
المسار …
انطلقت، اليوم الخميس، مظاهرة “الكرامة” القطرية في مدينة بئر السبع، بمشاركة الآلاف، احتجاجًا على سياسات الهدم والاقتلاع التي تستهدف القرى العربية في النقب.
واحتشد االمتظاهرون في محيط ما يعرف بـ”سلطة توطين البدو” بمدينة بئر السبع، وسط أجواء مشحونة، فيما تشهد منطقة النقب، اليوم، إضرابا عاما وشاملا احتجاجا على سياسة الهدم.
وعن حجم المشاركة، قدّرت مصادر محلية عدد المتظاهرين بنحو 15 ألف شخص، ما يجعلها واحدة من أكبر المظاهرات التي يشهدها النقب في السنوات الأخيرة.
وشارك المتظاهرون من مختلف القرى والبلدات العربية، تعبيرًا عن وحدة الغضب الشعبي ورفضًا قاطعًا لسياسات الهدم والاقتلاع والتهجير.
ورفع المشاركون في المظاهرة الأعلام السوداء، إلى جانب لافتات كُتب عليها شعارات مناهضة للسياسات العنصرية التي تستهدف الوجود العربي في النقب. كما ردد المتظاهرون هتافات رافضة لعمليات الهدم التي تُنفذها السلطات الإسرائيلية متمثلة بـ”سلطة توطين البدو” (سلطة التهجير)، ضد القرى والبلدات العربية، بذريعة البناء دون ترخيص.
وتنوّعت الشعارات التي حملها المتظاهرون، مؤكدة على رفض التهجير والمطالبة بالحقوق الأساسية، ومن أبرزها: “أوقفوا الهدم والتهجير”، “لا لهدم المنازل“، “يحق لأهالي النقب السكن والعيش بكرامة”، “لن نرحل، لن نُهجر”، “نعم للاعتراف، لا للإنكار”، و”تدمير البيت هو تدمير الأمل”.
وجاء تنظيم هذه المظاهرة بدعوة من لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، ومنتدى السلطات المحلية، والمجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، وذلك عقب اجتماع جماهيري عقد في أعقاب موجة الهدم الأخيرة.
وتشهد منطقة النقب، اليوم، إضرابًا عامًا شمل المدارس والمجالس المحلية والمرافق العامة، بالتزامن مع “مظاهرة الكرامة” في مدينة بئر السبع. ويأتي ذلك في إطار تصعيد جماهيري واسع ضد سياسات الهدم والاقتلاع والتهجير التي تستهدف القرى البدوية في النقب.
وكانت اللجنة التحضيرية للمظاهرة، قد أكدت في اجتماع عقدته عشية الفعالية، على مجموعة من المبادئ التنظيمية لضمان تحقيق أهداف الحراك، في مقدمتها تعزيز المشاركة الواسعة، والحفاظ على سلمية المظاهرة، والامتناع عن الاستجابة للاستفزازات أو رفع شعارات وأعلام حزبية.
وشددت اللجنة على الالتزام بالهتافات والشعارات التي تم الاتفاق عليها سلفًا، وتوقيع خطاب مشترك من القيادات السياسية إلى رئيس الحكومة يتضمن مطالب السكان. كما شددت على أن المظاهرة محطة أولى في مسار نضالي طويل لإسقاط مخطط الوزير عميحاي شيكلي الهادف إلى تهجير سكان النقب.
مواقف من الميدان
وقالت أم عامر من قرية اللقية في حديث لها الموقع اعلاميه “: “شاركنا في المظاهرة رفضًا لهدم بيوتنا وتهجيرنا من أرضنا التي نسكن عليها منذ مئات السنين. ما تُسمى سلطة توطين البدو تهدف أساسًا إلى اقتلاعنا من أراضينا”. وأضافت: “نقول للوزير شيكلي ولإيتمار بن غفير إن مخططاتكم ستفشل كما فشلت سابقاتها، وسنبقى على أرضنا رغم كل ما تخططون له”.
من جهتها، قالت خديجة دنون من قرية وادي النعم في تصريح لها على الإعلام “أسكن مع أبنائي العشرة في وادي النعم، ونحن جميعًا مهددون بالاقتلاع بسبب هذه المخططات الإجرامية التي تسعى لانتزاعنا من أرضنا”. وتابعت “رغم كل محاولاتهم، سنبقى على أرضنا التي ورثناها عن الآباء والأجداد. لم نأتِ من مكان آخر، وُلدنا هنا وسنبقى هنا مهما فعلوا”.
بدوره، قال رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، في تصريح صحفي “: “هذه واحدة من أكبر المظاهرات التي شهدناها في السنوات الأخيرة، وتُقام أمام سلطة توطين البدو التي تُدار ليس من قبل أهلنا في النقب، بل من قبل جهات متطرفة تهدم النقب باسم ’التطوير‘، بينما تمارس التدمير الفعلي للمنازل”؛ وتابع “اليوم كان النقب موحدًا، من رؤساء البلديات والمجالس والقرى إلى الأهالي، جميعهم شاركوا لإيصال رسالة واضحة للحكومة: نحن ضد الهدم والتهجير”.
وقال المحامي مدير مكتب مركز “عدالة” في النقب، مروان أبو فريح، في تصريح الوسائل الإعلام ، إن “سلطة تهجير النقب تواصل هدم منازل المواطنين العرب دون تقديم أي حلول بديلة. نحو ألف عائلة اضطرت إلى ترك منازلها بسبب هذه السياسات، وفي قرية السر وحدها هُدم أكثر من 45 منزلًا خلال شهر ونصف فقط، دون أن تُطرح أي بدائل للعائلات المتضررة، فضلًا عن قرى أخرى تواجه المصير ذاته”.
وأضاف أبو فريح أن “السلطات الإسرائيلية تستغل الجهاز القضائي والمسار التخطيطي لشرعنة عمليات الهدم والتشريد. نحن لا نرفض التنظيم، ولكننا نرفض الهدم دون حلول. نطالب بخطط عادلة نكون شركاء في صياغتها، كي نتمكن من العيش بكرامة على أرضنا”.
وفي تصريح صحفي ، قال عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، جمعة الزبارقة: “نطالب أولًا بتجميد وإلغاء مخطط شيكلي الذي يهدف إلى تهجيرنا من أراضينا، وثانيًا بالاعتراف بملكية الأرض، ووقف كافة عمليات التهجير”. وأضاف “نريد قرى حقيقية وليست مجرد أماكن للنوم، فهم يبنون لنا قرى دون بنى تحتية. مطالبنا واضحة، ولن نتنازل عنها، وسنواصل النضال”.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد هدمت، خلال الأيام الماضية، عشرات المنازل في عدد من قرى ومدن النقب بحجة البناء غير المرخص، فيما يتهدد خطر الهدم عشرات المنازل الإضافية في المنطقة في إطار المخططات التي أقرتها حكومة بنيامين نتنياهو.