تسلم ايتمار بن غفير منصب وزير الامن الوطني: في 2024 شهد 66 في المئة من المتضررين الذين شاركوا في البحث بأنهم غير معنيين بتقديم شكوى في الشرطة (101 حالة من بين الـ 153)، مقابل 27 في المئة من المتضررين الذين اجابوا “نعم” في 2021.

من الملفات البارزة في السنوات الاخيرة، التي لم تصل الى مستوى توجيه تهمة، ملفات اعمال الشغب في حوارة في شباط 2023، التي قتل فيها سامح الاقطش في قرية زعترة المجاورة. احد المتضررين كان هو سكان حوارة، الذي تم احراق محله في اعمال الشغب، قدم بمساعدة “يوجد حكم” شكوى في يوم الاحداث، وفي ايلول 2023 تم ابلاغه بأنه تم اغلاق الملف. ملف التحقيق الذي حصلت عليه المحامون كان يشمل فقط المصادقة على تقديم شكوى ورسالتان باللغة العربية، وهو نفسه لم يتم استدعاءه على الاطلاق للتحقيق. 

سلوك مشابه للشرطة كان في تموز 2024 عندما تمت مهاجمة فلسطينيين من قبل مستوطنين في خربة النحلة قرب مستوطنة افرات. “نحن كنا في ارضنا، المستوطنون قاموا بمهاجمتنا”، قال للصحيفة صهيب، أحد المهاجَمين. “لقد حطموا السور وقاموا بادخال قطعانهم الى ارضنا. اطلقوا النار على قدمي وضربوني بعصا على رأسي ورشوني بغاز الفلفل. كثيرون منا اصيبوا. وعمي احتاج الى وضع البلاتين، وابن عمي قاموا بكسر قدمه”. حسب تقديره فان حوالي عشرين مستوطن كانوا في المكان، وبعد ذلك وصل الى المكان جنود ومستوطنين آخرين. وقد قال بأنه وثق الاعتداء، لكن المستوطنين الذين كانوا مكشوفي الوجوه حسب قوله سرقوا هاتفه. لم نرجع الى الارض منذ ذلك الحين. نحن لا نريد المشاكل”. 

بعد ذلك قال صهيب بأنه هو واشخاص آخرين تم الهجوم عليهم ذهبوا الى المستشفى لتلقي العلاج وبعضهم قدموا شكوى في شرطة بيتار عيليت بعد اسبوع. الشرطة لم تتوجه الى أي أحد في اعقاب الشكوى وملف التحقيق تم اغلاقه بعد ثلاثة اشهر. ايضا التحقيق في تخريب مقهى في قرية الساوية في كانون الثاني 2024 تم اغلاقه بدون تقديم لائحة اتهام، هذا الملف وجدت فيه فقط مصادقة على تقديم شكوى ووثيقتين للشرطة الفلسطينية. الشرطة لم تتطرق لذلك أبدا لأنه كان لدى المشتكي فيلم فيديو.

شرطة لواء شاي (يهودا والسامرة) معروف منذ زمن أداءها المعيب بخصوص ملفات جرائم التطرف القومي ضد الفلسطينيين. المشتبه فيهم لا يتم اعتقالهم، رجال الشرطة يأتون الى مكان العملية بشكل متأخر، التحقيق لا يتم فتحه طالما أنه لا توجد شكوى (حتى لو كانت الجريمة معروفة للشرطة)، ويتم وضع صعوبات امام المشتكين الفلسطينيين. مثلا، لا يوجد دائما محققين يتحدثون العربية، واحيانا الشرطة لا تقوم بادخال الفلسطينيين الى مراكز الشرطة. فلسطيني من بيت لحم قال للصحيفة بأنه عندما جاء في كانون الاول من اجل تقديم شكوى ضد العنف، انتظر لبضع ساعات خارج مركز الشرطة في بيتار عيليت، وفي النهاية قالوا له إنه لا يمكن استقباله لأنه لا يوجد محقق يتكلم العربية في المركز. هذا الشخص الذي تعرض مرة تلو الاخرى لعنف المستوطنين اضطر الى العودة خالي الوفاض ونجح بعد ذلك فقط في تقديم شكوى.

منذ بداية الحرب حدثت حوادث خطيرة فيها لم يتم تقديم لوائح اتهام، مثل المواجهة قرب قرية عقربة في 15 نيسان: مستوطنون وجنود جاءوا الى مدخل القرية وبدأوا في الاحتكاك مع فلسطينيين كانوا يرعون ابقارهم في اراضيهم. في هذه الحادثة تم اطلاق النار وقتل فلسطينيين، والجثث تم ارسالها الى التشريح في اسرائيل. عن ذلك قال في حينه مصدر في الشرطة بأن هذا الامر سيساعد على حل القضية. رغم ذلك لم يتم تقديم لائحة اتهام حتى الآن. وفي قسم المتحدث بلسان الجيش قالوا بأنه في اعقاب الحادث تم فتح تحقيق مشترك بين الشرطة وقسم التحقيقات مع رجال الشرطة، وهو مستمر حتى الآن.

ايضا في حالات المذابح في قرية دوما وقرية المغير في نيسان في اعقاب قتل الفتى بنيامين احيمئير على يد فلسطيني من دوما، لم يتم تقديم لوائح اتهام. وهكذا ايضا في المذبحة في قرية جت في شهر آب، التي تم فيها احراق بيوت واطلاق النار وقتل شاب فلسطيني. في بعض الحالات تم اعتقال بعض الاشخاص اعتقال اداري، لا يشمل تقديم لائحة اتهام، بل يسمح باعتقال شخص لثلاثة – ستة اشهر. مؤخرا اعلن وزير الدفاع اسرائيل كاتس بأنه سيتوقف عن استخدام هذا الاعتقال ضد المستوطنين.

عندما تقوم الشرطة باغلاق ملف يجب عليها الاشارة الى سبب الاغلاق. وحسب “يوجد حكم” فان 64.4 في المئة من الملفات التي تم فحصها في العشرين سنة الاخيرة تم اغلاقها لأن المشتبه فيهم لم يتم العثور عليهم. 19.5 في المئة من الملفات تم اغلاقها بسبب نقص الادلة، و11.2 في المئة من الملفات تم اغلاقها نتيجة عدم وجود تهمة جنائية والمتبقية لاسباب مختلفة. حالة تم فيها اغلاق الملف لأن المجرم غير موجود، هي حالة مهاجمة عائلة فلسطينية قرب المنية، التي قربها اقيمت في هذه السنة بؤرة استيطانية باسم “مكنيه ابراهام”. “نحن كنا نرعى الاغنام، المستوطنون جاءوا وجلبوا قطعانهم الى قطعة الارض”، قال رب العائلة احمد الطروة. “بعد ذلك جاء الجنود، وامام ناظريهم قام المستوطنون بضربي بعصا. أنا قلت للشرطة بأن الجنود كانوا هناك وأن لدي صور للمعتدين”. وحسب قوله، المستوطنون ايضا قاموا بضرب أحد اولاده في نفس الحادثة. بعد ذلك تم الاعتداء على العائلة عدة مرات – في أخطر حالة في كانون الاول، قام المستوطنون باحراق مبنى لتخزين المعدات الزراعية. هنا ايضا تم توثيق الاعتداء، والطروة قدم شكوى في الشرطة. حتى الآن لم يتم التقرير اذا كان سيتم تقديم لائحة اتهام.

في جمعية “يوجد حكم” قالوا اضافة الى البيانات التي قدموها: “بيانات عدم انفاذ القانون في العشرين سنة الاخيرة تثبت أن عنف المستوطنين لا يعتبر هامشي وصدفيا، بل هو ظاهرة. ما كان خلال سنوات سياسة منهجية لتحقيقات فاشلة في الشرطة اصبح عند تشكيل الحكومة الحالية رسالة واضحة لدعم الاجرام الايديولوجي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. عنف المستوطنين اصبح ذراع تنفيذية اخرى لمشروع الاستيطان والضم، الذي يعمل على السيطرة على الاراضي وطرد الفلسطينيين من اراضيهم، خلافا للقانون الدولي”.

الشرطة لم ترد على سؤال هآرتس فيما يتعلق بالملفات التي ذكرت هنا. ولكنها قدمت رد عام: “أي شكوى يتم تقديمها في الشرطة يتم التحقيق فيها ويتم علاجها على يد افضل المحققين في لواء يهودا والسامرة وبحسب خطورة الملف، بالتعاون مع محققي الشباك ووفقا لحدود المسؤولية. في بعض الملفات التي تم عرضها التحقيق مستمر حتى الآن وبطبيعة الحال لا يمكن اعطاء أي تفاصيل. بعض الملفات التي تم عرضها تم اغلاقها بعد تنفيذ كل اجراءات التحقيق المطلوبة، طبقا لنتائج التحقيق والأدلة. يجب الاشارة الى أن لواء يهودا والسامرة والشباك سيستمرون في التحقيق في الملفات بشكل جذري ومهني من اجل التوصل الى الحقيقة”.

——————————————

يديعوت احرونوت 16/1/2025

بأُسم البقاء السياسي

بقلم: عوديد شالوم

المخطوفون الذين سيتحررون في نبضات ابتداء من بداية الا سبوع القادم كان يمكنهم أن يكونوا في بيوتهم قبل أكثر من نصف سنة. وليس فقط هم كان يمكنهم. المخطوفون الذين نجوا أشهر طويلة أيضا في لظى انفاق غزة وقتلوا في نهاية الامر على أيدي آسريهم هم أيضا كان يمكنهم ان يكونوا في بيوتهم، على قيد الحياة.

نادرة هي الحالات التي يلوح فيها سياسي ما، يدعي انه زعيم على المستوى الوطني بحقارته، ويتباهى بها. ايتمار بن غفير هو شخص بلا خجل. ليس فقط هو بلا خجل بل هو أيضا بلا اخلاق يهودية. الكهاني الفاشي الذي اجتهد نتنياهو جدا كي يربطه بسموتريتش في سباق مشترك في الانتخابات كي يمنع خسارة الأصوات لكتلة اليمين، كرر امس ما سبق أن قاله اول أمس: “في السنة الأخيرة بفضل قوتنا السياسية نجحنا في منع تنفيذ هذه الصفقة، المرة تلو الأخرى”.

نحن ملزمون بان نأخذ نفسا بعد سماع هذه الاقوال. لو كنت قريب عائلة لواحد من المخطوفين الذين تبقوا على قيد الحياة في غزة، وبالتأكيد لاولئك الذين قتلوا او توفوا في الاسر، لجن جنوني. ها هو وزير كبير يعترف بصوته، وليس من خلال حديث خلفية او اقتباسات مغفلة على لسان مقربين، بانه استخدم قوته السياسية كي يحبط صفقة كان يمكنها أن تعيد منذ زمن بعيد الإسرائيليين الذين اختطفوا من بيوتهم في 7 أكتوبر. أولئك الذين ذهبوا ليستمتعوا في حفلة وانهوا يومهم في نفق محفور في مكان ما هناك في القطاع. صفقة كان يمكنها أن تعيد المجندات والجنود الذين سقطوا في الاسر وهم جرحى جسديا ونفسيا بعد أن رأوا رفاقهم يقتلون امام عيونهم. 

بن غفير يتباهى بانه احبط عودة الإسرائيليين الى حضن عائلاتهم. إسرائيليين سقطوا ضحية الإخفاق الأكبر في تاريخ إسرائيل منذ قيامها. اخفاق مسجل باحرف سوداء كبيرة على أسم هذه الحكومة ورئيسها وعلى كل واحد وواحدة من أعضائها. وكذا على أسم ايتمار بن غفير. ليس في هذا الرجل أي قدر من الرأفة وقبول المسؤولية الشخصية. ولا لدى رفيقه في الحكومة، بتسلئيل سموتريتش. سموتريتش إياه الذي في 7 أكتوبر 2023، بعد بضع ساعات من بدء اتضاح حجوم الكارثة اعترف بانه اذا طلب الجمهور استقالة الحكومة، فهذا سيكون عن حق وانقلب بمرور الزمن حين اشاح عن نفسه وعن الحكومة كل مسؤولية عن الإخفاق. لكن سموتريتش الذي قال هذا الأسبوع عن الصفقة المتبلورة لاعادة المخطوفين ان الحديث يدور عن “كارثة للامن القومي” على الأقل لا يتباهى في أنه احبط العودة الى الديار للمخطوفين في المرات السابقة التي كانت فيها صفقة على جدول الاعمال. لديه قليل من الوعي الذاتي والحساسية ان لا يلوح بهذا في وجه العائلات. 

لسموتريتش وبن غفير كان معلم فائق في كل ما يتعلق بازاحة المسؤولية الشخصية والجماعية عن اخفاق 7 أكتوبر. نتنياهو، من خلال مبعوثيه في الكنيست وفي وسائل الاعلام، نجح في ضعضعة ثقة الجمهور في استقامة ونزاهة قضاة المحكمة العليا وفي أنه يحبط إقامة لجنة تحقيق رسمية يعينها رئيس المحكمة العليا. عليه أن يعرف بان قسما كبيرا من الجمهور الإسرائيلي لن يدعه يفلت من المسؤولية ومن الوقوف امام لجنة رسمية غير منحازة. كل الاستطلاعات تشير الى أنه توجد اغلبية في الجمهور لاقامة لجنة كهذه. هكذا بحيث أنه حتى اذا لم تقم هذه قريبا، فانها ستقوم. كما أنه يمكنه أن ينفي بقدر ما يشاء ادعاء بن غفير في أنه من خلال التهديد باسقاط الحكومة نجح في أن يمنع حتى اليوم صفقات كهذه التي اتفق عليها أمس.

الرئيس المنصرف جو بايدن قال هذا الأسبوع ان هذه الصفقة هي الصفقة ذاتها التي وافق عليها نتنياهو قبل اكثر من نصف سنة وكرر أقواله امس. ما الذي تغير الان؟ اقوال بن غفير تعزز الادعاء بان نتنياهو اسقط حتى الان الصفقة لاعتبارات البقاء السياسي. 

كل هذا لن يخفي الفرح والتأثر بعودة إخواننا الى الديار. بالنسبة لعائلات المخطوفين هذه لحظة صلوا لها وكافحوا في سبيلها لاكثر من سنة. كما أنها كذلك بالنسبة للكثير جدا من أهالي الجنود في النظامي، نساء، ازواج، أطفال، رجال ونساء خدمة الاحتياط، هذه بشرى مفرحة. الصفقة تجلب معها املا في أننا قريبون أيضا من نهاية الحرب. المجتمع الإسرائيلي كله دفع ثمنا اثقل من أن يحتمل، حان الوقت للبدء بالشفاء. لكن شيئا واحدا لن ينسى وهو القيادة الحقيرة التي قادتنا الى هذه الكارثة وترفض أخذ المسؤولية وقيادتنا باستقامة وتفان. فليعلم أولئك الذين سيعودون الى الديار الأسبوع القادم بانه كان يمكنهم أن يعودوا قبل اشهر. هذا لن يحصل لانه كان من منع هذا بقوته السياسية. 

——————————————

معاريف 16/1/2025

هل تحمل الأيام المقبلة صداماً بين ترامب ونتنياهو؟

بقلم: إيتان غلبوع

اليمين في البلاد هتف فرحاً حين فاز ترامب في انتخابات 2024 للرئاسة الأمريكية. قالوا إن العلاقات مع إسرائيل أقرب وأفضل من تلك التي كانت في عهد إدارة بايدن. أناس نتنياهو ألمحوا بأن ترامب كفيل بأن يأمر بهجوم مشترك على منشآت النووي في إيران، أو على الأقل لن يعارض مثل بايدن، هجوماً إسرائيلياً. وسبق لسموتريتش أن أعلن بأن 2025 ستكون سنة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة. لكن تأثير ترامب على الاتفاق لتحرير المخطوفين ووقف الحرب في غزة، مؤشر على ما سيأتي، وقد يخيب آمال من توقع يداً حرة من الولايات المتحدة.

الاتفاق الحالي يشبه ذاك الذي اقترحه نتنياهو على بايدن في 2024. وفي حينه، تراجع بسبب تهديدات بن غفير وسموتريتش بتفكيك حكومته. تظهر في الاتفاق تنازلات تعهد نتنياهو ألا يقدمها. صحيح أن قاعدة الائتلاف اتسعت مع دخول جدعون ساعر إلى الحكومة، وأن محور النار الإيراني تلقى ضربات قاسية، لكن الفرق الأساس بين أيار 2024 وكانون الثاني 2025 هو ترامب.

منذ فوزه في الانتخابات، طلب ترامب من نتنياهو إنهاء المفاوضات لتحرير المخطوفين والحرب في غزة حتى احتفال ترسيمه الإثنين القادم. اعتقد نتنياهو أنه من الأفضل تأجيل الاتفاق إلى ما بعد الترسيم، كي يتمكن ترامب من أخذ الحظوة عليه، لكن حين اقترب موعد الترسيم ولم يتحقق تقدم في المحادثات، استخدم ترامب ورجاله ضغوطهم على كل الجهات ذات الصلة، بمن فيهم نتنياهو، للالتزام بالهدف.

ترامب يعرف نتنياهو، يعرف أنه غير مصداق ولا يثق به. ولهذا، بعث إليه بستيفان ويتكوف، مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط؛ كي يشرح له بأنه قصد ما قال، وأنه لن يقبل أي ألاعيب تفشل الاتفاق. وبعد هذه الزيارة، بعث نتنياهو برئيس الموساد، ورئيس “الشاباك” ونيتسان ألون، إلى الدوحة لعقد الاتفاق. وشرح لبن غفير وسموتريتش بأن لا مفر، وأنه يجب قبول إملاءات ترامب للنيل منه لمواقف عاطفة في مواضيع أخرى، كإيران والضفة. ولهذا ينبغي التعاطي بشكل محدود الضمان.

نتنياهو واليمين في البلاد أرادوا فوز ترامب، إذ افترضوا بأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في ولايته الثانية ستكون مشابهة للتي في ولايته الأولى. مشكوك أن هذه الفرضية ستثبت صحتها. في فترة ولاية ثانية، يحرص الرؤساء على إرثهم التاريخي، ويصممون سلم أولويات مختلفاً، ويعملون بشكل مختلف ليحققوها. ينبغي الافتراض بأن ترامب معني بأن يخلف إرثاً إيجابياً. هو الرئيس الأول في التاريخ الذي اجتاز في ماضيه مرتين عملية تنحية في الكونغرس ودخل إلى البيت الأبيض كمجرم مدان، وهو يبحث عن إصلاحات.

الإصلاح الأول حققه الآن. فقد انتصر في الانتخابات، وأصبح الرئيس الثاني في التاريخ الذي فشل في محاولته الأولى لأن يحظى بولاية ثانية، انتظر أربع سنوات، عاد وانتصر. كان الأول غروبر كليفلند في العام 1893. يريد ترامب إصلاحاً في الشؤون الخارجية أيضاً: الفوز بجائزة بوبل للسلام. فقد اعتقد أن الجائزة كان يستحقها حين نسج اتفاقات إبراهيم. قبل بضعة أيام، قال إنه لو كان اسمه أوباما لحصل على الجائزة منذ زمن بعيد، وألمح بذلك أن أوباما حصل على الجائزة حتى قبل أن يبدأ ولايته على الإطلاق.

يظهر ترامب كرجل سلام. هو يريد إنهاء الحروب وعدم البدء بحروب جديدة. يريد أن يركز على الشؤون الداخلية وينفذ إصلاحات مهمة في الإدارة وفي مجالات كالهجرة وأمن الحدود، والأنظمة الإدارية، والصناعة، والضرائب، والصحة، والتعليم والمناخ. في الشؤون الخارجية، مثل أسلافه، يريد أن يركز على الصراع تجاه الصين ويتطلع إلى إنهاء الحروب في أوكرانيا وفي منطقتنا. لا يريد للشرق الأوسط أن يزعجه في تحقيق خططه الهامة أكثر في داخل الولايات المتحدة والعالم. وعليه، طلب من نتنياهو إنهاء الحرب في غزة والمحافظة على وقف النار في لبنان.

ثلاث مسائل أساسية ستشغل بال ترامب وإسرائيل في الأشهر القريبة القادمة: اليوم التالي في غزة، وضم السعودية إلى اتفاقات إبراهيم وبلورة استراتيجية لوقف القنبلة الإيرانية. هذه المسائل ترتبط إحداها بالأخرى. أناس ترامب يتحدثون عن تصفية حكم حماس بواسطة السلطة الفلسطينية. محمود عباس والسلطة الذين قاطعوا ترامب في فترة ولايته الأولى توجهوا إليه بالنسبة للدور الذي سيأخذونه على عاتقهم في غزة. ترامب معني بدمج السعودية باتفاقات إبراهيم واستكمال المحور العربي السُني ضد إيران. مقابل التطبيع مع إسرائيل، تطالب السعودية بإعلان إسرائيلي يتضمن أفقاً سياسياً للفلسطينيين. واضح للجميع بأنه لا احتمال لأن توافق إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية في المدى المنظور، وستكون حاجة إلى تغييرات ذات مغزى في سلوك السلطة الفلسطينية.

لكن الأفق السياسي والامتناع عن الضم ومن توسيع المستوطنات في الضفة هي مطالب سيقبلها ترامب إذا كانت هي الثمن الذي تصر عليه السعودية مقابل التطبيع. في زمن المفاوضات على اتفاقات إبراهيم، أصرت الإمارات على تعهد نتنياهو بالامتناع عن الضم لسنتين على الأقل، وهو وافق.

إيران تخشى من أن يفرض عليها ترامب عقوبات شالة مرة أخرى، أو يعطي ضوءاً أخضر لإسرائيل لمهاجمة منشآتها النووية. الإدارة في إيران تحرص على بقائها، لذا أعربت عن استعدادها للدخول في مفاوضات على اتفاق نووي جديد مع إدارة ترامب. عن هذا تحدث سفير إيران في الأمم المتحدة وإيلون ماسك. قال ترامب إنه معني بمفاوضات كهذه. أغلب الظن، سيواصل إطلاق تصريحات التهديد ولن يستبعد الخيار العسكري، لكنها ستكون موجهة لنزع تنازلات مهمة من إيران. وثمة هدف استراتيجي آخر لترامب، وهو إضعاف العلاقات بين إيران وروسيا والصين.

يشعر ترامب بعطف كبير على إسرائيل، وسيساعدها في إزالة القيود على الذخيرة والصراع في الأمم المتحدة وسيقف ضد المتظاهرين في الجامعات الأمريكية. ومع ذلك، سيطلب استجابة لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك تسويات واتفاقات سلام. حكومة نتنياهو غير قادرة على التعاون مع ترامب في المسائل الإقليمية، وقد يجد نفسه مرة أخرى بين مطرقة بن غفير وسموتريتش وبين سندان ترامب. وقد يجد نفسه على مسار صدام من عرّفه كأكبر أصدقاء إسرائيل في البيت الأبيض.

——————————————

هآرتس 16/1/2025

فلنرحب ولنحرر الجميع

بقلم: أسرة التحرير

الإعلان أول من أمس عن توقيع الصفقة لتحرير المخطوفين هو بشرى مفرحة لعموم مواطني إسرائيل، وأساسا لأبناء عائلات المخطوفين. بعد سنة وثلاثة أشهر، فترة زمنية طويلة ومضنية، يبدو أن هذه المرة الصفقة بالفعل ستخرج إلى حيز التنفيذ في بداية الأسبوع القادم.

حسب الاتفاق، 33 مخطوفا سيتحررون على مدى سبعة أسابيع. اليوم الأول لتنفيذ الاتفاق سيتحرر ثلاثة منهم، في اليوم السابع سيتحرر أربعة آخرون وبعد ذلك سيتحرر في أربع دفعات 12 مخطوفا – ثلاثة في كل مرة – حتى اليوم الـ 35. في الأسبوع الأخير من الاتفاف سيتحرر الـ 14 مخطوفا المتبقين.

ولكن، إلى جانب التفاؤل المفهوم محظور الاكتفاء بالمرحلة الأولى من الصفقة إذ إن 65 مخطوفا آخرين – أحياء واموات – سيتبقون لدى حماس بعد انتهاء هذه المرحلة. في الاتفاق المتبلور وان كانت توجد مرحلتان أخريان، لكن المرحلة الثانية، التي يفترض فيها أن يتحرر كل المتبقين، تلوح كنغم من شأنه أن يتفجر.

رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو يفهم جيدا بأنه لا يوجد سبب حقيقي لعرقلة المرحلة الثانية، غير التهديدات الائتلافية عديمة المسؤولية من شركاء سياسيين. لو كانت حاجة لتجسيد عمق التهكم لهؤلاء الشركاء، فقد كان هذا هو وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير الذي كرر أمس أيضا القول الذي لا يمكن استيعابه من يوم أول من أمس وجاء فيه انه “من خلال قوتنا في الحكومة منعنا اتفاقات سائبة”. بمعنى أن تهديداته وتهديدات بتسلئيل سموتريتش لتفكيك الحكومة هي ما أدت إلى تواصل التخلي عن المخطوفين في أسر حماس.

هذه جريمة بكل معنى الكلمة، من شأنها أن تكرر نفسها مع تنفيذ المرحلة الثانية. الحقيقة البسيطة هي ان الحرب انتهت. عمليا أصبحت بلا جدوى منذ قبل بضعة أشهر، والجنود الذين قتلوا في هذه الفترة سقطوا بسبب اعتبارات سياسية وليس امنية. وبالتالي لا يوجد سبب حقيقي الا نواصل إلى المرحلة الثانية التي في أساسها يفترض أن تكون الموافقة الإسرائيلية على وقف الحرب وانسحاب الجيش من قطاع غزة.

الصفقة الكاملة يجب أن تتحقق أيضا كي يتوقف القتل الجماعي والدمار الهائل في غزة. فعودة عموم المخطوفين هي واجب أخلاقي أعلى. لكن وقف الكارثة في غزة هو أيضا ضرورة أخلاقية يجب أن تكون أمام ناظر دولة إسرائيل.

الأيام القريبة القادمة ستكون حساسة وقابلة للتفجر. الصور التي ستبث على شاشات التلفزيون ستكون مؤثرة وأليمة. الفرحة ستختلط بالحزب والانتباه سيعطى للمخطوفين الذين عادوا ولعائلاتهم. محظور أن تكون هذه الصور هي الأخيرة، لا يجب الاكتفاء بذلك. الكل يجب ان يعودوا إلى الديار. الحرب يجب أن تنتهي بشكل نهائي وتام. حان وقت الإعمار.

——————————————

يديعوت 16/1/2025

هذه أفضل صفقة يمكن التوصل إليها في الظروف الحالية

بقلم: رون بن يشاي

صفقة التبادل، التي سيتم إعلانها خلال الأيام القريبة، هي الصفقة الفضلى التي كان يمكن التوصل إليها في الظروف الحالية. مشكلتها الأساسية أنها لم تُعقد سابقاً خلال صيف 2024، لكن هذا السؤال سنُبقيه لاختصاص المؤرخين. الآن، ومن وجهة النظر الإسرائيلية، يبدو أن حسنات هذه الصفقة أكثر كثيراً من سيئاتها. أولاً، لأنها تسمح بإعادة أغلبية المخطوفين والمخطوفات الأحياء في المرحلة الأولى – ما يسمى «الحالات الإنسانية»، والمخطوفين الأضعف، وكل يوم يمرّ على هؤلاء داخل أسر «حماس» مصيري، بالنسبة إليهم.

يشجع مخطط الصفقة، حسبما يبدو، «حماس» أيضاً على تحرير بقية المخطوفين لأن المقترح الحالي يتضمن بضعة بنود تتطرق إلى «اليوم التالي». والأمر الإيجابي الآخر، بالنسبة إليهم، هو وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية التي سيجري إدخالها خلاله بوتيرة أعلى، وهو ما سيضع «حماس» أمام ضغوط من المجتمع الغزي الذي يعيش، في أغلبيته، في ظل ظروف غير إنسانية في مراكز الإيواء في المواصي، جنوب القطاع، من أجل إنهاء الصفقة بتحرير بقية المخطوفين.

الصفقة جيدة، من وجهة النظر الإسرائيلية أيضاً، لأنها تسمح لإسرائيل والجيش في كل لحظة بزيادة الضغط على «حماس» كي تفي بالتزاماتها. البند الأهم في هذا السياق هو أن إسرائيل لم تلتزم إنهاء الحرب بعد المرحلة الأولى، وبذلك، هي تُبقي سيف استمرار القتال مسلطاً فوق رؤوس مسؤولي «حماس» لكي يعيدوا بقية المخطوفين، الأحياء منهم والأموات.

بعكس الادعاءات التي تُطرح في أوساط جزء من الجمهور الإسرائيلي، فإن الضغوط العسكرية التي مارسها الجيش في القطاع خلال الأشهر الأخيرة كانت أداة الضغط المركزية التي دفعت «حماس» إلى تليين موقفها، والإدراك أنه من الأفضل لها المضيّ في صفقة الآن، بدلاً من خسارة الآلاف من أعضائها، وخصوصاً أن الجيش يمكن أن يتقدم في المناورة إلى غزة، ويدمرها كلياً.

بعد المرحلة الأولى من الصفقة، سيكون لدى الجيش قدرة أكبر على الضغط على «حماس»، لكي تحرّر بقية المخطوفين، حتى لو قرر المسؤولون الكبار فيها الإبقاء على بعض «الجنود» دروعا بشرية قريبة منهم. سيبقى الجيش في المنطقة العازلة التي تبلغ مساحتها نحو كيلومتر في محيط القطاع، ومن هناك، يمكن أن يتحرك بسرعة خلال ساعات في حال خرقت «حماس» الصفقة، أو حاولت المماطلة في تنفيذها.

البقاء داخل هذه المنطقة العازلة يؤمّن غرب النقب وجنوب إسرائيل من أيّ هجوم يمكن أن تنفّذه التنظيمات الغزية. هذا ما يسمى «الدفاع المتقدم»، وتمنح الصفقة إسرائيل الشرعية الدولية والرسمية في استعمال هذه الأداة، وهو ما احتاجت إليه كثيراً يوم 7 تشرين الأول.

ستكون المساعدات الإنسانية أداة ضغط أُخرى في يد إسرائيل على «حماس»، وعندما يخلف الرئيس دونالد ترامب الرئيس بايدن في البيت الأبيض، فإن المساعدات الإنسانية لن تكون أمراً مسلّماً به، لا على صعيد النوعية، ولا الحجم، مثلما كانت عليه الحال حتى الآن. بالنسبة إلى «حماس»، ستكون هذه الضربة صعبة، وخصوصاً أن السيطرة على المساعدات الإنسانية هي أداتها المركزية للسيطرة على السكان وتجنيد مزيد من الناشطين.

التنازلات التي قدمتها إسرائيل خلال الصفقة، نتيجة ضغوط المبعوث الخاص لإدارة ترامب، ستيف ويتكوف، تمنح إسرائيل أفضليات سياسية ودبلوماسية لم تكن لديها خلال ولاية الرئيس بايدن ووجوده في البيت الأبيض. يمكن التقدير أنه ستكون هناك آذان صاغية أكثر لاقتراحات ومطالب إسرائيل والأسلحة التي يحتاج إليها الجيش، والأهم – أنه من المتوقع أن تكون هناك مساعدة أميركية لتطبيع العلاقات مع السعودية وترتيبات أمنية أُخرى في سورية تطالب بها إسرائيل. الوضع هناك لم يستقر بعد، وترامب الذي يريد إنهاء الحرب قبل دخوله إلى البيت الأبيض، يمكن أن يساعد إسرائيل على الضغط على تركيا، وبالتالي الضغط على النظام الإسلامي الجديد في دمشق.

وبالإضافة إلى هذا كله، فإن إدارة ترامب ستكون أكثر إصغاءً لمطالب إسرائيل واقتراحاتها بشأن استمرار النضال من أجل إحباط المشروع النووي الإيراني. ترامب لمّح إلى أنه سيكون «هناك مصائب» إن لم يتم التوصل إلى صفقة، ويبدو أن أقواله لم تكن موجهة فقط إلى «حماس» – إنما إلى إسرائيل أيضاً. الآن، يبدو أن الموافقة الإسرائيلية على صفقة تنهي الحرب في غزة، مثلما يريد ترامب، يمكن أن تمنحنا أفضليات دبلوماسية وعملية في العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً.

وإلى جانب هذا كله، يجب الإشارة إلى أن هناك سلبيات في الصفقة لا يمكن تجاهُلها. كما أن تحرير آلاف «الإرهابيين» الفلسطينيين يمكن أن يعزز قوات ناشطي «الإرهاب» الإسلامي الذين تقلصت قواتهم، مؤخراً، خلال الحرب في غزة والضفة الغربية. صحيح أن «الإرهابيين» الكبار لن يعودوا إلى الضفة الغربية، أو غزة، إنما سيكون عليهم التوجه إلى تركيا وقطر، ويمكن أن تكون وجهتهم مصر، حيث سيكونون هناك تحت الرقابة، لكن من الواضح جداً أن «الموساد» و»الشاباك» والجيش سيتابعون المحرَّرين عن كثب، أينما كانوا، لكي يتم إحباط نيات تنفيذهم عمليات، أو أعمالاً تآمرية أُخرى.

النقطة السلبية الأُخرى للصفقة هي أن «مخربي» النخبة، الذين دخلوا إلى إسرائيل، ونفّذوا «الفظائع» يوم 7 تشرين الأول العام الماضي، يمكن أن يتحرروا، لذلك، لن تتم محاكمتهم، ويمكن أن يكلفنا هذا دماء. وفي نهاية المطاف، هناك خطر من أن تحاول «حماس» التلاعب والتذاكي، مثلما حدث في المرة الماضية، وبالتالي لن يتحقق الجزء الثاني من الصفقة، ولن يُحرَّر جميع المخطوفين. تدرك أجهزة الأمن والاستخبارات الإسقاطات السلبية على أمن مواطني إسرائيل جرّاء الصفقة، وبحسب علمي، لقد تجهزوا من أجل الرد على هذه التهديدات.

——————————————

 

يديعوت 16/1/2025

المعركة السياسية على صفقة المخطوفين

بقلم: يوفال كارني

يستعد الائتلاف للمعركة على صفقة المخطوفين، ويستثمر رئيس الوزراء ساعات في إقناع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ألا ينسحبا من الحكومة إذا وقعت الصفقة وانتهت الحرب في غزة.

اللغم السياسي الأهم من ناحية نتنياهو هو شريكاه الصقريان من اليمين، اللذان يصفان الصفقة علنا بأنها «سائبة» و«كارثة». 

يحاول الوزير بن غفير، الذي سبق أن هدد بتفكيك الحكومة إذا أنهى نتنياهو الحرب، تجنيد خصمه السياسي سموتريتش كي يطرح إنذاراً قاطعاً لنتنياهو: إذا وقعت على صفقة فسيكون هناك انسحاب للحزبين معاً. والمعنى في هذه الحالة واضح: انسحاب الاثنين يفكك الحكومة، ويأخذ دولة إسرائيل إلى جولة انتخابات. انسحاب بن غفير وحده وإن كان يقلص ائتلاف نتنياهو إلى 62 نائباً وهكذا يضعفه، لكنه لا يسقطه.

في كتلة سموتريتش لا توجد في هذه اللحظة أغلبية للانسحاب، والتقدير هو أن الوحيد الذي يريد الانسحاب من «الصهيونية الدينية» هو سمحا روتمان. 

ورغم ذلك في الحزب لا يوفرون النقد الحاد على الصفقة الكفيلة بأن تعيد إلى الديار عشرات المخطوفين.

بالتوازي مع المداولات التي أجراها سموتريتش مع نتنياهو ومع جهات سياسية وأمنية دعا النائب أوهاد طال من «الصهيونية الدينية»، أول من أمس، الرئيس المنتخب ترامب في خطاب ألقاه في مزرعته في مار إيلاغو في فلوريدا ألا يؤيد صفقة المخطوفين المتحققة: سيدي الرئيس أنت تعرف أكثر من أي شخص آخر كيف تميز بين الخير والشر، أدعوك من هنا ألا تؤيد الصفقة».

سموتريتش نفسه أيضاً يبث، تجاه الخارج على الأقل، أنه غير معني بتحقيق الصفقة ووصفها بالرهيبة. لأنها «تتضمن تحرير مئات المخربين القتلة من السجون، وعودة الغزيين بمن فيهم آلاف المخربين إلى شمال القطاع، وتسحب الجيش من محور نتساريم وتعيد التهديد على سكان الغلاف – وهكذا عملياً تشطب إنجازات الحرب التي تحققت بدم عظيم من مقاتلينا».

أما الوزير بن غفير فادعى، أول من أمس، لأول مرة ما اعتقدته المعارضة وبعض عائلات المخطوفين بأن نتنياهو لم يعمل على صفقة مخطوفين بسبب ضغط سياسي. 

فقد اعترف بن غفير قائلاً: في السنة الأخيرة، من خلال قوتنا السياسية، نجحنا في منع هذه الصفقة من التحقق مرة تلو أخرى».

غير أن التهديدات في جهة والأفعال في جهة أخرى. فقد قال مسؤولون كبار في الائتلاف إن طلب بن غفير من سموتريتش الانضمام إليه والانسحاب هو أحبولة إعلامية، كونه لا ينجح في إحباط صفقة المخطوفين ومعني ببساطة أن يلقي بالذنب على سموتريتش. والتقدير هو أن سموتريتش سيمارس ضغوطاً شديدة على نتنياهو لمنع الصفقة، لكنه لن ينضم إلى مبادرة بن غفير للانسحاب من الحكومة.

وإلى ذلك وصل وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، إلى ميدان المخطوفين وهاجم الوزيرين بين غفير وسموتريتش قائلاً: «أخجل مما يفعلانه هما وغيرهما. هذا ليس يهودياً وليس إنسانياً. هذه الصفقة صحيحة ويجب عقدها. أساند الحكومة بكل شيء. آمل هذه المرة أن يتغلب الاعتبار الوطني على المصلحة السياسية».

—————–انتهت النشرة—————–