
بقلم: يوآف ليمور
المسار : في الأسابيع الأخيرة، يتابع جهاز الامن باهتمام الحملة التي تخوضها أجهزة الأمن الفلسطينية في جنين. ليس لأحد أوهام في أن السلطة بدأت فجأة تخوض حرب إبادة للارهاب. بالمقابل، بدأت أخيرا تفعل ما تطالبها به إسرائيل منذ سنوات. فاعليتها محدودة في هذه الاثناء. لكن ينبغي الثناء عليها وان كان بسبب الكثافة: فكل عملية تحبطها، كل مخرب يعتقل، كل عبوة تشغل، لا تلتقي في النهاية جنود الجيش الإسرائيلي او مواطنين إسرائيليين.
بدأت هذه الحملة عندما سرق نشطاء إرهاب في جنين سيارتي تندر من قوات امن السلطة. ليس صعبا أن نتخيل ما رأى السارقون امام عيونهم: مخربي النخبة الذين اندفعوا على التندرات نحو النقب في 7 أكتوبر او أولئك الذين اندفعوا على تندرات مشابهة في سوريا في الطريق الى اسقاط الرئيس الأسد. السلطة ورئيسها، الذين يعتبرون فاسدين وغير شعبيين، فهموا التلميح: تندرات تسرق في المعركة الأولى ستندفع نحو المقاطعة في رام الله في المعركة الثالثة.
في إسرائيل رأوا الصور ذاتها وتوصلوا الى الاستنتاجات ذاتها، غير أن مكان المقاطعة في رام الله رأوا امام ناظريهم ارئيل وبيت ايل او نتانيا والعفولة (وليس لان سيطرة جهة متطرفة على السلطة هي سيناريو مرغوب فيه من ناحية إسرائيل). لو لم تعمل السلطة لكان الجيش الاسرائيل عمل، مثلما عمل في حالات لا تحصى في السنة الماضية، وقبلها أيضا. يحتمل أن يكون مطالبا بان يفعل هذا، اذا لم تحقق الاعمال الفلسطينية الحالية أهدافها.
صحيح حتى يوم امس، اعتقل الفلسطينيون عشرات نشطاء الإرهاب في جنين، وضعوا اليد على كميات كبيرة من السلاح وعثروا وعطلوا عبوات ناسفة كثيرة زرعت تحت محاور السير. هم أيضا دفعوا ثمنا – ثلاثة من الشرطة الفلسطينية قتلوا حتى الان في المعارك مع المخربين.
من يبحث عن ادلة عن جدية الحملة سيجدها في حجم القوات. الحملة لا تقوم فقط على قوات محلية بل ضمت كتيبتين من السلطة والكتيبة 101 – اللتين عادة تكونا في منطقة أريحا. من يبحث عن ادلة بغياب الجدية في الحملة سيجدها في وتيرة التقدم: حتى الان لم تصل قوات السلطة الى قلب الموضوع. ما يستغرق الجيش عمله بضع ساعات يستغرقهم بضعة أسابيع.
مصدر كبير قال لي اول أمس انه من السابق لاوانه حياكة البدلات. الفلسطينيون مصممون اكثر من أي وقت مضى، لكنهم لن يعملوا في جنين الى الابد، كما أنهم لا يعملون بالتوازي بذات التصميم في جبهات أخرى. هذا الأسبوع فقط، بالتوازي مع الاحداث في شمال السامرة، كان الجيش الإسرائيلي مطالبا بان يعمل في طولكرم، بما في ذلك في هجوم من الجو واعتقل عشرات المخربين في كل ارجاء الضفة. هذا ينضم الى المعطيات العامة للعام 2024 التي تنتهي مع نحو 2500 اعتقال لنشطاء إرهاب ووضع اليد على اكثر من 1000 قطعة سلاح. هذا العمل المكثف أدى الى انخفاض في معطيات الإرهاب الصعب (من نحو 850 عملية في 2023 الى نحو 250 عملية هذه السنة)، والى انخفاض موازٍ في احداث الإرهاب الشعبي (من نحو 3200 حدث في السنة الماضية الى نحو 1100 حدث هذه السنة.
سألته أي علامة تعطيها للعمل الفلسطيني. قال ان الطلب الإسرائيلي منهم واضح: عالجوا او تنحوا جانبا ونحن نعالج. في هذه الاثناء هذا ينجح، وهذا يخدم مصلحة إسرائيل أيضا، في هذه الحالة يناسبها الكليشيه الذي يقول ان نجاحهم هو نجاحنا.
ثمة من يدعي بان عمل السلطة هذا هو نتيجة إحساس بالكرامة. فسرقة التندرات مهين للأجهزة التي قررت أن تريهم من هو السيد. آخرون يدعون بان هذه نتيجة خوف مما يحصل في سوريا وربما مما ستفعله إسرائيل اذا لم تعمل هي.
وهناك احتمال ان تكون الدوافع مختلفة تماما. فترامب سيكون رئيسا بعد لحظة والسلطة تريد أن تريه بانها تجتهد. هذا هام لها مرتين. كي تري انها جيدة ليس فقط في الاقوال والوعود بل وفي الأفعال أيضا. ولسبب عمليا اكثر أيضا. السلطة معنية بان تعود الى غزة وتتلقى السيطرة في اليوم التالي للحرب. من ناحيتها جنين هي اختبار دليل – على القوة، لإسرائيل وللعالم أيضا.