إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 6/3/2025

ما الذي يكرهه خائبو الأمل من الحرب أكثر من الحرب نفسها؟ من يعارضون الحرب

بقلم: يوسي كلاين

الجميع يريدون إعادة المخطوفين، بالتأكيد، من لا يريد ذلك؟ ولكن ليس الجميع يريدون انهاء الحرب. بدون انهاء الحرب لا توجد عودة للمخطوفين. ولكن كراهية “خائبي الأمل الذين استيقظوا” لمن يعارضون الحرب اكبر من كراهيتهم للحرب نفسها. هم الأكثر سوء، هم باردون، متجمدون، منطقهم حاد جدا، نظرتهم تذهب بعيدا جدا. هم واقعيون سياسيون من الرأس حتى أخمص القدم، هزيمة أكتوبر فتحت عيونهم. ذات يوم كانوا ساذجين. الآن هم يدركون ما لا ندركه نحن، أنه لا يوجد ما يمكن فعله، سواء اتفاقات أو محادثات. في الطرف الآخر توجد وحوش.  

الذين استيقظوا استهزأوا من المتوفى عوديد لايفشيتس، الذي ساعد من قاموا بقتله في نهاية المطاف. ولكنهم نسوا أنه كان له هدف وهو جلب السلام. هل كان بريء؟ ربما. ولكن ما هو هدفهم؟ هل يوجد لهم أي هدف على الاطلاق؟ خائبو الأمل الذين استيقظوا لن يعترفوا بذلك، لكنهم هم العبيد الخاضعين اكثر لـ “التصور اللعين”. وماذا عن المخطوفين؟ مع كل الأسف والألم هم دائما في قلوبنا. لا يوجد أي مناص. يجب التضحية بهم. الله سينتقم لدمائهم.

أيضا الذين يطالبون بوقف الحرب يجب عليهم أن يستيقظوا.

هذا استيقاظ من نوع مختلف. صمت صارخ. عندما تمر توابيت الأموات ولا تمنع المزيد من التوابيت، ولا أيضا المظاهرات والاستطلاعات. هي مهمة للمخطوفين ولكنها غير مهمة لمن مصيرهم في يده. فهو يهدد باستئناف الحرب وكأن الجيش من ممتلكاته الخاصة والجنود هم دمى. هو سيستمر في اللعب حتى بعد صفارة النهاية، الى أن يسجل هدف النصر. لن يتوقف حتى يحل الظلام، أو حتى ابعاده عن الملعب.

نحن فقط يمكننا ابعاده عن الملعب، وليس الضغط الدولي. استيقظوا. لن يكون مثل هذا الضغط. “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” لم تعد ماركة يحترمها العالم. فهو يرى الانقلاب النظامي ويدرك أنه لا توجد لنا أي مصلحة في السلام، بل فقط ما يهمنا هو الهدوء، وأننا لا نريد العيش بجانب العرب بل نريد قتلهم. وأن الستة ملايين لم يعودوا يتركون لديه أي انطباع. اذا ما الذي سيوقف بنيامين نتنياهو؟.

بالتأكيد ليس دونالد ترامب، أو العم من أمريكا، الذي على وجبة العشاء يتبول على السجاد في الصالون، واقاربه المندهشين يطلبون عدم تصديق ما شاهدناه. أمريكا لن توقفه، التي 75 مليون من مواطنيها قاموا بانتخابه. الدستور المبجل والتوازنات والكوابح المشهورة وفصل السلطات لن تقف امام ترامب. هو لن يكبح نتنياهو. 

فقط نحن، الاقلية الكبيرة والخائفة، يمكننا. ترامب حطم الايمان بأن أمريكا ستفعل من اجلنا ما لا نستطيع نحن فعله. نحن نريد من ترامب إعادة المخطوفين ووقف الحرب. ولكن هذا ليس لأنه لا يريد، بل ببساطة هو لا يهمه. هل سيعودون؟ جيد. سيموتون؟ للأسف. ترامب يحب المنتصرين، المخطوفون هم خاسرون. حتى الآن لم يقف في أمريكا الولد الذي سيصرخ بأن الملك ليس فقط عار، بل مجنون، مجنون، لكننا نعتمد عليه.

نتنياهو يعرف ذلك. هو يعرف كيف يتصرف مع شخص مسن يبحث عن الكرامة. هذا الشخص لا يجب تعليمه كيفية اللعق، هو ليس زيلنسكي. هو المغازل الزلق الذي يرقص مع عجوز ثرية. يصعب عليه الرقص معها. هو يحاول ملاءمة خطواته مع خطواتها. هو يرقص معها بحذر الى حيث يتخيل أنها تريد. لا يوجد امامه خيار، هي الممولة الثرية وهو من يعيش على حسابها.

ترامب أقوى من نتيناهو، لكن نتنياهو ليس أقل شجعا منه.

نتنياهو لم يحصل حتى الآن على أي شيء. ومطلوب منه أن يدفع مسبقا، وأن يتنكر لتصريحات سابقة وأن يعارض أوكرانيا. ماذا، ألم نقل إننا معها. صحيح، لكن لا توجد مشكلة. اعطونا لحظة. ها هو يرتب ربطة العنق وشعره ويريد أن تنسوا بأنه ذات يوم، قبل اقل من سنة، أيد سيادة اوكرانيا وسلامة وحدتها الجغرافية. 

هو ليس الأول. جورج اورفيل كان قبله. في كتاب “1984” تتحول ايراسيا في ليلة واحدة من عدوة الى محبة، وانسوا ما قلناه عنها أمس فقط. أمس كنا نؤيد لجنة تحقيق مع كل من يتحرك، الآن لا. أوكرانيا؟ من تعنيه أوكرانيا؟ سنذهب مع ترامب يدا بيد الى حيث يقودنا جنونه، لكننا سنمسك بالدربزين، وهكذا اذا قرر أن يقفز الى الهاوية فانه لن يأخذنا معه. 

—————————————-

إسرائيل اليوم 6/3/2025 

حكومة التنحيات: الطريق المؤكد لجمهورية الموز

بقلم:  البروفيسور أفيعاد هكوهن

فلتحيا الثورة. وقد باتت هنا. إن لم تكن القضائية فعلى الأقل الفرنسية. 

مسيرة قطع الرؤوس التي بدأت مع وزير الدفاع غالنت ورئيس الأركان هليفي وصلت بمعونة الرب أيضا الى بوابات الشباك ووزارة العدل ولا تزال اليد ممدودة. على أي حال، ستتركز المرحلة التالية على النائب العام للدولة، رئيس الدولة وقضاة المحكمة العليا (رئيس المحكمة العليا بات على أي حال “مشطوبا”).

وعندها ستكون لنا جمهورية مفتخرة. تماما كما كانت ذات مرة، في عهد عظمة الثورة الفرنسية.

لكن لغرض التغيير، على علمها لم تخط كلمات “الحرية، المساواة والاخوة” بل ستظهر رسمة كبيرة للموز، الموز، ومزيد من الموز. 

بعد أن فشلت المحاولة التي وصلت الى ذروتها عشية الحرب لتمرير قوانين الإصلاح القضائي، وتفجر بصوت عالٍ من موجات الاحتجاج في ارجاء إسرائيل تستعد الان الحكومة لمحاولة أخرى. ماذا يمكن أن يقال، حكومة كاملة الاوصاف. تحرض وتنحي في نفس الوقت. 

يخيل أن هذه المرة استخلصت الدروس من الفشل السابق، او هكذا يبدو الامر ظاهرا. كنتيجة لذلك فاننا سنحصل على اصلاح ليس في صفقة رزمة واحدة كبيرة بل شرائح – شرائح. 

ان تغيير إجراءات انتخاب مأمور ديوان موظفي الدولة كان مجرد فتح شهية. اجراء أول، وبالتأكيد ليس أخيرا. تغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة يدور منذ الان على الشواية، ولا تزال اليد ممدودة. 

“اذا لم يكن من جماعتنا، فماذا سنكسب من هذا؟”، يعود ليسأل وزراء في الحكومة كل يوم، في محاولة لطمس حقيقة ان المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا لم يعينها الا من يتولى اليوم منصب وزير الخارجية في الحكومة الحالية.

بخلاف اللقب، فان المستشار القانوني للحكومة لا يفترض أن يكون مبيضا لبقع الحكومة أو ان يشير عليها كيف يمكنها أن تسير في طريق الخداع الملتوية.

العكس هو الصحيح: عليه أن يمثل المصلحة العامة وان يكون حارس العتبة الذي يوقف بجسده ظواهر مرفوضة مثل أفعال الفساد، الرشوة، الغش وإساءة الائتمان.

بخلاف الرأي السائد في أوساط أجزاء من الجمهور علمنا التاريخ بان هذه الأفعال المرفوضة كانت ولا تزال من نصيب اليمين واليسار على حد سواء.

“الثغرة تستدعي الحرامي”. الحكم، كل حكم – ولا يهم من يمسك خيوطه – يمكنه بسهولة أن يكون فاسدا ومفدسا. وكما يقول اللورد اكتون: الحكم المطلق يفسد بشكل مطلق. 

المصلحة العامة – للجمهور كله، من اليمين ومن اليسار – يمكن ويجب ان تتجه نحو الحماسة الحريصة على النظام السليم، حماية الصندوق العام وضمان ان ينتخب من يخدم الدولة وفقا لكفاءاتهم وليس لعلاقاتهم. مسموح لنا القول انه في فترة ولاية المستشارة القانونية الحالية ارتكبت أيضا أخطاء غير قليلة. في ضوء العظمة والقوة التي في ايديها، هي جديرة بنقد متشدد، بل واكثر من المعتاد. في الحالة الحالية كسبته في بعض من الحالات بجدارة. 

لكن من لا يعمل لا يخطيء. في نظرة عامة، في الفترة الزمنية التي تولت فيها المستشارة القانونية الحالية مهام منصبها تفيد بانها غير مرة حاولت أن تصد – واحيانا وحدها تغييرات عميقة تهدد بالقضاء هنا على كل قطعة طيبة وتحويل إسرائيل، في افضل الأحوال الى ديمكتاتورية عرفية كالديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، حتى من هو غير راضٍ عن كل إجراءات وقرارات المستشارة لا يمكنه الا أن ينظر بعجب كيف نجحت في أن توقف بعضا من موجات التسونامي التي تهدد هنا بالقضاء على كل قطعة طيبة. تعيينات مرفوضة، صفقات مهزوزة؛ طمس أفعال إجرامية، واستمرار التمييز بين الدم والدم في قانون التجنيد، كل هذه هي مجرد بعضا مما منعته.

والان جاء دورها – وفي واقع الامر دور المجتمع الإسرائيلي كله – لساعة اختبارها الحقيقي. 

الأيام ستقول اذا كانت ستنجح جان دارك الإسرائيلية في الوقوف في الثغرة هذه المرة أيضا أم أن رأسها سيقدم الى المقصلة التي اعدها لها بعض من وزراء الحكومة في ميدان المدينة.

——————————————

هآرتس 6/3/2025

قد تستغربوا ذلك، أيضا اليمين غير متحمس للضم

بقلم:  تسيون هيرش – هفلر وآخرين

استبدال الإدارة الحاكمة في الولايات المتحدة يبث روح جديدة في حلم الوهم القديم، ارسال الفلسطينيين الى مكان آخر. ولكن الاحلام لا توجد فقط في اليمين. ففي هوامش اليسار الراديكالي الإسرائيلي توجد معتقدات دينية مشابهة، وهي أنه اذا فقط طلبنا العفو بشكل جميل، فنحن سنشهد تحول عجيب للمجتمع الفلسطيني، من العسكرة الى السلام. أين يترك ذلك معظم الجمهور في إسرائيل؟ الأغلبية تدرك أن الفلسطينيين لن يختفوا، وأنه لا يمكن مواصلة حكمهم بدون تعريض للخطر طابع إسرائيل اليهودي والديمقراطي، أيضا لا يمكن التعويل على السلام الخيالي بعد جرائم الحرب لـ 7 أكتوبر.

الاستطلاعات التي أجريت في مجموعة البحث “تمرور” أظهرت أن الجمهور اليهودي في إسرائيل يدرك المعضلة التي تواجه الدولة: رغم صدمة 7 أكتوبر والازمة العميقة فان الكثير من مواطني الدولة ما زالوا يعتبرون الانفصال عن الفلسطينيين، باتفاق أو بشكل احادي الجانب، هو الحل المفضل على الضم. 50 في المئة من الجمهور يؤيدون الانفصال احادي الجانب أو باتفاق، و25 في المئة يؤيدون الضم بشكل أحادي الجانب (هذا حتى كانون الأول 2024).

كيف يمكن تفسير تأييد الانفصال احادي الجانب أو الثنائي في فترة معقدة جدا من ناحية أمنية؟ الإجابة تكمن في المصيدة التي توجد فيها إسرائيل، بين التهديد المتوقع من استمرار السيطرة على المناطق وبين التهديد الذي يمكن أن يتطور في اعقاب الانسحاب منها. استمرار السيطرة والضم الرسمي أو الزاحف للمناطق يأتي بثمن باهظ، يتمثل بالثلاثة ملايين فلسطيني، الذين يهددون طابع الدولة اليهودي اذا حصلوا على الجنسية، ويهددون طابع الدولة الديمغرافي اذا لم يحصلوا عليها. ربما يوجد ثمن للانسحاب من المناطق، أيضا الإرهاب ضد الدولة وسكانها، وهي تهديد اصبح ملموس بشكل خاص بعد 7 أكتوبر.

هذه المعضلة التي برزت جدا اثناء الحرب تتمثل بعدة توجهات بعيدة المدى. الأول هو أن معظم الجمهور اليهودي في إسرائيل لا يؤيد حل الدولتين، لا سيما بعد احداث 7 أكتوبر. منذ العام 2018 هناك انخفاض مستمر في تأييد الجمهور اليهودي لحل سياسي يتمثل بالدولتين (من 47 في المئة في 2018 الى حضيض غير مسبوق هو 25 في المئة في كانون الأول 2024). ولكن هذا لا يعني بأن معظم الجمهور يؤيد مواصلة السيطرة في المناطق، 25 في المئة من الجمهور يؤيدون انفصال إسرائيلي مبادر اليه، يعتبر اخلاء للمستوطنات التي توجد شرق العائق الأمني ومواصلة نشر الجيش الإسرائيلي في جميع المناطق، الى أن يصبح بالإمكان التوصل الى اتفاق.

المعنى هو أن نصف الجمهور في إسرائيل يؤيد خطوة الانفصال عن منطقة الضفة الغربية، سواء باتفاق دائم وفوري أو بخطوات محسوبة تمهيدا لاتفاق مستقبلي. عند إضافة الى هذا العدد مواطني إسرائيل العرب، الذين يوجد في اوساطهم اغلبية واضحة، 60 في المئة، تؤيد الاتفاق الدائم، و20 في المئة تؤيد انفصال مبادر اليه، حيث أن اغلبية مواطني الدولة، اليهود والعرب، يرحبون بمستقبل فيه أراضي الضفة لن تكون جزء من دولة إسرائيل.

المتشككون سيقولون إن طرح الأسئلة حول السلام المأمول أو أي حل سياسي بدون طرح أخطار واثمان، تنشيء عرض خاطيء لموافقة ساحقة في أوساط الجمهور، حيث أن أسئلة بلاغية مثل من يؤيد تصفية الإرهاب كثيرون سيردون عليها بالإيجاب. من اجل مواجهة هذا الانتقاد وجهنا سؤالين آخرين عرضنا فيهما الثمن الأعلى (الذي ليس بالضرورة أن يكون مؤكد) لكل سيناريو، وسؤال واحد للاختيار من بين عدة خيارات.

السؤال عن تأييد الاتفاق الدائم مع الفلسطينيين اذا كان الثمن سيكون ازدياد الإرهاب، في الاستطلاعات الستة بين حزيران 2023 (قبل 7/10) وحتى كانون الأول 2024، 10 في المئة فقط من الجمهور في إسرائيل أيدوا. ولكن حول سؤال تأييد مواصلة السيطرة في المناطق أو الضم، اذا كان الثمن سيكون ضياع هوية الدولة اليهودية والديمقراطية، أيضا عندها اكثر بقليل من 10 في المئة أيدوا ذلك.

هكذا، واضح أن ثمن كل سياسة يحولها الى بديل مقبول اقل، لكن في نهاية المطاف يجب الحسم: هل يجب البقاء في المناطق أو الانسحاب؟. إزاء هذين الخيارين فان الجمهور في إسرائيل انقسم الى قسمين: نصفه يؤيد الاتفاق الدائم حتى لو كان الثمن سيكون الإرهاب. والنصف الثاني يفضل البقاء في المناطق حتى بثمن تغيير هوية الدولة اليهودية. هذه المعضلة برزت أكثر في 7 أكتوبر. في الاستطلاع السابق معظم الجمهور، 54 في المئة، كان مستعد لدفع الثمن الأمني للانسحاب من المناطق من اجل الحفاظ على الهوية اليهودية والديمقراطية.

كما يمكن التوقع، في أوساط الجمهور الذي يعتبر نفسه يسار، 70 في المئة فضلوا الانسحاب من المناطق على الضم، عندما تم عرض ثمن كل بديل عليهم. ولكن من المفاجيء أن الأغلبية التي تعتبر نفسها في الوسط السياسي (60 في المئة)، وثلث الذين يعترون انفسهم يمين، يفضلون الانسحاب من مناطق الضفة رغم الثمن المحتمل الذي يتمثل بالصواريخ والإرهاب.

اذا عزلنا عن اليمين اليمين المتطرف (الذين اجابوا برقم 1 في السلم الذي يتكون من 1 – 7 بشأن الموقف السياسي)، حتى في اوساطهم 35 في المئة يؤيدون الانسحاب من أراضي الضفة حتى إزاء التداعيات المحتملة لهذه العملية. هذا استنتاج هام يدل على أن المنطق الذي يوجد في الانفصال عن الفلسطينيين يتحدث أيضا لقسم من رجال اليمين عندما يطلب منهم مواجهة التداعيات بعيدة المدى لمواصلة السيطرة على المناطق.

بخصوص تأييد الضم، في أوساط أعضاء الوسط تأييد الضم هو 10 في المئة فقط. وفي أوساط اليمين واليمين المتطرف التأييد هو 40 في المئة و50 في المئة على التوالي. الجمهور اليهودي في إسرائيل، وحتى جمهور اليمين، يخشى من الإرهاب. ولكنه يخاف بدرجة لا تقل عن ذلك من ثمن فقدان الهوية اليهودية والديمقراطية للدولة.

بالذات في هذه الاثناء من عدم اليقين والخوف من المستقبل تظهر حكمة الجمهور. تأييد الانفصال لا ينبع من “حب إسماعيل”، بل من الوعي الرصين بأنه: لا يوجد خيار. ربما بالذات الآن حيث تتحطم الأوهام، فقد حان الوقت لاتخاذ قرار حكيم، واجراء نقاش عام جدي حول المستقبل الذي نريده هنا. مستقبل يضمن أمننا، ولكن أيضا يحافظ على هويتنا. بكلمات التحذير ليهوشفط هركابي التي قالها قبل أربعين سنة: لقد حان الوقت لاتخاذ قرارات مصيرية.

——————————————

هآرتس 6/3/2025 

تحت غطاء درع نفسي تغلفت إسرائيل بأربعة اسوار انهارت في ساعة الاختبار

بقلم: ألوف بن

تحقيقات شعبة الاستخبارات العسكرية والشباك حول الفشل في 7 أكتوبر تصف اعدادات حماس للحرب والعمى والانغلاق في الطرف الإسرائيلي. فهي توفر اطلالة نادرة على إجراءات العمل في جهاز الاستخبارات، وحتى أنها تكشف الخلافات الداخلية في موضوع مواجهة حماس: الاستخبارات العسكرية أظهرت ثقة كبيرة بالنفس وتحمس اكثر من الشباك، الذي حذر من ازدياد قوة حماس وطرح اغتيال كبار قادتها في عملية وقائية.

لكن رغم الفروق في المقاربة بينهما فان الجهازين ارتكبا نفس الخطأ. فقد اضاعا فرصة اتخاذ قرار حماس مهاجمة إسرائيل وحدها من قطاع غزة بدون انتظار الشركاء في محور المقاومة وعلى رأسهم حزب الله. هذه كانت نقطة الحسم لرئيس حماس يحيى السنوار في الطريق الى الحرب، الامر الذي اختفى كليا من امام ناظري شعبة الاستخبارات “أمان” والشباك. فقد فشلا في جمع المعلومات عندما لم يعرفا ما يحدث في قيادة العدو. وفشلا أيضا في التحقيق عندما لم ينجحا في تصور هجوم على طول الجبهة وبصورة مفاجئة كليا، ولم يتساءلا هل التهدئة النسبية على الحدود تعكس خداع استراتيجي لحماس، الذي استهدف تخدير إسرائيل.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومن استبدله لفترة قصيرة، نفتالي بينيت ويئير لبيد، وافقوا على التقديرات الاستخبارية بأن الوضع محتمل ولم يتم تحديها. اتباع نتنياهو الاغبياء يعرضونه كعبقري استراتيجي فريد في نوعه، وقلقه العميق وحذره الزائد كبوليصة التأمين الوطنية. يبدو أن هذا هو الأساس لادعاء الدفاع عن نتنياهو، الذي يقول بأنه لو أنهم ايقظوه في الليلة التي سبقت هجوم حماس لكان ارسل كل الجيش المنطقة ومنع المذبحة في بلدات الغلاف وفي مواقع الجيش الإسرائيلي. هذه الرواية غير مقنعة، لأنه في الهجوم الذي سبق الحرب، حتى في الساعات التي كان فيها مستيقظ، نتنياهو لم يطلب من الاستخبارات إعادة فحص التقديرات. حسب معرفتنا هو لم يسأل: ماذا لو كنتم مخطئين والسنوار يخدعنا بالتهدئة، وفي الحقيقة هو يخطط لتجسيد ميثاق حماس وشن حرب تدميرية ضد إسرائيل.

نتنياهو لم يعرض حتى الآن على الجمهور روايته. فقد اكتفى بالتنصل من المسؤولية عن الكارثة والقاء التهمة على الخاضعين له. ولكن من السهل فهم لماذا هو لم يناقش تقديرات الاستخبارات قبل الحرب، التي قللت من شدة الخطر القادم من غزة، لأنها أيدت سياسته، التي اعتبرت حماس حليفة. بالنسبة لنتنياهو التهديد الرئيسي لإسرائيل كان وما زال اكراهها دوليا على إقامة دولة فلسطينية في المناطق. هو خشي من دعم المجتمع الدولي للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. سيطرة حماس، العدو اللدود لعباس، في قطاع غزة ظهرت لنتنياهو كسور دفاع دبلوماسي امام تقسيم البلاد بثمن مقبول، وهو تبادل اللكمات بين حين وآخر واستثمارات كبيرة في التحصين. 

التمويل القطري لحماس مكن نتنياهو من مواصلة هذه السياسة وارسال الحساب للأمير الغني في الخليج. لقد وضع جانبا تحذيرات الشباك ووزير الدفاع السابق افيغدور ليبرمان من إساءة استخدام حماس لحقائب الأموال لزيادة قوتها العسكرية. نتنياهو رفض أيضا كل الاقتراحات للقيام بهجوم وقائي لإسرائيل في القطاع، التي اعتبرها مخاطرة مبالغ فيها. فقد استهدف الرأي العام في إسرائيل الذي يحب التهدئة والهدوء وتعامل مع الفلسطينيين كـ “شوكة في المؤخرة”، كما وصف بينيت. جيران غير لطيفين بشكل خاص، الذين بين حين وآخر يزعجون، ولكنهم لا يزعجون وبحق احتفالات الهاي تيك والعقارات في تل ابيب أو الانقلاب النظامي لليمين.

هكذا، إسرائيل غلفت نفسها في السنوات التي سبقت 7 أكتوبر بأربعة اسوار انهارت في لحظة الاختبار. الاستخبارات وثقت بالحماية التكنولوجية لوسائل جمع المعلومات المتقدمة، التي وفرت لها الإنذار. والجيش وثق بسور الدفاع وجهاز الرقابة واطلاق النار الذي فوقه بأن تخيف العدو وتفشل أي محاولة لاختراق الحدود. نتنياهو اعتمد على أموال قطر ووثق بأنها ستشتري له الهدوء. وفي أساسها كلها كانت هناك الحماية النفسية: الإسرائيليون ببساطة لم يتخيلوا أن الفلسطينيين يمكنهم تخطيط وتنفيذ هجوم معقد بهذا القدر. فقط السنوار وشركاءه قاموا بحل لغز ثقة إسرائيل بالنفس ونجحوا في اختراق الاسوار الأربعة بدون أن تطلق الاستخبارات أي تحذير.

——————————————-

يديعوت احرونوت 6/3/2025 

ماذا تخفي قطر؟

بقلم: افي يسخاروف

رد فعل حكومة قطر على تحقيق الشباك في أحداث 7 أكتوبر 2023، يشهد على الضغط الذي توجد فيه الدوحة. وزارة الاعلام الدولي في قطر نشرت أمس بيانا زعم فيه أن تحقيق الشباك هو “مثال آخر على التحريض الذي تحركه مصلحة ذاتية في السياسة الإسرائيلية”، وان “كل مساعدة أرسلت من قطر الى غزة، نقلت بالعلم، التأييد والرقابة التامة للحكومة الإسرائيلية – بما في ذلك الشباك. لم تقدم ابدا مساعدة لحماس”. 

غير أن الحديث يدور هنا عن أنصاف حقائق او نقص دقة واضح في أفضل الأحوال. في الحالة الأقل جودة، هذه كذبة تذكر أيضا بنبرة وأسلوب الاقوال التي تخرج عن مقربي رئيس الوزراء، من القدس ومن ميامي، بالنسبة لرئيس الشباك روني بار. محقة حكومة قطر في قولها ان المساعدة المالية من الدوحة نقلت بعلم حكومة إسرائيل بل حتى بعلم الشباك. غير أن الشباك كان الجهة التي عارضت نقل هذا المال. وبخلاف ما زعمه مكتب رئيس الوزراء، لا يدور الحديث هنا عن موضوع بين بار ونتنياهو. هذه الادعاءات يطلقها عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين السابقين في جهاز الامن، بمن فيهم رئيس الشباك السابق نداف ارغمان. الاقوال موثقة ومكتوبة، واذا ما أقيمت هنا لجنة تحقيق رسمية، فانه يمكنها أن ترى هذا بسهولة. 

اما ادعاء بيان قطر بانه لم تنقل مساعدة لحماس، فقد بات تشويها متطرفا للحقيقة. صحيح أن المال نقل بشكل رسمي الى عائلات محتاجة الى قطاع غزة والى جملة مشاريع إنسانية، لكن هذا المجال نقل نقدا وشق طريقه بسهولة كبيرة الى الذراع السياسي لحماس ومن هناك الى الذراع العسكري. في الموساد أيضا عرفوا بذلك، وليس فقط في الشباك، وحاولوا تحذير نتنياهو، لكنه تجاهل هذه التحذيرات أيضا وواصل تحويل الأموال.

360 مليون دولار في السنة نقدا نقلت الى حماس. مقارنة بالاقتصاد الإسرائيلي، بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني يدور الحديث وكأنه نقل الى حماس أو الى غزة مبلغ يساوي 150 مليار دولار. مبلغ سمح لحماس بان تتعاظم عسكريا مثلما تتعاظم سياسيا أيضا. فقد فرغ لها مالا من أموال الضرائب التي جبتها حماس من سكان غزة نقلت مباشرة الى الذراع العسكري، دون حتى ان يكون المال القطري نقل الى حماس مباشرة. 

وهكذا فلا تنكشف فقط رويدا رويدا حجوم التدخل القطري في السياسة الإسرائيلية عبر مكتب رئيس الوزراء وعبر جهات أخرى في إسرائيل بل ان الدوحة الان تجد نفسها في قلب المواجهة المباشرة والعلنية بين رئيس الوزراء نتنياهو وبين رئيس الشباك بار. ولقطر، مثلما هو الحال دوما، يوجد الكثير، وربما حتى الكثير جدا مما تخفيه. 

المساعدة القطرية المذكورة في تحقيق الشباك، مثلما هي أيضا علاقة الدوحة بإسرائيل، تثير الهستيريا في أوساط رجال نتنياهو ويبدو أنه يوجد ما يبرر ذلك. ولهم أيضا صعب تفسير نقل المال هذا ومريح لهم بالطبع اتهام جهاز الامن بكل شيء. غير أن هنا بات الحديث يدور عن قرار سياسي صرف، لرئيس الوزراء نتنياهو، هو وليس غيره. البند الثاني في تحقيق الشباك والذي يثير القرف في أوساط رجال نتنياهو هو الاتهام او الاستنتاج الواضح بان نتنياهو (الى جانب الجيش) رفضوا المرة تلو الأخرى مطالبة الشباك بتنفيذ “حملات قطع رأس” أي تصفية رؤساء حماس بمن فيهم يحيى السنوار. كان لهذا غير قليل من الفرص تحت ثلاثة رؤساء شباك مختلفين (كوهن، ارغمان وبار) وفي كل مرة من جديد رد نتنياهو (وكذا نفتالي بينيت) التوصية. يمكن التخمين ماذا كان سيحصل لو كانت حملة قطع رؤوس كهذه خرجت الى حيز التنفيذ، ويمكن فقط التخيل كيف ان حماس ما كانت لتعمل في 7 أكتوبر. 

في نهاية الامر لا حاجة للمرء ان يكون عبقريا عظيما كي يستخلص الاستنتاجات البسيطة الواضحة لمعظم مواطني إسرائيل: الشباك فشل في أداء مهمته في 7 أكتوبر، الجيش الإسرائيلي فشل في أداء مهمته في 7 أكتوبر لكن من فوقهم جميعهم رئيس الحكومة وحكومته كانوا هم من فشلوا في الأشهر والسنوات ما قبل ذلك. نتنياهو كان أبو المفهوم الذي طور حماس، نقل لها الأموال ورأى فيها ذخرا. هو الذي غرس في رؤساء الشباك تحته ورؤساء الأركان سياسة احتواء حماس وتعزيز المنظمة. والان لا يمكنه أن يهرب من المسؤولية ومن الاعتراف بانه المسؤول المركزي عن فشل دولة إسرائيل في 7 أكتوبر.

——————————————-

هآرتس 6/3/2025

9% فقط يؤيدون العودة إلى غزة.. ونتنياهو يفقد رصيده ويخسر كل الجبهات

بقلم: أوري مسغاف

الإهانة والقلق من نتنياهو مبالغ فيها. لقد أعلن الحرب على الدولة وعلى معظم مواطنيها، وسيخسر. هو وبحق عدو مر، يائس وعديم الكوابح، وهكذا يجب التعامل معه. ولكن الائتلاف الذي يرسل زعران حرس الكنيست لضرب الآباء الثكالى وأبناء عائلات المخطوفين، لن ينتخب مرة أخرى. إسرائيل مقلقة ومثيرة للاكتئاب، وأحياناً اليأس. ولكنها ليست في وضع سيئ جداً حتى الآن. نتنياهو يكرر الحديث عن “حرب السبع جبهات” التي ستعيد تشكيل الشرق الأوسط. يبدو أنه أحب الفكرة أيضاً من ناحية الداخل. فهو والحكومة فتحوا جبهات ضد هيئة الأركان، و“الشاباك”، والموساد، والمحكمة العليا، والمستشارة القانونية للحكومة، والنيابة العامة، ووسائل الإعلام. 

من أجل هزيمة عدد كبير من الأجهزة والمؤسسات، فالمطلوب قوة زائدة، التي هي غير موجودة لنتنياهو ومساعديه. لم ينجح في هذا الأسبوع في إتمام انتخاب مرشح الليكود ايلي زفراني في “كريات شمونة”. تجند نتنياهو شخصياً لهذه الحملة، بما في ذلك فيلم وبيانات حث. هذا الأمر كان لديه وقت له. النتيجة: هزيمة زفراني في الجولة الثانية. القوة الانتخابية البيبية – الحريدية – المسيحانية – الكهانية موجودة، لكنها تقلصت. الاستطلاعات تظهر أنه مع وجود حزب نفتالي بينيت، وربما اتحاد معين في أحزاب الوسط، فإن الائتلاف الحالي يبحر في منطقة الـ 45 مقعداً. وليس لديه جيش على الأرض. المظاهرات ضد جهاز القضاء وإعادة المخطوفين تجلب حفنة من المتعصبين. كلا، لن يهزموا الدولة بمحاولة دهس قذرة لمتظاهرين في شارع بيغن بين حين وآخر. 

رئيس “الشاباك” رونين بار، العارف في تحليل الأعداء وخارطة التهديدات، رسم خطاً واضحاً للمعارضة: “نعم” لإعادة المخطوفين وتشكيل لجنة تحقيق رسمية، و”لا” للتنازل عن مواقف القوة والنفوذ. تم استيعاب حالة الشرطة بشكل جيد. هذه رسالة واضحة لنتنياهو وللجمهور أيضاً. أفترض أن يتم نشر مقالات تستخف بالمعسكر الديمقراطي الليبرالي وبطله الجديد، قائد الشرطة السرية الذي فشل في 7 أكتوبر، والمسؤول عن فظائع الاحتلال. سنتغلب على ذلك. لا يمكن إرضاء الجميع، خصوصاً من يعارضون الصهيونية ويؤيدون الدولة الواحدة بين البحر والنهر، التي تسود فيها الديمقراطية الليبرالية، والمساواة، واحترام الأقليات وحقوق الفرد. محرر “هآرتس” الوف بن، لديه ادعاء مختلف؛ فهو يحتقر ما يسمى بمعسكر “فقط ليس بيبي”، ويستخف بالتعويل على إزاحة نتنياهو بواسطة بينيت، ويقول إن “مأساة الوسط – يسار هي غياب المرشحين الذين سيعودون إلى الأساس الفكري للمعسكر الليبرالي: تقسيم البلاد إلى دولتين كقاعدة لاتفاق سلام إقليمي” (“هآرتس”، 25/2). تصعب مناقشته فكرياً، وبالتأكيد من القلب إلى القلب. ولكننا في إسرائيل ما بعد الصدمة، ما زال رعب الغزو يؤلمنا. سنحتاج إلى وقت للتعافي وإعادة تأهيل حلم التعايش والسلام. 

قال عميت سيغل الأحد بشكل حازم في “أخبار 12” بأن “95 في المئة من الجمهور الإسرائيلي يقولون بأنه يجب العودة إلى القتال”. في اليوم التالي، أظهر استطلاع أجرته “كان 11” نسبة المؤيدين الحقيقية لاستئناف القتال، 9 في المئة. سيغل هو مشكلة المحررين والمشغلين، لكن الرقم نفسه مشجع. نفد رصيد نتنياهو في أوساط الجمهور الواسع. وهناك شك إذا كان يمكنه فرض استئناف القتال والتضحية بالمزيد من المخطوفين. 

أحدث عرض للرعب في الكنيست والمحكمة يذكر بحكام سابقين، الذين فقدوا العقل في آخر أيامهم، ونقلوا من جهة إلى أخرى فرقاً خيالية كاملة وقالوا بأنه مؤامرات خيانة تحاك من وراء ظهرهم، وتشمل كل شيء (دولة عميقة).

——————————————- 

هآرتس 6/3/2025

طردتهم وفتحت أمامهم مستوطناتها في الضفة! إسرائيل: سنأكل الهامبرغر بلا فلسطينيين

بقلم: جدعون ليفي

تم منع حدوث كارثة كبيرة في هذا الأسبوع. في المجمع التجاري “بيغ”، الأكبر في البلاد وفخر إنجازات الدولة في السنوات الأخيرة، وتم اكتشاف عشرة أشخاص من الماكثين غير القانونيين. تخيلوا، عشرة ماكثين غير قانونيين في منشأة “الترفيه والتسوق”. أصنام في هيكل الإسرائيلية المقدس. 150 ألف إسرائيلي شره انقضوا على “بيغ” في نهاية الأسبوع، وتعرضوا لخطر لا يدركون وجوده؛ يجب تشكيل لجنة تحقيق الآن. أجريت مع الناجين من الكارثة التي لم تحدث، مقابلات في كل مكان، وقالوا إنهم لم يتخيلوا وجود ماكثين غير قانونيين في هذا المجتمع. هم في نهاية المطاف يبحثون عن الأمان وقت أكل الهامبرغر وشراء الملابس الرياضية. ظهرت في محل “زارا” عاملة تنظيف من الماكثين غير القانونيين، ويبدو أيضاً في “دلتا”. من تمت مطاردتهم وصيدهم نقلوا مكبلين إلى مكان الاعتقال. جنود حرس الحدود، أبطال إسرائيل، اعتقلوهم بشكل جريء وتصميم مميز. الآن، يعمل رجال العلاقات العامة في الشبكات الاجتماعية على تقليص الضرر وتخفيف الذعر. “لن يكون بعد الآن ماكثون غير قانونيين في “بيغ”. الجميع مدعوون إلى السوبرماركت الذي تم تطهيره”. 

الماكثون غير القانونيين كما يشير اسمهم، ليسوا بشراً، ولا أسماء لهم أو وجوه، أو أحلام أو أزمات. يكفي القول بأنهم ماكثون غير قانونيين. أجسام مشبوهة. سيتم قريباً تطوير وسائل للعثور عليهم وإبعادهم بدون أن تلمسهم يد بشرية. عندما يقولون “لا يوجد أشخاص غير مشاركين في غزة” فهم يقصدون أيضاً الماكثين غير القانونيين من الضفة الغربية. هم قنابل موقوتة إلا إذا ثبت العكس. مراسلون إسرائيليون جريئون يسارعون إلى السلطات للوشاية بهم. يشعرون بأنهم أدوا رسالة صحافية. 

أحد المتميزين، يوسي إيلي من “أخبار 13، اكتشف منذ فترة جاذبية خاصة للتنكيل بالفلسطينيين. لمعت عيناه عند عرض تحقيق علاقات عامة محرج، أظهر التنكيل بشباب النخبة. لقد وقف بتأثر أمام العرض الفضائحي الذي أجراه السجانون تقديراً له، بإهانة المعتقلين أمام العدسات. ربما اعتقد أنه يقوم بدور المراسل. في إسرائيل 2025 عرض التنكيل بالفلسطينيين هو علاقات عامة، ذات يوم هذا كان مصدراً للخجل.

إيلي على ثقة بأن عملية المطاردة والصيد في “بيغ” جاءت نتيجة مقاله التأسيسي عن “أسراب الماكثين غير القانونيين الذين يتدفقون نحو إسرائيل”. لقد تفاخر عندما قال في “اكس” إنه انضم إلى “التنظيم المدني” لتهريب الماكثين غير القانونيين “الذين لا يحصلون على العلاج”، حسب رأيه. وثمة صحافي مثله يروي قصة وسائل الإعلام الإسرائيلية. 

الماكثون غير القانونيون بشر، مساكين، حرمتهم إسرائيل بشكل اعتباطي وبعقاب جماعي من مصدر الرزق. منذ سنة ونصف لا يمكنهم الدخول إلى إسرائيل، وبقي مئات آلاف الأشخاص بلا شيء. اليأس في الضفة آخذ في الازدياد، ومثله أيضاً عار الفقر. يتجه بعضهم نحو العنف، والبعض يحاولون التسلل. يأتون من أجل تحطيم شرخ. يتسللون إلى إسرائيل مثل يهود تسللوا من الغيتو للحصول على الطعام. وهؤلاء كانوا ماكثين غير قانونيين. 

هم يعرفون ما ينتظرهم إذا تم اعتقالهم. ولكن أولادهم جوعى. إسرائيل التي تحظر عليهم العمل داخلها ها هي تسمح لهم، يا للدهشة، بالعمل في المستوطنات. فهناك لا تعتبرهم ماكثين غير قانونيين! طمع المستوطنين الذين يعتاش معظمهم من بعض المهن، وبعضهم من استغلال عمل الفلسطينيين الرخيص، يتغلب على كل شيء. في نهاية المطاف، يجب أن يكون هناك من ينظف شوارع المستوطنين ويبني لهم البيوت. الخطير في “بيغ” غير خطير في حلميش. العنصرية ونزع الإنسانية، قبل أي شيء، مغلفة بـ “السلوفان” الأمني الذي يشرعن كل شيء، بما في ذلك العقاب الجماعي والإهانة والتجويع. ولكن من غير الواضح ما هو الأخطر على إسرائيل: إغلاق باب يؤدي إلى الجوع واليأس، أم فتحه بشكل مراقب. في هذه الأثناء، نربي أجيالاً من الإسرائيليين الذين يأتون السبت إلى السوبرماركت ويرون ماكثاً غير قانوني يُصطاد مثل حيوان. الصادم أن يكون هذا الحيوان بائساً، ولا يقل عن ذلك صدمة عندما يكون هذا عاملاً مسكيناً، قام عشرات آلاف مثله ببناء هذه البلاد وشقوا شوارعها. 

إذا وجدتم ماكثاً غير قانوني فعليكم استدعاء حرس الحدود أو يوسي إيلي.

——————————————- 

هآرتس 6/3/2025

لزامير: تهيأ لخطة عسكرية يرفرف عليها العلم الأسود

بقلم: أسرة التحرير

الأجواء المتكدرة في احتفال تبديل رئيس الأركان الذي عقد أمس في الكريا في تل أبيب، تحدثت عن نفسها. ففي ذروة وقف النار، بينما لا يزال 59 إسرائيلياً مخطوفين في أسر حماس في غزة، في ضوء إمكانية استئناف الحرب، وبينما يتهجم المستوى السياسي على المستوى العسكري ويحاول عرضه كمذنب حصري في قصور 7 أكتوبر، رُفع أيال زامير أمس إلى رتبة فريق وعين رئيس الأركان الـ 24 لإسرائيل.

 “هذه ورديتي، وأنا أتحمل المسؤولية. باسم المسؤولية أنهي مهام منصب”. بهذه الكلمات أنهى رئيس الأركان المنصرف هرتسي هليفي مهام منصبه. أقواله شددت الفرق الشائع بين من وقف على رأس الجيش في 7 أكتوبر ويعمل باسم المسؤولية منذئذ، وبين من يقف على رأس الحكومة ويتهرب منها. ليس صدفة أن اختار هليفي التشديد على الحاجة إلى لجنة تحقيق رسمية، فيما يواصل نتنياهو منعها. خيراً فعل هليفي إذ استغل الموقف كي يتناول هجمة محافل في المستوى السياسي على الجيش.

البحث في المسؤولية مهم ليس فقط لما سبق أن حصل، بل استعداداً لما هو الآن على جدول الأعمال. زمير يتلقى قيادة الجيش الإسرائيلي في الوقت الذي ينشغل فيه نتنياهو لعرقلة صفقة المخطوفين مع حماس، بهدف العودة إلى الحرب بقوى أعلى. وبينما تنطلق في الخلفية أقوال خطيرة عن فتح بوابات الجحيم، بما في ذلك من جانب وزير الدفاع إسرائيل كاتس، الذي أنزل بالمظلة إلى المنصب بهدف المس باستقلالية الجيش وتطهير سياسي لصفوفه.

 هذه لحظة خطيرة في الحرب، وفي تاريخ النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني: إسرائيل بدأت بمنع المساعدات الإنسانية وفي جعبتها خطة تتضمن نقل السكان (خطة الجنرالات). كل هذا يحصل بينما يعطي الرئيس الأمريكي ريح إسناد لترحيل مليوني غزي، وحرر الكوابح التي كانت تلجم الطاقة المسيحانية اليهودية. سيجد زمير نفسه مطالباً من المستوى السياسي بإخراج خطة عسكرية إلى حيز التنفيذ يرفرف فوقها علم أسود. ثمة استنتاج مهم: استئناف الحرب معناه التضحية بالمخطوفين الأحياء.

رئيس الأركان الوافد زمير، قال في خطابه إن إسرائيل “تقف أمام تهديد وجودي، دائم، أساسي. فيما أننا محاطون بأعداء وحشيين، متوحشين وإجراميين، يتطلعون إلى إبادتنا”. على حد قوله، على الجيش الإسرائيلي “أن يسعى إلى إزالة تهديدات وجودية وفتاكة وهي في مهدها”. غير أن على زمير أيضاً الحفاظ على طهارة السلاح، وكبح سياقات خطيرة في الجيش وتآكل قيمه. إضافة إلى ذلك، عليه الوقوف في وجه مستوى سياسي يسعى للدفع قدماً بخطوات عسكرية معناها التخلي عن المخطوفين – بسبب مصالح سياسية داخلية، على رأسها حفظ الائتلاف.

——————————————- 

معاريف 6/3/2025

هل استخدم نتنياهو حماس للقضاء على “الخطر الأكبر”.. السلطة الفلسطينية؟

بقلم: نداف تمير

منذ 7 أكتوبر وحكومة نتنياهو تبيع لنا وهم “النصر المطلق”. أما عملياً، فلا توجد خطة حقيقية لهزيمة حماس لأن فكرة غزة بدون حماس، تحت حكم سلطة فلسطينية متجددة وبدعم إقليمي، تهدد نتنياهو أكثر من أي شيء آخر. وحماس تعرف أنه في اللحظة التي تدخل فيها قوة عربية/فلسطينية أخرى إلى غزة، فإنها ستفقد قبضتها ليس فقط في الحكم، بل أيضاً في أوساط الجمهور الفلسطيني في غزة، الذي ينتظر اللحظة التي يتحرر فيها من قبضة حماس.

هكذا نشأ حلف يائسين، يدفع ثمنه المخطوفون والمواطنون والجنود.

المخطوفون ليسوا على رأس اهتمام نتنياهو، بل يتخوف من أي تغيير سياسي يؤدي إلى تفكيك حكومته. كلما مرت السنين، يطور نتنياهو صيغة: مع التوصل إلى وقف نار، يبذل كل ما في وسعه لمنع الانتقال إلى مسيرة سياسية. ووقت الحرب يتحدث عن “الحسم” الذي لا يمكن تحقيقه.

كان يمكن لإسرائيل أن تختار شيئاً آخر. كان يمكن إدخال كيان فلسطيني بالتنسيق مع الدول العربية المعتدلة، وخلق آلية حكم جديدة في غزة. لكن كي يحصل هذا، على الحكومة أن تدير مسيرة سياسية حقيقية، مسيرة لن يسمح بها نتنياهو أبداً لأنها ستدمر الأساس الأيديولوجي لحكمه في العقود الأخيرة: إضعاف السلطة الفلسطينية، ومحو الخط الأخضر وضم فعلي للضفة الغربية.

حماس ستنجو ما لم تكن هناك قوة أخرى تحكم غزة. ولخلق قوة كهذه، على إسرائيل التوقف عن أي عمل عسكري، وبلورة رؤية سياسية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة، ما سيؤدي إلى إقامة آلية حكم مدنية – أمنية تدير غزة في اليوم التالي. هذا هو الحل الوحيد الذي لن يؤدي إلى جولة دموية أخرى في غضون بضع سنوات.

بدلاً من مواصلة اللعب في خدمة مخططات حماس، على إسرائيل العودة إلى طاولة المباحثات مع الدول العربية المعتدلة، كما حصل في فترة اتفاقات إبراهيم. غير أن خطوة كهذه يجب هذه المرة أن تتضمن السلطة الفلسطينية، مع آليات تضمن بأن تصبح هيئة أكثر فاعلية. ما دامت كانت غزة تحت حماس فستبث رسالة واحدة إلى العالم: نحن المقاتلون ضد الاحتلال الصهيوني”. الطريق إلى تغيير هذا لا يكون بمزيد من القصف، بل بخلق واقع جديد على الأرض: بنى تحتية، اقتصاد، مستقبل آخر لسكان غزة.

من يتحدث اليوم عن “تصفية حماس” في الوقت الذي يتآمر فيه على خلق حكم بديل في غزة، يكذب بوقاحة. إسرائيل تحت حكم نتنياهو لن تهزم حماس – بل يستخدمها. الطريق الوحيد للتحرر من دائرة الدم هو التوقف عن إدارة النزاع والعمل بشكل يخلق واقعاً لا تعود فيه حماس لتكون جهة ذات صلة. وليس مؤكداً حصول هذا تحت قيادة نتنياهو.

——————————————- 

صحيفة الغارديان 6/3/2025

مفاوضات واشنطن وحماس.. انقلاب مذهل للسياسة الأميركية

تحالف عربي يقاوم السياسة الأميركية الإسرائيلية بشأن غزة، وتقارير تشير إلى أنّ محادثات دونالد ترامب مع حماس تشي بتراجع محتمل للاستراتيجية المتبعة منذ فترة طويلة.

هيئة تحرير صحيفة “الغارديان” البريطانية تنشر مقالاً ناقش تأثير حصار المساعدات الذي تفرضه “إسرائيل” على غزّة، والمفاوضات المباشرة بين الولايات المتحدة وحركة حماس، ومستقبل وقف إطلاق النار في القطاع.

إنّ قرار “إسرائيل” بمنع المساعدات عن غزة، مع تعثّر محادثات وقف إطلاق النار، يشكّل ضربة مدمرة لمليوني مدني جائع وضعيف في المنطقة الممزقة. وباعتبارها القوة المحتلة، فإنّ “إسرائيل” ملزمة قانوناً بالسماح بدخول الإغاثة إلى غزة بموجب اتفاقية جنيف. إنّ إنكار ذلك ليس غير إنساني فحسب، بل إنه جريمة حرب. لكن بنيامين نتنياهو يواجه بالفعل مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة “التجويع كأسلوب من أساليب الحرب” و”الجرائم ضد الإنسانية”.

إنّ قدرة نتنياهو على انتهاك القانون الدولي ترجع إلى دونالد ترامب، الذي يظل ثابتاً على موقفه. ويبدو أنّ واشنطن تقبل الآن المجاعة كورقة مساومة إسرائيلية للضغط على حماس لقبول تمديد الهدنة الذي خططت له الولايات المتحدة، والذي يضمن تبادل الرهائن مع ضمان بقاء القوات الإسرائيلية في غزة. تصر حماس على أن تحترم “إسرائيل” التزامها بمرحلة ثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؛ إنهاء القتال وسحب القوات.

الفلسطينيون في غزة على حافة الهاوية. ينفد الطعام، والمستشفيات غير قادرة على العمل والأسر تبحث عن المياه النظيفة. وأي قيود إضافية على المساعدات من شأنها أن تحول اليأس إلى كارثة. سيكون من الأفضل بكثير التوصل إلى سلام تفاوضي يسمح للفلسطينيين بالبقاء لإعادة بناء حياتهم ويسمح بعودة الأسرى الإسرائيليين المتبقين.

بعد خمسة عشر شهراً من الحرب، وبعد تحقيق العديد من أهدافها المعلنة، لم تقترب “إسرائيل” من السلام في غزة. ويتردد صدى هذا الرأي لدى سكوت أتران من المركز الوطني للبحث العلمي في باريس، الذي أجرى استطلاعاً لآراء المدنيين في غزة في يناير/كانون الثاني، قبل وقت قصير من سريان وقف إطلاق النار. ويزعم البروفيسور أتران بشكل صحيح أنّ “إسرائيل” تفتقر إلى استراتيجية سياسية لمستقبل فلسطين، وأنها لا تفعل سوى تأجيج الغضب الفلسطيني.

منذ البداية، اتبعت إدارة ترامب نهجاً عدوانياً أحادي الجانب تجاه غزة، حيث تتماشى بقوة مع المصالح الإسرائيلية مع تجاهل المخاوف الفلسطينية. ووفقاً لنبيل خوري، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، فإن اتفاقيات التطبيع تظل مركزية لاستراتيجية واشنطن المتطورة، وهي الاستراتيجية التي تتصور تعزيز “إسرائيل” الإقليمي والهيمنة الإقليمية بلا منازع.

وقد أشار خوري إلى أنّ الأولوية المباشرة للولايات المتحدة هي الإزالة الكاملة للفلسطينيين من غزة، تليها، إذا سمحت الظروف، الاستيلاء التدريجي على الضفة الغربية. وتتزامن هذه الرؤية مع زيارة وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى واشنطن، وهو مؤيد للضم حذّر نتنياهو من أنّه سيتسبب في انهيار الحكومة إذا انسحبت القوات الإسرائيلية من غزة بموجب هدنة.

لقد رفضت الولايات المتحدة و”إسرائيل” خطة عربية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب، ما يسمح لسكانها البالغ عددهم مليوني نسمة بالبقاء. ومع ذلك، فقد شكلت هذه الخطة فرصة لاستعراض القوة: تحالف عربي يتصدى للجهود الواضحة التي يبذلها نتنياهو وترامب لمحو حق تقرير المصير الفلسطيني.

وعلى النقيض من ذلك، تشير التقارير إلى أنّ إدارة ترامب تجري محادثات مباشرة مع حماس. إذا كان هذا صحيحاً، فسيكون هذا انقلاباً مذهلاً للسياسة الأميركية. قد يكون إشراك حماس، الأمر الذي كان يعد غير مقبول، كشريك تفاوضي للولايات المتحدة، مثالاً على الواقعية البراغماتية، أو مثالاً للدبلوماسية الترامبية المعاملاتية أو كليهما.

وقدرت الأمم المتحدة في عام 2019 أنّ موارد النفط والغاز الطبيعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يمكن أن تولد مئات المليارات من الدولارات للتنمية. لكن التطلعات الوطنية الفلسطينية مستحيلة تحت الاحتلال.

—————–انتهت النشرة—————–