
المسار …
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده دان صباغ، قال فيه إن الهجوم الإسرائيلي كشف عن قلة النيران الإيرانية، لكن النزاع قد ينحرف لصالح طهران. فقد كافحت إيران للرد وبفعالية بعدما ضربت إسرائيل قيادتها العسكرية.
فقد مر أسبوع منذ أن بدأت إسرائيل أكبر هجوم لها على إيران، ومن الواضح من الناحية العسكرية التقليدية أن طهران تتعرض لضغط شديد. فقد تمكنت إسرائيل من تحقيق التفوق في سماء إيران بسرعة غير عادية، في غضون ساعات من شن هجومها المفاجئ. ادعى جيشها يوم الاثنين أنه دمر 120 نظام دفاع جوي إيرانيا من خلال مزيج من الضربات الجوية والطائرات بدون طيار، أي حوالي ثلث مجموع ما لدى طهران قبل الحرب.
وردا على ذلك، كان سلاح إيران الأكثر فاعلية هو مخزونها من الصواريخ الباليستية عالية السرعة، والتي قدر الجيش الإسرائيلي عددها بحوالي 2,000 صاروخ في بداية الأعمال العدائية الأسبوع الماضي. لكن الاستهداف المكثف من قبل إسرائيل لمواقع الإطلاق في غرب إيران، وفي قواعد تحت الأرض مثل كرمانشاه، إلى جانب الاغتيال المستهدف الفعال للغاية الذي نفذته إسرائيل لكبار القادة العسكريين الإيرانيين، ترك إيران تكافح للرد عسكريا.
وأطلقت إيران حتى الآن أكثر من 400 صاروخ على إسرائيل، لكن نصفها، أي حوالي 200، أُطلق في الهجمات الانتقامية الأولية يوم الجمعة الماضي. ومنذ يوم الاثنين، انخفض حجم الهجمات الصاروخية إلى ما بين 15 و20 صاروخا كحد أقصى، بما في ذلك 15 صاروخا بعد ظهر يوم الخميس، مقارنة بما يصل إلى 40 صاروخا خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقا لإحصاء أجراه معهد دراسات الحرب، وهو مركز أبحاث أمريكي.
ومن المرجح أيضا أن تكون قدرة إيران على تصنيع أسلحة جديدة محدودة، حيث قدرت الولايات المتحدة ذلك بـ50 صاروخا قبل اندلاع الأعمال العدائية بشهر.
وأشارت الصحيفة إلى أن سرعة الصواريخ الباليستية تجعلها أسلحة خطيرة، وقد اخترق عدد منها “حوالي 10%” الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بما فيها الهجوم على مستشفى سوروكا الطبي في بئر السبع يوم الخميس والذي أدى إلى جرح 27 شخصا.
لكن الذخيرة الإيرانية يبدو أنها لم تصب المجمعات الصناعية العسكرية الإسرائيلية باستثناء ضربها مصفاة النفط في حيفا، وهو ما قاد إلى إغلاق المنشأة الواقعة في شمال إسرائيل. ويقع اعتراض الصواريخ الباليستية على عاتق نظام نظام دفاع جوي إسرائيلي “حيتس 3″، الذي يبلغ مداه 1,500 ميل، ويمكنه إسقاط الصواريخ القادمة من خارج الغلاف الجوي للأرض، وسابقه “حيتس 2″، على الرغم من أن الولايات المتحدة تقدم الدعم من خلال نظام ثاد ومدمرات متمركزة في شرق البحر الأبيض المتوسط. ولا يعد أي من نظامي “حيتس” رخيصا، فقد قدرت تكلفة اعتراض “حيتس 3″ بنحو 3.5 مليون دولار للصاروخ الواحد، مع أن تقديرات أخرى تشير إلى مليوني دولار، و1.5 مليون دولار لـ”حيتس 2”. وأشارت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن التكلفة الإجمالية لصواريخ “حيتس” الاعتراضية على إسرائيل تراوحت بين مليار و1.5 مليار دولار منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
لكن السؤال المحوري هو عدد الصواريخ الاعتراضية المتاحة للجيش الإسرائيلي، وهي مخاوف تفاقمت بعد تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مسؤول أمريكي لم تكشف عن هويته، قال فيه إن مخزون إسرائيل من الصواريخ يوشك على النفاد.
وعادة ما تحفظ مستويات المخزون سرا، ويعتقد أن إسرائيل، المدركة تماما لتهديد الصواريخ الباليستية الإيرانية، لم تكن لتختار مهاجمة إيران دون امتلاكها ما يكفي من الصواريخ الاعتراضية لتتناسب مع تقييمها للتهديد المحتمل. مع ذلك، يستغرق تصنيع الصواريخ الدفاعية المتطورة وقتا طويلا، وهي مشكلة كشفت منذ فترة طويلة في أوكرانيا، حيث تواصل روسيا إطلاق صواريخ أكثر مما تملكه كييف من دفاعات جوية.
وفي أقل من أسبوع، أبلغت إسرائيل حلفاءها أنها متقدمة في هجومها أكثر مما توقعت، بعد أن قتلت 21 من أصل 22 شخصية عسكرية رفيعة المستوى في أول 24 ساعة، و10 من أصل 12 عالما نوويا. لا تواجه طائراتها أي تهديد تقريبا للدفاع الجوي أثناء تحليقها فوق غرب ووسط إيران، اعترفت إسرائيل حتى الآن بفقدان طائرة بدون طيار واحدة، مما يعني أنها قادرة على استهداف مواقع في البلاد بدون مقاومة أو خوف من العقاب.
وحتى لو نفدت مخزونات إسرائيل من الصواريخ الهجومية في الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين، ولم يكن هناك تدخل أمريكي، فإن هيمنتها الجوية تعني أنها قادرة على مواصلة الهجوم بمعدل أبطأ. وخلص محلل الصواريخ فابيان هينز في ورقة بحثية للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن قدرات إيران “انكشفت على أنها غير فعالة”، وبينما “القيادة الإسرائيلية، على الأقل في الوقت الحالي، تقبل مخاطر ضربات الصواريخ الباليستية على مراكزها السكانية”.
وكما يقول هينز، فإن “توازن الردع” بين البلدين آخذ في الانهيار، وقد يعود لصالح طهران فقط إذا ما أصابت فجأة أعداد أو نسب أكبر من صواريخها الباليستية المتبقية مراكز سكانية أو مواقع رئيسية في إسرائيل. ولا توجد أي مؤشرات على ذلك حتى الآن.